العهد عند الصوفية
سمعنا أنه يوجد عند الصوفية ما يُسمَّى بـ"العهد"، فماذا يقصدون به؟
وهل لهذا العهد الصوفي وجهة شرعية، أو تخريج على أصول الشرع،
أم أنه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان؟
الجواب:
أنه قد شاع بين الصوفية مصطلحات تدل على عمق العلاقة بين الشيخ والمريد،
فسموا بداية الرباط بـ: العهد، البيعة، التحكيم، إلباس الخرقة، الطريق،
وهي ألفاظ لها دلالات تربوية سلوكية عميقة،
تعني بحسب الظاهر ابتداء الرابطة بين المريد السالك والشيخ الكامل،
وبحسب الحقيقة والباطن ربط المريد بالمراد سبحانه([1]).
ويرجع العهد في اللغة إلى عدة معانٍ منها: الوصية، والضمان، والأمر، والرؤية، والمنزل.
فكل ما عُوهِد الله عليه، وكل ما بين العباد من المواثيق هو عهد،
وأمر اليتيم من العهد، وكذلك كل ما أَمَر اللهُ به ونَهَى عنه.
وفي حديث الدعاء: "وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْت"([2]).
والعهد في الاصطلاح - على ما عرفه الجرجاني -: "حِفْظُ الشيء ومراعاته حالا بعد حال" ([3]).
وهذا المعنى متحقق في العهد عند الصوفية،
حيث يُقْصَد بأخْذ العهد على المريد أن يحافظ على الواجبات والآداب الشرعية،
ويراعي ما يُلقِّنه له شيخه من الأذكار والأوراد والمجاهدات حالا بعد حال،
ولا يهملها ولا يغفل عنها،
فالمقصود بالعهد عند الصوفية هو التأكيد على السالك والمريد بالانتقال من حياة الغفلة وغلبة الشهوات إلى حياة التوبة والمراجعة للنفس والتفتيش عن عيوبها والإقبال على الله،
فيتحقق بهذا العهد التأكيد على الانتقال من حال إلى أخرى،
ومن مرحلة إلى مرحلة جديدة.
يقول الشيخ السهروردي –