لعله لا يوجد شرح لطواسين الحلاج كشرح الفارسي روزبهان البقلي في كتابه الشهير شرح الشطحات .. غير أن قارئ العربية لم يتمكن من قراءة هذا الكتاب نظرا لعدم ترجمته ( على حد علمي ) .. حتى الآن ..
وإن ما قرأناه من هذا الكتاب هو ما تناثر بين هوامش كتب مصطفى كامل الشيبي والدكتور عبد الرحمن بدوي ..والمستشرق لوي ماسينيون مترجم ( آلام الحلاج شهيد العشق )... وما سأنقله اليوم من كتاب الأعمال الكاملة للحلاج للباحث قاسم محمد عباس وبالله التوفيق ..
وسأبدأ إن شاء الله بطاسين الأزل والالتباس .. الذي يكاد لا يكون موجودا على النت عموما .. وهو صاحب مشاكل الشنق والمقصلة ..
يقول روزبهان :
أما الإلتباس في الفهم في صيغة الدعاوي بعكس المعاني : ايتها الروح التبس صورة إبليس في فهم الفهم وحجب أمره عليه ، صدق دعوته ، إلا أن باطنه كان عكس هذا ، أي أن ظاهره كان التوحيد ، أما باطنه فكان خلافه .
يقول الحلاج :
ما صحت دعوى لأحد ، إلا لإبليس و( أحمد ) صلى الله عليه وسلم غير أن إبليس سقط عن العين و( أحمد ) صلى الله عليه وسلم كُشف له عن عين العين .
الشرح :
يراد بالعين حقيقة مراد الحق في علم الأزل ، كما امتحن إبليس . { يريد روزبهان حقيقة مراد الحق إلى أن الله لم يرد إبليس السجود ، لكنه أمره بذلك ولو أراد ذلك لسجد } .
يقول الحلاج :
قيل لإبليس : أُسجد ، ولأحمد : أُنظر ، هذا ما سجد ، و( أحمد ) ما نظر ، ما التفت يميناً ولا شمالاً : " ما زاغ البصرُ وما طغى "
الشرح :
يذكر الحلاج هنا جناب سيد السادات سماء القدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه ذرة شمس العالم " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ " ،
وأحضر الحق محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بمشهد الشهود ، وتجلى له من القدم ، ثم أظهره بعرائس الملكوت ، عندها ساعدها برؤية الجبروت ولم يبصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحق إلا فعله ، ونزل في بحار عز الذات ، ليرى مكريات القِدم ، ففر منه فيه ، وانقطع عن الحدث ، وطلب المساعدة على القِدم ، وقال : " أعوذ بك منك " .
يقول الحلاج :
أما إبليس فإنه دعا ، لكنه ما رجع إلى ما حوله ، و ( أحمد ) صلى الله عليه وسلم ادّعى ورجع عن حوله : " بك أحول وبك أصول " ، وبقوله : يا مقلب القلوب ، وقوله : " لا أحصي ثناءً عليك " .
الشرح :
أحضره الحق لمشاهدة أزلية القهر . أي رؤية الحق بلباس القهر ــ فطار إلى القهريات ،و أضيفت لمعرفته من مشهد القهر فأخذ يقهر الأُنس وعُلّم خفايا المكر ، ثم أظهر سبحانه صورة ــ آدم ــ عليه السلام بلا روح
وقال : " اسْجُدُواْ لآدَمَ " مسقطاً رؤية القهر ، فغاب الحق بالحق ، لأن الحق كان ملتبساً رأس الفعل ، وكانت نور الصفة في آدم ، ولم يعلم إبليس الحق ،
ولم يعرف خلق الحق ، وعجز عن رؤية الحق عبر القهر فلم ير إلا نفسه ، وظن أنه هو ، ولم يكن هو ( هو ) ، بل كان العبد ، وآدم هو هـو ، إلا أن إبليس لم يره فخلع العبودية وقال : " أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ " ، ولم ير الخيرية ، ورأى القياس رغم أن الحق لم يغفله بخلق القياس ،
ولمّا رأت الملائكة جميعاً هذه الصفة في آدم ، صفة النور المنبعث من روح آدم ، كان ذلك النور القِدم وجلال الذات ، ولمّا لم يرْ إبليس كل هذا ادعى الخيرية ورجع حوله ، فسقط من عين العين كما أشار الحلاج
يتبع .