نفحة روحية من كلمات سيدي سلامة الراضي الحامدي الشاذلي

أعمالنا مشحونة بالتقصير وعدم الإخلاص
فهي لا تصلح للحضرة المقدسة وكيف نرائي بما هو ناقص ؟
ـــ وإنما نجتهد في الرجاء في فضل الله لعله يقبل أعمالنا علي ما فيها 0

اهتمامكم بتطهير القلوب خير من اهتمامكم بحفظ المسائل العلمية ،
فإن لطهارة تفتح باب الملكوت
فتوافيكم العلوم الصافية من كدورات النفوس والأفكار 0

إذا ذكرتم شئ من الأشياء فاذكروا محاسنه وأعرضوا عن مساوية
فإن ذكر المساوئ من المساوئ وتعتاده نفوسكم
فلا تكاد تصدق بأنه يوجد أحد إلا وله مساوئ 0

أجسامكم مطايا وأرواحكم ركبان ،
فحذروا أن تسير بكم المطايا إلي ما يغضب سيدكم
فإنها ما سارت إلا بأرواحكم 0

إذا فتحتم حواسكم الظاهرة انسدت الباطنة فعميت الروح وكانت في ظلمة ،
فاجتهدوا في فتح العين الباطنة التي تنظر إلي الملكوت
بعدم الانشغال بالظاهرة في عالم الملك 0

إنما الإنسان حيوان بجسمه ،
ملك أو شيطان بروحه ،
فلينظر كل عاقل ماذا يري ،
وليختر لنفسه ما يحلو ــ
إن كان يحب أن يكون حيوان ،
أو شيطان ، أو ملكاً طاهراً 0

رأس مال الإنسان من هذه الدار ،
فمن ضيع رأس ماله فيها فمن أين يربح

إنما الدنيا كسوق للتجارة
فمن فاته السوق فأين يبيع بضاعته ؟ 0

من حصل علي شئ في هذه الدنيا عاش فيه في الآخرة ،
فانظروا ما تعيشون فيه
إن كان في رضا الله أو في غضبه ؟ والعياذ بالله 0

صفات الإنسان لباس لروحه فانظروا ماذا تلبسه أرواحكم ؟
إن كانت ثياباً طاهرة نقية منيرة ،
أو منتنة مظلمة دنسه 0

إذا قيل لكم أن في ثوب أحدكم عقرباً
فإنه يبادر إلي خلعها أو تقطيعها ويقتل العقرب
وفينا الشهوات تلدغ قلوبنا ولا نبالي بها 0

إذا أعجبتكم الأعمال الصالحة فانظروا هل تجدون فيها الإخلاص ؟
وإن كان فيها و إلا فلا تعبأوا بها 0

إنما الأعمال الظاهرة أشباح وأنوارها وأرواحها في القلوب ،
فإن كان القلب يصاحب الأعمال الظاهرة و إلا فهي لا روح فيها ولا نور 0

إذا سئمت نفوسكم الذل فقد عومت علي الخروج من حضرة الله ،
فاحذروا أن تطردكم من الحضرة المقدسة 0

إذا اطمأنت نفوسكم بربكم كان أمركم بأمره وأفعالكم باسمه
، فلا يخالفكم شئ بل يطيعكم كل شئ ،
و إن تحدثت نفوسكم خللا في القلوب فلا يطيعكم شئ من الأشياء 0

إذا أردتم أن تسلكوا طريق التواضع فا صبحوا أهله
حتى تتمكنوا فيه وبعد ذلك لا بأس عليكم إذا خالطتم غير أهله ،
ومن صاحب غير أهله قبل التمكن فيه
ـــ كان كمن خرج بفتيلة ضعيفة في ريح عاصف لا شك أنه يطفئها 0

إذا تنفس الإنسان في طاعة كان نفسه نوراً ،
والنور تصحبه الملائكة ،
وإذا كان في معصية كان كل نفس يتنفسه ظلمة ،
والظلمة تصحبها الشياطين
ـــ وأنوار الإنسان و ظلماتة تكون حوله ،
فانظروا ماذا يحيط بكم ــــ
هل هو نور وملائكة أو ظلمة وشياطين ؟ 0

كما تحبون أن يعاملكم الناس فعاملوهم
وما لا تحبونه من الناس فلا تفعلوه ،
وكل شئ تستحون منه وتعتذرون عنه فاجتنبوه ،
فمن طلب من الناس أن يعاملوه بأحسن مما يعاملهم به فهو ظالم ،
ومن فعل مالا يحبه من الناس فقد عرض نفسه للإهانة ،
ومن فعل ما يعتذر منه ربما لم يجد عذراً أو أقام العذر ولم يقبل 0

لا تجادلوا لأجل إظهار الحق بل عليكم أن تعلنوا به
، وما عليكم أن يقبل منكم
0 فان قبل فتبارك الله ،
وان لم يقبل فما عليكم حسابهم 0

إذا تعلقت قلوبكم بمولاكم كنتم في حضرته ،
فان تعلقت بغيره خرجت من الحضرة
ـــ فاحرصوا علي قلوبكم أن تتعلق بغير مولاكم
لأجل أن تكون الحضرة مسكنكم 0

إذا وجدتم لذة الإيمان فقدتم محبة الدنيا ،
وحرام علي كل قلب وجد لذة الدنيا أن يجد حلاوة الإيمان 0

تواضعكم لربكم يظهر في ثيابكم لأنها صورة ما انطبع في نفوسكم ،
فالبسوا لباس المساكين فان النفس تضطر إلي التخلق بالمسكنة
لأنها كانت تخاف أن تظهر بمظهر المساكين ،
فإذا رأت أنها ظهرت به تكرهه
فإذا داومت علي ذلك ألفته ورضيت به فكان لها خلقاً 0

كونوا مساكين يعطف عليكم مولاكم
فانه سبحانه وتعالي يستحي أن يري مسكيناً ويحرمه
لأن خلقه الكرم والشفقة والحنان 0

ذنوبكم جنابة تمنع من دخول الحضرة المقدسة
، فإذا تطهرتم بماء الندم والتذلل لسيدكم
صفح عنكم ورضي عليكم وفرح بكم ودعاكم إلي حضرته 0

إذا أحببتم ما يحبه سيدكم ن وكرهتم ما يكره ،
كان مرادكم مراده ،
فلا يخطر لكم إلا ما أراده
0 وكانت قلوبكم مرآه يتجلى فيها سيدكم ،
وظهرتم بصفاته فكنتم منه وإليه 0

إذا كانت أعمالكم جسمانية من جنس هذا العالم فقد حبستم فيه ،
وان كانت أعمالكم روحانية طارت أرواحكم إلي الملكوت ،
فتمتعت بالفرح والسرور والطهارة وشاهدت الأنوار القدسية 0

ما دمتم تنافسون غيركم وتزاحمونهم
فأنتم أرباب النفوس الحية ،
وتنافسها هو لدغها في القلوب
ولكنكم لما وقفتم في هذا العالم لم تحسوا بلدغ النفوس
ولو نفذ صبركم إلي عالم الأرواح لشاهدتم اللدغ محسوساً ، وثوباً ملبوساً 0

لا تنظروا إلي حسن العبادة وانظروا إلي حسن الأخلاق
فان الأخلاق صورتكم الروحانية والعبادة صورتكم الظاهرية ،
ومن امتلأ قلبه بالنور سطع في عبادته الظاهرية
، ومن تنجس قلبه بالأدناس أظلمت عبادتهولو بلغت من الحسن ما بلغت ،
وكان كمن يلبس الثياب النقية علي النجاسات التي تضمخ بها جسمه 0

كلما كانت نفوسكم حية أحسستم عند الغضب بحر لهيبها في صدوركم ،
فإذا ماتت نفوسكم وصلتم إلي حياة القلوب
فتحسون ببرودة الرضا في صدوركم فتعيشون في فرح وهناء 0

كونوا كالروحانيين لا تغتمون أبدا
وافرحوا بسيدكم الأعلى يفرح بكم ،
فان الغم بقية عندكم صرفت قلوبكم عن جمال سيدكم المحبوب