يا موسى آن لك أن تغيب عن ما سواي ..
وتفني حتى تصير بلا صيرورة ولا كينونة ولا بشرية ...
أتعرف ماذا تطلب يا نبي الله .... ؟؟ !
صنعت الحجب خشية على عبادي من سبحات وجهي ..
وتريد أن تزال الحجب حجابا وراء حجاب ..
أما تخشى أن تطير الألباب وتدهش العقول .. وأنت صنعتي ..
ولو عرفت لك احتمالا لما تطلب ما أدخلتك في هذا الوادي ..
ولكني سأتجلى على من هو مثلك في الحدث .. ولكنه أشد وأقوى ..
جرب وانظر ماذا ترى ..
يا موسى ..
أنت الذي قلت واحلل عقدة من لساني .. فكلمتك .. وصيرتك كليما ..
واعجزت غيرك عن كلامي ..
ألم تقل رب اشرح لي صدري .. فشرحت صدرك ويسرت أمرك ..
وحللت عقدة لسانك ليفقهوا قولك ..
يا حبيبي أدنو مني وخلي عنك غيري تجدني لكن لن تراني ..
جاء موسى مجيء العشاق .. جاء بالقلب المشتاق .. هذا الفتى القوي البنية
وأتى الراقص حول النار على ايقاع طبول الغرام .. وعلى أنغام لعلي ..
فدنا ثم دنا ثم دنا .. أتى من رأى النار نورا .. جذبه القبس والأنس والهدى ..
ورأى صبايا العشق .. قد أتوا ليعطوه أجر ما سقى لهم .. وهنيئا للشاربين ..
ولكنه من الطالبين .. لقد حضر كل عزوات الغرام .. غزوة غزوة ..
وما بقي في جسده مكان إلا وبه طعنة حب .. أو ركزة عشق ..
حتى أنه نسي أن يخلع نعليه في مقام لب اللب فطاش عنه اللب .. وهاج واصطلم ..
واستمال للنظر .. فقال نظرة ....أرني ... فجاء الجواب لن تراني .. لا يراني إلا فاني ..
فدخل الطالب في وادي الدهشة والحسرة والغصة .. فعاجله حبيبه ..بلكن ..
استدركه قبل دخوله في وادي الحسرة .. بلكن ..
أوقف نزيف الروح .. لمن أراد أن يبوح .. بلكن عالج القلب المجروح ..
ولما قال النبي موسى أرني أنظر .. جاء الجواب من جنس الطلب ..
لن تراني .. لكن أنظر ..فمتعه بقوله أنظر .. فازداد لهفة ..
لكن أعادت أمله في رؤيا المحبوب .. فعالجه بكلمة إلى الجبل .. نعم الجبل .. الجبل ...