الحسين الرمز عليه السلام
هناك في أعلى مراتب الوجود وفي أعمق أعماق تاريخ الإنسانية سبراً وغوراً أولاً وآخراً
رمزٌ من الرموز عجزت عقولُ البشرية بمفكريها وعلمائها وعظمائها ونابغيها جميعاً عن
إدراك كُنهَ حقيقته التي تجلت عظيمةً رائعةً في تضحيته وفدائه بذاته في سبيل الحق والشهادة
والحرية , ذلك الرمز الخالد الذي أتخذ المجد أعلى مثل له والشموخ والعلو مناراً اهتدى به
ونبراساً ينير الدرب للمحبين العاشقين لجلال الشهادة وقدسيتها .
إن ذلك الطور الشامخ والرمز الخالد والإنسان الكامل أتقى الأتقياء وأوفى الأوفياء وأعظم
العظماء وأنبل الشرفاء الذي وقف وقفته القوية الصابرة الحامدة الراضية شامخاً شموخ
الأبطال أبيّاً إباء الحق أمام الباطل في أرض كربلاء التي تشرفت وتبركت بمقدم هذا التقي
النقي الذي هو علم من أعلام الهدى وعلم العالم والإنسانية جمعاء معنى الحرية ومعنى
الشهامة والنخوة والرجولة ومعنى العظمة التي وقفت دونها ذليلةً كل العظمات ليحقق معنى
الحق والعدل الإلهي بأعلى صوره وبوجه أطغى الطغاة وافسد الفاسدين في الأرض , ذلك
هو رمز الرموز الشامخ الذي خضع لهيبته وعظمته جبين التاريخ فهو سر أسرار هذا
الوجود وسيد الأبرار الحسين السبط الشهيد الذي كان ريحانة رسول الله وأحب الناس
إليه . ونال بذلك من المراتب مالم يَنلهُ أحد من الشهداء من الأولين والآخرين .
إن شخصيةً تحلت بهذه المُثل العليا وهذه الخصال والفضائل الحسنة وهو نجل سيد
المخلوقات وأكرم الأكرمين لا يرد لها حقها في إقامة المآتم ومجالس العزاء وإنشاد أبيات
الرثاء المثيرة للبكاء والعويل والنحيب وإنما بالسير على نهجه وهداه وإتباع طريقه في سبيل
إحقاق الحق وإزهاق الباطل وإحياء مآثره وفضائله واستنباط الدروس والعبر من مسيرة
حياته المفعمة بالجهاد والإشادة بمواقفه الحقة وحملاته وصولاته الجريئة على جموع
الأعداء في ساحة الوغى .
المصدر//كتاب الطريقه الكسنزانيه للسيد الشيخ محمد الكسنزان{قدس الله سره العظيم}