منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في أسرار الصوم ــ للشيخ محيي الدين بن عربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أمير جاد

أمير جاد


عدد الرسائل : 3071
تاريخ التسجيل : 25/07/2007

في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Empty
مُساهمةموضوع: في أسرار الصوم ــ للشيخ محيي الدين بن عربي   في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Emptyالخميس سبتمبر 06, 2007 7:55 am

بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الحادي والسبعون
في أسرار الصوم







يا ضاحكاً في صورة الباكي


أنت بنا المشكوّ والشاكـي







الصوم إمـسـاك بـلا رفـعة


ورفعة مـن غـير إمـسـاك


وقد يكونان معـاً عـنـد مـن


يثبـت تـوحـيداً بـإشـراك


صيدت عقول عن تصاريفـهـا


بلا حـبـالات وأشـــراك


صيدت عقول عن تصاريفـهـا


بصـارم لـلـشـرع بـتـاك


فسلمت مـا ردّ بـرهـانـهـا


وآمـنـت مـن غـير إدراك


جرى بها نجم الهدى سـابـحـاً


ما بـين أمـلاك بـأفــلاك


لولاك يا نفسي لمـا كـنـتـه


كأنـه لـــولاك لـــولاك


صومي عن الكون ولا تفطري


بذا إلـه الـخـلـــق أولاك


وانوي بذاك الصوم من حيث هو


فإنـه بـالـطـبـع غــذاك


في الصوم معنى لو تدبـرتـه


ما حل مخلوق بـمـغـنـاك


لا مثل للصوم كـذا قـال لـي


شارعـــه فـــديري ذاك


لأنـه تـرك فـأين الـــذي


عمـلـتـه أو أين دعــواك


قد رجع الأمر إلـى أصـلـه


بذاك ربـي قــد تـــولاك


والصوم إن فكرت في حكمـه


وأصل معنـاه بـمـعـنـاك


ثم أتى من عـنـده مـخـبـر


عن صومك المشروع عـراك


فالصوم لله فـلا تـجـهـلـي


وأنـت مـجـلاه فـــإياك


الصـوم لـلـه وأنـت الـتـي


تموت جوعاً فاعـلـمـي ذاك


أنثك الرحمن مـن أجـل مـن


يظهر مـنـك حـين سـوّاك


سبحان مـن سـوّاك أهـلالـه


ولـم ينـــل ذلـــك إلاك


فأنت كـالأرض فـراش لـه


وعينه المنعوت بـالـبـاكـي


وصنعة اللـه تـرى عـينـهـا


بينـكـمـا فـأين مـجـلاك


لمـا دعـوت الـلـه مـن ذلة


به تـعـالـى بـك لـبــاك


والقلم الأرفـع فـي لـوحـه


سطر عنه وصفك الـزاكـي


فأنت عين الـكـل لا عـينـه


أدناك من وجـه وأقـصـاك


إياك أن ترضى بما ترتـضـي


من أجـل مـا يرضـيك إياك


كوني على أصلك في كل مـا


يريد لا تنـسـي فـينـسـاك


هذا هو العلم الـذي جـاءنـي


من قـائل لـيس بـإفـــاك


أنزلـه عـن أمـر عـلامـه


ما بـين زهـاد ونـســـاك


والحمد لله الـذي خـصـنـي


بعـلـم أضـواء وأحــلاك


وخصني بـصـورة لـم يكـن


كمـالـهــا إلا بـــأيواك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almuada.4umer.com
أمير جاد

أمير جاد


عدد الرسائل : 3071
تاريخ التسجيل : 25/07/2007

في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: في أسرار الصوم ــ للشيخ محيي الدين بن عربي   في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Emptyالخميس سبتمبر 06, 2007 7:56 am

اعلم أيدك الله أن الصوم هو الإمساك والرفعة يقال صام النهار إذا ارتفع
قال امرؤ القيس إذا صام النهار وهجرا أي ارتفع
ولما ارتفع الصوم عن سائر العبادات كلها في الدرجة سمي صوماً
ورفعه سبحانه بنفي المثلية عنه في العبادات كما سنذكره
وسلبه عن عباده مع تعبدهم به وأضافه إليه سبحانه
وجعل جزاء من اتصف به بيده من أنايته
وألحقه بنفسه في نفي المثلية
وهو في الحقيقة ترك ( لا عمل )
ونفي المثلية نعت سلبي فتقوّت المناسبة بينه وبين الله
قال تعالى في حق نفسه "ليس كمثله شيء"
فنفى أن يكون له مثل فهو سبحانه لا مثل له بالدلالة العقلية والشرعية
وخرج النسائي عن أبي أمامة قال
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت مرني بأمر آخذه عنك
قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له
فنفى أن يماثله عبادة من العبادات التي شرع لعباده
ومن عرف أنه وصف سلبي إذ هو ترك المفطرات
علم قطعاً أنه لا مثل له إذ لا عين له تتصف بالوجود الذي يعقل
ولهذا قال الله تعالى "الصوم لي"
فهو على الحقيقة لا عبادة ولا عمل
واسم العمل إذا أطلق عليه فيه تجوّز
كإطلاق لفظة الموجود على الحق المعقول عندنا تجوّزاً
إذ من كان وجوده عين ذاته
لا تشبه نسبة الوجود إليه نسبة الوجود إلينا
فإنه ليس كمثله شيء.
إيراد حديث نبوي إلهي
خرج مسلم في الصحيح عن أبي هريرة قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل
"كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة
فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب
فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم إني صائم
والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم
أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك
وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره
وإذا لقي ربه عز وجل فرح بصومه"
واعلم أنه لما نفى المثلية عن الصوم كما ثبت فيما تقدم من حديث النسائي
والحق ليس كمثله شيء
لقي الصائم ربه عز وجل يوصف ليس كمثله شيء
فرآه به فكان هو الرائي المرئي
فلهذا قال صلى الله عليه وسلم فرح بصومه
ولم يقل فرح بلقاء ربه فإن الفرح لا يفرح بنفسه بل يفرح به
ومن كان الحق بصره عند رؤيته ومشاهدته فما رأى نفسه إلا برؤيته
ففرح الصائم لحوقه بدرجة نفي المماثلة
وكان فرحه بالفطر في الدنيا
من حيث إيصال حق النفس الحيوانية التي تطلب الغذاء لذاتها
فلما رأى العارف افتقار نفسه الحيوانية النباتية إليه
ورأى جوده بما أوصل إليها من الغذاء أداء لحقها الذي أوجبه الله عليه
قام في هذا المقام بصفة حق
فأعطى بيد الله كما يرى الحق عند لقائه بعين الله
فلهذا فرح بفطره كما فرح بصومه عند لقاء ربه
بيان ما يتضمنه هذا الخبر
ولما كان العبد موصوفاً بأنه ذو صوم واستحق اسم الصائم بهذه الصفة
ثم بعد إثبات الصوم له سلبه الحق عنه وأضافه إلى نفسه
فقال إلا الصيام فإنه لي أي صفة الصمدانية
وهي التنزيه عن الغذاء ليس إلا لي
وإن وصفتك به فإنما وصفتك باعتبار تقييد
ما من تقييد التنزيه لا بإطلاق التنزيه الذي ينبغي لجلالي
فقلت وأنا أجزي به
فكان الحق جزاء الصوم للصائم إذا انقلب إلى ربه
ولقيه بوصف لا مثل له وهو الصوم إذ كان لا يرى من ليس كمثله شيء
إلا من ليس كمثله شيء كذا نص عليه أبو طالب المكي
من سادات أهل الذوق من وجد في رحله فهو جزاؤه
ما أوجب هذه الآية في هذه الحالة ثم قوله والصيام جنة وهي الوقاية
مثل قوله "واتقوا الله أي اتخذوه وقاية وكونوا له أيضاً وقاية
فأقام الصوم مقامه في الوقاية وهو ليس كمثله شيء
والصوم من العبادات لا مثل له
ولا يقال في الصوم ليس كمثله شيء
فإن الشيء أمر ثبوتي أو وجوديّ
والصوم ترك فهو معقول عدميّ ووصف سلبيّ فهو لا مثل له
لا إنه ليس كمثله شيء فهذا الفرق
بين نعت الحق في نفي المثلية وبين وصف الصوم بها
ثم إن الشارع نهى الصائم والنهي ترك ونعت سلبيّ
فقال لا يرفث ولا يسخب فما أمره بعمل بل نهاه أن يتصف بعمل ما
والصوم ترك فصحت المناسبة بين الصوم وبين ما نهي عنه الصائم
ثم أمر أن يقول لمن سابه أو قاتله
إني صائم أي تارك لهذا العمل الذي عملته
أنت أيها المقاتل والساب في جانبي فنزه نفسه عن أمر ربه عن هذا العمل
فهو مخبر أنه تارك أي ليس عنده صفة سب ولا قتال لمن سابه وقاتله
ثم قال والذي نفس محمد بيده
يقسم صلى الله عليه وسلم لخلوف فم الصائم
وهو تغير رائحة فم الصائم التي لا توجد إلا مع التنفس
وقد تنفس بهذا الكلام الطيب الذي أمر به
وهو قوله إني صائم فهذه الكلمة وكل نفس الصائم
أطيب يوم القيامة يوم يقوم الناس لرب العالمين عند الله
فجاء بالاسم الجامع المنعوت بالأسماء كلها فجاء باسم لا مثل له
إذ لم يتسم أحد بهذا الاسم إلا الله سبحانه فناسب كون الصوم لا مثل له
وقوله من ريح المسك فإن ريح المسك أمر وجوديّ
يدركه الشامّ ويلتذ به السليم المزاج المعتدل
فجعل الخلوف عند الله أطيب منه
لأن نسبة إدراك الروائح إلى الله لا تشبه إدراك الروائح بالمشامّ
فهو خلوف عندنا وعنده تعالى هذا الخلوف فوق طيب المسك في الرائحة
فإنه روح موصوف لا مثل لما وصف به فلا تشبه الرائحة الرائحة
فإن رائحة الصام عن تنفس ورائحة المسك لا عن تنفس من المسك
ولنا واقعة في مثل هذا كنت عند موسى بن محمد القباب بالمنارة
بحرم مكة بباب الحزورة وكان يؤذن بها
وكان له طعام يتأذى برائحته كل من شمه
وسمعت في الخبر النبويّ أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم
ونهى أن تقرب المساجد برائحة الثوم والبصل والكرّاث
فبت وأنا عازم أن أقول لذلك الرجل
أن يزيل ذلك الطعام من المسجد لأجل الملائكة
فرأيت الحق تعالى في النوم فقال لي عز وجل
لا تقل له عن الطعام فإن رائحته عندنا
ما هي مثل ما هي عندكم
فلما أصبح جاء على عادته إلينا فأخبرته بما جرى فبكى
وسجد لله شكراً ثم قال لي يا سيدي
ومع هذا فالأدب مع الشرع أولى فأزاله من المسجد رحمه الله
ولما كانت الروائح الكريهة الخبيثة تنفر عنها الأمزجة الطبيعية السليمة
من إنسان وملك لما يحسونه من التأذي لعدم المناسبة
فإن وجه الحق في الروائح الخبيثة لا يدركه إلا الله خاصة
ومن فيه مزاج القبول له من الحيوان أو الإنسان
الذي له مزاج ذلك الحيوان لا ملك
ولهذا قال عند الله فإن الصائم أيضاً من كونه إنساناً سليم المزاج
يكره خلوف الصوم من نفسه ومن غيره
وهل يتحقق أحد من المخلوقين السالمين المزاج بربه وقتاً ما أو في مشهد ما
فيدرك الروائح الخبيثة طيبة على الإطلاق
ما سمعنا بهذا وقولي على الإطلاق
من أجل أن بعض الأمزجة يتأذى بريح المسك والورد
ولا سيما المحرور المزاج وما يتأذى منه فليس بطيب عند صاحب ذلك المزاج
فلهذا قلنا على الإطلاق إذ الغالب على الأمزجة طيب المسك والورد وأمثاله
والمتأذي من هذه الروائح الطيبة مزاج غريب
أي غير معتاد ولا أدري هل أعطى الله أحداً إدراك تساوي الروائح
بحيث أن لا يكون عنده خبث رائحة أم لا هذا ما ذقناه من أنفسنا
ولا نقل إلينا أن أحداً أدرك ذلك
بل المنقول عن الكمل من الناس وعن الملائكة التأذي بهذه الروائح الخبيثة
وما انفرد بإدراك ذلك طيباً إلا الحق
هذا هو المنقول ولا أدري أيضاً شأن الحيوان من غير الإنسان في ذلك ما هو
لأني ما أقامني الحق في صورة حيوان غير إنسان
كما أقامني في أوقات في صور ملائكته والله أعلم
ثم إن الشرع قد نعت الصوم من طريق المعنى بالكمال الذي لا كمال فوقه
حين أفرد له الحق باباً خاصاً وسماه باسم خاص يطلب الكمال
يقال له باب الريان منه يدخل الصائمون والريّ درجة الكمال في الشرب
فإنه لا يقبل بعد الريّ الشارب شرباً أصلاً
ومهما قبل فما ارتوى أرضاً كان أو غير أرض من أرضين الحيوانات
خرّج مسلم من حديث سهل بن سعد قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة
لا يدخل معهم أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيدخلون منه
فإذا دخل آخرهم أغلق فلا يدخل منه أحد
ولم يقل ذلك في شيء من منهي العبادات ولا مأمورها إلا في الصوم
فبين بالريان أنهم حازوا صفة كمال في العمل
إذ قد اتصفوا بما لا مثل له كما تقدّم
وما لا يماثل هو الكامل على الحقيقة
والصائمون من العارفين هنا دخلوه
وهناك يدخلون منه على علم من الخلائق أجمعين
فلنذكر إن شاء الله في هذا الباب
أحكام الصوم المشروع وتوابعه ولواحقه وأنواعه وواجبه ومندوبه
كما ذكرنا فيما تقدّم من أخواته
من زكاة وصلاة في العموم والخصوص على طبقاتهم في ذلك
وله عندنا مراتب أوّلها الصوم العام المعروف
الذي تعبدنا الله به وهو الصوم الظاهر في الشاهد على تمام شروطه
فإذا فرغنا من الكلام على أحكام المسئلة التي نوردها في ذلك
انتقلنا إلى الكلام بلسان الخواص وخلاصتهم
على صوم النفس بما هي آمرة للجوارح وهو إمساكها عما حجر عليها
في مسئلة مسئلة وارتفاعها عن ذلك
وعلى صوم القلب الموصوف بالسعة للنزول الإلهي
حيث قال تعالى "وسعني قلب عبدي
فنتكلم على صومه وهو إمساكه هذه السعة أن يعمرها أحد غير خالقه
فإن عمرها أحد غير خالقه فقد أفطر في الزمان
الذي يجب أن يكون فيه صائماً إيثاراً لربه مسئلة مسئلة
والكلام على جملة المفطرات في نوع كل صوم على الاختصار
والتقريب فإنه باب يطول

وسأورد في هذا الباب من الأخبار النبوية ما تقف عليه إن شاء الله تعالى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almuada.4umer.com
أمير جاد

أمير جاد


عدد الرسائل : 3071
تاريخ التسجيل : 25/07/2007

في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Empty
مُساهمةموضوع: رد: في أسرار الصوم ــ للشيخ محيي الدين بن عربي   في أسرار الصوم    ــ  للشيخ محيي الدين بن عربي Emptyالخميس سبتمبر 06, 2007 7:57 am

وصل في فصل تقسيم الصوم
اعلم أن الصوم المشروع منه واجب ومنه مندوب إليه
والواجب على ثلاثة أنواع
منه ما يجب بإيجاب الله تعالى إياه ابتداء
وهو صوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
أي في صيامه أو عدة من أيام أخر في حق المسافر أفطر أو لم يفطر
عندنا وعند غيرنا إن أفطر وفي حق المريض
ومنه ما يجب لسبب موجب وهو صيام الكفارات
ومنه ما يجب من الله بما أوجبه الإنسان على نفسه
وهو غير مكروه وهو صوم النذر فإنه يستخرج به من البخيل
وما ثم واجب غير ما ذكرنا
وأما المندوب فمنه ما يتقيد بالزمان المرغب فيه
كصوم الأيام البيض والاثنين والخميس
وأشباه ذلك من الأيام والشهور ومنه ما يتقيد بالحال
كصيام يوم وفطر يوم وهو أعدل الصوم وكالصيام في سبيل الله
ومنه ما لا يتقيد بزمان وهو أن يصوم الإنسان متى شاء متطوّعاً بذلك.
وصل في فصل
الصوم الواجب الذي هو شهر رمضان لمن شهده
فلنقدم في ذلك ذكر رمضان وبعد هذا نتكلم في أحكام صومه
خرّج مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة
وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين"
زاد النسائي في كتابه "
ونادى مناد في كل ليلة يا طالب الخير هلم ويا طالب الشر أمسك"
رواه النسائي عن عرفجة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم
لما كان مجيء رمضان سبباً في الشروع في الصوم فتح الله أبواب الجنة
والجنة الستر فدخل الصوم في عمل مستور لا يعلمه منه إلا الله تعالى
والصائم الذي سماه الشرع صائماً لا الجائع
وغلق الله أبواب النار فإذا غلقت أبواب النار
عاد نفسها عليها فتضاعف حرها عليها وأكل بعضها بعضاً كذلك الصائم
في حكم طبيعته إذا صام غلق أبواب نار طبيعته
فوجد للصوم حرارة زائدة لعدم استعمال المرطبات
ووجد ألم ذلك في باطنه وتضاعفت شهوته للطعام
الذي يتوهم الراحة بتحصيله فتقوى نار شهوته
بغلق باب تناول الأطعمة والأشربة
وصفدت الشياطين وهي صفة البعد
فكان الصائم قريباً من الله بالصفة الصمدانية فإنه في عبادة لا مثل لها
فقرب بها من صفة ليس كمثله شيء
ومن كانت هذه صفته فقد صفدت الشياطين في حقه
وقد ورد في الخبر أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم
فسدوا مجاريه بالجوع والعطش
أي هذه الأسباب معينة له على ما يريده من الإنسان من التصرف في الفضول
وهو ما زاد على التصرف المشروع
ثم اعلم علمك الله من لدنه علماً وجعل لك في كل أمر حكمة وحكماً
إن رمضان اسم من أسماء الله تعالى وهو الصمد
ورد الخبر النبوي بذلك روى أحمد بن عديّ الجرجانيّ
من حديث نجيح أبي معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى
وإن كان في هذا الإسناد أبو معشر فإن علماء هذا الشان قالوا فيه
إنه مع ضعفه يكتب حديثه فاعتبروه رضي الله عنه
ولذلك قال الله تعالى "شهر رمضان" ولم يقل رمضان
وقال فمن شهد منكم الشهر ولم يقل رمضان
فتقوّى بهذا حديث أبي معشر مع قول العلماء فيه أنه يكتب حديثه مع ضعفه
فزاد قوّة في هذا الحديث بما أيده القرآن من ذلك
فما فرض الله الصوم الذي لا مثل له ابتداء
إلا في شهر سماه سبحانه باسم من أسمائه فتمثل له في الشهور
لأنه ليس في أسماء شهور السنة من له اسم تسمى الله به إلا رمضان
فجاء باسم خاص اختص به معين وليس كذلك في إضافة رجب
يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم فيه أنه شهر الله المحرم
فالكل شهور الله وما نعته هنا إلا بالمحرم وهو أحد الشهور الحرم
ثم إن الله تعالى أنزل القرآن في هذا الشهر في أفضل ليلة تسمى ليلة القدر
فأنزله فيه هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان من كونه رمضان
وأما من كونه ليلة القدر فأنزله كتاباً مبيناً
أي بينا أنه كتاب وبين كون الشيء كتاباً وقرآنا وفرقاناً
مراتب متميزة يعلمها العالمون بالله فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن يقال رمضان لقوله "ليس كمثله شيء"
فلو قيل لكان مثلاً في هذا الاسم فأضاف لفظ الشهر إليه
حتى تنتفي عنه المثلية في الشهور خاصة
ويبقى ليس كمثله شيء على رتبته من كل وجه
وقد فرض الله صومه وندب إلى قيامه وهو يتضمن صوماً وفطراً
لأنه يتضمن ليلاً ونهاراً واسم رمضان ينطلق عليه في حال الصوم والإفطار
حتى يتميز من رمضان الذي هو اسم الله تعالى
فإن الله تعالى له الصوم الذي لا يقبل الفطر ولنا الصوم الذي يقبل الفطر
وينتهي إلى حدّ وهو إدبار النهار وإقبال الليل وغروب الشمس
فكان إطلاقه على الحق لا يشبه إطلاقه على الخلق
وندب إلى القيام في ليله لتجليه تعالى يوم يوم الناس لرب العالمين
وإن كان التجلي لله في كل ليلة من السنة
ولكن تجليه في رمضان في زمان فطر الصائمين
ما هو مثل تجليه للمفطر من غير صوم
لأن هذا وجود فطر عن ترك مشروع موصوف بأنه لا مثل له
وذلك الآخر لا يسمى مفطراً بل يسمى آكلاً إذا كان الفطر الشق
فهذا الأكل للصائم شق أمعائه بالطعام والشراب بعد سدّها بالصوم
حيث قال سدّوا مجاريه بالجوع والعطش
وكان القيام بالليل لأن القيام نتيجة قوّة في المحل وسبب قوى المحل الغذاء
وكان بالليل لمناسبة الغيب
فإن القوّة عن الغذاء غيب غير محسوس انتاج القوّة عن الغذاء
ولما شمل رمضان الصوم والفطروالقيام وعدم القيام
لذلك ورد في الخبر لا يقولنّ أحدكم إني قمت رمضان كله وصمته
قال الراوي فلا أدري أكره التزكية أو قال لابدّ من نومة أو رقدة
فجعل الاستثناء في قيام ليله لا في صوم نهاره
خرّج هذا الحديث أبو داود عن أبي بكرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. وأفطروا لرؤيته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almuada.4umer.com
 
في أسرار الصوم ــ للشيخ محيي الدين بن عربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي 14 سفرا
» كتاب التجليات الإلهية من 01 - 10 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات و شرح ابن سودكين
» (جائزة الشيخ محيي الدين ابن عربي)
» الظل - محيي الدين بن عربي
» المعرفة وحدودها عند محيي الدين بن عربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: