منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الفرق بين الإنزال والتنزيل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الياسين

الياسين


عدد الرسائل : 98
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

الفرق بين الإنزال والتنزيل Empty
مُساهمةموضوع: الفرق بين الإنزال والتنزيل   الفرق بين الإنزال والتنزيل Emptyالسبت أغسطس 02, 2008 1:14 am

الفرق بين الإنزال والتنزيل .

(والفرق بين الإبلاغ والتبليغ)


المصدر : من كتاب "الكتاب والقرآن - قراءة معاصرة" للدكتور / محمد شحرور .
--------------------------------------------------------------------------------

1- الفرق بين الإنزال والتنزيل

إن شرح الفرق بين الإنزال والتنزيل يعتبر أحد المفاتيح الرئيسية لفهم الكتاب بشقيه: النبوة والرسالة كما له علاقة كبيرة بمبادئ التأويل. فبدون فهم الفرق بين الإنزال والتنزيل لا يمكن فهم قوله تعالى: (وأنزلنا الحديد) (الحديد 25) وقوله: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً) (الأعراف 26). إذ قال إنه تم إنزال الحديد وقال إنه تم انزال اللباس على بني آدم.

وقال أيضاً: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) (يوسف 2) وقال: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (القدر 1) فكيف نفهم إنزال الحديد وإنزال القرآن؟ أما عن التنزيل فقال: (إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً) (الإنسان 23). وقال: (تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) (الجاثية 2) وقال: (تنزيل من الرحمن الرحيم) (فصلت 2) وقال: (تنزيل من رب العالمين) (الواقعة 80).

إن النبي صلى الله عليه وسلم شرح الإنزال بقوله: "أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة" رواه ابن عباس، البرهان في علوم القرآن للزركشي ج1 ص288". وبما أن هذا الحديث من الأحاديث التي تتعلق بالغيب فلا ينبغي أن يفهم فهماً سطحياً ساذجاً، بل لا بد من فهمه فهماً عقلانياً منطقياً يتناسب مع العقل وينطبق على الواقع. فإذا فهمناه فهماً سطحياً نقول. إذا كان إنزال القرآن هو النزول إلى السماء الدنيا فماذا عن الحديد واللباس أي ما هو إنزال الحديد وإنزال اللباس؟ وكيف يفهم إنزال القرآن وإنزال الحديد بشكل لا يناقض أحدهما الآخر.

أما التنزيل فكيف نوفق بين قوله (تنزيل من رب العالمين) (الواقعة 80) و(إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلاً) (الإنسان 23) وبين قوله (ونزلنا عليكم المن والسلوى) (طه 80)؟ وكيف نفهم (وأنزلنا عليكم المن والسلوى ..) (البقرة 57)؟ أي كيف نفهم الإنزال والتنزيل في المن والسلوى وفي القرآن.

فعن القرآن قال: "نزلنا وأنزلنا" وعن المن والسلوى قال أيضاً: "نزَّلنا، وأنزلنا" وعن الماء قال: (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) (الفرقان 48) وقال: (ونزلنا من السماء ماءً مباركاً) (ق 9) وعن الذكر قال (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزِّلَ إليهم ..) (النحل 44). فما هو الإنزال والتنزيل للقرآن؟ والإنزال والتنزيل للمن والسلوى؟ والإنزال والتنزيل للماء؟ والإنزال والتنزيل للملائكة والذكر حيث قال عن الملائكة (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى .. الآية) (الأنعام 111) (وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون) (الأنعام 8).

كيف نفهم الإنزال والتنزيل في هذه الحالات بشكل ينسجم بعضها مع بعض وينسجم مع قوانين الحقيقة. أي يجب أن يكون بينهما رباط منطقي مع مطابقة موضوعية.

إن الهمزة: في اللسان العربي تعطي معنى التعدي. مثال على ذلك: بلغ وأبلغ. فلدينا مصطلحان هما البلاغ والإبلاغ. ولنأخذ الآيات التالية:

- (ما على الرسول إلا البلاغ) (المائدة 99) (بلاغ).
- (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) (المائدة 67) (بلاغ).

- (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم) (الأعراف 93) (إبلاغ).

فعملية البلاغ هي عملية نقل من شخص إلى آخر دون التأكد من أن الشخص المنقول إليه البلاغ وصله الخبر. فعندما نقول إن هناك بلاغاً من وزارة المالية إلى المواطنين في الإذاعة حول دفع الضرائب. فهذا البلاغ ينتقل إلى الناس ولكن لا يوجد أي تأكد من أن كل المواطنين المعنيين بهذا البلاغ قد وصلهم، فعندما يصل محتوى البلاغ إلى إدراك ووعي كل مواطن مقصود بهذا البلاغ يصبح إبلاغاً.

لذا فعندما أمر الله سبحانه وتعالى الرسول صلى الله عليه وسلم (بلغ ما أنزل إليك من ربك) ولو قال أبلغ ما أنزل إليك من ربك، لوجب على النبي أن يتأكد من أن كل إنسان معني بهذا البلاغ قد أدرك ووعى محتويات البلاغ، وبما أنه رسول الله إلى الناس جميعاً فيجب عليه في حالة الإبلاغ أن يطوف الدنيا ويتأكد من أن كل شخص وصله البلاغ. ولأن هذا متعذّر كل التعذر فقد قال في حجة الوداع: "ألا هل بلغت" ولم يقل ألا هل أبلغت. "اللهم فاشهد".

وبما أن هوداً وصالحاً وشعيباً أرسلوا إلى أقوامهم فقط أي إلى عدد قليل من الناس وهم قوم عاد وقوم ثمود وقوم مدين فكانت عمليتهم هي عملية إبلاغ لا بلاغ، وقد تم إهلاك القوم، وإلا فكيف يهلك أناس لم يدركوا ما هو المطلوب منهم ولم يعلموا بأي رسالة. في حالة قوم صالح قال لهم (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي) (الأعراف 79). وفي حالة قوم شعيب قال: (فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم) (الأعراف 93). وبالنسبة لقوم هود (فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم) (هود 57).

وقوله (ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم) (الجن 28). ولم يكن مطلوباً من النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من البلاغ حيث أتم الآية (بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (المائدة 67) وقوله هذا بلاغ للناس) وقوله (فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين) (التغابن 12) وقوله (فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ) (الشورى 48). فالبلاغ هو مجرد عملية نشر الخبر أو الأمر. والإبلاغ هو عملية التأكد من أن الإنسان المقصود تبليغه قد وصله البلاغ وأصبح ضمن مدركاته.

ولا يثبت لمعترضٍ أن يعترض علينا بقوله: إن الله سبحانه وتعالى قد قال على لسان هود: (قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به) (الأحقاف 23) وهذا تبليغ وليس إبلاغاً لأن ماضي أبلغكم: بلغتكم لا أبلغتكم" فنجيب قائلين: لقد كان هذا في بداية الدعوة لا في نهايتها.

والآن لنأخذ التنزيل والإنزال:

فالتنزيل: هو عملية نقل موضوعي خارج الوعي الإنساني.

والإنزال: هو عملية نقل المادة المنقولة خارج الوعي الإنساني، من غير المدرك إلى المدرك، أي دخلت مجال المعرفة الإنسانية.

هذا في حالة وجود إنزال وتنزيل لشيء واحد مثل القرآن والماء والملائكة والمن والسلوى. أما في حالة وجود إنزال دون تنزيل كما في حالة الحديد واللباس، فإن الإنزال هو عملية الإدراك فقط "أي المعرفة فقط".

لنأخذ الآن أمثلة عادية على الإنزال والتنزيل، وأود أن أنوه بأن المكتشفات العلمية والتكنولوجية في النصف الثاني من القرن العشرين هي التي سمحت لنا بفهم الإنزال والتنزيل والجعل بهذه الدقة.

- المثال الأول:

مباراة حية في كرم القدم بين البرازيل والأرجنتين تجري في المكسيك. فاللاعبون الأساسيون المؤلفون من أناس أحياء من لحم وعظم ودم يلعبون في المكسيك. وهناك في دمشق شخص يريد أن يشهد هذه المباراة حية. فحتى يشهد هذا الشخص في دمشق المباراة الحية في المكسيك وتدخل ضمن إدراكه يجب القيام بعمليات على الشكل التالي:

1- الوجود المادي للمباراة فعلاً قبل التكلم عن أي نقل أو إدراك.

2- التقاط المباراة صوتاً وصورة أو صوتاً فقط أو صورة فقط.

3- بث المباراة عن طريق الأمواج بواسطة الأقمار الصناعية إلى كل أنحاء الأرض بما فيها دمشق.

4- وجود جهاز تلفزيون أو راديو لاقط، يأخذ هذه الأمواج ويحولها مرة ثانية إلى صوت وصورة أو إلى صوت فقط. فعند ذلك يدرك المشاهد في دمشق ما حدث في مباراة المكسيك.

ثم هناك حالة ثانية للنقل إذا لم يكن هناك بث، وذلك بأن تسجل المباراة على شريط فيديو صوتاً وصورة أو على شريط كاسيت صوتاً فقط، وينقلها شخص إلى دمشق. في هذه الحالة يجب أن يكون في دمشق جهاز فيديو وتلفزيون أو جهاز تسجيل لكي يعيد المباراة حتى تصل إلى إدراك المشاهد في دمشق.

الآن لنناقش في هذا المثال أين الإنزال وأين التنزيل:

- عملية المباراة الأصلية عن طريق الأمواج من المكسيك إلى دمشق هي التنزيل، لأن هذه العملية تمت خارج وعي المشاهد في دمشق، والنقل حصل مادياً خارج وعي المشاهد بواسطة الأمواج. أما عملية دخول الأمواج إلى جهاز التلفزيون ليحولها إلى صوت وصورة أي إلى حالة قابلة للإدراك من قبل المشاهد فهذا هو الإنزال.

- المثال الثاني:

عملية نقل واقع جبل قاسيون إلى إنسان يعيش في القاهرة عن طريق مخططات:

- العملية الأولى: عملية رفع قاسيون إلى مخطط طبوغرافي.

- العملية الثانية: عملية نقل هذا المخطط إلى القاهرة ليشاهد إنسان ما.

ففي العملية الأولى تم النقل المادي إلى المخطط بطريقة قابلة لإدراك الإنسان في القاهرة. هذا المخطط مؤلف من إحداثيات ومقياس 100/1 مثلاً ومن خطوط تسوية "كونتور" لتبيان التضاريس التلال والوديان. فعملية نقل الجبل من الواقع إلى مخطط قابل للإدراك هو الإنزال، وعملية النقل المادي للمخططات من دمشق إلى القاهرة هي التنزيل.

إذاً فهناك حالتان:

- الحالة الأولى: أن يتم التنزيل قبل الإنزال كما في المباراة.
- الحالة الثانية: أن يتم الإنزال قبل التنزيل كما في المخطط.

ولكن في هاتين الحالتين يجب أن يكون هناك وجود مسبق للشيء قبل عملية الإنزال والتنزيل. فوجود اللاعبين والمباراة في المكسيك فعلاً قد سبق عملية التنزيل والإنزال ووجود الجبل فعلاً قد سبق عملية الإنزال والتنزيل.

ولنناقش الآن حالة الإنزال والتنزيل في القرآن فقط وليس في أم الكتاب أو تفصيل الكتاب، لأن أم الكتاب وتفصيل الكتاب لهما وضع خاص:

حتى يكون هناك حالة إنزال منفصلة عن التنزيل في القرآن، يجب أن يكون للقرآن وجود قبل الإنزال والتنزيل، ومن هذا يفهم بأن أسباب النزول ليس لها أي معنى في القرآن، لأن تنزيل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم هو حتمي، سئل عنه أو لم يسأل، لذا قال عن الأشياء التي تخص مواضيع القرآن مثل الغيبيات (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم) (المائدة 101) ولم يقل أبداً عن الأشياء التي تخص الأحكام أو تفصيل الكتاب لا تسألوا عنها:

هنا يطرح السؤال الثاني نفسه بالضرورة:

إذا كان القرآن موجوداً فعلاً قبل الإنزال والتنزيل، فما هو هذا الوجود وبأي صورة كان موجوداً؟ فإذا كان القرآن موجوداً بالصيغة اللسانية العربية التي نراه عليها الآن والتي نستوعبه من خلالها وهو كلام الله وآيات الله والقصص لكان الاستنتاج المباشر لذلك بأن الله عربي. وبما أن كلام الله هو عين الموجودات ونواميسها العامة التي تحكم الوجود خزنت بشكل ما في لوح محفوظ وفي كتاب مكنون. ففي كتاب مكنون يوجد البرنامج العام للكون، وفي لوح محفوظ يوجد هذا البرنامج وهو يعمل. وفي إمام مبين توجد قوانين الطبيعة الجزئية التي يتم التصريف من خلالها وأحداث التاريخ بعد وقوعها.

فالقرآن في لوح محفوظ وفي إمام مبين هو من علم الله، وعلم الله هو أعلى أنواع علوم التجريد، وأعلى أنواع علوم التجريد هو الرياضيات لذا قال (وأحصى كل شيء عدداً) (الجن 28) أي أن علم الله بالموجودات هو علم كمي بحت. فالإحصاء هو التعقل، والعدد هو حال الإحصاء. هذا القرآن موجود في لوح محفوظ وإمام مبين بصيغة غير قابلة للإدراك الإنساني وغير قابلة للتأويل، وبصيغة مطلقة.

فعندما أراد الله أن يعطي القرآن للناس فالمرحلة الأولى كانت تحويله إلى صيغة قابلة للإدراك الإنساني النسبي، أي جرت عملية تغيير في الصيرورة. وهذا التغيير في الصيرورة عبر عنه في اللسان العربي في فعل "جعل". إذ قال: (إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) (الزخرف 3) أي كان له وجود مسبق قبل أن يكون عربياً فجعله عربياً "أي في صيرورته" وهذا معنى الجعل.

ولكنه أيضاً قال (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) (يوسف 2) والإنزال هو نقل غير المدرك إلى المدرك. أي كان القرآن غير مدرك "غير مشهر" فأصبح مدركاً، وهذا ما جاء في الإنزال. أي أن:
- الجعل: هو التغيير في الصيرورة.
- الإنزال: هو النقل من صيغة غير مدركة إلى صيغة مدركة "الإشهار".

والآن لماذا وضع الجعل والإنزال على أنه عربي؟ أقول إن الجعل هو تغيير في الصيرورة فيمكن أن تغير صيرورة القرآن من شكل غير قابل للإدراك إلى شكل آخر غير قابل للإدراك، لذا قال (إنا جعلناه قرآناً عربياً) والإنزال هو نقل من غير المدرك إلى المدرك لذا قال (إنا أنزلناه قرآناً عربياً).

ففي القرآن تلازم الجعل والإنزال أي جعل وأنزل عربياً. أي أن القرآن الموجود بين أيدينا ليس عين القرآن الموجود في لوح محفوظ وإمام مبين، وليست صيغته نفس الصيغة الموجودة فيهما. وإنما هو صورة قابلة للإدراك الإنساني "الإنزال" تم التغيير في صيرورتها "الجعل" حتى أصبحت مدركة، ثم وصلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مادياً عن طريق الوحي "التنزيل" والنبي صلى الله عليه وسلم نقلها آلياً إلى الناس.

وقد تم جعل القرآن وإنزاله عربياً على دفعة واحدة. وهذا ما حصل في ليلة القدر حين قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) (القدر 1) وهكذا نفهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه في ليلة القدر نزل القرآن إلى السماء الدنيا. أي أصبح قابلاً لأن يدرك من قبل الناس التي تعيش الحياة الدنيا وأشهر. وبما أنه في ليلة القدر تم إشهار القرآن، فقد قال: (ليلة القدر خير من ألف شهر) (القدر 3).

ولك أن تذهب بكلمة شهر إلى أنها من الشهرة والإشهار القانوني الملزم للبيع والشراء. ولا يلزمك أن تفهم "الألف" على أنها عدد، بل جاءت من فعل "ألف" وهو ضم الأشياء بعضها إلى بعض بشكل منسجم، ومنه جاءت الألفة والتأليف. أي أن إِشهار القرآن خير من كل الإشهارات الأخرى مؤلفة كلها بعضها مع بعض. وقال أيضاً: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين) (الدخان 3) وقال: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس .. الآية) (البقرة 185). لاحظ في الآيات الثلاث أن فيها فعل أنزل، والإنزال تم دفعة واحدة وكان عربياً (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) (يوسف 2).

- التنزيل: هو نقلة مادية حصلت خارج الوعي الإنساني كالنقل بالأمواج، ولكن حصلت عن طريق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وهو الذي تم على مدى ثلاثة وعشرين عاماً. ففي القرآن تلازم الجعل والإنزال وحصلا دفعة واحدة، وافترق التنزيل حيث جاء في ثلاثة وعشرين عاماً. لذا بعد الجعل والإنزال قال: (في صحف كرة * مرفوعة مطهرة * بأيدي سفرة * كرام بررة) (عبس 13-16).

وبما أن القرآن له وجود مسبق وجاهز قبل التنزيل وحصول التنزيل منجماً يبرز السؤال التالي: لماذا لم يتم التنزيل "النقلة الموضوعية بعد الجعل والإنزال" دفعة واجدة؟ وكان الجواب على هذا: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً) (الفرقان 32) ولفهم لماذا تم تنزيل القرآن على دفعات اقرأ الفصل حول الفؤاد حول الفؤاد وحول أنواع الوحي.

قد يقول الفقهاء إن للتنزيل في القرآن أسباباً، وأقول إن القرآن ليس له علاقة بأسباب النزول لأنه كان سيأتي سُئل عنه أو لم يسأل، حيث أن معظم الأسئلة كانت في أم الكتاب أو تفصيل الكتاب. ومجال حديثنا هو القرآن. أما بالنسبة للقصص فقد تم سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الكهف وذي القرنين، ولكن السؤال هنا ليس له معنى لأن قصة أهل الكهف وذي القرنين كانت ستأتيه على كل حال سئل أو لم يسأل لأن بقية القصص جاءت كلها دون سؤال.

والآن لنطرح السؤال التالي: ماذا يصبح معنى الآية لو قال" إنا نزلناه قرآناً عربياً" عوضاً عن (إنا أنزلناه قرآناً عربياً)؟ أقول: لو قال تعالى هذا لأصبح اللسان العربي ذا وجود موضوعي خارج الوعي الإنساني، أي لو ذهب العرب جميعهم لبقي اللسان العربي مادياً دون عرب، ولأصبح وجود اللسان العربي منفصلاً عن الإنسان، ولأصبح جبريل عربياً. ولوجدنا في الطبيعة أن هناك في البث الإذاعي والتلفزيوني يوجد أمواج قومية مثل أمواج تركية وأخرى عربية وثالثة إنكليزية … وهكذا دواليك، ولوجدنا وجود تيار كهربائي عربي وآخر انكليزي.

وهناك سؤال يطرح نفسه وهو: هل كان ممكناً أن يأتي القرآن والكتاب بطريقة أخرى غير الطريقة الصوتية "الذكر؟ أقول: نعم، كان ممكناً أن يأتي منسوخاً. فكما قلت إن الكتاب هو الموضوع، وهذا الموضوع ممكن أن ينقله الإنسان شفاهة "صوتاً" أو نسخاً" خطياً". فعندما نريد أن ننسخ كتاباً شفهياً نحتاج إلى أشياء نخط عليها مثل الأحجار وجلد الغزال وورق البردى، ثم الورق العادي ثم شريط التسجيل ثم شريط الفيديو، هذه الأشياء التي يتم تسجيل الكتب عليها ثم نسخها على عدة نسخ لها مصطلح في اللسان العربي وهو "القرطاس" فكما قال المتنبي:

الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم

إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة منطوقة لا مخطوطة قال تعالى (ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاسٍ فلمسوه بأديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) (الأنعام 7). فكل الكتاب جاء منطوقاً لا منسوخاً، ولو جاء منسوخاً لوجب أن ينسخ على القرطاس فعند ذلك يمكن لمسه باليد، فالكتاب المنطوق لا يلمس باليد، والكتاب المنسوخ "في قرطاس" يلمس باليد. لذا قال (فلمسوه بأيديهم) ولاحظ قوله (نزلنا) ولم يقل "أنزلنا".
السؤال الآن: هل جاء إلى أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء شيء منسوخ "في قرطاس"؟ الجواب: نعم، لقد جاءت الوصايا العشر إلى موسى منسوخة على ألواح، أي جاءت في قرطاس وذلك في قوله تعالى (ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدىً ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) (الأعراف 154) لاحظ قوله "الألواح" بمعنى القرطاس وكيف أتبعها بقوله: "وفي نسختها".


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفرق بين الإنزال والتنزيل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفرق بين العالِم والعارف
» الفرق بين ( الله ) و ( الهو )
» الفرق بين أصحاب الستر والتجلي
» الفرق بين المكاشفة والمشاهدة والمعاينة
» الفرق بين المحاضرة والمكاشفة والمشاهدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة المنتديات :: تأويل آية-
انتقل الى: