منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:33 pm

مقدمة صدر الدين القونوي لكتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص ابو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

مقدمة المؤلف أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

1 - الحمد لله الذي أطلع من مشارق غيبه الأخفى شموس أنواره الباهرة ، واخشع لهيبته الأبهى ارواحه النيرة الطاهرة ، واخضع لنفوذ حكمه وانفاذ حكمته المثلى بسطوات قهره النفوس الأبية النافرة .
واجزع من صدمات نقمته الكبرى الفرقة المستكبرة، فانقادت لحكمه صاغرة، واسمع عصابة الإسلام والإيمان والتقى خطابه الكريم وسلك بها صراطه المستقيم .
فابتدرت لأوامره طائعة ولا نعمة شاكرة، وأودع قلوب أرباب مقام الإحسان والصديقية العظمى اسرار الأعمال والشرائع الباقية والغابرة.
وامتع أولي الألباب والنهى بما أطلعهم عليه من لطائف الحكم وغرائب العلوم المودعة في الأرضين الساكنة والأفلاك السائرة ، وتمنع في حجاب عزه الاحمى عن درك البصائر النافذة والاحداق الناظرة ، واطمع الصفوة من احزبه في وصله وقربه الانتهى فآثر به على من سواه ، وطلبته برغبة وافية وافرة .
2- ثم اقطع من تلك الجملة لحضرته الزلفى الأخلص من الجميع والاصفى ، فشرفهم بعد تعرفه إليهم وإشهاده بدوام لقياه وخالص وداده وخصصهم بنيابته فقاموا وسائط بينه وبين عباده .
فانعمرت به سبحانه أوقاتهم وأحوالهم الباطنة والظاهرة ، وأسرع إليهم بالاجابة إلى ملتمسهم وترائى إليهم  في آيات الآفاق وفي أنفسهم فتحققوا بمعرفته وشهوده بقلوب منورة وعيون باصرة .
3 - وصلى الله على الأكمل حظا من هذا الشرف الأسنى والمتعدي بكمال ترقيه مقام قاب قوسين او ادنى الى المورد الاحلى والموقف الاجلى - مشرع الصفات والأسماء الحسنى - سيدنا محمد وآله وعترته والكمل من إخوانه والكاملين من ورثته سادات الدنيا والآخرة .
4 - وبعد : فان كتاب فصوص الحكم من انفس مختصرات تصانيف شيخنا الامام الأكمل ، قدوة الكمل هادى الامة ، امام الائمة محيى الحق والدين ابى عبد الله محمد بن على بن العربي الطائي رضى الله عنه وأرضاه به منه ، وهو من خواتيم منشآته واواخر تنزلاته .
ورد من منبع المقام المحمدي والمشرب الذاتي والجمع الاحدى ، فجاء مشتملا على زبدة ذوق نبينا صلوات الله عليه  في العلم باللَّه ، ومشيرا الى محتد اذواق أكابر الأولياء والأنبياء المذكورين فيه ، ومرشدا كل مستبصر نبيه لخلاصة اذواقهم ونتائج متعلقات هممهم واشواقهم وجوامع محصولاتهم وخواتم كمالاتهم ، فهو كالطابع على ما تضمنه مقام كمال كل منهم ، والمنبه على اصل كل ما انطووا عليه وظهر عنهم .
5 - ولا شك ان الاطلاع على اسرار كتاب هذا شأنه ومنبع علم هذا عنوانه موقوف على التحقق يورث كل من ذاق ذلك كله وفتح به عليه وكوشف له عنه وأرسل به اليه .
6 - ثم انه لما أورد التعريف الإلهي الى هذا الضعيف باختصاصه بسر الاخرية وانه لا وارث لكمال جمعيته من صحبه غير ربه ، تألم لانطواء هذا البساط الذي الالى "= الإلهي الرباني" ، ونقض هذا الفسطاط العلى : فأخبر انه سيبقى لبعض ما يشمل على هذا الجمعية حملة تابعون ، كما قال صلى الله عليه وآله : يحمل هذا العلم من كل خلف عدول ينفون  عنه تحريف الغالين وزيغ المبطلين .
7 - فحمد الله وسر بهذه الاخبار وبقي منصبغ الحال بحكم الترجي والانتظار ، فأقام الحق في هذا الوقت طائفة من خلص الاخوان وخاصة الاصحاب والخلان من اهل النفوس الفاضلة ، الذين لم يقفوا عند ما وقف عنده اهل الهمم النازلة ، بل عملوا بموجب ما اختاره سبحانه للصفوة من أحبابه وأشار اليه في محكم كتابه بقوله : " ولِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا " 19 سورة الأحقاف. " ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ " 148 سورة البقرة .
فحملتهم المسابقة بالهمم السنية الى نيل المراتب العلية ، ورأوا ان للمعقول حدا يقف عنده من حيث افكارها التقييدية .
8 - فان في المعلومات ما لا يستقل العقول النظرية بإدراك حقائقها واسرارها لغلبة أحكامها الامكانية ، وان بصائرهم تعشى عن استجلاء أنوارهم المطلقة الربانية ، ورغبوا في حل مشكلات هذا الكتاب واستجلاء غوامض اسراره الكلية وعلومه العلية التي هي غذاء أرواح اولى الألباب ، الذين خلصوا من حبوس قيود مدارك الفكر والحس وخرجوا الى فسيح حضرة القدس ، فأدركوا حقائق الأشياء في مراتبها الكلية بالإدراكات المقدسة المطلقة الالية "الإلهية"، واقترحوا على ان افك ختومه واوضح سرّ محتده واكشف مكتومه وافتح مقفله بما يفصل مجمله .
9 - فأجبتهم الى ذلك علما منى باستحقاقهم وتقربا بإرشادهم الى خلاقهم هذا مع انى لم استشرح من هذا الكتاب على منشئه رضى الله عنه سوى الخطبة - لا غير - لكن من الله على ببركته ان رزقني مشاركته في الاطلاع على ما اطلع عليه والاستشراف على ما اوضح لديه والاخذ عن الله دون واسطة سببية ، بل بمحض عناية الهية ورابطة ذاتية يعصمني فيما أورده من احكام الوسائط وخواص الأسباب والشروط والروابط ، ويجعل ذلك خالصا لوجهه متقربا اليه نافعا لي ولهم هنا ويوم الورود عليه آمين . رب العالمين .
10-  واعلم فتق الله بنور إرشاده فهمك وحقق بموجب علمه الأعلى الذاتي علمك :
ان الفص عبارة عن خاتمة علوم كل مرتبة من المراتب المذكورة في هذا الكتاب وصورة احدية جمعها ، ونسبة احكام كل مرتبة الى المرتبة من وجه نسبة أجزاء العنصر الى المزاج المتحصل منها والهيئة المتعقلة في عرصة العلم من اجتماع احكام المرتبة ، اية مرتبة كانت في المراتب المذكورة ، والى اى اسم من الأسماء الإلهية استندت ، هي كالنشأة الإنسانية المسواة .
11 - والفص الذي هو خاتمة علومها والحائز باحدية جمعية أحكامها الكلية كالروح المنفوخ في تلك النشأة المسواة .
12 -  ونقش كل فص الكلام المعرب عن معنوية ذلك الفص و معقوليته وما يشمل عليه تلك المعنوية من حيث كليتها من الأمور التفصيلية والمسائل العلمية .
13- والحكمة عبارة عن ضوابط تلك المسائل العلمية والأحكام الكلية بطريق الحصر لها مع التنبيه على أصل محتدها ومستندها من مطلق علم الحق والتعريف لذاته سبحانه من حيث تعينه في تلك المرتبة ، ومن ظهر بها وفيها ظهورا معربا عن المراد الإلهي الذي هو متعلق الإرادة الذاتية الاولى ، وسر ذلك المتعين  وما هو المراد بعينه .
14 - والمراد بالتبعية والكلمة عين ذلك النبي المذكور من حيث خصوصيته وحظه المتعين له ولامته من حكم الحق الذي هو شريعته التي من حيثها يسمى نبيا .
15 - وأما من حيث معرفته بالحق ومن حيث علم الحق به وبلوازمه والموقت والمتناهي من كل ذلك وغير الموقت وغير المتناهي ، فذلك جهة ولايته ، ولكل كلمة كمال نسبى يخصها .
16-  وللأول والآخر الكمال الحقيقي ، ولمن بينهما من الكمال بمقدار ما يشهد له الخاتم بالفص المترجم عن شأنه وشأن غيره ، ولهذا الخاتم  المترجم من كونه مترجما عن كل شيء بكل شيء وباحدية جمعه الإحاطة بجميع ذلك - كالعلم الذاتي الإلهي - لأنه صورة التعين الأول العلمي الذاتي الجامع للتعينات كلها ، الذي من حيث هو يتعقل اطلاق الحق السابق كل تعيين ، والذي من جهته يتعقل مبدئيته  ووجوب وجوده ووحدته وفياضيته وإيجاده ما أوجده بموجب تعلق علمه بنفسه وبكل معلوم على ما هو المعلوم عليه في نفسه ، وإظهاره إياه بموجب حكم علمه فيه .
17-  ولكل يسمى بالكلمة حصة من الحقيقة الإنسانية الكمالية ، وللجامعيين للحصص ثلاث مراتب كلية ، وإن كانت الحقيقة تحتوى على أكثر من ذلك ، فجامع الغالب على جمعية أحكام ظاهر الانسانية الحقيقية وجامع الغالب على جمعية أحكام باطنها والجامع الثالث له الجمع بين الظهور والبطون في درجة اعتدالهما .
18- واما الاحكام المشار إليها :
فاحكام الوجوب والإمكان ، فللواحد من الجامعين الظهور بالأحكام الوجوبية في مرتبة الإمكان بحسب الإمكان وهو الغالب على شئونه حكم نسبة الظهور بصورة الإنسانية ،
والاخر الظهور بالاحكام الإمكان في حضرة الوجوب بحسب الوجوب ،
والآخر في مقام البرزخى الأعلى النقطة الوسطية التي بها يتعين الطرفان .
وثمة من لا رتبة له على التعين يشار إليها ، كالذات من حيث إطلاقها منه وبه يتعين الطرفان والمتوسط الجامع بينهما .
ولا يتقيد بمرتبة ولا نسبة ولا اسم ولا وصف ، ولا ينتفي أيضا عنه شيء من ذلك وفيه يستهلك المراتب وأربابها ، كما به تظهر .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 01- فك ختم الفص الادمى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:34 pm

01-  فك ختم الفص الادمى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص ابو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

01 -  فك ختم الفص الادمى كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص

1 - واما اختصاص هذه الكلمة الادمية بحضرة الالوهية ، فذلك بسبب الاشتراك من أحدية الجمع ، فكما أن الحضرة  الالوهية المعبر عنها بالاسم الله تشتمل على خصائص الأسماء كلها وأحكامها التفصيلية ونسبها المتفرعة عنها اولا والمنتهية الحكم إليها آخرا .
ولا واسطة بينهما وبين الذات من الأسماء - كما هو الامر في شأن غيرها من بيان غير الأسماء بالنسبة إليها اعنى بالنسبة الى الحضرة الإلهية - كذلك الإنسان .
فإنه من حيث حقيقته ومرتبته لا واسطة بينه وبين الحق ، لكون حقيقته عبارة عن البرزخية الجامعة بين أحكام الوجوب واحكام الإمكان ، فله الاحاطة بالطرفين .
2 - ولهذا الاعتبار قال رحمه الله فيه : أنه الإنسان الحادث الأزلي والنشأة الدائم الأبدي ، فله الاولية والتقدم على الموجودات من هذا الوجه .
3 - وأما سر آخريته فمن حيث انتهاء الأحكام والآثار اليه واجتماعها ظاهرا وباطنا فيه ، كانبثاثها  اولا منه وذلك انه لما كان حكم شأن الحق الجامع للشئون كلها وأحكامها دوريا وكان حكم ذلك الشأن ولوازمه من امهات الشئون ايضا كذلك وهي المعبر عنها بمفاتيح الغيب .
ظهر سر الدور في أحوال الموجودات وأحكامها وذواتها ، فالعقول والنفوس من حيث حكمها بالأجسام وعلمها ، كافلاك المعنوية ، ولما كانت الأفلاك ناتجة عنها وظاهرة منها ، ظهرت هذا الوصف الاحاطى والدورة صورة ومعنى .
4 - ولما كانت العقول والنفوس متفاوتة المراتب من حضرة الحق بسبب كثرة الوسائط وقلتها وقلة احكام الكثرة في ذواتها وكثرتها ، تفاوتت الأفلاك في الحكم والاحاطة ، فاقربها نسبة الى اشرف العقول أكثرها احاطة وأقلها كثرة والامر بالعكس فيما نزل عن درجة الأقرب - كما ترى لما أشرنا اليه.
5 - ولما كان الامر كذلك في عرصة العقل المنور والشهود المحقق ، اقتضى الامر والسنة الإلهية ان يكون وصول الامداد الى الموجودات وعود الحكم في الجناب الإلهي المشار إليه في الاخبارات الإلهية والتنبيهات النبوية والمشهود كشفا وتحقيقا ، وصولا وعودا دوريا .
6 - فالمدد الإلهي يتعين من مطلق الفيض الذاتي بالبرزخية المشار إليها ويصل الى الحضرة العقل الأول المكنى عنه بالقلم ثم باللوح ثم العرش ثم الكرسي ثم باقى الأفلاك - فلكا بعد فلك - ثم يسرى في العناصر ثم المولدات وينتهى الى الإنسان منصبغا بجميع خواص كل ما مر عليه .
7 - فان كان الإنسان المنتهى اليه ذلك ممن سلك وعرج واتحد بالنفوس والعقول وتجاوزها بالمناسبة الاصلية الذاتية حتى اتحد ببرزخيته التي هي مرتبة الاصلية ، فان المدد الواصل اليه بعد انتهائه في الكثرة الى اقصى درجات الكثرة وصورتها ، يتصل باحديتها ، اعنى احدية تلك الكثرة الى تلك البرزخية التي من جملة نعوتها الوحدانية التالية الاحدية فيتم الدائرة بالانتهاء الى المقام الذي منه تعين الفيض الواصل الى العقل.
8 - وهذا سر من لم يعرفه ولم يشهده لم يعرف حقيقة قوله تعالى : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " 123 سورة هود.
9 - ومن هذا شأنه فهو الذي قيل فيه من حيث صورته العنصرية الآخرية الجامعة : أنه خلق في أحسن تقويم ، ومن حيث حقيقته : أن أجره غير ممنون ، ومن لم يكن كذلك فهو المنتهى إلى أسفل السافلين ، لبعده بكثرته عن أصله الذي هو المقام الوحدانى الإلهي الاولى ، لأنه نزل من اعلى الرتب وهي البرزخية المذكورة الى اقصى درجات الكثرة والانفعال ووقف عندها .
بخلاف الكمل الذين تمت لهم الدائرة ، لأنهم وان انحدروا ، فهم مرتفعون في انحدارهم ، كما قال بعض التراجمة في مدح نبينا صلى الله عليه وسلم :
تخيرك الله من ادم .....    فما زلت منحدرا ترتقى  
10 - والواقفون في اسفل السافلين ليسوا كذلك ، فإنهم لم يتجاوزوا نصف الدائرة فاعلم ذلك ، فهذا سر اختصاص آدم بالحضرة الإلهية وسبب أوليته من حيث المعنى وآخريته من حيث الصورة وجمعه بين الحقيقة الوحدانية التي هي محتد أحكام الوجوب وبين الكثرة التي هي محتد احكام الإمكان ، وانتهاء الامر آخرا الى الوحدانية من حيث انه : ما جاوز الحد انعكس الى الضد .
11 - فتدبر ما سمعت فإنه من لباب المعرفة الإلهية والإنسانية ، فإنك ان عرفت ما ذكرنا لك ، عرفت مراتب الأسماء وتفاوت درجاتها وتفاوت درجات الموجودات من حيثها .
وعرفت سر قوله تعالى : " وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها " 31 سورة البقرة .
وان سر الخلافة الجمع بين الوحدة والكثرة ، لكن على الوجه المذكور وعرفت سر الأمداد والاستمداد ، وعرفت سر ظهور المعلولات بصور عللها .
وعرفت سر قوله صلى الله عليه وسلم : ان الله خلق آدم على صورته ، وان تفاوت المدرك في الظهور والحكم لتفاوت الاستعدادات  القابلة ، وعرفت غير ذلك مما يطول ذكره فتدبر ترشد ان شاء الله تعالى.
سر تسمية الأنبياء بالكلمات
12 - وأما سر تسمية الأنبياء بالكلمات وكذلك تسمية الحق سبحانه الأرواح بهذا الاسم - بل الموجودات - فموقوف على معرفة كيفية الإيجاد والمادة التي منها وبها وفيها وقع الإيجاد ، وهذا من اعظم العلوم واغمضها وأشرفها وبيانه يحتاج الى فصل بسيط ليس هذا موضعه ، على انه قد ذكرت أصوله في تفسير الفاتحة وفي كتاب النفحات ، وسأذكر هاهنا على سبيل التنبيه ما يحتمل هذا الالماع .
13 -  فأقول : قد كنى الحق سبحانه في الكتب المنزلة عن التأثير الايجادى بالقول ، وهو قوله تعالى : " إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه  . ." 40 سورة  النحل.
14 - فاعلم ان فعل الحق ان كان بذاته بمعنى ان الفعل يليه لما يتوسط بين ذاته وبين المفعول الا نسب معقولة يتميز بتعينها الإطلاق الذاتي عما تعينت به ، كان اسم ذلك الفعل كلاما والظاهر به كلمة ، وان توسط بين الفاعل الحق وبين ما يوجد ، آلة وجودية او صورة مظهرية بعينها ويستدعيها مرتبة المفعول التي هي محل ايقاع الفعل ومنزل نفوذ الاقتدار كان قولا ، لان التأثير الإلهي في
كل مؤثر فيه إنما يصدر ويتعين بحسب مرتبة المفعول ، وكذلك الالة والمظهر الذي هو صورة الحيثية التي من جهتها صدر ذلك الموجود .
الحروف الاصلية الإلهية
15 - وإذا عرفت هذا فاعلم ان الحروف الأصلية الإلهية عبارة عن تعقلات الحق الأشياء من حيث كينونتها في وحدانيته ، ونظير ذلك التصور النفساني الإنسان قبل تعينات صورها بعلمه في ذهنه ، وهي تصورات مفردة خالية عن التركيب المعنوي والذهني والحسي ، وهي المفاتيح الأول المعبر عنها بمفاتيح الغيب ، وهي الأسماء الذاتية وامهات الشئون الاصلية التي الماهيات هي من لوازمها ، ونتائج التعقل تعريفاتها.
حضرة الارتسام
16 - والتعقل الثاني تعقل الماهيات في عرصة العلم الذاتي من حيث الامتياز النسبي وهو حضرة الارتسام الذي يشير اليه أكابر المحققين و المتألهين من الحكماء بان الأشياء مرتسمة في نفس الحق .
والفرق بين الحكيم والمحقق في هذه المسألة هو ان الارتسام عند المحقق وصف العلم من حيث امتيازه النسبي عن الذات ، ليس هو وصف الذات من حيث هي ولا من حيث ان علمها عينها .
فتعقل الماهية من حيث افرازها عن لوازمها في حضرة العلم هي حرف غيبى معنوي ، وتعقلها مع لوازمها قبل انبساط الوجود المفاض عليها وعلى لوازمها ، هي كلمة غيبية معنوية .
وباعتبار تعقل تقدم اتصال الوجود بها قبل لوازمها يكون حرفا وجوديا ، وباعتبار انبساط الوجود عليها وعلى لوازمها الكلية تكون كلمة وجودية .
17 - وكما ان تركيب الكلمات في النسخة الانسانية ينشأ من حرفين و ينتهى الى خمسة متصلة ومنفصلة كذلك الأمر هناك .
فنظير درجات التركيب هنا الأصول الخمسة المذكورة في ما بعد ، وللنفس الرحمانى السراية في هذه الأصول الخمس وامهات مخارج الحروف الانسانية ايضا خمسة ، وهي :
باطن القلب
ثم الصدر
ثم الحلق
ثم الحنك
ثم الشفتان
وهي نظائر مراتب الأصول ، وباقى المخارج يتعين بين كل اثنين من هذه الأمهات . فافهم
العقل الأول
18 - ثم أقول : فابسط الموجودات الذي هو العقل الأول له ضرب واحد من التركيب لا غير وهو ان له ماهية متصفة بالوجود ، فله من أحكام الكثرة الامكانية حكم واحد ، وهو انه في نفسه ممكن ، وهو من حيث ما عدا هذا الاعتبار الواحد واجب بسيط ، وكذا شأن بقية العقول من هذا الوجه ، لكن بسبب توسط العقل بينها وبين ذات الحق تزداد حكما وأحكاما توجب تعقل كثرة ما في مرتبتها ، لكن ليست كثرة وجودية تفضي بان يحكم عليها بالتركيب .
19 - واما النفوس الفلكية : ففي ثالث مرتبة الوجود الواحد ثم يتنازل الامر في التركيب الى خمس مراتب ، فالذي يلي النفوس الأجسام البسيطة ، ثم المرتبة الخامسة الأجسام المركبة ، فهذا هي الأصول المشار إليها من قبل .
20 - وقد روعي هذا الترتيب الايجادى هذا في كل كلام الهى ينزل : فحرف ثم كلمة ثم آية ثم سورة ، والكتاب جامعها .
21 - و اما الكتب ، فهي من حيث الأمهات أيضا أربعة كالأجناس :
التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، وجامعها القرآن.
22 - ولما كانت الحيازة للإنسان لجمعيته أحكام الوجوب الكلية والاحكام الامكانية سمى كتابا ، وتفاوت حيطة الكتب وما تضمنه يشهد ويوضح سر تفاوت الأمم المنزلة هي عليها ، وسر الرسول المبلغ ما انزل إليهم .
فاعلم ذلك تعرف سر تسمية الأنبياء بالكلمات ، وكذلك سر تسمية الأرواح والموجودات بها ولهذا الأصل فروع كلية :
منها : ما ذكرته في التفسير .
ومنها : ما ذكرته في مفتاح غيب الجمع وتفصيله .
ومنها : ما ذكرته في النفحات فمن أراد الاحاطة بأكثر أصول هذا العلم فليجمع الى هذا الأصل ما تقدم ذكره يستشرف على علوم غزيرة غامضة شريفة جدا .
والله المرشد والهادي .


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 02 - فك ختم الفص الشيثي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:35 pm

02 -  فك ختم الفص الشيثي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

02 -  فك ختم الفص الشيثي

1  لما سبق ذكر سر الفص والحكمة والكلمة وسر الحروف والكلمات وسر اختصاص كلمة آدمية بنسبته الى الحضرة الالوهية ، لم يبق ما يجب التنبيه عليه بموجب الالتزام إلا بيان سر اختصاص كل كلمة بالصفة والنبي المذكور بعد آدم .
2-  فأقول : وأما الحكمة النفثية واختصاصها بالكلمة الشيثية : فمعرفة سرها موقوفة على استحضار مقدمة قد سبق الكلام فيها - مع وجوب التنبيه عليها هاهنا - وهو أن الحق لما ثبت أنه من حيث صرافة ذاته وإطلاقه لا يوصف بالمبدئية ولا أنه مصدر لشيء ، وإن أول المراتب المتعلقة: التعين الجامع للتعينات كلها ، وان له أحدية الجمع وأنه خصيص بالإنسان الحقيقي الذي آدم صورته ، وجب ان يكون المرتبة التي تليه مرتبة المصدرية الموصوفة بالفياضية والمقتضية للإيجاد فلزم أن يكون فص الحكمة النفثية مخصوصة بالكلمة الشيثية .
معنى لفظة شيث
3- لان معنى لفظة شيث في الأصل عطاء الله ولان النفث عبارة عن انفثاث للنفس الواحد وانبثاثه ، وانه عبارة عن الوجود المنبسط على الماهيات القابلة له والظاهرة به ، وهذا الفيض إذا اعتبر من حيث مشرعه ومحتده كان واحدا ويسمى بهذا الاعتبار العطاء الذاتي ، لأنه صادر عن الحق بمقتضى ذاته لا موجب له سواه ، وإذا اعتبر تعدد صور ذلك العطاء في القوابل وتنوعه بحسبها ، سمى عطاء اسمائيا هو فك ختام سر الترجمة .
سر الختمية
4- ولما كان العطاء الاسمائى متعقل الاندراج في ضمن العطاء الذاتي لقبوله بالذات التعدد والظهور المتنوع في القوابل وبها ، وجب ذكر سر الختمية في هذا الفص ، لان في المقام الإنساني تنختم الدائرة الوجودية ويتحد الآخرية بالأولية .
المراتب الختمية
5- و للمراتب الختمية كمال الحيطة والاستيعاب ، لان لآخريتها كمال الاستيعاب معنى وصورة وصفة وحكما وقد نبه شيخنا رضى الله عنه على ذلك بالماع لطيف وهو قوله في آخر هذا الفص : ان آخر مولود يولد في النوع الإنساني يكون على قدم شيث وأنه يولد توأما مع أخت له فأخبر بعموم الحكم الدوري صورة ، كما هو الأمر في المعنى والصفة ، وعين الحكم وانتهاء مقدار العطاء في الماهيات والاستعدادات المتناهية القبول ، بخلاف القوابل التامة الاستعداد ، فان قابليتها غير متناهية ، فلها البقاء السرمدي .
6موجب عدم صعق بعض الموجودات من الملائكة والأناسي ما ذكرناه من كمال الاستعداد القابل للفيض الذاتي على سبيل الاستمرار ، ولمن هذا شأنه الرفعة عن مقام النفخ الإسرافيلى ، فان النفخ لا يؤثر في من علا عنه ،بل في من نزل عن درجته .
7 - وهاهنا علوم غريبة جدا ، ينبو عنها أكثر الأفهام ، قل من يطلع عليها من أهل الله ، أضربت عن التنبيه عليها لفرط غموضها ، وشكرت الله على ما منح في الدنيا وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " 70 سورة القصص .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 03 - فك ختم الفص النوحى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:36 pm

 03 - فك ختم الفص النوحى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

03 - فك ختم الفص النوحى

1 / 3  اعلم انه لما كان أول المراتب الإلهية التي بها ثبت أولية الحق و مبدئيته مرتبة أحدية الجمع كما مر بيانه .
كانت صفة الفياضية والمصدرية تليه على ما بيّن وكان اول القوابل لذلك الفيض الذاتي الإلهي عالم الأرواح وهي أتم الموجودات طهارة من الكثرة الامكانية والتركيب والنقائص المكتسبة من الوسائط ، وكانت نسبتها ايضا من وحدانية الحق أتم من غيرها ، فارتباطها بالجناب الحق إنما هو من هذا الوجه لا غير بهذا ما أدركت من الكمالات الإلهية شيئا سوى ما استفادته من نسبة ارتباطها بحضرة الوحدانية وقبولها الفيض الوجودي غير منصبغ بأكثر أحكام الامكانية والوسائط . 
ولهذا كان علمها مقصورا على معرفة الحق من تجرده ونزاهته عن الكثرة والتركيب - لتضمنها صفة الافتقار - فظهرت بصفة التنزيه وانصبغت به .

صفة التنزيه
2 / 3  ولما كان نوح عليه السلام اول المرسلين واول احكام الرسالة مطالبة الرسول للأمة بتوحيد الحق وتنزيهه عن الشريك والمثل والمنازع .
لزم ان يكون الغالب على حال نوح صفة التنزيه ، لأنه مبدأ ظهور الرسالة وأول قابل لحكمها ، واول مطالب للخلق بالتوحيد المشار اليه ، فيه ظهرت اولية عالم الأرواح وصفتها القابلة اول الفيض الإلهي الوحدانى والظاهرة بحكمه وصفته.

3 / 3  ولهذا غلب عليه حال الغيرة والغضب على قومه لما شاهد انعكافهم على عبادة ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر حتى عاد عليهم بالهلاك بعد ان وصفهم بالظلم والنقائص.
كما فعلت الملائكة في حق آدم حيث ذموه و وصفوه بالنقائص ، فتداركهم الحق سبحانه بالتبكيت مع رعاية حسن مقاصدهم ، حيث كان الحامل لهم على ما ذكروه الغيرة على جناب الحق وكراهة أن يعصيه أحد من خلقه . 
فافهم هذا تعرف سر الحكمة السبوحية واختصاصه بنوح عليه السلام.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 04 - فك ختم الفص الادريسى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:37 pm

04 - فك ختم الفص الادريسى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

04 -  فك ختم الفص الادريسى
1 / 4 - اعلم انه كما بينا ثبوت المناسبة بين الصفة السبوحية ونوح عليه السلام .
كذلك انما ذكر الشيخ رضى الله عنه إدريس بعد نوح ، لاشتراك واقع بينهما ، من حيث ان الصفة القدوسية تلى الصفة السبوحية في المعنى والمرتبة .
فان السبوح هو المبرئ والمنزه عن ان يلم به النقص والقدوس هو الطاهر المقدس عما يتوهم فيه من امكان تطرق ما اليه يشينه بحيث تقدح في قدوسيته .
والتنبيه على هذا المقام من القرآن العزيز وارد في آيات شتى :
مثل قوله تعالى : "تعالى الله عما يقول الظالمون " ونحو ذلك .
وكذلك التنبيه عليه وارد في الأحاديث والادعية النبوية .
2 / 4 - ومن جملتها : ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل جبرائيل أيصلي ربك ؟
قال جبرئيل : نعم !
فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما صلوته ؟
قال : سبوح قدوس سبقت رحمتى غضبى .
فقرن القدوس بالسبوح  ، ففي القدوسية معنى يوهم تطرق وصف ناقص الى ذلك الجناب ، وان لم يعلم الواصف وجه النقص في ذلك التقديس ، ويعلمه من يعلم علو الموصوف به عن ان يلم به مثل ذلك .
3 / 4 - واما سر اختصاص هذه الصفة بإدريس عليه السلام : فلأجل ان الكمال الذي حصل له انما كان بطريق التقديس ، وهو تروحنه وانسلاخه عن الكدورات الطبيعية والنقائص العارضة له من المزاج العنصري .
4 / 4 - وايضا فإنه لما قيل فيه انه رفع مكانا عليا .
والعلو - كما ذكر الشيخ رضى الله عنه - على قسمين : علو مكان وعلو مكانة .
وأخبر الحق انه تعالى مع كل شيء ، والأشياء لا تخلو عن احد العلوين ، وجب من هذا ان يكون الحق منزها عنهما نفيا للاشتراك .
فاما تنزهه عن علو المكان : فواضح لعدم تحيزه .
واما تنزهه عن علو المكانة : فان كل على بمكانة فإنه يتقيد بها ، وان علوه انما يثبت بها ومن حيث هي - لا غير .
ولهذا الاشتراك المتوهم قال سبحانه : " سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى " [ الأعلى / 1 ] .
بمعنى انه متى توهم لاحد وأضيف الى الحق بحسب معتقدهم فيه ، فالحق اعلى من ذلك .
5 / 4 - والسر فيه : الحق في كل متعين غير متعين .
فكما ينتفي عنه الإشارة الحسية . كذلك ينتفي عنه الإشارة العقلية .
فتقدس عما يتوهم فيه من الاشتراك بسبب المفهوم من المعية وبسبب المفهوم من علو المكانة ، وكما لم يكن الحق مقيدا بمكانة مخصوصة يتقيد علوه من حيثها ويقتصر عليها .
كذلك كان مقدسا عن مفهوم الجمهور من العلويين .
فعلوه حيازته الكمال المستوعب كل وصف وعدم تنزهه عما يقتضيه ذاته من حيث احاطتها ، وارتسام كل وصف بسمة الكمال من حيث اضافة ذلك الوصف اليه .

فاعلم ذلك تعرف سر التقديس وسر العلو الحقيقي اللائق اضافته الى الحق ، وتنزهه عن العلويين المفهومين للجمهور المضافين الى الغير .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 05 - فك ختم الفص الابراهيمى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:38 pm

05 - فك ختم الفص الابراهيمى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

05 -  فك ختم الفص الابراهيمى

1 / 5 - والتنبيه على سره انما قرن الحكمة المهيمية بالكلمة الابراهيمية من أجل ان صفة التهيم تقتضي عدم الانحياز الى جهة تعينها وعدم امتياز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده ، وهذا هو مقام الخلة الاولى الحاصلة من عدم ارتفاع الحجب ، بخلاف الخلة الاخرى التي سألمع بسرها فيما بعد .


2 / 5 - فاما هذه الخلة الابراهيمية : فلها اولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى انه بحقيقته كسى الذات بالصفات.
ولهذه المناسبة ورد في الصحيح : ان اول من يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق ، وله ظاهرية البرزخية الاولى ، وهو اول من كملت به كليات احكام الوجوب في مرتبة الإمكان ، فقابل كل حكم كلى منها بقابلية ظهر بها اثر ذلك الحكم الكلى في الوجود ، وهي الكلمات التي أتمهن ، فجيء عقب إتمامها بالامامة على الناس.


3 / 5 - واما الخلة الاخرى : في الخصيصة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا حجاب معها لان مقتضى الاولى مقابلة تعينات مخصوصة من تعينات الحق المعبرعنها بالصفات وبقابليات ذاتية بها غيرية  هي لوازم حقيقة القابل .
بخلاف خلة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فان المقابلة فيها واقعة بين صفات ظاهرية الحق وبين صفات باطنية ، مع احدية العين التي هي الهوية الموصوفة بالظهور والبطون ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم اشبه الخلق بإبراهيم عليه السلام والمحيي لملته .
لان بالتحقيق بالهوية يحيى ويتعين الطرفان - وهما الظاهر والباطن - لأنه لا ظهور الا عن بطون متقدم فالاسم الباطن اول تعينات الهوية ، فثبت استنادهما إليها وتوقف تحققهما عليها. 
 
4 / 5 - وقد اخبر الخليل ونبينا عليهما السلام عن ذلك بلسان الرمز والاشارة ؛ فورد الاخبار النبوي : ان الناس اذا التجئوا الى الخليل يوم القيامة ان يشفع لهم . ويقولون : انت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم: انما كنت خليلا من وراء وراء ، واخبر نبينا صلى الله عليه وسلم ايضا : "ان الخلق يلجئون" تمام الحديث في صحيح المسلم ( باب الإيمان ص 71 مع شرح النووي ) 
قال صلى الله عليه وآله : يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : " يا أبانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله " قال: " فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما، فيأتون موسى فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا، فيمر أولكم كالبرق ". قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كمر البرق؟ 
قال: (ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وشد الرجال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: يا رب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا. 
وقال: " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار ". 
والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعين خريفا» . رواه مسلم.
قال صاحب التحرير : هذا كلمه على سبيل التواضع ، اي لست بتلك الدرجة الرفيعة ، اي ان المكارم التي اعطيتها كانت بوساطة سفارة جبرئيل ولكن ائتوا موسى فانه حصل له السماع الكلام بغير واسطة . 
قال وانما كرر - وراء وراء - لكون نبينا محمد صلى الله عليه وآله حصل له السماع بغير واسطة وحصل له الرؤية . 
فقال ابراهيم انا وراء موسى الذي هو وراء محمد . هذا كلام صاحب التحرير . 
واما ضبط وراء وراء فالمشهور فيه الفتح فيهما بلا تنوين ، ويجوز عند اهل العربية بناؤهما على الضم ، وقد جرى في هذا كلام بين الحافظ ابى الخطاب ابن ديحة والامام الاديب ابن اليمن الكندي ، فراوهما ابن ديحة بالفتح وادعى الصواب . 
فانكره الكندي وادعى ان الضم هو الصواب . وكذا قال ابو البقاء الصواب الضم . 
لان تقديره : من وراء ذلك او من وراء شيء آخر . قال فإن صح الفتح قبل . 
وقد افادني هذا الحرف الشيخ الامام ابو عبد الله محمد بن امية - ادام الله نعمه عليه - وقال : الفتح صحيح وتكون الكلمة مؤكدة - كشذر مذر وشغر بغر - وسقطوا بين بين فركبهما وبناهما على الفتح . 
قال وإن ورد منصوباً منوناً جاز جوازاً جيداً . قلت : ونقل الجوهري في صحاحه عن الأخش انه يقال لقيته من وراء - مرفوع على الغاية - كقولك من قبل و من بعد .
قال وانشد الأخفش شعراً : 
اذا انا لم او من عليك ولم يكن ....    لقاءك الا من وراء وراء 
الى يوم القيامة حتى ابراهيم عليه السلام ، وكان آخر ما عين لنفسه من المقامات التي منحه الحق اياها مقام الخلة .
وذلك في آخر خطبته خطبها قبل موته بخمسة ايام وقال فيها بعد أن حمد الله واثنى عليه : ايها الناس ! انه قد كان لي فيكم أخوة واصدقاء ، واني أبرأ إلى الله أن اتخذ أحداً منكم خليلا : "ولو كنت متخذاً خليلا لاتخذت ابابكر خليلا " .


5 / 5 - ان الله قد اتخذني خليلا - كما اتخذ ابراهيم خليلا - اوتيت البارحة مفتاخ خزائن الأرض والسماء . 
فكان ذلك تعريفاً من ه بأكمل احواله ومقاماته وسر ظهوره بحقيقته  البرزخية تماماً ، فإن البرزخية المذكورة وان ثبت لها الجمعية ، فإن الجمعية قد تحصل لمن يغلب عليه في جمعيته  طرف ظهور وسر ظهوره ولمن يغلب عليه في جمعيته طرف المبطلون ، وقد تحصل الجمعية لمن لا يغلب عليه طرف على طرف اصلا.


6 / 5 - واعلم اني وان كنت قد المعت بشيء من هذا في فك ختم الفص الآدمي ، فهذا هو تمام الأمر وروح القضية ، فأمعن النظر في ما ذكرته لك ، وكرر التأمل تستشرف على امر جليلة من جملتها : انه لما قرن شيخنا رضي الله عنه في ذكر مناسبة كل صفة الى نبى .
وبدأ بالمرتبة الجامعة للصفات وهي حضرة الالوهية وقرنها بآدم الذي له الكمال الأول في الحيطة والجمعية ، وتلاه بالعطايا الذاتية والاسمائية التي لها الاولية في المصدرية ، وأورد  فيها بذكر الصفات التنزيهية المزيلة توهم الكشف المتعقلة في الأسماء من حيث تعقل من جمعها  بذاته ،وكذلك الكثرة الموصوف بها العطايا.


7 / 5 - ليعلم ان الامر من حيث الحق امر واحد لا كثرة فيه ، وان الكثرة المتعلقة في الأسماء والعطايا منتشئة من القوابل وبدأ بذكر السبوحية ثم القدوسية لأمر بيانه ، وجب ان يذكر بعد صفات التنزيه السلبية احكام الصفات الثبوتية ومراتبها واول مظاهرها الانسانية لتكميل مرتبة المعرفة بالذات ، فان السلوب لا تفيد معرفة تامة اصلا .


8 / 5 - فكان الخليل عليه السلام اول مرآة ظهرت بها احكام الصفات الإلهية الثبوتية واول من حاز التخلق بها ، وكان لنبينا صلى الله عليه وسلم التحقق بها ، والفرق بين التخلق والتحقق هو ان التخلق يحصل بالكسب والتعمل في التجلي بها ، فيكون صاحب التخلق محلا لاحكامها وهدفا لسهام آثارها والتحقق بها لا يصح الا بمناسبة ذاتية .
تقتضي بان يكون المتحقق بها مرآة للذات . 
والمرتبة الجامعة للصفات ترسم فيه جميع الأسماء والصفات ، ارتساما ذاتيا لا على سبيل المحاكاة للارتسام الإلهي فيه ، اعنى بصاحب التحقق يظهر وينفذ آثار الصفات والأسماء في المتخلقين بها وغيرهم من المجالى ، الذين هم محال آثارها من الأناسي وغيرهم . 
فاعلم ذلك ترشد ان شاء الله تعالى . 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 06 - فك ختم الفص الإسحاقي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:39 pm

06 - فك ختم الفص الإسحاقي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

06 -  فك ختم الفص الإسحاقي

1 / 6  - اعلم ان شيخنا رضى الله عنه لم يلزم في هذا الكتاب مراعاة الترتيب الوجودي في شأن انبياء المذكورين وان وقع كثير من ذلك مطابقا للترتيب المشار اليه ، بل انما التزم التنبيه على المناسبة الثابتة بين النبي وبين الصفة التي قرنتها به ، والإشارة الى محتد ذوق ذلك النبي ومستنده من الحق ، ومع ذلك فقد من الله بمعرفة ثبوت المناسبة الترتيبية الوجودية من اول الكتاب الى هاهنا - كما سبقت الإشارة الى جميع ذلك.

2 / 6 - واما هذا الفص الإسحاقي : فمحتده عالم الخيال الصحيح المطابق والمناسب للمعنى الذي يتجسد به وفيه والسر في استناد مبدئية حال اسحاق عليه السلام الى عالم المثال المقيد هو انه : لما كان أخص احكام الصفات السلبية سلب الكثرة عن وحدة الحق ، كانت الموجودات الصادرة عن الحق من حيث الصفات السلبية التزيهية أقربها نسبة الى الوحدة وأبعدها من مرتبة الظهور ، وهي الأرواح ، بخلاف الصفات الثبوتية ، فإنه بحسب ان يكون الموجودات الصادرة عن الحق من حيثها اقرب نسبة الى الظهور وأتم تحققا به .

3 / 6 وقد بينا ان اول حامل وظاهر بأحكام الصفات الثبوتية الخليل عليه السلام ، فلزم ان يظهر في حال ولده الذي هو النتيجة حكم عالم الخيال وصفته .
لان عالم المثال المطلق مرتبته بين عالم الأرواح وعالم الأجسام .
وقد ذكرت في كتاب النفحات وفي تفسير الفاتحة سر سفر التجلي الوجودي الغيبى من غيب الهوية الإلهية طلبا لكمال الجلاء والاستجلاء :
وان اول منازله عالم المعاني
ويليه عالم الأرواح وظهور الوجود فيه أتم منه في عالم المعاني .
ويليه عالم المثال وهو المنزل الثالث وظهور الوجود فيه أتم منه في عالم الأرواح .
ويليه عالم الحس وهو المنزل الرابع وفيه تم ظهور الوجود.
ولهذا كان العرش الذي هو اول الصور المحسوسة والمحيط بها مقام الاستواء الرحمانى فان عنده تم ظهور التجلي الوجودي واستقر فان الرحمة نفس الوجود والرحمن الحق من كونه وجودا، ولذلك لم يضف الاستواء الى اسم أخر قط سواه حيث ورد.

4 / 6 - ثم أقول : ولعالم الخيال مرتبتان واسمان :
مرتبة مقيدة تختص بالإنسان وبكل متخيل ويسمى باعتبار تقييده خيالا ، وانطباع المعاني والأرواح فيه قد يكون مطابقا وقد يكون غير مطابق.
وذلك بحسب صحة شكل الدماغ واختلاله وانحراف المزاج واعتداله وقوة المصورة وضعفها ، وهذا العالم في مرتبة إطلاقه يسمى عالم المثال .
وكل ما يتجسد فيه يكون مطابقا لا محالة ، فإذا صحت المطابقة في الخيال المقيد كان حقا لشبهه بعالم المثال في حقية ما يتجسد فيه من حيث الصحة والمطابقة .
فلهذا ترجم الشيخ رضى الله عنه هذا الفص بالحكمة الحقية . فاعلم ذلك .
5 / 6 ثم أقول : وللحقية والمطابقة سر آخر خفى جدا ، من لم يطلع عليه لم يعلم سر الخيال المقيد وحقيقته وسر الرؤيا وسر العالم المثال المطلق وسبب صحة كل ما يتجسد فيه ومطابقته .

6 / 6 -  فاعلم ان عالم المثال نسبته الى صورة العالم الذي هو مظهر الاسم الظاهر نسبة ذهن الإنسان وخياله الى صورته ، وروح صورة العالم من وجه مظهر الاسم الباطن ، ما لمجسد ثمة لما لا صورة له من الأمور المعقولة هو الاسم الباطن والمدبر ، ولا نقص في العلم هناك ولا في القوة التي القوة المصورة من الإنسان نسخة منها فان الحق " ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ " ، فلا يتجسد هناك شيء الا بحسب ما علم ، ولا جهل يتطرق في ذلك العلم ، فوجب المطابقة والصحة ، وهكذا هو الامر بالنسبة الى العقول والنفوس العالية.

7 / 6 - والامر في الإنسان ليس كذلك ، فان قوته المصورة تابعة لنورية روحه وما سبق اطلاعه عليه ، فأملاه بذاته على قوته المصورة ، فيأخذ في محاكاته ، لكن بحسب جودة هيئة الدماغ واستقامة المزاج وانحرافه وخاصية المكان والزمان ، بخلاف ما يتجسد في العالم المثال - كالاسم الباطن اولا ثم العقول والنفوس ثانيا - غير انه ينبغي لك ان تعلم نسبة خيالات الأناسي المقيدة الى عالم المثال نسبة الجداول الى النهر العظيم الذي منه تفرعت وطرفها متصل به ، اعنى طرف كل خيال من الجهة التي تلى عالم المثال متصل به.

8 / 6 - فصحة خيال الإنسان ورؤياه له عدة موجبات بعضها مزاجية وبعضها خارجة عن المزاج ، فالمختص منها بالمزاج : صحة هيئة الدماغ وما سبق ذكره .
والخارج عن المزاج : بقاء حكم الاتصال بين خياله وبين جهة عالم المثال عن علم ومناسبة محققة تقتضي اتحاده به من احدى جهتيه وهذا كشف عال قل من يشاهده.
رأيته ودخلت بنفسي في بعض مظاهرها من خيال المقيد الى عالم المثال من باب الاتصال المشار اليه ، وانتهيت الى أخره وخرجت منه الى عالم الأرواح ، ثم الى فيحاء مطالع الاضواء والحمد لله على ما أنعم .

9 / 6 ثم ليعلم ان الناس في مراتبهم على اقسام مختلفة تنحصر في ثلاثة اقسام :
قسم نازل قد طبع على قلوبهم ، فلا يتصل به من نفوسهم - اى قلوبهم - شيء مما هو منتقش في نفسه سابقا او متجددا الا في النادر كحال عارض سريع الزوال بطيء الإتيان .
وقسم يحصل لقلوبهم أحيانا صفاء وفراغ عن الشواغل واتصال من خياله بعالم المثال المطلق ، فكل ما يدركه نفوسهم في ذلك الوقت فإنه ينعكس انعكاسا شعاعيا الى القلب وينعكس من القلب الى الدماغ فينطبع فيه ، فان وجد في ما يرى اثر حديث النفس ، فللقوة المصورة في ذلك مدخل الالة من المزاج وما ذكرنا .
وان خلت الرؤيا عن حديث النفس وكان هيئة الدماغ صحيحة والمزاج مستقيما كانت الرؤيا  من الله وكانت في الغالب لا تعبير لها ، لان العكس عكس ظاهر بصورة الأصل وهكذا هو رؤيا اكثر الأنبياء عليهم السلام .

10 / 6 - وهذا هو السبب في عدم تأويل الخليل عليه السلام رؤياه وأخذ بظاهرها ، ومن صار قلبه مستوى الحق لا ينطبع في قلبه غالبا امر خارج ، بل من قلبه يكون المنبع والانطباع الأول في الدماغ ولما اعتاد الخليل عليه السلام الحالة الاولى وشاء الحق ان ينقله الى مقام من وسع قلبه الحق ، كان انطباع ما انبعث من قلبه الإلهي الى دماغه انطباعا واحدا فلم يظهر بصورة الأصل ، فاحتاج الى التأويل المعرب عن الامر .
المراد بذلك التصوير على نحو تعينه في العالم العلوي وذوات العقول والنفوس تعينا روحانيا او على نحو انبعاثه من القلب المتوحد الكثرة بصفة احدية الجمع .

11 / 6 - فاعلم ذلك وأمعن النظر فيه ، فان هذا الفصل يتضمن علوما خفية يعلم منها تفاوت مراتب النفوس ودرجاتها وشعب إدراكاتها السقيمة والصحيحة.
ويعلم الفرق بين الخيال المقيد والمثال المطلق ويعلم نسبة كل واحد منهما الى الاخر والى الحق.
فان كل خيال مقيد هو حكم من احكام الاسم الباطن تجسد في عالم المثال المطلق تجسدا صحيحا لصحة العلم والقوى المحاكية .
وتجسد في كل كل خيال مقيد ، هذا بحسب القوة المصورة وبحسب المحل وبحسب احوال المدرك والغالب عليه من الصفات الزمان الإدراك .
ويعلم ان الرؤيا التي لا تأويل لها ما أوجبه ، وان الرؤيا التي تحتاج الى التأويل يكون لا نزل الطوائف ويكون لأكمل الخلق .

بخلاف التي لا تأويل لها ، فإنها حال المتوسطين ويعلم غير ذلك مما يطول ذكره مما نبهت عليه في الفصل وما أجملت ذكره.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 07 - فك ختم الفص الإسماعيلي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:40 pm

07 - فك ختم الفص الإسماعيلي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

07 - فك ختم الفص الإسماعيلي

7 / 1  - اعلم ان متعلق هذا الفص ومرجعه الى صفتين : صفة العلو وصفة الرضاء ، ومحتده من الجناب الإلهي نسبتان : الوحدة الذاتية والجمعية الاسمائية فاما سر اختصاص اسماعيل عليه السلام بالعلو : فهو من وجه بالنسبة الى بقية اولاد الخليل عليه السلام من أجل انه كان كالوعاء لسر الكمال المحمدي الذي نسبته الى ذات الحق أتم ، كما ان اسحاق عليه السلام وعاء لاسرار   الأسماء التي كان الأنبياء مظاهرها .
7 / 2 - والإشارة الى ذلك من القرآن العزيز قوله تعالى في سورة العنكبوت من قصة الخليل عليه السلام : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِه النُّبُوَّةَ والْكِتابَ " [ العنكبوت / 27 ] وكل نبى هو مظهر اسم من الأسماء ، والكتاب الامر الجامع للشرائع ، وانفرد اسماعيل بنبينا عليهما السلام الجامع لخواص الأسماء بشريعة جامعة لأحكام الشرائع .


وهذا هو الموجب لقول الشيخ رضى الله عنه في اول الفص : اعلم ان مسمى الله احدى بالذات كل بالأسماء ، وذكر ان أحديته  مجموع كله بالقوة .
7 / 3 - وقال رضى الله عنه ايضا في مختصر الفصوص كلمات اذكرها بعينها هنا ، تعين  ان مقصوده الأصلي في تأسيس هذا الفص ما اذكره وليعلم انه لو لا ان الله سبحانه أنعم بمشاركتي الشيخ رضى الله عنه في اصل الذوق ومحتده لم يكن معرفة مقصوده من فحوى كلامه .
لكن متى حصل الاطلاع على اصل الذوق ومشرعه ، عرف المقصود من فحوى كلامه ، فلهذا اخترت ذكر تلك الكلمات ثم اردفها ببيان تتمات اسرار هذا الفص المتضمن فك ختامه ، والكلمات التي ذكرها في مختصر هذا الفص ولم نزد عليها من هذه.


7 / 4 - قال رضى الله عنه : وجود العالم الذي لم يكن ثم كان ، يستدعى من موجده نسبا كثيرة في موجده او اسما ما شئت فقل ، فلا بد من ذلك وبالمجموع يكون وجود العالم ، فالعالم موجود عن احدى الذات منسوب إليها احدية الكثرة من حيث الأسماء لان حقائق العالم تطلب ذلك منه.
ثم العالم ان لم يكن ممكنا فما هو قابل للوجود ، فما وجد العالم الا عن امرين : عن اقتدار الهى منسوب اليه ما ذكرناه من كثرة النسب ، وعن قبول ، فان المحال لا يقبل التكوين ، لهذا قال تعالى عند قوله : " فَيَكُونُ " ، فنسب التكوين الى العالم من حيث قبوله . هذا نص كلامه رضى الله عنه .

7 / 5 - ثم أقول : ولما كان الخليل عليه السلام حاملا للصفات الثبوتية التي من حيثها تكمل صورة الإيجاد ، صحت له نسبة خاصة الى الذات من حيث صفة الاقتدار ، وكان اسماعيل عليه السلام مثال القابلية العالم من كونه محلا لنفوذ الاقتدار فيه .
ولهذا : " كانَ عِنْدَ رَبِّه مَرْضِيًّا " [ مريم / 55 ] للمواتاة بان يظهر فيه وبه احكام القدرة .

7 / 6 - ولما كان العالم من حيث قابليته لما ينطبع ويحل فيه كالبيت ، كما أشار اليه في امر وجود العالم والموجودات بقوله : " والطُّورِ وكِتابٍ مَسْطُورٍ في رَقٍّ مَنْشُورٍ والْبَيْتِ الْمَعْمُورِ" [ الطور / 1 - 4 ] فالطور مرتبة العالم من حيث حقيقته الثابتة وإمكانه .
والكتاب المسطور الممكنات الظاهرة في صفحة الوجود الذي هو الرق المنشور ، لذلك اقتضت حكمته المحاكاة المظهرية ان يكون الخليل عليه السلام بانى الكعبة والمعاون له فيه اسماعيل عليه السلام ، فالكعبة التي هي اول بيت وضع للناس نظير حقيقة العالم القابلة للإيجاد الأول من الموجد من حيث صفة الاقتدار التي العقل الأول صورته .
7 / 7 - ذكر شيخنا رضى الله عنه جوابا عن الذين سألوه عن حقيقة العقل الأول وكونه منه خلق ، فقال : خلق من صفة القدرة لا من صفة غيرها ، ولهذا سمى بالقلم ، لان القلم مضاف الى اليد ، واليد صورة القدرة ، فالخليل من هذا الوجه مظهر العقل الأول الذي هو اول الأسباب الوجودية الايجادية ، والشرط في الإقامة بيت الوجود المتأسس على مرتبة الإمكان ، واسماعيل مظهر النفس الذي هو اللوح من حيث انه محل الكتابة الايجادية التفصيلية .
7 / 8 -  وقد نطق الخليل على ما حكاه لنا الحق في كتابه يدل على ما ذكرناه عند من اطلع على اسرار القرآن وبطونه وحدوده ومطلقاته ، وذلك قوله بلسان العقل الأول والنفس: " وإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ من الْبَيْتِ " .
إشارة الى وجود العالم وإِسْماعِيلُ : "رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا واجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ " منقادين مواتيين لما ترده من التصرف فينا وبنا في عالمك لك " ومن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وأَرِنا مَناسِكَنا وتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ، رَبَّنا وابْعَثْ فِيهِمْ ".
يعنى في ذريته "رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ ويُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ البقرة / 127 - 129 ] .
7 / 9 - وأخبر سبحانه عن هذه الترجمة العقلية والنفسية ثم الابراهيمية في موضع آخر من كلامه فقال : " وإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ " .
يعنى هذا العالم آمِناً  يريد من العدم " واجْنُبْنِي وبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنامَ "  يعنى الصور الطبيعية ، والبنون هنا والذرية في الاية الاولى النفوس الجزئية " رَبِّ إِنَّهُنَّ " يعنى الصور الطبيعية المزاجية " أَضْلَلْنَ كَثِيراً من النَّاسِ " [ إبراهيم / 35 و 36 ] حتى استهلكت قواهم وصفاتهم الروحانية تحت القهر القوى الطبيعية كما هو حال اكثر الناس ، فإنه لا يشهد فيهم من الصفات الروحانية والخواص الحقيقة الانسانية شيئا ، كما أخبر الحق بانهم " كَالأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ " من الحيوانات .
7 / 10 - وفي موضع آخر رجح الحجارة عليهم فجعل رتبتهم انزل من رتبة الجمادات وكذلك  ورد في الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج ذات يوم فسمع عمر يحلف بأبيه ، فقال : لا تحلفوا بآبائكم ، فو الذي نفسى بيده لما يدهدهه الجعل بمنخريه خير من آبائكم الذين ما توافي الجاهلية فهذا معنى قوله : " إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً من النَّاسِ " [ إبراهيم / 36 ] بلسان إشارة باطن القرآن ، لا بلسان التفسير المعهود . 
ثم قال : " فَمَنْ تَبِعَنِي " [ إبراهيم / 36 ] في الطهارة وتحصيل الكمال حال تدبير بدنه .
فاستهلكت سلطنة طبيعته تحت احكام عقله بتوفيق الله ثم بتزكية من أرسل اليه منهم المشار اليه في الاية الاولى : " فَإِنَّه مِنِّي " ، لأني وان لم يكن لي طبيعة اقهرها او تقهرنى ، لكن اعتنى بى الحق فتلاشت احكام امكانى تحت احكام وجوبى .

7 / 11 - واما المناسك : فمظاهر النفوس من الصور المثالية والصور الحسية المخصوصة بالملائكة والأنبياء والأولياء .
7 / 12 - واما التوبة : فالرجوع في كل نفس بصفة الافتقار الى الحق ليأخذ من فيضه سبحانه ما يمد به من دونه .
7 / 13 - واما الوادي : الذي لا زرع فيه فهو عالم الكون والفساد - فان له الفقر التام - إذ محل الزرع الحقيقي هو ما يقتضي إبراز ما لا وجود له الى الوجود ، وعالم الكون والفساد ليس كذلك ، لأنه مفتقر بعضه الى بعض بعد افتقار الى ايصال المدد اليه من العالم العلوي ، والى ذلك الإشارة بقوله تعالى : " وفي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدُونَ " [ الذاريات / 22 ] .

7 / 14 -  وقوله : " عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ " إشارة الى قلب الإنسان الحقيقي الذي وسع الحق واختص بان يكون مستوى لذات الحق وجميع أسمائه دون غيره.
" رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ " اى ليديموا التوجه بالافتقار إليك وتكون أنت وجهتهم .
" فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً من النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ " إشارة الى الأرواح المنزلة على الكمل من الأنبياء والأولياء ومن يدانيهم "وارْزُقْهُمْ من الثَّمَراتِ " يريد الإلقاءات الروحانية والعلوم اللدنية " لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " [ إبراهيم / 37 ]  ظاهر "المعنى".
7 / 15 -  قوله  : " إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي " اى ما يقتضيه استعداداتنا الغير المجعولة من الأمور التي لم يتعين لنا " وما نُعْلِنُ " اى وما حصل وظهر لنا ومنا بالفعل " وما يَخْفى عَلَى الله من شَيْءٍ في الأَرْضِ ولا في السَّماءِ " [ إبراهيم / 38 ] يريد مراتب التأثير والتأثر الظاهرين بين احكام الوجوب والإمكان ، بمعنى انه يعلم استعدادات صور العالم العلوي واهله ، وكذلك عالم السفلى واهله ، ولهذا افرد ولم يقل السموات والأرضين .

7 / 16 - ثم قال : " الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وإِسْحاقَ " [ إبراهيم / 39 ] وهما العقل الثاني والنفس .
7 / 17 -  فان قيل : فما نسبة يعقوب عليه السلام فإنه قد ذكر في الاية حيث قال : " ووَهَبْنا لَه إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ وجَعَلْنا في ذُرِّيَّتِه النُّبُوَّةَ والْكِتابَ " [ العنكبوت / 27 ] ؟
7 / 18 - فأقول ، هو نظير الفلك ، لأنه صدر عن العقل عقل ونفس وفلك ، وكما تعين في الفلك معقولية البروج الاثنا عشر ، كذلك كان ليعقوب اثنا عشر ولدا .
7 / 19 - وقال في الاية الاخرى : " ومن يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا من سَفِه نَفْسَه " [ البقرة / 130 ] اى جهلها وجهل شرفها ومرتبتها ، فإنها في النفس بالقوة وبتحصيل الاستكمال تظهر بالفعل ، فملة العقل الأول الجميع المعاني ، صفات الحق كلها ، وملة إبراهيم الظهور بأحكام الصفات والأخلاق الإلهية الثبوتية تماما .
كما قال سبحانه : " فَأَتَمَّهُنَّ " [ البقرة / 124 ] فظهر بالامامة ، كما كانت الامامة الاولى للعقل الأول لكونه تلقى بكمال قابليته ما ذكر ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم وبختميته الجمع بين ملة العقل الأول التي انتهى إليها وملة إبراهيم عليه السلام ، فكان مرآة لجميع الصفات والأخلاق الإلهية المعنوية ومظاهرها ومصارفها كلها ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
والإتمام انما يكون بالجمع بين معانيها وصورها حتى انه بالمصارف اظهر للصفات المذمومة كمالات صارت بها محمودة .

7 / 20 -  واما ما يختص الكعبة من هذه الاية وإبراهيم بلسان المطلع : فان الكعبة بيت صفة الربوبية بالاعتبارين : اعتبار مغايرة الاسم المسمى ، واعتبار عدم مغايرته له ، واليه الإشارة بقوله تعالى : " فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ " [ قريش / 3 ] وكذلك  صار مقام نفس بإنية الذي هو الخليل السماء السابعة ، فان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ان مقامه هناك وانه مسند ظهره  الى البيت المعمور ، وانه للبيت بابان ، وانه يدخل كل يوم سبعون ألف ملك من باب ويخرجون من باب أخر لا يعودون اليه ابدا ، ونظير بيت المعمور من الإنسان من جهة بعض صفاته قلبه الصوري ، والملائكة أنفاسه يدخل لعبودية القلب الحقيقي وترويح مظهره الذي هو القلب الصوري ويخرج بصفة اخرى ،فهي في دخولها باردة وفي خروجها حارة ولا يعود اليه.

7 / 21 - وأشار صلى الله عليه وسلم في الصحيح ايضا في غير موضع الى ما يستدل به اللبيب ان حضرة اسم الرب السماء السابعة ، فمن ذلك ما ذكره في حديث القيامة : ان السموات تطوى وانه كل ما طويت سماء نزلت ملائكتها واصففت صفا واحدا ، وان الخلق يأتونهم فيسألونهم يقولون لهم :أفيكم ربنا ؟
فيقولون : لا ، هو آت.
فإذا طويت السماء السابعة ونزلت ملائكتها وهم اعظم واكثر عددا من ملائكة باقى السموات المطوية ، فيأتيهم الخلق سائلين ويقولون : أفيكم ربنا ؟
فيقولون : نعم ، سبحان ربنا ، فقولهم سبحان ربنا ، هو من أجل ما أسلفنا لك من ان الاسم من وجه عين المسمى ومن وجه غير المسمى  .
7 / 22 - فالبيت المعمور محل نظر الحق ومسمى الرب ، كما ان العرش مستوى اسم الرحمن وان الكرسي  مستوى اسم الرحيم والسماء السادسة مستوى الاسم العليم والخامسة مستوى الاسم القهار والرابعة مستوى الاسم المحيي والثالثة مستوى الاسم المصور والثانية مستوى الاسم البارئ والسماء الاولى مستوى الاسم الخالق .
واما قلب الإنسان الكامل الحقيقي فهو مستوى الاسم الله الذي هو للذات ، فلهذا أشار اليه : يوسعني .
7 / 23 -  ولما كان الحق من حيث أحديته الذاتية لا ينضاف اليه اسم ، وكانت الكعبة مظهر الاسم الرب ، فيجيب باعتبار ان الاسم عين المسمى ان لا يكون عند الكعبة زرع ، لان الزرع هاهنا ، كالاعتبارات والنسب والصفات الإضافية هناك ، اعنى بالنسبة الى وحدة الذات التي لها الاعتبار المسقط للاعتبارات كلها ، فحكم المناسبة المظهرية يقتضي ما ذكرنا من انه لا يكون عند الكعبة زرع اصلا .
7 / 24 - وكما ان اول لازم متعين من الذات هو علم الحق من حيث امتيازه النسبي لا من  حيث ان علمه عين ذاته ولا من حيث انه صفة زائدة على الذات وهذا التعين العلمي هو تعين جامع للتعينات كلها المعبر عنها بالأسماء والأعيان ، فالأشياء مرتسمة فيها ، اعنى في هذه النسبة العلمية ، وتتعلق بالمعلومات بحسب ما هي المعلومات عليه في أنفسها .
7 / 25 - كذلك اول ما تعين عند محل الكعبة ماء زمزم الذي هو مظهر العلم ، وكان سبب تعينه كمال الطلب والافتقار ، اللذين صار المتصف بهما محلا لنفوذ الاقتدار الإلهي الذي القلم صورته ، فظهر بالقبول والاقتدار ، وكانت هاجر مظهر القابلية وهي اللوح المحفوظ ، يعنى اكتب علمى في خلقى الى يوم القيامة ليس مطلق قابلية المرتبة الامكانية .
7 / 26 -  واما سر كون هاجر مملوكة : فهو من أجل ان القلم الأعلى من حيث تقدسه عن احكام الكثرة والإمكان بحيث لا يتعقل فيه من احكام الإمكان إلا حكم واحد ، وهو كونه في نفسه ممكنا وانه من حيث ما عدا هذا الاعتبار واجب باعتبار وجهه الذي يلي ربه ، بخلاف اللوح المحفوظ الذي قلنا ان هاجر من وجه مظهره ، فإنه محكوم للقلم بتمليك الحق إياه حيث جعله محلا للتأثير فيه ، فصار محكوما لمحكوم .
فالحرية للقلم مع ثبوت محكوميته لربه والمملوكية للوح فوجب ان يكون هاجر مملوكة لما ذكرناه فافهم .
7 / 27 - واما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ماء زمزم لما شرب له .
وقوله ايضا : انه طعام طعم وشفاء سقم: ففيه سرّان عظيمان اما سر ماء زمزم لما شرب له : فذلك من أجل ان اكثر علوم الناس باللَّه هي ظنون ليست علوما محققة ، ولذلك قال تعالى : انا عند ظن عبدى بى فليظن بى ما شاء .
7 / 28 - واما سر كونه طعام طعم وشفاء سقم : فهو في حق من اطلع على سر القدر وتحقق بمعرفته تبعية القلم للعلم ، وانه واجب الوقوع ، فيفرح بوقوع الملائم ويريح نفسه ايضا من انتظار ما يعلم انه لم يقدر وقوعه ولا يحزن باطنه من الواقع غير الملائم ولا يتعرض.
واليه الإشارة بقوله : " ما أَصابَ من مُصِيبَةٍ في الأَرْضِ ولا في أَنْفُسِكُمْ إِلَّا في كِتابٍ من قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها " [ حديد / 22 ] .
وقوله : " لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ولا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ " [ حديد / 23 ] وقول انس عن النبي صلى الله عليه وآله انه ما قال له زمان خدمته إياه مدة عشر سنين لشيء فعلته لم فعلته ولا لشيء لم نفعله لم لم تفعله ، وانما كان يقول :  لو قدر لكان . فاعلم ذلك .
7 / 29 - واما سر " يُجْبى إِلَيْه ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً من لَدُنَّا ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ " [ القصص / 57 ] فهو صورة تبعية العلم للمعلوم وأخذ العالم العلم به منه ، وكذلك تعين الأسماء الإلهية من القوابل وبها تحقق اضافة الآثار الى الحق من حيثها ، وهذا السر محجوب عن اكثر الخلق ، فلذلك قال سبحانه :"ولكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ".
7 / 30 - والله لقد ظهر لي يومي هذا من العلوم والاسرار ما لو شرعت في تفصيل كلياته لما وفت ببيانه مجلدات كثيرة ، فاعرف ما أسست في هذا الفصل من الاسرار تستشرف على علوم جمة من جملتها - بعد غور - شيخنا رضى الله عنه كيف شرع في اول الفص بذكر الوحدة الذاتية والجمعية الاسمائية وذكر معنى الإيجاد وتوقفه بعد العلم على القبول والاقتدار ، هذا الى غير ذلك مما لا يكاد ينحصر من العلوم ، والله يقول الحق ويهدى من يشاء الى صراط مستقيم .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 08 - فك ختم الفص اليعقوبي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:41 pm

08 - فك ختم الفص اليعقوبي .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

08 - فك ختم الفص اليعقوبي الفكوك فى أسرار مستندات حكم الفصوص

1 / 8   اعلم ان اقران الشيخ رضى الله عنه هذا الفص بالصفة الروحية وبناء  الكلام فيه على ذكر الدين وأحكامه اسرار عظيمة ما لم تعلم لم تفهم مقصوده مما ذكره فالسر الواحد الجامع بين الصفة الروحية والدين هو التدبير وهو على قسمين :
1- ذاتى  
2 - وكسبى تعملي.
والنسخة الانسانية مشتملة على التدبيرين وبهما بقاء الإنسان وصلاح حاله عاجلا وآجلا فالتدبير الذاتي هو كتدبير الطبيعة المزاجية بموجب ما يشتمل عليه من القوى الذاتية والقوى المستفادة من العالم العلوي الحاصلة في طبيعة مزاج الإنسان ، فإنها ايضا فائضة من الفيض دون تعمل ، كما هو قبول الطبيعة المزاجية لها وتصرفها الذاتي بذاتها وبموجب ما قبلته من تلك الآثار العلوية دون تعمل .


2 / 8  والتدبير الاخر تدبير الروح وهو على قسمين : تدبيره العقلي طلبا للاستكمال والتخلق بأخلاق الله والتجلي بصفاته وقصد التشبه بجنابه – دون التهمم بأحوال المزاج وتدقق النظر في مراعاة مصالحه - والقسم الاخر من التدبير للبدن والنظر لمصالحه .
وهو تدبير جامع بين الدبيرين الروحي والطبيعي فان التدبير للبدن والنظر في مصالحه تدبير يتوقع منه البقاء على الوجه الأصلح ويتضمن ايضا بالنسبة الى بعض النفوس ان يكون هذا التدبير والتهمم لطب البقاء على الوجه الأصلح مقصودا بعينه ، بمعنى انه الغاية ، بل يهتم بذلك ويراعيه لأمر أخر ومطلب اعلى منه ، وهو التخلق والتحلي والتشبه ونحو ذلك كما مر .


3 / 8  ولا شك ان هذا التدبير مخالف للتدبير الأول ولتدبير من لا يعتقد بقاء النفوس ولا يعتقد المعاد الروحاني والجسماني المحقق الذي جاءت به الشرائع فان من هذا شأنه يهتم من حيث نفسه تدبير المزاج ومراعاته لعينه ، لا لأمر أخر ورائه.


4 / 8   والسر الاخر في اقران الصفة الروحية بيعقوب عليه السلام هو ما أشرت اليه فيما قبل من ان يعقوب عليه السلام كالمظهر والمثال للفلك الأول المسمى بالعرش ، فهو اول صورة جسمية دبرها روح ، فناسب ذكر الصفة الروحية هاهنا وأقرانها بيعقوب عليه السلام.


5 / 8  ثم أقول : وهكذا هو امر الدين ، فالدين دينان : عقلى وشرعي  كما ذكره الشيخ رضى الله عنه ولكل منهما معنيان :
أحدهما الطاعة والانقياد ، كما قال تعالى : " إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الإِسْلامُ " [ آل عمران / 19 ] .
والانقياد والطاعة على قسمين : ظاهر وباطن.
وكل واحد من القسمين ينقسم الى قسمين :
انقياد وطاعة بالطبع والذات .
وانقياد وطاعة بتعمل .
والمعنى الاخر الاجزاء ويترتب على ذلك من وجهين :
ذاتى ايضا وارادى ، فالذاتى يكون بالعدل والموازنة ومعرفته من اجلّ المعارف، والإرادي يظهر على وجه يظن ان فيه مزيدا على الموازنة ، وليس الامر كذلك .


6 / 8  وتدبير الدين ايضا على وجهين : أحدهما سياسة المتضمنة حفظ مصلحة العالم في الحالة الراهنة عموما وخصوصا ، واليه الإشارة بقولى :
عاجلا والتدبير الاخر هو النظر في امر المعاد وعواقب الأمور .


7 / 8  وإذا صح هذا فأقول : كل ما ذكر الشيخ رضى الله عنه من اسرار الأنبياء ومحتد أحوالهم من اول الكتاب الى هنا راعى فيه التنبيه على سر اولية كل مرتبة من مراتبهم ، ولقد نبهنا على ذلك  فلا يغفل عنه المتأمل لهذا الكلام فحق لنا بعد ان نبهنا على سر الصفة الروحية واختصاصها من حيث هذه الإضافة بيعقوب عليه السلام واقران ذلك بالدين ان ننبه على اصل المجازاة وبما يلائم وبما لا يلائم ومحتدها.


8 / 8  فنقول : اعلم ان المجازاة الاولى الكلية تعينت باعتبار الرحمة العامة الايجادية التي وسعت كل شيء بمطلق قابلية الممكنات المخلوقة ، وقيامها مقام المرايا لظهور الوجود فيها ، وظهور آثاره وتنوعاته ظهوراته بها .
ومن حيث انها لما كانت شرطا في ظهور احكام الأسماء وتعيناتها - كما مر - عوضت بالتجلى الوجودي الذاتي الذي ظهر به عينها لها ونفذ حكم بعضها في البعض ، فظهر بذلك ايضا شرف بعضها على البعض بمزيد الاستعداد وقبول الوجود على وجه أتم ووضوح حجة الحق على القوابل الناقصة والموجودات الموصوفة بالشقاء .
ان ذلك لم يوجبه الحق عليها من حيث هو ، بل ذلك منها لا من سواها . والذي للحق إظهارها بالتجلى الوجودي على نحو ما علمها ، وهذا السر هو مفتاح سر القضاء والقدر ايضا . فاعلم ذلك .


9 / 8   فهذا اصل المجازاة بالموافق ، واما اصل المجازاة بما لا يوافق :
فذلك راجع الى القيود والتغير العارض للتجلى الوجودي من القوابل وحسن المواتاة لما يراد من القابل وعدمه ، فالتكليفات من مقابلة تلك التقيدات الغير المرضية ، ففي اى قابل تقل القيود والتغيرات في التجلي المقبول وظهرت فيه مواتاة مرضية ، كان تكليفه اقل وكان ما لا مندوحة عنه من التقيدات مما هو ضرورى الوقوع معفوا عنه ومغفورا لصاحبه ومستهلك الحكم في جنب باقى الصفات والاحكام التي ظهر القابل بها على الوجه المراد.


10 / 8  فافهم هذا فإنه من اغمض العلوم ، ومن علم سره علم سر الوجوب والتكليف وسر الاباحة والتقييد المسمى بالمحرم والحلال المطلق ، والعفو والمغفرة ، وسبب الشقاء والسعادة والرضاء الحق  وسخطه .
وسر عدم تكليف الصغار من الأناسي وعدم تكليف الحيوانات ، وان ذلك راجع كما بينا الى المطاوعة الذاتية والانقياد بالطبع والظهور بما أريد منه ، بخلاف الإنسان ، فإنه ادعى بحاله من حيث قابليته الصورة الانسانية ان يكون مرآة لحقيقتها تماما ، بحيث يظهر أحكامها بالفعل ، فقوبل بالامتحان مقابلة ذاتية بموازنة حقيقة عدلية  كما سبقت الإشارة اليه وكما أخبر الله سبحانه عن ذلك بلسان بعض المقامات التي يشتمل عليها الحقيقة الانسانية وهو قوله تعالى : "الم ، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وهُمْ لا يُفْتَنُونَ . ." الى أخر الاية والى قوله : " ولَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ " [ العنكبوت / 1 - 3 ].


11 / 8  ويعلم من هذا الفصل ايضا سر الرحمة العامة الذاتية والفيض  الجودي وانه في مقابلة مطلق القبول للتجلى الوجودي ، فيدرك الفرق بين مطلق القبول وبين القبول على وجه مخصوص ، ويعلم غير ذلك مما يطول ذكره .


12 / 8 وهذا المقام يحتوي على علوم جمة كلية أضربت عن إيرادها طلبا للاختصار ، وما سوى ما أشرت اليه من اصول هذا الفص فقد نبه شيخنا رضى الله عنه عليه فلنقتصر على ذلك.


13 / 8 لكن بقي تتمة لطيفة من اسرار هذا الفص اليعقوبي اذكرها واختم الكلام عليها ان شاء الله تعالى وهو ان يعقوب عليه السلام ظهر بوصف الدينين فجوزى بالجزائين ، فكان من جزائه بما لا يلائم ما قاساه من فراق يوسف عليه السلام ووقع ذلك في مقابلة فعل صدر منه.


14 / 8 فإنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ما هذا معناه وهو ان يعقوب عليه السلام ناجى ربه بعد فراق يوسف فقال : يا رب أخذت ولدى وريحانة قلبى فرده على أشم شمة ثم افعل بى ما شئت ، فأوحى الله اليه :
ألم تعلم لم كان ذلك ؟
قال : لا !
قيل له : انك كنت تأكل في بعض الأيام طعاما شهيا فمر ببابك سائل جائع فلم تعطه من ذلك الطعام ، فكما احرمته ما يشتهي حرمناك ما تشتهي ، فتاب يعقوب عليه السلام .
قال: وكان بعد ذلك إذا أراد ان يتغذى يقيم شخصا بباب بيته ينادى : الا ان يعقوب اسرائيل الله يتغذى ، فمن شاء ان يتغذى معه فليأت ولما أخذ يوسف أخاه بحجة الصواع كتب الى يوسف قبل ان يعلم من هو صاحب مصر .


8/ 15  بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب اسرائيل الله الى عزيز مصر ! سلام عليك ! اما بعد : فانا اهل بيت خص بنا البلاء.
فاما جدى : فإنه ألقي في النار فجعلها الله عليه بردا وسلاما وأما أبي فابتلي بالذبح ففداه الله بذبح عظيم وأما أنا فكان لي ولد أحبه وآنس به ، فأخذ مني ، وقد بلغني أنك أخذت لي أيضا ولدا لأنه سارق ، فاللَّه الله في بني فإني لم أسرق ولم ألد سارقا ، والسلام .


16 / 8 فاجابه يوسف : سلام عليك ! من عزيز مصر الى اسرائيل الله !
اما بعد : فإنه وصل كتابك الذي ذكرت فيه شأنك وشأن آبائك ، وقد عرفنا ذلك ، فاصبر كما صبروا تظفر بما ظفروا ، فوطن نفسك على الصبر والرضاء فجازاه الله بما يلائم وجمع بينه وبين أولاده على ما يحب ويرضى .


17 / 8  والسر الاخر في ذلك هو ان القلوب التي شاء الحق منها ان يتجلى له ليصير مستواه ومنصة تجليه ، لا يرضى ان يشارك فيها ، فلما أخذ يوسف من قلب أبيه مكانا لبقية مناسبة ثابتة بين يعقوب وبين ما سوى الحق .
أخذ الحق يوسف عنه بيد الغيرة وصقل بالحزن والم الفراق قلبه فلما آيس وانفرد للحق وتطهر من حكم السوي ، رد الله اليه أولاده على احسن حال وهو الجزاء بما يلائم ، وهذه معالجة الربانية وطب الهى قل من يعرف سره وهذا مقام شريف في طريق الله جربت له بركات لا تحصى وشاهدت صحة هذا الحكم والمجازاة في نفسى وفي جماعة من اهل الله.

والحمد لله .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Empty
مُساهمةموضوع: 09 - فك ختم الفص اليوسفى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي Emptyالأحد يونيو 23, 2019 9:42 pm

09 -  فك ختم الفص اليوسفى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

09 -  فك ختم الفص اليوسفى

1 / 9  - المضاف الى الصفة النورية . اعلم ان النور الحقيقي يدرك به وهو لا يدرك، لأنه عين ذات الحق من حيث تجردها عن النسب والإضافات، ولهذا سأل النبي صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك ؟
فقال: نورانى اراه ؟
اى : النور المجرد لا يمكن رؤيته وكذا أشار الحق في كتابه لما ذكر ظهور نوره في مراتب المظاهر وقال : " الله نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ " [ النور / 35 ] فلما فرغ من ذكر مراتب التمثيل .
قال : " نُورٌ عَلى نُورٍ " [ النور / 35 ] فأحد النورين هو الضياء والاخر النور المطلق الأصلي ولهذا تمم فقال : " يَهْدِي الله لِنُورِه من يَشاءُ " [ النور / 35 ] اى يهدى الله بنوره المتعين في المظاهر والساري فيها الى نوره المطلق الاحدى .

2 / 9 - ولما سأل ابن عباس رضى الله عنه عن رؤية النبي صلى الله عليه و سلم ربه أخبر انه رآه ، فأخبر بقول عائشة رضى الله عنها وقولها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سألته عن رؤية ربه وقوله : "نور انى اراه " ؟
فراجع السائل ابن عباس في ذلك فقال ابن عباس : ويحك !
ذاك إذا تجلى في نوره الذي هو نوره، اى انما يتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب والإضافات، فاما في المظاهر ومن وراء حجابية المراتب :فالادراك ممكن .
كما قيل :
كالشمس تمنعك اجئلائك وجهها   .... فإذا اكتست برقيق غيم أمكنا

3 / 9 - والى مثل هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الرؤية الجنانية المشبهة برؤية الشمس والقمر ، فأخبر عن اهل الجنة انهم يرون ربهم وانه ليس بينه وبينهم حجاب الا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن فنبه صلى الله عليه وسلم على بقاء رتب الحجابية وهي رتبة المظهر .
فاعلم ذلك ، وإذ قد نبهتك على شأن النور الحقيقي وانه يدرك به وهو لا يدرك .

4 / 9 - فاعلم ان الظلمة لا تدرك ولا يدرك بها ، وان الضياء يدرك ويدرك به ، ولكل واحد من الثلاثة شرف يختص به : فشرف النور الحقيقي هو من حيث الاولية والاصالة ، إذ هو سبب انكشاف كل مستور.
وشرف الظلمة هو انه باتصال النور الحقيقي بها يتأتى ادراك النور مع تعذر ذلك قبل الاتصال وشرف الضياء هو من حيث الجمع بالذات بين الأمرين، واستلزام ذلك حيازة الشرفين .
5 / 9 - وللنور الحقيقي ثلاث مراتب آخر: إحداها مشاركة للوجود المحض المطلق والاخرى مشاركة للعلم الحقيقي المطلق ايضا والثالثة اختصاصه بالجمع الذي له الظهور والاظهار. وسأعرفك سر هذه الجمعية واختصاصها بالضياء ومحتده بحيث يعرف منه حقيقة عالم المثال ايضا .
226

6 / 9 - فاما وجه اتحاد العلم مع الوجود والنور فهو من جهة ان كلا منها من شأنه كشف المستور اما الكشف بالوجود فهو من جهة ان الوجود لما كان واحدا في الأصل وعرضت له التعددات المختلفة.
علم ان ثم معدودات متفاوتة القبول، فصار الوجود من هذا الوجه سببا لمعرفة الماهيات المعدومة، إذ لولاه لم يعلم ان ثمة ماهيات اصلا واما العلم فيكشف الماهيات المعدومة قبل الكشف الوجودي.
ويعرف بكيفية قبولها للوجود وتوابع ذلك من بقاء وفناء وبساطة وتركيب وغير ذلك من اللوازم واما كشف النور فهو متأخر عن الكشف الوجودي لكنه يشترك الوجود والعلم في معقولية الكشف . فافهم .

7 / 9  -  وإذا تقرر هذا فاعلم ايضا ان كل واحد من الوجود والعلم والنور لا يتميز بينهم في ان كل واحد من حيث وحدته وإطلاقه لا يدرك ولا يرى.
بل تعدد بينهم في حضرة الاحدية الذاتية ، ويتميز الوجود عن العلم بكون المعلومات تعدد العلم من حيث التعلقات في مرتبة التعقل لا غير - بخلاف الوجود - فان الموجودات تعدده وتظهره للمدارك في المراتب التفصيلية  .

8 / 9 - واما الفرق بين النور الحقيقي ومسمى الوجود المحض فهو من جهة ان الوجود يظهر للمدارك بقابلية المعلومات المعدومة المتعينة في علم الحق ، والنور المحض لا يمكن إدراكه الا في مظهر موجود.
فاعلم ذلك وتدبره تعرف الفرق بين الحقائق وهي الماهيات الأسماء الإلهية وبما ذا يتميز بعضها عن بعض والفرق بين حكم الوجود وحكم العلم وحكم النور وشأن كل واحد منهم مع الاخر وشأن الثلاثة مع غيرهم من التوابع واللوازم والأسماء متفرعة عنهم. والله الهادي.

9 / 9 -  ثم أقول : ان النور المحض المشار اليه لا يغاير وجود الحق ، ولا شك ان وجود المحض المتعقل في مقابلة العدم المضاد له.
فان للعدم الإضافي تعينا في التعقل لا محالة وله الظلمة، كما ان الوجود له النورية ولهذا يوصف الممكن بالظلمة.
فإنه يتنور بالوجود فيظهر في الوهم فقط فظلمته من احد وجهيه الذي يلي العدم، وكل نقص يلحق الممكن ويوصف به انما ذلك من احكام نسبة العدمية.
واليه الإشارة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ان الله تعالى خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فظهر". رواه الترمذي، وأحمد والحاكم.
وخلق هاهنا بمعنى التقدير، فان التقدير سابق على الإيجاد، ورش النور كناية عن افاضة الوجود على الممكنات. فاعلم ذلك.

10 / 9 - وإذا تقرر هذا فأقول: فالعدم المتعقل في مقابلة الوجود لا تحقق له دون التعقل ، والوجود المحض لا يمكن إدراكه.
فمرتبة العدم من حيث تعقل مقابليته للوجود كالمرآة له، والمتعين بين الطرفين هو حقيقة عالم المثال والضياء الذاتية ثم سرى هذا الحكم في كل متوسط بين شيئين انه إذا كان نسبته الى احد الطرفين اقوى من نسبته الى الطرف الاخر، ان يوصف بما يوصف به ذلك الطرف الغالب ويسمى باسمه.

11 / 9 - الا ترى انه لما كان عالم الأرواح وما فوقه من عوالم الأسماء والصفات موصوفا بالنور والوجود الأبدي كانت صور عالم الكون والفساد موصوفة بالكدورة والظلمة ؟ لكونها في مقابلة عالم الأرواح الذي هو عالم النور، ولهذا لقبه شيخنا رضى الله عنه هذه الحكمة بالنورية، وإلا فهي حقيقة ضيائية لا نورية محضة.
واما المتوسط بين نشأة الإنسان العنصرية وبين الروحانية ومعناه: فهو العالم الخيال المقيد، والصورة الظاهرة فيه يكون بحسب نسبة ذى الخيال المقيد من الطرفين.
فان قويت نسبته الى طرف الأرواح وما فوقها، كانت تخيلاته صحيحة حقية وجودية علمية نورانية.
وان قويت نسبته الى عالم الحس لغلبة احكام صورها المنحرفة الكائنة الفاسدة وأحوالها المختلفة البعيدة عن الاعتدال، كانت تخيلاته يقظة ومناما تخيلات فاسدة وآرائه واعتقاداته غير صائبة لخلوها عن النور العلمي وخاصية الوجود الأبدي، فسميت اضغاث احلام

12 / 9 - ولما اشاره شيخنا رضى الله عنه في هذا الفص اليوسفى الى طرف من حال العالم وإيجاده ونسبته من جناب الحق تعين على ان اذكر أصله اعنى اصل الإيجاد وموجبه : وان كنت المعت بطرف منه منذ قريب ، لكني اذكر الان تتمة ولو على سبيل الإجمال .

13 / 9 - فأقول : اعلم ان الحق هو النور ، والنور لا يمكن ان يرى في النور ، فكمال رؤية النور موقوف على مقابلة الظلمة ، فمتعلق حب الحق ايجاد العالم انما موجبه حب  كمال رؤية الحق نفسه جملة من حيث هويته ووحدته وتفصيلا من حيث ظهوره في شئونه .
ولما كان من البيّن ان كل ما لا يحصل المطلوب الا به فهو مطلوب، لزم تعلق الإرادة الإلهية بايجاد العالم لتوقف حصول المطلوب الذي هو عبارة عن كمال الجلاء والاستجلاء عليه.

14 / 9- ولما كانت الشئون الإلهية ذاتية وكان الاستجلاء التام للذات لا يحصل الا بالظهور في كل شأن منها بحسبه ورؤيته نفسه من حيث ذلك الشأن وبمقدار ما يقبله من إطلاقه وتعينه وخصوصية.
فتوقف كمال رؤيته على ظهوره في جميع الشئون ولما كانت الشئون مختلفة من حيث خصوصياتها وغير منحصرة، وجب دوام تنوعات ظهوراته سبحانه بحسبها لا الى أمد ولا غاية، وهذا هو سر كون الحق خلاقا على الدوام الى ابد الآباد.

15 / 9 - لما كانت المراتب من وجه محصورة في الظهور والبطون والاعتدال والانحراف المعنويين ثم الروحانيين ثم المثاليين ثم الحسيين وكمال الجمع ونقصانه اقتضى الامر استمرار حكم الظهور والاظهار بالإيجاد.
واستمرار وجود الانحراف والاعتدال والنقص والكمال للاكمال، بحسب المراتب والمواطن وخصوصياتها وخصوصيات القوابل، كالهيئات الاجتماعية والأحوال والتركيبات المتعقلة في الصور والامزجة، والتضعيفات العددية الدائمة الحكم والمتناهية الآجال.

16 / 9 - ثم ارجع وأقول : اعلم ان مستوى النور من كونه يدرك ويدرك به هو المسمى بالضياء ومحتده عالم المثال كما مر .
وله ، اى لعالم المثال مرتبة عامة من حيث هي تسمى عالم المثال المطلق وله مرتبة خاصة ذات تقيدات يختص بعالم خيال النوع الإنساني وكل متخيل ، وبه نبهت في الفص الإسحاقي ان الناس في خيالاتهم المقيدة على قسمين.
وذكرت من حال كل قسم ما يسر الله ذكره : وسأذكر هنا تتمات توضح المقصود ان شاء الله تعالى .

17 / 9 -  فأقول : من جملة احوال احد القسمين هو ان كل من غلب على خياله الصفات التقيدية واحكام الانحرافات الخلقية والمزاجية ، فإنه لا يدرك مشرع خياله ومحتده من عالم المثال ولا يتصل به عن علم وشهود وان كانت الوصلة غير منقطعة .
ومن حصل له سير في خياله المقيد حتى انتهى الى طرفه المتصل بعالم المثال المطلق بحيث يتأتى له التجاوز من خياله الى عالم المثال، فإنه يدخله فيدرك فيه ما شاء الحق ان يريه منه.
بل قد يخرج منه كما بينا في الفص الإسحاقي الى عالم الأرواح ثم الى فسيح حضرة العلم، فيستشرف على جملة من المغيبات والكوائن المقدر ظهورها في عالم الحس .


18 / 9 - فالمعبر إذا سمع الرؤيا ممن رآها وسأله تعبيرها لعدم علمه بما رأى وما المراد من تلك الصور الممثلة له.
وكان المعبر تام المعرفة بالتعبير وبمواطن الرؤيا، فإنه يشخص الرؤيا في خياله، فإذا شخصها اسراها الى ان يدخله عالم المثال ، فيرى نسبة تلك الرؤيا من عالم المثال ويستدل بتلك النسبة على الرؤيا وتتضمنه .
بل قد يعديها الى عالم الأرواح وما بعدها حتى يقع على الامر الذي قصد ابدائه في تلك الصورة الممثلة بها فيخبر عن المراد، ويسمى ذلك الاخبار تعبيرا، وما وجد في الرؤيا من خلل يفضي بعدم المطابقة بين المعنى المقصود إبانته والتعريف به وبين الصورة الممثلة.
علم ان ذلك من كدورة الباطن صاحب الرؤيا وانحراف مزاجه وفساد هيئة دماغه واختلال أحواله الحسية، كالكذب وسوء سيره والانهماك على امر خسيس ينغمس به أوقاته وأحواله المحمودة بحيث يستهلك احكام صفاته وأحواله المحمودة في ضمن ذلك الوصف الغالب.
والامر بالعكس إذا كان الحال بالعكس واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا .

19 / 9 - ثم نبه في حديث أخر على كليات اقسام الرؤيا وحكم الاعتدال فيها والانحراف فقال  صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاث :
رؤيا من الله ، وهي التي ظهور حكمها موقوف على تهيئة واستعداد معتدلين وصفاء محل وطهارة نفس ليتأتى لصاحبها تلقى ما يصل اليه من التعريفات الإلهية والاستجلاء الروحانية والمعنوية بواسطة الصور المثالية .
ثم قال صلى الله عليه وسلم: رؤيا تخزين من الشيطان، وهي التي قلنا انها نتيجة الانحرافات المزاجية والكدورات النفسانية وفساد الهيئة الدماغية ونحو ذلك مما سبق التنبيه عليه.
ثم قال صلى الله علييه وسلم: ورؤيا مما حدث المرء به نفسه، وهذه من آثار الصفات الغالبة الحكم على نفس الرائي حال رؤيته مثل هذه الرؤيا، واثر الحال القاهر ايضا الذي يتلبس الرائي.

20 / 9 - ثم اعلم: ان من اقوى الأسباب الموجبة اطلاع النائم على ما يراه ، وهو توحد توجهه وجميع همه وميله الى الاعراض عن جل احكام الكثرة.
وترجيحه: تعطيل تصرفاته المتنوعة طلبا للراحة لشعور نفسانى من خلف حجاب الطبع، يقضى بان الراحة منوطة بالاعراض اللازم لما ذكر، هذا ترجيحه، وان لم يتحقق اصل هذه المسألة وعموم حكمها في سائر الأنواع الاطلاعات .

21 / 9 - واما مواد الصور التي يتمثل له من حيث هي لا من حيث معانيها فهي الأشياء المصاحبة له من عالم حسه ويقظته وآثار الأوصاف والأحوال الغالبة عليه حينئذ.
كما سبقت الإشارة اليه، فان لهذه الأمور اندراجات بعضها مع بعض طبيعية وعقلية معنوية، ولتلك الامتزاجات بعضها مع بعض احكام تسوى في صورة التمثيل.
فيظهر حسنا وقبحا بحسب درجات الاعتدال والانحراف الطبيعي والمعنوي الخصيص بالصفات والأحوال والعلوم والاعتقادات، ولآخر انفاس اليقظة التي يتلوه النوم سلطنة قوية بحسب ما كان
الباطن به حالتئذ مغمورا.
فان لم يكن الباطن مغمورا بشيء وخلا بالكلية من الخواطر والتعلقات وخواص الأفعال والصفات القريبة العهد بالشخص كان ذلك سببا معينا في مزيد الاطلاع وصحة ارتسام ما اطلع عليه النائم في نفسه .

22 / 9 - واما تأخر ظهور حكم المنافاة فإنه دليل على علو مرتبة النفس لكونها أدركت ما سيكون في العوالم العالية جدا ، القريبة من حضرة العلم وعالم المعاني المجردة.
فلا بد من فترة واقعة بين زمان الاطلاع وزمان ظهور حكم ما وقع الاطلاع عليه في الحس بمقدار ما يقتضي مكث ذلك الامر في كل سماء الى ان ينصبغ بحكمه ويأخذ حصته من ذلك الفلك وما فيه.
ثم يمر متنازلا الى الفلك الذي هو دونه، وهكذا الى آخر فلك طلبا للاستتمام ومستصحبا قوى ما يمر عليه.
فان لكل كائنة وامر يظهر في هذا العالم من حال انفصاله المعنوي من مقام القلم الأعلى واللوح المحفوظ واتصاله بالعرش ثم الكرسي وفي كل سماء، منزلا ومقاما، وذلك لما مر بيانه.

23 / 9 - وقد ورد في الحديث: ان الامر الإلهي يبقى في الجو بعد مفارقته سماء الدنيا ثلاث سنين حتى يصل الى الأرض ويتصل بالمحل المختص به. وهذا من المكاشفات المجربة والمتفق عليها.

24 / 9 - وسرعة ظهور حكم الرؤيا وما عبرت به دليل على ضعف نفس الرائي وان صفت فإنها لم تفق على الترقي والعروج لتدرك صور الأمور والكوائن المقدر وقوعها في العوالم العالية ، بل كان غاية عروجها حال اعراضها عن التعلقات البدنية والشواغل الكونية الجو الذي بين الأرض وبين الفلك الأول.
فأدركت بذلك القدر من الصفاء الذي استفاد به بعض الكوائن في أثناء الجو، فلم يتأخر ظهوره. وهذا حال اهل البداية من السالكين، وقد جربنا ذلك كثيرا في أصحابنا واصحاب غيرنا من الشيوخ، وكذلك في أنفسنا زمان البداية.

25 / 9 - ورأيت من الشيخ الامام العارف المحقق سعد الملة والدين محمد المؤيد الحموئى قدس الله نفسه الزكية انه كان يرى الكوائن في، عالم المثال المطلق ويعلم حالتئذ ان المرئي صورة معلومة ذلك الشيء المتعين في علم الحق ازلا مثلت له وانه لأبدي ، ظهور ذلك الشيء في الحس بصورة ما رآه هناك دون تغير ولا تبديل.

26 / 9 - ورأيت غير واحد من ممن له هذه الرؤية غير ان أكثرهم لم يكن له علم بان الذي رآه عبارة عن عين ثابتة من جملة المعلومات المتعينة في علم الحق ازلا وابدا على وتيرة واحدة مثلت له صورتها في عالم المثال المطلق وانه سيدخل هذا العالم الحسي بتلك الصورة .

27 / 9 - واما ما شاهدته وذقته وجربته من ذوق شيخنا رضى الله عنه وأرضاه فأعظم واعلى من ان يتسلق الفهوم اليه او يستشرف العقول عليه.
فإنه كان يستجلى المعلومات الإلهية في حضرة العلم ويخبر عن كيفية تبعية العلم للمعلوم وكون العلم لا اثر له في المعلوم، بل المعلوم يعين تعلق علم العالم به ويعطيه ذلك من ذاته.
فان كان علم العالم علما ذاتيا أزليا: كان العطاء من المعلوم عطاء ذاتيا أزليا، لان تعين المعلوم في العلم الإلهي الأزلي تعين أزلي ابدى على وتيرة واحدة وان كان علم العالم علما انفعاليا حادثا كان تعلقه بالمعلوم تعلقا حادثا انفعاليا مثله هذا.
مع تبعية العلم من حيث تعلقه للمعلوم لى كل حال، وكان يشهد الاستعدادات التي للناس جزئياتها وكلياتها ويشهد نتائجها وما يستمر كل استعداد منها الى منتهى امر كل انسان في مرتبة شقائه وسعادته، وكان إخباره عنه تابعا لنظرة مخصوصة ينظر بها الى الشخص.
اى شخص أراد الاستشراف على كنه حاله وما يستقبله الى حين مستقره في مآله في مرتبة نقصه او كماله ثم يخبر ولا يخطئ.

28 / 9 - شاهدت ذلك منه في غير واحد وفي غير قضية من الأمور الإلهية والكونية ، واطلعت بعد فضل الله وببركته على سر القدر ومحتد الحكم الإلهي على أشياء ، وبشرنى بالاصابة في الحكم بعد ذلك في ما احكم به بسبب هذا الاطلاع ونيل ما يتعلق الإرادة بوقوعه بموجب هذا الكشف الأعلى ، فلم ينخرم الامر على ولم ينفسخ.

والحمد لله المنعم المفضل.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص لأبي المعالي صدر الدين القونوي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: