ما يفعله الولي لا يجب على المريد أن يتجرأ ويقوم بفعله المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
ما يفعله الولي لا يجب على المريد على منتدى عبدالله المسافر باللهما يفعله الولي لا يجب على المريد أن يتجرأ ويقوم بفعله الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
ما يفعله الولي لا يجب على المريد أن يتجرأ ويقوم بفعله
« 246 » في معنى أن ما يفعله الولي لا يجب على المريد أن يتجرأ ويقوم بفعله ،
فالحلوى لا تضر الطبيب لكنها قد تضر المرضى ،
والثلج لا يضر العنب لكنه يضر الحصرم ، فهو في الطريق وذلك لكي
" يغفر لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ "
2615 - إذا شرب الولي الدواء يصبح له عسلا ، وإن شربه الطالب ، يصير سببا في ضياع لبه .- ولقد ورد عن سليمان قوله " رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي " ، أي لا تعط غيري هذا الملك وهذه القوة .- " لا تجد على غيري بمثل هذا اللطف وهذا الجود ، وهذا يشبه الحسد ، لكنه لم يكن كذلك .- فاقرأ حقيقة " لا ينبغي " بالروح ، ولا تعتبر سر " من بعدي " بخلا منه .- لكنه رأى في الملك أخطارا محققة ، وكان ملك الدنيا شعرة بشعرة وجعا للرأس . 2620 - أيكون وجع الرأس مع وجع السر مع وجع الدين ، ليس هناك امتحان لنا مثل هذا .- ومن ثم تلزم همة سليمانية ، بحيث يتجاوز عن هذه الآلاف من الألوان والروائح .- ومع تلك القوة التي كانت لديه ، كان موج ذلك الملك يكتم أنفاسه .- وعندما حط عليه الغبار من هذا الهم ، أحس بالرحمة تجاه ملوك العالم . « 1 »- فصار شفيعا وقال : أعط ذلك الملك والكمال لصاحب الكمال ................................................................( 1 ) ج / 2 - 248 : - فامض واقرأ ألقينا على كرسيه " ، عندما صار خاليا من العرش والتاج . « 247 » 2625 - فكل من تعطيه هذا الكرم وتخصه به ، هو سليمان ، وذلك الشخص هو أنا نفسي .- إنه لا يكون بعدي ، لكنه يكون معي ، وما ذا تكون " معي " ؟ إنه أنا بلا ادعاء .- ومن المفروض أن تُشرح هذه النقطة ، لكنني عائد إلى قصة الرجل وزوجته . خلاصة قصة الأعرابي وزوجته
- إن لقصة الرجل والمرأة مغزى ما ، لكنه يطلب باطن أحد المخلصين .- ولقد سيقت قصة الرجل والمرأة كحكاية ، لكنها مثال على نفس المرء وعقله . 2630 - فهذه المرأة وهذا الرجل نفس وعقل ، لازمان تماما من أجل الخير والشر .- وهذان اللازمان في دار التراب هذي ، في قتال ليل نهار . . وفي صراع .- فإن المرأة لا تزال تطلب حوائج الدار ، أي الكرامة والخبز والمائدة والجاه .- والنفس كالمرأة في أثر طلب الوسيلة ، حينا ترابية ، وحينا تطلب الرئاسة .- والعقل في حد ذاته غير واع لهذه الأفكار ، وليس في مخه إلا هم الله . 2635 - وبالرغم من أن هذا هو سر القصة فهو شبكة وحبوب ، فاسمع صورة القصة الآن بتمامها .- والبيان المعنوي إن كان كافيا ، لكان خلق العالم عاطلين باطلين .- ولو كانت المحبة مجرد فكرة ومعنى ، لما كان لها صورة صلاتك وصيامك .- وهدايا الأصدقاء المتبادلة فيما بينهم ، ليست في الصداقة إلا صور .- حتى تشهد هذه الهدايا على المحبة المضمرة في الخفاء . 2640 - ذلك أن ألوان الإحسان الظاهرة شاهد على المحبة الموجودة في السر أيها العظيم . « 248 » - وشاهدك حينا يكون صادقا وحينا كاذبا ، والثمل يكون ثملا حينا من الخمر وحينا من المخيض .- وإن من شرب المخيض يكتشف في نفسه سكرا ، فيعربد ويرتكب كثيرا من الشرور .- وذلك المرائي في صلاة وفي صيام ، حتى يُظن أنه ثمل بالولاء . « 1 »- والخلاصة أن أعمال الظاهر أعمال مختلفة ، إلا أن يكون هناك دليل على ما هو مضمر . 2645 - فيا إلهي ، هبنا هذا التمييز بمشيئتك ، حتى نعلم ذلك الدليل على المعوج وعلى الصحيح .- وللحس تمييز ، أتدري ما ذا يكون ؟ إنه ذلك الحس الذي ينظر بنور الله .- وإن لم يكن ثم أثر ، فالسبب أيضا يكون مبديا ، مثل القرابة التي تخبر عن المحبة .- ولا يكون ذلك الذي صار نور الحق إماما له ، غلاما للأثر أو للأسباب .- ومن تضرم المحبة شعلة في باطنه ، يصبح عظيما ، ولا يلقي بالا إلى الأثر . 2650 - ولا تكون به حاجة إلى إعلان المحبة ، لأن المحبة ألقت بنورها فوق الفلك .- وهناك تفصيلات لهذا الكلام حتى يتم ، لكن إبحث أنت عنها . . . والسلام .- وبالرغم من أن المعنى قد صار واضحا في الصورة ، إلا أن الصورة بالنسبة للمعنى قريبة وبعيدة ................................................................( 1 ) ج / 2 - 262 : - -وذلك المرائي يبدي جدا وجهدا كاملين تماما في الصلاة والصيام .- حتى يُظن أنه ثمل بالولاء ، وعندما تنظر إلى حقيقته هو غارق في الرياء . « 249 » - وهما في الدلالة مثلهما مثل الشجرة والماء ، وعندما تمضي إلى ماهيتهما ، فالبون بينهما شاسع . « 1 »- ألا فلتترك الماهيات والخواص ، وقم ببيان أحوال هذين الجميلين . استسلام الأعرابي لإلتماس محبوبته وقسمه لها قائلا
ليس في هذا التسليم حيلة أو امتحان
2655 - قال الرجل : الآن ضربت صفحا عن الخلاف ، والحكم لك فسلي السيف من غمده .- وكل ما تقوليه ، عليّ أن أمتثل لأمرك ، ولا أنظر إلى نتيجة حسنة كانت أو سيئة .- ولأصر أنا منعدما في وجودك ، لأني محب ، والحب يعمي ويصم .- قالت المرأة : أتراك تقصد بري أو تراك تقصد هتك سري ؟ .- قال : بالله عالم السر الخفي ، الذي خلق من التراب آدم صفيا . 2660 - وفي جسد ذي ثلاثة أذرع وهبه له ، أبدى له كل ما كان في الأرواح والألواح . « 2 »- وكل ما يكون حتى الأبد ، درسه له مسبقا ، مصداقا لقوله " علم الأسماء " .- حتى فقد الملك وعيه من تعليمه ، ووجد قدسية أخرى من تقديسه .- فكان ذلك البسط الذي بدى لهم من آدم ، غير موجود في سعة السماوات .- وفي سعة ساحة ذلك الطاهر الروح ، تضيق ساحة السماوات السبع ................................................................( 1 ) ج / 2 - 262 : - وانظر إلى البذرة كيف صارت شجرة من الماء والتراب والشمس ، عالمة في إسراع . - وعندما تدير البصر إلى الماهية ، فإن هذه الأسباب بعيدة عن بعضها تماما .( 2 ) ج / 2 - 275 : - وعلمه لوح الوجود المحفوظ ، حتى علم ما هو موجود في الألواح . « 250 » 2665 - قال الرسول : إن الحق تعالى قال : لا يسعني عالٍ ولا سافل .- ولا تسعني الأرض ولا السماء ولا يسعني العرش أيضا، واعلم هذا يقينا أيها العزيز- ويسعني قلب " عبدي المؤمن " ويا للعجب ، وإن كنت تبحث عني ، فاطلبني في تلك القلوب .- وقال : " ادخل في عبادي تلتقي ، جنة من رؤيتي يا متقي « 1 » " .- والعرش مع كل نوره وسعته ، عندما رأى ذلك ، تحرك من موضعه . 2670 - وعظمة العرش في حد ذاتها تكون عظيمة الامتداد ، لكن ما ذا تكون الصورة عندما يصل المعنى ؟- وأخذ كل ملك يقول : لقد كانت لنا قبل الآن ألفة مع وجه الأديم ! !- وكنا نلقي ببذور الخدمة فوق هذه الأرض ، وكنا نتعجب من هذا التعلق بها .- متسائلين : ما هذا التعلق لنا بهذا التراب ، ما دامت طبيعتنا من السماء ؟- وأية ألفة لنا نحن الأنوار مع الظلمات ؟ وكيف يمكن للنور أن يحيا مع الظلمات ؟ 2675 - يا آدم ، لقد كانت هذه الألفة من شذاك ، ذلك أن الأرض كانت لجسدك السدى واللحمة .- لقد نسج جسدك الترابي من ذلك المكان ، بينما وجد نورك الطاهر من هذا المكان ................................................................( 1 ) بالعربية في المتن الفارسي « 251 » - وذلك الذي وجدته أرواحنا من روحك ، كان من قبل ذلك بكثير يتألق من التراب .- كنا في الأرض غافلين عن الأرض ، وغافلين عن الكنز الذي كان مدفونا فيها .- وعندما أمرنا بالرحيل عن ذلك المقام ، تمررت أفواهنا من هذا النقل . 2680 - حتى أننا أخذنا نتفوه بالحجج قائلين : يا إلهي من الذي سيحل محلنا ؟- وهل تستغني عن نور هذا التسبيح والتهليل من أجل القال والقيل ؟- ولقد بسط حكم الحق من أجلنا البساط ، قولوا كل شيء عن طريق الانبساط ،- وكل ما يتأتى على ألسنتكم بلا حذر ، مثلما يكون الطفل الوحيد مع أبيه .- ذلك أن بني آدم وإن كانوا غير لائقين ، فإن رحمتي سبقت غضبي . 2685 - وإن هذا السبق من أجل الإظهار أيها الملك ، فإنني أصنع فيكم دواعي الإنكار والشك .- حتى تتحدثوا ولا أؤاخذكم بهذا الحديث ، ومنكر حلمي لا يجرؤ على الحديث .- وفي حلمنا يولد في كل نفس مائة أب ومائة أم ، ثم يسقطون في " هاوية " الفناء .- وإن حلمهم زَبَدٌ لبحر حلمنا ، والزبد يأتي ويمضي ، لكن البحر في موضعه .- وما هذا الذي أقول ؟ وأمام در هذا الصدف ، لا يوجد إلا زبدُ زبدِ زبد الزبد . 2690 - وبحق ذلك الزبد ، وبحق ذلك البحر الصافي ، إن هذا القول ليس امتحانا وليس ادعاءا .- إنه نابع من الحب والصفاء والخضوع ، بحق ذلك الذي إليه مرجعي وملاذي .- وإذا كان افتتاني بك في رأيك امتحانا ، فامتحني هذا الامتحان في لحظة واحدة .- ولا تخفي سرا حتى يبدو لك سري ، ومري بكل ما أكون قادرا عليه .« 252 » - ولا تخفي " ما في " القلب ، حتى ينكشف " ما في " قلبي أمامك ، وحتى أقبل كل ما أكون قابلا له . 2695 - وماذا أفعل ؟ وأية حيلة في وسعي ؟ وأمعني النظر حتى تدركي ما ذا تصلح له روحي . ! ! تحديد المرأة طريق طلب الرزق لزوجها وقبوله إياه
- قالت المرأة : لقد سطعت إحدى الشموس ، ومنها وجد عالمُ النور والصفاء .- إنه نائب الرحمن وخليفة الخالق ، ومدينة بغداد منه كأنها الربيع .- فإن اتصلت بذلك المكان تصبح ملكا ، فحتام تمضي صوب كل عتل زنيم ؟- وإن مجالسة الملوك كأنها كيمياء التبديل ، فإذا كان نظرهم كيمياء ، فماذا يكونون هم أنفسهم ؟ 2700 - ولقد وقعت عين أحمد على أبي بكر ، ومن تصديق واحد صار صديقا .- قال " الأعرابي " : كيف أكون أنا قابلا للملك ؟ وكيف أذهب إليه دون حجة ؟- إذ تلزمني إليه نسبة أو حجة ، وهل صحت قط حرفة دون آلة ؟- وذلك كالمجنون الذي سمع من أحدهم ، أن مرضا عارضا قد ألم بليلى ؛- فقال : أواه . . كيف أمضي إليها دون حجة ، وإن قعدت عن عيادتها ، ما ذا سيكون حالي ؟ 2705 - " ليتني كنت طبيبا حاذقا ، كنت أمشي نحو ليلي سابقا " « 1 »- ولقد قال الله لنا " قل تعالوا " لهذا السبب ، ليكون ذلك إشارة لكي نتخلص من خجلنا ................................................................( 1 ) بالعربية في المتن الفارسي . « 253 » - ولو كان للخفافيش نظرٌ وآلة ، لكان لهم تجوال بالنهار وحال طيبة .- قالت : عندما يخرج ملك الكرم إلى الميدان ، فإن انعدام الوسيلة في حد ذاته يكون الوسيلة .- ذلك أن الوسيلة هي ادعاء " وإبداء " وجود ، والأمر في انعدام الآلة والصنعة . 2710 - قال : متى انتفع بانعدام الوسيلة ، مالم أجد حال انعدام الوسيلة ؟- بل يلزمني دليل على إفلاسي ، حتى يرحمني الملك رحمةً فيها إيناسي .- فأبدي لي دليلا غير القيل والقال واللون ، حتى يرق لي ذلك الملك البشوش .- فإن ذلك الدليل الذي يكون من القول واللون ، يكون مجرحا عند قاضي القضاة ذاك . « 1 »- إن الصدق يلزمه دليل على حاله ، حتى يشع نوره دون مقال . حمل الأعرابي جرة من ماء المطر كهدية إلى أمير المؤمنين من قلب البادية
إلى بغداد ظنا منه أن الماء نادر أيضا هناك
2715 - قالت المرأة : إن الصدق هو أن تبرأ تماما من وجودك ، ومن كل جهد يكون لك .- فإن لدينا بعض ماء المطر في الجرة ، هي كل أملاكك وعدتك وعتادك .- فاحمل جرة الماء هذه وامض ، واجعلها هدية ، واذهب بها إلى الملك ................................................................( 1 ) ج / 2 - 290 : - ومن ثم يلزمني شاهد من الباطن ، وليس يلزمني شاهد من الظاهر . « 254 » - وقل له : إننا لا نملك سوى هذا من حطام الدنيا ، وفي الصحراء لا يوجد ما هو أعذب من هذا الماء .- وهو وإن كانت خزانته مليئة بالذهب والجوهر الثمين ، فليس عنده ماء كهذا ، فهو نادر جدا . 2720 - فما هي هذه الجرة ؟ إنها جسدنا المحدود ، وفيها ماء حواسنا المالح .- فيا إلهي ، تقبل منا هذا الدن وهذه الجرة ، من فضل قولك " إن الله اشترى " .- إن الجرة ذات المنافذ الخمس وهي الحواس الخمس ، فاحفظ هذا الماء طاهرا من كل دنس .- حتى يصبح لهذه الجرة منفذ صوب البحر ، وحتى تتخذ جرتنا طبع البحر .- وحتى تحمله هدية إلى السلطان ، ويراه طاهرا فيشتريه . 2725 - ويصبح ماؤها بلا نهاية من بعد ذلك ، وتمتليء من جرتنا مائة دنيا .- فسد منافذها واملأها من الدن فلقد قال " غضوا عن هوى أبصاركم " .- ولقد امتلأت لحيته بريح " الكبرياء " وتساءل : لمن تكون هذه الهدية ؟ إنها جديرة بذلك الملك حقا ! !- ولم يكن يدري أنه سيمر بماء دجلة الذي يجرى " بماء " كأنه السكر ! !- يجرى وسط المدينة وكأنه البحر ، مليء بالسفن ، وشصوص الأسماك . 2730 - فاذهب نحو السلطان ، وانظر عيانا إلى الأبهة والعظمة ، وانظر عيانا مصداق الآية " تجرى من تحتها الأنهار " .- ومثلُ أحاسيسنا هذه وإدراكاتنا ، مثل القطرة في هذا البحر للصفاء . « 1 »...............................................................( 1 ) ج / 2 - 295 : - فداوم البحث ، وداوم النظر ، وداوم الإيجاد ، ممن ؟ من من " عنده أم الكتاب . « 255 » كيف خاطت امرأة الأعرابي حول الجرة باللباد وختمت عليه ،
وذلك لفرط اعتقادها في " أهميته "
- قال الرجل : أجل ، أغلقي فوهة الجرة ، هيا ، فإنها هدية ونافعة لنا .- ولفي هذه الجرة باللباد وخيطيه ، حتى يفطر الملك على هذه الهدية في يوم صوم ! ! - فلا يوجد مثل هذا الماء في كل الآفاق ، اللهم إلا الرحيق ، وما يلذ للأذواق . 2735 - ذلك أنهم من الماء المر والماء الملح ، دائما ما يعانون العلل وتضعف أبصارهم .- والطائر الذي يكون سكنه في الماء الملح ، أي علم له بموضع الماء العذب ؟- فيا من موطنك في نبع مالح ، أي علم لك بالشط وبجيحون والفرات ؟- ويا من لم تنجُ من هذا الرباط الفاني ، أي علم لك ، بالمحو والسكر والانبساط ؟- وإن عرفتها نقلا عن الآباء والأجداد ، فإن أسماءها تكون أمامك " مجرد " حروف " صماء " . 2740 - وكم تكون الحروف شائعة معلومة الظاهر لكل الأطفال ، لكن معانيها شديدة البعد .- ثم إن ذلك الأعرابي حمل الجرة ، وانهمك في السفر ، وأخذ يعانيه ليل نهار .- كان مرتعدا " خوفا " على الجرة من آفات الدهر ، وهو آخذ في حملها من البادية إلى المدينة .- والمرأة من الضراعة ، جعلت من " مسكنها " مصلى ، وكان وردها في صلاتها :رب سلم . . رب سلم . « 256 » - ولتحفظ يا إلهنا ماءنا من الأخساء ، وأوصل يا الله ذلك الجوهر إلى البحر . ! ! . 2745 - ومع أن زوجي يقظ حسن التدبير ، لكن لهذا الدر آلاف الأعداء .- وما الدر إلى جواره ؟ إنه ماء الكوثر ، إن قطرة من ذلك الماء هي أصل الدر .- ومن أدعية المرأة وضراعاتها ، ومن حزن ذلك الرجل وثقل حمله .- حمل الجرة دون تأخير إلى دار الخلافة سالما من اللصوص ومن أذى الحجر .- فرأى عتبة مليئة بالإنعامات ، وقد بسط أهل الحاجات أمامها شباك " آمالهم " . 2750 - وفي كل لحظة كان صاحب حاجة يظفر من ذلك الباب بالعطاء والخلعة .- ومن أجل المؤمن والمجوسي والجميل والقبيح ، كان كالشمس والمطر ، بل كالجنة .- ورأى قوما مزدانين لناظريه ، وقوما آخرين وقفوا منتظرين .- والخواص والعوام ، ومن هم " كأمثال " سليمان ومن هم كالنمل ، بعثوا أحياء كالدنيا من نفخ الصور .- وأهل الصورة في الثياب المطرزة بالجواهر ، وأهل المعنى قد حصلوا على بحر المعنى . 2755 - وفاقد الهمة ، كم صار ذاهمة ، وصاحب الهمة ، كم صار ذا نعمة ! ! . في بيان أنه كما أن المتكدي عاشق للكرم وعاشق للكريم فإن كرم الكريم عاشق للمتكدي وإن كان صبر المتكدي زائدا أتى الكريم إلى بابه ،
وإن كان صبر الكريم زائدا أتى المتكدي إلى بابه ،
لك الصبر كمال للمتكدي ونقص للكريم « 1 »
...............................................................( 1 ) العنوان من نسخة جعفري ( 2 / 307 ) لأنه يبدو أكمل من النسخ الأخرى « 257 » - أخذ النداء يتوالى : أيها الطالب تعال، إن الجود محتاج للمتكدين وكأنه يتكداهم .«1»- والجود يبحث عن المتكدين والضعاف ، كالحسان اللائي يبحثن عن مرآة صافية .- ووجوه الحسان تصبح جميلة من المرآة ، ووجه الإحسان إنما يظهر من وجوه من يطلبون الإحسان .- ومن هنا قال الحق في سورة الضحى : "وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ" . 2760 - وما دام السائل مرآة الجود فحذار ، فإن النفخ في وجه المرآة يكون ضررا لها .- وإن أحدهم ليجعل السائل بجوده ظاهرا ، وآخر يهب السائلين المزيد .- ومن ثم فالسائلون هم مرآة جود الحق ، وأولئك الذين مع الحق جود مطلق .- وكل من هو من غير هاتين الفئتين فهو ميت ، وهو ليس على هذا الباب ، بل هو صورة على ستار . الفرق بين أن يكون الفقير فقيرا إلى الله وظمآنا لله وبين أن يكون الفقير
فقيرا من الله وظمآنا للغير
« 2 »- إنه صورة درويش ، ليس من أهل الروح « 3 » ، فلا تلق بالعظام إلى صورة كلب ................................................................( 1 ) ج / 20307 : - إن الجود يحتاج طالبا ، مثلما تحتاج التوبة تائبا .( 2 ) ج / 2 - 313 : - لكن الدرويش الذي يكون ظمآنا إلى الله ، فإن أموره دائما لله .- أما الدرويش الذي يكون ظمآنا للغير ، فقد صار فقيرا أبله محروما من الخير( 3 ) هكذا في نسخة جعفري أما في بقية النسخ فأهل الخبز ولا تستقيم . « 258 » 2765 - إن لديه فقر اللقمة لا فقر الحق ، فكفاك وضعا للأطباق أمام صورة ميتة .- إن درويش الخبز سمكة " مشكلة " من الطين ، لها صورة السمكة ، لكنها خاملة عن البحر . « 1 »- إنه طائر منزلي ، ليس عنقاء طباق الجو ، إنه يأكل الدسم ، ولا يأكل من العطاء الإلهي .- إنه عاشق للحق من أجل النوال ، وليست روحه عاشقة للحسن والجمال .- وهو وإن كان يتوهم أنه عاشق للذات ، فالذات ليست أوهام الأسماء والصفات . 2770 - فالوهم مخلوق ومولود من " المتوهم " ، والحق لم يلد ، كما أنه لم يولد .- وعاشق تصوراته وأوهامه ، متى يكون من عشاق ذي المنن .- وإن توضيح هذا الكلام يحتاج شرحا ، لكني أخاف من الأفهام القديمة .- والأفهام القديمة قصيرة النظر ، يرد إلى فكرها مائة ظن سئ . 2775 - وليس لكل إنسان قدرة على السمع الصحيح ، كما أن التين ليس طعاما لكل طويئر .- وبخاصة طويئر أعمى ، ميت متفسخ ، مليء بالظن ، فاقد للبصر .- وسواء لصورة السمكة البحر واليابسة ، وللون الهندي سواء الصابون والزاج .- والصورة التي ترسمها حزينة على الورق ، لا علم لها عن حزن أو عن فرح .- والصورة التي " يرسمها الرسام " حزينة وهو غير آبه بها ، ووجهه ضاحك ، ولا تأثير لها عليه ................................................................( 1 ) ج / 2 - 313 : - ومتى تكون صورة السمكة مفتقرة إلى الماء ؟ إنها لا تهلك من انعدام الماء . « 259 » 2780 - وهذا الحزن أو السرور اللذان حطا في القلب ، ليسا إلا صورة أمام ذلك السرور والحزن .- وإن شكل الصورة الضاحكة يكون من أجلك ، حتى يصبح المعنى الذي ترمي إليه واضحا . « 1 » - والصور الموجودة في هذه الحمامات ، كأنها السواتر خارج مشلح الحمام .- ما دمت خارجها فإنك ترى الثياب فحسب ، فاخلع ثيابك ، وادخل ، يا شريكا لنا في هذا النَفس .- ذلك أنه لا طريق للدخول إلى الحمام بالثياب ، فالجسد ليس عالما بالروح ، كما أن الثوب ليس عالما بالجسد . تقدم نقباء الخليفة وحجابه من أجل إكرام الأعرابي وقبولهم هديته
« 2 »2785 - عندما وصل ذلك الأعرابي من الصحراء البعيدة على باب دار الخلافة ؛- تقدم إليه النقباء ، ورشوا على جيب ثوبه من جلاب لطفهم .- وفهموا حاجته دون مقال ، فقد كان ديدنهم العطاء قبل السؤال .- ثم قالوا له : يا وجه العرب ، من أين أتيت ؟ وكيف أنت من وعثاء السفر ؟- قال : إنني وجه لو وليتموني وجوهكم ، وأنابلا نفقة إذا ألقيتموني وراء ظهوركم . 2790 - ويا من في وجوهكم أمارات العظمة ، وأبهتكم أجمل من الذهب الجعفري ................................................................( 1 ) ج / 2 - 314 : - إن شكل الصورة الحزين من أجلنا نحن ، حتى تذكرنا بالطريق المستقيم .( 2 ) ج / 2 - 327 : - فلأعد نحو قصة الأعرابي ، ولأتحدث عن بيان السر ، بل والسر العجيب « 260 » - ويا من لقاء واحد معكم بمثابة لقاءات عديدة ، ويا من تضحون بالدنانير من أجل دينكم .- ويا من كل منكم يصدق عليه " ينظر بنور الله " ، وخرجتم من محضر الملك من أجل العطاء .- حتى تلقوا بأنظاركم الشبيهة بكيمياء التبديل على نحاس أشخاص البشر ! !- إنني غريب جئت من البادية ، وجئت على رجاء لطف السلطان . 2795 - فلقد اجتاح شذى لطفه الصحارى ، فاستمدت منها حبات الرمال الأرواح .- لقد جئت إلى هنا أبغي رفدكم ، وعندما وصلت ، صرت ثملا برؤيتكم .- ومن أجل رغيف ذهب أحدهم إلى الخباز ، وعندما رأى حسن الخباز ضحى بالروح .- وذهب أحدهم نحو البستان قاصدا التنزه ، فظفر بمشاهدة جمال البستاني .- مثل الأعرابي الذي سحب الماء من البئر ، فذاق ماء الحياة من وجه يوسف . 2800 - وذهب موسى ليأتي بقبس من النار ، فآنس نارا نجا بها من النار ! !- وفر عيسى لكي ينجو من الأعداء ، فحمله هذا الهروب إلى السماء الرابعة .- وكانت شبكة آدم سنبلة من القمح ، حتى صار وجوده سنبلة وأصلا للبشر .- والبازي حط على الشبكة من أجل القوت ، فوجد ساعد المليك والإقبال والمجد .- والطفل ذهب إلى المكتب من أجل اكتساب الفضل ، ورجاء في الطير اللذيذ " الذي وعده به " والده . « 261 » 2805 - ومن المكتب صار صدرا من الصدور ، لقد دفع الأجر الشهري وصار بدرا .- ونهض العباس للحرب حاقدا ، من أجل قمع أحمد ومناهضة الدين ؛- فصار للدين حتى القيامة وجها وظهيرا ، بخلافته وخلافة أبنائه من بعده . « 1 »- ولقد جئت إلى هذا الباب طالبا لحاجة ، وصرت صدرا عندما وصلت إلى الدهليز .- وجئت بالماء هدية ، وذلك من أجل الخبز ، وحملتني رائحة الخبز إلى صدر الجنان . 2810 - والخبز الذي ألقى بآدم خارج الجنان ، نفس ذلك الخبز غمسني في الجنان . ! !- فنجوت من الماء والخبز وكأنني الملك ، أطوف على هذا الباب بلا غرض ، كالفلك .- ولا يكون ثم طواف بلا غرض في الدنيا ، إلا لأجساد العاشقين وأرواحهم في بيان أن عاشق الدنيا كعاشق جدار ينعكس عليه ضوء الشمس ،
ولم يجاهد أو يسمع ليفهم أن هذا الضوء والرونق ليسمن الجدار بل من قرص الشمس الموجود في السماء الرابعة فلا جرم أنه أسلم القلب بأجمعه للجدار ، وعندما ارتد شعاعا لشمس إلى الشمس ، صار محروما إلى الأبد
" وحيل بينهم وبين ما يشتهون "
- " اقصد " عشاق الكل لا عشاق الجزء ، ومن صار مشتاقا إلى الجزء ، حيل بينه وبين الكل ................................................................( 1 ) ج / 2 - 328 : - ولقد نهض عمر لقتال المصطفى ، والسيف في يده ، وقد عقد المواثيق .- فصار في الشرع أمير المؤمنين ، إماما مقتدى لأهل الدين .- وذلك الجامع للأعشاب مضى نحو الخرائب ، فتعثر قدمه بكنز غافلا .- والظمآن مضى نحو جدول الماء ، فوجد في الماء انعكاس القمر .« 262 » - وعندما يصير جزء عاشقا لجزء ، ثم يمضي معشوقه سريعا إلى كله . 2815 - يكون أحمق صار عبدا للغير ، وغريقا يتشبث بكف ضعيف .- فلا حاكم هناك لكي يعتني به ، أيقوم بعمل من أختاره سيدا أو بعمله ؟ مثل عربي : إذا زنيت فازن بالحرة ، وإذا سرقت فاسرق الدرة
- ومن أجل هذا صار " فازن بالحرة " مثلا ، ومن هنا تناقل الناس " فاسرق الدرة " - والعبد مضى نحو سيده وصار نائحا ، ومضى شذى الورود إلى الورود وبقي الشوك . « 1 »- وبقي هو بعيدا عن مطلوبه ، فياله من سعي ضائع وتعب باطل وقدم جريح . 2820 - فمثله مثل صياد يصيد ظلا ، ومتى يجديه الظل فتيلا ؟- ولقد أمسك الرجل بظل الطائر بكل قواه ، والطائر فوق ظل الشجرة مندهش منه .- يتساءل : ممن يسخر هذا الأحمق المجنون ؟ هاك الباطل ، وهاك السبب الواهي ! ! - وإن قلت : إن الجزء مقرون بالكل ، فداوم على أكل الشوك ، فالشوك مقرون بالورد .- فهو ليس مقرونا بالكل إلا من وجه واحد ، وإلا كان بعث الرسل باطلا في حد ذاته ................................................................( 1 ) ج / 2 - 335 : - مثل ذلك الأبله الذي رأى شعاع الشمس فوق جدار وأسرع مندهشا .- وصار عاشقا للجدار قائلا إنه ذوضياء ، غافلا عن أن هذا الضياء هو انعكاس شمس السماء .- وعندما ارتد ذلك الضياء إلى أصله ، رأى جدارا أسود قد تبقى في موضعه . « 263 » 2825 - ذلك لأن الأنبياء " بعثوا " من أجل هذا الربط ، وما ذا يربطون إذن إن كانا شيئا واحدا . « 1 »- وهذا الكلام لا نهاية له أيها الغلام ، وقد آذن النهار بالانقضاء ، فأتمم الحكاية . تسليم الأعرابي الهدية أي جرة الماء إلى غلمان الخليفة
« 2 »- لقد وضع جرة الماء تلك أمامه ، وألقى ببذور الخدمة في تلك الحضرة .- وقال : احملوا هذه الهدية إلى السلطان ، واشروا سائل الملك من الحاجة .- فالماء عذب ، والجرة خضراء جديدة ، وهو من ماء المطر الذي تجمع في الحفرة . 2830 - وضحك النقباء من ذلك ، لكنهم قبلوها وكأنها الروح .- ذلك أن لطف الملك الطبيب العالم ، كان قد أثر في كل أركان " الدولة " .- وطباع الملوك تحدث فعلها في الرعية ، والفلك الأخضر يجعل الأرض خضراء .- واعلم أن الملك كالحوض والحشم كالأنابيب ، والماء ينتقل من الأنبوبة إلى الأواني .- وإذا كان ماؤها كلها من حوض طاهر - تعطي كل آنية ماءا حلوا لذيذ الطعم . 2835 - وإذا كان في ذلك الحوض ماء مالح آسن ، فإن كل أنبوبة تبديه بعينه .- ذلك أن كل أنبوب متصل بالحوض ، فخض في معاني هذا الكلام خوضا .- ولطف مليك الروح الذي لا وإن له ، أنظر كيف أثر في الجسد بكليته ! ! .- ولطف العقل حسن الأصل حسن النسب ، " أنظر " كيف يؤدب كل الجسد . ! !- والعشق اللعوب الذي لا قرار له ولا سكون ، كيف يصيب كل الجسد بالجنون ................................................................( 1 ) ج / 2 - 335 : - هذا الكلام لا نهاية له أيها الغلام ، ذلك أن فيه منزلقا صعبا .( 2 ) ج / 2 - 341 : - وقص ذلك الأعرابي حاله للنقباء عندما رأى أن الأوان هو أوان الطلب . « 264 » 2840 - ولطف ماء البحر الذي هو كالكوثر ، حصباؤه كلها در وجوهر .- وكل ما يكون الأستاذ معروفا به ، تكون أرواح تلاميذه متصفة به .- وعلى أستاذ الأصول ، درس ذلك الطالب النابه المستعد الأصول بالطبع .- وعلى الأستاذ الفقيه ، قرأ ذلك الدارس الفقه وليس الأصول .- ومن ذلك الأستاذ الذي كان نحويا ، صارت روح تلميذه الحبيب نحوية . 2845 - ثم إن الأستاذ الذي أصابه المحو في الطريق ، صارت روح تلميذه ممحوة وفانية في المليك .- ومن كل أنواع هذه العلوم ، علم الفقر هو عتاد الطريق وعدته يوم الموت . .
يتبع