لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج

لويس ماسينيون : حياته وابحاثه :

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Massignon_old

إنّ خسارة الدراسات الإسلامية بوفاة المستشرق العظيم لويس ماسينيون خسارة لا تعدلها خسارة ، فهو من بين المستشرقين في مكانة لا يضارعه فيها إلا " نيلدكه " و " نلينو " و " جولد تسيهر " .
وهو قد امتاز منهم جميعاً بنفوذ النظرة وعمق الاستبطان والقدرة على الاستنباط ........

ورُغم اشتهار العلامة ماسينيون بدراساته في التصوف الإسلامي عامة وفي الحلاج على وجه الخصوص غير أن هذا في الواقع جانبا واحدا من جوانب فكر وإهتمامات لوي ماسينيون .

فقد عني بالآثار الإسلامية ( بداياته ) ثم دراسة النظم الإجتماعية في البلاد الإسلامية .. مروراً بالدراسات الفلسقية والعلمية ... ثم دراسة الشيعة بكل تطوراتها وفروعها وبخاصة المغالية منها كالقرامطة والنصيرية والإسماعيلية ...
حيث كانت تستهويه المذاهب المستورة والحركات السرية سواءً الروحية منها أو السياسية ....

غير أن كل هذا لم شيغله عن صاحب ( الحلاج ) .. بل أن كل دراساته التي نوهنا عنها كانت تصب في رحى روح صاحبه ....

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Corbin_guenon_massignon

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Corbin_guenon_massignon

ولد لويس ماسينيون في الخامس والعشرين من يوليو 1883 ميلادية .. على ضفاف نهر المارن بضاحية نوجان إحدى ضواحي باريس ولعل الجانب الفني الذي أخذه من أبيه ( فرناند ماسينيون ) الذي درس الطب وعدل عنه إلى الفن وبخاصة النحت ـ أثره البالغ في عناية ماسينيون الإبن بالآثار الإسلامية والتي استهل بها نشاطه الروحي .

وقد التقى بهنري ماسبيرو بصفهما الثالث الثانوي والذي أصبح فيما بعد من كبار المتخصصين في الدراسات الصينية .
وبدا لدى كليهما ميل مشترك للدراسات الرياضية ..

وحصل على البكالوريا في الأدب والفلسفة 1900 ثم البكالوريا في الرياضيات 1901 ....
وبعدها انطلقت رحلات ماسينيون إلى البلاد الإسلامية فسافر في رحلة قصيرة إلى الجزائر عام 1901 . ثم عاد إلى باريس فحصل على ليسانس الآدب الفرنسي .

ثم إلى مراكش في أبريل سنة 1904 وكتب عنها بحثا صغيراً . نال به دبلوم الدراسات العليا في السوربون بجامعة باريس بقسم العلوم الدينية على يد المستشرق الشهر " هارتفج دارنبور " .. ثم تابع محاضرات لوشانلييه في الكوليج دي فرانس عن دراسة الإسلام من الناحية الإجتماعية .
ودرس اللغة العربية في المدرسة الوطنية للغات الحية . ....

غير أن بداية حياته الإستشراقية جاءت باشتراكه في المؤتمر الذي عقد بالجزائر في ابريل 1905 ...
وهناك تعرف إلى جولدتسيهر ، واسين بلاسثيوس ......

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Massignon

أما عن أول زياراته للقاهرة فكانت 1906 حيث بدأ ابحاثه الأثرية الإسلامية .

ماسينون والعراق :

في مارس 1907 قرأ ماسينيون أشعاراً لفريد الدين العطــار تدور حول مصرع الحلاج .فلفت هذا نظر ماسينيون وبدأ يعجب به إعجاباً أقنعه بتكريس دراسته له ..

وفي شتاء 1908 بدأ بمهمة القيام بابحاث وحفائر في الآثار في العراق كانت عهدت إليه .

فنزل ضيفا على عائلة الألوسي ببغداد ( بيت من بيوت العلم المشهور في بغداد ) . وقد أُعجبوا بالإهتمامه بالحلاج .
وزار مشاهد الشيعة كلها جنوبي بغداد ( كربلاء ـ النجف ـ الكوفة ... ) .

كما زار سلمان باك القرية التي تضم مشهد الصحابيين الجليلين ( سلمان الفارسي وحذيفة ) فضلاً عن بقايا إيوان كسرى .. وكان قد عرف أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : " سلمان منّا آل البيت " .

وكان نتاج هذه المهمة كتابين في مجلدين ضخمين : " بعثة أثرية في العراق " ...

ثم عدة مقالات ويعنينا منها : " المعركة الأخيرة بين الرفاعية والقادرية : .. " الحج الشعبي في بغداد " .. نشرت في مجلة العالم الإسلامي 1909 .

ماسينيون والحلاج :

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Massignon_anthol_aurora

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Massignon_anthol_aurora

كان أول ما كتب ماسينيون عن الحلاج 1909 " عذاب الحلاج والطريقة الحلاجية !! " في الكتاب التذكاري المهدى إلى هارتفج دارنبور ....
أما أول بحث كبير نشر له فكان كتاب الطواسين 1913 ( النص العربي + ترجمته الفارسية ) تبعا لمخطوطة استانبول ولندن ..
ثم نشر أربعة نصوص تتعلق بالحلاج 1914 . ثم عهدت إليه إدراة " دائرة المعرف الإسلامية " كتابة مادة " حلاج " .. وكذلك مادة " حلول !! " فكتبهما .

ودعي في شتاء 1913 للتدريس في الجامعة المصرية القديمة فألقى أربعة محاضرات باللغة العربية على الطلاب وكان منهم ـ الدكتور طه حسين ـ وكان عنوانها تاريخ الإصطلاحات الفلسفية في الإسلام . ( لم تنشر بعد ) .

هذا وجهده المتواصل لدراسة حياة صاحبه لم ينقطع .. غير أنه وسّع نطاق البحث ليدرس من سبقوا الحلاج من الصوفية السابقين عليه .
وتزوج في يناير 27 العام 1914 ( ولدين وبنت ) .. لكنه يفقد ايف أحدهما فيما بعد ... وفي 27 مارس 1919 اصبح تحت تصرف وزارة الخارجية الفرنسية بوصفه ضابطاً ملحقاً بمكتب المنتدوب السامي الفرنسي في سوريا وفلسطين وقليقلة .. وكان ـ للأسف ـ ضمن الجيش الذي دخل القدس 1917 تحت قيادة اللنبي العليا .

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج Halajbest

وبعد الحرب عين في الكوليج دي فرانس : كرسي " الإسلام من الناحية الإجتماعية " الذي كان يشغله استاذه " لوشاتيلييه " وحتى 1924 .
وفي الحرب كان قد فقد مخطوطة رسالته الدكتوراة الثانية ، لكنه تمكن من إعادة كتابته .
كذلك كتابه الرسالة الرئيسية بعنوان " عذاب الحلاج شهيد التصوف في الإسلام " .

لوي ماسينيون .. صاحب الحلاج 42068

ونوقشت الرسالتان معاً في 24 مايو سنة 1922 واختير هذا التاريخ عن قصد ليوافق مرور ألف عام على صلب الحلاج .!!!!! .
وما أن نصل للعام 1929 حتى نجد كتابه الكبير " مجموع نصوص غير منشورة تتعلق بالتصوف في بلاد الإسلام " وأهميته ترجع إلى أنه يتضمن النصوص العربية التي استعان بها واستند إليها في رسالتيه للدكتوراة .

وأيضاً تضمنت ما كتب من مواد في " دائرة المعارف الإسلامية " وانظروا إلى المواد : " القرامطة ـ الخراز ـ الكندي ـ ليون الأفريقي ـ معروف الرصافي ـ المحاسبي ـ النوبختي ـ نوبخت ـ نور محمدي ـ نصيري ـ سهل التستري ـ اسالمية ـ السنوسية ـ شطح !! ـ الششتري ـ السري السقطي ـ طريقة ـ تصوف ـ الترمذي ـ ، أخيضر ـ الورّاق ـ ورد ـ زنج ـ زنديق !! ـ زهد ....

ولمّا أنشيء المجمع اللغوي بالقاهرة في سنة 1933 عُيّن عضواً عاملاً به حتى 1056 ثم عضواً مراسلاً من سنة 1957 وحتى وفاته .

الحلاج ثانية :

لم تنقطع عنايته بالحلاج لحظةٍ واحدةٍ : فنشر في 1931 : " ديوان الحلاج " .. وترجم إلى لافرنسية بطبعة رائعة 1955 .
أخرج هو وباول كراوس كتاب : " أخبار الحلاج " مع ترجمة فرنسية .
دراسة عن المنحنى الشخصي للحلاج ... إن شاء الله نتمكن من نشره هنا في المودة بإذن الله .
" كتابات العطّار عن الحلاج " 1946 .

" مراجع جديدة عن الحلاج " . ـ " قصة الحلاج " بلغة شعبية ... 1954 .
غير أن اشتغاله بالحلاج لم يصرفه عن الإهتمام بغيره من المتصوفة فكتب :
" ابن سبعين والنقد النفساني " ، " عن أبي الحسن الششتري " ، " دراسة عن روزبهان البقلي 1953 " ...... " سلمان باك ( سلمان منا ) والبواكير الروحية للإسلام الإيراني " .. [ تحت أيدينا نسأل الله أن يعيننا على نشره بالمودة ] .

كتابه الهام : المباهلة في المدينة وفاطمة ( عليها السلام ) . باريس 1955 .

ثم كان شغله الشاغل في سنوات عمره الأخيرة هي عن أهل الكهف في المسيحية والإسلام وجمع الوثائق والصور والآثار عنها .
وظل ماسينيون يعرف ويشعر ويحس بدوره الروحي والذي قضاه بين الحركة والدراسة إلى أن توفاه الله في 31 أكتوبر سنة 1962 .

لن يجيرني من الله أحد .." الجن 22 " ...

يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ، والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ..... " الشورى 42 "

هي آخر ما نطق به ماسينون عند موته .. هذا أيضا ما جرى على لسان صاحبه عند صلبه .

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

من كتاب شخصيات قلقة : الدكتور : عبد الرحمن بدوي .

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

» آلآم الحلاج ماسينيون
» آلام الحلاج - ماسينيون
» آلام الحلاج ماسينيون
» مخاطبة 13 :يا عبد اجعلني صاحب سرك أكن صاحب علانيتك
» شرح ديوان الحسين ابن المنصور الحلاج د. كامل مصطفى الشيبي