منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 12:21 pm

مقدمة الكتاب ومفاتح خطبة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

مقدمة كتاب المفاتيح على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
مقدمة الكتاب ومفاتح خطبة فصوص الحكم الشيخ الأكبر  الجزء الأول
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الأطهار وصحبه الأخيار خلال سنة 1413 هـ (1992 م) سالي أحد الإخوان عن سر ترتيب أبواب "كتاب فصوص الحكم" للشيخ الأكبر ابن العربي، حيث إنه يتألف من مقدمة و27 بابا، لكل باب فص حكمة معينة منسوبة لنبي معين.
لكن ترتيب الأنبياء في الفصوص غير موافق لتسلسلهم التاريخي، ولا لترتيب أسمائهم في القرآن. وشراح الفصوص الكثيرون لم يينوا سر ذلك الترتيب. 
فأجبته عن سؤاله في كتاب عنوانه "مفاتیح فصوص الحكم" طبع سنة 1417 هـ (1997 م) بدار القبة الزرقاء للنشر بمراكش.
كتبت بحثا فيه بيان السورة التي يستمد منها كل فص، ودبجته في "كتاب مفاتيح فصوص الحكم" السابق ذكره، الذي أجريت فيه تعديلات وإضافات فأصبحت مواضيع أقسامه كما يلي:
* القسم الأول: يحتوي على مقدمة ومفاتيح ترتيب أبواب الفصوص، وبيان المفاتيح القرآنية لأشهر كتب الشيخ الأكبر، وتفصيل للسور المناسبة لأبواب الفصوص.
القسم الثاني: يتألف من 28 فصلا، لبيان الإسم الإلهي الذي يستمد منه كل فص و مرتبته الوجودية وحرفه اللفظي ومنزلته الفلكية، والإشارات الخفية المبثوثة في كل فص الدالة على ذلك.|
* القسم الثالث: يتألف من 27 فصلا، لبيان السورة المناسبة لكل فص، و تلويحات الشيخ لأياتها، وكيفية ارتباط الأبواب وتسلسلها البديع.
* القسم الرابع: فيه بيان لعلاقات عددية لطيفة عجيبة تتعلق بمفاتيح الفصوص، أي أسماء الأنبياء والصور والأسماء الحسن وأوصاف الحكم والبسملة والفاتحة. 
وأهم هذه الأعداد هي: 1572 / 400 / 365 / 360 / 36 / 28.
3 رجب 1418 هـ / نوفمبر 1997 م
 المقدمة عن خطبة الكتاب
تتمة الدين إسلام وإيمان وإحسان، والتصوف الإسلامي الأصيل هو التعبير العملي عن مقام الإحسان .
والشيخ الأكبر أبو بكر محمد بن علي محيي الدين بن العربي (560 -638 هـ.) هو الترجمان الأعظم، كيفا وكما، لحقائق التصوف الإسلامي.
فقد كتب أكثر من أربعمائة تأليف في مختلف جوانب المعارف الصوفية، أشهرها الموسوعة الكبرى "الفتوحات المكية" وكتاب "فصوص الحكم" الذي لخص فيه بعض أبرز محاور الحقائق الصوفية.
وبين الشيخ مصدر علومه فقال:
فجميع ما نتكلم فيه في مجالسي وتصانيفي إنما هو من حضرة القرآن وخزائنه، أعطيت مفتاح الفهم فيه والإمداد منه، وهذا كله حين لا تخرج عنه، فانه أرفع ما يمنح، ولا يعرف قدره إلا من ذاقه وشهد معرفته حالا من نفسه و كلمه به الحق في سره
فإن الحق إذا كان هو المكلم عبده في سره بارتفاع الوسائط فإن الفهم يستصحب كلامه منك، فيكون عين الكلام منه عين الفهم منك لا يتأخر عنه.
فان تأخر عنه فليس هو كلام الله. ومن لم يجد هذا فليس عنده علم بكلام الله عباده). (الفتوحات ج 3 باب 366 ص 334-335).
فكل تأليف الشيخ تستمد حقائقها من آيات القرآن وأسماء الله الحسنى وتجلياتها في الأناق والأنفس.
والكثير من تأليف الشيخ لا يمكن فهم خفاياها وإشاراتها وإدراك أعماقها وتراكيبها إلا بإرجاعها إلى مصدرها القرآن.
وفي بعضها يوضح الشيخ ذلك المصدر، وفي البعض الآخر لا يصرح به ويترك مفتاح فهمها القرآني مكتوما خفيا حتى لا يكتشفه إلا من هو أهل له.
وفي هذا الإطار القرآني كتب هذا البحث.
فليس الغرض من هذا الكتاب شرح الفصوص بعد أن قام به عشرات الرجال -وقد ذكر عثمان يحيي في كتابه حول تأليف الشيخ مائة وعشرين شرحا للفصوص، ولا شك أن هناك شروحا كثيرة أخرى لم يذكرها.
وإنما الغرض من هذا البحث هو كشف مفتاحين أساسين للنصوص هما ضروريان للفهم العميق للكتاب، وبدونهما تبقى البنية الكلية للفصوص مجهولة.
وتبقى كثير من الإشارات والتلميحات المبثوثة في الفص خفية.
وفي حدود علمي، لم يبين أحد من جميع الشراح هذين المفتاحين اللذين هما:
أولا: سر ترتيب أبواب الفصوص.
ثانيا: السورة القرآنية التي يستمد منها كل فص.
هذا هو الغرض الأساسي من هذا البحث حول الكتاب الذي يكفي في بيان مكانته قول الشيخ في مقدمته:
(رأيت رسول الله في مبشرة أريتها في العشر الأواخر من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده كتاب.
فقال لي: هذا كتاب فصوص الحكم خذه وأخرج به إلى الناس ينتفعون به.
فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا.
فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة أو نقصان (...)
فما ألقي إلا ما يلقى إلي، ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما يزل به علي، ولست بنبي رسول ولكن وارث ولآخرتي حارث...)
وبسبب هذا السند المحمدي لكتاب الفصوص كان الشيخ الأكبر يمنع من جعله تحت نفس غلاف أي كتاب من كتبه الأخرى.
حسبما ذكره الجندي في شرحه للفصوص (صفحة: .5
: يقول عفيفي: (ولا مبالغة في القول بأن كتاب الفصوص أعظم مؤلفات ابن عربي كلها قدرة وأعمقها غورا وأبعدها أثرا في تشكيل العقيدة الصوفية في عصره وفي الأجيال التي تلته).
ويبدو أن في هذا القول مبالغة، فهو يصح على الفتوحات المكية أكثر من صحته على الفصوص، لأن جل ما في الفصوص مبثوث ومفرق في أبواب الفتوحات.
وفي الفتوحات كثير جدا من العلوم والحقائق التي لا توجد في الفصوص.
ولعل أصدق قول فيه هو قول تلميذ الشيخ الأكبر صدر الدين القونوي في مقدمة كتابه "الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص" وهو : (كتاب فصوص الحكم من أنفس مختصرات تصانيف شيخنا الإمام الأكمل قدوة الكمل هادي الأمة إمام الأئمة محيي الحق والدين أبي عبد الله محمد بن علي بن العربي الطائي الحاتمي رضي الله عنه  وأرضاه به منه، وهو من خواتيم منشآته وأواخر تنزلاته، ورد من منبع المقام المحمدي والمشرب الذاتي والجمع الأحدي، فجاء مشتملا على زبدة ذوق نبينا صلوات الله عليه في العلم بالله.
ومشيرا إلي محند أذواق أكابر الأولياء والأنبياء المذكورين فيه، ومرشدا كل مستبصر نبيه لخلاصة أذواقهم ونتائج متعلقات هممهم واشواقهم وجوامع محصولاتهم وخواتم كمالاتهم.
فهو كالطابع على ما تضمنه مقام كمال كل منهم، والمنبه على أصل كل ما انطووا عليه وظهر عنهم).
و القونوي في كتابه هذا حول الفصوص لم يبين سر ترتيب أبوابه. وإنما أشار إلى إشكاليته.
فرأى أن فص آدم عليه السلام مناسب لحضرة الأحدية.
ثم فص شيث عليه السلام مناسب لحضرة الواحدية.
ثم فص نوح عليه السلام مناسب لعالم الأرواح.
ثم فص إدريس عليه السلام مناسب لصفات التتريه.
ثم فص إبراهيم عليه السلام مناسب للصفات الثبوتية.
وأخيرا فص إسحاق عليه السلام مناسب لحضرة الخيال.
فقال في بداية فصل: "فك ختم الفص الاسحاقي":
اعلم أن شيخنا لم يلتزم في هذا الكتاب مراعاة الترتيب الوجودي في شأن الأنبياء المذكورين وإن وقع كثير من ذلك مطابقا للترتيب المشار إليه.
بل إنما التزم التنبيه على المناسبة الثابتة بين النبي وبين الصفة التي ترفا به والإشارة إلى محتد ذوق ذلك النبي ومستنده من الحق.
ومع ذلك فقد من الله .معرفة ثبوت المناسبة الترتيبية الوجودية من أول الكتاب إلى ههنا....
مفاتيح ترتيب أبواب فصوص الحكم وسورها القرآنية
الحكم، جمع حكمة، والحكمة - كما يقول الشيخ في آخر الفص العيسوي- هي: "وضع الأشياء مواضعها فلا يعدل بها عما تقتضيه ونطلبه حقائقها وصفاها". فكل مرتبة في الوجود موضوعة بالحكمة الإلهية في مقامها المناسب، وقد خصص الشيخ الباب 198 من الفتوحات المكية (ج 2 ص 421 - 470) لبيان مراتب الوجود الظاهرة بنفس الرحمان - بفتح الفاء - وهي ثمان وعشرون مرتبة على عدد الحروف.
لأن الإنسان مخلوق على صورة الرحمان، فالنفس الإنساني الذي به ظهرت الحروف عند مروره عبر مخارجها، على صورة النفس الرحماني.
فخصص الشيخ في الباب 198 لكل مرتبة فصلا - من الفصل 11 إلى الفصل 38 - ومفتاح سر ترتيب أبواب الفصوص يوجد في تلك الفصول، لكل فص فصل، وبنفس الترتيب، ومجموع الفصوص مناسب للفصل الثامن والثلاثين الأخير لأنه ليس لهذه المرتبة وجود عيني مستقل و إنما هي عبارة عن تعيين المراتب لا عن إيجادها.
فأبواب الفصوص صورة لمراتب نفس الرحمن خلال تزله من الغيب إلى الشهادة. ولقد أكد الشيخ على مفهوم نفس الرحمن في عدة أبواب من الفصوص كالباب العاشر الهودي، والباب الثاني عشر الشعيبي، والباب الخامس عشر العيسوي، والباب الثاني والعشرين الإلياسي، والباب السابع والعشرين المحمدي.
ولعلاقة الفصوص بالنفس اختار الشيخ لفظة (كلمة) في عنوان كل فص.
ومما يؤكد العلاقة بين الفصوص والباب 198 هو أنهما كتبا في نفس الفترة.
فالشيخ يقول في الفصل 27 من الباب 198 أنه كتبه في آخر ربيع الآخر سنة 627 هـ.
وفي مقدمة الفصوص يقول إنه شرع في كتابتها في أواخر محرم من نفس تلك السنة.
فكان أبواب الفصوص كتبت بالتوازي مع فصول مراتب الكون في نفس الرحمن، من الباب 198 من الفتوحات.
وما يزيد هذه العلاقة بين نفس الرحمن والفصوص تأكيدا ما ذكره الجندي عن كيفية أخذه لكتاب الفصوص.
حيث يقول: إنه عند سماعه لشيخه محمد صدر الدين القونوي وهو يشرح خطبة الفصوص أخذهما حال نفح فيه النفس الرحماني بنفحاته ففهم به مضمون الكتاب كله.
وهو نفس ما وقع للقونوي مع شيخه الشيخ الأكبر خلال شرحه للخطبة، وموقع هذا النفس في نص الخطبة يظهر خصوصا في قوله: هذه الرحمة التي وسعتكم فوسعوا
فوسع الرحمة هو عين انفساح نفس الرحمن بإظهار مراتب الوجود.
يقول الجندي عن شيخه صدر الدين القونوي:
(... شرح لي خطبة الكتاب وقد أظهر وارد الغيب عليه آياته، ونفع النفس الرحماني بنفحاته، واستغرق ظاهري وباطني روح نسماته، وفرح نفائس أسمائه وبعثاته. وتصرف باطنه الكريم تصرفا عجيبا حاليا في باطني، وأثر تأثيرا كماليا في راحلي وقاطني، فافهمني الله من ذلك مضمون الكتاب كله في شرح الخطبة، وألهمني مصون مضمون أسراره عند هذه القرية.
فلما تحقق الشيخ له من ذلك وأن الأمر الإلهي وقع بموقعه من هنالك، ذكر لي أنه استشرح شيخنا المصنف كل هذا الكتاب فشرح له في خطبته لباب ما في الباب الأولي الألباب وأنه رضي الله عنه تصرف فيه تصرفا غريبا علم بذلك مضمون الكتاب.
فسررت هذه الإشارة وعلمت أن لي أوفر حظ من تلك البشارة ثم أمرني بشرحه وأمرني برعاية الطالب في ذلك ونصحه) انتهى.
معنى فص الحكمة
يقول الشيخ في آخر الفص الآدمي: "فص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها".
فإذا كانت الحكمة المعينة هي مرتبة من مراتب الوجود. ففص الحكمة هو قلبها أي مركز تلك المرتبة الوجودية وقطبها. وروح هذا المركز هو مظهر من مظاهر الإنسان الكامل يعبر عنه باسم من أسماء الأنبياء.
فنسب الشيخ كل كلمة إلى أحد الأنبياء. فحلقات سلسله مراتب الوجود هي عين النفس الرحماني النازل بالأمر الإلهي من غيب الغيب إلى أقصى منازل الشهادة. وروح هذا التنزل هو عين حقيقة الإنسان الكامل التي أسرت وسرت مظاهرها من أقصى المسجد الحرام الغيبي إلى أقصى درجات المسجد الأقدس في قلب العبد البشري الطيني...
وصوره هذا التنزل لها مثال في تاريخ الإنسان فوق الأرض وهي سلسلة حلقات الأنبياء والكمل عبر الزمان.
أي أن لكل مركز مرتبة وجودية مسقطا في تاريخ الإنسان هو عين ني أو قطب الفترة الزمانية المناسبة لها، وهو كلمة الله العليا في تلك الفترة.
ولهذا قال الشيخ عنه في الكلمة الآدمية: "فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم".. وكما ختمت مراتب الوجود بالإنسان الجامع ختمت فصوص المراتب -أي الكمل- من أوتي جوامع الكلم الإنسان الفرد الكامل سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم إن كل كلمة من تلك الكلمات العليا لها معنى هو عبارة عن اسم إلهي، فنسب الشيخ حكمة كل كلمة إلى أحد الأسماء الحسنى له مناسبة خاصة مع نبي الكلمة ومع المرتبة الوجودية التي مدارها حول ذلك النبي الكامل.
ومن هنا نفهم لماذا لم يجعل الشيخ للنبيين اليسع وذي الكفل بابا رغم ذكرهما في القرآن مع الأنبياء مرتين.
بينما جعل بابا لمن لم يرد ذكرهما في القرآن وهما النبيان شيث بن آدم وخالد بن سنان.
كما خصص بابا للحكيم لقمان -هو ليس بنبي-، لكنه من أقطاب رجال نفس الرحمان حسبما ذكره الشيخ في الباب 15 من الفتوحات.
وسبب هذا - كما سنراه في التفصيل اللاحق- هو أن أنسب الأنبياء إلى المرتبة الثانية من مراتب نفس الرحمان، وهي مرتبة اللوح المحفوظ، هو شيث عليه السلام، لأن المرتبة الأولى للقلم الأعلى أي العقل الأول المناسب للمثل الأعلى الإنسان الأول: آدم عليه السلام، لاستمدادها معا من الاسم: البديع.
وكما انبعث اللوح من القلم، انبعث شيث من آدم، وكان المتوجه على إيجاد اللوح وإمداد شیث الاسم: الباعث.
وكذلك بالنسبة للقمان فإن مقامه هو الأنسب للمرتبة الثالثة والعشرين المخصوصة بالنبات كما يظهر من قوله لابنه: "يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)" الآية 16 من سورة لقمان .
أي أن الاسم الإلهي المتوجه لإيجاد النبات هو نفس الاسم الحاكم على فص لقمان وهو الاسم: الرزاق الذي رزق لقمان الحكمة وحسن الذكر في القرآن الكريم مقرونا بحبة الخردل التي هي من أصغر مظاهر الرزق...
وكذلك فان أنسب الأنبياء إلى المرتبة السادسة والعشرين المخصوصة بالجن، ليس هو اليسع ولا ذو الكفل، بل هو خالد صاحب النبوة البرزخية كما ذكره الشيخ في فصه، ويسمي الشيخ الجن أحيانا بالأرواح البرزخية، وأصلهم من النار.
وخالد قصة معروفة في إطفاء النار التي ظهرت في بلاد قومه...
والاسم الحاكم على هذه المرتبة وهذا النص هو : اللطيف.
فإن قيل من هو الكامل صاحب المرتبة الثامنة والعشرين الأخيرة التوجه على إيجادها الاسم: " رفيع الدرجات ذو العرش " 15 سورة غافر.
والتي لها الفصل 38 من الباب 198،الفتوحات المكية  حيث يقول الشيخ: (اعلم أن المراتب كلها إلهية بالأصالة وظهرت أحكامها في الكون وأعلى مرتبة إلهية ظهرت في الإنسان الكامل...).
فالجواب: هذه المرتبة الجامعة للمراتب والمعينة لها، لها جمعية الإنسان المحمدي الكامل، ومظهرها الأتم هو خاتم الأولياء المحمديين الذي عين مراتب الفصوص كما فصل مراتب الوجود.
و لعلاقة الخاتم بالمراتب يشير الشيخ في قوله في فص شیث: (وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب، وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد مقدم الجماعة وسيد ولد آدم في فتح باب الشفاعة).
كلمة المفاتيح الوجودية من عنوان الكتاب تعني الأسماء الإلهية الحسيني الممدة الأنبياء الفصوص والمتوجهة على إيجاد مراتب الوجود.
أما المفاتيح القرآنية فهي السور والآيات المناسبة الكل فص.
التناسب بين أبواب الفصوص ومراتب العالم وحقائق الإنسان
فصل الشيخ في العديد من مكتوباته مراتب العالم، وسنذكر بعضها لاحقا.
وفي نهاية تفاصيله يرجعها إلى نفس الإنسان الجامع لما انتشر في الآفاق لقوله تعالى: " سنريهم آياتنا فى الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق» 53 سورة فصلت.
وفي هذا المعنى يقول في كتابه "عنقاء مغرب":
(فليس غرضي في كل ما أصنف في هذا الفن معرفة ما ظهر من الكون، وإنما الغرض تنبيه الغافل على ما وجد في هذا العين الإنساني والشخص الآدمي... لا فائدة في معرفة ما خرج عن ذاتك إلا ما يتعلق به سبيل نجاتك).
فلنذكر ما يناسب كل باب في الفصوص من مراتب العالم كما سنفصله في هذا الكتاب، ومايناسب كل مرتبة من حقائق الإنسان حسب ما ذكره الشيخ في أواخر الباب السادس من الفتوحات حيث صنف مراتب العالم إلى ثلاثة أصناف:
العالم الأعلى بدءا من الحقيقة المحمدية وانتهاء بقلك القمر في السماء الدنيا.
ثم عالم الاستحالة بأفلاكه الأربعة: نار وهواء وماء وتراب.
ثم عالم التعمير من ملائكة وجن وجماد وحيوان ونبات وإنسان.
وقد فصلنا أسماء أصناف الملائكة التي تعمر مختلف مراتب العالم في أخر باب فص موسى عليه السلام  من هذا الكتاب.
من ديوان الشيخ الأكبر:
صادني من كان فكري صاده ... ما له والله عنه من محيص
صابرا في كل سوء وأذى ... في كيان من عموم وخصوص
صرة أودعت قلبي علمها ... في كتاب وسمته بالفصوص
صبرت قهرا وعجزا وأبت ... غيرة منها عليه أن تنوص
صيرته واحدا في دهره ... ثم رامت عنه عزا أن تبوص
صادفت والله في غيرتها ... عين ما جاء به لفظ النصوص
صدقتها فلها النور الذي ... ما له في كونها ذاك الوبيص
صلبت في الدين فانقاد لها ... كل معنى هو في البحث عويص
صلى القلب اشتعالا بعد ما ... كان ذا عزم عليه وحريص
صامت النفس وصلت فلها ... لمعان من سناها وبصيص
المرتبة 28 لفص حكمة جامعية في كلمة خاتمية من الإسم رفيع الدرجات ذي العرش وحرف الواو ومنزلة الرشا ببرج الحوت
ظهور مراتب الكون بتحلي الأسماء الحسنى إنما كان من الاسم الظاهر.
فلنبدأ بآخر حلقة من سلسلة الظهور ونصعد لأولها:
الظهور لا يكون إلا بالاختلاف والتنوع ويستلزم التفاضل فرفيع وأرفع وسافل وأسفل.
فلهذا كانت أخر الدرجات من الاسم الظاهر، أي الدرجة 28 مناسبة لاسمه تعالى: ( رفيع الدرجات و العرش ) (غافر، 15) الذي يقول عنه الشيخ أنه (متوجه على تعيين المراتب لا على إيجادها، لأنها نسب لا تتصف بالوجود إذ لا عين لها.
ولها من الحروف حرف الواو ومن المنازل المقدرة الرشا وهو الحبل الذي للفرع (...)
وإنما كان لها الواو لأن الواو لها الستة من مراتب العدد وهي أول عدد كامل والكمال في العالم إنما كان بالمرتبة فأعطيناه الواو.
ومن المنازل الرشا وهو الجبل والحبل الوصل وبه يكون الاعتصام كما هو بالله. فأنزل الحبل منزلته فلولا أن رتبة الحبل أعطت ذلك ما ثبت قوله : " واعتصموا بحبل الله " 103 سورة آل عمران. كما قال : " واعتصموا بالله " 146 سورة النساء.
فافهم این جعل رتبة الحبل وبأي اسم قرنه وإلى أي اسم أضافه (...)
اعلم أن المراتب كلها إلاهية بالأصالة وظهرت أحكامها في الكون وأعلى مرتبة الإلهية ظهرت في الإنسان الكامل.
فأعلى الرتب رتبة الغني عن كل شيء وتلك الرتبة لا تنبغي إلا الله من حيث ذاته. وأعلى الرتب في العالم الفن بكل شيء وإن شئت قلت الفقر إلى كل شيء وتلك رتبة الإنسان الكامل .
فإن كل شيء خلق له ومن أجله وسخر له لما علم الله من حاجته إليه فليس له غنى عنه.
والحاجة لا تكون إلا لمن بيده قضاؤها وليس إلا الله الذي بيده ملكوت كل شيء.
فلا بد أن يتجلى لهذا الإنسان الكامل في صورة كل شيء ليودي إليه من صورة ذلك الشيء ما هو محتاج إليه وما يكون به قوامه (...)
واعلم أنه لولا الصور ما تميزت الأعيان ولولا المراتب ما علمت مقادير الأشياء ولا كانت تنزل كل صورة منزلتها كما قالت عائشة رضي الله عنها : "أنزلوا الناس منازلهم".
وبالرتبة علم الفاضل والمفضول وما ميز بين الله والعالم وما ظهرت حقائق ما هي عليه الأسماء الإلهية من عموم التعلق وخصوصه...) انتهی
وقد سبق القول إن صاحب هذه المرتبة الكاملة الرفيعة المعينة للدرجات هو خاتم الأولياء المحمدي الذي عين هذه المراتب في أبواب الفصوص وفصول الباب 198 من الفتوحات وبه ظهرت أفضل رتبة وأعلى درجة للإنسان الكامل بجمعيته القرآنية وتفصيله الفرقاني الأوسع
المهمين على كل سابق ولاحق لكونه صاحب أم الكتاب الجامعة التي أشار إليها الشيخ بقوله: "فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب".
كما أشار في فص شيث لعلاقة الخاتم هذه الدرجة المعينة للمراتب عند قوله:
(وخاتم الأولياء الولي الوارث الآخذ عن الأصل المشاهد للمراتب وهو حسنة من حسنات خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم مقدم الجماعة...)
و حرفه الواو منتهى النفس الإنسان - كما أن الخاتم الكامل هو منتهى النفس الرحماني - الجامع لكل قواها إذ إليه تنتهي .
وإليه أشار في قوله عن الأولياء من أهل الأنفاس في الفصل 11 من الباب 198: (فدخلنا في كل ما ذكرناه في هذه الإمدادات الإلهية ذوقا مع عامة أهل الله وزدنا عليهم باسم إلهي هو الآخر أخذنا منه الرياسة وروح الله الذي بناله المقربون من قوله تعالى : " فأما إن كان من المقربين . فروح وريحان وجنة نعيم " 88 - 89سورة الواقعة. ونلت هذه المقامات في دخولي هذه الطريقة سنة 580... الخ). و منزلته الفلكية الرشا ببرج الحوت المائي منبع الحياة وحبله متصل برج شرف الشمس أي الحمل.
والرشا في اللغة هو الحبل فهو رمز للرابط بين حلقات سلسله مراتب الوجود أي هو رمز لعمد قبة الكون أي الإنسان الأحمدي الكامل.
ولهذه المرتبة المناسبة للباب الثامن والعشرين الخفي في الفصوص ثلاثة مظاهر:
المظهر الأول لهذه المرتبة: مقدمة الفصوص حيث نرى الختمان: خاتم الرسل صلى الله عليه وعلى آله وسلم يمد خاتم الأولياء بالفصوص في حضرة الرحمة الواسعة التي أشار إليها بقوله: "هذه الرحمة التي وسعتكم فوسعوا"، ويناسبها في القرآن البسملة خصوصا بسملة الفاتحة - التي بوجودها في فاتحة كل سورة تتميز مراتب القرآن أي سورة.
و كما قال الشيخ "لولا الصور ما تميزت الأعيان"، وفي بسملة أم الكتاب تنطوي حقائق القرآن... وحيث أن الهيئة الكلية للفصوص دائرية كهيئة منازل الفلك فإن:
المظهر الثاني لهذه المرتبة: في أواخر فص سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بدءا من قوله: (فراعي الدرجات التي للحق في قوله: " رفيع الدرجات ذو العرش " و لاستوائه عليه باسمه الرحمن).
فكان هذا الباب الخاتمي الأكبر طواه الشيخ في آخر باب الكلمة المحمدية الفردية والشيخ من رؤوس الأفراد واسمه محمد  وتنتهي فقرته عند الاسم الواسع الذي ذكره في المقدمة.
وفي قوله في هذا الفص الأخير: (وهو الإله الذي وسعه قلب عبده، فإن الإله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه، والشيء لا يقال فيه يسع نفسه ولا يسعها فافهم).
فكما بدأ الشيخ الفصوص بالرحمة الواسعة، ختمه بالرحمانية المحمدية والقلب الواسع المفضي إلى اللانهاية ...
فاسم فص حكمة الشيخ الجامعة لكل الفصوص في مرتبته الثامنة والعشرين هو :
(فص حكمة جامعية في كلمة خاتمية) وهي منطوية في باب (فص حكمة فردية في كلمة محمدية) لأن ذلك الخاتم -كما يقول الشيخ حسنة من حسنات سیدنا محمد و فله النصيب الأوفر من جمعيته، وعبد الجامع هو الاسم المخصوص به كقطب لجميع الأقطاب حسبما ذكره الشيخ في الباب 270 من الفتوحات.
والسورة المناسبة لهذا المظهر هي: فاتحة الكتاب لأنها الأم الجامعة كما سنذكره لاحقا
المظهر الثالث لهذه المرتبة: مجموع أبواب الفصوص، وخصوصا الباب العاشر أي (فص حكمة أحدية في كلمة هودية) الذي له فلك المنازل الثمانية والعشرين المناسبة لمراتب الوجود ولأبواب الفصوص ولهذا ذكر الشيخ فيه أنه اجتمع بكل الرسل عليهم السلام ولم يكلمه منهم إلا هود لتمام المناسبة الوجودية بينهما ولنسبتهما العربية، وحكمتها الأحدية.
والاسم الإلهي المتوجه على إيجاد مرتبة فلك المنازل الفلكية الثمانية والعشرين كما سنراه هو "المقدر" القريب في معناه من "رفيع الدرجات" إذ كل منهما يعين المراتب ويميزها.
وسنرى في القسم الأخير من هذا الكتاب أن لسورة فص هود علاقة عددية عجيبة لحروفها مع مجموع المراتب ومفاتيح الفصوص.
ولعلاقة هود بالخاتم حيث أن هودا هو أول الرسل العرب المذكورين في القرآن والشيخ عربي طائي وهو آخر الورثة الكمل المحمديين في زمانه  يقول شارحوا الفصوص الأوائل من تلاميذ الشيخ في شرحهم لفص هود أن اجتماع جميع الأنبياء بالشيخ في المشهد الذي أقيم فيه بقرطبة سنة: 586 هـ. وقع لتهنئته بنیل مقام ختم الولاية المحمدية.
يقول القاشاني: "وإنما أخبره هود دون غيره منهم لمناسبة مشربه وذوقه ل لمشرب الشيخ قدس الله سره، في توحيد الكثرة وسعة مقام كشفه وشهود الحق في صورة أفعاله وآثاره".
وهذا المظهر الجامع للمراتب الفلكية يناسبه مجموع سور القرآن وخصوصا السور التسع والعشرين المفتتحة بالحروف المقطعة والمناسبة لتلك المنازل الفلكية حسبما ذكره الشيخ في الباب الثاني من الفتوحات (ج الأول ص 60) والباب (198 فصل 27 ج الأول ص 449) وقد قال الشيخ إن خاتم الأولياء والقرآن أخوان (فتوحات الثالث باب 366 ص 329) وقال إن القطب لا يتمكن من الخلافة الكاملة إلا بعد تحصيله لمعاني حروف أوائل السور وهي 78 حرفا (ف الاول ص 555).
من ناحية أخرى لمة فص آخر له علاقة متميزة مع الخاتم وهو فص شيث الذي فصل الشيخ فيه علاقة خاتم الأولياء بخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام.
ذلك لأن هذا الفص مرتبة اللوح المحفوظ. وفي اللوح كتب الله تعالى تعيين المراتب التي هي من وظائف الخاتم.
واللوح هو الروح الكل الذي ينفخ في الصور النفوس الجزئية فتعين مراتبها وتتميز أوصافها وحقائقها (ينظر الفتوحات ج الأول باب 198 ص 427 اب 271 ص 575).
ومن هذه المماثلة بين الخاتم واللوح في وظيفة الحفظ وتعيين المراتب ونفخ الحياة تكلم الشيخ في فص شبث اللوحي على الأختام والمواهب والعطايا ... ومن الكلمات المثيرة للوح المحفوظ كلمة: (كل شيء).
قال تعالى: " وكتبنا له في الألواح من كل شيء" 145 سورة الأعراف.
وعدد (كل شيء) هو 360. وكثيرا ما ذكر الشيخ في كتبه أن عدد أمهات العلوم اللوحية هو 360 ومنه كانت الدائرة الفلكية 360 درجة.
وهذا العدد مطابق لعدد الاسم "رفيع - 360" من (رفيع الدرجات المتوجه على إيجاد هذه المرتبة الخاتمة الثامنة والعشرين.
كل هذه الاعتبارات تؤكد ما عرف الشيخ به مقام خاتم الأولياء في الباب 559 من الفتوحات حيث يقول: (الختم الخاص هو المحمدي ختم الله به ولاية الأولياء المحمديين أي الذين ورثوا محمدا صلى الله عليه وسلم وعلامته في نفسه أن يعلم قدر ما ورث كل ولي محمدي من محمد صلى الله عليه وسلم فيكون هو الجامع علم كل ولي محمدي لله تعالى.
وإذا لم يعلم هذا فليس بختم. ألا ترى النبي صلى الله عليه وسلم لما ختم به النبيين أوتي جوامع الكلم واندرجت الشرائع كلها في شرعه اندراج أنوار الكواكب في نور الشمس....
وأخيرا فإن في فص شيث إشارة إلى أن لخاتم الأولياء المرتبة الجامعة الثامنة والعشرين، وذلك حين ذكر أنه رأى نفسه على شكل لبنتين لبنة ذهب تليها لبنة فضة في منتهى الكعبة.
وذكر قصة هذه الرؤيا في الفتوحات (باب 65 ج الأول ص 318- 319). كما أورد حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى حائطا فأكمله إلا لبنة واحدة فكنت أنا تلك اللبنة فلا رسول بعدي ولا نبي"... فإذا جمعنا هذا القول مع قول الشيخ في الباب 72 من الفتوحات: "وارتفاع البيت سبعة وعشرون ذراعا وذراع التحجير الأعلى فهو ثمانية وعشرون ذراعا كل ذراع مقدار لأمر ما إلهي يعرفه أهل الكشف …" يتبين أن ذلك الذراع الخاتم هو لخاتم الأولياء صاحب اللبنتين والله أعلم.
وفي نص حكمة إمامية في كلمة هارونية يذكر الشيخ اسم رفيع الدرجات، وفي هذا إشارة لمقامة الإمامي كما سنذكره في الملاحظات حول ذلك الفص.
وكذلك في فص داود إشارة إلى هذا المقام الختامي لأن لذلك الفص مرتبة سماء القمر . بمنازله الثمانية والعشرين فقال فيه أن الولي الخليفة يأخذ من معدن الرسل فهو كقوله في فم شبث أن روح الخاتم المحمدي لا تانيه المادة إلا من الله تعالى…
تناسب أنبياء الفصوص والبروج والشهور وفاتحة الكتاب
ذكرها الشيخ في جوابه عن السؤال 144 من أسئلة الحكيم الترمذي فقال
عن الحديث الشريف: " ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي  "
فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا وصاموا إلى أن ماتوا وما أفطروا نهارا مع طول
أعمارهم سوالا ورغبة ورجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلهم ما
تمنوا و جعلهم الله اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا.
كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون جميع المراتب تتمنى أن تكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الاسم الظاهر ليجمعوا بينه وبين ما حصل لهم من اسمه "الباطن" انتهى.
وقد خصص الشيخ الباب 463 من الفتوحات لمعرفة الاثني عشر قطبا الذين عليهم مدار العالم ومدار الأمة المحمدية.
كل قطب له برج معين وهو على قدم نبي مناسب لمقامه وله سورة منها مدده فلنذكر هؤلاء الأنبياء ونجعل بين قوسين سورة أقطابهم:
لنوح "يس" والقطب الذي على قلبه هو الإمام المهدي الظاهر في آخر الزمان. ولإبراهيم "الإخلاص" .
ولموسى "النصر".
ولعيسى "الكافرون".
ولداود "الزلزلة".
ولسليمان "الواقعة والمعادلة"
ولأيوب "البقرة".
ولإلياس "آل عمران".
ولوط له "الكهف" والقطب الذي على قلبه يدرك عيسى عند نزوله وهو الذي يقتله الدجال في زعمه وهو الخضر يظهر له على هيئة فتى ممتلئ شبابا.
وهود "الأنعام".
ولصالح "طه" والقطب الذي على قلبه هو أشرف الأقطاب الأن صورته أشرف السور في العالم السعيد ويقرأها الحق تعالى على عباده في الجنة بلا واسطة.
و  لشعيب "الملك"..
وللعلاقة بين البروج والشهور
توجد أيضا نسبة بين الأنبياء والشهور القمرية فيقول في الباب 90: "فإن أفضل
الشهور عندنا رمضان ثم شهر ربيع الأول ثم شهر رجب ثم شعبان ثم ذو الحجة ثم شوال ثم ذو القعدة ثم المحرم.
وإلى هنا انتهى علمي في فضيلة الشهور القمرية"
وفي الباب 12 يقول: "وفي الأنبياء من الزمان أربعة حرم: هود وصالح وشعيب سلام الله عليهم ومحمد صلى الله عليه وسلم  وعينها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب".
ويقول الشيخ عن تلك البروج في الفصل الثالث من الباب 371:
"وأسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي وترابي وهوائي وناري وعن هؤلاء ينكون في الجنة ما يتكون"...
ومن هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تمت إحاطتهم.
ومن كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان وإذا سعدوا سرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل والقضاء النافذ هم إلى هذا الفلك تنتهي لا تعداه لإنها لم تعتقد سواه.
وإن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم والمنازل ثلاثة دنيا و برزخ وآخرة.
وما ثم رابع ولكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم، لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا" انتهى
وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة المؤمنون" يقول: فلما قضى الله أن يكون لهذه البروج أثر في العالم الذي تحت حيطة سماء هذه البروج جعل الله في نشأة هذا الإنسان "اثني عشر قابلا يقبل بها هذه الآثار فيظهر الإنسان الكامل بها" ثم فصل الشيخ تفصيلا وافيا تلك الآثار.
ثم إن هذه الآثار وأولئك الأئمة الأقطاب لهم علاقة بمفاتيح الكنوز الاثني عشر التي ذكرها الشيخ في الباب 379 من الفتوحات المخصوص .بمنزل سورة المائدة التي فيها الآية: "ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا" الآية فذكر أسماء اثني عشر رجلا روحانيا ينشئهم الله تعالى من ركعات وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكل ركعة رجل.
يقول الشيخ عنهم ما خلاصته:
"اعلم أن الاثني عشر منتهى البساط من الأعداد: فالأصابع منها تسعة والعقد ثلاثة. ولكل واحد مشهد الحي لا يكون لسواه، ولكل واحد رجل من عباد الله له حكم ذلك العدد.
فالواحد منهم ليس من العدد. ولهذا كان وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأ رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الركعة .
وأما الثاني عشر فهو الجامع لهم وهو حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول.
وهؤلاء الاثنا عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف المكنوزة في صور العالم فيستخرجوها بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع الله الذاتية المستصحية استصحاب الواحد للأعداد.
وربما صورهم هي التي جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة
لأن صورهم منه في باطنه فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين .
فلما ظهر بجسده استصحبته تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوترها فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صلى الله عليه وسلم "انتشروا وفيه ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين" إلى آخر ما فصله.
فعدد ركعات يوم كامل هو مجموع الركعات المفروضة في الصلوات الخمس أي 17 ركعة مع عدد ركعات الوتر أي 11 ركعة فمجموعها:
28 لكل ركعة مناسبة خاصة مع نبي من أنبياء الفصوص ومرتبته الوجودية. وبتأمل أسمائهم نجدها نابعة من الأسماء الحسنى التي عليها مدار أم الكتاب المخصوصة به في مقام "كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" ونزلت إليه من كتر تحت العرش.
 .
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين أغسطس 05, 2019 12:23 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: مقدمة الكتاب ومفاتح خطبة كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني .الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 12:22 pm

 مقدمة الكتاب ومفاتح خطبة كتاب فصوص الحكم الجزء الثاني .الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

مقدمة كتاب المفاتيح على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

مقدمة الكتاب ومفاتح خطبة فصوص الحكم الشيخ الأكبر  الجزء الثاني

فلنذكر أسماءهم مع ما يناسبها من الفاتحة:
عبد الكبير "الله أكبر" (بسم الله ).
عبد الحميد "الحمد لله" .
عبد الرحمن وعبد الرحيم و "الرحمن الرحيم" .
عبد المعطي "وإياك نستعين ".
عبد المؤمن "الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم".
عبد الملك "ملك يوم الدين" .
عبد الهادي "أهدنا الصراط المستقيم ".
عبد ربه "رب العالمين" .
عبد الفرد "إياك نعبد وإياك نستعين".
عبد الله "بسم الله الحمد الله" .
عبد المجيب "آمين".

وفي عدة مواضع من كتبه يتكلم الشيخ عن الصلة الأصيلة بين القرآن والإنسان الكامل وبين الخاتم المحمدي وأم القرآن فاتحة الكتاب التي ذكرها الشيخ في آخر الفص الأدمي الأول .
قائلا: "فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب". فالفصوص تفصيل لبعض حقائقها.
وفي الباب 383 من الفتوحات المخصوص بمنزل الفاتحة يبين أن بحقائقها يحفظ الله الوجود، وعدد أحكام تلك الحقائق أربعة عشر ناتجة عن ضرب السبعة في الاثنين، لأنها هي السبع المثاني والقرآن العظيم.
لكل حكم رجل هو مظهر ذلك الحكم في كل زمان، ومجموعهم يتألف من القطب والإمامين والأوتاد الأربعة و الأبدال السبعة،
لكل بدل إقليم، ولكل وتد جهة، وللإمامين عالمي الغيب والشهادة، و بالقطب بحفظ
الجميع، وهم على قلب 14 نبیا هم آدم وإدريس ونوح وإبراهيم ويوسف وهود وصالح وموسى وداود وسليمان ويجي وهارون وعيسى ومحمد سلام الله عليهم.
وهم من الأسماء الإلهية الله والرب والهادي والرحيم والرحمن والشاي والقاهر والمميت والمحيي والجميل والقادر والخالق والجواد والمقسط .
كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي و كل نبي يفيض على كل وارث من أولئك الأربعة عشر ولهم من الحروف الأربعة عشر حرفا من أوائل السور المذكورة سابقا، وهي مجموعة كلها في الفاتحة المؤلفة من 21 حرفا مع لام ألف وعدد كلماتها: 25 وهو عدد الأنبياء المذكورة أسماؤهم في القرآن وهو حاصل ضرب الخمسة في نفسها والخمسة هو العدد الحافظ لنفسه ولغيره حسب تعبير الشيخ ومع البسملة فعدد كلماتها 29 على عدد المنازل أو الحروف مع الام ألف.
ملاحظة:
عدد البسملة بالحساب المغربي الكبير - باعتبار ألف المد في الله الرحمان - يساوي: [size=24]1028[/size] وهو عدد له أهمية كبرى عند الشيخ وكثيرا ما يشير إليه إذ هو عدد الصور في إزار العظمة" راجع جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمذي " أو عدد مواقع النجوم أي عدد أقسام دائرة فلك المنازل مع السماوات السبعة " "71021
+ " وهو عدد كل مخارج الحروف في عالم الحيوان" راجع "عقلة المستوفز".
وهو يساوي مجموع العددين" 281000 + " أي آخر المراتب العددية وآخر المراتب الحرفية، حيث أن عدد آخر حرف هو : 1000 وهو عدد سجدات الصلوات الخمس مع الوتر خلال شهر قمري مع اعتبار أن لصلاة الجمعة ركعتين
فقط: ففي كل يوم 18 ركعة أي 36 سجدة على عدد وجوه البروج أو مقامات المشاهدة و في الشهر 1044 =  29 * 36   ينقص منه السجدات الناقصة في صلاة الجمعة خلال شهر: 16 = 4 * 4 فيبقى عدد صور إزار العظمة: 1028.
وإنما ذكرنا هذا العلاقة الصلاة بحفظ مراتب الوجود المناسبة لأبواب الفصوص: فالصلاة حافظة للدين إذ هي عموده.
والدین حافظ للوجود لقوله تعالى: "ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض" والحافظ للصلاة هو المصلي الكامل.
فبصلاة الكامل تحفظ مراتب الوجود ولهذا قرها الحق تعالى بالحفظ فقال: "حافظوا على الصلوات".
وهذا ختم الشيخ الفص المحمدي الخاتم الذي هو قطب الفصوص بالكلام على الصلاة.
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الاسم  "الحفيظ" هو : 1029 وهو العدد الذي يعتبر عوض 1028 أحيانا لأقسام مواقع النجوم كما أن المنازل تعتبر أحيانا 29.
عوض: 28... وأما عدده الصغير بالحساب المغربي فهو "حفیظ - 25" أي 5*5 والخمسة هو عدد الحفظ كما سبق ذكره، أو عدد كلمات الفاتحة أو عدد الأنبياء المذكورين في القرآن باسمائهم.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 12:27 pm

01 - فص حكمة إلهية في كلمة آدمية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الآدمي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 01 لفص حكمة إلهية في كلمة آدمية من الاسم البديع ومرتبة القلم الأعلى وحرف الهمزة ومنزلة الشرطين من الحمل
كل الأسماء المنبعثة بالباعث لا ظهور لها إلا بوجود المخلوق المبدع الأول.
فالبديع هو الاسم الأصلي في الظهور من نفس الرحمان.
فله المرتبة الأولى بتوجهه على إيجاد المبدع الأول أي العقل الأول.
وأنسب الكمل لهذه الأولية هو الإنسان الخليفة الأول أبونا سيدنا آدم عليه السلام فله الفص الأول.
وقد سبق القول أن للعمل الأول أسماء مختلفة باعتبار ما له من الوجوه والوظائف فهو الحقيقة المحمدية والقلم الأعلى والروح الكلي وروح الأرواح والحق المخلوق به والعدل والإمام المبين والعرش المجيد والدرة البيضاء والعقاب المالك.
وقد تكلم الشيخ عن علاقة البديع بالعقل في الفصل 11 والفصل 37 من الباب 198 وفيه يقول ما خلاصته.
"فنظر الاسم الإلهي الذي يقتضي أن يكون له الأثر في العالم ابتداء فنجده البديع لأنه لم يتقدم العالم عالم يكون على مثاله فالبديع له الحكم في ابتداء العالم على غير مثال، وليس المبدئ كذلك فالبديع حيث كان حكمه ظاهر نفي المثال، وما انتفى عنه المثال، فهو أول فأعطيناه أول الزمان اليومي وهو الذي ظهر بوجود الشمس في الحمل وأوله الشرطين.
وأعطيناه من الحروف الهمزة فإنها أول حرف ظهر في المخرج الأول فهي أول مبدع من حروف نفس الإنسان، کالعقل أول مبدع في أول درجة من نفس الرحمان. وللهمزة من الوجوه والأحكام مثل ما للعقل في النفس).
ولهذا كانت حكمة هذا الفص إلهية لأن الاسم الله هو أول الأسماء وأول حروفه الهمزة المناسبة للقلم وآخرها الهاء المناسبة للوح النفس فمدار هذا الفص حول الأصول الثلاثة الجامعة: "الله البديع" والعقل الأول وآدم عليه السلام .
وفصل الشيخ العلاقات بين هذه الثلاثة. فلنذكر أمثلة الكلامه حولها يقول (صفته أي أدم- الحضرة الإلهية) وإن شئت مجموع الأسماء الإلهية وإن شئت قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الله خلق آدم على صورته) فهذه صفته فإنه لما جمع له في خلقه بين يديه علمنا أنه قد أعطاه صفة الكمال فخلقه کاملا جامعا ولهذا قبل الأسماء كلها. "فتوحات الجزء الثاني باب 73 جواب عن سؤال الترمذي رقم: 40 ص 67"
ويقول: (... ولهذا ثبت العالم فإن الله لا ينظر إلى العالم إلا يبصر هذا العبد. فلا يذهب العالم للمناسبة. فلو نظر إلى العالم ببصره لاحترق العالم بسبحات وجهه فنظر الحق العالم ببصر الكامل المخلوق على الصورة فهو عين الحجاب الذي بين العالم وبين السبحات المحرقة "فتوحات ج الأول باب 178 ص 354").
ويقارن الشيخ بين مرتبتي العقل الأول والإنسان فيقول:
الصورة الإلهية لا تخلو إما أن تكون جامعة فهي صورة الإنسان أو غير جامعة فهي صورة العقل.
فإذا سوى الرب الصورة العقلية بأمره وصور الصورة الإنسانية بيديه توجه عليهما الرحمان بنفسه فنفخ فيهما روحا من أمره.
فأما صورة العقل فحملت في تلك النفخة بجميع علوم الكون إلى يوم القيامة وجعلها أصلا لوجود العالم، وأعطاه الأولية في الوجود الإمكاني.
وأما صورة الإنسان الأول المخلوق باليدين فحملت في تلك النفخة علم الأسماء الإلهية ولم تحملها صورة العقل فخرج على صورة الحق وفيه انتهى حكم النفس إذ لا أكمل من صورة الحق.
ودار العالم وظهر الوجود الإمكاني بين نور وظلمة وطبيعة وروح وغيب وشهادة وستر و کشف... "فتوحات ج الأول باب 198 فصل 11: العقل الأول").
ويقول: (وأقام سبحانه هذه الصورة الإنسانية بالحركة المستقيمة صورة العمد الذي للخيمة فجعله لقبة هذه السماوات، فهو سبحانه يمسكها أن تزول بسببه، فعبرنا عنه بالعمد.
فإذا فنيت هذه الصورة و لم يبق منها على وجه الأرض أحد متنفس انشقت السماء فهي يومئذ واهية لأن العمد زال وهو الإنسان.
ولما انتقلت العمارة إلى الدار الآخرة بانتقال الإنسان إليها وخربت الدنيا بانتقاله عنها علمنا قطعا أن الإنسان هو العين المقصودة الله من العالم وأنه الخليفة حقا وأنه محل ظهور الأسماء الإلهية وهو الجامع لحقائق العالم كله "فتوحات باب 7 ص 125"
ويقول: (فإن الكامل من الرجال بمنزلة الاسم الله من الأسماء فتوحات باب 554 ص 194".
ولعلاقة هذا الباب بالعقل الأول تكررت فيه الألفاظ المشتقة من العقل مثل: معقولة، معقولية عقل نحو 14 مرة خصوصا في الفقرة التي بدأها بقوله: "ثم نرجع إلى الحكمة فنقول.. الح".
وبعدها انتقل إلى الحديث حول التماثل بين الإنسان والعقل الأول في الحدوث والإمكان الذاتي
والافتقار.
ثم تكلم عن الجمع بين الضدين عند الحق والخلق والمتمثل في خلق الإنسان باليدين والمتمثل في العقل الأول بإقباله على الله تعالى استمدادا وإدباره نحو النفس الكلية إمدادا.
ثم ذكر الآية التي فيها ذكر الأب الأول وزوجته وما بث منهما من رجال ونساء، إشارة إلى أن العلاقة الزوجية الإنسانية صورة العلاقة القلم الأعلى باللوح المحفوظ، أو العقاب المالك بالورقاء المطوقة.
فهما أول ناکح ومنکوح وما تولد منهما من صور كونية حاملة ومحمولة الرجال الأرواح والعقول ونساء النفوس والطبائع...
وقول الشيخ: (ما أودع في هذا الإمام الوالد الأكبر) يعني بهما في نفس الوقت الإمام المبين أي العقل الأول وادم الوالد الأكبر ...
ثم ذكر ترتيب أبواب الفصوص داخل الكلمة الآدمية إشارة إلى جمعية آدم لأبنائه من الكمل جمعية بالقوة تظهر تفاصيلها بالفعل في بقية الأبواب، كجمعية العقل الأول لكل المراتب الكونية المحملة في علمه الإجمالي المعبر عنه بالنون ثم يفصلها مسطرة في اللوح لتنتشر عبر مدارج النفس الرحماني...
وما العقل وآدم إلا أول مظاهر الإنسان الكامل على المستوى الكون والمستوى الإنساني...
وختم الفص بذكر أم الكتاب إشارة وتمهيدا للدخول إلى فص شيث الموالي الذي له مرتبة اللوح المحفوظ الذي من أسمائه أم الكتاب.

01  : سورة فص آدم عليه السلام
سورة هذا الفص الأول للإنسان الأول والعقل الأول هي أول سورة أنزلت أي "العلق" التي سمي الشيخ منها في الباب 288. من الفتوحات "منزل التلاوة الأولى" وسماه في الباب 22: منزل التعليم، وفي الفصل التاسع عشر من الباب 369: خزانة التعليم، وفي الباب "559 الجزء الرابع ص 388" "الحكم في اللوح والقلم".
فمناسبتها لآدم هي أنه هو أول متحقق من البشر بأياتها الأولى التي هي أول ما نزل من القرآن وهي: "اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم".
فأدم هو أول إنسان تعلقت القدرة الإلهية بخلقه وأول من تعلم من ربه الأسماء كلها. وقد تكررت كلمة "خلق" في الآيتين الأولى والثانية مرتين متتاليتين: خلق العالم ثم خلق آدم أو الخلق التقديري ثم الخلق الإيجادي.
وتكررت كلمة "إنسان" في السورة ثلاث مرات...
- فما ذكره الشيخ في هذا الفص حول آدم والإنسان مرجعه لكلمات "إنسان" من السورة...
-وما ذكره حول المعقولات حتى تكررت مشتقات كلمة "عقل" نحو 14 مرة مرجعه الكلمة في "علم بالقلم " 4  سورة العلق .
والقلم الأعلى هو العقل الأول.
وقد توسع الشيخ في معنى هذه الآية في الوصل 19 من الباب "369" وهو الوصل المتعلق بسورة العلق.
- ومن كلمة "اقرأ" التي هي مفتاح السورة وكلمتها العاشرة استمد الشيخ كلامه الطويل حول الجمعية الآدمية والكليات المعقولة والأدب، لأن القرء هو الجمع، ولأن الأدب هو جماع الخير كله .
ولهذا نجد الشيخ في الباب "298 فتوحات" الذي هو منزل سورة العلق يبدأ بذكر الجمع والأدب فيقول مشيرا الأولية نزول السورة: "أول ما أمر الله به عبده الجمع وهو الأدب وهو مشتق من المادية وهو الاجتماع على الطعام كذلك الأدب عبارة عن جماع الخير كله"
وفي هذا الفص يقول: (لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى أن يرى عينه في كون جامع بحصر الأمر كله) ثم توسع في بيان هذه الجمعية بحيث تكررت مشتقات كلمة "جمع" أكثر من 12 مرة زيادة على كلمات "كل - کلیات" فهو يقول مثلا: (... فهو الكلمة الفاصلة الجامعة.) وليس للملائكة جمعية آدم... لكونه الجامع لحقائق العالم ومفرداته ... فما فاز إلا بالمجموع “.
ويذكر الأدب فيقول: ...(فهذا التعريف الإلهي مما أدب به الحق عباده الأدباء مفاتیح فصوص الحکم الأمناء الخلفاء) وقال: (... وتعلم الأدب مع الله تعالى ...) وفي آخر الفص ( ...واجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين).
وحيث أن جمعية آدم مقرونة باسم الرب في " اقرأ باسم ربك " 1 سورة العلق.
جعل الشيخ حكمة هذا الفص منسوبة للاسم الجامع لأسماء الرب وهو "الله".
وعن العلاقة بين آدم والله يتكلم في متل العلق "أي الباب 288 في" فيقول: (ولقيت الشيخ أبا أحمد بن سیديون بمرسية وسأله إنسان عن اسم الله الأعظم فرماه بحصاة يشير إليه أنك اسم الله الأعظم .
وذلك أن الأسماء وضعت للدلالة فقد يمكن فيها الاشتراك وأنت أدل دليل على الله وأكبره فلك أن تسبحه بك. إلى آخر ما فصله.
وقد افتتح هذا المنزل بأبيات فيها إشارة إلى كلمات السورة و لمسائل هذا الفص، وهي: |
كن للاله كبسم الله للبشر ..... من اسمه الرب رب الروح والصور
فالخلق والأمر والتكوين أجمعه ..... له فلا فرق بين العقل والحجر
كالزاهد المتعالي في غناه به ..... فلا يميز بين العين والمدر
والعارف المتعالي في نزاهته ..... له التميز بين العين والبصر
إذ الرجوع إلى التحقيق شيمة من ..... يرى المنازل في الأعلام والسور
قوله: (غناه به يشير للآيتين 6 و7  " إن الإنسان ليطغى ، أن رءاه استغنى"  و منهما قال في هذا الفص: (فكل قوة منها محجوبة بنفسها لا ترى أفضل من ذاتها وأن فيها، فيما تزعم، الأهلية لكل منصب عال ومنزلة رفيعة عند الله، لما عندها من الجمعية الإلهية) .
ومنه أيضا قوله في أواخر الفص: (فالکل مفتقر ما الكل مستغن).
والبيت الأخير السابق مناسب لقوله في هذا الفص: (وإنما كان آخرا لرجوع الأمر كله إليه) وهذا المعنى مرجعه للآية -8  "إن إلى ربك الرجعى " كما أن كلامه في آخر الفص عن التقوى مرجعه للآية -12 " أو أمر بالتقوى".
وفي البيتين الأخيرين ذكر العين والبصر وفعل: بری لتكرار فعل الرؤية في السورة: (كما في الآيات) " 7 - 9 - 11 - 13 .
و" يرى"  في الآية -12  " ألم تعلم بأن الله يرى " التي خصص الشيخ لها الباب "507" من الفتوحات وقد بدأ هذا الفص بهذه الرؤية الإلهية فقال:
لما شاء الحق سبحانه... أن يرى أعيانها وإن شئت قلت أن يرى عينه... فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤية نفسه في أمر آخر...)
وقال: (... ولهذا سمي إنسانا فإنه به ينظر الحق إلى خلقه فيرحمهم...)
وقال: (وذكر أنه أرانا آياته... فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا وإذا شهدنا شهد نفسه...) وإلى هذه الرؤية بشير في قصيدة من ديوانه: (من روح سورة العلق)
يرى الحق أعمالي بما هو ذو بصر ..... وما عندنا من ذاك علم ولا خبر
ولما أتى الشرع الذي خص بالهدى ..... به نحو ما قلنا به مثل ما أمر
ولا تك ممن قال فيه بأنه ..... مزيد وضوح العلم في عالم البشر
فذلك قول لا خفاء بنقضه ..... وإن كان مدلولا عليه بما ذكر
علاقة هذا الفص بفصي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و شيث عليه السلام
ملاحظة هامة:
نظرا لتسلسل مراتب الوجود في رباط محكم، فكذلك أبواب الفصوص.
ولهذا فهناك ارتباط و تناسب بين كل فص وسابقه ولاحقه.
ومن عادة الشيخ في أواخر كل باب أن يمهد ويقدم ويشير إلى الدخول في الباب الذي يليه.
فإذا كان هذا الباب الأول للعقل الأول فالباب الثاني الموالي للنفس الكلية أي اللوح المحفوظ المشار إليه في الآية التي ذكرها" وخلق منها زوجها " 1 سورة النساء.
أي خلق النفس من العقل كحواء من آدم... وختم الباب بذكره لأم الكتاب أي اللوح المحفوظ في المقام الشيثي.
فإذا علمنا أن البنية الكلية للفصوص هي دائرية كفلك المنازل حسب التناسب بين كل فص مع متلته الفلكية كما سبق بيانه، فالباب السابق لهذا الفص الآدمي الأول هو الفص المحمدي الأخير الحاكم عليه الاسم الجامع المتوجه على إيجاد الإنسان وحرف الجمعية الميم وسنرى أن سورته فاتحة الكتاب التي أشار إليها بذكر "أم الكتاب" في آخر هذا الفص الآدمي.
فالاسم "الجامع" و "الإنسان" مناسبان تماما للجمعية الآدمية...
ولتأكيد العلاقة بين الفصين نجد الشيخ في فص محمد صلى الله عليه وسلم يتكلم عن آدم وحواء وشفيعة الرجل لوترية الحق وشفعية المرأة للرجل.
وهذا التناسب بين الفصين مرجعه للعلاقة بين الاسمين الحاكمين عليهما أي "الله البديع" و"الفرد الجامع" وللتناسب بين سورتيهما "العلق" و"الفاتحة".
فالفاتحة هي أول سور القرآن ترتيبا، والعلق أولها نزولا.
ومرجع الفاتحة لبسملتها التي نجد موقعها في بداية العلق " اقرأ باسم ربك " 1 سورة العلق .  و حروف البسملة 19 لها نسبة معروفة مع
الزبانية التسعة عشر المذكورين في العلق "تنظر أهمية العدد 19 عند الشيخ في كتابه مثل المنازل الفهوانية وفي أواخر الباب 22 من الفتوحات ومدار الفص المحمدي حول الفاتحة روح الصلاة الجامعة بين العبد وربه المناسبة للأيتين 10 و19 من العلق "عبدا إذا صلى.. واسجد واقترب".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 12:33 pm

02 - فص حكمة نفثية في كلمة شيثية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الشيثي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 02 لفص حكمة نفثية في كلمة شيثية من الاسم الباعث واللوح المحفوظ وحرف الهاء وميلة البطين من برج الحمل
كل الأسماء الحسنى تؤول في أصلها إلى الباطن. وكلها بما فيها الباطن والظاهر منبعثة من عين الذات الواحدة. 
فجاء الاسم الباعث 
في المرتبة الثانية قبل الباطن، متوجها على إيجاد اللوح المحفوظ المنبعث من القلم الأعلى، ونافث الأرواح في الصور، وعلى إيجاد منزلة البطين من برج الحمل الناري الحار، والحرارة أصل الحياة في الأرواح، ومن بطين قلب الصدر يكون النفث للنفس النفسح فترتاح الروح ويتنفس الجسم، والباعث متوجه أيضا لإيجاد ثاني الحروف أي الهاء، وهي هاء الحرية التي منها تبعث الأسماء " هو الأول والآخر والظاهر" "هو الأول والأخر والظاهر والباطن " 3 سورة الحديد.  " قل هو الله أحد " 1 سورة الإخلاص. وعددها خمسة، وهو العدد الوحيد الحافظ لنفسه ولغيره فهي في أتم المناسبة مع اللوح المحفوظ. 
وأنسب الأنبياء لهذه المرتبة الباعثة النافثة الحافظة 
هو شيث عليه السلام لأنه هو أول الكمل انبعاثا من آدم عليه السلام ، كاللوح أول الموجودات انبعاثا من القلم، وهو نافث علم المواهب والعطايا في الأرواح، كاللوح النافث الأرواح في الصور المسواة، وإمداد شبث کامداد اللوح محفوظان حافظان إلى يوم القيامة.
وقد أشار الشيخ إلى الاسم الباعت في هذا الفص كقوله: "والصنف الآخر بعثه على السؤال... لأنه يعلم الباعث وهو الحال..."
وبدأ الفص بذكر العطايا. فالعطايا الذاتية من الوجه الخاص للتجلي الإلهي هي مثل ما يأخذه اللوح من أمر الحق المباشر أو ما اختص به شيث عن آدم حسب استعداده. 
والعطايا السببية هي مثل العلوم التي يأخذها الشرح من القلم أو ورثها شيت من آدم عليهما السلام. وحيث أنه من الوجه الخاص للوح يعلم القضاء والقدر فقد خصص الشيخ لهذه المسألة فقرة بدأها بقوله: (فالاستعداد أخفي سؤال... سابقة قضاء... الواقفون على سر القدر وهم على قسمين: منهم من يعلم ذلك محملا) 
إشارة إلى إجمال القلم النوني .
(ومنهم من يعلمه مفصلا) إشارة إلى تفصيل القلم في اللوح (وهذا انفصل عن المحقق من أهل الله صاحب الكشف والوجود). انتهي. 
وكلامه على الاستعداد و تفاضل الأسماء مع أحدية عينها المنبعثة عنها مناسب الكون نسبة اللوح الذي هو النفس الكلية إلى كل صور العالم نسبة واحدة من غير تفاضل إلا أن الصور تقبل من ذلك بحسب استعداداتها الذاتية فيظهر بينها التفاضل. 
من كل هذا يتبين لماذا كانت حكمة هذا الفص نفثية للنسبة اللفظية والمعنوية بين: نفت، بعث، نفس.
يتكلم الشيخ على انبعاث النفس من العقل فيقول ما خلاصته:
"إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما أدرکه بصره من خلقه". وكان الله ولا شيء معه. 
وقد سبق في علمه أن يكمل الوجود العرفاني بظهور آثار الأسماء الإلهية والنسب والإضافات لا أن يكمل هو بذلك تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فهو الكامل على الإطلاق. 
فتحلى الحق سبحانه بنفسه لنفسه بأنوار السبحات الوجهية من كونه عالما مريدا فظهرت الأرواح المهيمة من الحلال والجمال. 
وذلك أن الله تعالى أحب أن يعرف ليجود على العالم بالعلم به عز وجل. 
وعلم أنه تعالى لا يعلم من حيث هويته ولا من حيث يعلم نفسه وإنه لا يحصل من العلم به تعالى في العالم إلا أن يعلم العالم أنه لا يعلم، كما قال الصديق: العجز عن درك الإدراك إدراك. 
فلما اتصف لنا بالمحبة. والمحبة حكم يوجب رحمة الموصوف بها بنفسه. 
ولهذا يجد المتنفس راحة في نفسه. فيروز النفس من المتنفس عين رحمته بنفسه فما خرج منه تعالى إلا الرحمة التي وسعت كل شيء فانسحبت على جميع العالم إلى ما لا يتناهی، فأول صورة قبل نفس الرحمن صورة العماء فهو بخار رحماني هو عين الرحمة فكان الحق له كالقلب للإنسان كما أنه تعالى القلب الإنسان العارف المؤمن كالقلب للإنسان فهو قلب القلب كما أنه مالك الملك فما حواه غيره. 
ثم إن جوهر ذلك العماء قبل صور الأرواح من الراحة والاسترواح إليها وهي الأرواح المهيمة فلم تعرف غير الجوهر الذي ظهرت فيه وبه وهو أصلها وهو باطن الحق وغيبه ظهر فظهر فيه وبه العالم، فإنه من المحال أن يظهر العالم، من حكم الباطن فلا بد من ظهور حق به يكون ظهور صور العالم فلم يكن غير العماء فهو الاسم الظاهر الرحمن فهامت في نفسها. 
وخلق تعالى في الغيب المستور الذي لا يمكن كشفه لمخلوق العنصر الأعظم، وكان هذا الخلق دفعة واحدة من غير ترتيب عيني. 
وما ثم روح يعرف أن ثم سواه لفنائه في الحق بالحق واستيلاء سلطان الجلال عليه، ثم إنه سبحانه أوجد دون هذه الأرواح بتجلي آخر من غير تلك المرتبة أرواحا متحيزة في أرض بيضاء، خلقهم عليها وهيمهم فيها بالتسبيح والتقديس لا يعرفون أن الله خلق سواهم، لاشتراكهم مع الأول في نور الهيمان وكل منهم على مقام من العلم بالله والحال. 
وهذه الأرض خارجة عن عالم الطبيعة فهي لا تتحلل ولا تتبدل، وللإنسان في هذه الأرض مثال. 
وله حظ فيهم وله في الأرواح الأول مثال آخر وهو في كل عالم له مثال.
ثم إن لذلك العنصر الأعظم المخزون في غيب الغيب التفاتة مخصوصة إلى عالم التدوين والتسطير ولا وجود لذلك العالم في العين فأوجد سبحانه عند تلك الالتفاتة العقل الأول. 
والالتفاتة إنما كانت للحقيقة الإنسانية التي هي المقصود والغاية وعين الجمع والوجود. 
والعقل الأول وهو القلم الأعلى، هو واحد من تلك الأرواح المهيمة خص بتجلي خاص علمي
فانتقش فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة مالا تعلمه الأرواح المهيمة .
فوجد في ذاته قوة امتاز ما عن سائر الأرواح فشاهدهم وهم لا يشاهدونه ولا يشهدونه ولا يشهد بعضهم بعضا فرأى نفسه مرکبا منه ومن القوة التي وجدها علم بما صدوره كيف كان وعلم أن في العلم حقائق معقولات من حيث أنه عقلها لما تميزت عنده فهي للحق معلومات وللعقل ولأنفسها معقولات. ورأى في جوهر العماء صورة الإنسان الكامل الذي هو للحق .
عزلة ظل الشخص من الشخص ورأى نفسه ناقصا عن تلك الدرجة وقد علم ما يتكون عنه من العالم إلى آخره في الدنيا. 
فعلم أنه لا بد أن يحصل له درجة الكمال التي للإنسان الكامل وإن لم يكن فيها مثله فإن الكمال في الإنسان الكامل بالفعل وهو في العقل الأول بالقوة. 
وتحلى الحق للعقل فرأى لذاته ظلا. 
فكان ذلك الظل المنبعث عن ذات العقل من نور ذلك التجلي و كثافة المحدث بالنظر إلى اللطيف الخبير نفسا وهو اللوح المحفوظ والطبيعة الذاتية مع ذلك كله وتسمى هناك حياة وعلما وإرادة وقولا كما تسمى في الأجسام حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة.

كما تسمي في الأركان نارا وهواء وماء وترابا كما تسمى في الحيوان سوداء وصفراء و بلغم ودما، والعين واحدة والحكم مختلف. 
فاللوح هو أول موجود انبعاثي لما انبعث من الطلب القائم بالقلم لموضع يكتب فيه. ولم يكن في القوة العقلية الاستقلال بوجود هذا اللوح فتأيد بالاسم الباعث وبالوجه الخاص الذي انبعثت عنه هذه النفس - وهو قول الله لها: كن والعقل ثابت في مقام الفقر والذلة إلى باريه له نسب وإضافات ووجوه كثيرة لا يتكثر في ذاته بتعددها فياض بوجهين: فيض ذاتي وفيض إرادي .

فما هو في الذات مطلقا لا يتصف بالمنع، وما هو بالإرادة فإنه يوصف فيه بالمنع والعطاء.
وسماه الحق تعالى في القرآن حقا وقلما و روحا، وفي السنة عقلا وهو الخازن الحفيظ العليم الأمين على اللطائف الإنسانية التي من أجلها وجد. 
علم نفسه فعلم مبدعه فعلم العالم فعلم الإنسان فهر العقل من هذا الوجه وهو القلم من حيث التدوين والتسطير وهو الروح من حيث التصرف وهو العرش المجيد من حيث الاستواء بالعلم والرحمة وهو الإمام المبين من حيث الإحصاء.
 و رقائقه التي تمتد إلى النقي إلى الهباء إلى الجسم إلى الأفلاك الثابتة إلى المركز إلى الأركان بالصعود إلى الأفلاك المتخيلة إلى الحركات إلى المولدات إلى الإنسان إلى انعقادها في العنصر الأعظم و بتواصلها .

هو حاصل ضرب: "360 * 360 * 360" رقيقة. 
ولا يزال هذا العقل مترددا بين إقبال وإدبار يقبل على باريه مستفيدا فيتجلى له فيكشف في ذاته عن بعض ما هو عليه فيعلم من باريه قدر ما علم من نفسه. 
وعلمه بذاته لا يتناهى فعلمه بربه لا يتناهى. 
وطريقة علمه به التجليات وطريقة علمه بربه علمه به. 
ويقبل على من دونه مفيدا هكذا أبدا لآباد في المزيد فهو الفقير الغني العزيز الذليل العبد السيد. 
وليس فوق القلم موجود محدث يأخذ عنه يعبر عنه بالنون. 
وإنما نونه التي هي الدواة عبارة عن علمه الإجمالي بلا تفصيل ولا يظهر له تفصيل إلا في اللوح. 
وله 360 سنا من حيث هو فلم، و360 وجها ونسبة من حيث هو عقل، و360 لسانا من حيث ما هو روح مترجم عن الله. 
ويستمد كل سن من 360 بحرا من أصناف العلوم، وهذه البحور هي إجمال الكلمات الإلهية التي لا تنفد. 
فألقى منها في اللوح جميع ما عنده إلى غاية يوم القيامة مسطرا منظوما. 
فكان مما ألقى إليه وما ضمه اللوح من الكلمات 269200 آية • أي حاصل جمع 
(x 360 ) 2 + ( 100x100 360) وهو ما يكون في الخلق من جهة ما تلقيه النفس في العالم عند الأسباب وأما ما يكون من الوجوه الخاصة الإلهية فذلك يحدث وقت وجوده لا علم لغير الله به. 
وهذا جميع ما حصله العقل من النفس الرحماني من حيث ما کلمه به ربه. 
ولتلك الآيات سور تجمعها هي عشر سور على عدد المقولات المعلومة عند الحكماء وقد سبق ذكرها في نص إسحاق. 
وللإنسان الكامل عشر نيابات عن الحق تعالى مناسبة للمقولات العشرة (تنظر تفاصيلها في الباب 360 من الفتوحات المتعلق بسورة النور). 
وكما تعددت أسماء العقل الأول، 
كذلك تعددت أسماء النفس الكلية فهي العرش العظيم والورقاء و الزمردة الخضراء والمشار إليه بـ (كل شيء) .
قال تعالى: "وكتبنا له في الألواح من كل شي " 145 سورة الأعراف.
وهر اللوح المحفوظ ... وأعطاها الله قوتين: علمية وعملية 
بالعملية تظهر أعيان الصور 
وبالعلمية تعلم المقادير والأوزان 
ومن الوجه الخاص يكون القضاء والقدر. 
ثم صرف العقل وجهه إلى العماء فرأى ما بقي منه لم يظهر فيه صورة وقد أبصر ما ظهرت فيه الصور منه قد أنار بالصور. 
وما بقي دون صورة رآه ظلمة خالصة ورأى أنه قابل للصور والاستنارة، فأعلم أن ذلك لا يكون إلا بالتحامك بظلك وصورة التلقي الإلهي للعقل تحمل رحماني عن محبة من المتجلي و المتجلى له. 
فعمه التجلي الإلهي كما تعم لذة الجماع نفس الناكح حين تغيبه عن ما سواها. 
فلما عمه نور التحلي رجع ظله إليه واتحد به فكان نكاحا معنويا صدر عنه العرش. واستوى الحق عليه بالاسم الرحمن. 
فلا أقرب من الرحمة إلى الخلق لأن ما ثم أقرب إليهم من وجودهم ووجودهم رحمة بلا شك .

ومن هذا المقام جعل الله بين الزوجين المودة والرحمة فقال:"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) " سورة الروم.
قول الشيخ في هذا الفص: (وهذا العلم كان علم شيث عليه السلام وروحه هو الممد لكل من يتكلم في مثل هذا من الأرواح ما عدا روح الخاتم فإنه لا تأتيه المادة إلا من الله لا من روح من الأرواح بل من روحه تكون المادة لجميع الأرواح) 
أي: لأن شيث بالنسبة إلى الأرواح بمثابة اللوح لما تحته من المراتب من حيث الإمداد هذا العلم. وأما الخاتم كالقلم الأعلى لا يتلقى إلا من الله وبحمد الجميع حسب استعداداتهم. 
ولهذا خصص الشيخ في هذا الفص فقرة حول الختمية لأنه بمراتب اللوح والقلم والإنسان تكمل دائرة الوجود وتختم دورة الظهور.
 وصرح الشيخ بأنه هو خاتم الأولياء المحمدي حيث ذكر أن الخاتم لا بد أن يرى نفسه على هيئة لبنتي فضة وذهب في حائط الكعبة. 
وقد ذكر في الفتوحات "باب 65" أنه رأى هذه الرؤيا رآها بمكة سنة 599 هـ. أي 
28 سنة قبل ظهور الفصوص
هذا و الأختام عند الشيخ الأكبر
 أربعة كلها لها علاقة بختام العالم قرب يوم القيامة برجوع النفوس الجزئية للنفس الكلية التي ابتدأ منها النفخ قال تعالى: "كما بدأكم تعودون " 29 سورة الأعراف. ولهذا كانت خاتمة الزمان على قدم خاتم الأولاد الذي هو على قدم شبث الذي له فص مرتبة النفس الكلية حسب ما ذكر في ختام هذا الفص. 
وقد صرح الشيخ هذا المعنى في "الباب 64 ج الأول ص 311" من الفتوحات حيث يقول: (عين موت الإنسان هو قيامته ... وأن الحشر جمع النفوس الجزئية إلى النفس الكلية. هذا كله أقول به). وذلك لأن للأختام وظيفة الحفظ الدائمة المستمرة إلى غاية يوم القيامة، أو نهاية الدنيا، كاللوح المحفوظ. 
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في إحدى قصائد كتابه "عنقاء مغرب في ختم الولاية وشمس المغرب":

فمن شرف النبي على الوجود     ….     ختام الأولياء من العقود 
من البيت الرفيع وساكنيه      ….     من الجنس المعظم في الوجود 
وتبين الحقائق في ذراها     ….      وفضل الله فيه من الشهود 
لوان البيت يبقى دون ختم     ….      لجاء اللص يفتك بالوليد

فحقق يا أخي نظرا إلى من     ….      حمي بين الولاية من بعيد 
والترتيب الزمني للأختام الأربعة هو كالتالي: 
أولهم سيدنا محمد خاتم المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والآخرون من حسناته. 
ثم خاتم الولاية المحمدية وصرح الشيخ الأكبر بأنه هو في العديد من نصوصه تصريحا وتلويحا. 
ثم في آخر الزمان خاتم الأقطاب الاثني عشر الذين عليهم مدار العالم وهو المسمى بشمس البيت أي الإمام المهدي من آل بيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد خصص الشيخ له الباب 366 من الفتوحات وهو منزل سورة الكهف وعنوانه: "في معرفة منزل وزراء المهدي الظاهر في آخر الزمان الذي بشر به رسول الله وهو من أهل البيت المطهر" .
وذكره أيضا في الباب 463 بدون أن يصرح به وقال عنه أنه على قدم نوح عليه السلام و سورته (یس) وهو أكمل الأقطاب حكما لجمعه بين الخلافتين الظاهرة والباطنة ولو كان ثم قطب على قدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  لكان هذا القطب. 
وأما الختم الرابع فهو عيسى عليه حين يزل في آخر الزمان يختم الله به الولاية العامة وخصص الشيخ له الباب "557" وهو الباب الذي ختم به أبواب هجرات الأقطاب من الفصل السادس في الفتوحات.

والخامس والأخير هو الذي ذكره الشيخ في آخر هذا الفص الشيثي حيث يقول: (وعلی قدم شيث يكون آخر مولود يولد من هذا النوع الإنساني. وهو حامل أسراره، وليس بعده ولد في هذا النوع. فهو خاتم الأولاد. وتولد معه أخت له فتخرج قبله ويخرج بعدها فيكون رأسه عند رجليها. ويكون مولده بالصين. ولغته لغة أهل بلده. ويسري العقم في الرجال والنساء فيكثر النكاح من غير ولادة. ويدعوهم إلى الله فلا يجاب. فإذا قبضه الله تعالى وقبض مومني زمانه بقي من بقي مثل البهائم لا يحلون حلالا ولا يحرمون حراما، يتصرفون بحكم الطبيعة شهر
محردة عن العقل والشرع فعليهم تقوم الساعة) .
كلام الشيخ في هذه الفقرة يذكر بحال عیسی عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان. 
فشيث وعيسى عليهما السلام يشتركان في النفث الروحاني اللوحي من النفس الرحماني بالكلمات اللفظية وإمداد المواهب والعطايا وحفظ الولاية في مقام القرية الذي كان شيث فاتحا لها بعد آدم عليه السلام و عیسی خاتمها عند نزوله في آخر الزمان. 
وعيسى هو أخر مولود من هذا النوع الإنساني من أنواع الولادة فآدم خلق من غير ذكر وأنثى، وحواء خلقت من ذكر هو آدم، وأبناؤهما خلقوا من ذكر وأنثى، وأخيرا عیسی خلق من أنثى بنفخ جبريل عليه السلام.

وحواء أم شيث هي أيضا أخت له لأن أباهما آدم وانبعاثهما منه يناسب انبعاث قوتي اللوح من القلم. 
فحواء تناسب القوة العملية للنفس الكلية إذ منهما تظهر أعيان الصور، وشيث يناسب القوة العلمية للوح إذ منهما نعلم المقادير والأوزان وتوهب العطايا. وكذلك عيسى ومريم. 
فحيث أنه ليس لعيسى أب بشري فكان عمران جده لأمه هو أب له ولأمه فهي کالأخت له خرجت قبله ورأسه عند رجليها لبره بها .وهو القائل: " وبرا بوالدتي " 32 سورة مريم . 
وذكر الشيخ السريان العقم في الرجال والنساء في آخر الزمان إشارة إلى غاية إعداد القوتين العلمية والعملية من اللوح عند قيام الساعة .

وذكر الشيخ للصين کمولد هذا الخاتم يشير إلى علاقة متميزة بين الملة الصينية الأولى وشيث ذكرناها في مفاتيح الفصوص. 
ووجود الصين في أقصى الشرق يناسب ظهور عيسى في زمن أقصى دورة الملك قبل ظهور الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم

وظهوره في آخر الزمان خاتما للولاية العامة (يلاحظ أن عدد كلمة: صين هو نفس عدد كلمة: عيسى وهو 150 بحساب الجمل المشرقي الكبير، و15 بالصغير).
وقوله: (فإذا قبضه الله تعالى وقبض مؤمن زمانه بقي من بقي مثل البهائم...) مناسب للأحاديث النبوية التي نصف عيسى في آخر الزمان الحديث الطويل الذي رواه الشيخ في باب منزل المهدي من الفتوحات (فتوحات الجزء الثالث ص 331) وفي آخره يتكلم عن عيسى والمومنين بعد قتل الدجال وياجوج وماجوج وختمه بقوله: (فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا فقبضت روح كل مؤمن ويبقى سائر الناس يتهارجون كما يتهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة).
لكن القول بأن خاتم الأولاد الشيثي هو عيسى عليه السلام يرفضه بعض شارحي الفصوص كبالي أفندي الذي يقول: ومن قال إن هذا الولد هو عيسى عليه السلام فقد أخطأ في الظاهر والباطن.
وقد تكلمنا في كتاب (مفاتیح فصوص الحكم) على الظل الظلماني للإمداد الشيثي واستمراريته عبر تاريخ أجبال البشرية في الولاية الشيطانية التي خانها الأمور المسيخ الدجال الذي يقتله المسيح عليه السلام في آخر الزمان. 
وفي القرآن الكريم وردت كلمة: (النفاثات في سورة الفلق متعلقة بالسحر والنفوس الشيطانية أي الجانب الظلماني الأسفل للحكمة النفثية. و للشيخ کلام نفيس حول أنوار وشرور عالم التركيب الخلقي الأسفل في الباب 271 من الفتوحات وهو لمنزل سورة الفلق. 
وأشرنا إلى. علاقة الإمدادين النوراني و الظلماني برمزية حرف النون بشطريه العلوي الغيبي والسفلي المشهود المتقلب بين ليل ونهار والممتزج نوره بالظلمات. وحيث أن عدد النون هو 50 -وهو يشير إلى حفظ الإمداد - فمجموع عددي شطري دائرة النون الكلية هو 100 وعنه يقول الشيخ في كتابه: (الميم والواو والنون): (فالنون مائة لمائة اسم إلهي لمائة درجة جنائية نعيمية إن كان سعيدا، لمائة حجاب إلهي لمائة درك ناري عقابي إن كان شقيا).

وكما ابتدأ إمداد العطايا والهبات ووراثة الخلافة الآدمية من شيث كذلك انتهت بولي على قدمه. 
فناسبت بداية انبعاث الأنفاس الرحمانية في الحضرات الإنسانية غايتها لأن سريان ذلك النفس عبر أنفاس الكمل من الأمة المحمدية هو نفس رجوع وعروج إلى الأصل عندما انتهى إلى غايته في الإنسان الأكمل سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد سريانه عبر حضرات الأنبياء السابقين.

وقد أعطى القاشاني تأويلا لهذه الفقرة حول خاتم الأولاد وهو أن آخر مولود من النوع الإنسان يعني النفس الناطقة أو القلب .
وهو مظهر النفس الكلية في كل إنسان وأخته المولودة معه هي النفس الحيوانية التي تظهر في النشأة قبل النفس الناطقة فهي تخرج للظهور قبل القلب.
والصين حيث يولدان هي آخر مراتب الوجود أي عين الإنسان وآخر ما يظهر في نشأته النفس الحيوانية ثم الناطقة. 
فإذا كان رأسه عند رجلي أخته أي إذا تغلبت حيوانية الإنسان على قلبه فإن أهل زمانه لا يستجيبون لدعوته، أي أن بقية قوى النفس والجوارح لا تنقاد للحق. 
فإذا قبض الله ذلك الولد ومؤمن زمانه أي إذا كان حكم القلب وقوى الروح حکما مقبوضا أي ضعيفا لا أثر له فلا يبقى في الإنسان إلا حكم الطبيعة الحيوانية بقواها الفاعلة والمنفعلة المناكحة والعقيمة لأنها لا تستطيع أن تلد أمرا فيه الروح لخلوها من مدد الروح.

وخاتم الأولاد مع أخته هما صورة إنسانية للتوأمين في كل مراتب الوجود أي لزوجية الفعل والانفعال والمنفعلة لها القبلية لأن بوجودها يكون الفاعل فاعلا فرأسه عند رجليها. 
فمن هذه التوائم فلكا البروج والمنازل وفلكا الكرسي والعرش، ومرتبتا الهباء والطبيعة.

وصفتا العلم والعمل في النفس، ومقاما اللوح والقلم وهما كخاتم الأولاد وأخته آخر ما يظهر من المخلوقات صعودا .
لأنهما الأولان نزولا في النفس الرحماني كحرفي الماء والهمزة في النفس الإنسان المتولدین في أقصى مخارج الحروف كاللوح والقلم في أقصى مراتب الوجود کالصين في أقصى الشرق... 
وأهل ذلك الملكوت الأعلى هم الأرواح المهيمة تحت فعل تجليات الأسماء الإلهية وهم لا يستجيبون لدعوة داع لعدم شعورهم به وبغيره. 
وانفعالهم لتلك التجليات انفعال عقيم فلا ينبعث منهم أي مولود بخلاف العقل الأول، لفنائهم تحت سلطان جلال العظمة. 
فالمهيمون تحت تصريف حكم الطبيعة العمائية الأسمائية.

مقامهم بجرد عن حكم العقل و شرع اللوح. 
وعليهم تقوم الساعة إذ لا زمان هناك وما فوقهم إلا ظهور الحق تعالى لذاته بذاته في ذاته.

وقد تكلم الشيخ في الباب 11 من الفتوحات عن التوائم المتولدة من النكاح الساري في جميع الذراري فقال ما خلاصته: (كل موثر آب. وكل مؤثر فيه أم وكل نسبة بينهما معينة نکاح. 
وكل نتيجة ابنه فأول الآباء العلوية الساري هو الاسم الجامع الأعظم الذي تتبعه جميع الأسماء. وأول الأمهات شيئية المعدوم الممكن. وأول نکاح القصد بالأمر. وأول ابن موجود عين تلك الشيئية المذكورة لقوله تعالى: "إنما قولنا لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكون"40 سورة النحل.

وأول ظاهر من الأبناء العقل الأول وكان مؤثرا فيه بما أحدث الله فيه من انبعاث اللوح المحفوظ عنه كانبعاث حواء من آدم في عالم الأجرام. 
فكان بين اللوح والقلم نکاح معنوي معقول وأثر حسي مشهود ومن هنا كان العمل بالحروف الرقمية عندنا وكان ما أودع اللوح من الأثر مثل الماء الدافق الحاصل في رحم الأنثى، وما ظهر من تلك الكتابة من المعاني المودعة في تلك الحروف .
بمنزلة أرواح الأولاد المودعة في أجسامهم. 
وكان مما أوجد الله في اللوح صفتان :

صفة علم فاعلة وصفة عمل منفعلة ما تظهر صور العالم. 
وكان مما ألقى القلم في اللوح الطبيعة والهباء. 
فكان أول أم ولدت توأمين فأول ما ألفت الطبيعة ثم تبعتها بالهباء. 
فأنكح الطبيعة الهباء فولد بينهما صورة الجسم الكلي وهو أول جسم ظهر. 
ثم نزل التوالد في العالم إلى التراب على ترتیب مخصوص ذكرناه في كتابنا (عقلة المستوفر). 
وفي ذكر الشيخ للطبيعة في ختام هذا الفص تمهيد لفص نوح الموالي الذي له مرتبة الطبيعة. 
2 - سورة فص شيث عليه السلام
موضوع هذا الفص هو العطايا والمنح الربانية والهبات الإلهية ومعنى "شيث" هبة الله. 
والكلمات الأكثر تكرارا في الفص مشتقة من العطاء والمواهب، هذا العطاء بجده في سورة 
"الضحى" . "وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)  " فهذه كلها منح وبشائر تلاها بأعظمها " ولسوف يعطيك رئك فترضى ".
ثم عدد مواهبه له فقال : " أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)" .
فسورة هذا الفص هي: سورة "الضحی".
وتكلم الشيخ في أوائل الفص عن السؤال والمسؤول من الآية 10 : "وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) ". وأعظم المواهب في مقامات الولاية والرسالة مقام الختمية. 
ولهذا تكلم الشيخ طويلا في هذه الفص عن الختمية من الآية الحالمة لها:"وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)  ".

فتحدث عن اختصاصه بالختمية المحمدية التي أنعم ربه ها عليه كما أنعم على سيدنا محمد بختمية الرسالة. 
فمرتبة خانم الولاية مرتبة الصدر في فلك الولاية المحيط، كما أن شيث له مرتبة الصدر في الملة الآدمية و كالضحى الذي هو صدر النهار ... 
وقد جعل الشيخ عنوان الفقرة التابعة لسورة الضحى" في الباب "559 - فتوحات : "يبدي الأسرار صدر النهار " لأن الصدر كما عرفه في الباب 211 "المخصوص بسورة "الضحى" هو أنه في المرتبة الثانية من كل صورة سواء كانت الصورة جنسية أو نوعية أو شخصية".

وجعل الشيخ هذا الباب "211 فتوحات " تحت عنوان: "منزل صدر الزمان وهو الفلك الرابع". 
أي فلك الشمس القطبي المناسب لمقام خاتم الأولياء الذي يبدي الأسرار وله الرتبة الثانية بعد خاتم الرسل، و لشيث الرتبة الثانية بعد آدم عليهم السلام، فمقامه كمقام الشمس عند إشراقها لا شروقها.
علاقة هذا الفص بسابقه الفص الآدمي :
علاقة فصي آدم و شيث تظهر في مسألة العطايا ومسألة الختمية ومسألة الصدر :
فأعظم العطايا هي التي منحها الله لآدم الخليفة وذريته، فبه ختمت المراتب. 
فعطاء الختمية في فص شيث من
 "الضحى" أورده الشيخ في وسط نص آدم حين قال: (فهو من العالم کفص الخاتم من الخاتم... كما يحفظ الختم الخزائن... فكان ختما على خزانة الأخرة ختما أبديا).
وإذا كان شيث هو صدر ملة آدم، وله صدر النهار من سورة الضحى"، فآدم هو صدر الدنيا حسب ما ذكره الشيخ في الباب "291 فتوحات"
فقال: (وصدر النهار إشراق الشمس لا شروقها... وصدر الدنيا وجود آدم)، وصدر العالم اللوح لأنه الثاني بعد القلم.

وفي فص شیث يشير الشيخ إلى أن علاقته بفص آدم هي كعلاقة اللوح بالقلم فيقول: (لأن الولد سر أبيه فما أتاه غريب لمن عقل عن الله). 
وأول من عقل عن الله تعالى العقل الأول أو قلم سورة العلق، وهو أول مظاهر المخاطب في سورة الضحى بـ 
"ولسوف يعطيك ربك فترضى"  صلى الله عليه وآله وسلم.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 03 - فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 12:38 pm

03 - فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص النوحي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 03 - لفص حكمة سبوحية في كلمة نوحية من الاسم الباطن ومرتبة الطبيعة وحرف العين ومنزلة الثريا بين برجي الحمل والثور
ليس بعد غاية الظهور عند الاسم الآخر إلا الباطن. فظهر الاسم الباطن في المرتبة الثالثة متوجها على إيجاد الأم الكبرى أي الطبيعة.
والثلاثة أول الأفراد الجامعة بين الوتر الفاعل والشفع المنفعل هي مرتبة الإيجاد كما فصله الشيخ في فصي صالح وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
فالثلاثة في تمام المناسبة للطبيعة التي هي محل الانفعالي للأمر الإلهي وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الباب 510 من الفتوحات: ... وتمم بقوله: (فقنا عذاب النار) (آل عمران، 191) وليست إلا الطبيعة في هذه الدار فإما محل الانفعال فيها الأفا لأمر الحق بمنزلة الأنثى للذكر ففيها يظهر التكوين أعيني تكوين كل ما سوى الله. وهي أمر معقول فلما رأى من رأى قوة سلطانها وما علم أن قوة سلطانها إنما هو في قبولها لما يكونه الحق فيها فنسبوا التكوين لها وأضافوه إليها ونسوا الحق فأنساهم أنفسهم إذ صرفهم عن آیات نفوسهم .
وهو قوله: "سأصرف عن آياتي الذين" (الأعراف، 146) ووصفهم الحق.
فانقسم الخلق إلى قسمين :
قسم إلى الحق الصرف
وقسم إلى الطبيعة الصرف
وظهر بينهما برزخ ظهر فيه عالم ما هو ولا واحد من هذين القسمين فرأي ما يستحقه الحق فأعطاه حقه ولو لم يعطه فهو له ورای ما تستحقه الطبيعة فأعطاها حقها ولو لم يعطها فهو لها فإن الطبيعة ليست مجعولة بل هي لذاتها في العقل لا في العين كما هو الحق لذاته في العقل والعين" ...".
وذلك ليكون الحكم في الخلق بين الوجود والعدم فيقبل العدم من حيث الطبيعة ويقبل الوجود من جانب الحق"... " فللطبيعة القبول وللحق الوهب والتأثير في الأم العالية الكبرى للعالم الذي لا يرى العالم إلا آثارها لا عينها.
كما أنه لا يرى أيضا من الحق إلا آثاره لا عينه فإن الأبصار لا تدر که والرؤية ليست إلا بها فهو المجهول الذي لا يعلم سواه وهو المعلوم الذي لا يمكن لأحد الجهل به وإن لم يعلم ما هو.
من هذا النص يفهم لماذا اقترنت الطبيعة بالباطن إذ كلاهما ترى آثاره لا عينه.
ومن جهة أخرى لأن بطون الأرحام الطبيعة هي محال التكوين حسبما ذكره الشيخ في حضرة البطون من الباب 558 من الفتوحات حيث يقول ما خلاصته.
البطون الذي وصف نفسه به إنما هو في حقنا فلا يزال باطنا عن إدراكنا إياه حسا ومعنى فإنه ليس كمثله شيء.
ولما كانت البطون محال التكوين والولادة و عنها ظهرت أعيان المولدات اتصف الحق بالباطن فظهر العالم عنه فنحن مبطونين فيه فخذ ذلك عقلا لا وهما لأنك إن أخذته خيالا ووهما رد عليك قوله:" لم يلد" (الإخلاص، 3) إلى آخر ما فصله. وحيث أن في الطبيعة تظهر أعيان الأجسام والمولدات فأنسب الحروف لها هو الحرف اللفظي الثالث حرف العين.
ولحكم الاسم الباطن على هذه المرتبة العينية الطبيعية الثالثة تكرر في هذا الفص الثالث الاسم الباطن مع أخيه الظاهر .
كما تكررت كلمة الطبيعة عدة مرات وكذلك ترددت الألفاظ المتعلقة بالبطون وعناصر الطبيعة .
مثل: الستر، الغيب، الليل، الغفر، النار، الماء.
فهو يقول مثلا: "وبشر المخبتين الذين خبت نار طبيعتهم فقالوا إلها و لم يقولوا طبيعة...
فلو أخرجهم إلى السيف سیف الطبيعة لنزل بهم عن هذه الدرجة الرفيعة رب اغفر لي ولوالدي من کنت نتيجة عنهما وهما العقل والطبيعة".
وحيث أن الباطن هو الذي ليس كمثله شيء فلا تدركه الأبصار فإن حكمة هذا الفص سبوحية لأن التسبيح تتريه.
هذا التنزيه الذي ظهر به نوح عليه السلام لانحراف قومه نحو التشبيه المطلق.
فنوح عليه السلام  هو مظهر التسبيح في الإنسان الكامل وقطب مرتبة الطبيعة المتحقق بالاسم الباطن.
وقد ورد في الحديث الشريف ما يدل على هذا المقام النوحي وذلك في وصيته لابنه سام حيث لم يرشده إلا إلى التوحيد والتسبيح فقد روى الإمام أحمد (إن نبي الله نوحا الا لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك وصية , آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين: أمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة و وضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله. وسبحان الله وبحمده فإن بها صلاة كل شيء وما يرزق الخلق. وأنهاك عن الشرك والكبرانتهى، وسمي الشيخ نوحا في الباب 14 من الفتوحات بالبكاء أي كثير البكاء والنوح، الموافق لاسمه نوح . وروي عن جعفر الصادق رضي الله عنه أن اسم نوح عبد الغفار لقوله في آخر آية من سورته "رب إغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا " (نوح: 28) والغفر هو الستر والإبطان.
وكان الغالب على نوح عليه السلام الجلال كما غلب على إبراهيم عليه السلام الجمال .
لأن مدد نوح من الباطن أي جلال التنزيه ومدد إبراهيم كما سبق في فصه من الظاهر أي جمال الخلة، و لنوح حرف العين ولإبراهيم حرف الغين.
وظهر حكم الطبيعة جليا في نوح بفيضان دموعه كما فاضت الطبيعة في زمنه بالطوفان الأكبر.
والطبيعة تتميز بعدم الاعتدال أي غلبة بعض الأركان على الأخرى، ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن غلبة التنزيه أو غلبة التشبيه وبين أن الكمال هو في الاعتدال أي فهود البطون التنزيهي في عين الظهور التشبيهي والعكس أيضا.
لكن عدم الاعتدال هو نفسه مظهر لازم من مظاهر الكمال وهذا هو مقام الطبيعة النوحية.
يقول الشيخ في الفصل 13 من الباب 198 وهو فصل الطبيعة ما خلاصته: (الطبيعة للكائنات الطبيعية كالأسماء الإلهية تعلم وتعقل وتظهر آثارها ولا عين لها من خارج.
كذلك الطبيعة تعطي ما في قوتها من الصور ولا وجود لها من خارج فما أعجب مرتبتها وما أعلى أثرها فهي ذات معقولة بمجموع أربع حقائق يسمى أثرها في الأجسام حرارة ويوسة وبرودة ورطوبة كالحياة والعلم والإرادة والقول في النسب الإلهية.
فالحياة تنظر إلى الحرارة.
والعلم ينظر إلى البرودة.
والإرادة تنظر إلى اليبوسة.
والقول ينظر إلى الرطوبة.
والطبيعة تعطي من أنفاس العالم ما تقع به الحياة في الأجسام من نمور حس لا غير ذلك.
وأما حياة العلم فمن عين النور الإلهي والنفس الرحماني.
ولما كان لها وجود أعيان الصور كان لها من الحروف العين لأن الصور الطبيعية لا روح لها من حيث الطبيعة وإنما أرواحها من الروح الإلهي، وكان لها وجود الثريا وهي سبع كواكبه لأن الطبيعة في المرتبة الثالثة وهي أربع حقائق فكان من المجموع سبعة وظهرت عنها الثريا وهي سبعة أنجم، كما كان للعقل ثلاث نسب ووجوه فوجدت عنه الكثرة وظهرت عنه الشرطين ثلاثة أنجم .
والنفس مثل العقل في ذلك وظهر عنها البطين ثلاثة أنجم و من كون النفسي ثانية كان البطين في المرتبة الثانية من الشرطين. وعن هذه السبعة التي ظهرت في الطبيعة ظهرت المسبعات في العالم وهي أيضا السبعة أيام في الجمعة.
والطبيعة لا تثبت على حالة واحدة في الصور فلا سكون عندها.
ولهذا فالاعتدال في الأجسام الطبيعية العنصرية لا يوجد ولو كانت الطبيعة تقبل الميزان على السواء لما صح عنها وجود شيء ولا ظهرت عنها صورة.
بل لا بد من ظهور بعض حقائقها على بعض لأجل الإيجاد ولولا ذلك ما تحرك فلك ولا سبع ملك ولا وصفت الجنة بأكل وشرب وظهور في صور مختلفة ولا تغيرت الأنفاس في العالم جملة واحدة.
وأصل ذلك في العلم الإلهي كونه تعالى كل يوم هو في شأن واليوم الزمن الفرد والشأن ما يحدث الله فيه فمن أين يصح أن تكون الطبيعة معتدلة الحكم في الأشياء وليس لها مستند في الإلهيات) انتهى.
وهكذا ظهرت الكلمة النوحية في فصل الطبيعة فظهر عدم الاعتدال في إدراك الحقائق عند أمته.
فغلب عليها التشبيه فكانوا أول أمة عبدت الأصنام وقالوا: "لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " (نوح، 23) فهذه خمسة أصنام لهم جعلوها على صور خمسة رجال صالحين وظنوا أنهم يتقربون إلى الله تعالى بعبادتهم.
وعددهم على عدد الأركان الطبيعية ومظاهرها العنصرية أي:
النار والهواء والماء والتراب والركن الخامس الذي هو أصل هذه الأربعة ويسميه البعض: الأثير، ويسميه آخرون الأم الأصلية كناية عن الطبيعة.
وهو الاسم الذي اختاره الشيخ حيث يقول في الباب 11 من الفتوحات ما خلاصته: (فالأرواح كلها آباء والطبيعة أم لما كانت محل الاستحالات. وجاء شرعنا أكمل الشرائع حيث جرى مجرى الحقائق الكلية فاقتصر الرجل على أربع نسوة في النكاح الموقوف على العقد كعدد الأركان الطبيعية .
وأباح ملك اليمين في مقابلة الأمر الخامس الذي هو أصل تلك الأربعة وهو المسمى بالطبيعة فإنها معقول واحد عنها ظهرت المتنافرات كالنار مع الماء والهواء مع التراب).
وقول الشيخ في هذا الفص عن المخبتين أنهم هم الذين (خبت نار طبيعتهم فقالوا إلها ولم يقولوا طبيعة) يشير إلى غلبة نار الطبيعة على قوم نوح وللنار شدة الظهور فمالوا إلى التشبيه المطلق.
والمنافر للنار الماء أي غلبة التنزيه البطوني ولهذا كان هلاكهم بالماء والنار، لأن هلاك كل شخص هو عين انحرافه.
قال تعالى: "مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا" (نوح، 25) ، ولإخراجهم من نار التشبيه المطلق دعاهم نوح إلى ماء التنزيه من الاسم الباطن الغفار .
فقال: " استغفروا ربكم إنه، کان غفارا" (نوح، 10) و قرنه بالماء الذي يطفي النار فقال :"يرسل السماء عليكم مدرارا" (نوح، 11) إلى قوله :"ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" (نوح، 12).  
فلغلو القوم في التشبيه والشرك دعاهم نوع إلى التسبيح والتوحيد، ولكن حيث أن الحكم في هذه المرتبة للطبيعة وهي غير معتدلة، لم يستجيبوا له.
فدعا عليهم بالهلاك وهو عدم اعتدال أيضا، لكنه لازم .
وأغرقوا بما به کفروا أي بماء التنزيه فأدخلوا نار شركهم والتشبيه...
ولا يذوق العبد حقيقة الأمر إلا بانعتاقه من عقال فرقان زوجية الظاهر والباطن إلى قرآن جمع الضدين في عين الأحدية.
ولن يصل هذه الدرجة الرفيعة إلا من تجاوز سيف الطبيعة حسب تعبير الشيخ وجمع الضدين في نفس العين تجلى عند نوح بفوران التنور الناري ماء.
يقول الشيخ في سفر نوح من كتاب "الإسفار" ما خلاصته: (لما عرف نوح أن الطوفان الذي قدره الله قرب وقته وأنه يكون في برج السرطان وهو مائي وهو الذي خلق الله الدنيا به وهو منقلب غير ثابت أخذ ينشىء السفينة.
ولم تكن آيته في الطوفان فإنه ربما أدرك ذلك بعض أصحابه من العلماء فشورك فيه، وإنما آيته التنور حيث أنذر قومه بأنه سيفور بالماء فسخروا منه لتحققهم أن النار لا تستحيل ماء أصلا.
وذلك لجهلهم بجوهر العالم وصوره فلو علموا أن النار صورة في الجوهر والماء كذلك أيضا لما سخروا.
ولما كان الماء يماثل العلم في كون الحياة منهما حسما ومعنى أهلكوا بالماء لردهم العلم .
وكان من التنور لأنهم ما كفروا إلا بماء التنور وما ردوا إلا العلم الذي شافههم به على لسان تنور جسمه وما علموا أنه مترجم عن معناه الذي هو النور المطلق.
فانجبوا بماء التنور عن التنور وما علموا أنه النور ودخلت عليه تاء تمام النشأة بوجود الجسم فعاد تنورا أي (نورا تام الملك فهو نور النار مظهره) انتهى.
ولعلاقة المقام النوحي بالتنزيه اللاهوتي والتشبيه الناسوني فإن له نسبة خاصة مع عيسى عليه السلام الذي غلبت روحانيته على طبيعته العنصرية بحكم نشأته من نفخ جبريل عليه السلام.
فنوح هو أول الرسل إلى البشر وعيسى آخرهم قبل خاتمهم عليهم الصلاة والسلام. ونوح هو فاتح دورة الإنسانية بعد الطوفان لقول الله تعالى عنه : "وجعلنا ذريته هم الباقين" (الصافات، 77) وعيسى هو خاتمها عند نزوله آخر الزمان.
ومن هذه المناسبات نجد الشيخ عبد الكريم الجيلي في كتابه "الإنسان الكامل" يقول إنه اجتمع بنوح عليه السلام في السماء الثانية التي هي سماء عيسى، وهي سماء المزج الجامعة لكل الطبائع.
ويقول إن اسم رئيس ملائكتها: نوحائيل. ولهذا نجد أيضا الشيخ الأكبر في كتاب "العبادلة" في الباب الذي عنوانه: "عبد الله بن شيث بن عبد العظيم".
يقول: آدم و محمد أخوان.
ونوح وعيسى أخوان.
وإبراهيم وسليمان أخوان.
وموسى وداود أخوان.
هكذا تم الأمر لنا في الكشف وما عرفت المناسبة. فبالقلب طولعت به وأطلعت عليه) انتهى.
فنوح وعيسى أخوان لحكم الاسم الظاهر الباطن عليهما.
أو لحكم فرقان التشبيه والتريه عند أمهما.
و لعلاقتهما بالطبيعة من جهة و بالمقام الشيثي من جهة أخرى...
فعلاقة عيسی بشيث سيأتي ذكرها في الفص التالي وهي تتعلق بنفث الأرواح في الأجسام.
وأما علاقة نوح بشبث فلان لشيث مرتبة اللوح أي النفس الكلية، و لنوح مرتبة الطبيعة التي هي البنت المباشرة للنفس.
والطبيعة هي الأم الكبرى مثلها مثل المرأة الكاملة مريم عليها السلام، فمريم هي المثل الإنساني للطبيعة المنفوخ فيها نفس الرحمان.
وفي الطبيعة ظهر المقام النوحي كما ظهر عیسی من مریم فكأن أمهما واحدة.
وكما أن هناك علاقة أخرى روحانية بين عيسى و إدريس قطب السماء الرابعة. فكذلك هناك علاقة تاريخية مباشرة بين نوح وإدريس كعلاقة التوأمين الطبيعة و الهباء المتولدین من النفس والعقل .
أو كعلاقة الاسمين الأخوين الحاكمين على حكمتي فصيهما أي السبوح القدوس. ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بقوله: (من أراد أن يقف على أسرار نوح فعليه بالرقي في فلك يوح) أي فلك الشمس في السماء الرابعة حيث إدريس صاحب الفص التالي الرابع.
وفي الجملة إشارة أخرى للطبيعة وهي أن حكم الطبيعة يتكرر كل سنة بانتهاء دورة شمسية بتعاقب الفصول الأربعة، أي من أراد أن يقف على أسرار الطبيعة فعليه بالرقي إلى فلك الشمس ونتبع دورتها خلال سنة كاملة.
وهو ما قام به الشيخ خلال معراجه الروحاني واجتماعه بإدريس كما فصله في كتاب "التنزلات الموصلية".


03: سورة فص نوح عليه السلام
" أول جملة في هذا الفص تلوح مباشرة لسورته. فالفص الوحيد الذي افتح بقوله:
( اعلم أيدك الله بروح منه) هو هذا الفص.
يشير بذلك إلى الآية " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم " (القدر، 4) سورة القدر .
فسورة القدر هي سورة هذا الفص الحاكم عليه الاسمان "السبوح" و "الباطن" المتوجه على إيجاد الطبيعة و منزلة الثريا وحرف العين.
فمناسبة سورة "القدر" مع "السبوح الباطن" مرجعها لليل الذي يرمز عند الشيخ للغيب . أي "الباطن وإلى القرية الذي عليه مدار حكمة هذا الفص.
والتسبيح تعظيم للقدر. فليلة القدر لها نسبة تامة مع الاسمين.
وللنهار الظهور والتشبيه. ولهذا نجد الشيخ يكثر في هذا الفص من الكلام حول الستر والغفر والكفر والغيب والحجب.
(حول العلاقة بين "الغفار" و"الباطن" أنظر الباب "559 - فتوحات " فصل: "حضرة إسبال الستور وهي للاسم الغفار و الغافر والغفور".
ومناسبة سورة "القدر" للطبيعة هي أن الطبيعة عند الشيخ هي الأم الكبرى لجميع الصور الوجودية .
والفاعل فيها هو روح الأمر الإلهي بالتكوين، فهي کليلة القدر الي: " تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ".
ولهذا تجد الشيخ في الباب "446"  الفتوحات يقرن الليل بالطبيعة فيقول:
(فمن كان خلقه القرآن من ورثته وأنشأ صورة الأعمال في ليل طبيعته فقد بعث محمد صلى الله عليه وسلم من قيره) .
ولهذا أيضا نجد الشيخ في الباب "287" الفتوحات  المخصوص .بمنزل سورة القدر: يشبه ليلة القدر بالمرأة الرائعة الجمال ويقرنها بعالم الأمر الباطن فيقول:
شخص الزمان له نفس تديره   ….. غيدا معطرة من عالم الأمر
جيم وعين وفاء من منازلها   ….. جاءت به رسله في محكم الذكر
لها صلاتان من علم الغيوب وما  …. للظهر والعصر ذاك الفخر والفجر
فشخص الزمان هو السنة، والنفس التي ندبره في ليلة القدر" أي الغيداء المعطرة بأنفاس الروحانيين والرحمة.
و الصلاتان هما المغرب والعشاء . وأشار بعلم الغيوب لليل أي ليلة القدر وليل الهوية الباطنة المنزلة بالإنية الإلهية الظاهرة في أول آية هو إنا أنزلته في ليلة القدر )
وهذا بدأ الشيخ هذا الباب" "بالكلام عن الإنية ثم ذكر الهوية فقال: (فهذا منزل من منازل الغيوب لا ظهور له في الشهادة). فالإنية لها الظهور والفرقان والتشبيه والنهار، والهوية لها البطون والقرآن والتنزيه والليل، فلتلك الإنية من سورة "القدر" ليلة النصف من شعبان فلها التشعيب والتفصيل الفرقان.
ولتلك الهوية ليلة القدر فلها الجمع القرآني لأن القدر في اللغة هو التحديد والجمع. وإلى كل ذلك يشير الشيخ في هذا الفص حين يقول: (... والأمر قرآن لا فرقان... وهذا ما اختص بالقرآن إلا محمد وهذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس). فأشار بكلمة الأمر قرآن الأمر ليلة القدر التي خصت بها الأمة المحمدية لأن نبيها في الكمل کليلة القدر في الليالي فهي أي أمته كذلك بالنسبة إلى الأمم الأخرى .
كما عبر عن ذلك البوصيري رحمه الله في البردة: (بأكرم الرسل كنا أكرم الأمم).
فقوله: (خير أمة أخرجت للناس) يشير إلى الآية: (خير من ألف شهر).
قوله في هذا الفص: (فالحق محدود بكل حد... إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صورته) يشير إلى القدر أي الحصر والحد.
وكلام الشيخ حول تدبير الروح للصورة، وتدبير الروح للجسد وتدبير الحق تعالى للعالم مناسب لقوله في الأبيات السابقة: (شخص الزمان له نفس تديره) لأن أمور التصريف في السنة كلها تعطي للمدبرات أمرا في هذه الليلة.
وهذا المعنى وضحه الشيخ في الباب "م34" المخصوص بسورة الدخان التي أولها "حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)" سورة الدخان، 1-6.  
فقال: (سورة القدر تجمع ما تفرقه سورة الدخان). وسورة الدخان تفرق ما تجمعه سورة القدر.  فمن لا علم له بما شاهده يتخيل أن السورتين متقابلتان و لم يتفطن للمنزل الواحد الذي جمعهما ولم يتفطن لنشأته التي قامت من جمعها للمتقابلات الطبيعية...
فسورة القدر كالجابيه لسورة الدخان إلى آخره. يشير إلى أن ليلة قدر كل شخص هي عين نفسه، وليلة القدر العظمى هي نفس "الإنسان الكامل" انظر هذا المعنى في باب "سفر القرآن العزيز" من كتابه "الأسفار " .
وقوله: "قامت من جمعها للمتقابلات الطبيعية" يشير مرة أخرى إلى جمعية ليلة القدر وعلاقتها الرمزية مرتبة الطبيعة التي لها هذا الفص.
ويؤكد الشيخ هذه العلاقة في الوصل الثامن عشر من الباب "369" -وهو الوصل الخاص بسورة القدر - فيجعل عنوانه "الوصل الثامن عشر من خزائن الجود يتضمن فضل الطبيعة على غيرها وذلك الشبهها بالأسماء الإلهية... " إلى آخر الوصل، يشير إلى الآية في ليلة القدر خير من ألف شهر) القدر، 3)
وفي الفص إشارات أخرى للجمعية القرآنية لليلة القدر كقوله: "ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه بالوصفين على الإجمال... فقد عرفه مجملا لا على التفصيل كما عرف نفسه مجملا لا على التفصيل..."
وختم الفص بقوله: "ومن أراد أن يقف على أسرار نوح فعليه بالرقي في فلك يوح" أي من أراد أن يقف على أسرار هذا الفص المتعلق بسورة القدر وبالطبيعة ومنزلة الثريا وحرف العين فعليه بالرقي في فلك الشمس لأن ليلة القدر، وطبيعة الليل والنهار والفصول والشهور، متعلقة بدورها، وبطلوعها تنتهي ليلة القدر، ولهذا ختم الشيخ الأبيات السابقة بكلمة الفجر إشارة إلى آخر كلمة من سورة القدر.
وموقع ليلة القدر مرتبط بالدورتين الشمسية والقمرية وإليه أشار في الباب الخاص بالصوم.
وفيه يقول: "وجعل سبحانه إضافة الليل إلى القدر دون النهار لأن الليل شبيه بالغيب.
والتقدير لا يكون إلا غيا، لأنه في نفس الإنسان ... فهي ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم. فيتزل الأمر إلينا عينا واحدة، ثم يفرق فيها بحسب ما يعطيه من التفاصيل... وعلامتها محو الأنوار بنورها، وجعلها دائرة منتفلة في الشهور وفي أيام الأسبوع".
وفي فصل: "الغسل يوم الجمعة من باب الصلاة - الباب 69" يقول عن ساعة الإجابة يوم الجمعة وهي آخر ساعة فيه: "وهذه الساعة في يوم الجمعة ليلة القدر في السنة سواء" وهي إشارة في غاية النفاسة كرر الشيخ التلويح إليها في آخر الباب 32.
والاسم "الباطن" كما هو متوجه على إيجاد الطبيعة، فهو أيضا متوجه إلى منزلة الثريا التي ثلتها الأول يقع تحت برج الحمل وهو برج شرف الشمس، وموقع هذا الشرف في دائرة الفلك هو أشرف موقع فله نسبة كاملة مع شرف ليلة القدر، وقد حقق بعض علماء الفلك أن مولد رسول الله وقع لما دخلت الشمس تلك الدرجة الشريفة والله أعلم.
وللعلاقة بينه صلى الله عليه وسلم وبين ليلة القدر بعد الشيخ في الباب: 432 الخاص بمنازلة فاتحة الكتاب التي هي سورته لا يتكلم عن جمعية ليلة القدر وعلاقتها بالطبيعة يقول: "فأنت ليلة القدر لأنك من طبيعة وحق... فهي جامعة لكل أمر فهي العامة في جميع الموجودات".

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه

ختم الشيخ فص شيث السابق بقوله عن بشر آخر الزمان: "يتصرفون بحكم الطبيعة" ورأينا من رموز الطبيعة ليلة القدر. 
فهذا القول تمهيد للدخول في فم نوح أو فص سورة القدر التي تتنزل فيها الروح.
 فبدأ فص نوح بقوله: "أعلم أيدك الله بروح منه".
والفقرة الأخيرة منه مشحونة بكلمات تفيد الستر والظلام كقوله: "ولا تزد الظالمين من الظلمات أهل الغيب المكتشفين خلف الحجب الظلمانية".
فهي تلويح للدخول إلى فلك يوح حيث إدريس قطب فلك الشمس أم الليل والنهار، أي تلويح بالدخول إلى منزل سورة الليل التي منها مدد فص إدريس التالي

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 1:54 pm

04 - فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الإدريسي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 04 هو: لفص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية من الاسم الآخر ومرتبة الهباء وحرف الحاء ومنزلة الدبران من برج الثور
الجسم هو آخر مراتب الظهور العينى. فالاسم الظاهر المتوجه على إيجاد الجسم يستلزم ظهور الاسم الآخر .
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في حضرة الآخر من الباب 558: (... فالإنسان الكامل هو الآخر لأنه في الرتبة الثانية وهو الخليفة وهو أيضا الآخر بخلقه الطبيعي فإنه آخر المولدات) .. فظهر جسمه فكان المسمى آدم فهو الآخر.
بالنسبة للصورة الإلهية والآخر أيضا بالنسبة للصورة الكونية الطبيعية فهو الآخر نفسا و جسما وهو الآخر برجوع أمر العالم إليه...).
فظهر الآخر في المرتبة الرابعة متوجها على إيجاد مرتبة الهباء التي هي مظهر من حقيقة الحقائق أي أعلى وآخر المراتب الجامعة للإطلاق والتقييد والعدم والوجود... و لعلوها يرمز لها بالعنقاء التي تحوم فوق قمة جبل قاف.
فمرتبتها أنسب المراتب لإدريس عليه السلام الذي قال الله عنه :"ورفعناه مكانا عليا" (مريم، 57).
وقرن تعالى العلو الربوبي بالتسبيح والتقديس فقال: "سبح اسم ربك الأعلى" (الأعلى، 1) .
ولهذا كان وصف حكمة هذا الفص بالقدوسية لأن التسبيح الأعلى هو التقديس ولهذا ورد في الحديث الشريف أن من أذكار الملإ الأعلى: " سبوح قدوس رب الملائكة والروح".
وقد تمكن إدريس عليه السلام  من التقديس والتروحن إلى أن اتصل بروحانيات السماوات والبروج .
وترقى إلى عالم القدس فاطلع على أسرار التدبير والتفصيل في الملك والملكوت وعلم الناس علوم الحكمة .
ثم رفع إلى قطب السماوات في الفلك الشمسي فهو قطب الأرواح السماوية المقدسة.
يقول الشيخ عن مرتبة الهباء الإدريسية ما خلاصته:
(اعلم أن هذا الجوهر مثل الطبيعة لا عين له في الوجود وإنما تظهره الصورة فهو معقول غير موجود الوجود العيني.
ونسميه العنقاء فإنه يسمع بذكره ويعقل ولا وجود له في العين.
وقد كان الله ولا شيء معه. فلما أراد وجود العالم وبدأه على حد ما علمه بعلمه بنفسه انفعل عن تلك الإرادة المقدسة بضرب بحل من تحليات التترية إلى الحقيقة الكلية انفعل عنها حقيقة تسمى الهباء هي ممتلة طرح البناء الجص ليفتح فيها ما شاء من الأشكال والصور وهذا هو أول موجود في العالم، وقد ذكره علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه .
ثم إنه تعالى تجلى بنوره إلى ذلك الهباء - ويسميه أهل الأفكار :
الهيولي الكل - والعالم كله فيه بالقوة والصلاحية فقبل منه تعالى كل شيء في ذلك الهباء على حسب قوته واستعداده كما تقبل زوايا البيت نور السراج.
فلم يكن أقرب إليه قبولا في ذلك الهباء إلا حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم المسماة بالعقل .
فكان سيد العالم بأسره وأول ظاهر في الوجود فكان وجوده من ذلك النور الإلهي ومن الهباء ومن الحقيقة الكلية.
وفي الهباء وجد عينه وعين العالم من تجليه وأقرب الناس إليه علي بن أبي طالب وأسرار الأنبياء أجمعين.
فهذا العقول الهبائي هو كل أمر يقبل بذاته الصور المختلفة التي تليق به وهو في كل صورة بحقيقته وفيه تظهر العين التي تقبل حكم الطبيعة وهو الجسم الكل وهذا المعقول إنما قيدنا مرتبته بأنها الرابعة من حيث قبوله صورة الجسم خاصة.
وأما بالنظر إلى حقيقته فليست هذه مرتبته ولا ذلك الاسم اسمه وإنما اسمه الذي يليق به الحقيقة الكلية التي هي روح كل حق ومنى خلى عنها حق فليس حقا، وهو قديم في القديم حقيقة و حادث في المحدث حقيقة.
لأنه بذاته يقابل كل متصف به وهو في كل ذات بحقيقته وعينه وما له عين وجودية سوى عين الموصوف فهو على أصله معقول لا موجود وجودا عينيا .
ومثاله في الحس البياض في كل أبيض أو التربيع في كل مربع.
فالمعنى القابل لصورة الجسم هو المذكور المطلوب في هذه المرتبة الرابعة.
والجسم القابل للشكل هو هباء لأنه يقبل الأشكال لذاته فيظهر فيه كل شكل وليس في الشكل منه شيء وما هو عين الشكل.
والأركان هباء للمولدات وهذا هو الهباء الطبيعي، والحديد وأمثاله هباء لكل ما تصور منه من سيف ومفتاح وغيرها وكلها صور أشكال ومثل هذا يسمى الهباء الصناعي. فهذه أربعة عند العقلاء، والأصل هو الكل.
وزدنا نحن حقيقة الحقائق التي تعم الخلق والحق وما ذكرها أحد من أهل النظر إلا أهل الله.
وهذا كله من حكم الاسم الأخير الظاهر التي هي كلمة النفس الرحماني وهو الذي توجه على الدبران من المنازل و اسمها مناسب للآخر لأن الإدیار هو التأخر - وكواكبه ستة وهو أول عدد كامل فهو أصل كل عدد كامل فكل مسدس في العالم له نصيب من هذه الكمالية.
وإنما وصف بالكماليه لأنه يظهر عن نصفه وثلثه و سدسه فيقوم من عين أجزائه وعليه أقامت النحل بينها حتى لا يدخله خلاء). انتهى.
و لعلو هذه المرتبة المعقولة كان مدار هذا الفص الإدريسي حول على المكانة والمكان.
لأن الاسم العلي في الأسماء الحسنى كالهباء بالنسبة لصور العالم لقول الشيخ عنه: (والعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية والنسب العدمية بحيث لا يمكن أن يفوته نعت منها وليس ذلك إلا لمسمى الله تعالى خاصة.).
ومن أقرب المعقولات المرتبة الهباء معقولية العدد. فالعدد لا وجود عيبني له وإنما يظهر بظهور المعدود.
ولذلك خصص الشيخ في هذا الفص فقرة حول العدد وفيها يقول:
(وما ظهر حكم العدد إلا بالمعدود... وقد يعدم الشيء من حيث الحس وهو موجود من حيث العقل) .
وحيث أن مرتبة الهباء هي محلى كل الصور. فقد كرر الشيخ في هذا الفصل لفظة "صورة" نحو ست مرات.
وفي النصف الأخير من الفص مهد للفص الإبراهيمي الموالي بذكره الآيات قصة رؤيا إبراهيم مع ولده والكبش وأشار إلى الاسم الظاهر الحاكم عليه بقوله: (فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان. فمن الطبيعة ومن الظاهر منها؟...).
وإنما ذكر الطبيعة لعلاقتها بالهباء فهما توأمان حسب قوله في الباب 11 من الفتوحات: (فالطبيعة والهباء أخ وأخت لأب واحد وأم واحدة فأنكح الطبيعة الهباء فولد بينهما الجسم الكلي وهو أول جسم ظهر فكان الطبيعة الأب فإن لها الأثر وكأن الهباء الأم فان فيها ظهر الأثر وكان النتيجة الجسم ثم نزل التوالد في العالم إلى التراب).

السورة القرآنية الخاصة بالفص الإدريسي

04: مفتاح سورة فص إدريس عليه السلام

هذا الفص و سابقه أخوان لأن الاسمين الحاكمين على حكمتيهما أخوان وهما: "السبوح القدوس".
وكذلك الاسمان المتوجهان على إيجاد المرتبتين الثالثة والرابعة من مراتب العالم، أي الطبيعة و الهباء هما أيضا أخوان وهما "الباطن" و"الآخر".
فالباطن لنوح والطبيعة والآخر لإدريس و الهباء .
والطبيعة والهباء توأمان حسب ما ذكره الشيخ في الباب -11- في حيث يقول: " ... بعد أن عرفت الأب الثاني من الممكنات وأنه أم ثانية للقلم الأعلى كان مما ألقى إليها من الإلقاء الأقدس الروحاني: الطبيعة والهباء. فكان أولى أم ولدت توأمين ..."
وإنما ذكرنا هذا لعلاقته مع سورة هذا الفص وهي سورة الليل أخت سورة ليلة القدر أي سورة مرتبة الطبيعة وفص نوح، و المفتتحة بنكاح الليل والنهار والذكر والأنثى والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى . وما خلق الذكر والأنثى " (الليل، 1-3)
ومناسبة سورة الليل -- لهذا الفص له عدة وجوه منها:
أولا: مناسبتها للقدوس لأن الليل يرمز إلى غيب الهوية أي التنزيه والتقديس .
والنهار يرمز إلى الظهور والتشبيه.
قال تعالى :"والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى " (الليل، 1-2) وتكلم الشيخ في هذا الفص عن الحق المنزه والخلق المشبه.
ثانيا: مناسبتها للهباء أي الهيولى التي يصفها الشيخ بالسواد فيقول في جوابه عن السؤال "153" من أسئلة الترمذي: "والحرف صورة في السبخة السوداء.
فإن قلت وما السبخة قلنا الهباء الذي فتح فيه صور أجسام العالم... " وفي الباب "289" الفتوحات يقول: "فكل ظلام في العالم من جوهر الهباء الذي هو الهيولى"
ثالثا: مناسبتها مع "إدريس" عليه السلام يظهر من آيته التي افتتح الشيخ ما الفص أي: "ورفعناه مكانا عليا" وجل الفص يدور حول مفهوم العلو من "الآية 20 في سورة الليل "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى " قيل إن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق عنه وهو من المحمديين الذين قال الشيخ عنهم: "... وأما علو المكانة فهو لنا أعني المحمدين قال الله تعالى: "وأنتم الأعلون والله معكم " (محمد، 35 ) في هذا العلو.
" فكأنه يشير إلى آية 40 من سورة التوبة وفيها وصف حال النبي والصديق ومعية الله تعالى لهما ثان أثنين إذ هما في الغار إذ يقول يصيبه لا تحزن إن الله معنا )
وكان الشيخ يلوح لتلك الآية و" إلا ابتغاء وجه به الأعلى ".
في قوله: "قد ظهر في هذا القول عشرون مرتبة" لأنها هي الآية العشرون.
والمعنى الظاهر للعشرين مرتبة هو مراتب الآحاد التسعة و مراتب العشرات التسعة ثم المائة ثم الألف فمجموعها عشرون...
وبدأ الشيخ هذا المنزل بقوله... "إن هذا المنزل من أعظم المنازل قدرا هو منزل النكاح الغيبي".
وهو نكاح المعاني والأرواح ويختص هذا المنزل علم التجلي الإلهي المشبه بالشمس ليس دونها سحاب دون التجلي القمري البدري..." إلى آخره.
يشير إلى الآية 2 ( والنهار إذا تجلى ) ومن هنا تظهر مناسبة أخرى بين هذه السورة و إدريس لأنه هو قطب فلك الشمس في السماء الرابعة التي بشروقها يتجلى النهار.
ورأينا في فص شيث أن شروقها هو "الضحى".
ومدار ذلك الفص على أيتها "ولسوف يعطيك ربك فترضى " (الضحى، 5) .
ومدار هذا الفص على آية الليل الأخيرة "إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . ولسوف يرضى )[ 20-21].
فتلك الآية من "الضحى" للنبي صلى الله عليه وسلم  وهذه الآية من "الليل" لصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه فبشر الصاحيين بالرضا.. .
وكلامه عن الأول والأخر والعين واحدة من الآية (13) " وإن لنا للآخرة والأولى" وكلام الشيخ حول تشتت الأعداد من الواحد مرجعه للآية (4) "إن سعيكم لشتى" وكلامه عن الولد ووالده والزوج والنكاح مرجعه للآية(3) "وما خلق الذكر والأنثى".
وذكر أبا سعيد الخراز الذي قال: عرفت الله بجمعه بين الضدين، وهو عين ما نجده في الباب "292 فتوحات " الذي هو باب مزل سورة "الليل" - حيث يقول: "وأما علم تألف الضرتين فاعلم أن أبا سعيد الخراز قيل له: بم عرفت الله ؟ فقال بجمعه بين الضدين وتلا هو الأول والآخر أي هو أول من عين ما هو آخر وظاهر من حيث ما هو باطن".
وقول الشيخ: "إن كل أسم إلهي يسمى بجميع الأسماء الإلهية وينعت ما" مناسب لقوله عن الجوهر المباني في "الباب 198 فتوحات فصل 14" : الهباء هو كل أمر يقبل بذاته الصور المختلفة التي تليق به وهو في كل صورة بحقيقته".

علاقة هذا الفص بسابقه ولا حقه
- ذكرنا في البداية الأخوة بين هذا القص القدوسي الإدريسي الهبائي الآخر من سورة "الليل" والفص السابق النوحي السبوحي الطبيعي الباطن من سورة "ليلة القدر".
ولتأكيد هذه العلاقة ذكر الشيخ في هذا الفص الإدريسي الطبيعة وأركانها فقال : "... فمن الطبيعة ومن الظاهر منها... فهذا بارد یابس وهذا حار يابس: فجمع بالبس وأبان بغير ذلك. والجامع الطبيعة لا بل العين الطبيعية. فعالم الطبيعة صور في مرآة واحدة، بل صورة واحدة في مرايا مختلفة.".
وقوله عن الطبيعة: "من الظاهر فيها ؟" .
تمهيد للدخول لفص إبراهيم التالي الحاكم على مرتبته الاسم "الظاهر".
وزاد توضيحا لهذا التمهيد بقوله عن إبراهيم وابنه عليهما السلام: " ... فانظر ماذا ترى" "قال يا أبت افعل ما تؤمر"، والولد عين أبيه.
فما رأي يذبح سوى نفسه "وفداه بذبح عظيم" فظهر بصورة كبش من ظهر بصورة إنسان.
وظهر بصورة ولد. لا بل بحكم ولد من هو عين الوالد".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:00 pm

05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الإبراهيمي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 05: لفص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية من الاسم الظاهر ومرتبة الجسم الكلى وحرف العين و منزلة الهقعة
تشكل الحكيم في أشكال الحكمة هو الظهور.
فما الظهور إلا تشكل في هيئة مخصوصة لحكمة معينة.
فالحكيم يستلزم ظهور الاسم الظاهر.
فظهر الظاهر في المرتبة الخامسة متوجها على إيجاد مرتبة الجسم الكل لأن غاية الظهور تتم في الجسم ففيه تظهر جميع ما اتصفت به الذات فهو الغاية .
يقول الشيخ "الفتوحات الباب 371": (والغاية القصوى ظهور جسومنا في عالم التركيب والأبدان).
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 11 من "الفتوحات الباب 98": 
(الأصل وجود عين العقل والزائد وجود النفس وهو على قدر العقل ثم الطبيعة وهي على قدر العقل ثم الهباء وهو على مقدار العقل ثم الجسم الكل وهو الرابع وليس وراءه شيء إلا الصور).
ولهذا بدأ الشيخ هذا الفص بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية). فمقام الخلة هو مقام كمال ظهور الحق على ظاهر عبده وهو قول الشيخ: (فالحق سمع الخلق وبصره ويده ورجله وجميع قواه كما ورد في الخبر الصحيح).
ولاستمداد هذا الفص من الاسم الظاهر تكررت فيه ألفاظ: يظهر، والظاهر ومظهر نحو الإحدى عشرة مرة وكذلك الألفاظ التي تتعلق بالظهور مثل: يكشف، الكشف كشوف... ولان مرتبة هذا الفصل في الجسم وردت فيه الكلمات الدالة عليه مثل: سمع، بصر، يد، رجل، ساق، غذاء، الأرزاق الح....
وحكمة هذا الفص منسوبة للمهيم أو المهيمن - والمهم هو الذي هيمن عليه الهيام أو الهيمان - لأن الاسم الظاهر التوجه على إيجاد هذه المرتبة له الهيمنة على كل ما يظهر في نفس الرحمن من المراتب المنطوية كلها في جسم العرش .
حتى إن الشيخ عبد الكريم الجيلي جعل العرش فوق النفس الكلية والعقل
فقال في الباب 45 من "الإنسان الكامل"
"اعلم أن العرش على التحقيق مظهر العظمة ومكانة التجلي وخصوصية الذات ويسمى جسم الحضرة ومكانها لكونه المكان المنزه عن الجهات الست .
وهو المنظر الأعلى والحل الأزهى الشامل لجميع أنواع الموجودات فهو في الوجود المطلق كالجسم للوجود الإنسان باعتبار أن العالم الجسماني شامل للعالم الروحاني والخيالي والعقلي إلى غير ذلك.
ولهذا عبر عنه بعض الصوفية بأنه ألجسم الكلي، وفيه نظر، لأن الجسم الكلي وإن كان شاملا لعالم الأرواح فالروح فوقه والنفس الكلي فوقه.
ولا نعلم أن في الوجود شيئا فوق العرش إلا الرحمن"... "واعلم أن الجسم في الهيكل الإنسان جامع لجميع ما تضمنه وجود الإنسان من الروح والعقل والقلب وأمثال ذلك، فهر في الإنسان نظم العرش في العالم.
فالعرش هيكل العالم وجسده الجامع لجميع متفرقاته وهذا الاعتبار قال أصحابنا إنه الجسم الكلي، ولا اختلاف بيننا لاتحاد المعني في العبارتين".
وفي عدة أبواب من الفتوحات بين الشيخ شرف الجسم وقواه الحسية ووسع أرض البدن، فهي أرض الحقيقة وهي أرض العبودية الواسعة التي أشارت إليها الآية 56 من العنكبوت " يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون ".
ولهذا سمي الشيخ منزل العنكبوت بمنزل الأرض الواسعة في الباب 22 من الفتوحات .
وأخبر عن واقعة غريبة حصلت له لما دخل إلى هذه الأرض وهو يصلي بتونس. وقد خصص لهذه السورة الباب 355 الذي عنوانه: "منزل السبل المولدة وارض العبادة واتساعها" ثم ذكر الآية.
وفصل تفصيلا وافيا مكانة الأرض البدنية والعرش من العالم إلى أن نال ما خلاصته: (إن أرض بدنك هي الأرض الحقيقية الواسعة التي أمرك الحق أن نعبده فيها وجعلها واسعة لما وسعته من القرى والمعاني التي لا توجد إلا في هذه الأرض البدنية الإنسانية . وفيها تهاجر من محل الهوى إلى محل العقل منها .
وأنت في كل هذا فيها ما خرجت منها.
ومن لم يعبد الله في أرض بدنه الواسعة فما عبد الله في أرضه التي خلق منها.
ثم يعيدنا فيها كما أنشأنا وذلك في النشأة الأخرى.
فخلق أرواحنا من أرض أبداننا في الدنيا لعبادته وأسكننا أرض أبداننا في الآخرة لمشاهدته إن كنا سعداء.
والموت بين النشأتين حالة برزخية تعمر الأرواح فيها أجسادا برزخية خيالية مثل التي عمرها في النوم وهي أجساد متولدة عن هذه الأجسام الترابية فان الخيال قوة من قواها فما برحت أرواحها منها أو مما كان منها). إلى آخر ما فصله بأحسن بيان.
ويكفي في بيان وسع وشرف أرض البدن أن القوة المخيلة التي هي أوسع القوى وأعظمها ما هي إلا شعبة من شعبها.
وقد خصص الشيخ لبيان أرض عوالم الخيال الباب الثامن من الفتوحات الذي عنوانه: (معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام وهي أرض الحقيقة وذكر بعض ما فيها من الغرائب والعجائب) .
ويصف وسعها فيقول: (... وفضل من الطينة بعد خلق النخلة قدر السمسمة في الخفاء فمد الله في تلك الفضلة أرضا واسعة الفضاء إذ جعل العرش وما حواه والكرسي والسماوات والأرضون وما تحت الثرى والجنات كلها والنار في هذه الأرض كان الجميع فيها كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض وفيها من العجائب والغرائب ما لا يقدر قدره ويبهر العقول أمره).
وفي هذا الباب الثامن ذكر ملوك هذه الأرض وقال إنه صحب منهم جماعة وفيهم لطف وحنان منهم التالي وذو العرفي و السابح والسابق والقائم بأمر الله والرادع. أشار هؤلاء الملوك إلى القوى الحسية والمعنوية في ذات الإنسان كالجوارح والحواس والعقل والفكر والحافظة وغيرها...
وقد صرح الشيخ بذلك في الباب 346 - وهو منزل سورة ص - الذي فصل فيه شرف الحس عن ما سواه فقال متكلما عن القوى الحسية: (هي أتم لأن لها الاسم الوهاب لأنها هي التي تهب للقوى الروحانية ما تصرف فيه وما يكون به حباها العلمية من قوة خيال وفكر وحفظ وتصور ووهم و عقل وكل ذلك من مواد هذه القرى الحسية .
ولهذا قال الله تعالى في الذي أحبه من عباده: كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به وذكر الصورة المحسوسة وما ذكر من القوى الروحانية شيئا ولا أنزل نفسه مزلتها .
لأن منزلتها منزلة الافتقار إلى الحواس . والحق لا ينزل منزلة من يفتقر إلى غيره والحواس مفتقرة إلى الله لا إلى غيره.
فنزل لمن هو مفتقر إليه لم يشرك به أحدا فأعطاها الغني فهي يؤخذ منها وعنها ولا تأخذ هي من سائر القوى إلا من الله.
فاعرف شرف الحس وقدره وإنه عين الحق ولهذا لا تكمل النشأة الآخرة إلا بوجود الحس والمحسوس لأنها لا تكمل إلا بالحق فالقوى الحسية هم الخلفاء على الحقيقة في أرض هذه النشأة عن الله).
وأنسب الحروف لهذه المرتبة الخلافية الجامعة الخامسة هو خامس الحروف اللفظية أي الغين لأنه حرف الغاية ومفتاح الاسم "غني" الذي هو من أسماء الذات.
وللغين غاية العدد أي الألف فاليه انتهى نفس الرحمن عددها كما انتهى كونيا عند جسم الإنسان ولهذا يصفه الشيخ في الباب الثاني من الفتوحات فيقول:
الغين مثل العين في أحواله      …. إلا تجليه الأطم الأخطر
في الغين أسرار التحلي الأقهر  …. فاعرف حقيقة فيضه وتستر
وانظر إليه من ستارة كونه     ….. حذرا على الرسم الضعيف الأحقر
وأنسب الكمل لحضرة الجسم الكل الظاهر هو سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام  لعدة وجوه:
أولا: الحقيقة الإبراهيمية العرشية - كما سبق ذكره في فص إسماعيل لها تدبير الأرزاق الحسية.
ولا قيام للجسم إلا برزق الغذاء فروح الجسم الكل المعدة له بالرزق هو الحقيقة الإبراهيمية.
ومرتبة الإمداد بالأرزاق هي المهيمنة على المراتب العرشية الأخرى وهي الأرواح والأجسام ومرتبتي الوعد والوعيد.
لأن الوعد والوعيد تابعان لأحوال وأعمال النفوس المتولدة عن الأرواح والأجسام، والأرواح متولدة عن الأجسام ولا قيام للأجسام إلا بغذاء الأرزاق الإبراهيمية التي تكلم الشيخ عنها في آخر هذا الفص وقرنها بمقام الخلة.
ولهذا نجد في كتاب "العبادلة" عنوانا هو عبد الله بن إبراهيم بن عبد القيوم.
ثانيا: سيرته عليه السلام مشحونة بمظاهر الاسم الظاهر ومرتبة الجسم:
كسر اجسام أصنام قومه إلا كبيرا لهم.
و رمي جسمه في النار فكانت عليه بردا وسلاما لتخلل ذاته بالنور.
وكانت حجته على قومه أنوار الأجسام الفلكية: الكواكب والقمر والشمس.
وسن القرى أي إكرام الضيف بتقديم الغذاء له و بذبح الحيوان كما فعل عندما زارته الملائكة حيث جاء بعجل حنيذ وقدمه إليهم وقال: "ألا تأكلون" الصافات 91 .
او كما سن الختان وباقي خصال الفطرة و كلها تتعلق بالعناية بالبدن.
وورد في الخبر النبوي أن أول من يكسی بدنه يوم القيامة هو إبراهيم عليه السلام .
وعزم على التضحية بجسم ابنه ففدي بذبح كبش القربان.
وبني جسم بیت الله الكعبة حرما آمنا مباركا وهدى للعالمين ودعا الله أن يغذي سكان حرمه فقال: ( رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)) سورة إبراهيم. ومن مناجاته: " والذي هو يطعمني ويسقين . وإذا  مرضت فهو يشفين" (الشعراء 79-80) .
ثم أنجب الله من جسمه رسولين عظيمين إسماعيل أبي العرب وإسحاق جد بني إسرائيل عليهما السلام، فهو أبو الأنبياء.
وهنا تظهر العلاقة الأصيلة بين الفصوص المتتالية الثلاثة فصوص إبراهيم وإسحاق وإسماعيل .
لأن الجسم الكل الإبراهيمي والشكل الكل الإسحاقي ظهرا أولا في العرش الإسماعيلي فكلهم واحد .
ولبيان هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 15 من الفتوحات الباب 198 وهو فصل الجسم الكل ما خلاصته: ( اعلم أن الله تعالى لما جعل في النفس القوة العملية أظهر الله بها صورة الجسم الكل في جوهر الهباء فعمر به الخلاء المستدير . ثم فتح في هذا الجسم صور العالم وجعله مستديرا متحركا بحركة دورية كالرحى لغلبة حرارة الطبيعية الحاكمة عليه فإن الاعتدال لا يظهر عنه شيء أصلا. وقبلت تلك الصور الأرواح من النفس الرحماني.
وظهر حكم الزمان بالحركة فظهرت الصور بالترتيب تقديما وتأخيرا وظهر حكم الأسماء الإلهية بوجود هذه الصور وما تحمله) إلى آخر ما فصله.
وكما أن للجسم الثبات والإحاطة من حيث عينه والتغير في الشكل من حيث صوره فكذلك ظهر من إبراهيم إسماعيل الذي له مرتبة العرش المحيط الثابت وإسحاق الذي له مرتبة الشكل الكل المتغير والمستمد من الحكيم.
ولعلاقة الثبوت بالمرتبة الإبراهيمية كان لهذه المرتبة العدد خمسة إذ هي خامس المراتب.
والخمسة - كما يقول الشيخ - تحفظ نفسها وغيرها.
فبقيت الملة الإبراهيمية عند ذرية إسماعيل محفوظة إلى يوم القيامة وبقي اسم إبراهيم مذكورا بالتعظيم عند جل الأمم والملل مصداقا لدعائه :"واجعل لي لسان صدق في الآخرين" (الشعراء، 84) .
ومذكورا عند كل صلاة وعند كل حج وعمرة وعند كل أضحية، وذكر اسمه في القرآن 69 مرة.
فالمسلمون هم أبناء و ورثة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام وورث منه العرب سر الثبات فثبتوا على ملته الحنيفية الصافية المستقيمة أكثر من عشرين قرنا.
وما ظهر فيهم الانحراف الى الشرك إلا بفعل التأثير الخارجي مدة بعد المسيح عليه السلام .
ولم يدم ذلك طويلا فمحى إشراق الشمس المحمدية الخاتمة تلك الظلمة العارضة. ورمز ثباتهم على فطرة الحق وجود البيت العتيق أول بيت وضعه الله للناس ببكة مباركا وهدى للعالمين عندهم فهم أهل هذا الحرم الأمن الذي لم يزل نابتا من بداية الخلق إلى أخر الزمان...
ومن سر هذا الثبات الرباني العربي نزل القرآن المجيد آخر كتاب إلهي بلغة العرب وتولي الله حفظه ليبقى إلى الأبد ثابتا مثبتا.
ووصف الحق تعالى أهله بالثبات فقال عنهم: " رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " (الأحزاب، 23) .
وهذا كله من سر اسمه تعالى المهيمن المحيط المتوجه على إيجاد الكلمتين الإبراهيمية والإسماعيلية.
ولهذا وصف الحق تعالی القرآن العربي بالإحاطة والهيمنة فقال: " ما فرطنا في الكتب من شيء " (الأنعام، 38) .
وقال: ( وأنزلنا إليك الكتب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) المائدة، 48.
ولهذا نجد الشيخ في أحد أبواب كتاب "العبادلة" بنسب عبد المهيمن إلى إسماعيل.
كما نجده في الباب 558 من الفتوحات يقرن القرآن بالمهيمن فيقول عن الاسم المهيمن: (اعلم أن من هذه الحضرة نزل هذا الكتاب المسمی قرآنا خاصة دون سائر الكتب والصحف المترلة.
وما خلق الله من أمة من أمم نبي ورسول من هذه الحضرة إلا هذه الأمة المحمدية وهي خير أمة أخرجت للناس ولهذا أنزل الله في القرآن في حق هذه الأمة " لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا " (البقرة، 143) فنأتي يوم القيامة بقدمنا القرآن ونحن نقدم سائر أهل الموقف). انتهى.
وأما تغير أشكال الصور على عين الجسم فظهر في مرتبة الشكل الكل الإسحاقي. أي أن ثبوت الظهور الجسمي يستلزم التضحية بشكل ليظهر الشكل الجديد في عملية الخلق المتجدد مع الأنفاس.
وهذه هي المرتبة الإسحاقية السادسة والستة - كما يقول الشيخ - تخفظ نفسها ولكن - بخلاف الخمسة - لا تحفظ غيرها.
فكل شكل محدود بصورته هو محفوظ لكنه غير حافظ.
وكما ظهرت صفة الثبوت الإحاطية في بني إسماعيل لاستمدادهم من المهيمن المحيط.
كذلك ظهرت صفة التغير الحكمي في بني إسحاق أي بني إسرائيل لاستمدادهم من الاسم الحكيم.
فـ لبني إسماعيل العلوم الإحاطية والإجمال والكيف . فهم حسب اصطلاح الشيخ أهل الذات والأسرار.
ولبني إسرائيل العلوم التفصيلية والكم فهم أهل الصفات والأنوار، ولهذا نجد في
كتاب "العبادلة" بابا عنوانه "عبد الله بن إسحاق ابن عبد الحسيب" فالحساب متعلق بالكم والتفصيل لأنهما من مظاهر حكمة الحكيم المتوجه على إيجاد مرتبة الشكل الاسحاقي المتغير.
والتغيرات المعنوية والحسية في تاريخ بني إسرائيل بن إسحاق كثيرة ومشهورة.
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمات: حكم، حاكم، تمهيدا لفص إسحاق الموالي المستمد من الاسم الحكيم.
قال الشيخ في فصل الإشارات الإبراهيمية من كتاب "الإسراء":
قال: ( تراه قد نظر في النجوم فقال إني سقيم ؟ قلت إشارة إلى حكمة علوية صدرت له من اسمه الحكيم) .
إشارة: عدد الاسم: ظاهر هو 1106. وبالاضافة العدد 5 عدد هذه المرتبة ينتج العدد القطبي الأكبر المشير لقطبية إبراهيم قطب الأنبياء.
و لقطبية الاسم الظاهر لنفس الرحمن، أي العدد 1111 الذي هو عدد كلمة (خلافة): وهر مجموع عدد القطبية الأوسط (111 =قطب - ألف= هو ق) مع ألف غين الغاية ظهور نفس الرحمان (1111-1000 +111) فالآحاد الأربعة القطبية المرائب الكلية الأربعة: اللاهوت - الملكوت -الجبروت - الملك.
أو باعتبار آخر الهوية والذات والأسماء والصفات.
أو حضرتی رجال الأفراد الذين لهم الاسم:
(هو =11) والأقطاب (111 = قطب = أعلى = كافي)
وإنما ذكرنا علاقة هذا العدد بالخلافة لأنها لا تتم إلا عند القطب الظاهر في الأرض بجسمه الطيني الكثيف المناسب لهذه المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الكلى. 

السورة الخاصة بالفص الإبراهيمي
05:   سورة فص إبراهيم عليه السلام
الحاكم على هذا الفص - كما ذكرناه - هو الاسم "الظاهر" المتوجه على إيجاد الجسم الكل و حرف الغين.  والغين هو الحجاب فالجسم حجاب الروح.
والغين حرف الغاية وعدده "1000" له غاية المراتب بعد الآحاد والمئات.
وغاية الظهور تتم في الجسم. وأنسب سورة الحقيقة "الظاهر" في "الجسم" هي سورة "البيئة" لأن البيان هو الظهور.
والفص مشحون بمشتقات كلمة "ظهر و كشف"، وهو نفس ما نجده في الباب "286- فتوحات " المتعلق بمنزل "البينة" حيث يتكلم عن النور الذي به يتم ظهور الأشياء وبيان الحقائق.
فبدأه بقوله: "من هذا المنزل قيدت جزءا سميته"
الفناء في المشاهدة ... "فأعلم أن مظهر هذا المنزل اسمه النور".
وافتتح الباب بالأبيات التالية مبتدئا بالإشارة إلى أول السورة أي "لم يكن"، وهذه الكلمة تشير إلى مقام الفناء المعبر عنه بقول: " فيفنى من لم یكن ويبقى من لم يزل" والمشار إليه في الحديث المعروف بمقام الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه. فان لم تكن تراه فإنه يراك" فقال الشيخ:
شمس الفناء بدت في كاف تكويني    …… لعلمها أنا بالنور تفنيني 
وقد أشارت ولم أعلم إشارتها       …… بأن في ذلك الإماء تعنيني
فكنت واوا لعين العلم ظاهرة         ….. خفية العين بين الكاف والنون
فصلت في اللوح أسرارا متوجة    …… قد كان أحملها الرحمن في النون
وفي الوصل "17" من الفتوحات الباب "369" وهو الوصل المتعلق بـ "البينة" - يعود إلى مسألة هذا النور الظاهر المبين.
فيقول مثلا: "ومن أصحاب هذا المقام من جعل أمر الخلق مع الحق كالقمر مع الشمس في النور الذي يظهر في القمر..." إلى آخره،
وقصة إبراهيم عليه السلام مع قومه في بيانه لهم أفول أنوار الكوكب والقمر والشمس معروفة.
فتخلل نور الشمس جرم القمر وظهور القمر بالشمس أو ظهور الشمس بالقمر هو نفس موضوع هذا الفص الذي يتكلم على مقام الخلة وظهور الحق في الخلق أو ظهور الخلق بالحق....
ومن مناسبات البينة مع إبراهيم  آیتها 5 ( وما أمرو إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) وقد تكررت كلمة حنيفا كوصف لإبراهيم في القرآن تسع مرات، ومرة واحدة لسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام.
وعلى إبراهيم نزلت الصحف كالصحف المذكورة في الآيتين: 3 / 2 " رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة . فيها كتب قيمة "
وقول الشيخ: "... فعم ما ذم وحمد، وما ثم إلا محمود ومذموم" يشير إلى الفريقين الذين عليهما مدار "البينة" وهما "هم شر البرية... هم خير البرية" ( البيئة، 76)
وأخر السورة " رضي الله عنهم ورضوا عنه " (البينة،: يشير إلى ذلك التخلل فعلا وانفعالا بين الحق والخلق .
وهو قول الشيخ: "فأنت غذاؤه بالأحكام وهو غذاؤك بالوجود فتعين عليه ما تعين عليك. فالأمر منه إليك ومنك إليه".
وكاد الشيخ أن يصرح بالآية "رضى الله عنهم ورضوا عنه"
فقال: "فيحمدي وأحمده" إلى آخر الأبيات.

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه
اولى مظاهر العلاقة بين هذا الفص و سابقه الإدريسي تتجلى في الاسمين الحاكمين على مرتبتيهما أي "الآخر" و"الظاهر" فهما متجاوران في غالب الأحيان.
كقوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن" فجاء "الظاهر" تلو "الآخر" كتلاوة فص إبراهيم الجسمي لفص إدريس الهبائي.
ولهذا نجد الشيخ يقرهما فيقول: "وهذا كله من حكم الاسم الآخر الظاهر التي هي كلمة النفس الرحماني وذلك خلال كلامه عن الهباء.
وكما ختمت سورة الفص السابق بالرضا: "ولسوف يرضى" , فكذلك ختمت سورة الفص به:" رضى الله عنهم ورضوا عنه " .
وختم الشيخ الفص بفقرة حول الأرزاق والغذاء.
والاسم "الرزاق" هو المتوجه على إيجاد النبات في المرتبة الثالثة والعشرين ولها فص لقمان الثالث والعشرون.
وسنرى أن له سورة الزلزلة الموالية في ترتيب المصحف السورة هذا الفص أي البينة.
فانظر كيف لوح الشيخ بالرابطة بين الفصين المتكاملین تكامل الجسم بالغذاء.
وحيث أن للقمان الحكمة من اسمه تعالى: "الحكيم".
فتلويح الشيخ لفص لقمان هو تمهيد للدخول لفص إسحاق التالي لأن سورته سورة التين ننتهي بالحكمة في آياتها "أليس الله بأحكم الحاكمين" والمتوجه على إيجاد مرتبة الشكل الكلي في فص إسحاق التالي هو الاسم "الحكيم".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:27 pm

06 - فص حكمة حقية في كلمة إسحاقية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الإسحاقي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 06: لفص حكمة حقية في كلمة إسحاقية من الاسم الحكيم والشكل الكل وحرف الخاء ومولة الهنعة من برج الجوزاء
المحيط لا يكون محيطا إلا إذا تشكل بكل شكل وظهر بكل صورة وتقيد بكل قيد، مع تترهه عن كل ذلك.
فالاسم المحيط يستلزم ظهور الاسم الحكيم لأن الحكيم هو الذي يضع كل شيء في قيده اللائق ويركب كل صورة في شكلها المناسب.
فظهر الاسم الحكيم في المرتبة السادسة متوجها على إيجاد مرتبة الشكل الكلى. وحيث أن الحكماء قيدوا كلیات الوجود في عشر مقولات فقد ذكر الشيخ هذه المقولات الكونية وما يشاكلها في الحضرة الإلهية فقال في فصل الشكل الكل وهو الفصل 16 من الباب 198 ما خلاصته:
الاسم الحكيم توجه على إيجاد الشكل الكل وحرف الخاء ومنزلة الهنعة وهي الشكل المقيد وبه سمي ما تقيد به الدابة في رجلها شكالا والمتشكل هر المقيد بالشكل الذي ظهر به.
يقول الله " كل يعمل على شاكلته " [الإسراء، 84]. والعالم كله عمل الله فعمله على شاكلته فما في العالم شيء لا يكون في الله تعالى.
والعالم محصور في عشر لكمال صورته إذ كان موجودا على صورة موجده: فجوهر العالم لذات الموجد. وعرض العالم لصفاته. وزمانه لأزله. ومكانه لاستوائه. وكمه لأسمائه. وكيفه لرضاه وغضبه، ووضعه لكلامه. وإضافته لربوبيته، وأن يفعل لإيجاده وأن ينفعل لإجابته من سأله. فعمل العالم على شاكلته . انتهى.
فظهور العالم على صورة الحق هو الذي جعل حكمة هذا الفص حكمة حقية.
وموضوع هذا الفص هو عالم الخيال والمثال البرزخي بين الأرواح العالية وجسم العرش.
وأنسب الأنبياء المرتبة الشكل وحكمته الحقية هو إسحاق عليه السلام ، فأهم ميزة للشكل هي التغير أي تحدد الصور في الخلق المتجدد في كل آن.
واسم إسحاق مناسب لتغير الشكل حي سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالماحق.
والمحق سحق لشكل واستبدال شكل آخر به...
ومدار هذا الفص حول تغير الأشكال كما ظهر الذبيح على شكل كبش في رؤيا إبراهيم و كما جعل رؤيا يوسف حقا بتحقيق تأويله رؤياه في الواقع.
قال تعالى :" هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا " (يوسف، 100).
فهي حقية فخمص الشيخ فقرة لتشكل المعاني صورا في عالم المثال والرؤيا...
ثم ذكر تشكل روح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنام وعدم استطاعة الشيطان التشكل بها.
ثم تشكل تجليات الحق تعالى في الصور ...
ثم تكلم عن تشكل الأشياء في الخيال وتشكل همة العارف في صورة خارجية..
وختم بأبيات حول التشكل بالعبودية والربوبية ختمها بقوله: (فتذهب بالتعليق في النار والسبك) فالذهاب تغيير للشكل: وأعظم العناصر حكما في تغيير الأشكال هي النار الساحقة
وقد احتوى هذا الفص على 27 بيتا شعريا، فهو أكثر الأبواب شعرا لأن أقرب أنواع الكلام إلى مرتبة الشكل هو الشعر لتشكله في أوزان وبحور و لعلاقته بالخيال وأشكاله العجيبة.
وفي أواخر الفص، كعادته في كل باب، مهد لفص العرش الإسماعيلي المحيط الموالي بذكره لوسع قلب أبي يزيد للعرش وما حواه وبذكره لرفعة العلو في قوله: "وهذا الفرقان أرفع فرقان" وبذكره وسع الملك في قوله: (فان كان عبدا كان بالحق واسعا..... يطالبه من حضرة الملك والملك) والملك من معاني العرش.

سؤال : صرح الشيخ في كتابه (الإسفار) أن إسماعيل عليه هو الذبيح ،ولذلك أشار له في الباب 14 من الفتوحات باسم المنحور .
بينما أشار لاسم إسحاق بالماحق. فكيف نجد العكس في الفصوص حيث لا يتكلم عن الذبيح إلا في فص إسحاق؟
الجواب والله أعلم : لم يقل الشيخ في فص إسحاق إن الذبيح هو إسحاق.
وكلما ذكر الذبيح استعمل كلمة (ولده) لأن المهم هنا ليس تعيين اسم الذبيح وإنما بيان أسرار الرؤيا وعالم المثال.
وكلامه عن الذبيح إسماعيل وإن لم يصرح باسمه هنا في فص إسحاق مناسب المقام الرؤيا التي تطلب التعبير كما قاله الشيخ في هذا النص (ومعن التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر).
واختلاط شكلي إسماعيل وإسحاق في خيال من أرادوا تعيين الذبيح منهما مثل مشكلا أو إشكالية مناسبة لمرتبة هذا الفص الإسحاقي أي مرتبة الشكل الكلي حيث تتشكل نفس الحقيقة بأشكال وصور مختلفة.
والكلام عن صورة الذبيح إسماعيل في فص إسحاق يضاهي وجود صورة العرش من فص إسماعيل في مرتبة الشكل الكلي من فص إسحاق.
ومن الاتفاق أن الجواز الجائز بين الفصين مناسب لاسم برج مزلتيهما الفلكيتين وهو الجوزاء أو التوأمان.
ومن حيث حقيقة التوحيد والجمع الذاتي الإبراهيمي يمكن القول بأن إرادة الذبح جرت في الظاهر أولا على إسماعيل عليه السلام .
ثم سرت ثانيا لأخيه إسحاق عليه السلام لاشتراكهما في الإرث الإبراهيمي من التسليم والانقياد والصبر والرضا.
فلتحققهما بجمعهما الواحد في سر أبيهما كان كل واحد منهما يرى نفسه ويجدها عين الآخر كوحدة الاسمين الحمدين لهما أي الحكيم والمحيط.
في الاسم الظاهر الممد لأبيهما.
و لسرهما الواحد اجتمعا في البشارة الإلهية في قوله تعالى عن أبيهما في الآية 101 من سورة الصافات: "فبشرناه بغلام حليم " أي إسماعيل عليه السلام.
ثم في الآية 112 من نفس السورة: "فبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " .


سورة الفص الإسحاقي
06: سورة فص إسحاق عليه السلام:
في قوافي الأبيات الأولى من هذا الفص: "إنسان - میزان - رحمان - أوزان إحسان" .
كلمات تلوح إلى الآية: "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" أي: "خلق الله آدم على صورة الرحمن" الحديث .
فسورة هذا النص هي: سورة "التين".
والحاكم على هذا النص هو كما ذكرناه الاسم: "الحكيم" المتوجه على إيجاد الشكل الكلي، من آخر آية في "التين" و"أليس الله بأحكم الحاكمين" .
وإلى هذه الحكمة يشير الشيخ، كما يشير إلى تلك الصورة الرحمانية، في الوصل "20" من الفتوحات الباب 369 : "وهو الوصل المتعلق بسورة التين" .
فيقول: "ولم تظهر هذه الطريقة الوضعية التي تطلبها الحكمة في نوع من الأنواع إلا في النوع الإنساني خاصة لخلقه على الصورة..."
ولهذا الفص مرتبة الشكل الكل.
وأحسن شكل هو شكل الإنسان المخلوق في أحسن تقويم.
ولهذا نجد الشيخ في هذا الفص يتكلم عن أكمل صورة وهي صورة محمد صاحب البلد الأمين الذي لا يتمثل الشيطان بصورته، كما يتكلم عن القوة المصورة الخلاقة للعارف
لتحققه بداية تلك الآية "لقد خلقنا " (التين، 4) من سر تحققه بصورته الرحمانية. وقد خصص الشيخ لمنزل سورة التين" الفتوحات الباب "289 فـ " وتوسع فيه حول حكمة النواميس الوضعية والشرعية وفيه الكثير من مشتقات كلمة "حكم" لعلاقة السورة بالاسم "الحكيم".
وذكر فيه أبا يزيد البسطامي كما ذكره في هذا القص، وتوسع فيه حول الشكل المستدير لاستدارة جبل "طور سينين" وحول أشكال الخيالات والصورة التي تظهر من نور زيتونة "والتين والزيتون " سورة التين: 1  .
وفي الآية السابعة من سورة التين وردت كلمة "الدين" التي من معانيها الانقياد من القيد.
ويتشكل الدين في الرؤيا على صورة قيد وكلام الشيخ في هذا الفص على العلم الذي يتشكل لبنا إشارة إلى علوم الفطرة والإلهام.
وهو نفس ما ذكره في الفتوحات الباب "289" -أي باب سورة التين وعنوانه: "منزل العلم الأمي الذي ما تقدمه علم...".
ولارتباط كلمة إسحاق بالحكمة الحقية وسورة التين بحد الشيخ في ديوانه يقرن علم الحق بالتين فيقول: "من روح سورة التين".
أرى في التين علم الحق حقا    ….. وعلمي أنه الحق المبين
وعلم المصطفی الأمی منه     ….. به قد جاء في النبأ اليقين
وقد أيدت بالتحقيق فيه         …… وقد أعطت معالمه الشؤون

علاقة سورة هذا الفص بسابقه:
هي كعلاقة الشكل الكلي بالجسم الكلي، فلكل جسم شكل.
ولكل أمة ملة ردین تتشكل فيه عقيدا وهو الدين المذكور في سورتي الفصين أي التين والبينة فمدار هما حول الدين عند المؤمنين وأهل الكتاب والمشركين.
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين أغسطس 05, 2019 3:00 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 07 - فص حكمة علية في كلمة اسماعيلية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:36 pm

07 - فص حكمة علية في كلمة اسماعيلية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الإسماعيلي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 07 : لفص حكمة علية في كلمة اسماعيلية
من الاسم المحيط والعرش وحرف القاف ومولة الذراع من برج الجوزاء
غاية الشكر العجز عن الشكر لقوله تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) (النحل، 18) .
وآخر الإحصاء من الأسماء:
المحيط حسب ما ذكره الشيخ في حضرة الإحصاء من الباب 558 من الفتوحات.
قال تعالى قارنا بينهما و وأحاط بما لديهم (وأحصى كل شيء عددا ) (الجن، 28) فغاية الشكر من المخلوق عدم الإحاطة لقوله تعالى: ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ) (البقرة، 255)
وله تعالى وحده الإحاطة لقوله: ( وكان الله بكل شيء محيطا ) النساء، 126)
النسب الحق الثمانية وهي :
الحياة والعلم والقدرة والإرادة والكلام والسمع والبصر وإدراك الأذواق بالصفة اللائقة به عز وجل.
وصور حملته الأربعة هي أن:
لأولهم صورة إنسان وهو الذي علم بقية الحملة ذكر "لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" فاستطاعوا بذكره حمله .
والثاني له صورة الأسد
والثالث على صورة النسر
والرابع على صورة النور وهو الذي رآه السامري فتخيل أنه إله موسى فصنع لقومه العجل إلى آخر قصته). انتهى.
وأنسب الأنبياء للعرش العلي هو إسماعيل عليه السلام لعلاقته بالأسماء المتوجهة على إيجاد العرش والمنجلية فيه وهي: المحيط المحصي القابض الرحمن المهيمن.
فالإحاطة العرشية لها الهيمنة على كل المراتب التي في قبضتها.
ولهذا نجد الشيخ في كتاب (العبادلة) يخصص بابا ينسب فيه إسماعيل إلى عبد المهيمن وبابا آخر بنسبه فيه إلى عبد المحصي. وبابا آخر ينسبه فيه إلى عبد القابض.
ولفظة إسماعيل قريبة جدا من كلمة "إسمائیل" و "ئيل" تعني الله تعالى، فكأنها تعني (أسماء الله التي قال عنها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة) .
فاقترن المحمي - أخر المحيط - بالأسماء الظاهرة في إسماعيل...
فحكمته علية لعلو الأسماء الحسنى ولأنه كان عند ربه مرضيا.
والعندية عند الرب بوصف الرضا دليل على علو المقام، ولهذا بدأ هذا النص بالكلام على الربوبية الراضية عن مربوها، والرضا من آثار الرحمن المستوي على العرش.
ولاسماعيل علاقة أخرى بالعرش وبالعلم. فهو الذي بني الكعبة مع أبيه.
وقبره في حجرها، والكعبة هي مثال العرش في الأرض وهي قبلة السجود الذي يسبح فيه العبد ربه بقوله
(سبحان ربي الأعلى وبحمده) فاقترن التسبيح بالعلو وبالاسم الرب.

(انظر مقارنة الكعبة بالعرش في الباب 1 : 72 ص 667 وفصل الطواف ص 702).
وكلام الشيخ على الأحدية في هذا الفص مرجعه لأحدية الكلمة الإلهية في العرش. وكلامه عن الرضا راجع للرحمن المستوي على العرش.
وكلامه عن صدق الوعد والمنة راجع لكون العرش سقف الجنة...
وختم الفص بالتمهيد لفص الكرسي اليعقوبي الموالي بذكره للثناء وللقدمين:
قدم الوعد وقدم الوعيد أي القدمين المتدليتين للكرسي.
وبذكره للثناء يشير للاسم: الشكور المتوجه على إيجاد الكرسي كما سبق ذكره في فص يعقوب السابق


07: سورة فص إسماعيل عليه السلام
أول شكل الأول جسم الأول صورة ظهرت في الهباء هو شكل العرش المحيط المستدير، وفيه ظهرت الأحكام الأولى للطبيعة. فالعرش هو فجر الأجسام، وشكله فجر الأشكال، وسورته فجر الصور، وطبيعته فجر الطبائع.

ولهذا نجد الشيخ في الفتوحات الباب:295 : المخصوص بمنزل سورة الفجر يتكلم بإسهاب عن العرش وعن الحرف المناسب لمرتبته وهو القاف
فسورة هذا الفص هي: "الفجر" وقد شرح الشيخ أيتها الأخيرة في وسطه " يا أيتها النفس المطمئنه  ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي [الفجر، 27-30]  ومدار الفص حول هذا الرضا.
وقد تكرر الاسم "الرب" في الفجر "8 مرات" ولا ظهور لاسم إلهي آخر فيها، ولهذا أكثر الشيخ في هذا الفص من ذكر الرب الراضي والمربوب المرضي عنه فتكررت مشتقات "الرب" فيه نحو "26" مرة.
وإنما تكلم الشيخ في هذا الفص عن الرضا لأن هذا النص السابع مناسب للمرتبة الكونية السابعة أي العرش المتوجه على إيجاده الاسم "المحيط".
وما استوى على العرش إلا الرحمن، فإحاطة الرحمة به تبشر بأن مآل الكل للرضا. وكثيرا ما أكد الشيخ على هذه الحقيقة

كقوله في الفصل الثاني من الباب " 371 الفتوحات" : 
"... فانقسمت الكلمة الواحدة التي هي في العرش واحدة. فهي في العرش رحمة واحدة إليها مآل كل شيء، وانقسمت في الكرسي إلى رحمة وغضب مشوب برحمة...".
فالوتر الواحد للعرش والشفع للكرسي. وقد تكلم الشيخ في هذا الفص عن الأحد والواحد من الآية 3 "والشفع والوتر."
والواحد هو عشر العشرة التي أشار إليها في الأبيات التي افتتح با مترل سورة الفجر في الباب "295" فتوحات  وهي عشرة أبيات أولها:
تفجرت الأنهار من ذات أحجار ..... وغاصت بأرضي في خزائن أسراري
فعشر من العلم اللدني ظاهر ..... وما كتمت منه فتسعة أعشار
تطالبني نفسي بمثنى وجودها ..... ويطلبني وترى المصاب بأوتار
فحصنت نفسي في مدينة سيد ..... بناها من الماء المركب والنار
فلم ير حصن مثله في ارتفاعه ..... تحصنت فيه خلف سبعة أسوار
مكانتها ما بين ذل وعزة ..... يعاملني فيها على حد مقداري
إلى أن يكون النفخ في صور حسه ..... إلى صور تخييل ببرزخ أغياري
ويبقى دوام الأمر فيه مخلدا ..... إلى أن يكون البعث من قبر أفكاري
فأشهده علما وعينا وحالة ..... بمشهد أنوار ومشهد أسراري
منوعة تلك المظاهر عندنا ..... برؤية أفكار ورؤية أبصار

يشير إلى الآية: "وليال عشر"
علاقة سورة هذا الفص بسابقيه ولاحقه
العلاقة الثلاثية "إبراهيم - إسحاق - إسماعيل" هي كعلاقة مراتب فصوصهم "جسم كل - شكل كل - عرش" أو كعلاقة سورهم "البينة - التين - الفجر".
ولهذا ذكر في فص إسماعيل آية من سورة فص إبراهيم (119)
وهي "روضي الله عنهم ورضوا عنه" ، وهو الرضا الذي اختتمت به سورة الفجر: " يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)" سورة الفجر
وهؤلاء العباد هم الموصوفون في سورة التين الآية (6) بـ :
" إلا الذين أمنوا وعملوا الصلحت فلهم أجر غير ممنون".

وختم الفص بالكلام عن الوعد والوعيد كتمهيد لفص يعقوب الموالي الذي له مرتبة الكرسي محل قدمي الوعد والوعيد.
والعاقبة هي إنجاز الوعد خاصة لسبق الرحمة الغضب من آخر آية في سورة الفص الموالي أي "ولا يخاف عقباها" من "والشمس وضحاها " [سورة الشمس: 1]
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 08 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:41 pm

08 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص اليعقوبي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 08: لفص حكمة روحية في كلمة يعقوبية من الاسم الشكور والكرسي ومنزل النثرة ببرج السرطان وحرف الكاف
الغني مقترن بالاسم الحميد كما في الآية " والله هو الغني الحميد " فالغني هو المغني والمغني محمود مشكور.
فظهور الغني يستلزم ظهور الاسم الشكور أي المحمود على كل حال في السراء والضراء. فالشكور ملازم للحالين ولهذا كان هو المتوجه على إيجاد المرتبة الوجودية التي هي أصل كل ثنائية في الدنيا أي الكرسي حيث تتدلى القدمان وهي المرتبة الثامنة والثمانية مكعب الاثنين 8 =  2 * 2 * 2
فهي مرتبة الازدواجية في جميع المراتب: ثنائية الذوات في ثنائية الصفات في ثنائية الأفعال.  وكما أن للواحد الثبات فـ للاثنين التغير.
فالجوهر ثابت و شكله متغير. فلهذا جاءت مرتبة الكرسي لتغير الأشكال.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في كتابه "عقلة المستوفر":
(إن الله تعالى أدار هذا الفلك الأخر وسماه الكرسي وهو في جوف العرش كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض.
وخلق بين هذين الفلكين عالم الهباء وعمر هذا الكرسي بالمديرات وأسكنه میكائیل ونزلت إليه القدمان.
فالكلمة في العرش واحدة لأنه أول عالم التركيب و، ظهر لها في الكرسي نسبتان لأنه الفلك الثاني ، فانقسمت فيه الكلمة فعبر عنها بالقدمين كما ينقسم الكلام وإن كان واحدا إلى أمر وفي وخبر واستخبار.
ومن هذين الفلكين تحدث الأشكال الغريبة في عالم الأركان وعنهما يكون خرق العوائد على الإطلاق وهي من الأشكال الغريبة ولا يعرف أصلها وهو هذا.
وتظهر في عالمين في عالم الخيال لقوله تعالى: " يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى" (طه، 66) وفي عالم الحقيقة والكرامات.
وهذان الفلكان قل من يعبر عنهما أو يصل إليهما من أصحابنا إلا الأفراد وكذلك من أرباب الهيئة والأرصاد.
وإذا رأوا شكلا غير معتاد في الطبيعة نسبوا ذلك إلى شكل غريب في الفلك صدر عنه هذا لا يجري عليه قياس.
ومن هذين الفلكين كانت الخواص في الأشياء وهي الطبيعة المجهولة فيقولون يفعل بالخاصية فلو أدركوا حركة هذين الفلكين لم يصح لهم أن يجهلوا شيئا في العالم . انتهى.
ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن الطبيعة وآثارها وعلى الطبيب خادم الطبيعة وعلى العوائد و خرقها وتشابه تكرارها لأن الكرسي هو مصدر كل ذلك.
ومن جهة أخرى فالمظهر الخارجي المحسوس للكرسي هر فلك المنازل في الدنيا وهو سور الأعراف في الآخرة الذي له وجه علوي للجنة محل قدم الصدق والسعادة، ووجه سفلي لجهنم محل قدم الجبار والشقاء.
فوجهه الجناني للصحة والعافية ووجهه الجهنمي للمرض والأسقام لأن الأمراض والآلام تقع في عالم التركيب العنصري لا في عالم البساطة الروحانية التي هي فوق فلك المنازل.
والطبيعة تكون عنصرية من فلك المنازل إلى أسفل سافلين.
فمن تحته تظهر الآلام والأسقام الحسية والمعنوية في الدنيا والآخرة.
ولهذا تكلم الشيخ عن الآلام والغموم والصحة والسلامة في الفصل الذي خصصه للكرسي وهو الفصل 18 من الباب 198 من الفتوحات.
وفلك المنازل ظاهرا أو الكرسي باطنا هو المظهر الكوني للقبضة الإلهية التي تكلم الشيخ عنها في جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذي.
فالمقبوض مقيد. ولهذا تكلم الشيخ عن التقيد.
فقال إن الدين هو الانقياد للشرع. والمكلف أما منقاد بالموافقة واما مقيد بالمخالفة. وإنما تكلم على الشرع والدين لأن الشيخ ذكر في عدة مواضع من الفتوحات أن الشرائع الدينية مصدرها من الكرسي. ففي الباب 58 مثلا يقول:
" للرسالة مقام وهو عند الكرسي ذلك هو مقام الرسالة ونبوة التشريع ... لأنه من الكرسي تنقسم الكلمة الى خبر وحكم".
ولهذا تكلم في آخر هذا الفص عن مقام الرسل والورثة وخدمتهم للأمر والنهي الإلهيين النازلين من الكرسي.
وأول كلمة في هذا الفص تشير إلى مرتبة الكرسي من حيث الازدواجية ومن حيث التقيد بالشكل وهي قوله: (الدين دینان) فالدين هو التقيد والانقياد.
والقيد هو الشكل وبه سمي ما تقيد به الدابة في رجلها شكالا.
ولهذا يظهر الالتزام بالدين في المنام على شكل قيد.
والكلمات التي تظهر الازدواجية في هذا الفص كثيرة منها: (الدين دينان / شرع إلهی ناموس إنساني / موافقة مخالفة / التجاوز المواخذة / يسر لا يسر / ظاهر باطن / منعم معذب / الخير ثوابا الشر عقابا / الشخصية في الاثنين / المرض الصحة / خادم الطبيعة وخادم الأمر الإلهي).
وفي الفصل 19 من الباب 198 يتكلم الشيخ عن علاقة الكرسي بفلك المنازل فيقول: " ومن فعل هاتين القدمين في هذا الفلك ظهر في العالم من كل زوجين اثنين بتقدير العزيز لوجود حكم الفاعلين من الطبيعة  أي الحرارة والبرودة و القوتين من النفس أي العلمية والعملية والوجهين من العقل أي الإقبال والإدبار إجمالا وتفصيلا والحرفين من الكلمة الإلهية كن ومن الصفتين الإلهية في ليس كمثله شيء وهي الصفة الواحدة وهو السميع البصير وهي الصفة الأخرى فمن نزه فمن ليس كمثله شيئ ومن شبه فمن وهو السميع البصير فغيب وشهادة غيب تريه وشهادة تشبیه".
وفي الفصل 18 من الباب 198 وهو فصل الكرسي يقول:
(فما تعرف لذات النعم إلا بأضدادها).. (إلا ترى الحق وصف نفسه على ألسنة رسله بالغضب والرضا ومن هاتين الحقيقتين ظهر في العالم اكتساب العلوم من الأذواق الظاهرة كالطعوم وأشباهها والباطنة كالآلآم من الهموم والغموم مع سلامة الأعضاء الظاهرة من كل سبب يؤدي إلى ألم فانظر ما أعجب هذا.
فثبت العرش لثبوت الرحمة السارية التي وسعت كل شيء فلها الإحاطة وهي عين النفس الرحماني فيه بنفس الله كل كرب في خلقه.
فإن الضيق الذي يطرأ أو يجده العالم كونه أصلهم في القبضة وكل مقبوض عليه محصور و كل محصور محجور عليه. والإنسان لما وجد على الصورة لم يحتمل التحجير.
فنفس الله عنه بهذا النفس الرحماني ما يجده من ذلك كما كان تنفسه من حكم الحب الذي وصف به نفسه في قوله: "أحببت أن أعرف" .
فأظهره في النفس الرحماني فكان ذلك التنفس الإلهي عين وجود العالم فعرفه العالم كما أراد .
فعين العالم عين الرحمة لا غيرها فاشحذ فؤادك فما يكون العالم رحمة للحق ويكون الحق سرمد عليه الألم الله أكرم وأجل من ذلك.
فانظر ما أعجب ما أعطاه مقام الكرسي من انقسام الكلمة الإلهية فظهر الحق والخلق و لم يكن يتميز لولا الكرسي الذي هو موضع القدمين الواردتين في الخبر، وعن هذا الاسم أي الشكور وجد في النفس الإنساني حرف الكاف وفي فلك المنازل منزلة النثرة لما وجد فلكها). انتهى
وعدد الكاف عشرون أي 2 * 10 .
والعشرات هي ثاني المراتب بعد الآحاد فناسب عدده اثنينية الكرسي.
والنثرة من الانتشار أي انتشار الحمل المقبوض وهو عين ذلك النفس الرحمان أو عين النثر الظاهر بكلام النفس الإنساني.
وإنما ذكرنا هذا العلاقة مرتبة الكرسي ومظهره الخارجي أي فلك المنازل بالكلام والحروف الاستمداد وجودهما من الاسم الشكور الذي هو مظهر الكلام الإلهي. يقول الشيخ في "عقلة المستوفز" عن فلك المنازل:
(وهذا الفلك فلك الحروف ومن هنا أنشأت في عالم الأجسام على الثماني والعشرين مرة وثمانية وعشرين حرفا على المخارج المستقيمة ثم حروف خرجت عن الاستقامة في الإنسان وغيره من الحيوانات على عدد ما بقي من الأقسام مقدارا بمقدار لا يزيد ولا ينقص، أمثالها في الإنسان، كالحروف بين الباء والفاء والحروف بين الجيم والشين و كحروف الخيشوم وهكذا في الحيوانات.
وأخبرني بعض العلماء عن تلميذ جعفر الصادق عليه السلام أوصلها إلى سبعة وسبعين حرفا في الحيوانات). انتهي.
وهذا المظهر الكلامي هذه المرتبة لها علاقة مباشرة بالشرائع المنزلة من الكرسي إذ الشريعة ما هي إلا خطاب الله تعالى للمكلفين بنفس الله بها عنهم ضيق الجهل و ظلمات الشفاء ولهذا نسب الشيخ حكمة هذا الفص للروح لقوله تعالى: ( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ) [الشورى: 52] .
وقال تعالى : " ينزل الملائلكة بالروح من أمره. على من يشاء من عباده" (النحل: 2) .
وقال تعالى : " نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين "(الشعراء، 193-194) .
وفي سورة (غافر، 15) "يلقى الروح من أمره، على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق ".
ففي هذه الآيات وغيرها:روح الوحي المنزل مقترنا بالأمر والإنذار الشرعيين الصادرين من الكرسي
و لاقتران هذه المرتبة بالروح وبالدين و بالاثنينية نسب الشيخ كلمتها ليعقوب الله لأن الله تعالى فرن اسمه بالدين وقرن حاله بالروح وظهر فيه القبض والبسط حسا ومعنى فحزن وفقد بصره لفقدان يوسف ثم فرح ورد بصره ورفع للعرش عند لقائه. قال تعالى "ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يابني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون " (البقرة، 132 ).
وأخبر تعالی عنه وهو يخاطب أبناءه "ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون " (يوسف، 87) .
وفي الآية 94 "ولما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون ".
فوجد ريح يوسف في كنعان من مصر ومن خواص الأرواح ذوق الأنفاس بالشم لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم (الأرواح نشام كما تشام الخيل).
وأشار الشيخ إلى نسبة أخرى بين يعقوب وهذه المرتبة التي مدارها حول القدمين فقال: "فقد علمت من يلتذ ومن يتألم وما يعقب كل حال من الأحوال وبه سمي عقوبة وعقابا وهو شائع في الخير والشر غير أن العرف سماه في الخير ثوابا وفي الشر عقابا".
فأنسب الأسماء للعقاب يعقوب .
وقد سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات:
العاقب وهو مناسب أيضا لعواقب الثناء أي معنى الشكور المحمود على كل حال التوجه لإيجاد هذه المرتبة.
وبارك الله ليعقوب في عقبه لتحققه بالشكر المستلزم للمزيد، وسموا باسمه فقيل بنو إسرائيل وإسرائيل هو يعقوب عليه السلام .
وفي آخر الفصل أشار الشيخ إلى الشيب: شيبتني هود، لأن لفص هود فلك المنازل الذي هو المظهر المحسوم للكرسي كما سبق ذكره.
وهذا لمناسبة هذه المرتبة لما يسمى في القرآن بأرذل العمر، وهو في الكون عبارة عن العالم العنصري الكائن تحت فلك المنازل وإليه أشار الشيخ في جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمذي حيث يقول:
(والذي يتعلق بالمولدات الطبيعية بتنوع ويستحيل باستحالاتها وهو المعبر عنه بأرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا.
فان المواد التي حصل له منها هذا العلم استحالت فالتحق العلم بها بحكم التبعية) ولعلاقة أرذل العمر بالمرض والموت وبيعقوب نجد الشيخ في كتابه (العبادلة) يخصص بابا عنوانه: "عبد الله بن يعقوب بن عبد المميت " لكن حيث أن للكرسي قدم الحياة الباقية في الجنان عند الوجه الأعلى للأعراف حيث الروح والريحان نحد أيضا بابا آخر تحت عنوان: "عبد الله بن يعقوب بن عبد الباقي".
فانظر جمعية يعقوب لزوجيه الموت والبقاء لإستمداده من الشكور عند كرسی القدمين...
وكما عقب يعقوب اثني عشر ولدا منهم يوسف عليه السلام ، فكذلك عقبت مرتبة الكرسي مرتبة فلك البروج اليوسفية التي لها الفص الموالي الذي مهد الشيخ له بذكر آثار الطبيعة في أواخر هذا الفص اليعقوبي.
لأن آثارها أول ما ظهرت ،ظهرت في البروج فمنها ثلاثة حارة پابسة وثلاثة باردة يابسة وثلاثة حارة رطبة وثلاثة باردة رطبة حسب ترتيبها المعروف.


08: سورة فص يعقوب عليه السلام
سورة هذا الفص من سورة "الشمس" والحاكم على مرتبته الاسم "الشكور" المتوجه على إيجاد الكرسي محل القدمين وتثنية الأمر العرشي الواحد.
هذا الفص مشحون  بالاثنينيات وما افتح في قول الشيخ: (الدين دینان)، كذلك سورة الشمس مفتتحة بالاثنينيات: "الشمس والقمر / النهار والليل / السماء والأرض / فجور النفس وتقواها / أفلح وخاب / ز كاها  و دساها." .
وقد خصص الشيخ لمنزل سورة "الشمس" الباب 293 من الفتوحات  وفيه بين الاثنينية المتجلية في هذا المنزل.
بل رأى خلال كتابته رسول الله صلى الله عليه وسلم  لا بسا نعلين وقفازين، تأكيدا للازدواجية المتكاملة.
وافتح هذا الباب بالكلام على ازدواجية الرب والمربرب والرابطة بينهما وبدأه بقصيدة طويلة تحتوي على"56" بينا أي "x282" .
فهذا العدد هو تثنية العدد "28" الذي هو عدد منازل الفلك المناسب لهذه المرتبة الثامنة لأن ذلك المنازل أو فلك الكواكب هو المظهر المحسوس الخارجي للكرسي، مثل فلك البروج بالنسبة إلى العرش.

"" أضاف الجامع : يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
الجواد والمقسط ، من هذين الاسمين : كان عالم الغيب والشهادة ، والدار الدنيا والآخرة ، وعنهما كان البلاء والعافية ، والجنة والنار .
وعنهما خلق من كل زوجين اثنين والسراء والضراء .

وعنهما صدر التحميدان في العالم :
التحميد الواحد الحمد لله المنعم المفضل ، والتحميد الآخر الحمد لله على كل حال .

وعن هذين الاسمين ظهرت القوتان في النفس :
القوة العلمية والقوة العملية ، والقوة ، والفعل ، والكون ، والاستحالة ، والملأ الأعلى ، والملأ الأسفل ، والخلق ، والأمر.""

ولهذا نجد الشيخ يقول إن من علوم هذا المنزل:
"علم التجلي في النجوم على كثرها في كل نجم منها في آن واحد برؤية واحدة". بشير إلى الآية الثانية والآيتين الرابعة والسادسة " والقمر إذا تلاها ...والليل إذا يغشاها ..والسماء وما بناها".
وابتدا ذكر علوم هذه السورة فقال: "فمما يتضمن هذا المنزل تجلي الحجاب بين كشفين وتجلي الكشف بين حجايين .
وما في المنازل منزل يتضمن هذا الضرب من التجلي إلا هذا المنزل إلى آخره... وذلك من حكم اثنينية الكرسي.
ويشير بذلك إلى الآيات الأربعة الأولى من السورة.. إلى أن قال:
"واعلم يا أخي أنه ليلة تقييدي لبقية هذا المترل من بركاته رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استلقى على ظهره وهو يقول:
ينبغي للعبد أن يرى عظمة الله في كل شيء حتى في المسح على الخفين ولباس القفازين".
وكنت أرى في رجليه صلى الله عليه وسلم  نعلين أسودين جديدين وفي يده قفازين..." إلى آخره.
وفي هذا الباب 293 "فتوحات" خصص فقرة طويلة حول الطبيعة وأركانها وآثارها، وهو مناسب لتوسع الشيخ في الكلام حولها في هذا الفص.
ومرجع كل ذلك للآيات الأولى من "الشمس" التي فيها ذكر لطبيعة الكون زمانا ومكانا و لطبيعة النفس تسوية وفجورا و تقوی وتزكية ودسا.

وختم ذلك الباب بقوله عن هذا المنزل:
"... ويتضمن علم العواقب ومآل كل عالم" إشارة إلى أيتها الأخيرة: « ولا يخاف عقباها " (الآية، 15 ) المناسبة تماما لاسم "يعقوب" صاحب هذا الفص وللاسم "الشكور" الحاكم عليه لأن معنى "الشكور" هو "الذي له عواقب الثناء".
ويعقوب كان من رجال الأنفاس أهل الشم كما يظهر في قول:" وإني لأجد ريح يوسف" [يوسف، 94] . " ولا  تيأسوا من روح الله " (يوسف، 87).
وللنفس علاقة مباشرة بصبح الشمس لقوله تعالى : "والصبح إذا تنفس" [التكوير، 18].
(ينظر الى وصف الشيخ لرجال الأنفاس والأعراف في الابواب 15-34-35).
وفي السورة ذكر لعقاب ثمود، وإليه الإشارة في قول الشيخ: "... وما يعقب كل حال من الأحوال، وبه سمي عقوبة وعقابا"
وأشار إلى ثمود وحالها مع رسولها صالح وهو أخو هود في النسبة العربية
فقال: "... فالرسول مبلغ ولهذا قال: "شيبتني هود و أخواتها" ..."
فانظر كيف لوح للنسبية العربية المشتركة بين سيدنا محمد وهود وصالح عليهم الصلاة والسلام.
وذلك الشيب، مثله مثل فقدان يعقوب بصره، من مظاهر الطبيعة المؤثرة.
ولهذا تكلم الشيخ في أواخر هذا النص على الطبيب خادم الطبيعة والرسول خادم الأمر الإلهي...

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه :
في هذا الفص عاد الشيخ إلى موضوع "الرضا" الذي خصص له الفص السابق كما أشار إليه في فص إبراهيم،
فقال: "فمن هنا كان الدين جزاء أي معارضة بما يسر وما لا يسر، فبما يسر: ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ) (المائدة، 119) .
ففي هذه الجملة يلوح إلى الصلة بين الأنبياء الثلاثة من حيث النسب:
فـ إسماعيل عم يعقوب وإبن إبراهيم.
وإلى الصلة بين مرانب فصوصهم أي الجسم الكل  والعرش والكرسي.
وإلى الصلة بين سورهم:
طلوع شمس "لم يكن" في البينة عند إبراهيم. 
و"الفجر" ابن الشمس عند إسماعيل بن إبراهيم.
و"الشمس وضحاها" ليعقوب.
وقد رأى يوسف بن يعقوب والده في الرؤيا على صورة الشمس وأمه على صورة القمر واخوته على صورة الكواكب.
وليوسف الفصل التالي الذي له سورة الإخلاص" الآية (1)" قل هو الله أحد"
ومهد الشيخ إليها في آخر هذا الفص اليعقوبي بذكره لكلمتي " أحد" و "آحاد".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:46 pm

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص اليوسيفي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 09: لفص حكمة نورية في كلمة يوسفية من الاسم الغني وفلك البروج ومولة الطرف وحرف الجيم
التقدير تقسيم وتحديد، والجامع لكل الحدود والقيود يستلزم أن يكون غنيا عن كل حد وقيد.
فالاسم المقدر يستلزم ظهور الاسم الغني الذي له المرتبة التاسعة فتوجه على إيجاد تاسع الأفلاك مع الاسم: الدهر، وهو فلك البروج الاثني عشر كل برج منصة الملك عظيم بيده مفاتيح خزائن ذلك البرج التي أودع الله فيها أحكاما تظهر آثارها في العالم دنيا وأخرى حسب سير الكواكب وتنزلات الأنوار.
وقد فصل الشيخ كل ذلك في أبواب من الفتوحات وفي (عقلة المستوفز) وفي (التنزلات الموصلية).

""حديث: سئل ابن عباس، فقيل: يابن عباس، هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قال: نعم، فقلت لابن عباس: أليس يقول الله: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار" [الأنعام: 103] ، قال: لا أم لك، ذاك نوره الذي هو نوره الذي هو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء"" رواه المقدسي في المختارة والبيهقي وابن خزيمة وغيرهم.
ولذلك اقترن الاسم الغني بفلك تلك الخزائن التي عددها 360 على عدد درجات الفلك.
ومن جهة أخرى لأن هذا الفلك الأطلس الذي لا صورة فوقه محسوسة هو مظهر للتنزبه الإلهي . أي لاسمه تعالى: الغني عن العالمين.
ولهذا كرر الشيخ هذا الاسم مع الفقر في آخر هذا الفص نحو30 مرة وختمه بالآية ( يأيها الناس أن الفقراء إلى الله والله هو الولي الحميد) (فاطر، 15).
ومن أنسب الأنبياء لحضرة الغني يوسف عليه السلام الذي جعله الله أمينا على خزائن الأرض وعلى خزائن عالم المثال والتصوير في السماء الثالثة ورفع أبويه على العرش.
ولهذا نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص باباعنوانه عبد الله بن يوسف بن عبد الغني.

علاقة أخرى لطيفة بين فلك البروج الأطلس ويوسف وهي أنه عليه السلام أوتي شطر الحسن كما ورد في الخبر .
ففي المقام اليوسفي لا يظهر من دائرة كمال الحسن إلا نصفها الجمالي والتنبهي كما ظهر على لسان النسوة حسب ما أخبر القرآن "فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ " (یوسف، 31).
وكذلك الفلك الأطلسي لا يظهر منه إلا نصفه لوجودنا على الأرض والنصف الآخر في الغيب بالنسبة لنا.
وإلى هذا أشار الشيخ في أول الباب بذكره للستة التي هي عدد البروج الظاهرة في نصف الفلك ومثلها المغيبة .
فقوله عن أمنا عائشة رضي الله عنها: (فمضى قولها ستة أشهر) إشارة لطيفة إلى مناسبة لطيفة بين المرأة الصديقة والمقام اليوسفي.
فـ ليوسف شطر حسن الكمال. والزوجة نصف الرجل الكامل.
وفي القرآن وصف يوسف الصديق كما لقبت عائشة بالصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما وكانا كیوسف من أعلم الناس بعلم التعبير، ...
والصدق في الأقوال والأعمال يثمر الرؤى الصادقة ... والكمال ليس محصورا في الشطر الجمالي المنبسط نوره، بل الكمال في جمع وتكامل هذا الشطر الجمالي مع الشطر الآخر الجلالي المنبسط عليه الظل.
أي في الجمع بين قوسي التنزيه والتشبيه أو الإطلاق والتقييد وغير ذلك من الأضداد.


وبقدر الانحراف عن هذا الجمع الكمالي ينحرف المشاهد عن كمال المعرفة كما فصله الشيخ في بدايات الباب 73 من الفتوحات.
وإلى ذلك التكامل أشار الشيخ في قوله في الأبيات التي استفتح بها الباب 372 من الفتوحات المخصوص بسورة يوسف:
من حاز شطر الكون في خلقه   ….. وشطره الآخر في خلقه
فذاك عين الوقت في وقته     ….. وبدره الطالع في أفقه
فبدره يطلع من غربه       …… وضوءه يغرب في شرقه
فكل مخلوق به هائم      ….. وكلنا نهلك في حقه


وفي هذا الباب 372 يتكلم عن البروج وفلكها لأنه من المعلوم في الملة الإسرائيلية أن لكل سبط من الأسباط الاثني عشر برجا معينا، فقال (ألا أيها الفلك الدائر لمن أنت في سيركم سائر).
وكذلك في الباب 421 من الفتوحات الموافق لمنازلة في سورة يوسف يذكر بالتفصيل أسماء البروج مرتبة.
وعنوان هذا الباب وموضوعه حول التنزيه وهو : (منازلة من طلب الوصول الي بالدليل والبرهان لم يصل إلى أبدا فإنه لا يشبهني شيء).
ولهذا أيضا نجد في كتاب "التراجم" باب منازلة سورة يوسف تحت عنوان:
ترجمة السلب والتنزيه.
وأنسب الحروف هذه المرتبة هو الجيم لأنه الحرف الوحيد الخارج عن القبضة حسبما ذكره الشيخ في جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذي،
والخروج عن القبضة هو الإطلاق والتنزيه.
والجيم هو مفتاح اسمه تعالى: جامع الخارج عن قبضتي الجلال والجمال لجمعيته لهما معا في المقام الأحمدي الأحدي الكامل.
وهو مفتاح اسمه تعالى: جميل جواد المتجلي في المقام اليوسفي
وحكمة هذا النص نورية لعلاقة النور بيوسف والخيال والفلك الأطلس فقد أعطى الله تعالى ليوسف نور علم التعبير فكان يكشف به حقائق عالم المثال والخيال.
والخيال هو أعظم نور يدرك به الإنسان الأشياء، وقد أطنب الشيخ في هذا الموضوع في أبواب كثيرة من الفتوحات خصوصا في الباب 360 المخصوص .منزل سورة النور .


حيث يقول: (وإذا ثبت إلحاق الخيال في قوة الإيجاد بالحق ما عدا نفسه فهو على الحقيقة المعبر عنه بالإنسان الكامل .
فإنه ما ثم على الصورة الحقية مثله فإنه يوجد في نفسه كل معلوم ما عدا نفسه وألحق نسبة الموجودات إليه مثل هذه النسبة…
فما قبل شيء من المحدثات صورة الحق سوى الخيال فإذا تحققت ما قلناه علمت أنه في غاية الوصلة).
وأما علاقة فلك البروج بالحكمة النورية فلأن البروج ما تعينت إلا بسير الشمس التي هي أعظم مظهر للنور المحسوس في الدنيا.
فبالنور ظهرت البروج ولهذا قال الشيخ في هذا الفص:
(ولكن باسمه النور وقع الإدراك) ولهذا كرر الشيخ ذكر الشمس والقمر والنجوم التي ظهر بها الفلك الأطلس كما ظهر ما المقام اليوسفي في قوله في سورته :«إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين»
و كما لا تدرك حضرة الخيال إلا بواسطة الصور المثالية التي تعبره كذلك لا يدرك الفلك الأطلس إلا بواسطة الصور الكوكبية السابعة تحته.
وكما أن الخيال برزخ بين المحسوسات والمعاني فكذلك الفلك الأطلس برزخ بين عالم الطبيعة العنصرية الحسية وعالم الطبيعة النورانية الروحية الملكوتية.
وكما أن الخيال حيرة لأن الصورة الخيالية هي لا هي، فكذلك الفلك الأطلس هو فلك الحيرة.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ في الفصل 16 من الباب 198:
"ألا ترى الفلك الأطلس كيف ظهر من الحيرة في الحق لأن المقادير فيه لا تتعين للتماثل في الأجزاء كالأسماء والصفات للحق لا تتعدد، فالحيرة ما ظهرت إلا في الفلك الأطلس حيث قيل إن فيه بروجا ولا تتعين. فوضع على شكل الحيرة.
ووضع الفلك المكوكب بالمنازل على شكل الدلالات على ما وقعت فيه الحيرة فاستدل بالمنازل على ما في الأطلس من البروج فهر على شكل الدلالة.
وجعل تنوع الأحكام بترول السيارة في المنازل والبروج بمنزلة الصور الإلهية التي يظهر فيها الحق فما للأطلس فيها من الحكم تجهل
ويقال ليس له صورة بالدلالة العقلية وبما للمنازل فيها من الدلالات تعلم ويقال هذا هو الحق".
فقول الشيخ: (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال) يمكن فهمه من عدة وجوه: ففي الحضرة الكونية لا تظهر حكمة فلك البروج إلا بانبساط نور الشمس خلال ميرها في فلكها .
قال تعالى ( ثم جعلنا الشمس عليه دليلا ) (الفرقان، 45).
وفي الحضرة الإنسانية الجزئية: هذه الحكمة تتعلق بالقوة المتخيلة في الإنسان التي هي أعظم نور فيه وأوسع حضرة منه فيه.


وأما في الحضرة الإنسانية الكلية فحضرة الخيال هي أخص مظاهر الإنسان الكامل لأنها على صورة الحق الكاملة في الإيجاد والاتساع. وهذا المظهر يسمى يوسف المحمدي.
أما يوسف اليعقوبي فنوره منبسط على حضرات الخيال المقيدة و روحانيته في السماء الثالثة فهي قطب عالم المثال والتعبير في الدنيا، ومحتد نفسه في الفلك الأطلس.
وأما في الحضرة الإلهية هذه الحكمة هي للتجلي الذاتي بالإسم النور في حضرة الغني وإظهار الممكنات لأنفسها مفتقرة للغني الحميد.

ويتكلم الشيخ عن فلك البروج فيقول ما خلاصته :
الاسم الغني جعل هذا الفلك أطلس لا كوكب فيه متماثل الأجزاء مستدير الشكل لا تعرفي لحركته بداية ولالاية يقطع بحركته في الكرسي كما يقطعه من دونه من الأفلاك، وماله طرف.
بوجوده حدثت الأيام والشهور والسنون ولكن ما تعينت هذه الأزمنة فيه إلا بعدما خلق الله في جوفه من العلامات التي ميزت هذه الأزمنة.
وما عين منها هذا الفلك سوى يوم واحد وهي دورة واحدة عينها مكان القدم من الكرسي فتعينت من أعلى فذلك القدر يسمى يوما.
وما عرف هذا اليوم إلا الله تعالى لتماثل أجزاء هذا الفلك و كان ابتداء حركته بأول درجة من برج الجوزاء المقابلة لقدم الكرسي فظهر أول يوم وهو يوم الأحد بانتهاء دورة واحدة ظهر عن صفة السمع.
فلهذا ما في العالم إلا من يسمع الأمر الإلهي في حال عدمه بقوله كن .
ومن دورته الثانية ظهر يوم الاثنين من صفة الحياة فما في العالم جزء إلا وهو حي.
ومن دورته الثالثة ظهر يوم الثلاثاء من صفة البصر فما في العالم جزء إلا وهو يشاهد خالقه من حيث عينه لا من حيث عين خالقه.
ومن دورته الرابعة ظهر يوم الأربعاء وحركته عن صفة الإرادة فما في العالم جزء إلا وهو يقصد تعظيم خالقه.
ومن دورته الخامسة ظهر يوم الخميس وحركته عن صفة القدرة فما في الوجود جزء إلا وهو متمكن من الثناء على موجده.
ومن دورته السادسة ظهر يوم الجمعة وحركته عن صفة العلم فما في العالم جزء إلا وهو يعلم موجده من حيث ذاته إلا من حيث ذات موجده.
ومن دورته السابعة ظهر يوم السبت وحركته عن صفة الكلام فما في الوجود جزء إلا وهو يسبح بحمد خالقه.


ولم يتمكن الدهر أن يزيد على سبعة أيام لأن الصفات الإلهية الأمهات سبعة.
ومن حركة هذا الفلك ظهرت الأحياز وثبت وجود الجوهر الفرد المتحيز الذي لا يقبل القسمة.
ولما انقسمت الكلمة العرشية الواحدة في الكرسي إلى اثنين بتدلي القدمين وهما خير وحكم.
والحكم خمسة أقسام: وجوب وحظر وإباحة وندب وكراهة. والخبر قسم واحد.
فإذا ضربت اثنين في ستة كان المجموع اثني عشر سنة إلهية وستة كونية لأنها على الصورة فأنقسم هذا الفلك الأطلس على اثني عشر قسما لكل قسم حكم في العالم ينتهي إلى غاية ثم تدور كما دارت الأيام سواء إلى غير نهاية.
فأعطى للحمل 12000 سنة ثم تمشي على كل برج بإسقاط ألف حتى تنتهي إلى آخرها وهو الحوت فله 1000 سنة فجملة الدور 78000 سنة وتعود الحركة الدورية متجددة مع ثبات عين المتحرك والحركة لا تعود عينها أبدا لكن مثلها.
وهذا الفلك هو سقف الجنة وعن حركته يتكون فيها ما يتكون وهو لا ينخرم نظامه فالجنة لا تفنى لذاتها أبدا ولا يتخلل نعيمها ألم ولا تنغيص.
ولحكم الطبيعة على هذا الفلك ظهرت فيه ثلاثة بروج نارية ومثلها ترابية ومثلها هوائية ومثلها مائية .
ولكل برج ثلاثة وجوه فمجموعها 36 وجها، والحاكم فيه ملك عظيم بيده تنفيذ ما أوحى الله فيه من أمره .
فـ لملك الحمل "الحامد" مفتاح خلق الصفات والأعراض.
وللثور "الثابت" مفتاح خلق الجنة والنار و بحركته وحدت جهنم وما يتكون فيها.
وللجوزاء "الجايز “ مفتاح خلق المعادن وفي أول الحادية إحدى عشرة درجة منه ينتهي يوم القيامة فيستقر أهل الجنة فيها وأهل النار فيها إلى الأبد.
وللسرطان "السائق" مفتاح خلق الدنيا.
وللأسد "الأقليد" مفتاح خلق الآخرة وبطالعه خلقت الجنة.
وللسنبلة "السادن‘‘ تدبير الأجسام البشرية ويطالعه خلق الإنسان والبرزخ.
وللميزان "المانح" مفتاح خلق الزمان والأحوال والاستحالات.
وللعقرب "العادل" مفتاح خلق النباتات .
وللقوس "القائم" تدبير الأجسام النورية والظلمانية والنار و مطالعه خلق الجان.
وللجدي "الجابر" مفتاح خلق الليل والنهار .
وللدلو "الدائم" مفتاح خلق الأرواح .
وللحوت "الحائر" تدبير الأجسام الحيوانية.
والمتولي عذاب أهل النار هم القائم والاقليد والحامد والثابت والسادن والجابر ومالك
هو الخازن.
وهؤلاء مع الستة الباقين - أي الحائز والسائق والمانح والعادل والدائم والحافظ - فان جميعهم يكون مع أهل الجنان ورضوان الخازن .
وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة المؤمنون فصل الشيخ بإسهاب آثار البروج في الإنسان الكامل و الإنسان الحيوان.
وفي أواخر هذا الفص تكلم الشيخ عن الأحدية تمهيدا للدخول إلى فص حكمة أحدية في كلمة هودية وختم بكلمة: (وقد مهدنا لك السبيل فانظر).
إشارة إلى قول هود:" إن ربي على صراط مستقيم" .
وكلمة "انظر" تشير الى فلك فص هود أي فلك الكواكب التي لا تدرك إلا بالنظر الأنوارها.
وحيث أن أنسب سورة للتنزيه والأحدية والغني الذاتي في سورة الإخلاص إذ كل كلماتها دالة على ذلك .
فقد فسرها الشيخ في هذا الفص وسمی منزلها فى الباب الثاني والسبعون ومائتان من الفتوحات المكية في معرفة منزل تنزيه التوحيد.


وأشار إلى استمداد هذا الفص منها ومن الاسم الغني فقال :
وهو الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا. وما للحق نسب إلا هذه السورة.
أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران
اعلم أيدنا الله وإياك بروح منه أن المراد بلفظة تنزيه التوحيد أمران:
الواحد أن يكون التوحيد متعلق التنزيه لا الحق سبحانه.
والأمر الآخر أن يكون التنزيه مضافا إلى التوحيد على معنى أن الحق تعالى قد ينزه بتنزيه التوحيد إياه لا بتنزيه من نزهة من المخلوقين بالتوحيد مثل حمد الحمد.
فإن قيام الصفة بالموصوف ما فيها دعوى ولا يتطرق إليها احتمال.


09: سورة فص يوسف عليه السلام
هي التي فسرها الشيخ في آخر هذا الباب أي: الإخلاص.
كما سبق بيانه وتسمى سورة الجمال المناسب ليوسف الذي قال الله عنه في سورته "الآية 24" "إنه من عبادنا المخلصين " ولفظة "النور" المنسوبة إليه هذه الحكمة مناسبة لها.
فكون النور لا يدرك مناسب للآية: "قل هو الله أحد" ، غني الذات عن الغير لأحديتها . فهو تعالى : "لا تدركه الأبصار" ، (الأنعام، 103).
وكون النور واسطة الإدراك مناسب للآية: (" الله الصمد ") أي يفتقر إليه افتقار البصر للنور. راجع تفصيل هذه المعاني في آخر فص هارون عليه السلام .
ولخروج سورة الإخلاص عن قبضة كل تشبيه كانت في تمام المناسبة مع حرف هذا الفص أي الجيم الخارج عن قبضة الحروف كما سبق ذكره....
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الجيم المفصل هو "جيم -3+10+40-53" .
وكذلك سورة الإخلاص تتألف من 53 حرفا باعتبار المد والتضعيف والهمزة.
فإن قيل إن الشيخ ذكر في أواخر فص هارون مسائل تتعلق بسورة الإخلاص حيث أكد على أحدية الحق تعالى وتخيل العابد المعبوده و الإله الذي يصعد إليه ويعلم من حيث الجملة ولا يشهد.
فما هي العلاقة بين فص هارون ونص يوسف بحيث يكادان يشتركان في سورة الإخلاص ؟

الجواب له عدة وجوه:
أولا: سورة فص هارون هي: الكافرون.
ولها علاقة متميزة معروفة بالإخلاص حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقرؤهما معا في صلاة الفجر وصلاة الاستخارة وغيرها.
وذلك لأن في "الكافرون" تبريء من كثرة الآلهة المعبودة وفي "الإخلاص" إثبات للإله الواحد الأحد الصمد المعبود فهما متكاملتان حيث أن في "الكافرون" نفي للشرك وفي "الإخلاص" إثبات للتوحيد.
فمجموعهما يمثل كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله" فنصفها الأول لسورة الكافرون" والثاني الإخلاص.
ومن الاتفاق أن عدد حروف "الكافرون" هو "99" حرفا على عدد "لا إله إلا" وعدد حروف "الإخلاص" مع البسملة هو "66" على عدد الاسم "الله".
أي أن مجموع حروف البسملة مع السورتين يساوي عدد "لا إله إلا الله".


ثانيا: للفص اليوسفي الفلك الأطلس وهو فلك الحيرة. والفص الهاروني له مرتبة الحيوان.
وقد قال الشيخ في الفتوحات أن الحيوان في علمه بالله تعالى مفطور على الحيرة. وقال في الباب 357 المخصوص بسورة النمل أن البهائم اختصت بهذا الاسم لما انبهم علينا في أمرها فانبهام أمرها إنما هو من حيث حيرتنا
ولعلاقة الحيرة الحيوانية بتزيه الفلك الأطلس وحيرته نجد الشيخ يتكلم عن تحقق العارف بالحيوانية في آخر الفص إلياسي الذي مداره حول التعريه وتشبيه الأوهام وحيرة الأفكار...
ثالثا: هارون هو قطب السماء الخامسة سماء الهلال والقهر ويوم الثلاثاء.
ويوسف هو قطب السماء الثالثة سماء الجمال والحسن ويوم الجمعة.
فالجلال والجمال متكاملان تكامل سورتي الكافرون والإخلاص.
وروحانية كوكب الزهرة الحاكم على نار الجمعة هو الحاكم أيضا على ليلة الثلاثاء كما هو معروف عند علماء الفلك و كما أشار إليه الشيخ في كتابه: "أيام الشأن" حيث يقول: وصلى الله على من كان يومه المعروف ويومه المشهود المؤثر الثلاثاء ويومه المخصوص بذاته الجمعة" انتهى.
وأما ليلة الجمعة ونهار الاثنين فـ لروحانية القمر....
وليوسف نسبة متميزة مع العدد "ثلاثة" فهو صاحب روحانية الزهرة في السماء الثالثة التي لها نهار الجمال فار الجمعة وليلة الحسن ليلة الثلاثاء.
فالجمعة هي سادس الأيام والستة هي ضعف الثلاثة والعدد ستة يرجع بنا إلى الأشهر الستة المذكورة أول الفص.
والثلاثاء هو ثالث الأيام وسورة الإخلاص ثالث السور والفلك الأطلس هو ثالث الأفلاك :
إذ الأول للعرش  
والثاني الكرسي،
والثالث الفلك الأطلس
وهو تاسع مراتب نفس الرحمن فله الفصل التاسع والتسعة مكعب الثلاثة.
وقد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوسف عليه السلام ثلاثة آباء كرام فقال في الحديث الصحيح: "أتدرون من الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم؟"
يعني يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.
وإنما ذكرنا هذا لأن سبب نزول سورة هذا الفص اليوسفي أي "الإخلاص هو سوال الكفار للرسول صلى الله عليه وسلم : "أنسب لنا ربك".
ولهذا نجد الشيخ يبدأ الوصل الثالث من الباب 369 وهو المخصوص بسورة الإخلاص بقوله: "... من المولى الثالث وهو يتضمن علم الأمر الواقع عند السؤال" ويقول أيضا في أخر باب منزل "الإخلاص" أي الباب "273": وفي هذا المنزل من العلوم علم النسب الإلهي"
وختم الشيخ هذا الفص بقوله: "فهو هويتنا..." إشارة إلى فاتحة الإخلاص: "قل هو"
كدليل على علاقة سورة (الإخلاص) بيوسف والفلك الأطلس نذكر أبياتا كتبها الشيخ في متل سورة (الإخلاص) أي الباب (272 فتوحات) حيث يذكر تريد التوحيد وأبيات من الباب (372 في الخاص بسورة (يوسف) يذكر فيه الحيرة والفلك الدائر فيفتح الباب (272) قائلا:
بتنزيه  توحيد الأله  أقول ... وذلك نور ما لديه أقول
وتنزيهه ما بين ذات ورتبة ... وأن الذي يدري به لقليل
تنزه عن تنزيه كل منزه  … فمن شاء قولا فليقل بيقول
فإن وجود الحق في حرف غيبه ... فحرف حضور ما عليه قبول

وفي البيتين الأخيرين يشير إلى فاتحة الإخلاص (قول هو )
وفي باب منزل سورة "يوسف" يقول:
ولما رأينا الحق في صورة البشر ... علمنا بأن العقل فيه على خطر
فمن قيد الحق المبين بعقله ... ولم يطلق التقييد ما عنده خبر
إذا ما تجلى لي على مثل صورتي ... تجليت في التنزيه عن سائر الصور
فإن قال ماذا قلت أنت ذكرت لي ... بأنك نعفو عن ظلوم إذا انتصر
وأنت مثلي قل فلم حزت صورتي ... ورؤيتي إياكم كما يبصر القمر
فإن كنت مثلي فالتماثل حاكم ... على كل مثل كالذي يقتضى النظر
فكل شبيه للشبيه مشاكل ... على كل حال في القديم وفي البشر
لقد شرع الله السجود لسهونا ... بإرغام شيطان وجبر لما انكسر
فمالك لم تسجد وأنت أمامنا ... فأنت جدير بالسجود كما ذكر
أتيناك نسعى فاثنيت مهرولا ... وأين خطى الأقدام من خطوة البصر

ومنها أيضا:
فمن فصلنا أو بمن قد وصلتنا ... وما هو إلا الله بالعين ولأثر
فشكرا لما أخفى وشكرا لما بدا ... وحاز مريد الخير عبدا ذا شكر
وما هو إلا الحق يشكر نفسه ... ولكن حجاب القرب أرسل فاستتر

وفي هذا الباب يقول أيضا:
ألا أيها الفلك الدائر   ..... لمن أنت في سيركم سائر
إلينا فنحن بأحشائكم   ..... إليه فسيركم بائر
تعالى عن الحد في نفسه   ..... وقال هو الباطن الظاهر
تدور علينا بأنفاسنا   ..... وأنت لنا الحكم القاهر
فشغلك بي شغل شاغل   ..... وأنت إذا ما انقضى خاسر
فإن كنت في ذاك عن أمره   ..... فأنت به الرابح التاجر
ومن فوقكم ثم من فوقه   ..... إله لرتقكم فاطر
تعين بالفتق في رتقكم   ..... فعقلك في صنعه حائر
لذاك تدور وما تبرحن   ..... بمثواك والمقبل الغابر
فقف فأبى الجبر إلا السري   ..... وقال أنا الكاسر الجابر
سترت عيون النهي فانثنت   ..... وقد علمت أنني الساتر
فسبحان من حكمه حكمة   ..... ومن عينه الوارد الصادر
فلولاك ما لاح في أفقه   ..... بدورته كوكب زاهر

ولعلاقة يوسف بإخلاص التنزيه نجد الشيخ في كتابة "التراجم" يجعل باب سورة يوسف تحت عنوان: "ترجمة السلب والتنزيه".

علاقة هذا الفص بسابقه ولاحقه
العلاقة بين فصي يوسف ويعقوب لها عدة مظاهر:
فـ يوسف بن يعقوب، والاسم (الغني) "ابن" والشكور) لقوله تعالى: "لئن شكرتم لأزيدنكم" (إبراهيم، 7) .
وفلك البروج الأطلس "ابن" الكرسي وقد بين الشيخ العلاقة بينهما في الفصل 19 من الباب 198.
وأما إشارة الشيخ للدخول لسورة فص هود التالي فتظهر في آخر كلمة من الفص: (فقد مهدنا لك السبيل فانظر) إشارة إلى الصراط المستقيم الذي افتح به فص هود وقوله (فانظر) إشارة إلى فاتحة سورة فص هود كما ستراها أي (ألم تر كيف) من سورة (الفيل ).
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين أغسطس 05, 2019 3:40 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين أغسطس 05, 2019 2:51 pm

10 - فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الهودي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 10: الفص حكمة أحدية في كلمة هودية من الاسم المقدر وله فلك المنازل المكوكب ومولة الجبهة وحرف الشين
الرب هو السيد المالك المصلح الثابت. والتربية والإصلاح يستلزمان التدرج في منازل السلوك مع الثبات على السير بلا ملل، وتقدير كل شيء في موضعه الأصلح. فالاسم الرب يستلزم ظهور الاسم: المقدر فله المرتبة العاشرة التي لها فلك منازل الكواكب التي تبدو ثابتة رغم سرها.
ومدار هذا الفص حول طرق الصراط المستقيم لأن أنسب المراتب للطرق المختلفة في عين أحذيتها هو الفلك المكوكب لأن لكل کو کب طريقا مخصوصا في فلك معين و كلها واحد في غاية التناسق وكمال الإحكام.
قال تعالى في سورة يس مبينا علاقة اسمه المقدر بالكواكب :" والقمر قدرناه منازل " .
وقال:"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم " وقال: "وكل في فلك يسبحون " وفي سورة الواقعة (75 و76): " فلا أقسم بمواقع النجوم ده وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ". وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو هود عليه السلام .
قال تعالى : " وبالنجم هم يهتدون " (النحل، 16).
فالهداية مناسبة لاسمه هود لأن فعل هود معناه اهتدى بمشيه على الصراط المستقيم. وفي الباب 14 من الفتوحات سماه الشيخ: الهادي كما نجده يقرن بين الهدى والطريق المستقيم في حضرة الهادي من الباب 558 فيقول:
فهدي الحق هدي     ….. وذاك هو الطريق المستقيم
عليه الرب والأكوان طرا …..  فما في الكون إلا مستقیم
 
فحكمة هود أحدية لشهوده أحدية كثرة الأفعال الإلهية وصرح بذلك قائلا: " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" (هود، 56).
ومن هذه الدواب الكواكب قال تعالى: " والنجوم مسخرات بأمره" (الأعراف، 54). قد أشار الشيخ إلى علاقة هذا الفص بسير الحکم الكواكب في المنازل بكثرة كلامه على المشي .
 
حتى قال: "وهذه الحكمة من علم الأرجل" كما أشار إلى المراتب الثماني والعشرين المقسم عليها فلك المنازل بقوله: (فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ):... وعلم الأرجل هو من علوم العرب كما أن من علومهم مواقع النجوم وما يهتدون في رحلاتهم.
و هود هو أول الرسل العرب المذكورين في القرآن.
ولهذا نجد الشيخ في الباب 278 من الفتوحات المخصوص بمنزل قريش يشير إلى الأنبياء العرب وأنبياء السماوات السبعة وعلومهم فيقول: (واعلم أن هذا المنزل إذا دخلته تجتمع فيه مع جماعة من الرسل صلوات الله عليهم فيحصل لك منهم علم الأدلة والعلامات فلا يخفى عليك شيء في الأرض ولا في السماء إذا تحل لك إلا مميزه وتعرفه حين يجهله غيرك. ويحصل لك منهم القدم. ويعلم علم الحروف والنجوم من حيث خصائصها وطبائعها وآثارها) .
والملاحظ أن هذا الفص تفصيل لفاتحة كتاب الفصوص التي هي(الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الأمم).
حيث أن الشيخ بين في هذا الفص أن كثرة الطرق منطوية في أحدية الطريق المستقيم للرب الأخذ بناصية كل دابة.
وهذه العلاقة بين المقدمة وهذا الفص هي علاقة الاسم (رفيع الدرجات) المتوجه على إيجاد المرتبة الجامعة المعينة لكل المراتب وهي مرتبة خاتم الأولياء الثامنة والعشرون بالاسم (القدر) الحاكم على هود.


وهذه العلاقة المتميزة بين هود والخاتم ذكر الشيخ في هذا الفص اجتماعه بجميع الأنبياء .
وقال: (ماكلمني أحد من تلك الطائفة إلا هود عليه السلام ) النسبة العربية المشتركة بينهما ولمشربهما المشترك في الأحذية والهداية والكرم العربي.
وإنما كلمه هود باسم جميع الأنبياء لتهنئته بنيله مقام خاتم الولاية المحمدية الخاصة كما ذكره شراح الفصوص الأوائل...
وإلى هذه العلاقة أشار الشيخ بقوله آخر الفص: (قد بانت المطالب بتعيينك المراتب) ... وقد ذكرنا هذا في الكلام حول المرتبة 28.
وقوله: (فكن في نفسك ميولي لصور الاعتقادات كلها) أي العقائد الصحيحة التي بينها الحق تعالى على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام .
فكأنه يعي: كن متحققا هذه المرتبة العاشرة التي لفلك المنازل المكوكب الذي هو هيولي كل المنازل و كل الصور الكوكبية والمراتب الحرفية.
يقول الشيخ عنه ما خلاصته: (فالمنازل مقادير التقاسيم التي في فلك البروج عينها الحق تعالى لنا إذ لم يميزه البصر إلا هذه المنازل وجعلها 28 منزلة من أجل حروف النفس الرحماني وإنما قلنا ذلك لأن الناس يتخيلون أن الحروف الثمانية والعشرين من المنازل حكم هذا العدد لها وعندنا بالعكس عن هذه الحروف كان حكم عدد المنازل.


 وجعلت 28 مقسمة على 12 برجا ليكون لكل برج في العدد الصحيح قدم وفي العدد المكسور قدم ليعم حكم ذلك البرج في العالم بحكم الزيادة والنقص والكمال وعدم الكمال لأن الاعتدال لا سبيل إليه لأن العالم مبناه على التكوين والتكوين بالاعتدال لا يصح فكان لكل برج مترئتان وثلث صحيحتان أو مكسورتان...
ولما خلق الله هذا الفلك كون في سطحه الجنة فسطحه مسك وهو أرض الجنة وقسم الجنات على ثلاثة أقسام للثلاثة وجوه التي لكل برج:
جنات الاختصاص والميراث والأعمال.
ثم جعل في كل قسم أربعة أغار مضروبة في ثلاثة يكون منها 12 نهرا ومنها ظهر في حجر موسى 12 نهرا لاني عشر سبطا.
نهر الماء وهو علم الحياة
ونهر الخمر وهو علم الأحوال
ونهر العسل وهو علم الوحي
ونهر اللبن وهو علم الأسرار واللب الذي تنتجه الرياضات والتقوى.
 
والإنسان مثلث النشأة: روح وحس وبرزخ بينهما. لكل نشأة من الأعمار نصيب.
 فله اثنا عشر نهرا في كل جنة أربعة.
ونفس الرحمن فيها دائم لا ينقطع تسوقه ريح تسمى المثيرة.
وفي الجنة شجرة ما يبقى بيت فيها إلا دخلته تسمى المؤنسة يجتمع إلى أصلها أهل الجنة في ظلها فيتحدثون بما ينبغي لجلال الله بحسب مقاماتهم فيزدادون علما فتزداد درجاتهم في جناتهم فلا يمر عليهم نفس إلا ولهم فيه نعيم مقيم جديد.
ووجدت هذه الجنان بطابع الأسد وهو برج ثابت فله الدوام وله القهر فلهذا يقول أهله للشيء كن فيكون.
وأما مقعر هذا الفلك فجعله الله محلا للكواكب الثابتة القاطعة في فلك البروج ولها من الصور فيه 1021 صورة وصور كواكب السماوات السبعة فبلغ الجميع 1028 صورة في 1028 فلك...
ويبقى في الآخرة في جهنم حكم أيام هذه الكواكب لأن هذا الفلك سقف جهنم والجواري السبعة مع انکدارها وطمسها وانتشارها فتحدث في جهنم حوادث غير حوادث إنارتها وسير أفلاكها بها فتبقى السباحة للكواكب بذاتها مطموسة الأنوار. ويبقى في الجنة في الآخرة حكم البروج وحكم مقادير العقل عنها لأن تلك البروج العرشي سقف الجنة.
 
وأما كثيب المسك الأبيض الذي في جنة عدن الذي تجتمع فيه الناس للرؤية يوم الزور الأعظم وهو يوم الجمعة فأيامه من أيام أسماء الله ولا علم لي ولا لأحد ما استأثر الله ما في علم غيبه.
وعدن بين الجنات کالكعبة بيت الله بين بيوت الناس وتزور الحق على قدر صلاتك وتراه على قدر حضورك فهنا مناجاة وهناك مشاهدة وهنا حركات وهناك سكون".
فانظر كيف ختم الشيخ فصل فلك المنازل من الباب 198 بذكره للكعبة والصلاة مثلما ختم فص هود بذكره للمسجد الحرام واستقباله.
ليمهد للدخول لفص صالح الموالي الذي له مرتبة السماء السابعة حيث البيت المعمور الذي هو كعبة تلك السماء وهو على سمت كعبة الأرض.
وحيث إبراهيم الخليل باني الكعبة الذي ألقي في النار فكانت عليه بردا وسلاما، فختم الشيخ بالبرد والنعيم الجهنمي بعد إقامة الحدود على الجهنميين"خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد " (هود، 107).
وحرف هذه المرتبة هو حرف التفشي أي الشين وهو أنسب الحروف لفلك المنازل لتفشيه المناسب لتفشي نفس الرحمن .کراتبه الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل هذا الفلك.
يقول الشيخ في الباب 198:
(ثم انفش ذلك النفس الإلهي على أعيان العالم الثابتة ولا وجود لها فكان مثل ذلك في الكلام الإنساني حروف التفشي).
وأخيرا فإن وصف حكمة هذا الفص بصفة - أحذيه - مناسب أيضا من حيث العدد إلى المنازل الثمانية والعشرين حيث أن عدد كلمة " أحدية = 1+8+9+10+5" هو 28.
وسنرى أن السورة المناسبة لهذا الفص، وهي سورة الفيل.
لها علاقة عددية متميزة مع ذلك العدد 28، ومع تفشي نفس الرحمان من عدد (بسم الله الرحمن الرحيم).
 
 
10: سورة فص هود عليه السلام
هي سورة الفيل .
بدأ الشيخ الفص بذكره للدابة كالفيل الذي أخذ ربه بناصيته فامتنع عن التوجه للكعبة وكالطير الأبابيل التي رمت أصحاب الفيل بحجارة من سجيل فجعلتهم كعصف مأكول للدواب .
والاسم "الرب" الأخذ بالناصية هو الاسم الوحيد الظاهر في سورة الفيل.
وفي الفص عدة إشارات إلى كلمات السورة كقوله: "ألا ترى عادا قوم هود كيف" إشارة إلى "ألم تر كيف..."
وكلامه عن العلوم الذوقية من فاتحتها: " ألم تر كيف فعل ربك " [الفيل: 1] .
ولهذا يقول في الوصل العاشر من الباب 369 وهو المتعلق بسورة الفيل:
"وهذا وصل الأذواق وهو العلم بالكيفيات فلا تقال إلا بين أربابها..."
وكلامه حول الضلال والحيرة  كقوله:
"ولا ضالون. فكما كان الضلال عارضا... وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك..."
يشير إلى آية: " ألم تجعل يده في تضليل " [الفيل، 2].
وكلامه حول النسب الإلهي مرجعه إلى نسبة المربوب لربه من كلمة "ربك" في الآية الأولى وهو ما يقرره في فقرة من الباب "559" وهي متعلقة بسورة الفيل التي لمنزها الباب "297 فتوحات " وعنوانها : "الاعتبار لأولي الأبصار"
فقال: "ما بينه وبين ربه سوى النسب العام الموجود لأهل الخصوص من الأنام وهو التقوى ".
وهو قوله في هذا الفص: "صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه... أين المتقون ؟"
وكلامه على هلاك المجرمين وقوم هود والآلام مناسب لآخر السورة: "ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول " [ الفيل: 4-5].
 
علاقة هذا الفصل بسابقه ولاحقه
- الرابطة بين فصي هود ويوسف السابق هي مسألة النسب الإلهي.
ففي نص يوسف يقول الشيخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت"
يشير إلى أن سبب نزولها قول المشركين للرسول : "انسب لنا ربك".
 
"" حديث المستدرك للحاكم :  عن أبي بن كعب رضي الله عنه، " أن المشركين، قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، "ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] .
قال: لم يكن له شبيه، ولا عدل وليس كمثله شيء " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي]  ورواه البيهقي ومسند أحمد و الترمذي و ابي عاصم و امالي بشران وغيرهم  ""
 
وفي وسط نص يوسف أشار إلى سورة الفيل حين استشهد بالآية :" ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " [الفرقان، 45].
وهي مقاربة لذوق "ألم تر كيف فعل ربك" (الفيل، 1) من حيث ذوق الكيفية.
وإلى هذه الكيفية يشير في الأبيات التي افتتح بها منزل سورة الفيل الباب "279 فتوحات ".
وكلام الشيخ عن الحيرة في هذا الفص مطابق لكلامه في ذلك الباب من متل سورة
الفيل.
 
وأما علاقة هذا الفص بفص صالح التالي:
فكما أن هودا وصالحا أخوان في النسبة العربية، فسورتا نصيهما المتجاورتان كذلك أي قريش والفيل.
وفي كليهما تظهر عناية الرب تعالى وحفظه لبيته الحرام وسكان بلده الأمين.
ولهذا ختم الشيخ فص هود بالكلام عن المسجد الحرام تمهيدا للدخول لسورة قريش المناسبة لفص صالح والتي ورد فيها ذكر هذا المسجد: " فليعبدوا رب هذا البيت " [قریش، 3] .
وبدأ فص صالح بذكر الركائب أي الإبل التي تركبها العرب وهي من الدواب التي ذكرها في فاتحة فص هود الآية (56) "ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ".
 
لطيفة عددية عجيبة:
سبق القول بأن عدد كلمة "أحدية" التي هي صفة حكمة هذا الفص هو: 28.
ومن لطيف الاتفاق أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب المغربي الصغير هو : 406 الذي هو مجموع الأعداد الثمانية والعشرين الأولى المناسبة لهذا الفص لأن له مرتبة فلك المنازل الثماني والعشرين، وهي المرتبة العاشرة نزولا من القلم الأعلى "0+ 2 = 10"تلك عشرة كاملة".
كما أن مجموع أعداد حروف سورة الفيل مع بسملتها بالحساب النفسي (حيث نعطى لكل حرف قيمة مرتبته في مخارج الحروف. مثلا: . 1/ ن = 14/ ر= 28) هو: 1572

ينظر تفصيل الحساب ودلالات العددين 406  و 1572 في القسم الأخير من الكتاب.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء أغسطس 21, 2019 7:07 pm

11 - فص حكمة فتوحية في كلمة صالحية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الصالحي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 11: لفص حكمة فاتحية لكلمة صالحية من الاسم الرب وله سماء زحل السابعة ومنزلة الخرتان وحرف الياء
غاية القهر هي حصول العلم بالنفس. ومن عرف نفسه عرف ربه فغاية العلم معرفة الرب. فجاء الاسم الرب في المرتبة الفردية الحادية عشرة التي قال الشيخ عنها في الباب 198 ما خلاصته:
الفصل الحادي والعشرون في الاسم الرب وتوجهه على إيجاد السماء الأولى 
-أي الأولى نزولا من فوق وهي السابعة صعودا والبيت المعمور والسدرة والخليل.
ويوم السبت -أي نهاره وأما ليلته فليلة الأربعاء- وحرف الياء والخرتان و کیوان -اي زحل - .
قال تعالى : ( وقل رب زدني علما ) (طه، 114) فما طلب الزيادة من العلم إلا من الرب. 
ولهذا جاء مضافا لاحتياج العالم إليه أكثر من غيره من الأسماء لأنه اسم جامع لجميع المصالح وهو من الأسماء الثلاثة الأمهات (والآخران هما: الله الرحمن).
وهذا الاسم أعطى للسدرة نبقها وخضرتها، ونورها منه ومن الاسم الله، وأعطى الاسم الرحمن من نفسه عرفها من العرف وهي الرائحة.

ومن الاسم الله أصولها. و زقومها لأهل جهنم. وقد جل الله هذه السدرة بنور الهوية فلا تصل عين إلى مشاهدها فتحدها أو تصفها. 
والنور الذي كساها هو نور أعمال العباد. ونبقها على عدد نسم السعداء لا بل على عدد أعمال السعداء لا بل هي أعيان أعمال السعداء.
وما في جنة الأعمال قصر ولا طاق إلا وغصن من أغصان هذه السدرة داخل فيه وفي ذلك الغسن من النبق على قدر ما في العمل الذي هذا الغصن صورته- من الحركات. 

وما من ورقة في ذلك الغصن إلا وفيها من الحسن بقدر ما حضر هذا العبد مع الله في ذلك العمل
وأوراق الغصن بعدد الأنفاس في ذلك العمل. وشوك هذه السدرة كله. 
لأهل الشقاء وأصولها فيهم والشجرة واحدة ولكن تعطي أصولها النقيض مما تعطي فروعها من كل نوع. 
فكل ما وصفنا به الفروع حد النقيض في الأصول وهذا كثير الوقوع في علم النبات،
وهي على نشأة الإنسان وهي شجرة الطهور فيها مرضاة الحق ومن هنا شرع السدر في غسل الميت للقاء الله. 

وعند السدرة نهر كبير هو نهر القرآن منه تتفجر ثلاثة أغار أخرى للكتب الثلاثة التوراة والزبور والإنجيل وجداول صحف الأنبياء. 
ولكل نهر من الأنهار الكبرى الأربعة علم من علوم الوهب مناسب لأنهار الجنان الأربعة أنهار العسل والحليب والخمر والماء. 
فالمظهر الأعلى الجناني للسدرة هو شجرة طوبي التي غرسها الله تعالى بيده ولما سواها نفخ فيها من روحه كأدم وهي لجميع شجر الجنان کآدم لما ظهر منه من البنين وزينها بثمر الحلي والحلل اللذين فيهما زينة للابسهما فنحن أرضها فان الله جعل ما على الأرض زينة لها. 

وأما المظهر الأسفل الجهنمي للسدرة نهر الزقوم تغلي في البطون كغلي الحميم طلعها كانه رؤوس الشياطين. 
وأسعد الناس هذه السدرة أهل بيت المقدس. 
كما أن أسعد الناس بالمهدي أهل الكوفة، كما أن أسعد الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحرم المكي كما أن أسعد الناس بالحق أهل القرآن. 
وإذا أكل أهل السعادة من هذه الشجرة زال الغل من صدورهم ومكتوب على ورقها "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" وإلى هذه السدرة تنتهي أعمال بني آدم ولهذا سميت سدرة المنتهى.
وللحق فيها تجمل خاص عظيم يقيد الناظر ويحير الخاطر وإلى جانبها منصة جبريل عليه السلام وفيها من الآيات ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. 
غشيها من نور الله ما غشي فلا يستطيع أحد أن ينعتها إنما ينظر الناظر إليها فیدرکه البهت. 
وأوحد الله في هذه السماء البيت المعمور وهو على سمت الكعبة له بابان: مشرقی يدخل فيه كل يوم سبعون ألف ملك ثم يخرجون من مقابله المغربي ولا يعودون فيه أبدا .
يخلقهم الله في كل يوم من نهر الحياة من القطرات التي تقطر من انتفاض جبريل عندما ينغمس فيه في كل يوم غمسة. 

وبعدد هؤلاء الملائكة في كل يوم تكون خواطر بني آدم : في قلوبهم، وهؤلاء الملائكة الذين يدخلون البيت المعمور يجتمعون عند خروجهم منه مع الملائكة الذين خلقهم الله من خواطر القلوب فإذا اجتمعوا بهم كان ذكرهم الاستغفار إلى يوم القيامة. 
فالقلوب كلها من هذا البيت خلقت فلا تزال معمورة دائما، وكل ملك يتكون من الخواطر يكون على صورة ما خطر سواء (تأمل علاقة ذا الكلام بفص الحكمة القلبية السابق وتتشعب الخواطر من قلب حكمة هذا الفص الفاتحية الصالحية.).
وفي هذا الفلك عين الموت (لأن طبعه طبع التراب اليابس البارد وهو طبع الموت وقد سبق أن الاسم المميت هو المتوجه على إيجاد التراب في فم زكرياء وفي هذه السماء يوجد ملك الموت عزرائیل عليه السلام ) ومعدن الراحة و سرعة الحركة في ثبات. 

وكوكب هذه السماء زحل ترابي مظلم أسود نحس محض. ومنه جاء الكلام في النص على الهلاك والشقاء والعذاب والسواد وبشرة البدن الترابية.
لكن مدار حل الفص حول الفردية لأن الأعداد المتعلقة بهذه المرتبة جلها فردية: فله المرتبة: 11. 
وفلك هذه السماء هو الثالث نزولا من الفلك الأطلس والمكوكب وهو الأول في السماوات، وهو سابعها صعودا، وهو الحادي عشر صعودا من فلك التراب، وهو الخامس نزولا من العرش. 

وفي هذه السماء إبراهيم الخليل عليه السلام ثالث الآباء بعد آدم ونوح عليهما السلام وافتتحت سورته في القرآن بحروف ثلاثة لها الأعداد الثلاثة الأولى 
وهي: "الر = 231". ويومها السبت سابع الأيام. 
وأنسب الأنبياء لهذه المرتبة صالح عليه السلام الذي ورد اسمه في القرآن تسع مرات أي3 3x.
 والذين عقروا ناقته تسعة قال تعالى عنهم: "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون" (النمل،48) ولما عقروها رغا فصيلها ثلاث مرات حسب ما ورد في قصته. 
وعند ذلك أنذر صالح قومه بحلول العذاب.
وأخر الله قومه ثلاثة أيام تلونت خلالها ألوانهم بثلاثة ألوان...
والثلاثة مفتاح الإيجاد والتكوين والتوليد وهي أول الأفراد كما أكده الشيخ في الكثير من نصوصه.  فلهذا كانت حكمة هذا الفص فتوحية. 
وخص الله صالحا بفتح الجبل عن الناقة آية له ففتحت الإيمان في قلوب من آمن به كما فتحت الطغيان في صدور من كفر به فهذه ثلاثة فتوحات... 
وفي فاتحة الكتاب بيان للطرق الثلاثة التي تجمع كل الشعب الأخرى وهي: 
صراط المنعم عليهم، 
وصراط المغضوب عليهم، 
وصراط الضالين... 
ولهذه الثلاثية خصص الشيخ كلامه في كل الفص الذي له علاقة وطيدة بالفص السابق واللاحق. 

أي فصي هود وشعيب عليهما السلام:
ففي فص هود تكلم الشيخ عن صراط الرب المستقيم الأخذ بناصية كل دابة. 
وفي بداية هذا النص تكلم عن كثرة الطرق وتنوعها واختلاف أصحابها من الركائب والنجائب. 
وفي فص شعيب تكلم على نشعب هذه الطرق إلى مالا يتناهي من العقائد والأنفاس الظاهرة بالخلق المتجدد من شؤون التجليات التي لا تتكرر... 
يقول الشيخ رضي الله عنه في آخر الباب 463 من الفتوحات: 
"والفرد له تركيب الأعداد من أحد عشر إلى مالا نهاية له".
وعدد هذه المرتبة أي 11 هو أنسب الأعداد المقام الأفراد الذين خصص الشيخ لهم الأبواب الثلاثة " 32 / 31 / 30 " من الفتوحات وسماهم: الأقطاب الركبان ولهم آيات الركائب. 

ففتح الشيخ هذا الفص بذكرهم قائلا: (من الآيات آيات الركائب) الى قوله: (وكل منهم يأتيه منه فتوح غيوبه من كل جانب) ومفتاح الغيب له الاسم: "هو" الذي عدده 11. 
يقول الشيخ عنهم ما ملخصه: "الفرسان ركاب الخيل والركبان ركاب الإبل. فالأفراس تركبها جميع الطوائف من عجم وعرب والهجن لا يستعملها إلا العرب أرباب الفصاحة والحماسة والكرم. 

ولما كانت هذه الصفات غالبة على هذه الطائفة سميناهم بالركبان. فمنهم من ركب بحب الهمم، ومنهم من ركب بحب الأعمال. 
فلذلك جعلناهم طبقتين أولى وثانية وهؤلاء أصحاب الركبان هم الأفراد في هذه الطريقة. 
ليس للقطب فيهم تصرف ولهم من الأعداد من الثلاثة إلى ما فوقها من الأفراد. 
ليس لهم ولا لغيرهم فيما دون الفرد الأول الذي هو الثلاثة قدم فإن الأحدية وهو الواحد لذات الحق. 
والاثنان للمرتبة وهو توحيد الألوهية والثلاثة الأول وجود الكون عن الله. 
فأول الأفراد الثلاثة وقد قال : (الثلاثة ركب) وهم من الحضرات الإلهية الحضرة الفردانية وفيها يتميزون ومن الأسماء الإلية الفرد" انتهى. 
وفي كل هذا إشارات من الشيخ إلى أن أكثر الأفراد في كل زمان هم من العرب لخصوصيات تميزوا ما جعلت سيد الوجود صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيهم ومنهم وكذلك خاتم الأولياء المحمديين. 
ولهذا نجد الشيخ في الأبواب الأربعة من النصوص المخصوصة برسل العرب يتكلم عن الفردانية أو الأحدية فباب هود للحكمة الأحدية. وباب صالح للفردانية.
وہاب شعيب للحكمة القلبية والقلب هو القطب الفرد.
 وباب سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم للحكمة الفردية حيث أعاد الكلام عن التثليث المحمدي. 

ولاكابر الأفراد مقام القربة في هذه الأمة أو النبوة المطلقة بلا تشريع في الأمم السابقة كخالد النبي العربي بحكمته الصمدية والصمد أخ للفرد الأحد.
ولهم الستر لأفهم أهل أسرار والغالب على غرهم الظهور لأنهم أهل أنوار ... 
ولهذا لم يظهر في العرب مدة نحو 25 قرنا بين إسماعيل وسيدنا محمد عليهما الصلاة والسلام إلا خالد مع أن الكثير منهم كانوا أفرادا مقربين خلافا لبني إسرائيل الذين كثر عندهم الأنبياء والرسل الظاهرون بمعجزاتهم.
وإلى هذه الفردانية العربية وأسرار أهلها يشير الشيخ في كتابه "أيام الشأن" فيقول: (فكان حساب العجم تقدم النهار على الليل وزمانهم شمسي فآيات بين إسرائيل ظاهرة وكانت فيهم العجائب. 

وكان حساب عامة العرب بتقديم الليل على النهار وزمانهم قمري فآيتهم ممحوة من ظواهر هم مصروفة إلى بواطنهم. 
واختصوا من بين سائر الأمم بالتجليات، ونبل فيهم "كتبها في قلوهم" في مقابلة قوله "فانسلخ منها" فالصدق النا. 
ولما كان في الخضر قوة عربية للحوقه بنا لهذا ما عثر صاحبه على السر الذي منه حكم بما حكم) انتهى.
والخضر من رؤوس الأفراد. ومعلوم أن غالبية أقطاب الأمة المحمدية من العرب عموما ومن آل البيت الشريف في أكثر الأحيان ويقول الشيخ في الفصل 13 من الباب 198 خلال رؤيا رآها:

(فسمعت بعض الناس يقولون: لو كان الإيمان بالثريا لنالته رجال من فارس. 
فقلت: ولو كان العلم بالثريا لناله العرب. والإيمان تقليد. فكم بين عالم وبين من يقلد عالما فقالوا: صدق. 
فالعربي له العلم والإيمان والعجم مشهود لهم بالإيمان خاصة في دين الله).
ولمكانة هؤلاء الرسل العرب الأربعة نجد الشيخ في الباب 463 يصف شؤون الاثني عشر قطبا الذين عليهم مدار العالم، كل قطب على قلب ني و الثلاثة الأخيرون منهم. 
وهم العاشر والحادي عشر والثاني عشر على قدم هود وصالح وشعيب فترتيبهم هناك متفق مع ترتيبهم في الفصوص. 
ويقول أن أشرف أولئك الاثني عشر هو الذي على قلب صالح وله سورة "طه"..

ويقول: (وأما المفردون فكثيرون والختمان منهم)... (فمنهم من هو على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ) ... 
ثم إن لترتيبهم المذكور علاقة مع الشهور القمرية فقد قال الشيخ في الباب 12 من الفتوحات: (وفي الأنبياء من الزمان أربعة حرم: هود وصالح وشعيب سلام الله عليهم ومحمد صلى الله عليه وسلم وعينها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) انتهى. 

فأفضلهم رجب الشهر السابع هو لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قيل أن معراجه وقع له في السابع والعشرين منه. 
ويليه في التفضيل ذوالحجة وهو الثاني عشر ثم ذو القعدة وهو الحادي عشر ثم محرم وهو الأول. 
ومن خصوصیا تم أيضا أن أربعة من أولياء عالم الأنفاس اجتمع فيهم عبادة العالم هم على أقدامهم في كل زمان بصفهم الشيخ في الباب 73 .
فيقول: (ومنهم رضي الله عنهم أربعة أنفس في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون آيتهم من كتاب الله تعالى: " الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل  الأمر بينهن " (الطلاق، 12) .
وآيتهم أيضا في سورة تبارك الملك، الآية 3: "الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت هم رجال الهيبة والجلال.

كأنما الطير منهم فوق أرؤسهم لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال وهم الذين يمدون الأوتاد. 
الغالب على أحوالهم الروحانية قلوبهم سماوية بجهو لون في الأرض معروفون في السماء. 
الواحد من هؤلاء الأربعة هو ممن استثنى الله تعالى في قوله: " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله" (الزمر، 68) .
و الثاني له العلم بما لا يتناهي وهو مقام عزیز بعلم التفصيل في المحمل وعندنا ليس في علمه بحمل. 
والثالث له الهمة الفعالة في الإيجاد ولكن لا يوجد عنه شيء. 
والرابع توجد عنه الأشياء وليس له إرادة فيها ولا مهمة متعلقة بها. 
أطبق العالم الأعلى على علو مراتبهم. 
أحدهم على قلب محمد صلى الله عليه وسلم  
والآخر على قلب شعيب عليه السلام . 
والثالث على قلب صالح عليه السلام  
والرابع على قلب هود عليه السلام . 

ينظر إلى أحدهم من الملأ الأعلى عزرائيل وإلى الآخر جبريل وإلى الأخر ميكائيل وإلى الآخر إسرافيل. 
أحدهم يعبد الله من حيث نسبة العماء إليه 
والثاني يعبد الله من حيث نسبة العرش إليه 
والثالث يعبد الله من حيث نسبة السماء إليه 
و الرابع يعبد الله من حيث نسبة الأرض إليه. 

فقد اجتمع في هؤلاء الأربعة عبادة العالم كلها شأنهم عجيب وأمرهم غريب مالقيت فيمن لقيت مثلهم) انتهى.
ومن الاتفاق أن أعداد تکرار أسماء الأربعة في القرآن كلها فردية: 
تكرر اسم صالح 9 مرات  ، وهود 7 مرات ، وشعيب 11 مرة 
مجموع هذه الثلاثة: 27  ، وتكرر الإسمان محمد وأحمد معا: 5 مرات وهو عدد الحفظ الفردي الحافظ لنفسه ولغيره حسبما ذكره الشيخ في عدة مواضع فبذكره صلى الله عليه وعلى آله وسلم حفظ الجميع...
من ناحية أخرى، المنازل الفلكية لهؤلاء الرسل الثلاثة هود صالح شعيب تشترك في وجودها ببرج الأسد الذي لملكه صفة الكرم وهي من أشهر صفات العرب وتعلوه هيبة و جلال وهو الإقليد .
وبطالعه أوجد الله الآخرة بعد أن أوجد الدنيا بطالع السرطان فتأخرت الآخرة عن الدنيا تسعة آلاف سنة. 
وبرج الأسد برج ثابت حار يابس وبطالعه أيضا خلق الله الجنة المحسوسة حسب ما ذكره الشيخ في "عقلة المستوفز". وفي البابين 7 و65 من الفتوحات.
وأخيرا فإن حرف هذا الفص هو الياء. وأهم ميزة له هو أنه حرف الكسر والخفض فهو أنسب الحروف لركن التراب أسفل الأركان الذي له طبع هذه السماء الأولى اليابسة الباردة و کوکبها زحل ترابي وهذا الطبع تميزت عن بقية السماوات. 
ولعلاقة الياء بالثري الترابي يعرفه الشيخ في الباب الثاني من الفتوحات بقوله:
یاء الرسالة حرف في الثرى ظهرا  ….. کالواو في العالم العلوي معتمرا
وفي ختام الفص مهد الشيخ للدخول في فص شعيب الموالي فذكر صاحب الشهود الذي يقيم معاذير الموجودات كلها وهو حال صاحب السماء السادسة التي لها الرتبة 12 الموالية لكونها سماء اللين والرحمة والعفو. 
وأعاد ذكر قاعدة أن العلم تابع للمعلوم إشارة للاسم العليم المتوجه على إيجاد تلك السماء السادسة سماء العلم
وختم بالمثل: "يداك أوكتا وفوك نفخ" مشيرا بالنفخ إلى الهواء الذي له طبع هذه السماء السادسة . 
وطبع الأولى والثالثة طبع الماء  
وللرابعة والخامسة طبع النار، 
وللثانية امتزاج كل الطبائع.


11: سورة فص صالح عليه السلام  
و هي "قريش" والاسم الإلهي الوحيد الظاهر فيها هو "الرب" وهو الاسم الممد لمرتبة هنا الفص أي السماء السابعة كما سبق بيانه.
والبيت المعمور فيها مناسب للكعبة بيت الرب في أم القرى بلد قريش. 
وأهلها هم أصحاب الركائب - أي الإبل - المذكورون في البيت الأول من الفص.
وأكد الشيخ في هذا الباب على مرتبة الثلاثة والتركيب والجمع وذلك مناسب للألفة من" لإيلاف قريش " (فریش، 1) والقرش في اللغة هو الجمع. 

ولهذا نجد الشيخ في الوصل التاسع من الباب "369" وهو الوصل المخصوص بسورة "قريش" يبدؤه بقوله: "قال تعالى: " والتفت الساق بالساق " (القيامة، و02) فهو التفاف لا ينحل... "أي كالتفاف ساق اللام بساق الألف من لام ألف في "إيلاف" أو كالتفاف المقدمتين أو الزوجين في النكاح لإظهار النتيجة. 

ولهذا أيضا يبدا الباب "278" المخصوص بمنزل "قریش" بقوله: "لا يتآلف اثنان إلا لمناسبة بينهما فمترك الألفة هي النسبة الجامعة بين الحق والخلق وهي الصورة التي خلق عليها الإنسان". 
ولهذا كان حرف "لا" من رموز الإنسان الكامل لجمعه بين ألف الحق ولام الحلق... وإلى هذا الجمع - أو القرش - أو الائتلاف - يشير الشيخ في فقرة من الباب "559 مرجعها للباب 278" أي لسورة قريش" عنوانها: " التالف من التصرف" 
فيقول: "ما ثم إلا ما سمعت فلا يغرنك كونك جمعت" ويفتتح بابها "278 فتوحات" هذه الألفة قائلا:
منزل الألفة لا يدخله   ….. غير موجود على صورته
فتراه عندما تبصره    …… نازلا فيه على صورته

 
علاقة هذا الفص بلاحقه
ختم الشيخ هذا الفص بقاعدته : "العلم تابع للمعلوم"، كمقدمة لفص "شعيب" التالي والحاكم عليه الاسم "العليم" من آية سورته "التكاثر": "كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين ".
وتكرر اليقين في "التكاثر" مرتين: علم اليقين وعين اليقين. 
وهو ما أشار إليه في أواخر هذا الفص الصالحي بقوله: "فمن فهم هذه الحكمة وقررها في نفسه: "فهذا هو علم اليقين" .
ثم قال: " وجعلها مشهودة له: وهذا هو عين اليقين".
ثم إن "تكاثر" قص شعيب ينتج من أم الكثرة أي ثلاثية "قريش" سورة فص صالح لأن القرش هو الجمع، وهو أصل التكاثر كما أن القرآن أصل للفرقان كما سبق ذكره في فص نوح.
وختم الشيخ الفص بكلمة: "وفوك نفخ" ومن النفخ تتكاثر الكلمات الصادرة من المراتب الثلاثة لمخارجها: "الصدر، والحلق، والفم" إلى أن تنتهي بالسكوت عند قول الشيخ في فص شعيب: "ونفخ في غير ضرم" .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية من الاسم العليم وسماء موسى السادسة ومنزلة الصرفة وحرف الضاد   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين نوفمبر 11, 2019 7:03 pm

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية من الاسم العليم وسماء موسى السادسة ومنزلة الصرفة وحرف الضاد

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

المرتبة 12 فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
غاية القهر هي حصول العلم فقوله تعالى: "وهو القاهر فوق عباده، " (الأنعام، 8). 
يشير إلى أنه بظهور اسمه القاهر يعلم المخلوق أنه عبد عاجز لرب كامل له فوقية القهر. فظهور القاهر يستلزم الاسم العليم. 
فجاء العليم في المرتبة 12 متوجها على سماء العلم والسعادة التي لها فلك كوكب المشتري وروحانية موسى عليه السلام الذي تربى تربية النبوة والرسالة مدة عشر سنين عند شعيب عليه السلام وتزوج ابنته.
ولهذا جعل الشيخ لهذه المرتبة الكلمة الشعيبية، من التشعيب الذي يستدعي الوسع. 
قال تعالى: " والله واسع عليم " والرحمة والعلم مقرونان دائما بالوسع والزيادة ولهذا قال الشيخ في هذا الفص: 
"وكذلك العلم بالله ماله غاية في المعارف يقف عندها بل العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به "رب زدني علما. رب زدني علما. رب زدني علما" 
ولما رأى موسى أنه أعلم أهل زمانه بعثه للعبد الذي علمه الله من لدنه علما وأتاه رحمة فازداد موسی علما إلى علم...
وحيث أن محل العلم هو القلب الواسع وكذلك الرحمة كانت حكمة هذا الفص قلبية. وابتدأ بالكلام عن القلب الذي وسع الحق جل جلاله وعلى الرحمة... 
وأكثر الشيخ في هذا الباب من ذكر النفس والتنفيس فبدأ بقوله: 
"فإن الله وصف نفسه بالنفس" وختم بقوله: "إن الله تجلى في كل نفس" لأن حياة القلب مصدر النفس حسا و معنى،معنى بنفس الزيادة من العلم، وحسا بتنفس الهواء. 
وقد اختصت هذه السماء السادسة بطبع الهواء الحار الرطب. 
ومن ناحية أخرى الغالب على شعيب التوسع في العلم والفصاحة والصفات القلبية المعتدلة من الأمر بالعدل والوزن بالقسط والقلب الكامل هو مركز العدل بين الأضداد ومنه تتشعب الحياة الحسية للجوارح والحياة المعنوية للقوى مونيا كل ذي حق حقه بالوزن الفسط. 
يصف الشيخ القطب الثاني عشر الذي هو على قلب شعيب في الباب 463 من الفتوحات فيقول:
 أن له علم البراهين و موازین العلوم ومعرفة الحدود. 
حاكم على الطبيعة مؤيد للشريعة بين أقرانه ضخم الوسيعة. 
ولا يرى الحق في شيء من تجليه دون أن يرى الميزان بيده يخفض ويرفع. 
جمع لهذا القطب من القوتين القوة العلمية والقوة العملية. 
وله في كل علم ذوق إلهي من العلوم المنطقية والرياضية والطبيعية والإلهية. 
وكل أصناف هذه العلوم عنده علوم إلية ما أخذها إلا عن الله وما رآها سوى الحق... إلخ).
وقد جعل الشيخ هذا القطب الشعبي الثاني عشر من الأقطاب الذين عليهم مدار العالم كما أن للكلمة الشعيبية هذا الفص الثاني عشر لعلاقة هذه المرتبة بالقلب وتشعيبه. فهذه السماء السادسة هي قلب الأفلاك العلوية: تحتها خمس سماوات وفوقها خمس أفلاك: السماء السابعة والكوكب والأطلس والكرسي والعرش. 
كذلك قلب العقائد الإيمانية في اثني عشر حرفا هي:
 لا إله إلا الله أو: محمد رسول الله 
ومنها تشعبت شعب الإيمان البضع والسبعون الواردة في الحديث، ومجموع الأعداد الاثني عشر الأولى هو 78 الموافق لتلك الشعب. 
قال الشيخ: (فتحقق ياولي ما ذكرته لك في هذه الكلمة القلبية. 
وأما اختصاصها بشعيب لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها)... 
ومن هذا التشعيب سمي الشيخ شعيب في الباب 14 من الفتوحات بالمقسوم. 
وشعب العقائد وأقسامها لا نهاية لصورها. 
والعدد غير المحدد يرمز له بالألف التي لها المرتبة 12 حسب قول الشيخ في الباب 463: كل واحد إلى العاشر، والحادي عشر له المائة والثاني عشر له الألف".
ومدار كل الفص حول تكاثر الصور المختلفة على العين الواحدة تجديد الخواطر والأحوال في كل نفس على القلب الواحد. 
فهو في كل آن يتقلب من صورة إلى صورة لأن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي وكل تحل يعطي خلفا جديدا ويذهب بخلق) ... 
وأقرب العناصر لسرعة التحول في الصور هو عنصر هذه السماء أي الهواء ، وأنسب المنازل الفلكية لانصراف الصور وظهور صور أخرى بالخلق المتجدد هو: الصرفة من التصريف والانصراف التي تدل معانيها على التحويل والكثرة التقليب.
 قال مؤلف مختار الصحاح:
(صرف الصبيان قلبهم) وقال: (قلب القوم صرفهم) 
وقال تعالى: (صرف الله قلوبهم) (التوبة، 127) وحرف هذه المنزلة هو حرف الفصاحة والاستطالة أي الضاد. 
اختص بهذين الوصفين حتى قيل للعربية لغة الضاد، فهو مناسب لشعيب المشهور بفصاحته حتى لقب بخطيب الأنبياء .
و مناسب لموسى لاستطالة علوه وقوته حتى جعل الشيخ كلمته علوية كما سبق في فصه .
وأما صفات الضاد الأخرى التي يشترك فيها مع حروف أخرى فهي: 
الجهر والإطباق والاستعلاء والرخاوة. 
ولكل من هذه الصفات نسبة مع صفات هذه المرتبة الثانية عشره.
بقي سؤال: لماذا ذكر الشيخ اجتماعه بأرواح الأولياء الأموات في هذا الباب بالذات؟
فالجواب هو:  أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة المعراج أكثر التردد بين الله تعالى. 
وموسی قطب هذه السماء في شأن الصلاة كما هو مشهور فكان اجتماع الشيخ بسابقيه من الأولياء واستفادتهم منه مناسب لما وقع بين موسى و سیدنا محمد عليهما السلام ليلة المعراج.

يقول الشيخ في الفصل 22 من الباب 198 المخصوص هذه المرتبة متكلما عن سمائها: 
فمن أمرها حياة قلوب العلماء بالعلم واللين والرفق وجميع مكارم الأخلاق ولذلك لم ينهي أحد من سكان السماوات من أرواح الأنبياء عليهم السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فرض الله على أمته صلى الله عليه وسلم خمسين صلاة غير موسي عليه السلام  فخفف الله عن هذه الأمة به . 
ولها من الأيام يوم الخميس (أي نهاره) ولها ليلة (الاثنين) فكل سر يكون للعارفين وعلم وتجلي ، فمن حقيقة موسى من هذه السماء و كل أثر يظهر في الأركان والمولدات يوم الخميس فمن كوكب هذه السماء وحركة فلكها محملا من غير تفصيل. 
ولها الضاد المعجمة.  ومن المنازل الصرفة. 
فأما وجود الحروف المذكورة في كل سماء فـ لتلك السماء أثر في وجودها. 
وأما قولنا أن لها من المنازل الصرفة أو كذا لكل سماء فلسنا نريد أن لها أثرا في وجود المنزلة كما أردنا بالحرف ، وإنما أريد بذلك أن هذا الكوكب الخاص بهذا الفلك أول ما أوجده الله وتحرك أوجده في المحلة التي نذكرها له بعينها فهي منزلة سعده حيث ظهر فيها وجوده. 
فهذا معنى قولي له من المنازل كذا. 
ولكل سماء وفلك أثر في معدن من المعادن السبعة يختص به وينظر إليه ذلك المعدن بقوته).
وختم الشيخ الفص بالكلام على الخلق الجديد فناء وبقاء. 
وأنسب الصور العنصرية لفناء الخلق وبقاء صوره هي صورة النار لأنها تفني ما تحرقه وتفني بمجرد نزع الجسم الذي يشعلها وتبدل صورته ولا قيام لها إلا به. 
وقد أشار إلى النار قبل ذلك في قوله: (ونفخ في غير ضرم) والضرام هو الاشتعال.

كل هذا تمهيد للدخول للفص الموالي الذي له مرتبة سماء المريخ التي طبعها النار و المستمد من الاسم " القاهر" والنار من مظاهر القهر .
 
 
12: سورة فص شعيب عليه السلام 
 قال الشيخ: "فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعبب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة، فهي شعب كلها". 
فهذا القول يرمي بنا مباشرة لسورة هذا الفص أي سورة کثرة الشعب أي سورة "التكاثر". 
ولهذا كرر الشيخ كلمة "كثرة" فقال: "فتكون في التجلي كثرة مشهودة... مع كثرة الصور واختلافها... فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، ...".
ومدار كل الفص حول التكاثر، وفيه ذكر لتكاثر الأعداد والأشكال كقوله: "مائة ألف ألف مرة." 
وكقوله: "التربيع والتسدیس والثمين" ... وبدأ بذكر تكاثر صور الحق في قلب العارف، وتكاثر الزيادة في العلم فكرر ثلاث مرات: "رب زدني علما"... 
ثم تكاثر التجليات ثم تكاثر الاعتقادات ثم تكاثر الخلق الجديد وتكاثر الأعراض عند الأشاعرة وأخيرا ختم بتکاثر تجليات الحق في كل نفس بلا تکرار....
وحيث أن كلمة "تعلمون" تكررت في السورة ثلاث مرات وكلمة "علم" مرة واحدة.
فقد أكد الشيخ على العلم والزيادة منه وكرر كلمة "علم" في الفص مرات كقوله:
"وكذلك العلم بالله ماله غاية في العارف" لأن الاسم الحاكم على هذا الفص كما ذكرناه. 
هو
 "العليم" المتوجه على إيجاد سماء العلم أي سماء المشتري السادسة التي قطبها موسى صاحب شعيب عليهما السلام
وقوله:  "فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده..." 
يشير إلى : "لترونها عين اليقين " (التكاثر، 7) 
و كذلك قوله: "فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده..... فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة" .
يشير إلى الانتقال من علم اليقين في الآية: ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) (التكاثر، 5) إلى عين اليقين في: ( لترون الجحيم ) (التكاثر، 6). 
ثم قوله: "و بعد احتداد البصر لا يرجع کليل النظر" إشارة إلى: (ثم لترونها عين اليقين ) (التكاثر، 7).
وقوله: "وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت..." إلى آخره إشارة إلى : (حتى زرتم المقابر ) (التكاثر، 2) .
ولهذا سمي الشيخ منزل سورة التكاثر في الباب "272" من الفتوحات: 
"منزل تزاور الموتی".
وقوله: "وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد..." 
مطابق لما بدأ به الشيخ الوصل "73" من الباب "369" وهر وصل سورة التكاثر حيث يقول: 
"مآل الأمر الرجوع من الكثرة إلى الواحد من مؤمن ومشرك لأن المؤمن الذي يعطي کشف الأمور على ما هي عليه يعطي ذلك وهو قوله تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) (ق، 22)... 
وهو مطابق أيضا لقوله"وبعد احتداد البصر لا يرجع کليل النظر"...
قوله: "ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما.... وتشابه الصور مثل قوله تعالى : ( وأتوا به، متشابها ) (البقرة: 25) وليس هو الواحد عين الآخر..." 
يشير إلى تشابه آيات التكاثر (5 - 3) 
كـ تكرار: ( كلا سوف تعلمون . ثم كلا سوف تعلمون . کلا لو تعلمون ) .
و كـ تكرر كلمة "اليقين" مرتين. 
و كـ تكرر "الرؤية" مرتين 
وكـ تكرر "كلا" ثلاثة مرات 
وكـ تكرر "ثم" ثلاثة مرات.
 
علاقة قص شعيب عليه السلام  بسابقه ولاحقه
بدأ الشيخ هذا الفص بذكر "القلب". فهذه البداية مناسبة لكعبة قريش، بيت الرب، المذكورة في سورة الفص السابق لأنها في قلب الأمكنة.
وختم الفص بمسألة الخلق المتجدد أي تبديل الصورة بصورة تتلوها وهو عين موضوع سورة فص لوط التالي أي "القارعة" فعند وقوع القارعة تتحول الجبال كالعهن المنفوش و الناس كالفراش المبثوث. 
وفي الباب 283 - المتعلق مترل سورة "القارعة" المجاورة في المصحف لسورة التكاثر توسع الشيخ في تفصيل تحول الصور من شكل إلى شكل .
وفيه يقول: من هذه الحضرة تمسخ الصور الحسية في الدنيا والآخرة، ومن هذا المترل تمسخ البواطن.
ولعلاقة هذه السورة بعلم اليقين وسماء العلم حيث كوكب المشتري نجد الشيخ يقر فما في ديوانه حيث يقول:
 "من روح سورة ألهاكم التكاثر
حق اليقين علوم لا يحصلها   ..... إلا بلم وهو المخصوص بالعلل
وهي العلوم التي أرست قواعدها   ..... بالمشتريّ وبالمعهود من زحل  
وعينه دونه ذوقا تشاهده   ..... ولو بقيت فيبقى فيه بالمثل
وعلمه دون هذا العين تعلمه   ..... بحدّه وهو إن أزيل لم يزل

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية من الاسم القاهر كوكب الأمر والسماء الخامسة ومعلة العوا وحرف اللام   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين نوفمبر 11, 2019 7:04 pm

13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية من الاسم القاهر كوكب الأمر والسماء الخامسة ومعلة العوا وحرف اللام

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

المرتبة 13: لفص حكمة ملكية في كلمة لوطية
ظهور النور قاهر للظلمات كما أن ظهور الحق قاهر للباطل. أي أن ظهور النور يستلزم 
ظهور الاسم القاهر. ولهذا نجد الاسم النهار في القرآن في ستة مواضع دائما مقترنا بالاسم الواحد، لأن نور الواحد القدم قاهر للمحدثات و السوی .
"سبحانه هو الله الواحد القهار " [الزمر، 4].
"قل الله خلق كل شئ وهو الواحد القهار" [الرعد، 16]. 
"و برزوا لله الواحد القهار" [ابراهيم، 48]. 
" أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" [يوسف : 39]. 
" وما من إله إلا الله الواحد القهار " [ص: 65]. 
"لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " [غافر، 16]. 
وأما الاسم القاهر فورد مرتين في الآيتين 18 و 61 من سورة الأنعام : "وهو القاهر فوق عباده " . 
وبظهور القاهر في المرتبة 13 توجه على إيجاد السماء الخامسة وفلك الكوكب الأحمر المريخ وليلة السبت ونهار الثلاثاء وهي سماء روحانية هارون عليه السلام  الذي له فص الاسم المذل كما سبق بيانه. 

والمذل والقاهر أخوان فریبان في المعين ولهذا كانت هذه السماء مختصة بالقهر والفتن وسفك الدماء .
ولها معدن الحديد الذي يشكل أهم أجزاء کوکبها المريخ الأحمر، وللحديد بأس شديد... 
ولهذا كانت حكمة هذا الفص ملكية لأن الملك هو الشديد القاهر للمملوكين ولإقتران الاسم الملك بالنهار في الآية " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" [غافر، 16].... وطبع هذه السماء طبع النار. 
والنار هي ركن القهر والإفناء. وحيث أن الله تعالى جعل في كل عسر يسرا وفي كل محنة منحة فقد أسكن روحانية هارون عليه السلام في هذه السماء وهو المشهور بلينه وتواضعه ورحمته خلافا لأخيه موسى عليه السلام المعروف بقوته في الحق وبطشه لإزهاق الباطل وسرعة انفعاله. 
فجعل الله تعالى موسى في سماء اللين والرحمة والمودة والشفقة أي السماء السادسة كما جعل هارون في سماء البطش والبأس. 
وأنسب أنفاس الأنبياء لهذه المرتبة هو نفس لوط عليه السلام لعلاقته المخصوصة بشدة القهر .
فقال تعالى عنه عليه السلام أنه قال: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" [هود: 80]. 
قال الشيخ: فنبه عليه السلام أنه كان مع الله من كونه شديدا... 
وقهر الحق تعالى قوم لوط أشد قهر فاستأصلهم بعد أن أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود وجعل عالي أرضهم سافلها
ولهذا فإن مدار هذا الفص حول مظاهر القهر. 
ففي أول الباب ذكر الشيخ الشدة والتحطيم "قيس بن الحطيم" والطعن والقوة والركن الشديد. 
ثم ذكر قهر الأمم الكافرة للرسل وقهر الله لتلك الأمم. 
ثم انتقل إلى قهر الشيب وأرذل العمر للإنسان. 
ثم تطرق إلى قهر الهمة: فأهل الأحوال لهم الهمة القاهرة في التصريف، أما الكمل فهمتهم مقهورة للمعرفة... ثم تكلم على قهر المعلوم للعلم حيث أن العلم تابع للمعلوم وكل تابع مقهور... 
وفي إطار هذا القهر ذكر أبا طالب مرتين في هذا الفص لبيان حكم القهر : 
فهو أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن أعلمهم بصدق رسالته، ومع هذا مات على ما مات عليه أي حسب ما سبق به العلم التابع لما هي عليه عينه الثابتة في حضرة القدم.
وهذا الفص هو الرابع من الأبواب الأربعة المتتالية التي تشترك في صفة الشدة والقوة والقهر لأن الأمم المذكورة في القرآن والتي قهرها الله بالدمار هي قوم هود وصالح وشعيب ولوط. 
وأقرب الرسل لشعيب في الزمان هو لوط قال شعيب لقومه: 
"وما قوم لوط منكم ببعيد " [هود، 89]. وناسبت حكمة لوط الملكية محكمة شعيب القلبية في الفص الموالي لأن القلب هو ملك قوى الإنسان وأقواها وأوسعها. 
وللوط صلة بالقلب المالك لأن لفظ لوط يعني : ملصق.
ولهذا سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالملصق أي الأقرب لصوقا بالحضرة الإلهية. 
وألصق الحضرات الوجودية ما هو قلب الإنسان الكامل. 
وقد تكلم الشيخ في الباب 361 من الفتوحات المخصوص مترل سورة المؤمنون عن هذا اللصوق فقال ما خلاصته: 
"لما قضى الله أن يكون للبروج أثر في العالم جعل الله في نشأة الإنسان الكامل اثني عشر قابلا يقبل ها هذه الآثار. 
فمنها لصوقها بالعالم حين حذيت عليه ولصوقها بحضرة الأسماء الإلهية وبه صح الكمال لهذه النفس".
وأخيرا فإن مزلة هذه المرتبة هي العواء، والعواء في اللغة هو شدة الصياح فهو صوت قاهر أو معبر عن قهر. 
ولها حرف اللام وهو من الحروف المجهورة قريب من الشدة منفتح منسفل و مخصوص بصفة الانحراف. 
وانحرف قوم لوط للفاحشة التي لم يسبقهم فيها أحد من العالمين فألصقهم القهار بأسفل سافلين انتقاما منهم. 

يقول الشيخ في مثل هذا المعنى في الباب 198:
 "إن هذا النفس الإلهي في إيجاد الشرائع قد جعل طريقا مستقیما و خارجا عن هذه الاستقامة المعينة ويسمى ذلك تحريفا وهو قوله: "يحرفونه. من بعد ما عقلوه " (البقرة : 75). مع كون يرجع إليه الأمر كله يقول وإن تعدد فالنفس يجمعه ، فسمي ذلك التحريف في نفس المتنفس الإنساني الحرف المنحرف فخالط أكثر الحروف وهو اللام وليس لغيره هذه المرتبة".
وختم الفص بكلمة تفيد قهر الانتقام وهي كلمة : الوتر
والوتر في اللغة الأخذ بالثأر انتقاما كما ذكره الشيخ في الباب 172 من الفتوحات 
والوتر هو الواحد الأحد. 
والأحد هو يوم الشمس الذي لمرتبتها الفص العزيري المجاور. 

ففي البيتين اللذين ختم بما تمهيد للدخول لذلك الفص حيث ذكر فيهما كلمة وتر وكلمة "بان" وكلمة "لاح" المثيرة للاسم النور المتوجه على إيجاد فلك الشمس العزيري الإدريسي :
فقد بان لك السر     ….. وقد لاح لك الأمر
وقد أدرج في الشفع   …… الذي قيل هو الوتر 
 
والعلاقة بين الفصين هي علاقة القضاء بالقدر. ففي هذا الفص تكلم عن القضاء من حيث تبعية العلم للمعلوم. 
وفي فص لوط تكلم عن القدر الذي هو توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها.
 
13 - سورة فص لوط عليه السلام
سورة هذا الفص هي "القارعة" لأن القارعة في اللغة هي الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية ولهذا بدا الشيخ الفص بالكلام عن الشدة وتكررت في الفص مظاهر الشدة ككلمة القوة تكررت عدة مرات والهمة المؤثرة والتصرف.
وقد ذكرنا أن الاسم الحاكم على هذا النص هو "القاهر" المتوجه على إيجاد سماء المريخ الأحمر الخامسة وهي سماء القهر والشدة والحرب.
ولهذا نجد الشيخ يخصص في الفتوحات الباب "283" للقارعة فيسمى متلها: "منزل القواصم وأسرارها".
ونسبة "القارعة" مع لوط هي الشدة التي لاقاها من قومه حتى قال "لو أن لي بكم قوة أو اوي إلى ركن شديد" [هود : 80] وكذلك شدة القهر الذي أصاب قومه فهلكوا بحجارة السجيل المنضود.
وكلام الشيخ حول الرجوع إلى الضعف يشير إلى رجوع الناس عند القارعة كالفراش المبثوث ورجوع الجبال كالعهن المنفوش ومن أضعف الخلق الفراش والعهن.

وكلامه في آخر الفص حول مسألة: 
العلم تابع للمعلوم مرجعه للآية " فأمه هاوية " [القارعة : 9 ].
فالأم هي الأصل وأصل كل شيء عينه الثابتة التي تبعها العلم....
وحيث أن في السورة كلمة الموازين الثقيلة والخفيفة فقد وازن الشيخ في هذا الفص بين مقادير الرجال في التصرف .
فوازن بين الشيخين أبو عبد الله بن قايد وأبو السعود بن الشبل.
ثم وازن بين بعض الأبدال والشيخ أبي مدين.
ثم وازن الشيخ الأكبر بين نفسه والشيخ أبي السعود. 
وهذه الموازنة ذكرها أيضا في آخر الباب "283" أي باب منزل "القارعة" حيث وازن بين الشيخ أبي البدر التماشکي البغدادي والشيخ رغيب الرحيي.
ووازن بين أبي السعود بن الشبل شيخ أبي البدر والشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ أبي السعود. 
وختم الباب بقوله عن أبي السعود: "إني أقطع أن ميزانه بين الشيوخ كان راجحا". أي أنه من الذين تحققوا بالآية: "فأما من ثقلت موازينه, فهو في عيشة راضية " [القارعة : 6-7].
ومن الملاحظ أن الشيخ افتتح ذلك المترل بأبيات فيها لفظ: "القهار" أي الاسم الحاكم على هذا الفص فقال:
إذا كنت مشغوفا بحب المعاصم     ….. تذكر من الآيات أي القواصم
فان لها عن ذاك زجرا وعصمة    ….. وأفلح من تحييه أي العواصم
وهذي أمور لم أنلها بفكرة       …… ولكنها جاءت على يد قاسم
ويعطي إله الخلق عدلا ومنة    ….. بقصمة قهار وعصمة عاصم
فكم بين شخص بالملائك ملحق   ….. وبين شخيص ملحق بالبهائم
 
علاقة فص لوط عليه السلام بسابقه ولاحقه
ربط الشيخ هذا الفص بذكره لتبدل الصور على ابن آدم فساق الآية: " الله الذي خلقكم من ضعف جعل من بعد ضعف ، قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة " [الروم : 54] .
ففي هذا تکاثر للصور على عين العبد، ثم ذكر الآية: "ولكن أكثرهم لا يعلمون" [الأنعام، 37] إشارة إلى الكثرة وإلى العلم المذكورين في سورة التكاثر التي لها فص شعيب السابق. 
أما تمهيده لفص عزير التالي الذي له الحكمة القدرية فتظهر في نهاية هذا الفص اللوطي بقوله "أي ما قدرت عليهم الكفر".
والاسم المتوجه على فص عزير الشمسي هو (النور) المنتشر من الموريات قدحا في سورة العاديات.
وهو الذي أشار إليه في هذا الفص بقوله : 
"فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان: 
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء""

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين ديسمبر 16, 2019 10:03 am

14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص العزيري على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
المرتبة 14 : لفص حكمة قدرية في كلمة عزيرية من الاسم النور وسماء الشمس ومنزلة السماك وحرف النون
كلما سوى اللّه صورة إلا وتوجه الروح الكلي بالنفخ فيها فتحيا مسبحة بحمد ربها لسريان نور الروح فيها ، كما يسري نور الشمس في الكون فتتجدد الحياة فيه . ولهذا كثيرا ما يشبه الشيخ الروح بالشمس .
وقد قرن الحق تعالى إشراقها بنفس الحياة فقال : "وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ " (التكوير:18) إذن فاسمه المصور يستلزم ظهور اسمه النور الذي به تحيا الصور فتدرك نفسها وتعرف ربها .
وبتوجه النور وجدت حضرة القطب في الدنيا وهي السماء الرابعة حيث فلك الشمس قلب العالم ، ومنبع النور حتى سماها اللّه تعالى : "سِراجاً وَهَّاجاً " ( النبأ : 13 ) فوقها 13 مرتبة كونية وتحتها مثلها .
وفوقها 7 أفلاك وتحتها مثلها . وفوقها 3 سماوات وتحتها مثلها .
كما ذكره الشيخ في فص إدريس عليه السلام ورفع اللّه تعالى إدريس لهذه السماء لأنه قطب الأرواح فهو قطب عالم الأنفاس الذي سماه الشيخ في الباب 15 من الفتوحات بمداوي الكلوم لأن الكلوم هي الجراحات وهو بجراحات الهوى خبير فهو الذي علم الطب والفلك والحروف والكيمياء .
وكل هذه العلوم تتعلق بتقويم الصحة في الإنسان بدنا ونفسا وروحا أو في المولدات والمعادن أو في الكون أو في الكلام.
وكلمة كلوم تشير إلى الكلام كما أن لفظة ( مداوي ) تشير إلى الدواة .
دواة حبر الحروف . وإدريس هو أول معلم للحروف الرقمية .
وكلمة كلوم تشير أيضا للملك . وكلما بعدت الدوائر عن المركز القطبي ازدادت كلوم الملك بالانحرافات ، وبتوسع الملك تتضاعف الكلمات .
 
ولعلاقة إدريس بالاسم النور تجد في كتاب العبادلة بابا عنوانه ، " عبد اللّه بن إدريس بن عبد النور " ولعلاقته بكلوم الملك نجد عنوانا آخر عنوانه " عبد اللّه بن إدريس بن عبد الملك " .
 
أولا : ما علاقة القدر بالشمس وإدريس حتى توصف حكمة هذا الفص بالحكمة القدرية ؟
" القدر توقيت فهو متعلق بالوقت " .
يقول الشيخ : " القدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد " والوقت متعلق بحركة الشمس وبنورها تدرك الأشياء وهو لا يدرك لأنه كما قيل : "من شدة الظهور الخفاء " وكذلك يقول الشيخ : " فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره " . . . ولعلاقة هذه المرتبة بالزمان يقول الشيخ في الباب 15 من الفتوحات إن أول سر أطلع عليه مداوي الكلوم أي إدريس - هو الدهر الأول الذي عنه تكونت الدهور .
وإن خليفته المستسلم للقضاء والقدر كان غالب علمه علم الزمان . . .
ولعلاقة هذا الفص بالنور ترددت فيه مشتقات كلمات : كشف ، تجل ، ظهور ، فتح ، إدراك
. . .  
كقوله مثلا : " فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار فتدرك الأمور . " . . .
وقد ورد في الحديث الصحيح أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة كالشمس ليس دونها سحاب .
وفي الفصل الرابع من الباب 371 من الفتوحات يقول :
" ونور الشمس ما هو من حيث عينها بل هو من تجل دائم لها من اسمه النور .
فما ثم نور الا نور اللّه الذي هو نور السماوات والأرض .
فالناس يضيفون ذلك النور إلى جرم الشمس ولا فرق بين الشمس والكواكب في ذلك إلا أن التجلي الشمسي على الدوام فلهذا لا يذهب نورها إلى زمان تكويرها " .


ثانيا : ما علاقة عزير بالنور والشمس ؟
كما يشرق نور الشمس على الأرض يشرق نور الروح على الجسد فتتجدد الحياة . . .
وهذا هو الذي وقع لعزير بعد أن أماته اللّه تعالى مائة عام . . . وبالنور الذي أنزل عليه أعاد كتابة التوراة بعد أن نسيت .
روى ابن كثير في كتابه " قصص الأنبياء " الخبر : " أمر اللّه ملكا فنزل بمغرفة من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفا بحرف حتى فرغ منها " .
وروى أيضا : " نزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل . فمن ثم قالت اليهود : عزيز ابن اللّه ".


ثالثا : ما علاقة عزير بالقدر ؟
الجواب : هي تشوفه لعلم سر القدر .
فقد ورد في سيرته أنه ناجى ربه قائلا : " يا رب تخلق خلقا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء ؟ 
فقيل له : أعرض عن هذا . فعاد .
فقيل له : لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون " .
 
وسر القدر متعلق بكيفية تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق للمقدور المخلوق في ذلك .
ولهذا لما أراه اللّه وأذاقه كيفية إعادة البعث والحياة في نفسه وحماره وطعامه .
قال عنه تعالى: "فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( البقرة ، 259 ) والتبين من الإبانة التي هي صفة النور .


رابعا : ما علاقة عزير بعلم الزمان الإدريسي الشمسي ؟
في يوم أو بعض يوم انطوت مائة سنة في مشهد عزير لما مات كما ورد في القرآن .
وعلم الزمان وطيه ونشره من فروع علم الدهر الأول الذي عنه تكونت الدهور .
وهو من أخص العلوم الإدريسية كما سبق ذكره وخليفة إدريس المسمى المستسلم للقضاء والقدر ما مات حتى علم 36500 علما من تلك العلوم حسبما قاله الشيخ في الباب 15 من الفتوحات وهذا العدد موافق لعدد الأيام التي ماتها عزير قبل عودته للحياة مائة سنة أي 36500 يوم.
 
خامسا : لماذا خصص الشيخ فقرة طويلة للولاية في هذا الباب ؟
أثبت المراتب وأدومها وأوسعها هي دائرة القطبانية التي لها هذا الباب الأوسط الرابع عشر . وكذلك هي الولاية التي هي الفلك المحيط العام الدائم من اسمه تعالى :
الولي والتي من أعز علومها علم سر القدر ، خلافا لنبوة التشريع والرسالة المنتهيين بنهاية يوم القيامة ولهذا رفع إلى  هذا المكان القطبي القلبي إدريس لأنه ليس برسول مشرع وإنما هو ممثل للولاية البشرية السماوية الدائمة .
كما أن الخضر ممثل للولاية البشرية الأرضية الدائمة حسبما فصله الشيخ في الباب 73 من الفتوحات .
وكذلك عزير ليس بمشرع بل مجدد لنور التوراة .
وهذا التجديد هودور الأولياء في كل زمان كما عبر عنه البوصيري رحمه اللّه في همزيته :
كيف نخشى بعدك الضلال وفينا   ...... وارثو نور هديك الأولياء
 
سادسا : هل لهذه المرتبة الإدريسية لقطبية الولاية الدائمة مظهر عكسي ظلماني سفلي يقاوم نورها الشمسي ؟
نعم للولاية الشيطانية قطبها الممثل لاستمراريتها وهو الدجال الأعور ومركزه في جزيرة الشمال وله مراكز ثانوية مبثوثة في العالم منها سبعة رئيسية مقابلة لمراكز أقاليم الأبدال السبعة الذين هم على أقدام أقطاب السماوات السبعة .
ومن هذه السباعية لم يذكر الشيخ لإدريس مداوي الكلوم - في الباب 15 من الفتوحات - إلا ستة خلفاء . فهو سابعهم .....
ومن هذه المقابلات ذكر الشيخ عبد الكريم الجيلي في الانسان الكامل أن عرش إبليس يوجد في الأرض الرابعة قطب الأرضين السبعة . . .
ودركته في النار هي الرابعة ليذوق كل أنواع العذاب من فوقه ومن تحته لأنه - كما يقول عنه الشيخ في الباب 61 -:
 " إن أشد الخلق عذابا في النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وسبب ذلك أنه مخلوق من نار فعذابه بما خلق منه " . . . "
فعذاب إبليس في جهنم بما فيها من الزمهرير فإنه يقابل النار التي هي أصل نشأته " .
ولعلاقة إبليس والدجال باستمرارية الولاية الشيطانية .
والجنة والنار ذكر الشيخ في آخر هذا الفص النبي المبعوث يوم القيامة لأصحاب الفترات والمجانين فمن اقتحم ناره دخل الجنة ومن أبى دخل النار . . .
وكذلك الدجال عند ظهوره في آخر الزمان له جنة ونار .
فمن دخل جنته وجدها نارا ومن دخل ناره وجدها جنة . . .
وفي كل هذا تمهيد من الشيخ للدخول في فص عيسى الموالي إذ هو عليه السلام الذي يقتل الدجال ويختم الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان.

 
سابعا : ما نسبة منزلة السماك الأعزل من برج السنبلة مع هذا الفص ؟
الجواب - واللّه أعلم - من حيث النفس اللفظي : كلمة " سمك " تعني رفع
يقال : سمك اللّه السماء أي رفعها ، وسمك البيت سقفه . فالسماك هو المرتفع.
وقد وصف الحق تعالى مرتبة سماء هذا الفص الإدريسية بالمكان العلي المرتفع فقال عن إدريس :" وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا" سورة مريم .
 

14 : سورة فص عزير عليه السلام
هي سورة العاديات المناسبة لوسطية مرتبة هذا الفص الشمسي من آيتها الخامسة : " فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً " ( العاديات ، 5 ) والمناسبة للاسم " النور"  الممد لشمس هذا الفص من آيتها الثانية : " فَالْمُورِياتِ قَدْحاً" (العاديات ، 2 ) .
وإلى هذه الأنوار يشير في قوله : " فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك . . . " .
ولهذا نجده في الوصل الخامس عشر من الباب 369 وهو المخصوص بالعاديات يبدأه بقوله :
" من خزائن الجود وهو ما تخزنه الأجسام الطبيعية من الأنوار التي بها يضيء كونها " إلى آخره .
ويرجع إلى هذه الأنوار في الباب 284 الخاص بمنزل العاديات ، وفيه يقول :
وأورى زناد الفكر نارا تولدت  .... من الضرب بالروح المولد عن جسم

فسبحان من أحيا الفؤاد بنوره   .... وخصصني بالأخذ عنه وبالفهم
وكلامه في هذا الفص حول النبوة العامة وفلك الولاية المحيط العام مناسب للفلك الشمسي العام المخصوص بهذه المرتبة القطبية الرابعة عشر كما يشير إلى مقام القربة للسابقين من قوله تعالى في سورة الواقعة الآية ( 10 - 11 ) "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ " هو


سباق "وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ( 1 ) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ( 2 ) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً "( العاديات ، 1 - 3 ) في حلبة العلوم الدينية والأخلاق الإلهية التي أشار إليها في أبيات الباب المذكور كقوله :
تجارت جياد الفكر في حلبة الفهم  ..... تحصل في ذاك التجاري من العلم
بأسرار ذوق لا تنال براحة  ...... تعالت عن الحال المكيف والوهم
 
وكقوله فيه أيضا :
فكم لنا مآثر    ..... منصوبة مثل العلم
ليهتدى بضوئها  ..... في عرب وفي عجم
معلومة مشهورة  ..... مذكورة بكل فم
 
وأما علاقة " العاديات " بسر القضاء والقدر موضوع الفص فتظهر في كلماتها : " العاديات - الموريات - المغيرات . . . "
لأنه مما يجري على الألسنة قولهم : " جرت المقادير بكذا - وسبق القضاء بكذا " فالمقادير الجاريات هي العاديات وسوابق القضاء هي الموريات المغيرات ولهذا جعل الشيخ عنوان منزل هذه السورة في الباب 284 " المجاراة الشريفة وأسرارها " .
وأما كلام الشيخ حول قصة عزير القائل :
" أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" ( البقرة ، 259 ) وموته ثم بعثه في الدنيا وحفظه في صدره للتوراة فمن الآيتين :" أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ ( 9 ) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ" ( العاديات ، 9 - 10 )
وكلام الشيخ حول الذوق كقوله :
" الإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال الا بالذوق  .. فان الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق .. الاستعداد الذي يقع به الإدراك الذوقي " فمرجعه للاسم " الخبير " من الآية الأخيرة :" إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ" ( العاديات ، 11 ) لأن الخبرة هي الإدراك الذوقي .


وإلى هذا الذوق يشير في الأبيات الأولى من باب منزل العاديات 284 فيقول :
تعالت عن الحال المكيف والكم  ..... بأسرار ذوق لا تنال براحة
 
وكما قارن الشيخ في هذا الفص بين الولاية والنبوة والرسالة فكذلك في الباب " 284 " - أي منزل العاديات - تكلم على الفرق بين الأولياء والأنبياء ، وفيه أشار إلى مرتبته الشمسية أي مرتبة خاتم الولاية المحمدية فقال :
أغار  على جيش   الظلام .....   فأسفر عن شمسي وأعلن  عن
فقمت على ساق الثناء ممجدا .....  فجاءت بشارات المعارف بالختم ".
 
علاقة فص عزير عليه السلام بلاحقه
سورة " العاديات " نزلت مباشرة بعد سورة " العصر " .
كذلك تجاور فصا السورتين : فسورة فص عيسى التالي هي " العصر " .
وقد تكلم الشيخ في هذا الفص عن مسألة تعلق القدرة بالمقدور لتكوين الأشياء ، وهو ما ظهر به عيسى في إحيائه للموتى وخلقه للطير بإذن اللّه تعالى .
وفي هذا الفص إشارات لكلمة " العصر " والزمان بذكر الوقت والحال وذكر اليوم في آخر الفص :
لا تسمى مفاتيح إلا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء ، أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور.... يوم يكشف عن ساق ...... يوم القيامة " .


ولهذا الفص الشمسي علاقة بفص " إلياس " الثاني والعشرين لأن إلياس صعد على فرس النار إلى سماء النور أي فلك الشمس المتوجه على إيجادها اسمه تعالى " النور " .
ولهذا نجد الشيخ في آخر فص إلياس يتكلم عن التحقق بالحيوانية .
ومن الحيوانات : " العاديات ضبحا " أي جياد الجهاد .
ولهذا سمى الشيخ سورة " العاديات " في الباب 22 : "منزل النفوس الحيوانية ".
وجريان الجياد في الميدان يشبه جريان الشمس في الفلك .


ومن أسماء الشمس الغزالة يقول الشيخ في ديوانه :
" من روح سورة العاديات :
ألا إن علم الصبح يعسر دركه  .... كشقشقة الفحل الغبيق إذا رغا   
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين ديسمبر 16, 2019 10:11 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين ديسمبر 16, 2019 10:04 am

15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص العيسوي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
15 - فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
المرتبة 15 لفص حكمة نبوية في كلمة عيسوية من الاسم المصور والسماء الثالثة ومنزلة الغفر وحرف الراء
ذكرنا علاقة "المحصي" بالكتابة . والكتابة تصوير للحروف : الحروف الرقمية في قرطاس ، والحروف اللفظية في الهواء ، والحروف الخيالية في الخيال والحروف الكونية في كتاب الوجود الكبير .
فظهور المحصي يستلزم ظهور الاسم المصور فله المرتبة 15 وبتوجهه وجدت حضرة التصوير في الدنيا وهي السماء الثالثة وكوكبها الأزهر : الزهرة وقطبها المخلوق في أجمل صورة يوسف عليه السلام ولها ليلة الثلاثاء ونهار الجمعة أحسن الأيام الذي خلق اللّه فيه الإنسان في أحسن تقويم .
لهذا افتتح هذا الفص بتصوير عيسى في بطن أمه وكل الباب يدور حول مفهوم ومعاني  
الصورة فتكررت فيه كلمة : صورة أكثر من ثلاثين مرة .
يقول الشيخ عن هذا التوجه للاسم المصور : " وكان ظهور ذلك في منزلة الغفر وأوحي فيها إظهار صور الأرواح والأجسام والعلوم في العالم العنصري .
وعنها ظهر حرف الراء " . . . والراء من أنسب الحروف للمصور لأنه حرف الرؤية التي بها يتم شهود الصور وهو الحرف المكرر والصور تتكرر في كل آن مختلفة على نفس العين .
وفي القرآن كثيرا ما يقترن التصوير بالحسن كقوله تعالى :" وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ" ( غافر ، 64 ) ، . . .
ولاقتران البصر برؤية الصور في هذه السماء اليوسفية نجد الشيخ في كتاب العبادلة يخصص بابا عنوانه : " عبد اللّه بن يوسف بن عبد البصير " . .
وأقرب الأنبياء نسبة إلى حضرة التصوير الزهرائية هو عيسى عليه السلام لأنه خلق من تصور جبريل إلى مريم ونفخه فيها فكان يصور من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيكون طائرا بإذن اللّه تعالى ، ولهذا سرى سلطان اسمه تعالى المصور في المسيحيين فصوروا في كنائسهم التصاوير وظهرت في صناعاتهم عجائب التصوير كما ذكره الشيخ في الباب 36 من الفتوحات .
 
وفي كتاب العبادلة نجد العنوان : " عبد اللّه بن عبد اللّه بن عبد المصور " يعني بعبد اللّه عيسى الذي قال :"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"( مريم ، 30 ) لهذا كانت حكمة فصه نبوية فبدأت نبوته بولادته.
وكلمة " نبوية " مشتقة من نبأ ينبو أي ارتفع وعلا لأنه رفع إلى السماء وخص بولادة من نفخ جبريل وخص بختام دورة الملك السابقة والممهدة للدورة المحمدية كما خص بختمه الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان كمقرر للشرع المحمدي .


فيكون كما قال عنه الشيخ في الباب " 480 فتوحلت " " من الفائزين برؤية الحق تعالى في الصورة المحمدية بالرؤية المحمدية " ، وهي أشرف رؤية وأكملها . . .
ولهذا جمعت مرتبة هذا الباب الكلمتين العيسوية والمحمدية حسبما أشار اليه في أواخر الفص عند قوله : " ثم قال كلمة عيسوية محمدية . . . " لا سيما وأن لهذه السماء اليوسفية الزهرائية يوم الجمعة المخصوص بالأمة المحمدية . . .
 
وهي أيضا سماء الجمال والزينة والنكاح فذكر في هذا الفص أصناف النكاح الروحاني والبشري والطبيعي والعنصري . . .
 
وفي أواخره كرر كلمات ستر وحجب وغفر وغيب ومشتقاتها وهذا مناسب لاسم المنزلة الفلكية لهذا الباب أي منزلة الغفر في برج الميزان ، وهو البرج المناسب لليل الغيب في مقابلة برج الحمل المناسب لنهار الظهور الربيعي . . .
 
وقد بين الشيخ في الباب " 12 ف " أن بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كانت عند مطلع حكم الميزان ، كما حقق بعض الفلكيين أن مولده صلى اللّه عليه وسلم كان عند طلوع الغفر من برج الميزان ودخول الشمس درجة شرفها من برج الحمل . . .
فمنزلة الغفر جامعة للكلمتين المحمدية والعيسوية . . .
  
وفي الفص مقارنة بديعة بين كيفية خلق عيسى بالنفخ الجبريلي في مريم وخلق العالم الطبيعي بنفخ الروح الكلي في الصور الطبيعية وأول مولود كان الشكل الكلي في صورة الجسم الكلي المحيط . . .
ومن هذه العلاقة تكلم في هذا الفص عن الطبيعة المناسبة لمريم ، كما تكررت فيه كلمة حكمة ومشتقاتها لأن الاسم المتوجه على إيجاد الشكل الكلي هو الحكيم ، وفصه فص إسحاق عليه السلام
 . . . فالبداية بالحكمة والنهاية بالصورة فكان إسحاق والد إسرائيل ومدده من الاسم الحكيم ، وكان عيسى خاتم رسل بني إسرائيل ومدده من الاسم المصور مبشرا بإتيان كمال الصورة الأحمدية . . .
ومن هذه العلاقة بين حكمة إسحاق وصورة عيسى نجد الشيخ يكثر من الشعر في فصيهما . ففيهما من الأبيات أكثر من جميع الأبواب الأخرى : ففي فص إسحاق :
27 بيتا وفي فص عيسى 25 بيتا ،
وسبب هذا أن الشعراء يستمدون من هذه السماء الثالثة حسب ما ذكره الشيخ في عدة مواضع لأنها سماء الخيال والحسن وجمال التصوير كما سبق ذكره .
والشعر كلام مقيد بشكل الوزن والقافية ، فهو تحت حكم الاسمين : الحكيم  و المصور
وهذه السماء الثالثة هي سماء الخيال والمرائي في النوم وإليها أشار في قوله :
والعلم بالبرهان في  ..... سلخ النهار لمن نعس
فيرى الذي قد قلته  ..... رؤيا تدل على النفس
وفي الفصوص 19 بابا تحتوي على أبيات شعر مجموعها 132 .
والعدد 132 هو عدد اسم ( محمد ) - باعتبار تضعيف الميم - أو عدد ( اللّه اللّه ) أو عدد ( إسلام ) أو عدد ( قلب ) .
وإذا كان لهذه السماء بنفسها العيسوي وروحها اليوسفي إمداد الشعراء فللسماء التي تحتها أسماء الكاتب بنفسها السليماني وروحها العيسوي إمداد الكتاب والخطباء .
وكتمهيد للدخول لفصها تكلم الشيخ في آخر هذا الباب عن النطق والإجابة واللسان والسمع . . .
وحضرة النطق من أنسب الحضرات لسليمان الذي قال :"عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ"( النمل ، 16 ) .
 
 
15 - سورة فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
صرح الشيخ في كتابه " التنزلات الموصلية " أن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى البرزخية المخصوصة بالكمال لاعتدال ظهور الشمس في وقتها .
وذكر أنها تناسب عيسى عليه السلام في سمائه الثانية سماء الاعتدال والوسطية لأنها سماء المزج تجتمع فيها كل الطبائع كامتزاج عيسى من الروحانية الجبريلية والبشرية المريمية . ولكوكبها الكاتب نهار الأربعاء أوسط الأيام إذ قبله ثلاثة الأحد أولها وبعده ثلاثة السبت آخرها . . .
كذلك في الباب " 281 " من الفتوحات المخصوص بسورة " العصر " يصرح الشيخ بأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى وهي أنسب الصلوات للإنسان الكامل المعصور من تقابل ذات عبد مطلق مع ذات حق مطلق فقال :
صلاة العصر ليس لها نظير   ...... لنظم الشمل فيها بالحبيب
هي الوسطى لأمر فيه دور   ...... محصلة على أمر عجيب
وفي الباب " 22 " من الفتوحات أشار لسورة العصر بمنزل الصلاة الوسطى . ومن الاتفاق أن عدد كلمة " عصر " هو .
 360 المشير لكمال درجات الدور المذكور في البيت السابق وهو عدد كلمة : ( لعمرك ) من الآية 72 من سورة الحجر .
والعدد الصغير لكل منهما هو 18 أي عدد اسمه تعالى : ( حي ) . فعمر النبي صلى اللّه عليه وسلم هو العصر الحي المقسم به .
وبدأ الباب بذكر عيسى عليه السلام وقارن قوله بقول سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم في شأن الصدقة ، إشارة إلى أن مرتبة العصر الوسطى الكمالية مشتركة بينهما وهو عين ما ذكره في أواخر هذا الفص بدءا من قوله : " كلمة عيسوية محمدية " . . .
 
فسورة هذا الفص هي سورة " العصر " . والاسم الحاكم عليه " المصور " وفي ذلك الباب " 281 " ذكر الشيخ إسرافيل عليه السلام لعلاقته مع عيسى عليه السلام إذ كلاهما يحيي الصور بالنفخ بإذن اللّه تعالى ولهذا يقول الشيخ في الباب " 73 " أن كل ولي على قدم عيسى فهو على قالب إسرافيل . . .
وجل هذا الفص مداره حول سر النفخ وحياته بروح اللّه تعالى .
وقول الشيخ : " فتارة يكون الحق فيه متوهما - اسم مفعول - وتارة يكون الملك فيه متوهما . . . . . فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد ، وبعضهم إلى الطرف الآخر ، وبعضهم يحار في الأمر ولا يدري . . . " هذا مناسب للاختلاف والحيرة الواقعة بين الفقهاء في مسألة تحديد بداية ونهاية صلاة العصر وقد فصلها تفصيلا واسعا في الوصل الخاص بوقت صلاة العصر من باب الصلاة أي الباب " 69 " من الفتوحات .
 
وفي آخره تكلم عن نور الهداية الإلهية والنور المطلق وهو نظير كلامه في هذا الفص على الحياة الإلهية العلمية النورية التي قال اللّه فيها
"أوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ" ( الأنعام ، 122 ) والحيرة في وقت صلاة العصر هي نفس الحيرة الواقعة في تحديد مفهوم معنى " العصر " أي الوقت أو زمان الآن الحاضر فهو كالنقطة المتوهمة بين ماض انعدم ومستقبل معدوم فمثله مثل الإنية الشخصية الوهمية الظاهرة بين اسمه تعالى " الأول " واسمه " الآخر " ولهذا عبر الشيخ في كتابه " مشاهد الأسرار " عن العبد بأنه العدم الظاهر .
 
ثم إن الحيرة متعلقة بالتنزيه وهو ما شرحه الشيخ في باب منزل سورة " العصر " - الباب 281 " - حيث يقول عن صلاة العصر : " فقربت من التنزيه عن تقييد الحدود فعظم قدرها النبي صلى اللّه عليه وسلم للمناسبة في نفي تحقيق الحدود . . . "
 
ومن هذا الأصل حارت النصاري في طبيعة عيسى بن مريم عليهما السلام فاختلطت بين طوائفهم الحدود بين اللاهوت والناسوت ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بكلام بديع حول حوار عيسى والحق تعالى يوم القيامة في شأنهم . . . .
 
علاقة هذا الفص بلاحقه
تكلم الشيخ في هذا الفص عن كلمة " كن " المتحقق بها عيسى عليه السلام ، وهي كالبسملة للعارف إذا أراد التكوين .
فافتتح فص سليمان الموالي بالكلام عن البسملة ، ونسب حكمته للاسم " الرحمن " وفي هذا الفص توسع الشيخ في الكلام عن النفس لأن نفس عيسى من نفس الرحمن الحاكم على فص سليمان .
 
وفي أواخر هذا الفص تكررت كلمة " شهيد ومشهود " كتمهيد للدخول إلى سورة فص سليمان ، أي الهمزة التي في وسطها كلمة الاطلاع على الأفئدة - والهمزة تتلو العصر كتتالي فصيهما . وختم الفص بالكلام عن النطق الذي به افتتحت سورة الهمزة :" وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " ومن النطق الهمز واللمز .
وقال سليمان : " علمنا منطق الطير " - الآية 16 من النمل .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 16 - فص رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين ديسمبر 30, 2019 7:39 pm

16 - فص رحمانية في كلمة سليمانية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص السليماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
16 - فص رحمانية في كلمة سليمانية
المرتبة 16 : لفص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية من الاسم المحصي وسماء الكاتب وحرف الطاء ومنزلة الزبانا
المبين المتين هو الذي به تتميز الأشياء بقبضها في حدودها . ولا تتميز الأشياء إلا بمعرفة كيفياتها وكمياتها وهذا يستلزم ظهور الاسم المحصي.
فله الرتبة 16 قال تعالى :وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً( الجن ، 28 ) ،
وقال عن الكتاب :لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها( الكهف ، 49 ) ،
وقال عن اللوح المحفوظ :وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ( يس ، 12 ) ،
وقال :وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً( النبأ ، 29 ) ، والمحصي هو المتوجه على إيجاد السماء الثانية وكوكبها المسمى الكاتب ، للعلاقة بين وظيفة الكاتب وفعل الإحصاء لأن الكاتب هو الذي يحصي الحروف ويجمعها ولهذا فإن الخطباء والكتاب يستمدون من هذه السماء حسب ما نبه عليه الشيخ في عدة مواضع .
ولهذا نجده في حضرة الإحصاء من الباب 558 من الفتوحات يقول :
( وهذا مقام كاتب صاحب الديوان كاتب الحضرة الإلهية وهذا الكتاب هو الإمام المبين. . إلخ) .
وليلة هذا الكوكب هي ليلة الأحد ونهاره الأربعاء ، وقطب هذه السماء عيسى ومعه يحيى عليهما السلام وأنسب الأنبياء لنفسها الرحماني سليمان عليه السلام ولهذا جعل فصه لمرتبتها . فما السر في تطابق نفس سليمان مع عيسى في سماء الكتابة ؟
الجواب - واللّه أعلم - هو سر الجمعية من الاسم المحصي .
 
فلروح اللّه عيسى - مثل إسرافيل نافخ الأرواح ، ومثل الإمام المبين معدن النفوس - رقائق ممتدة إلى جميع الحضرات .
وكذلك هذه السماء الثانية تتميز عن السماوات الأخرى بكونها حضرة الجمع لكل ما تفرق في غيرها لاستمداد وجودها من جمعية المحصي التي تستلزم الإحاطة .
وأخو المحصي من الأسماء هو الاسم المحيط كما ذكره الشيخ في حضرة الإحصاء من الباب 558 حيث يقول : ( يدعى صاحبها
عبد المحصي وهي حضرة الإحاطة أو أختها لا بل هي أختها لا عينها قال تعالى :وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً( الجن ، 28 ) ، وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو عيسى من حيث روحه وسليمان من حيث نفسه لأن عيسى ممتزج النشأة بين روحانية جبريل النافخ في أمه وبشرية مريم عليهم السلام .
وإليه انتهى نفس الرسالة في دورة الملك التي مهدت لظهور الرسول الخاتم صلى اللّه عليه وسلم . وإلى عيسى أيضا ينتهي نفس الولاية العامة آخر الزمان عند نزوله في مقام القربة من الأمة المحمدية .
 
فهو جامع لمراتب الروحانية والبشرية والرسالة والولاية ومن جمعيته بالحق تعالى أحيا الموتى بإذن اللّه الذي رفعه إليه وأسكنه السماء الثانية التي يسميها الفلكيون سماء المزج لأنها جامعة لكل الطبائع والأوصاف فهي نارية هوائية مائية ترابية وكوكبها ليلي نهاري ينقلب مع كل أمر حسب وصفه وهو أيضا ذكر وأنثى حسب تقسيم الكواكب والبروج إلى مذكر ومؤنث .
وأما سليمان فقد ظهر عليه الاسم المحصي حسا ومعنى ظاهرا وباطنا وعبر عن ذلك هو نفسه في قول القرآن :وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ( النمل ، 16 ) .
قال المفسرون في قوله وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي من كل ما يحتاج الملك إليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والإنس والطيور والوحوش والرياح والشياطين والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات.
فأحصى سليمان في ملكه ما لم يؤت أحد بعده مثله من حيث الظهور به .
وهذا ما أكده الشيخ داخل هذا الفص .
ومن سر جمعية المحصي سمي كوكب هذه السماء الكاتب ومعنى كتب في اللغة جمع وضم ، فسمي الكتاب كتابا لجمعه أنواعا من الجمل التي تضم كلمات وحروفا.
 وسميت جماعة الجنود المنظمة كتيبة . . . والمنزلة الفلكية لهذه المرتبة هي الزبانا وسط برج الميزان . والميزان هو آلة الإحصاء .
والزبن في اللغة الدفع والضم والجمع ولها حرف الطاء الذي عدده تسعة آخر الآحاد فهو أنسب الأعداد للإحصاء والإحاطة .
والفلك التاسع هو المحيط العرشي وإلى إحصائه وإحاطته.
يشير الشيخ في تعريف حرف الطاء في الباب 2 من الفتوحات :
في الطاء خمسة أسرار مخبأة  ... منها حقيقة عين الملك في الملك
والحق في الحق والأسرار نائبة ... والنور في النار والإنسان في الملك
فهذه خمسة مهما كلفت بها ...  علمت أن وجود الفلك في الفلك
وقد اقترن سليمان بالكتاب في سورة النمل الآية 28
"اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ " وصاحبه الذي عنده علم من الكتاب أتى بعرش بلقيس قبل ارتداد الطرف .
ولهذا استفتح الشيخ هذا الباب بالكلام على الكتاب السليماني الذي فاتحته البسملة الجامعة لأسرار القرآن الجامع والجامعة لرحمتي الوجوب والامتنان .
ولهذا نسب الشيخ هذا الفص إلى الحكمة الرحمانية لتحقق سليمان كمال التحقق برحمانية البسملة :" إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ " ( النمل ، 28 ) ، وباسمه الرحمن استوى الحق تعالى على العرش المحيط .
والاسم المحيط أخو المحصي هو المتوجة على إيجاد العرش .


فمن هذه العلاقة : محيط - عرش - رحمان - بسملة - سليمان - محصي " كانت حكمة سليمان رحمانية فأسبغ اللّه عليه الرحمة المعنوية والحسية وخصه بأنواع الرحمات العامة والخاصة الذاتية والصفاتية وسخر له العوالم برحمته فهو " النعمة السابغة والحجة البالغة والضربة الدامغة " واستواء سليمان على عرش ملكه يلوح لاستواء الرحمان على العرش العظيم .
ومن أتم مظاهر نفس الرحمن في عالم الإنسان كلمة اللّه عيسى قطب هذه السماء . . .
فجاءت حكمة سليمان رحمانية لكمال ظهوره بالتحقق بالاستواء العرشي وظهرت رحمة البسملة السليمانية في بلقيس حين أسلمت مع سليمان للّه رب العالمين .
فكما جمع كوكب عطارد الكاتب بين الأنوثة والذكورة جمع هذا الفص عرش بلقيس مع عرش سليمان .
 
وذكر الشيخ للعرش فيه إشارة لعلاقة هذا الفص بالاسمين " المحيط المحصي " .
وأكد هذه الإشارة بذكره للأعضاء الثمانية تلويحا لحملة العرش الثمانية .
وفلك هذه السماء هو الثامن بدءا من الفلك الأطلس ونزولا منه
ولهذا فإن علماء الحروف والأوفاق يخصون كوكب الكاتب بالوفق المثمن ويوم الأربعاء .
ثم ذكر الشيخ أن للكتابة مظهرها الإلهي فأورد الآية :" كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " ( الأنعام ، 12 ) ، وتكلم على الفرق بين تصرف الجن والأنس وعلى تمثل المعاني صورا في عالم المثال كتمثل العلم لبنا لأن من الأمور المخصوصة بهذه السماء سر التصريف في الروحانيات واستنزالها والتحكم في الجن وتسخيرهم وحقيقة الخيال المنفصل والمتصل وكل ما يتصل بالتمثيل الحقيقي والوهمي والبرزخي وعلوم السحر والسيمياء والتصرف بالحروف والكلمات .
 
وهذا العلم أي علم أسرار الحروف هو من العلوم السليمانية والعيسوية كما ذكره الشيخ في الباب 20 من الفتوحات لأن عيسى كلمة اللّه فكان يقول للشيء كن فيكون بإذن اللّه .
وكن عند العارف السليماني هي عين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كما ذكره الشيخ في الباب 288 من الفتوحات .
 
ومما يؤكد مرة أخرى أن لسليمان حضرة الإحصاء الجامعة ما قاله الشيخ في تسخير الريح له فهي تجري بأمره من غير جمعية ولا همة بل بمجرد الأمر .
فهو لا يحتاج إلى جمعية لأنه هو عين الجمعية .
والذي هو متفرق في الفرق هو الذي تلزمه الجمعية . . . ولهذا أكثر الشيخ من ذكر كلمات مشتقة من " جمع " في هذا الفص فقال : 
" فعلمنا أنه ما اختص إلا بالمجموع من ذلك . . . وقد يختص بالمجموع والظهور . . . كالآية الجامعة للنفي والإثبات . . . نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم النفوس إذا أقيمت مقام الجمعية . . . " .
 
وإذا كان لسليمان الإحصاء والجمع وبسملة القرآن ، فلوالده داود صاحب الفص المجاور التفرقة والإبانة ومنازل الفرقان في سماء القمر الآدمية بمنازلها الثمانية والعشرين فجاءت حروف سليمان مجتمعة وحروف داود متفرقة فالفصان متكاملان تكامل الحكم والعلم والفهم وتكامل الوجود الفرقاني الداودي والجمع القرآني السليماني .
 
وهو ما جمعه الكامل المحمدي في قوله في هذا الفص : 
" فأعطيت هذه الأمة المحمدية رتبة سليمان عليه السلام في الحكم ورتبة داود عليه السلام . فما أفضلها من أمة " . . . 
وختم بالمقارنة بين المطلب السليماني والمطلب المحمدي وهما الملك والعلم وتكلم على الزيادة في العلم وفي عدة مواضع من الفتوحات يشبه الزيادة من العلم باللّه تعالى ومنازله بزيادة نور القمر
وفي هذا إشارة وتمهيد للدخول لفص سماء القمر الداودي .
 
16- سورة فص سليمان عليه السلام
هي سورة الهمزة التي لها الباب " 280 " في الفتوحات وبدأ الكلام فيه عن مسألة الغنى .
هذا الغنى الذي ظهر به على الكمال سليمان عليه السلام .
والغنى بالمال هو المذكور في آية الهمزة :الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ( الهمزة ، 2 ) فكلمة " عدده " مناسبة للاسم " المحصي " الحاكم على هذا الفص .
كما أن كلمة " جمع " مناسب لكلام الشيخ عن الجمعية ، كما أن كلامه حول طلب النبي صلى اللّه عليه الزيادة من العلم وطلب سليمان الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده مطابق تماما لما ذكره في الباب " 280 " المذكور أعلاه " ج ص 612 " .
وفي الفص كلام عن الحساب والمحاسبة مناسب للاسم المحصي ولآية "يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ( الهمزة ، 3 )
وقوله في آخر الفص : 
" لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه " يشير إلى أول السورة وآخرها :" وَيْلٌ. . .نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ( 6 ) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ( 7 ) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ( 8 ) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ" ( الهمزة : 1 - 9 ) .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
الرابطة بين هذا الفص وسابقه العيسوي تتمثل في الكلام عن جبريل الذي تمثل لمريم عليهما السلام ، وعن الخيال وتأويل المرائي ، وكل ذلك تابع للسماء الثالثة التي لها فص عيسى عليه السلام .


*وختم الفص بجزاء يوم الدين الذي هو فاتحة سورة فص داود الموالي أي سورة الماعون الآية ( 1 ) :أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ وكل من سورتي الهمزة والماعون تشتركان في كلمة " ويل " المتوجهة على البخلاء .17 :
فالأولياء بالنسبة للمريدين وعامة الناس امرهم كله غرابا.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالجمعة يناير 10, 2020 11:53 pm

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

17 - فص حكمة وجودية في كلمة داودية
المرتبة 17: لفص حكمة وجودية في كلمة داودية من الاسمين المبين والمتين وسماء القمر وحرف الدال ومنزلة الإكليل
 القابض هو الذي يجعل حدا معينا للمقبوض عليه فبالقابض تتبين الحدود فتتميز المراتب إذ أن لكل مرتبة قيود تقبضها في حدودها لتتميز .
أي أن الاسم القابض يستلزم ظهور الاسم المبين الذي به تتبين حقائق الأشياء متميزة عن بعضها البعض ، كما يستلزم ظهور الاسم المتين لأن الإبانة من مظاهر المتانة ، ولا معنى للقبض بدون متانة أي أن لا بقاء للمقبوض في القبضة إن لم يكن القابض متينا .
فلهذا كان "للمتين" المرتبة 17 . وهو المتوجه على إيجاد السماء الدنيا وكوكبها القمر وفلكه وليلته ليلة الجمعة ونهار الاثنين وحرف الدال ومنزلة الإكليل .
وقطب هذه السماء آدم عليه السلام . .
وللسماء علاقة بالمتين إذ أنها سقف مرفوع يستلزم قوة ، قال تعالى :" وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ" ( الذاريات ، 147 ) ،
أي بقوة كقوله تعالى :" داوُدَ ذَا الْأَيْدِ " ( ص ، 17 ) أي صاحب القوة .
ولهذا فإن أنسب الأنبياء لهذه المرتبة هو داود عليه السلام صاحب الكلمة الوجودية .
 
كذلك فللقمر علاقة بالمبين والمتين لأن القرآن وصف القمر بأنه نور وأهم صفة للنور التبيين والمتانة إذ لا قاهر للظلمات إلا النور رغم لطافته ، وقد قرن الحق تعالى النور الحق بالمبين فقال في الآية 25 من سورة النور " :وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ " وفي الآية 15 من المائدة :" قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ".
والمتين كما يعرفه الشيخ في حضرة المتانة من الباب 559 من الفتوحات - هو الثابت الذي لا تتغير عينه رغم تنوع صوره وتجلياته وآثاره فهو كالنور . . .
وعلاقة الثبات بداود تظهر في الرمزية الحرفية التي فصلها الشيخ في الباب 463 من الفتوحات خلال كلامه عن القطب الذي على قدم داود فيقول عنه : ( وماله علم يتقدم فيه على غيره إلا علم ثبوت المحبة الإلهية والكونية ولهذا كان في مقام التفرقة )
 . . . ( يقول هذا القطب أن الحب ما ثبت وكل حب يزول فليس بحب . . . إلخ )
وفي اسم داود كلمة : ( ود ) وهو ثبوت الحب ولهذا نجد في كتاب العبادلة عنوانا هو : ( عبد اللّه ابن داود بن عبد الودود ) . . .
ولمقامه في التفرقة صلة بالمبين إذ الإبانة تمييز وتفريق .
ولحاله في الحب والتفرقة خوطب بقوله تعالى : " تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ "( ص ، 26 )
 ومن الإبانة عن نعم اللّه الشكر ولهذا نجد في كتاب " العبادلة " عنوانا هو " عبد اللّه بن عبد الشكور ابن داود " لقوله تعالى :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً " ( سبأ ، 13 ) .
ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر والزيادة التي تنتج عنه . . . ومن المتين تكلم عن الشدة التي تميز بها داود وظهرت في آيات منها " وَشَدَدْنا مُلْكَهُ " ( ص ، 20 ) .
"وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ " ( سبأ ، 10 ) . " وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ " ( البقرة ، 251 ) .
فقال الشيخ : ( وأعطاه القوة ونعته بها ) أي من اسمه المتين .
وأعطاه الحكمة وفصل الخطاب أي من اسمه المبين .
ثم المنة الكبرى والمكانة الزلفى التي خصه اللّه بها التنصيص على خلافته .
ولهذه المرتبة فلك القمر خليفة الشمس وروح آدم خليفة الحق تعالى .
وبين آدم وداود علاقات كثيرة جلها تستمد من الاسمين المبين المتين . فمن المبين خص كلاهما بكمال النطق وحسنه .
ولذلك جعل الشيخ في الباب 73 من الفتوحات داود قطب عالم الأنفاس من الأولياء أصحاب العدد الثابت ويعني بعالم الأنفاس عالم الحروف اللفظية . . .
وأول من تلفظ بها هو آدم عليه السلام قال تعالى : " الرَّحْمنُ ( 1 ) عَلَّمَ الْقُرْآنَ ( 2 ) خَلَقَ الْإِنْسانَ ( 3 ) عَلَّمَهُ الْبَيانَ ( الرحمن ، 1 - 4 ) ، فلكون الإنسان خلق على صورة الرحمن كان نفسه الظاهر بالحروف مثلا كاملا لنفس الرحمن الظاهر بمراتب الوجود الثمانية والعشرين المناسبة لمنازل القمر ، لكل منزلة حرف . . .
 
ومن الاسم المبين أيضا كان لكل من آدم وداود مقام التفرقة ، حتى إن الشيخ رمز لاسم آدم في الباب 14 من الفتوحات باسم :
المفرق أي الذي منه تفرقت الذرية وبوجوده تبينت المراتب وتميزت درجات السعداء ودركات الأشقياء كما تبينت أسماء إلهية بآثارها التي لا ظهور لها إلا في الإنسان كاسمه تعالى : الجامع . . .
فبسريان نور الظهور في حضرات الأسماء تبينت مراتب الوجود في النفس الرحماني ، وبسريان القمر في دائرة الفلك تبينت المنازل الفلكية وبسريان الهواء عبر مخارج الحروف من نفس الإنسان تبينت الحروف . . .
ومن هذه التفرقة كانت حروف آدم وداود مفترقة .
 
وقد خصص الشيخ لرمزية حروفهما الباب 515 من الفتوحات
وقارن بينها وبين حروف محمد صلى اللّه عليه وسلم لاشتراكهم في الخلافة المنصوص عليها في القرآن فلآدم : "إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً " ( البقرة ، 30 ) " وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها "( البقرة ، 31 ) .
ولداود : " يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ " ( ص ، 26 ).
" وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ " ( ص ، 20 ) .
ولمحمد صلى اللّه عليه وآله وسلم : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ " ( الفتح ، 10 ) ،" "وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى" ( النجم ، 3 - 4 ) ،
وقوله صلى اللّه عليه وسلم :  أوتيت جوامع الكلم .
فانظر كيف قرن " شَدِيدُ الْقُوى " ( النجم ، 5 ) ، بالنطق لصلة المتين بالمبين . . .
ولا شك أن الخلافة تستلزم المتانة أي الشدة ولهذه الشدة التي ظهرت على داود كان اسمه الخاص به " عبد الملك " حسب ما ذكره الشيخ في الباب 270 من الفتوحات .
ومن المتين ظهر على لسان آدم ذكر :
لا حول ولا قوة إلا باللّه وهو الهجير الذي يستمد منه قلب كل خليفة لأنه قلب الأذكار
حسب ما ذكره الشيخ في الباب 466 .
وهو الذكر الذي علمه آدم للملائكة ليذكروه خلال الطواف بالكعبة .
ولأنه هو الذكر الذي علمه الملك من حملة العرش الأربعة الذي هو على صورة آدم ، علمه لبقية الحملة فأستطاعوا به حمل العرش حسب ما ذكره الشيخ في الباب 476 من الفتوحات.
 
وأما وصف حكمة هذا الفص بالوجودية فلعلاقة داود بالوجد والوجود .
فمن شدة وجده كان يسري حاله في ما يحيط به من أكوان فتسبح بتسبيحه الطير والجبال . . .
ثم إنه كما كملت مراتب الوجود بالإنسان فكذلك كملت مراتب الإنسان بالنطق والخلافة اللذين ظهر بهما على الكمال داود .
أي أنه بالكلمة الداودية تمت مراتب الوجود في الإنسان ، فحكمته وجودية .
والوجود فرقان لأن الخليفة لا يمكن له التصرف إلا في مقام التفرقة بخلاف الجمع الذي هو قرآن . . .
والمحمدي هو صاحب الجمع والوجود لتحققه بالقرآن والفرقان في عين العين
 وللخليفة المشيئة التي يسميها الشيخ أحيانا بالوجود . . .
لكل هذه الاعتبارات تكلم الشيخ في هذا الفص عن الشكر وعن حروف الأسماء وعن الشدة والحديد والدروع وعن الخلافة والهوى والمشيئة .
 
وختم الفص بتليين النار للحديد وفي هذا إشارتان :
الأولى : علاقة هذه السماء القمرية ذات النفس الداودي والروح الآدمي وبيان الحروف وشدة المتين ، علاقتها بالسماء الخامسة حيث روح هارون عليه السلام صاحب الفصاحة من الاسم المبين كما وصفه أخوه موسى عليه السلام :و " َأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً " ( القصص ، 34 ) ، وسماؤه بكوكبها الأحمر لها طبع النار ومعدن الحديد وهي سماء الحرب والجهاد  .
وكان داود مجاهدا صانعا للحديد حتى سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالصانع . . . ويسمي الشيخ سماء هارون أحيانا بسماء الخلافة لأن هارون كان خليفة موسى عليه السلام.
 
الثانية : في ذكر الشيخ للنار في آخر هذا الفص وللاسمين المنتقم الرحيم ، تمهيد للدخول في الفص 18 الموالي الموافق لمرتبة النار في فص يونس عليه السلام .
 
وهذه هي عادة الشيخ اللطيفة في التمهيد آخر كل باب للباب الموالي لإظهار الارتباط الوثيق والتسلسل المحكم البديع لمراتب الوجود .
وأما حرف هذه المرتبة فهو الدال الذي هو بداية ونهاية داود وقلب آدم .
 
وهو حرف الثبات والشدة لاستمداده من الاسم المتين وله عدد الثبات أي الأربعة التي بها قيام كل نشأة . . .
فالدال من الحروف المجهورة الشديدة المنفتحة المنسفلة ، وهو من حروف اسم الذات المقدسة لعدم اتصاله بالحروف . . .
وله منزلة الإكليل التي ثلثها الأول في برج الميزان الهوائي وثلثاها الباقيان لبرج العقرب المائي فالغالب عليها الرطوبة كسماء القمر . . .
ومعنى الإكليل التاج أو ما يوضع على الرأس فهو مناسب لمعنى الرئاسة والخلافة . . .
 
ولعلاقة الدال بالتربيع ذكر الشيخ في الفصل 27 من الباب 198 المناسب لهذه المرتبة أنه خلال تقييده رأى واقعة مدارها حول العدد أربعة .
 
فالرؤية وقعت في الليلة الرابعة من شهر ربيع الآخر ليلة الأربعاء عام 627 هـ - أي خلال كتابته للفصوص - فرأى ظاهر الهوية وباطنها في بساط نور في طبقات أربع من حيث شكلها وفي طبقات أربع من حيث روحها . . .
 
وفي هذا الفصل بين علاقة الحروف المقطعة في أوائل السور بمنازل القمر وكيفية العمل بها كما بين علاقة الحروف اللفظية بملائكتها ومراتبها الوجودية ،
وفصل مكانة الآدمي في الوجود وأن الخليفة هو الكلمة الجامعة وله من القوة بحيث أنه ينظر في النظرة الواحدة إلى الحضرتين الإلهية والكونية فيتلقى من الحق ويلقي إلى الخلق كما يتلقى القمر النور من الشمس ليلقيه على الأرض .



17 - سورة فص داود عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الماعون " التي مدارها حول أوصاف المكذب بالدين فبدأ الفص بذكر الوهب والجزاء ، والجزاء بعد الحساب من معاني كلمة الدين .
ولهذا بدأ الشيخ الباب 277 في الفتوحات وهو منزل سورة الماعون بقوله : " . . . إن العلم بالجزاء عن نور الإيمان لا عن نور العقل . . . " .
وجل الفص مداره حول الخلافة والرسالة والاجتهاد وكلها تابعة للقيام بالدين . . .
ومن معاني كلمة " الدين " الانقياد" ، فذكر انقياد الخلق لحكم الخليفة ، وعدم انقياد اليهود لعيسى عليه السلام .
 
وتكلم عن الشكور لأن جزاء الشكر الزيادة ، والجزاء هو الدين والقيام بالدين من الشكر كما قال صلى اللّه عليه وسلم لما تورمت قدماه من قيام الليل : " أفلا أكون عبدا شكورا " .
 
ويقال : " الصلاة عماد الدين وبرهانه الزكاة وروحه الإخلاص " وهذه هي الأعمال الظاهرة في سورة الماعون حيث إن فيها ذما للسهو عن الصلاة والبخل والرياء المناقضين للشكر وقد خاطب الحق تعالى آل داود بقوله :" اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ"(سبأ ،13).
 
ولعلاقة داود بالحكمة الوجودية نجد الشيخ يقرن سورة الدين - أي الماعون - بالعون وبالوجود فيقول في ديوانه : "
 من روح سورة الدين :
إن القبول للاقتدار معين .....  فيعان في حكم النهى ويعين
فالأمر ما بيني وبين مقسمي  .... فهو المعين وإنني لمعين
الحق حق فالوجود وجوده  ..... وأنا الأمين وما لدي أمين
دفع اليتيم محرم في شرعنا  ..... والشرع جانبه إليه يلين
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأحد يناير 19, 2020 6:40 pm

18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية و القرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص اليونسي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
18 - فص حكمة نفسية في كلمة يونسية
المرتبة 18 : لفص حكمة نفسية في كلمة يونسية من الاسم القابض وكرة النار وحرف التاء ومنزلة قلب العقرب
لا يستحق كمال الاستحقاق الاسم : الحي إلا من كانت له الحياة الذاتية وليس ذلك إلا للّه الأحد . وهذا يستلزم أن حياة الخلق مجازية زائلة في كل آن وهو ما يعبر عنه الشيخ بالخلق الجديد . 
فظهور الاسم الحي يستلزم ظهور الاسم القابض أي الذي يرجع إليه الأمر كله . فلهذا نجد هذا الاسم مسامتا للحي فله المرتبة 18 .
فعلاقة الحي بالقابض قريبة من علاقة المحيي بالمميت .
والقابض هو المتوجه على إيجاد ركن النار وحرف التاء ومنزلة القلب من برج العقرب بسمها الناري . . .
وإنما ظهرت النار من القابض لأنها هي أنسب المراتب للقبض .
فهي تقبض ما تحرقه إلى أن يصير مثلها .
وقد قرن القرآن كوكب الشمس الناري بصفة القبض فقال في الآيتن 45 و 46 من الفرقان عن الظل :ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ( 45 ) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً.
وأنسب الأنبياء لهذه الحضرة هو يونس عليه السلام لما ظهر عليه من قبض الغضب على قومه .
قال تعالى عنه َظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ( الأنبياء ، 87 ) ، أي أن لا نضيق عليه . والضيق قبض والقبض هو حال الخوف في الوقت ووارد يرد على القلب توجيه إشارة إلى عتاب وتأديب هكذا عرفه الشيخ في جوابه عن السؤال 153 من أسئلة الترمذي .
ثم ظهر عليه القبض حسا فقبض في ظلمات ثلاث كما هو الجنين في بطن أمه:
ظلمة بطن الحوت ،
وظلمة هيكل الحوت وجلده ،
وظلمة البحر إلى أن نفس اللّه عليه
كما نفس على قومه فرفع عنهم العذاب ومن هذا التنفيس جعل الشيخ حكمته نفسية .
وكذلك النار تحتاج إلى نفس يغذيها ، والنفس تحتاج إلى نفس يحييها . . .
وكل هذا الفص مداره حول كرامة هذه النفس عند باريها عز وجل . . .
 
وشبه جسم الإنسان ببيت المقدس إشارة إلى علاقة هذا الفص بمجاوره الداودي وذلك أن داود سفك دماء الكفار في سبيل اللّه تعالى فكان سببا لقبض أرواحهم .
يقال : قبض ملك الموت روح فلان عند موته ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص على الموت وأشار الشيخ في آخر هذا الفص للاسم القابض فقال : " فالكل في قبضته " كما أشار إلى نار هذه المرتبة في كلامه على نار إبراهيم ونار جهنم .
 
وأما كلامه على الذكر فلأنه سبب التنفيس وتزكية النفس والانعتاق من القبض ،
كما نادى يونس وهو في الظلمات :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(الأنبياء ،87 ) ، فنجاه من الغم وكذلك ينجي المؤمنين .
 
ملاحظة : علاقة هذا الفص بلاحقه الأيوبي هي علاقة الموت بالحياة.
فالموت عن صورة هو عين الحياة في صورة أخرى . . .
فالحي والقابض متلازمان كتلازم المحيي والمميت في فصي يحيى وزكرياء . . .
وقد تكرر اسم يونس واسم أيوب في القرآن بنفس العدد وهو أربع مرات . . .
 
ولتلازم وتكامل هذين الفصين كرر الشيخ فيهما الآية :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ( هود ، 123 ) وهي الآية التي ذكرها أيضا في فصل ركن الماء اليحيوي من الباب 198 .
فإليه تعالى يرجع الأمر كله إما بطريق الجلال والموت والنار اليونسي ، أو بطريق الجمال والحياة والهواء والنفس الأيوبي . . . لكن في كل جلال جمال وفي كل جمال جلال .
فجمال أيوب بسط بعد قبض المرض وفقدان الأهل والمال ،
وجلال يونس انتهى بجمال نجاته وسعادة قومه .
وتقلب يونس وقومه بين القبض والبسط مناسب لمنزلة القلب من برج العقرب ، فما سمي القلب قلبا إلا من تقلبه والقلب مصدر النفس فحكمته نفسية .


18 : سورة فص يونس عليه السلام
سورة هذا الفص هي سورة " المسد " المناسبة للاسم " القابض " الحاكم على هذا الفص والمتوجه على إيجاد فلك النار المناسب لأبي لهب.
فالمناسبة بين " المسد " و " النار " هي الآية :سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ( المسد ، 3 ) وقد تكلم الشيخ في أواخر الفص عن النار .
والمناسبة بين " المسد " و " القابض " هي الآية : " في جيدها حبل من مسد " فامرأة أبي لهب في قبضته . . .
والمناسبة بين " المسد " والحكمة " النفسية " بسكون الفاء هي أن المرأة ترمز عند الشيخ للنفس .
ولهذا نجده يجعل عنوان منزل سورة " المسد " في الباب " 273 " هكذا :
" منزل الهلاك للهو ى والنفس من المقام الموسوي " فأبولهب رمز للهوى وامرأته رمز للنفس الأمارة بالسوء وكلمة الهلاك تشير لفاتحة السورة : " تبت " . . .
والمناسبة بين " المسد " والحكمة " النفسية " بفتح الفاء هي من الآية فِي جِيدِها( المسد ، 5 ) والجيد محل جريان النفس وهو ما أشار إليه الشيخ في ذلك الباب 273 عند تعداده لعلوم سورة المسد ودخوله لبيت " في جيدها "
فقال : " ويقف على نفس الرحمن الذي أتى من قبل اليمن إلى الرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
 
وفي هذا الباب قال الشيخ : " فوقف الهوى . . . . وقال أنا الإله المعبود . . حتى توسط بحبوحة النار . . فهلك ومن تبعه بنعيم السعداء " .
فهذا الكلام مناسب لقوله في الفص :
" فنعيم أهل النار بعد استيفاء الحقوق نعيم خليل اللّه حين ألقي في النار . . . " إلى آخره .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
تكلم الشيخ في بداية هذا الفص عن داود الخليفة قاتل الكفرة وصاحب الفص السابق الذي ذكر فيه هو أيضا مسألة القتل ، ومحاولة اليهود قتل عيسى ،
وقوله صلى اللّه عليه وسلم : " إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما "
وختمه بذكر السنان والسيف والسكين والنصل .
وفي هذا الفص اليونسي أكد على كراهية القتل ولو كان شرعيا .
وفي هذا الفص ذكر للهلاك بالقتل والموت لأن الهلاك تباب ، وبه بدأت سورة الفص أي المسد حيث أن مفتاحها كلمة " تبت " أي هلكت .
وكتمهيد لفص أيوب التالي الذي سورته " الشرح " الآية ( 4 ) ذكر الشيخ في هذا الفص رفعة الذكر وحال الذاكر كتلويح للآية :وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ.
ونختم هذه الملاحظات بالأبيات الجميلة التي افتتح بها الشيخ باب منزل سورة المسد :
" 293 فتوحات " وهي:
 هلاك الخلق في الريح .....  إذا ما هب في اللوح
ولاذ بغير مولاه  ..... إله الجسم والروح
ووعر مسلكا سهلا   ..... بما قد جاء في نوح
وفي لوط فيا نفسي  ..... على ما قتله نوحي
ولولا العشق آداه   ...... بريق من سنا يوح
أشار بنوح ولوط لامرأتيهما الكافرتين كامرأة أبي لهب رمز النفس الأمارة بالسوء.
 
 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 19 – فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالإثنين يناير 27, 2020 3:50 pm

 19 – فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الأيوبي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
19 – فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
المرتبة 19 - لفص حكمة غيبية في كلمة أيوبية . من الاسم الحي وفلك الهواء وحرف الزاي ومنزلة الشولة .
فعل الإحياء لا يظهر الا ممن له الحياة الذاتية ، فهو لا يستمد حياته من غيره أي أن الاسم : المحيي يستلزم ظهور الاسم : الحي .
فلهذا جاءت المرتبة 19 للحي الذي هو أول الأسماء الصفاتية وينبوع الكمالات وإليه ترجع الأسماء الأمهات .
ولمكانته القطبية ظهر بتوجهه أقوى الأركان وأعمها وسبب حياة الكائنات جميعها أي الهواء الذي يقول عنه الشيخ في الفصل 29 ن الباب 198 باختصار : ( ولا يسمى الهواء ريحا إلا إذا تحرك وتموج .
وهو ذو روح يعقل كسائر أجسام العالم وهبوبه تسبيحه وما ثم شيء أقوى منه إلّا الإنسان حيث يقدر على قمع هواه الذي أوجده اللّه فيه فيظهر عقله في حكمه على هواه.
فإنه لقوة الصورة التي خلق عليها ، الرياسة له ذاتية ، ولكونه ممكنا الفقر والذلة له ذاتية .
فإذا غلب فقره على رياسته فظهر بعبوديته ولم يظهر لربوبية الصورة فيه أثر لم يكن مخلوق أشد منه .
فالهواء موجود عظيم وهو أقرب الأركان نسبة إلى نفس الرحمن .
وهو نفس العالم الكبير وهو حياته وله القوة والاقتدار ، وهو أقوى المؤثرات الطبيعية في الأجسام والأرواح . 
وهو أصل حياة العالم الطبيعي كما أن الماء أصل الصور الطبيعية . فصورة الهواء من الماء وروح الماء من الهواء . ولو سكن الهواء لهلك كل متنفس وكل شيء في العالم متنفس فان الأصل نفس الرحمن .

وجعله اللّه لطيفا يسوق الأرواح إلى المشام ويوجد النغمات فيؤثر السماع الطبيعي في الأرواح ويحرك ويطفي ويشعل وفيه تظهر صور الحروف والكلمات فلولا الهواء ما نطق ناطق ولما كان الباري متكلما ويحدث فيه صور الجنين في النكاح والثمر في اللقاح

قال تعالى :وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ( الحجر ، 22 ) ووصف الحق تعالى نفسه بأن له نفسا وإن كان ليس كمثله شيء ولكن نبه عباده العارفين أن علمه بالعالم علمه بنفسه ووصف نفسه سبحانه بأنه ينفخ الأرواح فيعطى الحياة في الصور المسواة فجاء بالنفخ الذي يدل على النفس .

فحياة العالم بالنفخ الإلهي من حيث أن له نفسا فلم يكن في صور العالم أحق بهذه الحياة من الهواء فهو الذي خرج على صورة النفس الرحماني الذي ينفس اللّه به عن عباده ما يجدونه من الكرب والغم الذي تعطيه الطبيعية ) انتهى .
وأنسب الأنبياء لهذا النفس الرحماني الهوائي هو أيوب عليه السلام الذي نفس عليه ما يجده من كرب المرض وغم فقدان الأهل والمال بعد أن قال له :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ( ص ، 42 ) ، فجعل الشيخ هذا الباب 19 للكلمة الأيوبية وبدأه بذكر سر الحياة ، أي الهواء الساري في الماء كسريان الاسم : الحي في الاسم : المحيي .

ثم أشار إلى علاقة هذا الفص بالهواء والنفس
فقال : " من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام " .
وفي أول الباب مقارنة خفية بين العرش المحمول على الماء ، والماء على الهواء ، وبين أيوب الذي انفجر الماء تحته فسرى فيه نفس الرحمة والحياة ،
وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان الكامل مكتنف بالرحمة من جميع جوانبه كالعرش إذ كلاهما مجلى استواء الرحمانية ومن تحتهما تتفجر مياه الحياة الأزلية . . .
وأما وصف حكمة أيوب بالغيبية فلأنّ أقرب الأركان للغيب هو الهواء لأنه هو أصل الأركان والأصل غيب الهوية ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص على الهوية
فقال : فالعارف لا يحجبه سؤال هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة .
وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ، فإن للّه أمناء لا يعرفهم الا اللّه ويعرف بعضهم بعضا

( وكتم أسرار الأمانة من مظاهر الغيب الدال على أن صاحبه ممن ملك هواه . يقال : الريح نمامة أي تشيع الخبر والروائح والأنغام كما يشيع النمام الحديث . . . والأديب الأمين بتحكيم عقله على هواه كاتم للأسرار فباطنه غيب . . . ) وقد تكلم الشيخ في الباب 371 من الفتوحات المخصوص بسورة الرعد عن علاقة الهواء بالغيب

 فيقول : ( فالعرش إنما يحمله الماء الجامد ، والحملة التي له إنما هي خدمة له تعظيما وإجلالا . وذلك الهواء نفس الظلمة التي هي الغيب 
ولا يعلم أحد تلك الظلمة إلا اللّه كما قال :عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً( الجن ، 26 ) ، وفيها يكون الناس على الجسر إذا بدلت الأرض غير الأرض .

ويقول الشيخ في هذا الباب :
 فإن الهواء هو الأصل عندنا ولذلك هو أقرب نسبة إلى العماء الذي هو نفس الرحمن
فجمع بين الحرارة والرطوبة .
فمن حرارته ظهر ركن النار ،
ومن رطوبته ظهر ركن الماء
ومن جمود الماء كان الأرض .
فالهواء ابن للنفس وهو العماء
والماء والنار ولدان للهواء والأرض ولد الولد وهو ما جمد من الماء ).

( وأما علاقة أيوب بالغيب فلأن كل أحواله عطاء من الغيب بلا كسب كالأموال والبنين ثم الابتلاء بفقدهم وصبره على ذلك ثم كشفه الضر عنه بالماء المتفجر تحته وبإعادة أهله وأمواله ومثلهم معهم كل ذلك من يقينه بغيب اللّه فرحمه اللّه من غيبه .
حتى ورد في الحديث الذي رواه أحمد وابن أبي حاتم وابن حبان : ( لما عافى اللّه أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذ منه بيده ويحمل في ثوبه فقيل له : يا أيوب أما تشبع ؟   قال : يا رب ومن يشبع من رحمتك ) .

وأما الحرف اللفظي التاسع عشر الموجود عن توجه الحي فهو الزاي الذي له صفات .
الجهر والإرتخاء والانفتاح والإنسفال والصفير .
وهو عند الشيخ من الحروف المقدسة التي تتصل بها الحروف وهو لا يتصل بها فهو أحد حروف الذات السبعة " أدذرزولا " وهو مخصوص بالتتريه الذاتي وتتريهه هذا مناسب لحكمته الغيبية فالغيب الباطن هو المتره .

يقول الشيخ عنه في تعريفه في الباب الثاني من الفتوحات :
في الزاي سرّ إذا حققت معناه ... كانت حقائق روح الأمر مغناه
إذا تجلى إلى قلب بحكمته ... عند الفناء عن التنزيه أغناه
فليس في أحرف الذات النزيهة من ... يحقق العلم أو يدريه إلا هو

فانظر كيف ختم الأبيات بهوية الغيب المترهة .
وأما المترلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة الأيوبية فهي الشولة .
وفعل " شال " يعني : رفع .
فالشولة تشير إلى الحركة نحو العلو كما يرفع الهواء الأجسام ، والرفع إلى العلو تتريه .
والثلثان الأولان للشولة في برج العقرب الذي له طبع الماء البارد الرطب ، وبيد ملك هذا البرج مفتاح خلق النباتات .
وثلثها الأخير في برج القوس الناري الحار اليابس ولملكه تدبير الأجسام النورية والظلمانية ومفتاح خلق النار حسب ما ذكره الشيخ في " عقلة المستوفز ".
 ولتأكيد المناسبات بين الاسم الإلهي وما يوجد عنه من مراتب وحروف ومنزلة فلكية

يقول الشيخ في آخر هذا الفصل 29 من الباب 198 :
" فله - أي للهواء - حرف الزاي وهو من حروف الصفير فهو مناسب لأن الصفير هواء بشدة وضيق وله الشولة وهي حارة فافهم " .

19 : سورة فص أيوب عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الشرح " المناسبة تماما لحال أيوب الذي شرح اللّه صدره بالنبوة ووضع وزره الذي أنقض ظهره من البلاء العظيم الذي أصابه ، ورفع ذكره في القرآن وجعل له بعد العسر يسرا ، ووفقه للصبر ،
 ورغب من ربه وحده في رفع الضر عنه متحققا بآخر آية من " الشرح " الآية ( 8 ) :وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ ولهذا ختم الشيخ الفص بالشكوى إلى اللّه والرغبة إليه فأيوب أواب إلى اللّه تعالى أي راغب في فضله رجاع له لا إلى الأسباب .
وأتى الشيخ بجملة هي كالشرح للآيتين الأخيرتين من " الشرح " فقال في نهاية الفص : " فقد نصحناك فاعمل " إشارة إلى الآية ( 7 ) :فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
ثم قال : " وإياه سبحانه فاسأل " إشارة إلى "وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ" والاسم الحاكم على هذا الفص - هو " الحي " المتوجه على إيجاد الهواء . وبالهواء يشرح الصدر حسا .

وفي الفص كلام عن إزالة الآلام وزوال الغضب ، كل ذلك من الآيات :وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ. . .إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً( الشرح ، 2 - 6 ) وهو نفس ما نجده في الوصل " 21 " من الباب " 369 فـ " وهو الوصل الخاص بسورة " الشرح " حيث يقول : " . . . وزال ما كان يجده من ثقل الكون الذي من أجله سمي الجن والإنس : الثقلين .

وهو اسم لكل موجود طبيعي . وزال عنه ما كان يحس به من الألم النفسي والحسي ورفعه اللّه عند هذا مكانا عليا وهو نصيبه من مقام إدريس عليه السلام فارتفعت مكانته وزالت زمانته وحمد مسراه وحمد ما أعطاه سراه . . . "
وأما الآية ( 4 ) : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
فيناسبها قول الشيخ : " وأعلم أن سر اللّه في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا خاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتحلق بصاحبه تشريفا لها . "


علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
الفص السابق تكلم عن القتل والموت من تباب سورة " المسد " . وكل موت من موطن هو حياة في موطن آخر .
فجاء هذا الفص يتكلم عن الحياة بعد الهلاك من سورة " الشرح " لأيوب .
وفي الفص السابق كلام حول الذكر ورفعته :وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ، كذكر يونس :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ( الأنبياء ، 87 ) وفي هذا الفص كلام عن تسبيح كل شيء .
وآخر ما ختم به هذا الفص " نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل " من آخر الشرح الآية " 7 - 8 " :فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ هو ما نجده عمليا في سورة " الكوثر " الآية " 2 " التي لها فص يحيى التالي :فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

ولفص " يحيى " الاسم " المحيي " وفلك الماء الذي حيي به أيوب والذي لفصه الاسم " الحي " : فالفصان متكاملان وسورتاهما في غاية المناسبة فموضوعهما ذكر النعم والتكاليف المخاطب بها سيدنا محمد صلى عليه وسلم وفيهما كبرى البشائر له .
فناسب شرح صدره صلى اللّه وعليه وسلم فص أيوب وناسب كوثره صلى اللّه عليه وسلم فص يحيى عليه السلام.

 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 20 – فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:11 am

 20 – فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص اليحيوي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية
المرتبة 20 : لفص حكمة جلالية في كلمة يحياوية . من الاسم المحيي ومرتبة الماء وحرف السين ومنزلة النعائم . 
إبقاء كل صفة يستلزم وجود ضدها . . . فلا معنى ولا بقاء للاسم المميت إلا بضده أي المحيي . وما الموت إلا انتقال من هيئة إلى أخرى .
فالخروج من الأولى باسمه المميت هو عين الدخول في الأخرى باسمه المحيي .
أي أن ظهور المميت يستلزم ظهور المحيي فهما وجهان لحقيقة واحدة متلازمان كالوالد وولده .
ولهذا لما كانت للمرتبة 21 لزكريا ، الوالد والأرض والمميت كان للمرتبة 20 يحيى الولد والماء والاسم المحيي .
هذا التلازم يؤكده ما نجده في كتاب العبادلة حيث نجد بابا تحت عنوان :
" عبد اللّه بن يوسف بن عبد المحيي "
والباب الذي يتلوه عنوانه : " عبد اللّه بن يعقوب بن عبد المميت . . . " .
وأما وصف هذه الحكمة بالجلالية فلأن الغالب على يحيى الجلال قبضا وخشية وبكاء وهيبة وقتل شهيدا هو ووالده . وقيل إنه قتل في دمه سبعون ألفا . . .
ومن هذا الجلال نجده مترددا بين سماء هارون الخامسة وسماء عيسى الثانية . . .
ومعلوم أن سماء هارون هي فلك المريخ الأحمر وهي سماء الجلال والقهر والفتن والقتل والأضاحي . . .
ويحيى هو الذي يضحي بكبش الموت في آخر يوم القيامة . . .
وأما علاقة المحيي بالماء الذي له هذه المرتبة فمعروفة كثيرة الورود في القرآن كقوله تعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ( الأنبياء ، 30 )
 
وقد تكلم عليه الشيخ في الفصل 30 من الباب 198 حيث قارن بين وظيفة وقوة الملائكة والماء
ثم قال : ( والماء وإن كان من الملائكة فهو ملك عنصري وأصله في العنصر من نهر الحياة الطبيعية الذي فوق الأركان وهو الذي ينغمس فيه جبريل كل يوم غمسة وينغمس فيه أهل النار إذا خرجوا منها بالشفاعة . فهذا الماء العنصري من ذلك الماء الذي هو نهر الحياة )
 . . . (وهذا الركن هو الذي يعطي الصور في العالم كله وحياته في حركاته . . . ) .
وحيث أن أخص صفات الروح هي الحياة ، وعيسى روح اللّه ، كان يحيى ملازما لعيسى في الدنيا وفي السماء الثانية .
وتلازمهما كتلازم الجلال والجمال . وقد ورد اسمه تعالى .
ذو الجلال الحاكم على حكمة يحيى مرتين في القرآن في سورة الرحمن مقترنا بالإكرام الذي هو من مظاهر الجمال . . .
ومن هذا التلازم قارن الشيخ في هذا الفص بين سلام اللّه على يحيى وسلام عيسى على نفسه . . .
وحتى يكون يحيى مظهرا كاملا للحياة مات شهيدا مع والده والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون . وقتله مظهر جلالي كما أن رفع عيسى للسماء مظهر جمالي وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ ( النساء ، 157 ) .
وأما المنزلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة المتوجه عليها الاسم " المحيي " فهي النعائم ، والحياة والماء من أعظم النعم ، والأنعام هي الحيوانات ، ولها حرف السين الذي له صفات الهمس وا لإرتخاء والانفتاح والصفير والإنسفال وكلها صفات المقهور تحت هيبة الجلال . . .
وكعادة الشيخ في التمهيد لمرتبة الفص الموالي ، ذكر في آخر هذا الفص الحائط والجذع اليابس إشارة إلى التراب –
ومن معاني الحائط في اللغة البستان - وإلى الأرض التي لها فص زكرياء بصفته المالكة حيث أن فلك التراب هو آخر أفلاك المملكة وما بقي بعده إلا المولدات وعمار المنازل .


 
20 : سورة فص يحيى عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الكوثر " التي خصص الشيخ لها الباب " 276 ف " ومداره حول خيال الإنسان وللخيال علاقة بيحيى .
فالشيخ يقول إن صورة مريم الكاملة المنطبعة في خيال زكرياء هي السبب في ولادة يحيى حصورا كما كانت مريم بتولا . . .
وقد تكلم في فص زكرياء التالي عن الوهم وأثره في أصحابه .
والاسم الحاكم على هذا الفص هو " المحيي " المتوجه على إيجاد فلك " الماء " وعلى منزلة " النعائم " .
ومن نعم اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم حوض كوثر ماء الحياة الدائمة والعلاقة بين الحياة ويحيى والماء والكوثر ظاهرة .
ووجه المناسبة بين الفص وسورة " الكوثر " يظهر في الآية الأخيرة :إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ أي المقطوع الذكر فلا عقب ولا وارث له .
أما أنت أيها الرسول فسترثك أمتك في مقام الدين .
وهذا ما أكد عليه الشيخ في هذا الفص بقوله : " لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه إذ الولد سر أبيه
فقال : " يرثني ويرث من آل يعقوب " وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر اللّه والدعوة إليه " .
فيحيى ، حتى وإن كان حصورا ولم يعقب ولدا ، ليس بأبتر لأن ذكره باق في العالمين أبد الآبدين ، بل هو الذي يذبح الموت فينحره على سور الأعراف عند نهاية يوم القيامة واستقرار أهل الجنة وأهل النار فيهما استقرار الخلود ، فهو آخر متحقق بالكلمة الوسطى في " الكوثر " أي :" . . . وانحر " .
 
وقول الشيخ : " . . . فقدم الحق على ذكر ولده " يشير إلى تقدم آية فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
أي القيام بحق الحق تعالى - على ذكر الولد في آية إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ والمصلي هو المتأخر عن السابق .
وقد توسع الشيخ في تفصيل هذا المعنى في الباب " 369 فـ " الوصل السابع المتعلق بسورة " الكوثر " .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
بدأ هذا الفص بمسألة مقام ذكر اللّه والرغبة في دوامه وفي هذا تلويح لسورة الفص السابق أي " الشرح " .
فكما ورث يحيى زكرياء ، ورثت الأمة المحمدية من نبيها مقام الذكر والدعوة إلى اللّه .
فآية : فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ تتمثل في آية : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ وآية : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ تتمثل في آية : إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وآية :أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ مظهر من مظاهر :إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ.
 
وقوله في هذا الفص :
" إن الولد سر أبيه " تمهيد لسورة فص زكرياء التالي أي " البلد " من آيتها : " ووالد وما ولد " فليحيى الجلال والاسم " الحي " وفلك الماء .
ولوالده الشدة من الاسم " المالك المميت " وفلك التراب ، فالحي والمميت ، كالماء والتراب ، متكاملان لأن الموت من عالم  هو عين الحياة في عالم آخر . . .
وكل من يحيى وزكرياء كابد من اليهود القهر والجلال والشدة فكانا من الذائقين للآيتين : " ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد ". 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:13 am

 21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الزكرياوي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية
المرتبة 21 : فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية. من الاسم المميت ومرتبة الأرض وحرف الصاد ومنزل البلدة .
 لا ظهور لعزة العزيز إلا بظهور عكس العزة وهو القهر الذي ينتهي بالموت .
وغاية العز هو البقاء والثبات في الكمال والغنى ، وهذا يستلزم أن يكون غيره متغيرا تحت قهر الإستحالات أي فناء صورة واستبدال أخرى بها وهو المعبر عنه بالموت .

أي أن ظهور العزيز يستلزم ظهور اسمه تعالى المميت ليتميز الحق تعالى بعزته عن خلقه المقهور في كل آن تحت حكم المميت .
وبظهور المميت وتوجهه وجدت المرتبة الإحدى والعشرون المتمثلة في ركن الأرض الترابي وحرف الصاد ومنزل البلدة بطبعها اليابس الحار المميت لأنه طبع النار لوجود البلدة في حكم برج القوس النارى ، والقوس من رموز الموت بسهمه المصيب .
وفي القرآن نجد الموت مقترنا بالأرض والتراب في العديد من الآيات كقوله تعالى :فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها( فاطر ، 9 ) .فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ( سبأ ، 14 ) .
ووردت لفظة بلدة مقترنة بالموت أيضا :فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً( الزخرف ، 11 ) ،وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً( ق ، 11 )
فانظر كيف اقترن المميت بمنزل البلدة وركن التراب . .
وأنسب الأنبياء إلى هذه المرتبة هو زكريا عليه السلام لما ظهر فيه وفي زوجه من اشتعال الرأس بالشيب والعقم ثم رحمه اللّه تعالى فأصلح زوجه - كما يحيى اللّه بالماء الأرض - ووهبه يحيى .
لكن يحيى كان حصورا فلم يتزوج ولم يترك عقبا .
ومات زكرياء ويحيى مقتولين شهيدين فاسمه تعالى المميت كان له خصوص توجه للمظهر الزكراوي من حقيقة الإنسان الكامل . .
ولهذا أيضا كانت حكمة هذا الفص مالكية لأن المالك هو الشديد ومن أكبر الشدائد الموت .
وكان الغالب على زكرياء حكم المالك لتشديده على نفسه في المجاهدات ولشدة نفوذ همته في طلب الوارث من اللّه تعالى فصلحت زوجه العقيم في سن إلياس وأنجبت يحيى .
وأما علاقة المالك بالأرض فلأن الأرض هي عرش الخلافة ومنصة ملكها أي الإنسان الكامل وخلفاؤه وهو المخلوق على صورة الرحمن خليفة اللّه في الأكوان وللصورة حرف الصاد الذي يقول الشيخ عنه ( ف ص 71 ) الصاد حرف من حروف الصدق والصون والصورة . . .
حرف شريف عظيم أقسم عند ذكره بمقام جوامع الكلم وهو المشهد المحمدي في أوج الشرف بلسان التمجيد ) .
فالصدق والصون والصورة من أوصاف الكامل المالك خليفة الرحمن . . .
ومدار هذا الفص كله على رحمة الرحمن الواسعة ، التي لها علاقة بالمميت إذ يقال عن الميت إنه انتقل إلى رحمة اللّه ويسمى عادة بالمرحوم واقترنت الرحمة بزكرياء وحرف الصاد في فاتحة سورة مريم : كهيعص ( 1 ) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا.
ومن شدة المميت المالك تكلم الشيخ في هذا الفص على الآلام والبلاء والانتقام . . .


وكما أن لحرف هذه المرتبة أي الصاد الصدق - أي الشدة في التوجه - والصون - أي الشدة في الستر - والصمت - أي الشدة في الكتم - والصورة الرحمانية التي هي مجلى السيادة المالكة
فقد وصف الشيخ في الفصل 31 من الباب 198 الخاص بهذه المرتبة ركن الأرض بنفس تلك الصفات الصادية السيادية التي ظهرت في زكرياء وابنه يحيى الذي سماه اللّه في القرآن سيدا وحصورا ، فحاله كحال التراب عبودية وثباتا لعدم استحالته .


يقول الشيخ ما خلاصته : الأرض هي أول مخلوق من الأركان ثم الماء ثم الهواء ثم النار ثم السماوات وجعلها محلا لتكوين المعادن والنبات والحيوان والإنسان وجعلها حضرة الخلافة والتدبير فهي موضع نظر الحق وسخر في حقها جميع الأركان والأفلاك والأملاك وأنبت فيها من كل زوج بهيج .
وما جمع لمخلوق بين يديه سبحانه إلا لما خلق منها وهي طينة آدم عليه السلام خمرها بيديه وهو ليس كمثله شيء وأقامها مقام العبودية
فقال :الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا( الملك ، 15 ) ، وجعل لها مرتبة النفس الكلية التي ظهر عنها العالم كذلك ظهر عن هذه الأرض من العالم المولدات إلى مقعر فلك المنازل ) .




ويضيف الشيخ : ( وهذا الركن لا يستحيل إلى شيء ولا يستحيل إليه شيء وإن كان بهذه المثابة بقية الأركان ولكنه في هذا الركن أظهر حكما منه في غيره ( . . . )
فالرجل الذي رأى الحق حقا فاتبعه وحكم الهوى وقمعه " أي تحقق باسم المالك لنفسه المميت لهواه " فإذا جاع جوع اضطرار وحضر بين يديه أشهى ما يكون من الأطعمة تناول منه بعقله لا بشهوته ودفع به سلطان ضرورته ثم أمسك عن الفضل غنى نفس وشرف همة فذلك سيد الوقت فاقتد به ،
وذلك صورة الحق أنشأها اللّه صورة جسدية بعيدة المدى لا يبلغ مداها ولا يخفى طريق هداها وهذا هو طبع الأرض التي لا تقبل الاستحالة فيظهر فيها أحكام الأركان ولا يظهر لها حكم في شيء تعطي جميع المنافع من ذاتها ، هي محل كل خير فهي أعز الأجسام .
( . . . ) وهي الصبور القابلة الثابتة الراسية سكن ميدها جبالها التي جعلها اللّه أوتادها لما تحركت من خشية اللّه أمنها اللّه بهذه الأوتاد فسكنت سكون الموقنين .
ومنها تعلم أهل اليقين يقينهم ، فإنها الأم التي منها أخرجنا وإليها نعود ومنها نخرج تارة أخرى .
لها التسليم والتفويض . هي ألطف الأركان معنى .
وما قبلت الكثافة والصلابة إلا لستر ما أودع اللّه فيها من الكنوز لما جعل اللّه فيها من الغيرة فحار السعاة فيها فلم يخرقوها ولا بلغوا جبالها طولا.
أعطاها صفة التقديس فجعلها طهورا
 ( . . . ) أنزلها منزلة النقطة من المحيط فلو زالت زال المحيط ولو زال المحيط لم يلزم زوالها فهي الدائمة الباقية في الدنيا والآخرة .
أشبهت نفس الرحمن في التكوين ( . . . ) جعلها بعد أن كانت رتقا سبعة أطباق لكل أرض فلك سماء : فالأرض الأولى هي التي نحن عليها للسماء العليا ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ( . . . )
وجعلها سبعة أقاليم لكل إقليم بدل يمسك اللّه وجود ذلك الإقليم به.
وهؤلاء الأبدال السبعة على قلوب أقطاب السماوات السبعة حسب ترتيبهم :
إبراهيم وموسى وهارون مع يحيى وإدريس ويوسف وعيسى مع يحيى وآدم عليهم السلام .


وفي آخر الفص أورد الشيخ الآية : "فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ" (الأعراف ، 156 )، يشير بالزكاة إلى المال المكنوز كتمهيد للفص الموالي الإلياسي الذي له مرتبة المعدن .
ومن المعادن الذهب والفضة .


والكنوز التي تلزم زكاتها . . . ثم ذكر رحمتي الوجوب والامتنان وصفتي العلم والعمل المناسبتين لنوعي تدبير المعادن كما وصفهما في الباب 167 من الفتوحات وهما إزالة علة المعدن أو إلقاء الإكسير عليه ،
وإشارة إلى الطريقتين المتبعتين في ذلك:
 إما بطريق الحكمة والعلم وهي الأشرف
وإما بطريق الهمة وخرق العادة كما ذكرناه في آخر المرتبة السابقة .
وأخيرا فان للفصين المتتابعين الإلياسي والزكراوي علاقة تتمثل في سلطان الوهم .


ففي هذا الفص يقول :
" الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود وإن كان للموجود فبحكم المعدوم وهو علم غريب ومسألة نادرة ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام فذلك بالذوق عندهم وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة .
ثم فصل حقيقة الوهم في فص إلياس فقال :
(ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول ... فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية وبه جاءت الشرائع.) .




21 : سورة فص زكريا عليه السلام
سورة هذا الفص هي سورة " البلد " والاسم الحاكم على هذا الفص هو " المميت " المتوجه على إيجاد " التراب " وعلى منزل " البلدة " في برج القوس ، وعلى حرف الصاد من الحروف اللفظية .  وله من الحروف الرقمية حرف " الشين " .
فمن الاتفاق اللطيف أن اسم السورة " البلد " مطابق للمنزلة الفلكية " البلدة " وبرج القوس له طبع النار حار يابس جلالي الحال له الشدة والبأس المناسبان للآية " 4 " من البلد :لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍوسهم القوس مناسب للاسم " المميت " .


ولهذا كانت حكمة هذا الفص مالكية لأن المالك هو الشديد القهر . وكان زكرياء شديد المجاهدة عظيم المكابدة . ومن مظاهر الشدة في السورة :فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ( 11 ) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. . .عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌالآية " 11 - . . . - 20 " والآية " 17 " :. . . وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ . . . والاسم " المميت " المتوجه على إيجاد " التراب " له صداه في السورة في كلمة يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ( البلد ، 14 ) والجوع قريب من الموت ، وكذلك للتراب صداه في كلمة أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ( البلد 16 )
ومدار جلّ الفصل حول وسع الرحمة من الآية : " وتواصوا بالمرحمة " وفي السورة أمر بالتخلق بالرحمة رحمة الأسير واليتيم والمسكين .


ولهذا نجد الشيخ في الباب " 294 فتوحات  " المتعلق بمنزل سورة " البلد " يتكلم عن وسع الرحمة ، ويختم الباب بنفس ما بدأ به هذا الفص حيث يذكر سبق الرحمة للغضب وأن الرحمة ستعم بعد إقامة الحدود .
قوله في هذا الفص: "وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود" . فهذا مناسب لقوله في الباب " 294 فتوحات  " :
" اعلم أن هذا المنزل يتضمن علم مرتبة العالم عند اللّه بجملته ، وهل العدم له مرتبة عند اللّه يتعين تعظيمه من أجلها أم لا "
وفي وسط الباب يقول : " فلا يعرف اللّه مما سوى اللّه أعظم معرفة من العدم المطلق " . . .
وقد افتتح هذا الباب الخاص بمنزل سورة البلد بالإشارة إلى وراثة النبوة من الآية " ووالد وما ولد " كوراثة يحيى لزكريا أو وراثة العلماء والأولياء للنبي صلى اللّه عليه وسلم


فقال :
حرم اللّه قلب كل نبي  .... وكذا قيل قلب كل ولي
ورثوه وورثوه بنيهم  .... في علوم وفي مقام علي




علاقة هذا الفص بلاحقه:
ختم الفص بالمغفرة في الآية المخاطب بها الرسول صلى اللّه عليه وسلم :لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ( الفتح ، 2 )
وبداية هذه الآية في سورة الفتح هي :إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً
وآخرها :وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً( الفتح ، 1 - 3 ) .
وهذا النصر والفتح والمغفرة هو عين ما نجده في سورة الفص الإلياسي التالي أي سورة " النصر " :إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. . .وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً( النصر ، 1 - 3 )
والفتح المذكور في سورة فص إلياس هو فتح مكة أي البلد المقسم به في فاتحة سورة فص زكرياء :لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ( 1 ) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ( البلد ، 1 - 2 ) .
وكلمة " عزيزا " من الآية تشير إلى الاسم " العزيز " الحاكم على فص إلياس بمرتبته المعدنية.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:14 am

22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص الإلياسي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

22 - فص حكمة إيناسيه في كلمة إلياسية
المرتبة 22 : لفص حكمة إيناسيه في كلمة إلياسية من الاسم العزيز ومرتبة المعادن وحرف الظاء ومنزلة سعد الذابح
لا يكون الرزاق رزاقا للجميع إلا إذا كان غنيا عن أن يأتيه الرزق من غيره .
فظهور الرزاق يستلزم ظهور الاسم العزيز المتعزز بأرزاقه للمرزوقين ولعزته عن الافتقار إلى رزق من غيره .
فظهر العزيز في المرتبة المسامته للرزاق فله الرتبة 22 وبظهوره ظهر عالم المعادن المسامت لعالم النبات .
وقد قرن الحق تعالى في سورة الحديد بين الحديد وبين الاسم العزيز
فقال :وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ( الحديد ، 25 ) .
وأعز المعادن وأكملها الذهب المعدن الشمسي لظهوره في الأرض بتوجه وحركة روحانية السماء القطبية الرابعة وكوكبها الشمس وهي سماء إلياس وإدريس الذي سماه الشيخ في الباب 15 من الفتوحات بمداوي الكلوم
وهو أول من أظهر علوم الكيمياء والفلك وتدبير المعادن وسر الإكسير وعلاقة كل ذلك بالحروف والأوزان .
" أنظر ما ذكره الشيخ حول هذا الموضوع في الباب 167 من الفتوحات:
 " فأنسب الأنبياء لمرتبة المعادن هو إلياس وإدريس لتحققهما ظاهرا بسر المعادن ولتحققهما باطنا بسر العزة ،
فإدريس هو قطب الأرواح لرفعة مكانه في قطب الأفلاك الشمسي قال تعالى عنه :وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا( مريم ، 57 ) .
وإلياس صعد إلى السماء على فرس من نار وجميع آلاته من نار فسقطت عنه الشهوة فكان عقلا بلا شهوة لعزته عن الأغراض النفسية
فناسب تمام المناسبة إدريس صاحب الحكمة القدوسية لعزة القدوس .
وأشار الشيخ في هذا الفص للاسم العزيز بذكره للآية : " سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون " وبكلامه على التنزيه . . . ثم أكد مرة أخرى تلك الإشارة
بقوله : " وأي عزة أعظم من هذه العزة " بعد ذكره للقتل . . . والقتل يتم عادة بالمعدن . . . وإشاراته للمعدن داخل الفص متعددة منها ذكره للنار التي بها يتم التأثير في المعادن فتحولها من كثافة جبل لبنان لينفلق إلى لطافة فرس من نار . . .


ومنها ذكره للمرآة بوجهيها :
وجه الصفاء الصقيل حيث تتجلي الصورة ،
ووجهها الثاني المعدني الكثيف الذي لولا وجوده في ظهر المرآة ما ظهرت الصورة كاملة في وجهها الصقيل ،
إشارة إلى أن الكمال لا يظهر الا بالجمع بين التنزيه والتشبيه والإطلاق والتقييد . . .
ومنها ذكره في آخر الفص للحديد والضارب . . . وذكره لتحول نشأة البواطن إشارة إلى تحول المعادن من خسيسة إلى نفيسة وهو علم الكيمياء الإدريسي الإلياسي العيسوي . . .
فالعلوم الإدريسية والعيسوية متداخلة متشابهة ومنها اشتراكهما في علم الإحياء وسر الإكسير والتصرف بالحروف والأسماء .
وقد ذكر الشيخ في الباب 167 علاقة عيسى بهذه العلوم الإدريسية .
وختم الشيخ الباب بذكر الصلة بين الصور الطبيعية التي منها المعادن والأسماء الإلهية الظاهرة بالنفس الرحماني .
وأما المنزلة الفلكية المتوجه على إيجادها الاسم العزيز فهي منزلة سعد الذابح ولها حرف الظاء . فانظر كيف ناسب معنى " سعد الذابح " عزة المعدن .
فالعزة من مظاهر السعادة ، والذبح لا يكون عادة إلا بالمعادن وقد أشار إلى هذا المعنى في آخر الفص عند قوله :فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ( الأنفال ، 17 ) وما قتلهم إلا الحديد والضارب . .
وكذلك حرف الظاء هو من الحروف المستعلية التي لها العزة والعلو ومن الحروف المجهورة التي لها الظهور وهو من أوصاف العزة ، ومن الحروف المطبقة الأربعة ، والإطباق من الصفات القوية المناسبة للمعادن . . .


وفي الفصل 32 من الباب 198 المناسب لهذا الفص فصل الشيخ ظهور المعدن بالعزة
فقال ما خلاصته : ( اعلم أن الذات لما اختصت بسبع نسب تسمى صفات إليها يرجع جميع الأسماء والصفات ( . . . )
وكانت السماوات سبعا والسيارة سبعة والأرضون سبعة والأيام سبعة
جعل اللّه تكوين المعادن في هذه الأرض عن سباحة هذه السبعة الدراري بسبعة أفلاكها في الفلك المحيط فأوجد فيها سبعة معادن


ولمّا كان الاسم العزيز المتوجه على إيجادها ولم يكن لها مشهود سواه عند وجودها أثر فيها عزة ومنعا فلم يقو سلطان الاستحالة التي تحكم في المولدات والأمهات من العناصر فإن الاستحالة تسرع إليها أو إليهنّ وهذا يبعد حكمه في المعادن فلا تتغير الأحجار مع مرور الأزمان والدهور إلا عن بعد عظيم وذلك لعزتها التي اكتسبتها من الاسم الإلهي العزيز .
ثم إن هذا الاسم طلب بإيجادها رتبة الكمال لها حتى تتحقق بالعزة فلا يؤثر فيها دونه اسم إلهي نفاسة منه لأجل انتسابها إليه .
وعلم العلماء بأن وجودها مضاف إليه فلم يكن القصد بها إلا صورة واحدة فيها عين الكمال وهو الذهبية . . . الخ . . .


فخلع المعدن صورة المرض والانحراف ليلتحق بالكمال الذهبي كخلع إلياس كثافة جبل جثمانه الترابي بعد انفلاقه على فرس اللطافة النارية الذي عرج به إلى فلك الشمس القلبي حيث رتبة الكمال الذهبي . . .
ولا يكون ذلك الا بتدبير نار المجاهدة ، وتربية حرارة الشوق واصطلاء جذوة الذوق ،


يقول الشيخ في آخر هذا الفصل : ( ومن هذا الاسم الإلهي وجود الأحجار النفيسة كاليواقيت واللآلىء من زبرجد وزمرد ومرجان ولؤلؤ وبلخش . وجعل في قوة الإنسان إيجاد هذا كله أي هو قابل أن يتكون عنه مثل هذا ويسمى ذلك في الأولياء خرق عادة والحكايات في ذلك كثيرة ولكن الوصول إلى ذلك من طريق التربية والتدبير أعظم في المرتبة في الإلهيات ممن يتكون عنه في الحين بهمته وصدقه فإن الشرف العالي في العلم بالتكوين لا في التكوين لأن التكوين إنما يقوم مقام الدلالة على أن الذي تكون عنه هذا بالتدبير عالم ، وصاحب خرق العادة لا علم له بصورة ما تكون عنه بكيفية تكوينها في الزمن القريب ، والعالم يعلم ذلك).


وإلى مثل هذا العلم الذوقي يشير الشيخ في قوله آخر الفص : ( . . . فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعية علما ذوقيا ، فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا )


يشير الشيخ هنا إلى الدخول إلى فص لقمان الحكيم لقول اللّه تعالى :وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً( البقرة ، 269 ) .
ثم زاد التمهيد تأكيدا بذكره لكلمة " حاكمة " المشيرة للحكمة فقال : ( وان اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله).
ومن ناحية أخرى ، فإن في ذكر الشيخ للحيوان في أواخر الفص إشارة لعلاقته بالباب 24 المخصوص بالمرتبة الحيوانية المتوجه على إيجادها الاسم المذل الذي هو عكس الاسم الحاكم على هذا الباب وهو المعز أو العزيز.
 فللمعدن حكم العقل العزيز بعلمه وللحيوان الشهوة المذلة . . . وبينهما مرتبة النبات التي لها حكمة الاحسان اللقماني .


بقي سؤال : ما علاقة الحكمة الإيناسية بالكلمة الإلياسية ؟
الجواب - : واللّه أعلم أن كلمة : إيناس مشتقة من كلمة : إنس .
والإنس يتميز عن غيره من المخلوقات بجمعه بين العقل والشهوة أو العزة والذلة أو التتريه والتشبيه أو اللطافة السماوية والكثافة الأرضية أو الملكية والحيوانية أو الإطلاق والتقييد لأن اللّه تعالى خلقه بيديه فله الجمع بين كل ضدين . . . وهذا هو موضوع هذا الفص . . .
هذا ومن ناحية أخرى فإن كلمة آنس وردت في القرآن مقترنة بالنار أربع مرات
آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً( القصص ، 29 )
إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ( طه ، 10 ) .
إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ( النمل ، 7 ) .
وعلى فرس النار ركب إلياس لغلبة عزة الروحانية فيه حتى ناسب ملائكة السماء وأنس بهم كما أنس بالإنس ، وبلغ من كمال التروحن عدم التأثر بالموت الحسي ، كالمعادن التي لا تتأثر . بمرور الدهور لا سيما الذهب ،
فاتصلت حياته البرزخية بحياته الدنيوية كإدريس وخضر وعيسى لشربهم من إكسير عين الحياة الذي يقلب المعادن الخسيسة الزائلة إلى جواهر نفيسة باقية . .


22 : سورة فص إلياس عليه السلام
سورة هذا الفص هي سورة " النصر " :
- ومناسبتها لموضوع الفص تظهر في الآية :فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ( النصر ، 3 ) ومدار كل الفص على التسبيح والتنزيه .
قال الشيخ عن إلياس " فكان الحق فيه منزها " وذكر الآيتين :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( الشورى ، 11 ) وسُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( الصافات ، 180 ) .
فهذه العزة مقرونة بالتنزيه .
والاسم الحاكم على مرتبة هذا الفص هو " العزيز " المتوجه على إيجاد المعادن .
فمناسبة " النصر " للعزيز واضحة لأن العزة مقرونة بالنصر والفتح ، ودخول الناس في دين اللّه أفواجا قال تعالى :وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً( الفتح ، 3 )
وقال :وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً( الفتح ، 19 ) .
وقال :أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ( المائدة ، 54 )
ومناسبة " النصر " مع المعادن هي أن نصر اللّه لرسله مقرون ببأس الحديد .
قال تعالى في الآية 65 من سورة الحديد :الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ
وقال عن الفاتح الصالح ذي القرنين :آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ. . .أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً( الكهف ، 96 ) - والقطر النحاس المذاب .  
وقال عن الخليفة داود :وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ [ سبأ آية 10 ].
ونصر اللّه إلياس ونجاه من عدوه بانفتاح جبل لبنان عن فرس ناري فركبه وفتح به باب السماء إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً( النصر ، 3 )
ومن الاتفاق اللطيف أن المنزلة الفلكية المناسبة لهذا الفص هي " سعد الذابح " والذبح قتل بالمعدن عادة .
وقد كرر الشيخ كلمة القتل وكلمة الرمي فقال مثلا في إشاراته لسورة " النصر " :
فلا تجزع ولا تخف فإن اللّه يحب الشجاعة . . ولو على قتل حية وليست الحية سوى نفسك . . .


وأي عزة أعظم من هذه العزة فتتخيل بالوهم أنك قتلت . . .وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ( الأنفال ، 17 ) . . .
وقال في آخر الفص :فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ( الأنفال ، 17 ) وما قتلهم إلا الحديد والضارب . . . فبالمجموع وقع القتل والرمي . . . " .
وأشار الشيخ إلى كلمة " واستغفره " من الآية الأخيرة للنصر ، بقوله : " . . . نرخي الستور ونسدل الحجب . . . قد أمرنا بالستر " والغفر هو الستر ، والأمر بالستر هو الاستغفار .
وقول الشيخ في أواخر الفص أن العارف قد حشر في دنياه ونشر في قبره تلويح إلى أن سورة " النصر " هي آخر سورة نزلت
فكانت كما فهمها علماء الصحابة - إعلاما للنبي صلى اللّه عليه وسلم بقرب انتقاله للرفيق الأعلى ورجوعه إلى الحضرة الزلفى التي لم يفارقها بحال إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً


وهنا تظهر صلة أخرى بين هذا الفص وسابقه
الحاكم عليه الاسم " المميت " : فالقتل والرمي ورجوع إلياس للسماء ورجوع سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى كلها من مظاهر " المميت " .
وكلام الشيخ في آخر الفص عن التحقق بالحيوانية التي يرى صاحبها أحوال الموتى في قبورهم ، تلويح لفص عزير الذي له مرتبة الشمس حيث إدريس عليه السلام .
فإلياس لما صعد إلى السماء التحق في سماء الشمس بمقامه الإدريسي .
وقد رأينا أن سورة ذلك الفص الشمسي الوسطي الرابع عشر هي العاديات ، أي الأفراس المعدة للجهاد كفرس إلياس الناري الذي صعد به إلى السماء .


وسمى الشيخ منزل العاديات في الباب 22 من الفتوحات : " منزل النفوس الحيوانية " .
فرجوع إلياس إلى مقامه كان تحت حكم الاسم " العزيز " الحاكم على هذا الفص
وإليه أشار الشيخ في كلامه عن آية :إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً من سورة النصر التي خصص لها الوصل الخامس من الباب " 396 ف " فقال : " . . . ويتضمن هذا المنزل الخامس من العلوم الإلهية علم تفصيل الرجوع الإلهي بحسب الرجوع إليه من أحوال العباد وهو علم عزيز " .
ولعلاقة العزيز بالنصر يقول الشيخ في ديوانه :
" من روح سورة النصر والفتح :
من اسم العزيز النصر إن كنت تعقل * ومن بعده فتح له النفس تعمل- وختم الشيخ الفص بالكلام عمن أوتي خيرا كثيرا ، كتمهيد لفص لقمان الذي أوتي الحكمة وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً( البقرة ، 269 ) ،
وله سورة الزلزلة التي فيها ذكر الخير :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ( الزلزلة ، 7 )


وإلى هذه الرؤية أشار في آخر الفص قائلا : " فلا يرى إلا اللّه عين ما يرى ، فيرى الرائي عين المرئي . "
وإذا كانت " النصر " بشرى للنبي صلى اللّه عليه وسلم بقرب انتقاله للرفيق الأعلى ،
ففي " الزلزلة " وصف لانقلاب أمر الدنيا للآخرة والرجوع إلى اللّه تعالى .


ومنزلا السورتين يقعان في " منزل الدهور " حسبما ذكره الشيخ في الباب 22 فـ " أي ضمن السور المفتتحة بلفظة " إذا " فللزلزلة " منزل الولادة " أي ولادة يوم القيامة وللنصر منزل " البشارة باللقاء ".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء مارس 11, 2020 2:45 pm

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح

الفص اللقماني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
المرتبة 23 : لفص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية . من الاسم الرزاق ومرتبة النبات وحرف الثآء ومنزلة سعد بلع .
ظهور الاسم المذل يستلزم بقاء المذللين . وبقاؤهم يستلزم تغذيتهم بالرزق .
أي أن المذل يستلزم ظهور الاسم الرزاق . فلهذا كانت له المرتبة 23 وعن توجهه وجد عالم النبات وله من الحروف الثاء وله من المنازل سعد بلع كما فصله الشيخ في الفصل 33 من الباب 198 .
ومن الاتفاق أن كلمة ( سعد بلع ) مناسبة للرزاق . فالرزق من مظاهر السعادة ، والسعادة رزق . ولفظة : بلع تعني التقم رزقا أو غذاء ، يقال ابتلع أي التقم لقمة . . . ولفظة ) لقم

( مناسبة لاسم قطب هذه المرتبة أي لقمان الحكيم فأصل اسمه ) لقمان ( من ) لقم ( وعلى لسانه ورد ذكر مظهر من أصغر مظاهر الرزق النباتي كما يظهر من قوله لابنه :يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ( لقمان ، 16 ) –

وهي الآية التي ذكرها الشيخ في فص الكلمة اللقمانية الذي فتحه بالرزق والغذاء
فقال : (إذا شاء الإله يريد رزقا * له فالكون أجمعه غذاء)
   (وإن شاء الإله يريد رزقا * لنا فهو الغذاء كما يشاء)

وهذا المعنى فسّره الشيخ في الفصل 33 المذكور حيث يقول :
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم وكان فيه بقاؤها ونعيمها وفرحها وسرورها .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها . الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها .
وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين وبقاء المضافين من كونهما مضافين
إنما هو بوجود الإضافة فالإضافة رزق المتضايفين وبه غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبه الاسم الرزاق وهو من جملة المرزوقين
فهو أول من تغذى بما رزق فأول ما رزق نفسه ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس
ثم نزل في النفس الإلهي بعد الأسماء فوجد الأرواح الملكية فرزقها التسبيح
ثم نزل إلى العقل الأول فغذاه بالعلم الإلهي والعلم المتعلق بالعالم الذي دونه وهكذا لم يزل ينزل من عين ما يطلب ما به بقاؤه وحياته إلى عين حتى عم العالم كله بالرزق فكان رزاقا .
فلما وصل إلى النبات ورأى ما يحتاج إليه من الرزق المعين فأعطاه ما به غذاؤه فرأى جل غذائه في الماء فأعطاه الماء ، له ولكل حي في العالم ، وجعله رزقا له ثم جعله رزقا لغيره من الحيوان فهو والحيوان رزق ومرزوق )

وإنما قرن الشيخ الرزاق بالنبات خصوصا لأن اللّه تعالى قرن الرزق بالثمرات في العديد من الآيات كقوله تعالى : وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ( البقرة ، 22 ) .
كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ( البقرة ، 25 ) .
رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ( البقرة ، 126 ) .
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ( إبراهيم ، 37 ) .
أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا( القصص ، 57 ) .
 
ولعلاقة هذا الفص بالنبات وردت فيه كلمات شجر - طعام - غذاء - ذوق . . .
ومن التناسب بين هذا الفص وفصله 33 من الباب 198 قوله في هذا الفص : ( والعين واحدة من كل شيء وفيه . . . الخ . . . )
وقوله في ذلك الفصل : ( وقد أعلمتك في غير ما موضع من هو عين العالم الظاهر وأنه غير متغير الجوهر . . . )
مثال ذلك : الماء جوهر واحد تتغذى به كل النباتات رغم تنوع صورها وأذواقها وثمراتها .
 
قال تعالى :يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ( الرعد ، 4 ) .
وأما نسبة الكلمة اللقمانية للحكمة الإحسانية . فلأن لقمان أوتي الحكمة من اللّه تعالى والحكمة من أجل الأرزاق :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ( لقمان ، 12 ) .

والحكمة والإحسان متلازمان لأن الإحسان هو فعل ما ينبغي بإتقان ووضعه في مقامه الأليق وهذه هي الحكمة .
وقد ظهر لقمان في القرآن مربيا لابنه حسا ومعنى وظهرت كلمة الإحسان في القرآن مقترنة بالأبوة كقوله تعالى :وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وتحقق لقمان بالإحسان المذكور في الآية 22 من سورته :وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى.
من ناحية أخرى ؛ فبالحكمة تحفظ المراتب وبالرزق والغذاء تحفظ الحياة والحفظ مقترن عدديا بالعدد 5 الذي يقول عنه الشيخ إنه يحفظ نفسه وغيره ( ف ب 198 ص 446 )
وبالعدد مائة عدد الأسماء الحسنى التي بها حفظ الوجود - أي 99 مع الاسم الوتر الأعظم.

 
وبسريان الخمسة في المائة ينتج العدد " 500 " الذي هو عدد حرف هذه المرتبة أي حرف الثاء وهو الحرف الذي يرمز عادة لصفة " الثقيل " أي الجسم الذي لا قيام له إلا برزق الغذاء .
ويرمز أيضا للثمرات والثواب .
ولهذا فان بين هذا الباب 23 من الفصوص والباب الخامس الإبراهيمي علاقة متينة لأن لفص إبراهيم المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الكلي . ولا بقاء للجسم إلا بالغذاء .

 
ولهذا كانت الحقيقة الإبراهيمية مع ميكائيل مختصة بالرزق والغذاء من بين حملة العرش الثمانية " انظر الباب 13 من الفتوحات " .
ولهذا ختم الشيخ الفص الإبراهيمي بقوله :
" وبالأرزاق يكون تغذي المرزوقين فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله " .
فان الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها فهذا التكامل بين الفصين هو تكامل بين مرتبة الجسم الخامسة مع مرتبة الغذاء الثالثة والعشرين ومجموع المرتبتين هو العدد التام الجامع : 5 + 23  = 28.

وكتمهيد للدخول إلى الفص 24 التالي المخصوص بالحيوان الهاروني
ذكر الشيخ في أواخر هذه الكلمة اللقمانية البعوضة والذرة التي هي من أصغر المتغذيات .
 
 
23 : سورة فص لقمان عليه السلام
سورة هذا الفص هي التي ذكرها الشيخ في آخره ، أي " الزلزلة " من آيتها :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( الزلزلة ، 7 - 8 )

المناسبة لقول لقمان : يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ( لقمان ، 16 ) .
قال الشيخ عن حبة الخردل : " وليس إلا الذرة المذكورة في آية الزلزلة . فهي أصغر متغذ ، والحبة من الخردل أصغر غذاء . . . "
والخير المذكور في " الزلزلة " مناسب للقمان الذي قال اللّه عنه في سورته :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ( لقمان ، 12 )وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً( البقرة ، 269 )
ومن هذا الخير الكثير مقام الإحسان المنسوب إليه هذا الفص لأن المحسن يحاسب نفسه على الذرة . ولمقام الإحسان صلة إشارية بآخر كلمة في السورة أي " يره " فهو كما ورد في الحديث " أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "

 
ولهذا نجد الشيخ في الوصل السادس عشر من الباب 369 وهو الوصل المتعلق بسورة " الزلزلة " - يخصص في آخره فقرة طويلة نفيسة حول طلب موسى رؤية ربه وتدكدك الجبل وما يتعلق بهذه المسألة العالية ، ولها صلة بآية : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ( الأنعام ، 103 ) .
وقد تكلم عن الاسمين " اللطيف الخبير " في  تعقيبه على قول لقمان :
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ وقال إن قول :كانَ لَطِيفاً خَبِيراً أتم في الحكمة وأبلغ .
يشير إلى تميز الحكمة المحمدية عن الحكمة اللقمانية لأن الحكمة المحمدية وردت بقوله تعالى : " كان لطيفا خبيرا " في الآية 34 من سورة " الأحزاب " : وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً .

وأخيرا فان " الزلزلة " مجاورة لسورة " البينة " التي لها فص إبراهيم الذي سن القرى وله مرتبة الجسم الكل ، وله في الثمانية العرشية مع ميكائيل الأرزاق من الاسم " الرزاق " الحاكم على هذا الفص اللقماني .

وذكرنا هذه العلاقة بين الفصين
عند الكلام عن سورة فص إبراهيم . . . من ناحية أخرى " فان للرؤية التي ذكرناها في هذا الفص علاقة . . . " مباشرة بالمشاهدة في منزل " البينة " من فاتحتها " لم يكن "
كما فصله الشيخ في منزلها في الفتوحات
وفي كتابه " الفناء في المشاهدة " وفي الباب 22 سمى " البينة " : منزل المشاهدة .

علاقة هذا الفص بلاحقه
ختم الشيخ هذا الفص بالكلام عن الشرك تمهيدا للدخول في منزل فص هارون التالي الذي سورته : " الكافرون " وكلها تعبير عن التبري من الشرك . . .
وختم الكلام باسم " الرحمن " من الآية :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ( الإسراء ، 110 ) كمقدمة أمام بداية الفص الموالي وهي :
" اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت . . . " إلى آخره .
وختم فص هارون بالكلام عن اللطيف الخبير المذكورين في هذا الفص ،
وانتهى بقوله : " فلا بد أن يعبده من رآه بهو . اهـ
 إن فهمت " إشارة إلى الرؤية التي ذكرناها في هذا الفص .
وإلى هذه المشاهدة يشير الشيخ في الأبيات التي افتتح بها الباب 285 المتعلق بمنزل " الزلزلة " وهي :

تناجيني العناصر مفصحات ... بما فيها من العلم الغريب
فأعلم عند ذاك شفوف جسمي ... على نفسي وعقلي من قريب
فيا قومي علوم الكشف تعلو ... بما تعطي على علم القلوب
فان العقل ليس له مجال ... بميدان المشاهد والغيوب
فكم للفكر من خطأ وعجز ... وكم للعين من نظر مصيب
ولولا العين لم يظهر لعقل ... دليل واضح عند اللبيب

يشير بالعين لكلمة " يراه " في السورة .
وانظر كيف ذكر شفوف الجسم ، مما يؤكد علاقة هذا الفص مع فص إبراهيم الذي له مرتبة الجسم الكل .

والجسم هو أثقل الأشياء لغلبة عنصره الأرضي الترابي
وإليه أشار الشيخ في الفقرة من الباب " 559 فتوحات  " المتعلقة بسورة " الزلزلة " حيث جعل عنوانها : " الدليل في حركة الثقيل " إشارة للآيات : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ( 1 ) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ( الزلزلة ،1 - 2 ).

ومن لطيف الاتفاق أن الحرف اللفظي وكذلك الحرف الرقمي لهذه المنزلة الثالثة والعشرين التي لها هذا الفص هو حرف " الثاء " مفتاح كلمة " ثقيل " ، وللثقيل الحركة المنكوسة المخصوصة بالأجسام حول الأرض والنبات المتوجه على إيجاده " الرزاق " في هذه المرتبة الثالثة والعشرين من مراتب الوجود.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالأربعاء مارس 11, 2020 3:04 pm

24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح   

الفص الهاروني على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
المرتبة 24 : لفص حكمة إمامية في كلمة هارونية من الاسم المذل ومرتبة الحيوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود
قيل : بضدها تتميز الأشياء . فالصفة لا تظهر إلا بوجود ضدها .
فظهور الاسم : القوي يستلزم ظهور من يخضع ويذل وينقاد لهذه القوة أي يستلزم وجود ذليل أي يستلزم ظهور اسمه تعالى المذل .
فكانت لهذا الاسم المرتبة 24 وظهر عن توجهه عالم الحيوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود يقول الشيخ في فصل هذه المرتبة ( ب 198 ص 465 ) :
( وإنما اختص الاسم المذل بالحيوان لظهور حكم القصد فيه ولأنه مستعد للإباية لما هو عليه من الإرادة . فلما توجه عليه الاسم المذل صار حكمه من لا إرادة له ولا قدرة ) .
وفي هذا الفصل توسع الشيخ في مفهوم التسخير وهو ما نجده في هذا الفص الهاروني حيث تكلم عن التسخير الحيواني والإنساني والرباني .
ولتكامل فصي هارون وموسى كتكامل القوي والمذل تكلم في فص موسى عن تسخير كل شيء للإنسان الكامل .
ومن المسائل المشتركة بين الفصين أيضا مسألة الحيرة العرفانية والعلم والجهل .......
والحيوان مفطور على الحيرة في اللّه تعالى ........
والملائكة العالون لهم الحيرة والهيام في جمال جلال اللّه تعالى .
وقد قرن الحق تعالى اسمه المذل بالحيوانات في القرآن لأنه ذللها للإنسان وذلل بعضها لبعض فقال في الآية 72 من يس : وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ
وفي الآية 69 من النحل : ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا
وأنسب الأنبياء لحضرة الإذلال الحيواني هارون عليه السّلام .
ولهذا اختص السبط الهاروني في بني إسرائيل بتقديم الأضاحي والقرابين .
وأسكن اللّه روح هارون سماء المريخ الأحمر الخامسة المخصوصة بسفك الدماء وذبح الأضاحي والحروب والقتال وما ينجر عنهما من التسخير والإذلال......
 
ولهذا أيضا نجد يحيى مترددا بين سماء عيسى روح اللّه وسماء هارون مذلل الحيوان لأن الحيوان من الحياة التي هي من خصائص الروح
قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ( العنكبوت ، 64 ) أي الحياة الحقيقية التي مظهرها الإنساني يحيى عليه السّلام .
 
ولهذا كان هو الذي يذبح كبش الموت بين الجنة والنار عند نهاية يوم القيامة .
ولهذه العلاقة الثلاثية ( عيسى - يحيى - هارون ) جاء في القرآن تسمية مريم بأُخْتَ هارُونَ وقد ذكر الشيخ عيسى في هذا الفص .
وأكد على الحيرة لأن الحيوان مفطور على الحيرة في معرفته باللّه كما ذكره الشيخ في الباب 357 من الفتوحات وهو باب منزل سورة النمل .
وقد كان هارون متحققا كمال التحقق بقوله تعالى :أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ( المائدة ، 54 ) كما كان موسى متحققا بباقي الآية :أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
فكان هارون هينا لينا محببا لقومه لما في باطنه من عبودية وتواضع كالأرض التي قال الحق عنها : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا( الملك ، 15 )
 
يقول الشيخ في الباب 167 عن هارون : (  حين أخذ موسى برأسه يجره إليه فأذاقه الذل بأخذه اللحية والناصية ( . . . ) لما ظهر عليه موسى بصفة القهر فلما كان لهارون ذلة الخلق ذوقا مع براءته مما أذل فيه تضاعفت الذلة عنده فناداه بالرحم . . . )
 
ولهذه المرتبة الحرف الرابع والعشرون في النفس وهو الذال .
فانظر كيف وافق اسمه الإلهي المذل .
 
وله من المنازل الفلكية : " سعد السعود " ولهذا ختم الشيخ كلامه في هذا الفصل من الفتوحات بقوله : ( فمن أقامه الحق من العارفين في مشاهدته وتجلى له فيه ومنه فلا يكون في عباد اللّه أسعد منه باللّه ولا أعلم منه بأسرار اللّه على الكشف ) .
 
ولعلاقة هذا الفص بالحيوان
تكررت فيه مشتقات كلمة " حيوان " نحو تسع مرات وكرر كلمة " تسخير " مرات كثيرة " نحو 15 مرة  وذكر سخر –سخرها – مسخر ...الخ 10 مرة "
وذكر العجل وحيوانية الإنسان المتصرفة في حيوانية الحيوان والتحريش بين البهائم ، وأشار إلى الاسم المذل في قوله : " الحيوان انقاد مذللا " .
 
وأما وصف حكمة هذا الفص بالإمامية :
فلأن هارون كان الإمام الأول بعد موسى قطب بني إسرائيل فهو خليفته ووزيره وقد وردت في القرآن كلمة " إماما " أربع مرات منها مرتان متعلقتان بالتوراة في ( هود ، 11 ) و ( الأحقاف ، 12 ) :وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً.
كما وردت كلمة " أئمة " خمس مرات كلها أو أكثرها تتعلق ببني إسرائيل في حال علوهم وحال سقوطهم :
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ( الأنبياء ، 73 )
 وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ( القصص ، 5 )
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا( السجدة ، 24 ) .
فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ( التوبة ، 12 ) .
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ( القصص ، 41 ) .
 
ملاحظة :
في فص إلياس قال الشيخ : " تحققت بحيوانيتي تحققا كليا " أي تحقق بهذه الكلمة الإمامية الهارونية المذللة للحيوان أكمل تحقق
وحيث أن لها الإمامة أي الخلافة فلها صلة بسماء الخلافة حيث روح الخليفة آدم ونفس الخليفة داود - كما سنراه أي سماء القمر - خليفة الشمس - بمنازله الثمانية والعشرين المناسبة لمراتب الوجود وأبواب الفصوص .
 
أي أن في هذا إشارة أخرى إلى أن للشيخ المرتبة 28 الجامعة .




ولهذا ذكر الشيخ في هذا الفص وفي الفصل 34 من الباب 198 المناسب للاسم :
رفيع الدرجات المتوجه على إيجاد المرتبة 28 المخصوصة بخاتم الأولياء المحمديين .

 
وإنما ربط الشيخ بين فصي إلياس وهارون لأن ( العزيز ) وهو الاسم المتوجه على إيجاد مرتبة فص إلياس - وهي المعادن - مرتبط بالاسم المتوجه على الحيوان أي المذل ، فبالمعدن يذبح ويذلل الحيوان وبعزة العزيز يظهر ذل الذليل....
 
وكعادته في التمهيد في آخر كل باب للباب الموالي ختم الشيخ الفص
بذكره للأرواح المدبرة اللطيفة التي لا تدركها الأبصار كمقدمة للدخول لفص موسى المخصوص بمرتبة الملائكة ، ثم بالذي بعده فص خالد المخصوص بالجن
 
وأشار إلى فص الكلمة الخالدية الصمدية بقوله :
" فدعا إلى إله يصمد إليه " فبكلامه على البابين المواليين معا إشارة إلى أن مرتبتيهما متشابهتان إذ أن كلمة جن تطلق على الملائكة أيضا لاشتراكهم في اللطافة والغيبة عن الأبصار ،
 
وقد جعل الشيخ لهم في الباب الثاني من الفتوحات نفس المرتبة الحرفية عند العارفين .
 
وختم الفص بكلمة وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ( النحل ، 9 ) ،
ليشير مرة أخرى لمرتبة الحيوان في هذا الباب لورودها في القرآن مقترنة بالحيوانات في الآية 8 و 9 من سورة النحل :
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ( 8 ) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) .






24 : سورة فص هارون عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الكافرون " التي مدارها حول التبري من الأوثان وتثبيت التوحيد .
وهو نفس موضوع هذا الفص الذي بدأ بعبادة بني إسرائيل للعجل ،
ثم عمم بذكر أعظم معبود وهو الهوى وأكد على معاني الآية :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ( الإسراء ، 023 )
وشرح هذه الآية يوجد في الباب " 275 فتوحات " وفي الوصل السادس من الباب " 369 ف " وذلك الباب وهذا الوصل متعلقان بمنزل سورة الكافرون .
فراجعهما تجد نفس المعاني المختصرة في هذا الفص . . .
 
ففي الباب 275 يقول :
ثم قال : " اعلم أن الذلة والافتقار لا تكون من الكون إلا للّه تعالى فكل من تذلل وافتقر إلى غير اللّه تعالى واعتمد عليه وسكن في كل أمر إليه فهو عابد وثن . . . "
 
فذكر التذلل الذي هو من الاسم " المذل " الحاكم على هذا الفص الهاروني وهو المتوجه على إيجاد " الحيوان " .
وحرف " الذال " مفتاح : " ذل " ومن الحيوان الذلول العجل الذي عبده بنو إسرائيل . . .
وفي هذا الفص كرر الشيخ ذكر الحيوان نحو ثماني مرات
وذكر البهائم وتذليل الإنسان للحيوان وأكد على التسخير أي التذليل . . .
والفص مشحون بمشتقات فعل " عبد " لأن سورة " الكافرون " كذلك . . .
وأواخر الفص تفصيل لآياتها ، فقوله مثلا : " فإنهم وقفوا مع كثرة الصور . . . ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد . . . "
هو شرح لآية :لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ( الكافرون ، 2 )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالخميس مايو 14, 2020 5:27 am

25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح  
25 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية
المرتبة 25 : لفص حكمة علوية في كلمة موسوية من الاسم القوي ومرتبة الملائكة وحرف الفاء ومنزلة الأخبية من برج الدلو .
سريان اللطيف في جميع المراتب يستلزم مقاومته وقهره لجميع الحدود والقيود ، أي يستلزم ظهور الاسم : القوي المتوجه على إيجاد مرتبة الملائكة .
وقد قرنت الملائكة في القرآن بالقوة فوصف الحق تعالى جبريل بقوله :ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ( التكوير ، 20 )   كما قال عنه :عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى( النجم ، 5 ) .
وقال :عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ ( التحريم ، 6 ) .
ومنهم حملة العرش المحيط ، ومنهم إسرافيل الذي يفني الخلق بنفخة ويحييهم بأخرى .
وهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون لقوتهم المستمدة من الاسم المتوجه على إيجاد مرتبتهم أي القوي المتوجه أيضا على إيجاد حرف الفاء ومنزلة سعد الأخبية من الدلو الهوائي
والفاء حرف تفشي النفس في الهواء المناسب بلطافته لطافة الملائكة والجن.
كما ناسبهم لفظ سعد الأخبية فالخبأ هو الستر فهم السعداء المخبئون عن الأبصار . . . ويضاهيهم في الإنسان قواه الروحية .

وأنسب الأنبياء لحضرة القوة هو موسى عليه السلام فقد وصف بالقوة في الآية 26 من القصص :إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ وأمره الحق تعالى بالقوة في الآية 145 من سورة الأعراف فقال له :فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها
كما أمر تعالى قومه :خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ( البقرة ، 63 ) .

وسيرته مشحونة بمظاهر القوة ، فقد سمع كلام اللّه تعالى مباشرة فخص بكمال القوة السمعية وتحدى فرعون وقومه والسحرة وقوم اعوجاج بني إسرائيل وقتل القبطي بوكزة ،
ورمى الألواح ليأخذ بلحية أخيه . . .

وفي كتاب العبادلة نجد بابا تحت عنوان : " عبد اللّه بن موسى بن عبد القوي " .

ولهذا ذكر الشيخ في هذا الفص لفظتي " القوي - قوة " نحوا من ست مرات في بداية الباب الذي افتتحه بالقوى الروحية التي جمعها موسى من جميع الأطفال الذين قتلوا من أجله وأرواحهم كالملائكة لأنهم استشهدوا على صفاء الفطرة .
ومن مظاهر القوة في هذا الفص تسخير كل شيء للإنسان الكامل فبقوة مكانته الحاملة للأمانة كان له هذا التسخير ، حتى إن أقوى الملائكة في خدمته . . .
وشبه الشيخ موسى بالجبل الشامخ في قوته .
ورغم قوته ، فإنه خر صعقا لما تجلى ربه للجبل بعد طلبه الرؤية .
ولهذا نجد الشيخ في الفصل 35 من الباب 198 الذي تكلم فيه عن الاسم القوي والملائكة يتكلم على مسألة هذه الرؤية فيقول : (
وليس في العالم المخلوق أعظم قوة من المرأة لسر لا يعرفه إلا من عرف فيم وجد العالم وبأي حركة أوجده الحق تعالى وأنه عن مقدمتين فإنه نتيجة .
والناكح طالب والطالب مفتقر والمنكوح مطلوب والمطلوب له عزة الافتقار إليه والشهوة غالبة . فقد بان لك محل المرأة من الموجودات وما الذي ينظر إليها من الحضرة الإلهية وبماذا كانت ظاهرة القوة .

 
وقد نبه اللّه على ما خصها به من القوة في قوله في حق عائشة وحفصة :
" وان تظاهرا عليه - أي تتعاونا عليه - فإن اللّه هو مولاه - أي ناصره - وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " .
هذا كله في مقاومة امرأتين وما ذكر إلا الأقوياء الذين لهم الشدة والقوة فان صالح المؤمنين يفعل بالهمة وهو أقوى الفعل . فان فهمت فقد رميت بك على الطريق .

فأنزل الملائكة بعد ذكره نفسه وجبريل وصالح المؤمنين منزلة المعينين ولا قوة إلا باللّه . فدل أن نظر الاسم القوي إلى الملائكة أقوى في وجود القوة فيهم من غيرهم فإنه منه أوجدهم .
فمن يستعان عليه فهو فيما يستعان فيه أقوى مما يستعان به .
فكل ملك خلقه اللّه من أنفاس النساء هو أقوى الملائكة فإنه من نفس الأقوى .
فتوجه الاسم الإلهي القوي في وجود القوة على إيجاد ملائكة أنفاس النساء أعظم للقوة فيهم من سائر الملائكة وإنما اختصت الملائكة بالقوة لأنها أنوار .

وأقوى من النور فلا يكون لأن له الظهور وبه الظهور وكل شيء مفتقر إلى الظهور ولا ظهور له إلا بالنور في العالم الأعلى والأسفل قال تعالى :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وقيل إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما قيل له : أرأيت ربك ؟
فقال صلى اللّه عليه وسلم : نور أنى أراه .
وقال لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه . والسبحات الأنوار . فهي المظهرة للأشياء والمفنية لها .

ولما كان الظل لا يثبت للنور والعالم ظل والحق نور فلهذا يفنى العالم عن نفسه عند التجلي فإن التجلي نور وشهود النفس ظل 
فيفنى الناظر المتجلي له عن شهود نفسه عند رؤية اللّه فإذا أرسل الحجاب ظهر الظل ووقع التلذذ بالشاهد .
وهذا الفصل فيه علم عظيم لا يمكن أن يقال ولا سره أن يذاع ، من علمه علم صدور العالم علم كيفية .
واللّه يقول الحق وهو يهدي السبيل .
فانظر كيف تكلم الشيخ في هذا الفصل على مسألة الرؤية الموسوية للمناسبة بينها وبين فص موسى لاستمدادها معا من الاسم ( القوي ) .

وكلامه على المرأة مناسب لكلامه في هذا الفص عن وجود العالم بحركة الحب بدءا من قوله :
" فان الحركة أبدا إنما هي حبيبة . . . ففر لما أحب النجاة . . . " كما تكلم على أم موسى وامرأة فرعون وبنتي شعيب .
وكلامه في هذا الفصل على تجلي النور مناسب لكلامه في آخر الفص على التجلي والكلام في صورة النار التي طلبها موسى خدمة لأهله :

" كنار موسى رآها عين حاجته  ..... وهو الإله ولكن ليس يدريه "

وإنما ختم الباب بذكر النار ليمهد للدخول لباب الفص الموالي المخصوص بالاسم اللطيف المتوجه على إيجاد الجن وكلمة خالد في الحكمة الصمدية
فألطف الأركان النار التي خلق منها الجن . . . وإلى النار صمد موسى في طلبه حاجته . . . ولخالد قصة إعجاز مع النار .

وأما وصف حكمة هذا الفص الموسوي بالعلوية فلها عدة وجوه :

أولا : ورد الاسم " الأعلى " في القرآن تسع مرات وسمى الحق تعالى موسى به فقال في الآية 68 من طه : قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى
وهذا في مقابلة قول فرعون في سورة النازعات الآية 24 : فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى
فلم يصف الحق تعالى أحدا من الرسل بالأعلى إلا موسى فحكمته علوية لعلو درجته في النبوة والرسالة حيث كلمه اللّه بلا واسطة
وكتب له التوراة بيده تعالى وأيده بكبرى المعجزات وهو القطب الأكبر لبني إسرائيل وللسماء السادسة سماء العلم الذي هو أعلى المنح .

ومن أسماء القطب القرآنية : " المثل الأعلى " .
ثانيا : حيث أن لهذا الفص مرتبة الملائكة فحكمته علوية لأنهم وصفوا في القرآن بالملأ الأعلى قال تعالى في الآية 8 من الصافات : لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى
وفي الآية 69 من ص : ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ
وفي الآيتين 6 و 7 من النجم : ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ( 6 ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى

ثالثا : التكامل بين موسى وأخيه هارون .
فلهارون المرتبة 24 التي لها الاسم المذل المتوجه على أسفل المراتب أي الحيوان الأرضي . ولموسى المقابل أي العلو الملائكي السماوي .


فائدة : في فصول كتاب " عقلة المستوفز " :
ذكر الشيخ أسماء ملائكة مراتب الوجود فلنذكرها هنا باختصار .
* لعالم الملكوت الأعلى الأرواح العالون المهيمون في الجلال والجمال ومنهم القلم الأعلى .
ودونه اللوح المحفوظ . ودونه أربعة أملاك مناسبون لأركان الطبيعة الأربعة وأرواح متحيزة في أرض بيضاء مهيمون في التسبيح والتقديس لا يعرفون أن اللّه خلق سواهم .

* للعرش حملته الثمانية والحافون به هم الملائكة الواهبات وبه مقام إسرافيل ، وتحته ملائكة عالم الهباء .
ثم الكرسي وملائكته المدبرات وبه مقام ميكائيل ، وتحته ملائكة عالم الرفرف وهي المعارف العلى وعالم المثل الإنسانية .
وتحته فلك البروج وملائكته المقسمات وبه مقام جبرائيل .
وتحته ملائكة عالم الرضوان والجنان .
وتحته فلك الكواكب الثابتة وملائكته التاليات وبه مقام رضوان خازن الجنان .
وكل هذه العوالم السابقة من عالم الدوام والبقاء .


وأما عالم الاستحالة وهو عالم الدنيا فهو التالي :
السماء السابعة وكوكبها كيوان وملائكتها النازعات .
وبينها وبين فلك الكواكب الثابتة ملائكة عالم الجلال ومسكن مالك خازن النار وعزرائيل ملك الموت .
وتحتها ملائكة عالم الجمال .
 ثم السماء السادسة وكوكبها المشتري وملائكتها الملقيات ومقدمهم اسمه المقرب .
وتحتها ملائكة عالم الهيبة .
ثم السماء الخامسة وكوكبها الأحمر وملائكتها الفارقات ومقدمهم اسمه الخاشع .
وتحتها عالم البسط .
ثم السماء الرابعة وكوكبها الشمس وملائكتها الصافات ومقدمهم اسمه الرفيع .
وتحتها ملائكة عالم الأنس .
ثم السماء الثالثة وكوكبها الزهرة وملائكتها الفاتقات ومقدمهم اسمه الجميل .
وتحتها ملائكة عالم الحفظ .
ثم السماء الثانية وكوكبها الكاتب وملائكتها الناشطات ومقدمهم اسمه الروح .
وتحتها ملائكة عالم المزج .
ثم السماء الأولى وكوكبها القمر وملائكتها السابحات ومقدمهم اسمه المجتبى.
وتحتها ملائكة عالم الخوف .
ثم كرة الأثير وملائكتها السابقات .
وتحتها ملائكة عالم الشوق .
ثم كرة الهواء وملائكتها الزاجرات ومقدمهم اسمه الرعد .
وتحتها ملائكة عالم الحياة .
ثم كرة الماء وملائكتها الساريات ومقدمهم اسمه الزاجر .
وتحتها ملائكة عالم الذكر .
ثم كرة التراب وملائكتها الناشرات ومقدمهم اسمه قاف .
وعلى كرة التراب عالم الإنسان يخلق اللّه من أعماله وأقواله وخواطره ملائكة هم آخر الملائكة خلقا .


25 : سورة فص موسى عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الفلق " . والاسم الإلهي الوحيد الظاهر فيها هو . " رب الفلق " المناسب للاسم " القوي " الحاكم على مرتبة هذا الفص والمتوجه على إيجاد الملائكة لأن " الفلق " يستلزم القوة الفالقة .
وفي القرآن لم يقترن الفلق مع مخلوق سوى موسى حين فلق البحر بعصاه .

قال تعالى في الآية 63 من الشعراء :
" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم " وفلق موسى الحجر بعصاه فتفجرت منه اثنتا عشرة عينا ،
ووكز القبطي ففلق جسمه وقضى عليه ،
وضم يده إلى جناحه فانفلق كونها بياضا من غير سوء ،
وانفلقت عصاه حية فإذا هي تلقف ما يأفك السحرة . . .
وأعظم من كل هذا انفلاق سمعه بكلام اللّه تعالى مباشرة فقال تعالى وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً ( النساء ، 164 )

وختم الشيخ الفص بالكلام عن نار موسى التي سمع منها الخطاب والتي انفلقت أنوارها من " رب الفلق " ،
هذه الأنوار التي فصلها في الباب " 271 فتوحات " الخاص بمنزل سورة " الفلق " حيث قال الشيخ رضي الله عنه :

 إنه يتعلق بهذا المنزل علم طلوع الأنوار وهي على نوعين أنوار أصلية وأنوار متولدة عن ظلمة الكون . إلى آخره .
وفي آخر هذا الباب يقول إن هذا المنزل من منازل الأمر . أي من السور المفتتحة بالأمر " قل " .
وهو ما يذكر بقوله في هذا الفص : " . . . ما يقع به الأمر الإلهي في خاطري " .
والاسم " الرب " الحاكم على سورة " الفلق " هو الأكثر تجليا في موسى وفصه :
تربية أمه ورضاعها ، وتربية فرعون ، وتربية شعيب ، وتربية الخضر .

وتكرر في هذا الفص هذا الاسم ومشتقاته نحو " 16 " مرة والفص مشحون بصور إعاذة رب الفلق لموسى من شر ما خلق : شر قتل الأبناء ، وشر الإلقاء في اليم ، وشر القبطي ، وشر فرعون وآله وشر السحرة . . .
والاسم " الرب " مع مشتقاته هو الاسم الأكثر ظهورا مع الاسم " اللّه " في القرآن .
واسم " موسى " هو الأكثر ذكرا من جميع الأنبياء إذ تكرر 136 مرة
وبعده " إبراهيم " تكرر 69 مرة
وكان الاسم " الرب " كثير الجريان على لسان موسى كقوله :قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي( المائدة ، 25 ) ،   رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ( الأعراف ، 143 )  ، رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي( الأعراف ، 151 )  ، رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ( الأعراف ، 155 ) ،

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ( طه ، 25 )  ، وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى( طه ، 84 )
رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ( القصص ، 21 ) ، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ( القصص ، 24 ) . . . إلى آخره .

وكلام الشيخ عن موسى والسحرة في هذا الفص مناسب للآية :
وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ( الفلق ، 4 ) .

 

علاقة هذا الفص بلاحقه
في هذا الفص أعاد كلمة " مجنون " وفسرها بـ " مستور " .
فالجن هم المستورون المذكورون في سورة الفص التالي أي سورة " الناس " التي نزلت مباشرة بعد " الفلق " فهي أختها ولها الاسم " اللطيف " المتوجه على إيجاد " الجن " أي الأرواح البرزخية النارية كما أن لهذا الفص الاسم " القوي " المتوجه على " الملائكة " أي الأرواح النورية .
ولهذا ختم الشيخ هذا الفص بالكلام عن نار موسى لأنها ألطف الأركان فناسبت اسم " اللطيف " المتوجه على الجن .

فنورها لملائكة فص موسى من " الفلق " وحرارتها ودخانها لجن فص خالد من " الناس " وأشار إلى الجنة والناس بقوله : " رب المشرق والمغرب " فجاء بما يظهر ويستر وهو الظاهر والباطن . فالظهور للناس والستر للجن.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: 26 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالخميس مايو 14, 2020 5:28 am

26 - فص حكمة علوية في كلمة موسوية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح  

الفص الخالدي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
المرتبة 26 : فص حكمة صمدية في كلمة خالدية من الاسم اللطيف ومرتبة الجن وحرف الباء ومنزلة الفرع المقدم
الحضرة التي لها الاسم الجامع تستلزم سريانها في جميع المراتب المطلقة والمقيدة . فيلزم أن تكون في غاية اللطف .
أي أن الاسم الجامع يستلزم ظهور الاسم : اللطيف .
ولهذا فان المتوجه على المرتبة السادسة والعشرين هو اللطيف فظهرت به عوالم الجن المتميزين بلطافتهم .
حتى إن ألطف ما في الإنسان وهو بصره لا يدركهم إلا بخرق العادة حتى قال تعالى عنهم :إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ( الأعراف ، 27).
وقد قرن تعالى عدم إدراك الأبصار له باسمه اللطيف فقال في الآية 103 من سورة الأنعام :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ
ولهذا قال الشيخ في الفصل 36 من الباب 198 الذي تكلم فيه على هذه المرتبة وفصل بعض مظاهر لطافة الجن : ( اعلم أن نسبة الأرواح النارية في الصورة الجرمية أقرب مناسبة للتجلي الإلهي في الصور المشهودة للعين من الجسم الإنساني وما قرب من النسب إلى ذلك الجناب كان أقوى في اللطافة من الأبعد ( . . . )
فان قلت فالأرواح الملكية جعلت لها الاسم الإلهي القوي مع وجود هذا اللطف فيها من الاسم الإلهي اللطيف .
قلنا صدقت لتعلم أني ما قصدت الاسم الإلهي المعين في إيجاد صنف من أصناف الممكنات إلا لكون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه مع أنه ما من ممكن يوجد إلا وللأسماء الإلهية المتعلقة بالأكوان فيه أثر لكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما فيه فلهذا تنسبه إليه . . . ) .
 
ويسمّي الشيخ الجن : الأرواح البرزخية . فهو مثلا في الباب 22 من الفتوحات يشير لسورة الجن بمنزل الأرواح البرزخية من منازل الأمر :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً( الجن ، 1 )وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً( الجن ، 6 ) يعوذون بهم أي يصمدون إليهم في حوائجهم .
 
ومن هنا كانت نسبة هذه المرتبة اللطيفة مع خالد بن سنان لأن حكمته كما قال الشيخ عنه :
" وأما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية "  ....
 ولم يؤمر بالتبليغ فتمنى أن يحظي بذلك في البرزخ .
وخالد هو الذي أخمد النار التي ظهرت في بلاد عبس وأقرب الأركان للجن والبرزخ هي النار للطافتها ، والجن مخلوقون من مارج من نار .
وفي هذا الباب تكلم الشيخ على الأمنية وأجرها لأنها أمر برزخي بين وقوع العمل حسا والباعث الروحي لها معنى ، أي هي برزخ بين الروح المجرد والحس كنشأة الجن .
وكثير من الأماني التي في الصدور هي من وساوس الجن وخواطر الإنسان تناسب عالم الجن من حيث اللطافة وسرعة تحول صورها ......
 
وأما وصف حكمة خالد بالصمدية فلها عدة وجوه :
أولا : روي أن إحدى بنات ذرية خالد جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ، فقال لها مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه .
وسمعته يقرأ سورة الإخلاص فقالت : كان خالد يقرأ مثلها . والاسم الصمد لم يرد في القرآن إلا في سورة الإخلاص .
فكان هجير خالد اللّه الأحد الصمد .
ثانيا : ورد في سيرة خالد أن قومه كانوا يلتجئون إليه في الملمات أي يصمدون إليه في قضاء حوائجهم ودفع ملماتهم فيكشف اللّه عنهم فله تحقق بالاسم : الصمد .
والسنان من رموز الأحدية والصمدية .
ثالثا : كلمة خالد في اللغة تعني صامد .
فيقال : أخلد إلى الشيء إذا لجأ إليه واستند عليه وصمد إليه
ومنه قوله تعالى : وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ( الأعراف ، 176 ) فمن هذا الوجه تطابق معنى الوصفين خالد صامد .
رابعا : الخوالد في اللغة هي الصخور والجبال لأنها تصمد لمر الدهور . وكلمة صمد تعني أيضا الذي لا جوف فيه كالصخر الخالد .
وقد ذكر الشيخ في الفص الموسوي السابق أن الرسل والأنبياء والكمل هم كالجبال الخوالد
فقال : ( مقاديرهم - يعني السحرة - بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة ) والحبل هو التل الصغير ... 
وسمي الأوتاد أوتادا تشبيها لهم بالجبال.
وفي رسالة الاتحاد الكوني التي أهداها الشيخ إلى من سماه " صخر بن سنان " إشارة واضحة لعلاقة الصخر بخالد ابن سنان الذي سمّاه بعدة أسماء منها " جان بن جان " فهذا الاسم مناسب لمرتبة الجن في هذا الفص الخالدي .....
وفي تلك الرسالة يظهر صخر بن سنان كرمز للشيخ الأكبر نفسه للنسبة العربية والمقام الفردي الصمدي المشترك بينهما فكلاهما من رؤوس الأفراد المقربين :
خالد قبل بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والشيخ بعدها ......
فخالد يمثل مقام الأفراد في الملة الإبراهيمية الحنيفية الصمدية الخالدة إلى آخر الزمان .
 
خامسا : روى الدارمي بسنده عن ابن عباس قصة لخالد بن سنان مع العنقاء . والعنقاء طائر رمزي يحوم فوق قمة جبل قاف المحيط بالأرض .....
وهو الطائر الذي تكلم الشيخ عليه في رسالة صخر بن سنان المسماة أيضا : " الشجرة والطيور الأربعة " ......
والعنقاء عند الشيخ رمز لمرتبة الهباء - أو الهيولى - أي المرتبة الكونية الرابعة المناسبة لفص إدريس الرابع.......
 وبالفعل فثمة علاقة بين خالد وإدريس من جهة وبين الهباء والجن من جهة أخرى ، وبين الأسماء المتوجهة على إيجاد المرتبتين وإمداد الفصين من جهة ثالثة وهي : ( الآخر القدوس ) و ( اللطيف الصمد ) .
 
فإدريس سبق أول الرسل نوح عليهما السلام ،
وخالد سبق في الزمان آخر الرسل صلى اللّه عليه وآله وسلم .....
ولا الطف من الهباء في المراتب الكونية لأنها مجلى كل الصور كالجن يتشكل في أي صورة شاء......
والنار ألطف الأركان ومظهرها الأعظم في الدنيا الشمس وإدريس هو قطب فلكها بالسماء الرابعة .
 
 
26 : سورة فص خالد عليه السلام
كما سبق بيانه ، فإن الاسم الحاكم على مرتبة هذا الفص هو اللطيف المتوجه على إيجاد الجن الناري المذكور في سورة الناس .  فسورة هذا الفص هي الناس .
وقد خصص الشيخ لهذه السورة في الفتوحات الباب 270 والوصل الأول من الباب 369 حيث فصل علاقات الإنسان بالجن والشياطين وأحوالهم .
وكلامه في هذا الفص عن التمني والأمنية مناسب لوساوس الجنة والناس في صدور الناس .
 
ومن أخطر هذه الوساوس إنكار البعث والرسل والجزاء الأخروي ، فأحب خالد عليه السلام إبطال تلك الوساوس بإظهار النبوة البرزخية بعد موته وتهيئة قومه للتصديق بالرسول الخاتم الموعود صاحب فاتحة الكتاب
والتي لها فص سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم الموالي فأشار إليها بقوله عنه : " واعلم أن اللّه أرسله رحمة للعالمين "
تلويحا للآية "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ " ( الفاتحة ، 2 ) وأشار إلى جمعيتها وصلتها بالصلاة وإلى الاسم " الجامع " الممد للفص المحمدي بتكريره للفظة " جمع " في أواخر الفص .
 
قال :كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ...
فإنهم جمعوا بين العمل والنية ....
حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين .
يشير إلى جمع الفاتحة لأمر الحق في نصفها الأول ولأمر العباد في نصفها الثاني وإلى الواسطة الجامعة بين الأمرين في :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ( الفاتحة ، 5 ) كجمع سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم لصورتي الحق والخلق .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالخميس مايو 14, 2020 5:29 am

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح  

الفص المحمدي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
المرتبة 27 : لفص حكمة فردية في كلمة محمدية من الاسم الجامع ومرتبة الإنسان وحرف الميم ومنزلة الفرع المؤخر من برج الحوت
 كمال ظهور الاسم رفيع الدرجات لا يتم إلا في حضرة جامعة لكل الدرجات بحيث تكون تلك الدرجات مرتبطة مع بعضها البعض ومرتبة في تناسق وتكامل .
وهذا يستلزم ظهور الاسم الإلهي الجامع ومظهره هو الإنسان .
ومجلاه الأكمل هو سيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وله حرف الجمعية أي الميم الذي له العدد 40 وهو عدد تمام النشأة .
ولهذا فان لهذه المرتبة السابعة والعشرين الاسم الجامع المتوجه على إيجاد الإنسان وحرف الميم وله ( فص حكمة فردية في كلمة محمدية ) للفردية الإنسانية وللفردية المحمدية وجمعيتهما . فللإنسان الجمعية الوجودية ، ولسيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم الجمعية الإنسانية لأنه هو الإنسان الكامل بالأصالة وغيره من الكمل مظاهره .
وقد ورد الاسم " الجامع " في القرآن مرتين مرتبطا هو ومشتقاته بالإنسان والناس كقوله تعالى :إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ( آل عمران ، 9 ) .إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً( النساء ، 140 ) .وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً( الكهف ، 99 ) .
ولفردية الإنسان مظاهر منها أنه هو المتفرد بأن خلقه اللّه بيديه وعلى صورته ، وتفرد بحمله الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها ، وتفرد بالخلافة العظمى ، وتفرد بسر اسم الذات الأعظم " اللّه " ، وتفرد بجمعه للصورتين الحقية والخلقية وعلمه بالأسماء كلها ، وتفرد بأن سخر اللّه له ما في السماوات والأرض جميعا منه ، إلى غير ذلك من خصوصياته التي فصلها الشيخ في فص آدم عليه السلام وفي كتبه الأخرى . . .
 
يقول الشيخ في الفصل 37 من الباب 198 المختص بهذه المرتبة:
 ( . . . في الاسم الإلهي الجامع وتوجهه على إيجاد الإنسان وله من الحروف حرف الميم وله من المنازل المقدرة الفرع المؤخر .
والاسم الجامع هو : اللّه ولهذا جمع اللّه لنشأة جسد آدم بين يديه فقال : (لما خلقت بيدي) وأما خلق اللّه السماء بأيد فتلك القوة . فان الأيد القوة.
قال تعالى : ( داود ذا الأيد ) أي صاحب القوة ما هو جمع يد ( . . . ) فلما أراد اللّه كمال هذه النشأة الإنسانية جمع لها بين يديه وأعطاها جميع حقائق العالم وتجلى لها في الأسماء كلها فحازت الصورة الإلهية والصورة الكونية وجعلها روحا للعالم وجعل أصناف العالم له كالأعضاء من الجسم للروح المدبر له فلو فارق العالم هذا الإنسان مات العالم ( . . . ) فلما كان له هذا الاسم الجامع قابل الحضرتين بذاته فصحت له الخلافة وتدبير العالم وتفصيله ( . . . ) وكلامنا في الإنسان الكامل ( . . . ) وأعطي المؤخر لأنه آخر نوع ظهر فأوليته حق وآخريته خلق فهو الأول من حيث الصورة الإلهية والآخر من حيث الصورة الكونية والظاهر بالصورتين والباطن عن الصورة الكونية بما عنده من الصورة الإلهية ( . . . ) واستخدم اللّه له العالم كله فما من حقيقة صورية في العالم الأعلى والأسفل إلا وهي ناظرة إليه نظر كمال ، أمينة على سر أودعها اللّه إياه لتوصله إليه ( . . . ) فإنه حاز العماء كله ولهذا كان له حرف الميم من حيث صورته وهو آخر الحروف وليس بعده إلا الواو الذي هو للمراتب فيدخل فيه الحق والخلق لعموم الرتبة) .
 
وعلاقة الفص المحمدي بالجامع والفردية مشهورة وشرحها الشيخ في الكثير من مكتوباته وفي أبواب متفرقة من الفتوحات منها الأبواب : 6 / 12 / 14 / 337 : منزل سورة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم / 338 منزل سورة الأحقاف / 360 منزل سورة النور / 361 منزل سورة المؤمنون / 371 منزل سورة الرعد / 379 منزل سورة المائدة / الخ . . .
 
ومن أجوبته على أسئلة الترمذي في الباب 73 الأجوبة :
73 / 74 / 76 / 77 / 78 / 79 / 144 / 145 / 148 / 150 / 151 / 154 / 155 / . . .  وفي البابين 360 و 361 توسع الشيخ في تفاصيل مكانة الإنسان الكامل
وفي الباب 361 سمى سيدنا محمدا صلى اللّه عليه وآله وسلم الإنسان الكل الكبير الأصلي فقال : ( فجعل الإنسان الكامل خليفة عن الإنسان الكل الكبير الذي هو ظل اللّه في خلقه من خلقه فعن ذلك هو خليفة ولذلك هم خلفاء عن مستخلف واحد فهم ظلاله للأنوار الإلهية التي تقابل الإنسان الأصلي وتلك أنوار التجلي تختلف عليه من كل جانب فيظهر له ظلالات متعددة على قدر أعداد التجلي ) .
 
فتفرد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم في كون نوره الأصلي هو أول الأنوار التي أظهر اللّه منها كل شيء قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ( الزخرف ، 81 ) . وتفرد بإرساله رحمة لجميع العالمين :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ( الأنبياء ، 107)
وتفرد في كونه كان نبيا وآدم بين الماء والطين وتفرد في كونه خاتم المرسلين المبعوث لجميع الخلق وتفرد بالقرآن الجامع والسبع المثاني وتفرد بلواء الحمد والمقام المحمود وفتح باب الشفاعة إلى غير ذلك من خصوصياته الفردية صلى اللّه عليه وآله وسلم . ولهذا نسب الشيخ كلمته إلى الحكمة الفردية وجعل مدده من الاسم الجامع .

صرح بهذا في الباب 270 الذي هو منزل القطب والإمامين من سورة ( الناس ) فقال :
( كموسى صلى اللّه عليه وسلم اسمه عبد الشكور وداود عليه السلام اسمه الخاص به عبد الملك ومحمد صلى اللّه عليه وسلم اسمه عبد الجامع وما من قطب إلا وله اسم يخصه زائد على الاسم العام الذي له ، الذي هو : عبد اللّه ) .
ثم إن عدد هذه المرتبة يدل على تمام الفردية ، وهو العدد 27 الناتج من ضرب الثلاثة في نفسها ثلاث مرات ( 3 3 3 - 27 ) أي سريان سر التثليث في حضرات الذات والصفات والأفعال أو في الظهور والبطون والبرزخ الجامع بينهما .
والثلاثة عند الشيخ هي أول الأفراد ولها حضرة الإيجاد الجامعة لوتر الواحد الفاعل ولشفع الزوج المنفعل ، ونور حقيقة سيدنا محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم هي عين هذه المرتبة الفردية الثلاثية لأنه هو البرزخ الجامع بين وترية الحق تعالى وشفعية الخلق .
وللثلاثة حرف الجيم - وهو الحرف الوحيد الخارج عن القبضة كما ذكره الشيخ في جوابه عن السؤال 120 من أسئلة الترمذي - وهو مفتاح الاسم :
جامع لجمعيته للمظهرين :
جيم الاسم جليل جبار وجيم الاسم : جميل جواد فله الثلاثة : الجلال والجمال والكمال : جمال الطيب وله الصفات ، وجلال الصلاة ولها الأفعال ، وكمال النكاح وله الذات . . .
وفي كل من هذه الثلاثة ثلاثة :
فالطيب صلة بين الشام والمشموم ، والصلاة صلة بين المصلي والحق تعالى ، والنكاح صلة بين فاعل ومنفعل . . . وفي أفعال الصلاة الحركات الثلاثة التي ذكرها الشيخ في هذا الفص : فالوقوف للحركة المستقيمة وهي تناسب عالم الإنسان وركن النار وحركة الفتح بحرف الألف ، والركوع للحركة الأفقية ، وعالم الحيوان وركن الماء وحركة الرفع بحرف الواو ، وللسجود الحركة المنكوسة وعالم النبات وحركة الخفض بحرف الياء وركن التراب ، وللمجموع الحرف الهاوي الذي منه يستمد مقام سقيط الرفرف بن ساقط العرش صاحب آية : ( والنجم إذا هو ى ) - 01 النجم - التي فيها ذكر معراج الرسول صلى اللّه عليه وسلم . والهوي هنا هو الرجوع للخلق بعد العروج للحق على البراق وعلى الرفرف الأحمدي في الصلاة الدائمة .
 
ومجموع أعداد تلك الحروف أو الحركات الثلاثة ( أ + و + ي - 1 + 6 + 10 - 17 ) هو عدد ركعات الصلاة المفروضة كل يوم وهو عدد صفات الحروف . ومع ركعات وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي عددها 11 يكون المجموع 17 + 11 - 28 عدد كل المراتب
( ينظر ما ذكره الشيخ عن سقيط الرفرف بن ساقط العرش في الباب 73 ( ج ص 14 ) والباب : 351 ( ج3  ص 228 ) .
ولهذا المجموع الهاوي ركن الهواء الحامل للحروف والحركات مثل نفس الرحمن الحامل لألف الملكوت الأعلى وواو الجبروت الأوسط وياء الملك الأسفل .
فالألف من اسم أحمد لها القيام والحاء لها الركوع والميم لها السجود وللدال الجلوس المشير إلى ديمومة الصلاة ويناسبه من المولدات عالم المعادن والجمادات التي يتجسد فيها - كما يقول الشيخ - كمال العبودية .

( لاحظ أن عدد " أحمد " - 17 بالجمل الصغير هو عدد ركعات الصلوات المفروضة في كل يوم ) . ومن تأمل أسرار الصلاة وجدها جامعة لكل شيء محمود .
( أنظر ذلك في كتاب " التنزلات الموصلية " للشيخ والباب 69 من الفتوحات )
وقد تفردت الأمة المحمدية تبعا لنبيها وقرآنها بكمال الجمعية فاختصت بيوم الجمعة وبليلة الجمع أي ليلة القدر وبالعبادات الجامعة وبيت اللّه العتيق الجامع الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين . . . وبهذا كان لها الهيمنة على جميع باقي الأمم .

وفي هذا المعني يقول الشيخ في حضرة الاسم المهيمن من الباب ( 559 ) من الفتوحات :
(واعلم أنه من هذه الحضرة نزل هذا الكتاب المسمى قرآنا خاصة دون سائر الكتب والصحف المنزلة .
وما خلق اللّه من أمة من أمم نبي ورسول من هذه الحضرة إلا هذه الأمة المحمدية وهي خير أمة أخرجت للناس ولهذا أنزل اللّه في القرآن في حق هذه الأمة :لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً( البقرة ، 143 ) فنأتي يوم القيامة يقدمنا القرآن ونحن نقدم سائر أهل الموقف . . . الخ . . . ) .

فكلام الشيخ في هذا الفص على الجماع وجوامع الكلم وجمعية الصلاة والفاتحة يستمد من الاسم : الجامع .
وكلامه على النساء والرجل والمرأة والإنسان يستمد من المرتبة الظاهرة بتوجه الجامع أي الإنسان .
وكلامه عن التأخير والنسأة كقوله : ( فابتدأ بذكر النساء وأخر الصلاة ) وقوله :
( فراعى تأخرهن في الوجود عنه فان النسأة هي التأخير . . . ) الخ . . .
يناسب المنزلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة السابعة والعشرين وهي " الفرع المؤخر " وقد تكررت كلمة فرع في الفص عدة مرات . . .

وأما كلامه على الوسع والرحمة فمرجعه أيضا لوسع قلب الإنسان ولرحمة الرحم . . .
ثم إن مرجعية كل ذلك إلى السورة التي يستمد منها هذا الفص الجامع المحمدي وهي - كما سنفصله لاحقا - السورة المحمدية الجامعة التي سمّى الشيخ منزلها في الباب 383 من الفتوحات : " منزل العظمة الجامعة للعظمات وهو من الحضرة المحمدية الاختصاصية " .

واختصره في الباب 559 في فقرة تحت عنوان : " الحضرة الجامعة للأمور النافعة " ،
وهي سورة أم الكتاب التي يقول الشيخ عنها في جوابه عن آخر سؤال من أسئلة الترمذي : ما تأويل أم الكتاب فقال :
الأم هي الجامعة ( . . . ) وكان محمد صلى اللّه عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم فشرعه تضمن جميع الشرائع ( . . . ) وأعطاه أم الكتاب فتضمنت جميع الصحف والكتب وظهر بها فينا مختصرة سبع آيات تحتوي على جميع الآيات كما كانت السبع الصفات الإلهية تتضمن جميع الأسماء الإلهية ( . . . ) فادخرها له ولهذه الأمة ليتميز على الأنبياء بالتقدم وأنه الإمام الأكبر وأمته التي ظهر فيها خير أمة أخرجت للناس لظهوره بصورته فيهم . . . ) الخ . . .
وقد أشار الشيخ في أواخر فص خالد السابق لهذا الفص إلى هذه الجمعية الظاهرة في الفص المحمدي حيث ذكر كلمة الجماعة مرتين وكلمة جمعوا مرة وختم الباب ب " مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين " . . .
والفاتحة هي الجامعة بين الحق والخلق وهي روح الصلاة ، فنصفها الأول خالص للّه تعالى والنصف الآخر للعبد ووسطها الفردي الثالث مشترك جامع :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ .

27 : سورة فص سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم
إنها فاتحة الكتاب السبع المثاني :
العلاقة المتميزة بين الفاتحة وسيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم معروفة . فقد ورد في الحديث أنه اختص بها وحده دون سائر الرسل ونزلت من كنز تحت العرش وهي المقصودة بقوله له تعالى :وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ( الحجر ، 87 ) .
وقد أكد الشيخ الأكبر هذه العلاقة في كثير من مكتوباته كما أكد على علاقة المقام المحمدي بالبسملة وبحرف الباء منها في كتابه حول حرف " الباء "
وفي الباب الخامس من الفتوحات الذي موضوعه البسملة والفاتحة حيث يقول عنها : " . . . أنت لنا السبع المثاني التي خص بها سيدنا دون مين "
وفي باب " مناجاة أسرار مبادى السور " من كتاب " الإسراء " يقول :
" وليس لهم - أي للرسل - في الفاتحة نصيب ، ولارموا فيها بسهم مصيب فاختص بها محمد عليه الصلاة والسلام على جميع الرسل الكرام فهي قوله : متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الماء والطين .
فكان مفتاح النبيين فصح له الوجود أجمع واختص بالمحل الأمنع : أوتيت جوامع الكلم . . . 

ولهذا فتح الشيخ هذا الفص بقوله : " . . . فكان نبيا وآدم بين الماء والطين " إشارة إلى فاتحته صلى اللّه عليه وسلم واختصاصه بكمال الجمعية لأن حقيقته هي أم كتاب الوجود كما أن الفاتحة أم القرآن وإلى جمعية الفاتحة يشير الشيخ حين جعل عنوان منزلها في الفتوحات أي عنوان الباب :
" 383 " منزل العظمة الجامعة للعظمات المحمدية " أي جامعة لما تفرق في سور الفرقان التي عددها " " 114 وهو عدد الاسم " جامع " الحاكم على هذا الفص .

كما جعل عنوانها في فقرات الباب " 55 " 9 تحت عنوان " : الحضرة الجامعة للأمور النافعة - جIVص 406 - وراجع ما ذكره الشيخ حول هذه الجمعية في جوابه عن السؤال " 134 " من أسئلة الترمذي الذي نصه : "ما تأويل أم الكتاب فإنه ادخرها عن جميع الرسل له ولهذه الأمة "

وافتتح الشيخ الفص بكلامه عن الفردية الثلاثية لأن للفاتحة ثلاثة أقسام كثيرا ما أكد عليها الشيخ : فنصفها الأول للّه تعالى ونصفها الثاني للعبد وواسطة النصفين إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ( الفاتحة ، 5 ) يقول الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات : " . . . وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الصفات ظهرت في الوجود في واحد وواحد فحضرة تفرد وحضرة تجمع فمن البسملة إلى الدين إفراد وكذلك من إهدنا إلى الضالين وقوله :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ تشمل . . .

" وكذلك في باب " معرفة أسرار الفرق بين الفاتحة والسورة " من كتاب"  التنزلات الموصلية " يقول الشيخ : " . . . اعلم أن للفاتحة طرفين وواسطة ومقدمتين ورابطة " وإلى هذه الثلاثة يشير أيضا في بداية كتابه " إشارة القرآن في عالم الإنسان "

فيقول" :سرى بي في الزمان الآن حتى أنزلني في الآن فقيل لي : تأمل .
فرأيت الأسماء الإلهية في الماضي ، والأسماء الكونية في المستقبل ، فطلبت الحال فوجدت نفسي فيه وأنا أساله العون واستهديه .
فجمعت بواسطتي طرفي كوني وعيني وكان في ذلك عوني وصوني . . . "
وحيث أن فاتحة الفاتحة هي بسملتها فهي أيضا مثلثة لاحتوائها على الأسماء الثلاثة الأمهات " اللّه رحمن رحيم " ومفتاح البسملة " بسم " ثلاثة حروف أولها حرف " ب " عدده : 3 - 2 + 1 .


وقد أكد الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات على ثلاثية البسملة فقال مثلا : " . . .
أي باسم اللّه الرحمن الرحيم ظهر العالم واختص الثلاثة الأسماء لأن الحقائق تعطي ذلك . . . وتم العالم بهذه الثلاثة الأسماء جملة في الاسم " اللّه " وتفصيلا في الاسمين "الرحمن الرحيم "  . . . " .

فصار في الباء الأنواع الثلاثة :
شكل الباء والنقطة والحركة للعوالم الثلاثة .
فكما في العالم الوسط توهم ما كذلك في نقطة الباء .
فالباء ملكوتية والنقطة جبروتية والحركة شهادية ملكية . . . "
وقد شرحنا هذه العبارات في مبحث خاص طويل حول البسملة والفاتحة عند الشيخ الأكبر . . . وقال أيضا : . . . " ثم اعلم أن كل حرف من بسم مثلث على طبقات العوالم . . . "

ثم بدأ الشيخ في تفصيل الحديث :
" حبب إلي من دنياكم ثلاث ، أي النساء والطيب والصلاة . " فالنساء للاسم " الرحيم " من البسملة لاختصاصهن بالرحم و " الرحيم " آخر البسملة
وإلى هذا التأخر أشار بقوله : " فراعى تأخرهن في الوجود عنه فإن النسأة هي التأخير " ثم شبههن بالطبيعة الكلية لأنها هي الرحم الكبرى للكون كله كما بيناه في مبحث خاص حول " الطبيعة عند الشيخ الأكبر " .
وفي قول الشيخ: " . . . فكان عليه السلام أدل دليل على ربه ، فإنه أوتي جوامع الكلم التي هي مسميات أسماء آدم ، فأشبه الدليل في تثليثه " . . . "
ومعرفة الإنسان بنفسه مقدمة على معرفته بربه فان معرفته بربه نتيجة عن معرفته بنفسه " إشارة إلى علاقة الاسم " الرحيم " بسيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم من جهة وبالنساء من جهة أخرى .
وكثيرا ما يقرن الشيخ بين النفس التي بمعرفتها يعرف العبد ربه والمرأة .

فهو مثلا يقول في الباب " 69 من الفتوحات " ج  ص 408 :
"المرأة هي النفس والخواطر النفسية كلها عورة "فقدم ذكر النساء رغم تأخرهن لأن معرفة النفس مقدمة لمعرفة الرب كتقدم الدليل على المدلول.
وأدل دليل على ربه هو سيدنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فنفسه هي النفس الكلية الجامعة وعقله هو العقل الأول أول مبدع وعابد للّه تعالى .

قال تعالى خطابا له صلى اللّه عليه وآله وسلم : " قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ " ( الزخرف ، 81 ) فانظر كيف قرن الولد بالرحمن لتعلقه بالرحم ولتلك العلاقة بين النفس المحمدية الكلية ومظارها في النفوس الجزئية المشار إليها بالنساء قال الشيخ : " فحن إليهن لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه . . . " .

فكلام الشيخ حول النساء في هذا الفص كله مستمد من الاسم " الرحيم " في البسملة .وكذلك كلامه عن آدم عليه السلام مرجعه للبسملة كما ذكره الشيخ في الباب الخامس من الفتوحات حيث يقول :  الرحيم صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال تعالى :بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ( التوبة ، 128 ) وبه كمال الوجود وبالرحيم تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلقا وإبداعا وكان عليه السلام مبتدأ وجود العالم عقلا ونفسا . . .
فالرحيم هو محمد صلى اللّه عليه وسلم وبسم هو أبونا آدم . . . وذلك أن آدم عليه السلام هو حامل الأسماء قال تعالى :وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها( البقرة ، 31 )
ومحمد صلى اللّه عليه وسلم حامل معاني تلك الأسماء التي حملها آدم عليه السلام وهي الكلم قال صلى اللّه عليه وسلم : " أوتيت جوامع الكلم " .


وفي قول الشيخ : " . . . فظهرت الثلاثة حق ورجل وامرأة . . . " إشارة أخرى إلى الأسماء الثلاثة في البسملة : " اللّه " للحق ، و " الرحمن " للرجل لأن اللّه خلق آدم على صورة الرحمن ، و " الرحيم " للمرأة صاحبة الرحم .
وكلام الشيخ حول الفعل والانفعال والتوجه الإرادي الفعال مرجعه لفاعلية البسملة في التكوين ، فهي كما يقول الشيخ في العديد من مكتوباته ، للعارف بمنزلة " كن " للحق تعالى لا سيما بسملة الفاتحة ،

ففي جوابه عن السؤال " 154 " من أسئلة الترمذي يقول عنها :" . . . وهي آية من فاتحة الكتاب ومن هناك تفعل لا من بسملة سائر السور وما عند الناس من ذلك خبر والبسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة وأما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة " .


وذكر الشيخ المثال : " الفواطم وزيد خرجوا " . فاسم " الفواطم " جمع " فاطمة " يشير إلى علاقة رمزية بين بنته صلى اللّه عليه وسلم " فاطمة الزهراء " التي كان يكنيها بـ " أم أبيها " وبين مقام الرحم الكونية الكبرى أي الطبيعة الكلية أي أم الصور الوجودية ومجلى النفس الرحماني وعنصر الحقيقة المحمدية المرموزة في نقطة باء البسملة .

وللشيخ الأكبر علاقة أصيلة مع فاطمة الأم الكبرى .
أشار إلى ذلك في آخر منزل الفاتحة في الباب " 383 " من الفتوحات بقوله :
" وهو منزل غريب عجيب أوله يتضمن كله وكله يتضمن جميع المنازل كلها وما رأيت أحدا تحقق به سوى شخص واحد مكمل في ولايته لقيته بإشبيلية وصحبته وهو في هذا المنزل وما زال عليه إلى أن مات رحمه اللّه انتهى . " .   


فهذا الشخص هو فاطمة بنت ابن المثنى التي كانت تتصرف بفاتحة الكتاب وكانت تقول له :" أنا أمك الروحانية " وهي بنت ابن المثنى كالفاتحة السبع المثاني وهي من ورثة مقام فاطمة أم أبيها عليهما السلام الأم الكلية الجامعة كمريم أم روح اللّه وكلمته عليهما السلام .


ولهذا نجد الشيخ في بداية كلامه حول الفاتحة بالباب الخامس من الفتوحات يقول :" . . . وهي أم القرآن لأن الأم محل الإيجاد والموجود فيها هو القرآن والموجد الفاعل في الأم . فالأم هي الجامعة الكلية وهي أم الكتاب الذي عنده في قوله تعالى : " وعنده أم الكتاب " فانظر عيسى ومريم عليهما السلام وفاعل الإيجاد يخرج لك عكس ما بدا لحسك فالأم عيسى والابن الذي هو الكتاب العندي أم القرآن مريم عليهما السلام فافهم ".

ولما انتهى الشيخ من الكلام حول النساء استمدادا من " الرحيم " انتقل للطيب استمدادا من " الرحمن " فذكر نسبية الطيب والخبث لأن الرحمن يستغرق أهل اليمين الطيبين وأهل الشمال الخبثاء فرحمته وسعت كل شيء خلافا للاسم الرحيم المخصوص بالسعداء .
ثم انتقل الشيخ إلى الصلاة قرة العين استمدادا من الاسم الثالث الجامع " اللّه "
فأشار إليه بقوله " ولذكر اللّه أكبر" يعني فيها  أي في الصلاة .
وذكر الشيخ الحركات الثلاثة :
المستقيمة للإنسان ويناسبها الاسم " اللّه " ،
والأفقية للحيوان ويناسبها " الرحمن " لاستوائه على العرش المبسوط على الماء ،
والمنكوسة للنبات ويناسبها " الرحيم " المنعطف برحمته نحو الأسفل . . .
وختم الشيخ الفص بالكلام عن الحمد إذ الفاتحة هي سورة الحمد المخصوصة بأحمد صاحب المقام المحمود وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ( يونس ، 10 ) .
وكلام الشيخ في هذا الفص الخاتم عن آدم الفاتح ، يشير إلى انعطاف نهاية دائرة الفصوص على بدايتها . فلفص آدم عليه السلام العقل الأول

ولهذا الفص المحمدي مرتبة الإنسان وعنهما يقول الشيخ في الباب السابع من الفتوحات :
" فكان ابتداء الدائرة وجود العقل الأول . . . وانتهى الخلق إلى الجنس الإنساني فكملت الدائرة ، واتصل الإنسان بالعقل كما يتصل آخر الدائرة بأوله فكانت دائرة . وما بين طرفي الدائرة جميع ما خلق اللّه . . . " .


تناسب أنبياء الفصوص والبروج والشهور وفاتحة الكتاب
كما أن هناك مناسبة بين الأنبياء ومنازل الفلك ، فكذلك توجد مناسبة بينهم وبين البروج الاثني عشر ،    

ذكرها الشيخ في جوابه عن السؤال 144 من أسئلة الحكيم الترمذي فقال:
عن الحديث الشريف : " ليتمنين اثنا عشر نبيا أن يكونوا من أمتي : " فهؤلاء الاثنا عشر نبيا ولدوا ليلا وصاموا إلى أن ماتوا وما أفطروا نهارا مع طول أعمارهم سؤالا ورغبة ورجاء أن يكونوا من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم
فلهم ما تمنوا وجعلهم اللّه اثني عشر كما جعل الفلك الأقصى اثني عشر برجا ،

كل برج منها طالع نبي من هؤلاء الاثني عشر لتكون جميع المراتب تتمنى أن تكون من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم من الاسم الظاهر ليجمعوا بينه وبين ما حصل لهم من اسمه الباطن " انتهى .

وقد خصص الشيخ الباب 463 من الفتوحات لمعرفة الاثني عشر قطبا الذين عليهم مدار العالم ومدار الأمة المحمدية .
كل قطب له برج معين وهو على قدم نبي مناسب لمقامه وله سورة منها مدده فلنذكر هؤلاء الأنبياء ونجعل بين قوسين سورة أقطابهم :
لنوح " يس " والقطب الذي على قلبه هو الإمام المهدي الظاهر في آخر الزمان .
ولإبراهيم " الإخلاص "
ولموسى " النصر " .
ولعيسى " الكافرون " .
ولداود " الزلزلة " .
ولسليمان " الواقعة والمجادلة " .
ولأيوب " البقرة " .
ولإلياس " آل عمران " .
ولوط له " الكهف " والقطب الذي على قلبه يدرك عيسى عند نزوله وهو الذي يقتله الدجال في زعمه وهو الخضر يظهر له على هيئة فتى ممتلئ شبابا .
ولهود " الأنعام " .
ولصالح " طه " والقطب الذي على قلبه هو أشرف الأقطاب لأن سورته أشرف السور في العالم السعيد ويقرؤها الحق تعالى على عباده في الجنة بلا واسطة .
ولشعيب " الملك " . .
وللعلاقة بين البروج والشهور توجد أيضا نسبة بين الأنبياء والشهور القمرية


فيقول في الباب 90 :
" فإن أفضل الشهور عندنا رمضان ثم شهر ربيع الأول ثم شهر رجب ثم شعبان ثم ذو الحجة ثم شوال ثم ذو القعدة ثم المحرم .
وإلى هنا انتهى علمي في فضيلة الشهور القمرية .
" وفي الباب 12 يقول : " وفي الأنبياء من الزمان أربعة حرم : هود وصالح وشعيب سلام اللّه عليهم ومحمد صلى اللّه عليه وسلم وعينها من الزمان ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب " .



ويقول الشيخ عن تلك البروج في الفصل الثالث من الباب 371 :
" وأسكن كل برج منها ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا فهم ما بين مائي وترابي وهوائي وناري وعن هؤلاء يتكون في الجنة ما يتكون " . . . "
ومن هنا قالت الإمامية بالاثني عشر إماما فإن هؤلاء الملائكة أئمة العالم الذي تحت إحاطتهم .
ومن كون هؤلاء الاثني عشر لا يتغيرون عن منازلهم لذلك قالت الإمامية بعصمة الأئمة لكنهم لا يشعرون أن الإمداد يأتي إليهم من هذا المكان وإذا سعدوا سرت أرواحهم في هذه المعارج بعد الفصل والقضاء النافذ بهم إلى هذا الفلك تنتهي لا تتعداه لإنها لم تعتقد سواه .   

وإن كانوا اثني عشر فهم على أربع مراتب لأن العرش على أربع قوائم والمنازل ثلاثة دنيا وبرزخ وآخرة .
وما ثم رابع ولكل منزل من هذه المنازل أربعة لا بد منهم ، لهم الحكم في أهل هذه المنازل فإذا ضربت ثلاثة في أربعة كان الخارج من هذا الضرب اثني عشر فلذلك كانوا اثني عشر برجا " انتهى .

وفي الباب 361 من الفتوحات المتعلق بسورة " المؤمنون " يقول :
فلما قضى اللّه أن يكون لهذه البروج أثر في العالم الذي تحت حيطة سماء هذه البروج جعل اللّه في نشأة هذا الإنسان " اثني عشر قابلا يقبل بها هذه الآثار فيظهر الإنسان الكامل بها " ثم فصل الشيخ تفصيلا وافيا تلك الآثار .

ثم إن هذه الآثار وأولئك الأئمة الأقطاب لهم علاقة بمفاتيح الكنوز الاثني عشر التي ذكرها الشيخ في الباب 379 من الفتوحات المخصوص بمنزل سورة المائدة التي فيها الآية :
" ولقد أخذ اللّه ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا " الآية فذكر أسماء اثني عشر رجلا روحانيا ينشئهم اللّه تعالى من ركعات وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، لكل ركعة رجل .

يقول الشيخ عنهم ما خلاصته :
" اعلم أن الاثني عشر منتهى البسايط من الأعداد : فالأصابع منها تسعة والعقد ثلاثة .
ولكل واحد مشهد الهي لا يكون لسواه ، ولكل واحد رجل من عباد اللّه له حكم ذلك العدد .
فالواحد منهم ليس من العدد . ولهذا كان وتر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إحدى عشرة ركعة كل ركعة منها نشأ رجل من أمته يكون قلب ذلك الرجل على صورة قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم في تلك الركعة وأما الثاني عشر فهو الجامع لهم وهو حق كله في الظاهر والباطن يعلم ولا يعلم وهو الواحد الأول .

وهؤلاء الاثنا عشر هم الذين يستخرجون كنوز المعارف المكنوزة في صور العالم فيستخرجونها بالواحد الأول فهم أعلم الناس بالتوحيد والعبادة ولهم المناجاة الدائمة مع اللّه الذاتية المستصحبة استصحاب الواحد للأعداد .
وربما صورهم هي التي جعلت النبي صلى اللّه عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة لأن صورهم منه في باطنه فإنه كان نبيا وآدم بين الماء والطين فلما ظهر بجسده استصحبته تلك الصور المعنوية فأقامت جسده ليلا لمناسبة الغيب فحكمت على ظاهره بإحدى عشرة ركعة كان يوتر بها فهي الحاكمة المحكومة له فمنه صلى اللّه عليه وسلم " انتشؤوا وفيه ظهروا وعليه حكموا بوجهين مختلفين " إلى آخر ما فصله .


فعدد ركعات يوم كامل هو مجموع الركعات المفروضة في الصلوات الخمس أي 17 ركعة مع عدد ركعات الوتر أي 11 ركعة فمجموعها : 28 لكل ركعة مناسبة خاصة مع نبي من أنبياء الفصوص ومرتبته الوجودية .
وبتأمل أسمائهم نجدها نابعة من الأسماء الحسنى التي عليها مدار أم الكتاب المخصوصة به في مقام " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " ونزلت إليه من كنز تحت العرش .   

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح   كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح Emptyالخميس مايو 14, 2020 5:30 am

27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية الجزء الثاني .كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم الشيخ الأكبر للشيخ عبد الباقي مفتاح

كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنية لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح  

الفص المحمدي على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
27 - فص حكمة فردية في كلمة محمدية
فلنذكر أسماءهم مع ما يناسبها من الفاتحة :
عبد الكبير " اللّه أكبر "بِسْمِ اللَّهِ.   عبد الحميد الْحَمْدُ لِلَّهِ ، / عبد الرحمن وعبد الرحيم الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ/ ،  عبد المعطي وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ/ ،  عبد المؤمن الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ( 6 ) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ/ ، عبد الملك مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ/ ، عبد الهادي اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ / ، عبد ربه رَبِّ الْعالَمِينَ/ ، عبد الفرد إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ/  ، عبد اللّه " بسم اللّه الحمد للّه " / ، عبد المجيب " أمين " . /

وفي عدة مواضع من كتبه يتكلم الشيخ عن الصلة الأصيلة بين القرآن والإنسان الكامل وبين الخاتم المحمدي وأم القرآن فاتحة الكتاب التي ذكرها الشيخ في آخر الفص الآدمي الأول قائلا:
" فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب " .
فالفصوص تفصيل لبعض حقائقها .


وفي الباب 383 من الفتوحات المخصوص بمنزل الفاتحة يبين أن بحقائقها يحفظ اللّه الوجود ، 
وعدد أحكام تلك الحقائق أربعة عشر ناتجة عن ضرب السبعة في الاثنين ، لأنها هي السبع المثاني والقرآن العظيم ، لكل حكم رجل هو مظهر ذلك الحكم في كل زمان ، ومجموعهم يتألف من القطب والإمامين والأوتاد الأربعة والأبدال السبعة ، لكل بدل إقليم ، ولكل وتد جهة ، وللإمامين عالمي الغيب والشهادة ، وبالقطب يحفظ الجميع ، وهم على قلب 14 نبيا هم آدم وإدريس ونوح وإبراهيم ويوسف وهود وصالح وموسى وداود وسليمان ويحيى وهارون وعيسى ومحمد سلام اللّه عليهم ،
ولهم من الأسماء الإلهية اللّه والرب والهادي والرحيم والرحمن والشافي والقاهر والمميت والمحيي والجميل والقادر والخالق والجواد والمقسط

كل اسم إلهي من هذه ينظر إلى قلب نبي وكل نبي يفيض على كل وارث من أولئك الأربعة عشر ولهم من الحروف الأربعة عشر حرفا من أوائل السور المذكورة سابقا ،

وهي مجموعة كلها في الفاتحة المؤلفة من 21 حرفا مع لام ألف وعدد كلماتها : 25 وهو عدد الأنبياء المذكورة أسماؤهم في القرآن وهو حاصل ضرب الخمسة في نفسها والخمسة هو العدد الحافظ لنفسه ولغيره حسب تعبير الشيخ ومع البسملة فعدد كلماتها 29 على عدد المنازل أو الحروف مع لام ألف .


ملاحظة :
عدد البسملة بالحساب المغربي الكبير - باعتبار ألف المد في اللّه والرحمان - يساوي:
1028 وهو عدد له أهمية كبرى عند الشيخ وكثيرا ما يشير إليه إذ هو عدد الصور في إزار "العظمة "
راجع جوابه عن السؤال الأول من أسئلة الترمدي :
" أو عدد مواقع النجوم أي عدد أقسام دائرة فلك المنازل مع السماوات السبعة "
" 71021 + " وهو عدد كل مخارج الحروف في عالم الحيوان " راجع  عقلة المستوفز " .
وهو يساوي مجموع العددين " 281000 + " أي آخر المراتب العددية وآخر المراتب الحرفية ، حيث أن عدد آخر حرف هو : 1000 وهو عدد سجدات الصلوات الخمس مع الوتر خلال شهر قمري مع اعتبار أن لصلاة الجمعة ركعتين فقط :


ففي كل يوم 18 ركعة أي 36 سجدة على عدد وجوه البروج أو مقامات المشاهدة وفي الشهر :
1044 - 29 36 ينقص منه السجدات الناقصة في صلاة الجمعة خلال شهر :
16 - 4 4 فيبقى عدد صور إزار العظمة : 1028 .


وإنما ذكرنا هذا لعلاقة الصلاة بحفظ مراتب الوجود المناسبة لأبواب الفصوص :
فالصلاة حافظة للدين اذ هي عموده ، والدين حافظ للوجود لقوله تعالى : " ولو اتبع الحق أهواء هم لفسدت السماوات والأرض " والحافظ للصلاة هو المصلي الكامل .
فبصلاة الكامل تحفظ مراتب الوجود ولهذا قرنها الحق تعالى بالحفظ فقال : " حافظوا على الصلوات " .
ولهذا ختم الشيخ الفص المحمدي الخاتم الذي هو قطب الفصوص بالكلام على الصلاة .
ومن لطيف الاتفاق أن عدد الاسم  " الحفيظ " هو : 1029 وهو العدد الذي يعتبر عوض 1028 أحيانا لأقسام مواقع النجوم كما أن المنازل تعتبر أحيانا 29 .
عوض : 28 . . . وأما عدده الصغير بالحساب المغربي فهو " حفيظ - 25 " أي 5 5 والخمسة هو عدد الحفظ كما سبق ذكره ، أو عدد كلمات الفاتحة أو عدد الأنبياء المذكورين في القرآن بأسمائهم .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص حكم الشيخ الأكبر ابن العربي للشيخ عبد الباقي مفتاح
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» خطبة الشيخ ابن العربي .كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
»  مقدمة المحقق كتاب مشاهد الأسرار القدسية ومطالع الأنوار الإلهية للشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الطائي الحاتمي
» كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
» شرح الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي على متن كتاب فصوص الحكم للشيخ الأكبر أبن العربي الحاتمي الطائي
» كتاب التنزلات الموصلية الشيخ الأكبر محمد ابن علي ابن محمد ابن العربي الطائي الحاتمي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: