قصة ذلك الجدول والصيادين والسمكات الثلاثة العاقلة ونصف العاقلة .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة ذلك الجدول والصيادين والسمكات الثلاثة على مدونة عبدالله المسافر بالله قصة ذلك الجدول والصيادين والسمكات الثلاثة العاقلة ونصف العاقلة المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
[ حكاية ذلك الجدول والصيادين ]
قصة ذلك الجدول والصيادين والسمكات الثلاثة العاقلة ونصف العاقلة
والمغرورة البلهاء المغفلة اللاشئ وعاقبة كل واحدة من
( السمكات ) الثلاثة
- لعلك قرأت أيها العنود قصة ذلك النبع الذي كانت ( تقيم ) فيه سمكات ثلاثة كبيرة .
- ( قرأتها ) في كليلة ودمنة أيها العنود لكن ( ما قرأته ) هو قشر القصة ، وهاك لب الروح منها .
- لقد عبر عدد من الصيادين بهذا الجدول ، ورأوا ما يكنه من ( أسماك )
2205 - فانطلقوا مسرعين لكي يحضروا الشبكة ، وفهمت الأسماك ، وقلقت ( على مصيرها ) .
- وتلك السمكة العاقلة عزمت على الرحيل ، لقد اختارت الطريق الصعب المكروه .
- وقالت لنفسها : علىّ ألا استشيرهما ، فإنهما - بالتأكيد سوف يقعداننى ويوهنان من عزمي .
- إن حب الوطن متمكن من روحيهما ، وسوف يلحقان بي الضرر بكسلهما وجهلهما .
- إنما يجب للمشورة حي طيب حتى يقوم بإحيائك ، وأين أجد ( ذلك ) الحي ؟ !
2210 - فيا أيها المسافر استشر مسافرا ، ذلك أن مشورة المرأة تصيب قدمك بالعرج .
- دعك من حكمة حب الوطن ولا تتوقف ، فإن الوطن في تلك الناحية أيها العزيز وليس في هذه الناحية .
..............................................................
( 1 ) ج 10 - 370 : ولا يغنيها القفز ذلك الزمان ، ذلك أن البلاد قد نزل من السماء .
« 229 »
- وإذا كنت تريد الوطن فأعبر إلى ذلك الشاطئ الآخر ، وكفاك خطأ في قراءة الحديث الصحيح .
سر تلاوة المتوضئ لأوراد الوضوء
- في الوضوء لكل عضو ورد مختلف ، لقد ورد ( هذا الورد ) في الخبر لكي تدعو ( به ) .
- وعندما تقوم بالاستنشاق ، أطلب رائحة الجنة من الرب الغنى .
2215 - حتى تقودك تلك الرائحة صوب الجنان ، فإن شذى الورود يكون دليلا على ( وجود ) روضة الورود .
- وعند الاستنجاء يكون الورد والدعاء : اللهم طهرني من هذا الخبث .
- لقد طالت يدي هذا الموضع وقامت بغسله ، لكن يدي قصيرة عن تطهير الروح .
- لقد صارت الأرواح من ليسوا بأهل شيئا ، ويد فضله متوصلة إلى الأرواح .
- لقد كان هذا حدى وقمت به أنا اللئيم ، فنقنى من ذلك الخبث الذي في الطرف الآخر أيها الكريم .
2220 - لقد غسلت أنا الجلد من الحدث يا الله، فأغسل أنت من الحوادث هذه الروح (يا الله)!
كان أحدهم يقول عند الاستنجاء : اللهم أرحني رائحة الجنة بدلا من :
اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وهو ورد الاستنجاء ،
وكان يقول ورد الاستنجاء عند الاستنشاق فسمع أحد الأعزاء ، ولم يطق ذلك .
- كان أحدهم يقول عند الاستنجاء : اللهم أرحنى رائحة الجنة .
« 230 »
- فقال لهم أحدهم : لقد قلت دعاءً طيبا ، لكنك ضللت فتحة الدعاء .
- فإن كان هذا الدعاء هو ورد الأنف ، فكيف نقلت ورد الأنف إلى المؤخرة ؟ ! !
- إن الحر يستنشق رائحة الجنة من أنفه ، فمتى يمكن لرائحة الجنة أن تأتى إلى الدبر ؟ !
2225 - ويا من قد تواضعت أمام البلهاء ، ويا من تكبرت أمام الملوك .
- إن هذا التكبر على الأخساء طيب ومقبول ، انتبه وإياك أن تسير به عكس ذلك ، فإن سيرك في الطريق المعاكس قيد لك .
- إن منبت الورود من أجل فتحة الأنف ، ( واستنشاق ) الرائحة وظيفة الأنف أيها العتل .
- وعبق الورود من أجل المشام أيها الشجاع ، وليست هذه الفتحة السفلى موضع هذه الرائحة .
- وحتى تأتيك من هذا الموضع رائحة الخلد ، أطلب الرائحة من موضعها إن أردت ذلك ! !
2230 - وأيضا فإن حديث حب الوطن حديث صحيح ، لكن أعلم ما هو الوطن أولا أيها السيد ! !
- لقد قالت تلك السمكة الماهرة . . فلأسلك الطريق ، ولأصرف القلب عن رأيهما ومشورتهما .
- ليس هذا هو وقت الشورى ، فهيا امض في الطريق ، ومثل على رضي الله عنه بث همومك للبئر ، وأطلق آهاتك .
- إن المأذون له بتلك الآهة نادر جدا ، فامض بليل ، وامش خفية كالعسس .
- وتحرك نحو البحر من هذا الجدول ، وأطلب البحر واترك هذه الدوامة .
« 231 »
2235 - لقد جعلت من الصدر قدماً وتحركت تلك الحذرة ، ( تحركت ) من المقام الخطر حتى البحر ذي النور .
- مثل غزال يطارده كلب ( صيد ) ، إنه يعدو ما دام في جسده عرق .
- إن نوم الأرنب والكلب في أثره خطأ ، وأين من عين الخائف النوم ؟ ! !
- ذهبت تلك السمكة واتخذت طريقها إلى البحر ، لقد أخذت الطريق الطويل والساحة الواسعة .
- لقد عانت كثيرا من المتاعب وفي النهاية ، مضت في آخر الأمر إلى الأمن والعافية .
2240 - لقد ألقت نفسها في البحر العميق الذي لا يدرك البصر حداً له .
- وعندما أحضر الصيادون الشبكة ، أحست السمكة نصف العاقلة بالمرارة .
- وتأوهت قائلة : لقد فوتت الفرصة ، عندما لم أصاحب ذلك الدليل ،
- لقد مضت فجأة ، لكن كان ينبغي علىّ عندما ذهبت أن أمضى في أثرها بنشاط .
- إن الحسرة على ما مضى من قبيل الخطأ ، وإن ما مضى لا يرجع وذكره هباء «1» .
قصة ذلك الطائر الأسير الذي أوصى قائلا : لا تأسف على ما مضى
وفكر في تدارك الوقت ، ولا تضيع أيامك في الندم
2245 - لقد صاد أحدهم بمكره وفخه طائرا ، فقال له الطائر : أيها السيد الهمام ! !
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 379 :
هذا الزمان لا تجديني الحسرة . فماذا أفعل وقد فاتتني الفرصة ؟ !
« 232 »
- لقد التهمت كثيرا من البقر والشياة ، وذبحت كأضحية كثيرا من الجمال .
- لكنك لم تشبع منها في وقت ما ، ولن تصير شبعا من أعضانى ( هذه ) « 1 » .
- اطلقنى حتى أقدم لك نصائح ثلاثة ، وحتى تعلم أذكى أنا أم أبله .
- سوف أقول لك أولى تلك النصائح وأنا على يدك ، والنصيحة الثانية أقولها وأنا فوق جدارك الطيني هذا .
2250 - أما النصيحة الثالثة فأنا أقولها لك وأنا فوق الشجرة ، وسوف تكون سعيداً مقبلا من هذه النصائح الثلاثة .
- وهاك ( النصيحة ) التي ينبغي أن أقولها وأنا في يدك : لا تصدق من أحد محالا .
- وعندما قال له هذه النصيحة العظيمة وهو على كفه ، أطلقه فانطلق إلى ذلك الجدار .
- فقال له : النصيحة الثانية هي : لا تأسف على ما فات ، وما دام قد فات فلا تتحسر عليه !
- ثم قال : إن هناك درة يتيمة وزنها عشرة دراهم مخفية في جسمي .
2255 - لقد كانت هذه الجوهرة إقبالا لك وحظا لأولادك ، بحق روحك .
- لقد أضعت تلك الدرة فلم تكن رزقا لك ، وليس هناك مثل تلك الدرة في الوجود .
- فأخذ السيد ينوح وكأنه امرأة أتاها المخاض .
- فقال الطائر : ألم أنصحك بألا تأسف على ما فاتك بالأمس ؟ .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 386 :
اطلقنى كرماً منك أيها الشهمُ الكريم المحترم .
« 233 »
- وما دام قد فات ومضى فكيف تحزن ؟ ! فإما أنك لم تفهم النصيحة وإما أنك أصم .
2260 - وألم أقل في النصيحة الأخرى : لا تصدق أبدا القول المحال .
- إن وزنى كله لا يصل إلى ثلاثة دراهم أيها أيها الأسد ، فكيف يكون في جسدي ( ما وزنه ) عشرة دراهم ؟ .
- فانتبه السيد ثانية وقال : هيا ، قدم لي النصيحة الثالثة الطيبة .
- فقال : أجل . لقد عملت بالنصيحتين الأخريين ، حتى أقدم لك النصيحة الثالثة بالمجان .
- إن تقديم النصيحة للجهول النائم ، وهو بمثابة بذر البذور في الأرض البور .
2265 - إن فتق الحمق والجهل لا يقبل الرتق ، فقلل بذار الحكمة فيه أيها الواعظ .
احتيال تلك السمكة نصف العاقلة وتظاهرها بالموت
- لقد قالت تلك السمكة الأخرى عند البلاء ( أي ) عندما انحسر عنها ظل السمكة العاقلة :
- ومضت نحو البحر وأعتقت ، وقالت من الحزن : لقد فارقتني تلك الرفيقة الطيبة .
- لكن على ألا أفكر في هذا وألا أظل ألوم نفسي بل على أن أتظاهر بالموت في التو واللحظة .
- ولأجعل بطني إذن أعلى وظهري إلى أسفل ، ولأطف على سطح الماء .
2270 - ولأمش على سطح الماء كما يفعل القذى ، لا أكون سابحة كما يفعل الحي . .
« 234 »
- لأتظاهر بالموت ولأسلم نفسي إلى الماء ، إن الموت قبل الموت أمن من العذاب .
- الموت قبل الموت أمن أيها الفتى وهكذا قال ، وهكذا أمرنا المصطفى .
- لقد قال عليه السلام : «موتوا كلكم من قبل أن يأتي الموت وتموتوا بالفتن» «1» .
- وهكذا تماوتت وجعلت بطنها بارزة إلى أعلى ، فأخذ الماء يرتفع بها حينا وينخفض بها حينا .
2275 - وحزن كل واحد من هؤلاء المهاجمين وقال : وآسفاه لقد ماتت أفضل سمكة .
- وفرحت هي من تأسفهم وقالت في نفسها: لقد نجحت لعبتى هذه ونجوت من سيف (الهلاك).
- وأمسك بها صياد أريب وبصق عليها وألقى بها على التراب .
- فانزلقت . . حتى اختفت في الماء ، وبقيت تلك السمكة ( الثالثة ) الحمقاء تتخبط .
- لقد أخذت تلك الساذجة تقفز يمنة ويسرة ، حتى تنجو بمجهودها من جحيم ( البدن ) .
2280 - فألقوا الشبكة وانطبقت عليها ، وألقى بها حمقها في تلك النار .
- وعلى ظهر مقلاة فوق النار ، صارت ضجيعة لحماقتها .
- لقد كانت تغلى من حرارة السعير ، وكان العقل يقول لها : ألم يأتك نذير ؟ !
- كانت تجيب في العذاب والبلاء مثلما كانت أرواح الكافرين تجيب قائلة : بلى !
..............................................................
( 1 ) بالعربية من المتن .
« 235 »
- ثم أخذت تقول : إذا نجوت هذه المرة من هذه المحنة التي تحطم العنق
2285 - لا آلف إلا البحر موطنا ، ولا أجعل أبدا من الجدول سكنا .
- ابحث عن ماء لا حد له ولا شاطئ وأمضى إلى الأبد في أمن وسلامة « 1 » .
بيان أن عهد الأحمق عند الشدة وندمه لا وفاء لهما فيهما مصداقا
لقوله تعالى « وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ »
وليس للصبح الكاذب وفاء .
- أخذ العقل يقول لها : إن الحمق معك ( وكامن فيك ) ، ومع الحمق يكون النكوص عن العهد .
- ومع العقل يكون الوفاء بالعهود ، ولا عقل عندك ، فامض يامن قيمتك كحمار .
- فإن العقل هو الذي يتذكر عهده وميثاقه وهو أيضا الذي يمزق حجب النسيان .
2290 - وما لم يكن لك عقل يكون النسيان أميرا عليك وهو عدوك ومبطل تدبيرك .
- والفراشة الضئيلة من قلة عقلها ، لا تذكر النار ولا الحرقة ولا الحسيس .
- إنها تتوب عندما يحترق جناحها ، ثم يدفعها حرصها ونسيانها إلى النار .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 384 :
وهكذا أخذت تندر النذور مع نفسها قائلة : إن نجوت من هذه الورطة .
- لأتمسك بأهداب العقل ليل نهار ، حتى لا أقع في مثل هذا الألم والتعب .
« 236 »
- والضبط والإدراك والحفظ والتذكر ، كلها من العقل ، فالعقل هو الذي نشرها .
- وما لم يكن لك جوهره . . كيف يكون لك نوره ، وما لم يكن للمرء من مذكر . . كيف يتم إيابه ؟ !
2295 - إن هذا التمني ( عند السمكة ) هو أيضا من قلة عقلها فهي لا تبصر حمقها لأنه طبع فيها .
- وذلك الندم إنما ينبعث من ( مجرد ) الألم وليس منبعثا من العقل المستنير كالكنز .
- وعندما ينتهى الألم يكون الندم كالعدم ولا تساوى تلك التوبة ولا يساوى ذلك الألم مثقال ذرة من تراب .
- لقد حمل ذلك الندم أثقالا من ظلمة الحزن ومن ثم فكلام الليل يمحوه النهار .
- وعندما تنقشع ظلمة الحزن ويصير سعيدا تذهب عن القلب أيضا نتيجتها وما تولد منها .
2300 - أنه لا يفتأ يتوب وشيخ العقل يصبح به : « ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه » .
[ حكاية مناقشات موسى مع فرعون ]
في بيان أن الوهم زيف العقل وخصمه ، فهو يشبهه وليس هو ، وقصه مناقشات موسى عليه السلام وكان صاحب عقل مع فرعون الذي كان صاحب وهم
- إن العقل عدو للشهوة أيها الهمام وما تدور الشهوة حوله لا تسمه عقلا .
- وما يكون متسولا للشهوة سمه وهماً ، إن الوهم هو الزيف بالنسبة لذهب العقل النضار .
- ولا يتبين الوهم من العقل دون محك ، فاحمل كليهما سريعا إلي المحك
« 237 »
- هذا المحك هو القرآن الكريم وسير الأنبياء وأحوالهم ، إنها كالمحك تقول للزائف : أعرض نفسك على .
2305 - لترى أنت نفسك من عركى ( لأذنيك ) إنك لست أهلا لمرتفعاتى ومنحدراتى .
- ولو أن منشار اقسم العقل إلى نصفين لكان أيضا كالذهب مبتسما وسط لهيب النار « 1 » .
- إن ما كان لفرعون كان وهما محرقا للعالم ، أما العقل الذي يملأ الروح نورا فهو لموسى .
- ولقد سار موسى على طريق الفناء ، فقال له فرعون : قل لي من تكون ؟
- قال : أنا العقل رسول ذي الجلال ، وأنا حجة الله وأمان من الضلال .
2310 - فقال له : اصمت ، ودعك من هذا الادعاء حدثني عن اسمك القديم ونسبك .
- قال : أما نسبى فاعلم أنه من التراب أما اسمى الأصلي فهو أقل عبيده .
- وأنا عبد وابن عبد لهذا الخالق ، جئت من ( أصلاب ) عبيد وأرحام إماء .
- أما نسبى الأصلي فهو من التراب والماء والطين ، ولقد وهب الله التراب والطين قلبا وروحاً .
- ويعود جسدي الترابى هذا إلى التراب ، ومرجعك أنت أيضا إلى التراب أيها المتكبر .
2315 - إن أصلنا واصل كل العصاة يعود إلى التراب ، وعندي على ذلك الأمر
..............................................................
( 1 ) في نسخة جعفري ( ج - 10 / 392 ) : عنوان مناقشات موسى عليه السلام الذي كان صاحب عقل مع فرعون الذي كان صاحب وهم .
« 238 »
مائة دليل .
- وجسدك إنما يستمد وجوده من التراب ، وتلتف عنقك هذه وتغلظ في هذا التراب .
- وعند تمضى ( عنه ) الروح يتحول ثانية إلى تراب . . . في ذلك القبر المريع المخيف . . .
- وأنت أيضا ونحن وأشباهك كلنا نصير ترابا ولا جاه يبقى ( ولا عظمة ) !
- قال : إن لك اسما غير هذا النسب . . وذلك الاسم ( القديم ) هو أولى لك .
2320 - إن اسمك هو عبد فرعون وعبد عبيده ، وهو الذي ربى من البداية جسمك وروحك .
- إنك عبد آبق طاغ وظلوم ، وهربت من ديارك من فعلتك المشئومة .
- إنك مجرم وغادر وجحود ، هيا وطابق هذه الصفات على نفسك . . . .
- وها أنت ترى نفسك تعاني الغربة فقيرا مهلهل الثياب ، ذلك لأنك لم تؤد لنا فروض الشكر والاعتراف بالجميل .
- قال ( موسى ) : حاشا لهذا المليك أن يكون له في ألوهيته شريك ،
2325 - إنه واحد في ملكه ولا شريك له ولا مالك لعبيده سواه جل شأنه .
- وليس لخلقه من مالك سواه ولا يدعى مشاركته ملكه إلا هالك .
- إنه هو الذي صور وهو مصورى ، ولو ادعى غيره أنه البارئ المصور فهو ظلوم جهول .
- إنك لا تستطيع أن تخلق حاجبا واحدا في ، فكيف تستطيع معرفة روحي ؟
- بل الغادر الطاغية هو أنت ، إذ لا تفتأ تدعى مشاركة الحق ( ملكه ) .
« 239 »
2330 - وإذا كنت قد قتلت أحد الظلمة على سبيل السهو ، فلم أقتله غضبا لنفسي ولم أقتله لاهيا . .
- ولقد وكزته فسقط على حين غرة ، لم تكن له روح « ربانية » فأسلم روحه ( الحيوانية ) .
- لقد قتلت كلبا واحدا ، لكنك قتلت من أولاد المرسلين مئات الآلاف من الأطفال دون جرم جنوه ، أو ضرر صدر منهم .
- وسوف تظل دماؤهم في عنقك ، ولتر ماذا سيحيق بك من جزاء سفكك للدماء .
- لقد قمت بقتل ذرية يعقوب ، أملا في قتلى أنا فقد كنت المطلوب .
2335 - لكنه برغم أنفك اصطفانى سبحانه وتعالى وانقلب ما كان تدبره .
- قال فرعون : دعك من هذا ( اللجاج والجدل ) بلا أدنى شك أيكون هذا حقي منك وجزاء الخبز والملح ؟ .
- أن تأتى وتحط من شأني أمام الخلق وتجعل النهار المضئ مظلما على قلبي ؟ .
- قال موسى : بل إن ذل القيامة أشد وطأة عليك ، إن لم تحسب حسابي فيما ( أفصله لك ) من خير وشر .
- إنك لا تستطيع أن تتحمل هنا لدغة برغوث ، فكيف ستكون إن ذقت لدغ الحية ؟ !
2340 - إنني أهدم أوضاعك في ظاهر الأمر ، لكني في الحقيقة أحول ما فيك من شوك إلى روضة ( غناء ) .
بيان أن العمارة في الخراب والجمع في التفرقة والصحة
في الانكسار والمراد في الخيبة والوجود في العدم
وعلى هذا بقية الأضداد والأزواج
« 240 »
- لقد جاء أحدهم وأخذ يحرث الأرض ، فصاح أحد البلهاء ولم يستطع صبرا ،
- ( قائلا ) : لماذا تقوم بتخريب هذه الأرض وكشفها وتحدث فيها كل هذا الاضطراب ؟ !
- فقال له : امض أيها الأبله ولا تحمل علي ، وميز ( أولا ) بين العمارة والخراب .
- فمتى ينبت منها حقل حنطة أو تنبثق منها روضة ما لم تصر قبيحة ومخربة هذه الأرض؟.
2345 - ومتى يمكن أن تتحول إلى بستان وفروع وأوراق وثمار . . ما لم تقلب ظهرا البطن ويصير عاليها سافلها ؟ .
- وما لم تشق بالمبضع الجرح الذي التأم على تقيح، فمتى يشفى ومتى يصير موضعه ناعما؟!
- وما لم تغسل أخلاطك بالدواء ، متى يذهب التهيج ويأتي الشفاء ؟ !
- إن الخياط يمزق الثوب إربا فهل يقوم أحد بضرب هذا الخياط الماهر ،
- قائلا له : لماذا مزقت هذا الأطلس الفاخر ؟ ! وماذا أفعل أنا بهذه القطع الممزقه ؟ .
2350 - وعندما يراد ببناء قديم أن يعمر ، ألا يقومون في البداية بهدم البناء القديم ؟ .
- وهكذا ألا يقوم النجار والحداد والقصاب بالهدم قبل البناء والتعمير ؟ !
- وألا يكون من دق النباتات الطبية « 1 » وسحقها الدواء الذي جعلوا منه عمارة الجسد ؟ !
..............................................................
( 1 ) حرفبيا : الإهليلج والبليلج وهما من النباتات الطيبة .
« 241 »
- وما لم يطحن القمح ويدق في الطاحون متى يمكن لموائدنا أن تزدان به ؟ !
- إن حق الخبز والملح هو الذي دفعني إلي ذلك دفعني إلى محاولة تخليصك من الشص أيتها السمكة ؟!«1»
2355 - فإنك تنجو أن تقبلت نصيحة موسى ، تنجو من مثل هذا الشص القبيح الذي لا نهاية له .
- إنك من كثرة ما جعلت نفسك عبدا للهوى ، قد حولت دودة صغيرة إلى أفعى .
- ومن أجل هذه الأفعى جئت أنا أيضا بأفعى ، حتى أقوم بإصلاحها قليلا قليلا .
- وحتى تخف حدة أفعاك من أفعاى وحتى تجندل أفعاي أفعاك .
- فإن تقبلت فقد نجت روحك من كلتا الحيتين ، وإلا فان الدمار لاحق بروحك لا محالة .
2360 - قال فرعون : إنك في الحقيقة ساحر شديد المكر ، ولقد بثثت الفرقة بمكرك هذا .
- لقد فرقت بين الجماعة المتفقة وجعلتها جماعتين ، والسحر يؤثر في الصخر والجبل . « 2 »
- قال موسى إنني مستغرق في رسالة الله ، ومتى رأى أحد سحرا مع اسم الله ؟ !
- أن الغفلة والكفر هما أساس السحر ، أما الروح الموسوية فهي مشعلة للدين .
..............................................................
( 1 ) في نسخة جعفري ( ج - 10 / ص - 401 ) عنوان جواب موسى عليه السلام على فرعون .
( 2 ) في نسخة جعفري ( ج - 10 / ص - 401 ) عنوان في نفى موسى السحر عن نفسه .
« 242 »
- وأي شبه لي مع السحرة أيها المتوقح ، إن المسيح ليمتلئ حسدا من أنفاسى .
2365 - وأي شبه لي مع السحرة أيها النجس ، ومن روحي تستمد الكتب النور .
- وما دمت تطير بجناحي الهوى فلا جرم أن تظن بي هذا الظن .
- وكل من تكون لديه أفعال الوحوش والفخاخ ، فلا جرم أن يظن بالكرماء ظن السوء .
- وما دمت جزءا من هذا العالم فكيفما تكون ، ترى جميع الناس على ما أنت عليه أيها المفتون .
2370 - وإذا كنت في سفينة تمخر عباب اليم . . ترى ساحل اليم سائرا بدوره .
- وإذا أصابك ضيق الصدر في معمعة النزال ، فإنك ترى الدنيا بأجمعها قد ضاقت بك .
- وإذا كنت سعيدا وفق ما يهوى أحباؤك فإن الدنيا تبدو لك روضة غناء .
- وما أكثر من ذهبوا إلى الشام والعراق ولم يبصروا فيها شيئا غير الكفر والنفاق .
- وما أكثر الذين ذهبوا حتى الهند وهراة ، ولم يروا شيئا إلا البيع والشراء .
2375 - وما أكثر الذين ذهبوا حتى تركستان والصين ، ولم يبصروا شيئا إلا المكر والخداع والكمين . « 1 »
- وإذا كان لا يمتلك من وسائل الإدراك إلا ما يدرك الألوان والروائح ، فقل له هيا طف بكل البلاد .
- ولو أن بقرة أتت فجأة إلى بغداد وأخذت تمضى فيها في هذه الناحية إلى تلك الناحية .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 402 :
وطالب أي شئ أيها الرفيق الرشيد لا يرى إلا نفس هذا الشئ الذي يطلبه .
« 243 »
- فإنها لن ترى من كل ألوان اللهو والسعادة والمتعة إلا قشر الدابوق .
- إن القش أو التبن الذي يكون ساقطا على الطريق يكون جديرا بطواف الأبقار والحمير .
2380 - إنها متيبسة على مسمار الطبيعة كأنها القديد ، إنها مرتبطة بما يقيم أودها ويبقيها حية . . لا تزيد .
- أما الفضاء الذي هو خرق الأسباب والعلل ، فهو أرض الله أيها الصدر الأجل .
- إنها تتبدل في كل لحظة كأنها صورة الروح ، إنك تري فيها عالما جديدا متبدلا كل لحظة .
- وكل شيء تجمد علي حالة واحدة يكون قبيحا حتى لو كان فردوس الجنة التي تجرى من تحتها الأنهار .
بيان أن لكل حس مدرك عند الإنسان مدركات على حدة
لا علم لها عن مدركات الحس الآخر .
هذا مثلما يجهل كل حرفى أستاذ عمل الحرفي الآخر ، وللحرفى الآخر عمل يعرفه وليس معنى أنه لا يعرف العمل الآخر أنه ليس موجودا وليست المدركات الأخرى غير موجودة بالرغم من أنه ينكرها بحكم الحال لكننا لا نزداد من إنكاره هذا الا مزيدا من الاعتقاد بغفلته في هذا المقام .
- إن رؤيتك للدنيا هي في مجال إدراكك . . . وحسك غير الطاهر هو حجاب بينك وبين الأطهار .
2385 - فاغسل حواسك فترة بماء العيان واعلم أن هذا هو المقصود بغسل الثياب عند الصوفية « 1 » .
..............................................................
( 1 ) ج / 10 - 407 : ويا من من غفلتك جهلت معنى السبب ، فصرت عبدا للأسباب حمارا فلا جرم أن صرت أعمى القلب حائرا ، صرت مضطرب الأحوال مضطرا ، افتح عينيك وانظر إلى المسبب حتى تصبح فارغا من النظر إلى الأسباب .
« 244 »
- وعندما تصير طاهرا تمزق الحجب وتحف بك أرواح الأطهار .
- وإذا كان كل العالم قد انقلب إلى نور وصور تكون العين على علم بهذا الحسن .
- لكنك أغلقت عينيك وتقدم أذنيك ، حتى تبدى لك حسناؤها وجهها وجدائلها .
- فتقول الأذن أنني لا أميل إلى الصور ، لكن الصور إن تحدثت فأنا أسمعها .
2390 - إنني عالمة لكن في فني الخاص بي . . وفني ليس إلا الحرف والصوت ليس أكثر .
- هيا وتعال أيها الأنف وانظر إلي هذه الحسناء لكن هذا المطلوب ليس مناسبا للأنف .
- فإن كان ثمة مسك وماء ورد فأنا أقوم بشمه ، هذا هو فنى وعلمي وخبرتى .
- فمتى أبصر أنا وجه هذا الفضي الساق ، هيا ولا تكلفنا بما لا يطاق .
- ثم إن الحس الملتوى لا يبصر إلا كل ملتو ، فسر أمامه ( يا فرعون ) معوجا أو سر صحيحا مستقيما .
2395 - واعلم أيها السيد السند أن عيني الأحول محرومة من رؤية الواحد .
وهذا على سبيل اليقين .
- وهذا أنت يا فرعون وكلك مكر واحتيال ، لا ترى أن ثمة فرقا بيني وبينك .
- لا تنظر إلى من ذاتك يا لاعبا باحتيال مكر حتى لا ترى الواحد اثنين بما هو فيك .
« 245 »
- وانظر إلى منطلقا من ذاتي أنا لحظة واحدة ، حتى تبصر ساحة ( موجودة ) فيما وراء الكون .
- وحتى تنجو من الضيق ومن ( تفكيرك ) في الشرف العار وترى عشقا خالصا والسلام .
2400 - ثم تعلم بعدها ما دمت قد نجوت من البدن ، وأنه من الممكن للأذن والأنف أن يصيرا عينا .
- وما أصدق ما قاله ذلك الملك عذب البيان : إن كل شعرة عند العارفين تصير عينا .
- ففي البداية لم يكن للجسد عين ، عندما كان في الرحم جنينا من اللحم .
- فلا تعتبر أن هذا القطعة من اللحم هي علة الرؤية وإلا لما رأى أحد الحلم في النوم يا بنى .
- وذلك الجنى والشيطان كلاهما يرى من هو من جنسه وليس في عين كل منهما شحمة .
2405 - وليس للنور في حد ذاته صلة بشحمة ( العين ) لقد وهبه الخلاق الودود الانتساب إليه .
- وآدم من تراب ، فمتى شابه التراب . والجنى من النار فما وجه الاشتراك بينها ؟ .
- ولا يشبه الجنى النار على أي وجه إذا دققت النظر ، بالرغم في أن النار أصل له .
- والطائر من الهواء فمتى يشبه الهواء والريح ، لكن الله جل وعلا جعل التناسب بين ما لا تشابه فيه .
- ونسبة هذه الفروع إلى أصولها لا كيفية لها إنه هو الذي وصلها .
« 246 »
2410 - وبالرغم من أن الإنسان وليد التراب الهباء ، فأي تناسب لهذا الابن مع هذا الأب ؟ !
- فإن كان ثمة تناسب فهو مخفى عن العقل ، هو بلا كيفية فكيف يفهمها العقل ؟ .
- والريح ولا عين لها إن كان جل وعلا لم يهبها البصيرة فكيف إذن تمييزها في قوم عاد ؟ .
- وكيف كانت تميز المؤمن من العدو ؟ ! وكيف كانت تميز الخمر من القرع ؟ .
- وإن لم يكن هناك عين النار النمرود ؟ ! فكيف راعت أصول الحشمة مع الخليل ؟ !
2415 - وإن لم يكن للنيل هذه الرؤية فمن أي شئ كان يميز بين قوم فرعون وقوم موسى ؟ !
- وإن لم يكن الجبل والحجر قد صارا من أصحاب الرؤية ، فكيف كانا يؤوبان مع داود ؟ !
- وإن لم يكن لهذه الأرض بصيرة في ذاتها فلأي أمر إذن ابتلعت قارون هكذا ؟ !
- وإن لم يكن للجذع الحنان عين قلب . . فكيف كان يرى هجر ذلك العظيم ؟ !
- وإذا لم يكن الحصى مبصرا فكيف كان يشهد في كف ( أبى جهل ) المضموم ؟ !
2420 - فيا أيها العقل ، أضم الجناح والقوادم واقرأ سورة « الزلزلة » .
- فكيف تحدث أخبارها يوم القيامة على ما لم تره على الأرض من خير وشر ؟ .
« 247 »
- إنها إذاك تحدث أخبارها . . وتظهر الأرض لنا أسرارها « 1 »
- وإن إرسال ( مثلي ) إلى « مثلك » أيها الأمير لبرهان على أن المرسل ( عليم ) خبير .
- إن مثل هذا الدواء لمثل هذا الجرح الذي لا يشفى جدير به مناسب له لتيسير ( علاجه ) .
2425 - ولقد رأيت واقعات قبل الآن ( تنبؤك ) بأن الله سوف يصطفينى ( رسولا ) .
- وإنني بعصاي والنور في يدي ، سوف أحطم قرن وقاحتك .
- ومن أجل هذا أبدى لك رب الدين ، واقعات مهيبة ومخيفة من كل نوع . .
- لكنها جديرة بما تنطوى عليه من طوية سيئة وطغيان ، ولكن تعلم أنه يعلم تماما ما يناسبك .
- وحتى تعلم أنه حكيم وخبير وإنه الشافي للأمراض التي لا تقبل الدواء .
2430 - لكنك كنت ترتد عنها طبقا رتأويلات عميت عنها وصممت وقلت أنها من النوم الثقيل .
- وذلك الطبيب وذلك المنجم كانا يعرفان تأويلها في ضوء علميهما لكنهما أخفياها عنك طمعا .
- وقال : بعيدا عنك وعن ملوكيتك أن يصاب بلاطك وعلمك بأي أذي .
- إن الأطعمة المختلفة والأغذية غير المناسبة . . . هي التي هيجت منك الطبع بحيث يرى هذه الأحلام .
- وذلك لأنه رأى أنك لست بالباحث عن النصيحة وأنك مندفع سفاح وليس فيك طبع المساكين.
..............................................................
( 1 ) بالعربية في النص .
« 248 »
2435 - إن الملوك يسفكون الدماء من المصلحة لكن رحمتهم تزيد عن غضبهم وتسبقها .
- وينبغي للمك أن يتخلق بأخلاق الله - وإن تسبق رحمته غضبه .
- فلا يكون الغضب غالبا عليه كالشيطان ويسفك الدماء بلا ضرورة من أجل المكر .
- ولا ينبغي أن يكون له حلم كحلم المخنث بحيث تفسد نساؤه وجواريه وينقلبن إلى بغايا .
- لقد جعلت الصدر منزلا للشيطان ، واصطنعت الحقد قبله لك .
2440 - وما أكثر الأكباد التي جرحها قرنك الحاد، وها هي عصاي قد كسرت قرنك الوقح.
هجوم أهل هذه الدنيا على أهل الآخرة والهجوم حتى حدود الذر
والنسل وهي على حدود الغيب وغفلتهم عن الكمين
فإن الغازي إن لم يخرج للغزو هجم عليه الكافر .
- لقد هاجم جيش أهل الجسد قلاع أهل الروح وحصونهم .
- وذلك حتى يحاصروا بشدة قلعة الغيب ، حتى لا يخرج منها أحد طاهر الجيب .
- وعندما يقلل الغزاة من قيامهم بالغزو والجهاد فإن الكفار في المقابل ( يتوقحون ) ويقومون بالهجوم .
- وعندما لم يحمل عليك غزاة الغيب من حلمهم يا قبيح المذهب
2445 - قمت أنت بالهجوم على متحصنى الغيب، حتى لا يأتي رجل الغيب من تلك الناحية!
- وضربت بمخلبك في الأصلاب والأرحام ، حتى تقطع السبيل من السوء الذي فيك .
« 249 »
- فكيف إذن تسد الطريق الرئيسي الذي وهبه ذو الجلال من أجل التوالد والتناسل ؟ !
- وصرت سداً أمام الحدود والطرق إيها اللجوج المجادل . . وبرغم إنفك خرج قائد الهى وعبرها إليك .
- وها أنا القائد . . . . أحطم فوجك ، وباسمه جل وعلا أحطم ( ما تفكر فيه ) من شرف وعار .
2450 - فهيا وسد كل الطرق والسبيل بما أوتيت من قوة ، واسخر من شاربك فترة من الزمن .
- فإن القضاء الإلهي يقلع شاربك شعرة شعرة . .حتى تعلم أنه عندما يأتي القدر يعمى الحذر.
- فهل يا ترى أأنت أكثر كبرياء أم قوم عاد ، التي كانت ترتعد من أنفاسهم البلاد ؟ !
- وهل أنت أكثر عنادا أو قوم ثمود ، الذين لم يأت مثلهم في الوجود ؟ !
- وإنك كرجل أصم إن ضربت لك مئات الأمثال لن ترعوى فأنت تسمع وتتجاهل ما سمعت .
2455 - لقد تبت عن الحديث ( إليك ) وبدون حديث مزجت لك الدواء ( الجدير بك ) .
- فلأضعه على جرحك الفج حتى يصير ناضجا، ولا يقوم بإحراق لحيتك وشاربك إلى الآبد .
- حتى تعلم أنه خبير أيها العدو ، ويعطى لكل امرئ ما يناسبه ( وما هو خليق بفعله ) .
- فمتى قمت بتصرف أعوج أو ارتكبت شرا ولم تر ما هو جدير به في أثره ؟ .
« 250 »
- ومتي توجهت إلى السماء بدعاء خير أو فعل خير . . ولم يأت مثله في أثره ؟ !
2460 - إنك إن كنت مراقبا ويقظا فإنك تشاهد في كل لحظة جواب فعلك .
- وعندما تكون مراقبا متمسكا بالحبل المتين ، فإنك لن تكون في حاجة إلى ( انتظار ) قيام الساعة . .
- وذلك الذي يعلم الرمز العلم الصحيح . . لا تكون بحاجة إلى القول الصريح .
- لقد حل بك هذا البلاء من غبائك ذلك لأنك لم تفهم النكات والرموز .
- وما دام القلب قد صار كدرا أسود من السوء فافهم ، فلا مجال للحيرة هنا .
2465 - والإصار ذلك الكدر نفسه سهما . . ونفذ فيك جزاء حيرتك .
- وإن لم يأت السهم فهذا من عطاء الله ليس من أجل أن دنسك غير مرئى .
- فانتبه وكن مراقبا إن كنت تريد قلبا ، ففي أثر كل فعل يتولد فيك شئ ما .
- وإن كانت همتك ترقي بك إلي ما هو أكثر ، فإنك من المراقبة تمضى إلى ما هو أسمي .
.
يتبع