منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 11:02 am

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي على منتدى عبدالله المسافر بالله

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه ولم يكن له نظير 
2255 - كان هناك أحد الخلفاء فيما مضى من أيام ، جعل من حاتم غلاما له في الكرم .
- ولقد رفع راية الإكرام والعطاء ، وقضى علي الفقر والحاجة من الدنيا .
- ومن عطائه صار البحر والدر صافيين ، وغمر جوده العالم من أقصاه إلى أدناه .
- وفي عالم التراب ، يعد الماء والسحاب مظهرا لعطاء الوهاب .
- فمن عطائه البحر والمنجم في اهتزاز وزلزلة ، والقوافل في أثر القوافل قاصدة جوده .
 
2260 - كان بابا وبوابة لقبلة الحاجات ، وذاع في الدنيا صيته بالجود .
- وقد بقي من جوده وسخائه في عجب ، سواء العجم والروم وسواء الترك والعرب .
- كان ماء الحياة وبحر الكرم ، وقد حيا منه العرب والعجم[ حكاية الأعرابي الفقير وما حدث لزوجته معه .
 
قصة الأعرابي الفقير وما حدث لزوجته معه بسبب إملاقه وفقره
 
- ذات ليلة تحدثت امرأة أعرابية مع زوجها ، وجاوزت الحد في القول .
- إننا نعاني كل هذا الفقر والشظف ، والعالم كله في هناء ، ونحن في إملاق ! 

 
« 217 »
 
2265 - ولا خبز لدينا ، وإن وجد ، فأدمنا الألم والكمد ، ولا آنية لدينا ، وماؤنا من دموع العين .
- وساترنا في النهار حرارة الشمس ، وحشيتنا ولحافنا في الليل ضوء القمر .
- ونحن نرفع أيدينا إلى السماء ظانين أن قرص القمر رغيف من الخبز .
- وإن فقرنا ليزرى بالفقراء ، والنهار والليل يتواليان علينا في هم الرزق .
- والقريب والغريب صارا نفورين منا ، كنفور الناس من السامري .
 
2270 - فلو طلب أحد منا حفنة من العدس ، لقيل له أصمت ليكن لك الموت والعار .
- أليس العرب يفخرون بالغزو والعطاء ؟ إذن فأنت في العرب كالخطأ في الخط .
- أي غزو ؟ ونحن بلا غزو قد قتلنا أنفسنا ، وأصبحنا من سيف الفقر بلا رؤوس ! ! 
- وأي عطاء ؟ ونحن على الفقر مقيمون ، ونحن نفصد الذبابة " الطائرة " في الهواء .
- وإن حل بنا ضيف فإنني أنا نفسي أجرده من ثيابه ليلا وهو نائم . « 1 »
 
اغترار المريدين المحتاجين بالمدعين المزورين وظنهم إياهم مشايخ محترمين وواصلين 
وعدم معرفتهم الفرق بين النقل والعيان وبين المقيد ومن نبت له جناح
 
2275 - ومن هنا قال العلماء بفن ، ينبغي النزول ضعيفا على المحسنين .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 150 : -
وعلى هذا النحو جاوزت الحد في هذا القبيل من العبارات لزوجها .
 –  لقد أصبحنا أذلاء من العناء والفقر ، واحترقنا من الفاقة والاضطرار .
- وحتام نتحمل نحن هذه الذلة ، غارقون في بحر عميق من نار .
- ولو حل بنا ضيف فجأة ذات نهار ، فإننا نخجل أمامه أشد الخجل .
 - ولو دخل علينا ضيف دون أن يتثبت ، لجعلنا من نعله قوتا لنا .
 
« 218 »
 
- وأنت تصبح مريدا " وتنزل " ضيفا على ذلك الذي يأخذ منك ما لديك من خسته .
- فلا مكنة لديه . . فكيف يعطيك المكنة ؟ إنه لا يعطيك نورا بل يجعلك مظلما .
- وما دام هو نفسه لا نور لديه مقترن به ، فكيف يجد الآخرون منه النور ؟
- فمثله كمثل الأعمش الذي يشتغل بالكحالة ، فما ذا يضع في العيون إلا الهباء ؟
 
2280 - فهكذا حالنا في الفقر والعناء ، فلا خدع بنا ضيف قط .
- وإن لم تكن قد رأيت قحطا دام عشرة سنوات مصورا أمامك ، فافتح عينيك وانظر إلينا .
- فظاهرنا كأنه باطن المدعي ، في قلبه الظلمة ولسانه مشع بالنور .
- فليس لديه مثقال ذرة من الله ولا أثر ، لكن ادعاءه أكثر من شيث وأبي البشر .
- وحتى الشيطان لم يبد له صورته ، وهو لا يفتأ يقول : إنني متقدم في الطريق عن الأبدال .
 
2285 - ولقد سرق الكثير من كلام الدراويش ، حتى يُظن أنه إنسان .
- وهو يدقق في الكلام علي أبي اليزيد ، ويزيد يشعر بالعار من باطنه .
- إنه بلا قوت من خبز السماء ومائدتها ، ولم يلق إليه الحق حتى بعظمة .
- ولقد هتف قائلا : لقد مددت الموائد ، وأنا نائب الحق وابن الخليفة .
- هيا يا سذج القلوب ، يا من غمضت عليهم الأمور ، حتى تملأوا بطونكم علي مائدة جودي بالهباء .
 
2290 - ولسنوات على وعد الغد الذي لا يتحقق ، تجمع أناس حول ذلك الباب ، والغد لا يصل أبدا .

 
« 219 »
 
- وإنما ينبغي وقت طويل حتى يصبح سر الإنسان ذائعا ، قليلا كان أو كثيرا ؛
- وهل يوجد أسفل جدار البدن كنز أو جحر حيات ونمل وأفاع ! !
- وعندما يصير واضحا أنه لم يكن هناك شيء ، ويكون عمر الطالب قد ذهب ، فبما ذا يفيده هذا العلم إذن ؟ ؟
 
في بيان أنه من النادر أن يحدث أن يصل مريد يعتقد صادقا في مدع مزور أنه على شيء 
ويصل بهذا الاعتقاد إلى مقام لم يكن شيخه قد وصل إليه حتى في النوم ،
فلا يؤذيه ماء ولا تؤذيه نار وتؤذي شيخه . . . لكن هذا في النادر النادر
 
- لكن من النادر أن يعاين الطالب من نوره ، ما ينتفع به من مثل هذا الباطل .
 
2295 - إنه يصل إلى مقام ما بحسن نيته ، حتى وإن ظنه روحا واتضح أنه جسد . « 1 »
- مثل المتحري عن القبلة في الليل الداج ، وإن أخطأها ، فإن صلاته تجوز .
- إن المدعي ليحس بقحط الروح من داخله ، لكن لدينا نحن قحط الخبز ظاهرا علينا .
- فلماذا نخفيه كما يخفي المدعي باطله ، ونهلك أرواحنا من أجل تقاليد بالية ؟ !
 
أمر الأعرابي لزوجته بالصبر وبيانه لها فضيلة الصبر والفقر
 
- فقال لها الزوج حتام تطلبين الزرع والدخل ؟ وما الذي تبقى أصلا من العمر ؟
لقد مر أكثره .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 159 : - إنما تبدو لذلك المريد أحوال ، لا تبدو لشيخه في سنين .

 
« 220 »
 
2300 - والعاقل لا ينظر إلى الزيادة والنقصان ، لأن كليهما يمضي كما يمضي السيل .
- فسواء كان السيل صافيا وسواء كان كدرا ، ما دام لا يمكث ، لا تتحدثي عنه ! ! 
- وهناك في هذا العالم آلاف الأحياء ، تعيش عيشا حسنا لا صعود فيه ولا هبوط .
- وإن الفاختة لتشكر الله وهي على فننها ، لم يتهيأ لها قوت الليل .
- والعندليب يحمد الله قائلا : الاعتماد عليك في الرزق أيها المجيب ! !
 
2305 - والبازي جعل رجاءه في يد المليك ، وقطع رجاءه عن كل الجيف .
- وهكذا دواليك من البعوضة حتى الفيل ، الجميع عيال الله والحق " نعم المعيل " 
- وإن كل هذه الأحزان التي في صدورنا ، هي من بخار كبريائنا ووجودنا وترابهما .
- فلتقتلع هذه الأحزان ما دام المنجل معنا ، ف " هكذا صار وهكذا كان " وسواس لنا .
- واعلم أن كل ألم هو قطعة من الموت ، فادفع عن نفسك جزء الموت إن كان ثمة وسيلة .
 
2310 - وإن لم تستطع الفرار من جزء الموت ، فاعلم أن " كله " سوف ينصب على رأسك .
- وإن لذلك جزء الموت ، اعلم أن الله تعالى سوف يجعل كله عليك حلوا .

« 221 »
 
- والآلام إنما تأتي رسولا من الموت ، فلا تشح بوجهك عن رسوله أيها الفضولي .
- وكل من يحيا حياة حلوة يموت موتا مرا ، وكل من يعبد الجسد لم يظفر بالروح .
- إنهم يسحبون الخراف من المرعي ، ويذبحون ما يكون أسمنها .
 
2315 - لقد مضي الليل وأقبل الصبح يا قمر « 1 » فحتام تعيدين وتزيدين في أسطورة الذهب هذه .
- لقد كنت شابة وكنت أكثر قناعة ، وصرت طالبة للذهب ، وقد كنت ذهبا .
- كنت كرمة مليئة بالثمار ، فكيف أصبحت خاوية ؟ فهل أصابك الخراب أو ان نضج فاكهتك ؟
- وينبغي أن تكون فاكهتك أكثر حلاوة ، لا كديدن جادلي الحبال ، يسيرون إلى الخلف .
- أنت زوجي ، والزوجة ينبغي أن تشارك زوجها صفاته ، حتى تتم الأمور كلها على سبيل المصلحة .
 
2320 - وينبغي أن يكون الزوجان متماثلين ، وانظري إلى زوجين من الآحذية أو من الجراميق .
- وإذا ضاقت فردة حذاء على القدم ، لا يفيد زوج الأحذية بشيء .
- ومصراعا الباب ، هل أحدهما كبير والآخر صغير ؟ وهل رأيت قط في الغاب أن ذئبا يكون زوجا لأسد ؟
...............................................................
( 1 ) في نص نيكلسون يا تمر وهو تلخيص اسم تيمور وهكذا تبعه أغلب المترجمين والشراح وبما أن حديث الأعرابي لزوجته يبدأ بالبيت فقد اخترت ما ارتآه جعفري " 2 / 161 " وترجمتها يا قمر . .
 
« 222 »
 
- ولا يستقيم عدلان أبدا على بعير ، حين يكون أحدهما خاليا والآخر مليئا طافا .
- إنني أمضي صوب القناعة قوى القلب، فلما ذا تتجهين أنت نحو الشنعة والافتضاح؟
 
2325 - وهكذا ظل الرجل القانع يتحدث إلى زوجته بإخلاص وحرقة حتى طلع الصباح .


نصح المرأة لزوجها قائلة : لا تزد في الكلام عن سلوكك ومقامك
" لم تقولون ما لا تفعلون " فإذا كانت هذه الكلمات صادقة فمقام التوكل ليس لك ،
وهذا الحديث بما فوق مقامك ومعاملتك فيه ضرر وينطبق عليه قوله تعالى " كبر مقتا "
 
- صاحت به المرأة : يا مقيما على الشرف ، إنني لن أتجرع خداعك أكثر من ذلك .
- فلا تتحدث بالترهات ادعاءً ونفاجا ، وامضِ ، فلا تتحدث عن كبريائك وعنجهيتك .
- فحتام هذه القعقعة والتظاهر بالأبهة ، انظر إلى أمرك وحالك ، وأخجل ! !
- فالكبر قبيح ويكون أقبح من الشحاذين ، أيكون الجو باردا تتساقط فيه الثلوج وثم رداء مبلل ؟ !
 
2330 - فحتام الادعاء والتنفج والكبرياء ؟ يا من لك بيت كبيت العنكبوت ! !
- ومتى نورت الروح بالقناعة ؟ ! لقد تعلمت من أنواع القناعة مجرد الاسم ! !
- لقد قال الرسول : ما القناعة ؟ إنها كنز ، وأنت لا تستطيع أن تميز بين الكنز وبين التعب .
- فليست هذه القناعة إلا الكنز السيار ، فلا تنفج ، يا حزنا وألما ماشيا على قدم .

 
« 223 »
 
- ولا تسمني زوجة ، وكفاك تلطفا معي ، إنني زوج بالإنصاف ، لا بالنفاق والحيلة .
 
2335 - فكيف تمشي مع الأمير ومع العظيم ، وأنت " من الفقر " تفصد الجرادة في الهواء ؟ !
- وأنت في نزاع مع الكلاب من أجل عظمة ، في أنين دائم كبوصة مفرغة الجوف .
- فلا تنظر إليّ باحتقار وباستهانة شديدة ، حتى لا أقول لك ماذا يجري داخل عروقك .
- فهل رأيت عقلك زائدا عن عقلي ؟ وكيف رأيتني إذن ناقصة العقل ؟
- ولا تفاجئني بالهجوم وكأنك الذئب ، يا من يكون المجنون أفضل من عار عقلك ! !
 
2340 - وما دام عقلك عقيلة " أمام " عقول الناس ، إنه ليس بعقل ، إنه ثعبان وعقرب .
- وليكن الله خصيما لظلمك ومكرك ، وليبعد عنا فضلك وعقلك .
- أتكون الحية والمشعوذ معا ويا للعجب ! ! وتكون الحية وصيادها معا . . يا عار العرب .
- ولو كان الزاغ يعلم مقدار قبحه ، لذاب كالثلج ألما وغما .
- والمشعوذ يتلو رقاه كالعدو ، فهو يطلسم الحية ، والحية تطلسمه ! !
 
2345 - ولو لم تكن شبكته هي رقية الحية ، فمتى صادت الرقية والتعويذة حية ؟ .

 
« 224 »
 
- ومشعوذ الحيات من حرصه على الكسب والعمل ، لا يفهم في ذلك الزمان سحر الحية ! !
- إذ تقول له الحية : أيها المشعوذ حذار حذار ، هل رأيت أولا ما لديك ؟ أنظر الآن إلى رقيتي ! !
- إنك قد خدعتني باسم الحق ، حتى تجعلني مفتضحة بالاضطراب والشر ! !
- وإنما قيدني لك اسم الحق ، لا مهارتك ، لقد جعلت من اسم الحق شبكة ، فالويل لك .
 
2350 - وسوف يأخذ لي اسم الحق حقي منك ، فلقد أسلمت اسم الحق الروح والجسد .
- فإنما إن يقطع عرق روحك بلدغة مني ، أو يحملك إلى السجن كما حملتني .
- ومن هذا النوع من خشن القول، أسمعت المرأة زوجها الشاب ما يملأ قراطيس .«1»
 
نصيحة الرجل للمرأة قائلا : لا تنظري باحتقار إلى الفقراء
وانظري إلى فعل الحق بظن الكمال ،
ولا تعذلي الفقر والفقراء بظنك وتخيلك أنك فقيرة
 
- قال : أيتها المرأة . . هل أنت امرأة أو منبع حزن ؟ ! أن الفقر فخر ، فلا تحقريني .
- فالمال والذهب يكونان بمثابة القلنسوة على الرأس ، والأقرع هو الذي يلجأ إلى القلنسوة .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 171 : عندما سمع الرجل هذه الشتائم من المرأة ، استمع إليه ما ذا قال بعدها .


 
« 225 »
 
2355 - وذلك الذي يكون ذا جدائل متموجة جميلة ، يكون أسعد عندما تضيع قلنسوته .
- ورجل الحق يكون بمثابة البصر ، ومن ثم يفضل أن يرى الأمور مكشوفة وليست مستترة .
- وذلك النخاس عند عرضه لبضاعته ، يخلع عن العبد الثوب الذي يستر العيوب .
- ومتى يعريه أن كان فيه عيب ؟ بل إنه يكسوه بثوب الخدعة .
- ويقول : إنه خجول من الصالح والطالح ، ومن العري ينفر منك .
 
2360 - والسيد غارق في العيوب حتى أذنيه ، لكن عند السيد مالا ، والمال ستار العيوب ! !
- ومن الطمع ، لا يرى طامعٌ عيبه ، ولقد صارت الأطماع مجمعا للقلوب .
- ولو أن الفقير تحدث بكلام كالذهب النضار ، لا تجد بضاعته طريقا إلى حانوت ! ! 
- وإن أمر الفقر لمما يجل على فهمك ، فلا تنظري إلى الفقر باستهانة .
- ذلك أن الدراويش تجاوزوا الملك والمال ، ولهم رزق عظيم من ذي الجلال .
 
2365 - والله تعالى عادل ، ومتى يوقع العادلون الظلم على مسلوبي القلوب ؟ !
- وهل يوجب لأحدهم النعم والمتاع ، ويوضع آخر على حافة النيران ؟
- ألا فلتحرقن النار من يظن هذا الظن في الله خالق الدارين .
- وما ذا عن الفقر فخري ؟ أهي من زخرف القول والمجاز ؟ لا ، بل إن في طياتها آلاف من أنواع العز والدلال .

 
 
« 226 »
 
- ولقد لقبتني بألقاب كثيرة من غضبك ، وسميتني بصياد الحيات ومن هو في طبع الحيات .
 
2370 - وأنا لو صدت حية أخلع أسنانها ، حتى لا يدقن أحدٌ رأسها من بعد .
- ذلك أن أسنانها عدوة شديدة العداوة لها ، وأنا أقضي على العدو بعلم الحبيب .
- وأنا لا أتلو رقية أبدا على سبيل الطمع ، فلقد جعلت الطمع منقلبا .
- حاشا لله ، فليس طمعي في الخلق ، وهناك في قلبي عالم من القناعة .
- إنك ترين هكذا لأنك فوق شجرة الكمثرى ، فاهبطي من فوقها ، حتى لا يبقى لديك ذلك الظن .
 
2375 - وعندما تدورين حول نفسك ويصاب رأسك بالدوار ، ترين الدار تدور ، والأمر كله منك.
 
بيان أن حركة كل امريء من حيث يكون ، كل إنسان ينظر من كوة وجوده ، فالشمس تبدو لك زرقاء عندما تنظر إليها من وراء زجاج أزرق ،
وعندما تنتفي الألوان عن الزجاج تصبح بيضاء ، ويكون أصدق من كل الزجاج الآخر ، ويكون إماما
 
- لقد رأى أبو جهل أحمد فقال : يا لها من صورة قبيحة تلك التي ظهرت من بين بني هاشم .
- فقال له أحمد : حقا ما قلت . . صدقت ، هذا برغم أنك بالغت ! !
- ورآه الصديق فقال : أيتها الشمس ، لا أنت بالشرقي ولا بالغربي ، فتألق سعيدا ! !
- فقال أحمد : صدقت أيها العزيز ، يا من نجوت من الدنيا التي لا تساوي شيئا .
 
 
« 227 »
 
2380 - فقال الحاضرون : يا صدر الورى ، لقد قلت للقائلين الضدين : صدقت ، فلما ذا ؟
- قال : إنني مرآة صقلت بيد الإله ، ويرى التركي والهندي فيّ ما هو عليه . « 1 »
- فيا أيتها المرأة إن كنت ترينني طماعا ، لترتفعي عن هذا التحري النسوي ! !
- فإن ما فيّ يشبه الطمع لكنه رحمة ، وأين الطمع حيثما تكون النعمة ؟ !
- فامتحني أنت الفقر يوما أو يومين ، حتى ترين في الفقر الغني مضاعفا .
 
2385 - واصبري على الفقر ، ودعك من الملال منه ، ذلك أن في الفقر عز ذي الجلال .
- فلا تتاجري في الخل ، وانظري إلى آلاف الأرواح ، من القناعة غارقة في بحر العسل .
- وانظري إلى آلاف الأرواح تتحمل المرارة ، وكأنها الورود منقوعة في محلول السكر بالورد .
- ووا أسفاه ، لو كان لديك الاستيعاب ، لكنت وجدت في روحي شرح ما يجرى في القلب ! !
- وهذا الكلام بمثابة اللبن في ثدي الروح ، وبلا جاذب حلو لا يجري عذبا زلالا .
 
2390 - وعندما يصير المستمع ظمآنا جادا في الطلب ، يصبح الواعظ فصيحا مفوها وإن كان ميتا .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 183 : - وكل من تكون مرآته أمامه ، يرى فيها طيبه وقبيحة .

 
« 228 »
 
- وعندما يكون المستمع منتبها حاضرا خاليا من الملل ، يصبح للأبكم مائة لسان قوال .
- وعندما يدخل غير مأذون له من الباب ، فإن أهل الحرم يختبئن خلف الستار .
- وإن دخل محرم لا ينتظر منه الضرر ، فإن أولاء المنقبات يكشفن النقاب .
- وكل ما يفعله المرء من حسن أو جميل ، فإنما يفعله من أجل عين ناظرة .
 
2395 - ومتى تكون ألحان الصنج والخفيض والجهير ، أمن أجل أذن أصم محروم ؟ ! 
- والحق لم يخلق المسك العبق عبثا ، لقد جعله من أجل حس الشم ، ولم يجعله من أجل الأخشم . « 1 »
- ولقد خلق الحق الأرضين والسماوات ومن بينهما ، وأشعل كثيرا من النيران ، وخلق كثيرا من النور .
- وجعل هذه الأرض من أجل بني آدم ، كما جعل السماوات مسكنا للملائكة .
- والسفلي يكون عدوا للعلوي ، ويكون ظاهرا وواضحا طالب كل مكان .
 
2400 - ويا أيتها السيدة ، هل نهضت مرة واحدة وزينت نفسك من أجل أعمى ؟ ! ! 
- ولو أنني ملأت الدنيا بالدر المكنون ، ولم يكن من رزقك ، فما ذا أفعل ؟
- فاتركي النقار أيتها المرأة وقطع الطرق ، وإن لم تفعلي فاتركيني .
- فأي موضع للقتال بالنسبة لي مع الطيب والشرير ؟ وقلبي هذا ساكن لأنواع السلام . « 2 »
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 184 : - والحق لم ينفخ في الناي عبثا ، بل فعله من أجل الأنس ، لا من أجل أنه يحس بلفح الحر .
( 2 ) ج / 2 - 184 : - فلا تدقي بالمبضع جراحي هذه ، ولا تطعني روحي المسلوبة .


 
« 229 »
 
- وإن صمت فبها ، وإلا فإن ما عليّ أن أفعله هو أن أترك هذه الدار في التو واللحظة . « 1 »
 
تطييب المرأة لخاطر زوجها واعتذارها عن قولها
 
2405 - وعندما رأت المرأة أنه حاد عنيد ، بكت ، والبكاء في الأصل هو شباك المرأة .
- وقالت : متى ظننت فيك هكذا ؟ لقد كان أملي فيك غير هذا ! !
- ولقد دخلت المرأة من طريق العدم ، وقالت : إنني تراب " تحت قدمك " ولست بالسيدة ! !
- وأنا لك جسدا وروحا مهما أكون ، والأمر والحكم برمته أمرك وحكمك .
- وإن كان قلبي من الفقر قد فارق الصبر ، فليس ذلك من أجل نفسي ، بل من أجلك أنت ! !
 
2410 - ولقد كنت لي الدواء من آلامي ، وأنا لا أريد أن تكون خاوي الوفاض .
- وبحق حياتك ، ليس هذا من أجلي ، بل من أجلك أنت شكواي وأنيني .
- وواللّه ، إن وجودي كله من أجل وجودك ، وهو في كل لحظة يود لو يموت من أجلك .
- وليت روحك - جعلت روحي فداها - تقف على ما يدور في ضمير روحي .
- وما دمت معي هكذا على هذا الظن ، فلقد ضقت بروحي وضقت بجسدي .
 
2415 - وكيف نحصل على التراب ونجعله ذهبا ، وأنت معي هكذا يا سكونا للروح
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 184 : -
والحفاء أفضل من الحذاء الضيق ، وألم الغربة أفضل من الشجار في المنزل .

 
« 230 »
 
- وأنت الذي تستقر في روحي وفي قلبي ، ولهذا السبب التافه تتبرأ مني ؟ !
- فتبرأ ، فإن القدرة في يدك ، يا من تبرؤك مني ، يصرف عني روحي ! !
- وتذكر أيام كنت بالنسبة لك كالوثن وأنت كعابد الوثن ! !
- ولقد أشعلت قلبي وفقا لهواك ، وكلما تقول أنه نضج ، يقول : بل احترق ! !
 
2420 - وأنا " كالسبانخ " بين يديك ، تطبخني بما تشاء ، بحامض أو بحلو ، بما يطيب لك ! !
- ولقد نطقت كفرا . . والآن عدت إلي الإيمان ، وأمام حكمك جئت مخلصة تماما .
- وأنا لم أعرف طبعك الملوكي ، وسقت الحمار أمامك بوقاحة .
- وعندما صنعت من عفوك مصباحا ، تبت ، ونبذت الاعتراض .
- وإنني لأضع أمامك السيف والكفن ، وأمد رقبتي أمامك ، فاقطع .
 
2425 - أتتحدث عن الفراق المر ؟ افعل ما تشاء ، إلا هذا .
- وفي داخلك مني سر طالب للعذر ، وهو معك مستمر ، بدون شفيع .
- والذي يعتذر عني في داخلك أنت هو خلقك ، واعتمادا عليه أجرم قلبي .
- فارحم خفيةً عن نفسك أيها الغاضب ، يا من خلقك أحلى من مائة من من العسل .
- وأخذت تتحدث على هذا النسق بلطف وانبساط ، وأثناء ذلك غلبها البكاء .
 
2430 - وعندما جاوز البكاء والعويل الحد ، منها هي ، التي كانت فاتنة حتى دون بكاء .
- وانطلق برق من بين ذلك المطر ، فأضرم في قلب الرجل الوحيد الشرر .
- وتلك التي كان الرجل عبدا لوجهها ، كيف يكون الحال عندما تبدأ هي العبودية ؟
 
 
« 231 »
 
- وتلك التي يكون من كبريائها مرتعد القلب ، كيف يكون الحال عندما تصبح باكية أمامه ؟
- وتلك التي من دلالها يكون القلب والروح دما ، حين تبدأ في التضرع ، كيف يكون حاله ؟ !
 
2435 - وتلك التي تكون فخاخنا دائما في جورها وجفائها ، ما ذا يكون عذرنا إن نهضت هي للاعتذار ؟
- " زين للناس " ولقد زينها الحق ، وما زينه الحق ، كيف يمكن الفرار منه ؟
- وإذا كان قد خلقها من أجل أن " يسكن إليها " ، فمتى يستطيع آدم أن ينفصل عن حواء ؟
- وحتى وإن كان رستم بن زال . . وأقوى من حمزة ، إنما يكون أسيرا في يد أنثاه ! ! 
- وذلك الذي ثمل العالم بأقواله ، كان يصيح " كلميني يا حميرا " .
 
2440 - لقد صار الماء غالبا على النار بعنفوانه ، لكنه يغلي من النار عندما يكون في حجاب .
- فعند ما يحول قدر بينهما ، تعدم ذلك الماء وتجعله بخارا .
- وإذا كان الرجل غالبا للمرأة في الظاهر غلبة الماء " للنار " ، إلا أنه مغلوب في الباطن وطالب للمرأة .
- إن مثل هذه الخاصية موجودة في الإنسان ، والحب قليل بين الحيوان ، وهذا من دنو مرتبته .

« 232 »
 
في بيان هذا الخبر القائل : إنهن يغلبن العاقل ويغلبهن الجاهل
 
- قال النبي عليه السلام : إن النساء يغلبن العاقلين تماما وأصحاب القلوب .
 
2445 - ثم إن الجهال يغلبون النساء ، ذلك أنهم شديد والحدة ويسيرون على العشواء .
- وقليلا ما يكون عندهم لطف أو رقة أو وداد ، ذلك أن الحيوانية غالبة على أصولهم .
- فالحنان والرقة من صفة الإنسان ، والغضب والشهوة من صفات الحيوان .
- إنه شعاع الحق وليس المعشوق في ذاته ، إنه تجل الخالق وليس المقصود هو المخلوقة .
 
تسليم الرجل نفسه بما التمسته منه المرأة من طلب المعيشة ، واعتبار اعتراض المرأة إشارة من الحق على ما أشار إليه نظامي في خسرو وشيرين : في رأى كل عاقل عالم * أن مع الذي يدور من يديره
ومن تلك العجلة التي تديرها المرأة العجوز * قس عليها بجملة الفلك « 1 »
 
- ولقد خجل الرجل من قوله هذا خجل الجلاد عند موته من العمل الذي كان يزاوله .
 
2450 - وقال : كيف كنت خصما لروح الروح ، وكيف ركلت رأس من أحب ؟ ! « 2 »
...............................................................
( 1 ) العنوان من نسخة جعفري ( 2 / 203 ) لأنه أكمل .
( 2 ) ج / 2 - 203 : وإذا جاء القضاء لم يبق فهم ولا رأى ، ولا يعلم القضاء إلا الله .
 
 
« 233 »
 
- وعندما يحم القضاء يحجب البصر ، حتى لا تعرف عقولنا القدم من الرأس . « 1 » 
- وعندما يمر القضاء ، يأكل " المرء " في نفسه ويشق جيبه وقد مزقت حجبه .
- قال الرجل : أيتها المرأة ، إنني نادم ، وإن كنت كافرا ، فها أنا أسلم .
- إنني مذنب في حقك فارحمي ، ولا تقتلعيني دفعة واحدة من الجذور .
 
2455 - ومن شاخ في الكفر إن أبدى الندم ، يصبح مسلما ما دام قد اعتذر .
- والحضرة الإلهية مليئة بالرحمة والكرم ، وعاشقها سواء الوجود والعدم .
- والكفر والإيمان كلاهما عاشق لذلك الكبرياء ، والنحاس والفضة عبيد لتلك الكيمياء
 
في بيان أن موسى وفرعون كليهما مسخر للمشيئة كالسم والترياق
والظلمات والنور ومناجاة فرعون الله في خلوته حتى لا يهتك حرمته
 
- موسى وفرعون كلاهما بالنسبة للمعنى سالك ، والفرق أن ذلك يجد الطريق بينما يضل هذا .
- وكان موسى شاكيا إلى الله نهارا ، بينما كان فرعون باكيا في جنح الليل .
 
2460 - مناجيا : يا إلهي ، أي غل هذا في عنقي ؟ وإن لم يكن ثم غل ، فمن يجرؤ على قول ها أنا ذا .
- وذلك أنك قد غمرت موسى بالنور ، ومن ذلك ، جعلتني مظلما كدرا ! !
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 203 : - وقد روى إمام المتقين هذا الخبر ، قال : إذا جاء القضاء عمي البصر .
 
 
« 234 »
 
- وذلك أنك جعلت موسى قمري الوجه ، وجعلت قمر روحي أسود الوجه .
- ونجمي لم يكن بأفضل من القمر ، وما دام الخسوف قد حل ، فأية حيلة لي ؟
- والدور دوري ، وكوسات السلطنة تدق لي ، ومع ذلك فقد خسف قمري ، والناس يدقون على الطسوت .
 
2465 - إنهم يدقون على الطسوت ، ويحدثون الضجيج ، ويجعلون القمر مفتضحا بهذا الدق .
- وويلي . . . ويلي أنا الفرعون من الدق على الطسوت التي تناديني ب " ربي الأعلى " ! ! 
- ونحن كلنا عبيد لسيد واحد ، لكن بلطتك تشق الأغصان داخل غابتك .
- ثم تقوم ثانية برتق غصن ما ، وتترك غصنا آخر بلا نفع ولا فائدة .
- فهل هناك قدرة للغصن على يدك ؟ لا . . . وهل نجا غصن من بلطتك ؟
أبدا ! !
 
2470 - فبحق هذه القدرة التي لبلطتك ، هلا جعلت كل هذه الأعوجاجات مستقيمة ؟
- ثم قال فرعون لنفسه : عجبا ، ألست أنا المقيم على المناجاة طوال الليل ؟
- إنني في السر أكون مخلوقا من تراب ومتزنا ، وعندما ألتقي بموسي إلام أصير ؟
- والذهب الزائف إن طلي بعشر طبقات من الذهب ، كيف يصبح أمام الناس أسود الوجه ؟
- لا ، إن قلبي وجسدي في حكمه ، يجعلني في لحظة لبا ، وفي لحظة أخرى قشرا .


 
« 235 »
 
2475 - أصبح أخضر عندما يقول لي : كن زرعا ، وأصفر عندما يقول لي كن قبيحا .
- يجعلني في لحظة قمرا وفي أخرى أسود ، وما ذا يكون فعل الإله إلا هذا ؟
- ونحن نسرع أمام صولجانات حكم " كن فيكون " في المكان واللامكان .
- وعندما يصبح من لا لون له أسيرا للون ، فإن أمثال موسى يتقاتلون فيما بينهم .
- وعندما تصل إلى مرحلة اللالون التي كانت لك في الأصل ، فإن الوفاق يتم بين موسى وفرعون .
 
2480 - وإن عن لك سؤال في هذه النقطة الدقيقة ، فمتى يكون اللون خاليا من القيل والقال ؟
- وعجيب أن يكون اللون قد صدر عن من لا لون له ، فكيف إذن نهض اللون لقتال اللالون ؟
- وفي الأصل أن الزيت يطفو علي الماء ، فكيف يصير في النهاية مضادا للماء ؟
- وعندما يمزج الزيت بالماء ، كيف صار الماء إذن عدوا للزيت ؟
- وما دام الورد من الشوك والشوك من الورد ، فلما ذا يشتبك كلاهما في حرب مع الآخر وفي نزاع ؟ .
 
2485 - أو ربما لم تكن هذه حربا بل لحكمة ، أو لعلها مفتعلة كالخصومة بين باعة الحمير . .
- أو لعلها لا تكون هذا أو ذاك ، بل حيرة ، وينبغي البحث عن الكنز ، فهاك الخراب .

 
« 236 »
 
- وما تظنه كنزا ربما فقدت من جرائه الكنز . . من جراء هذا التوهم .
- فاعلم أن الأوهام والأفكار بمثابة العمران ، والكنز لا يوجد أبدا في العمران .
- فلفي العمران الوجود والقتال ، وللعدم من الموجودات ألوان من العار .
 
2490 - أليس الموجود قد انطلق صارخا من العدم ؟ بل إن العدم قد رد ذلك الموجود .
- فلا تقل إنني هارب من العدم ، بل إنه هو الهارب منك . . فتوقف .
- إنه يدعوك في الظاهر صوب نفسه ، لكنه في الباطن يطردك بعصا الرد . « 1 »
- وإنها لنعال معكوسة " الاتجاه " أيها الساذج ، فاعلم دائما كراهية فرعون من كليم الله .
.
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 11:03 am

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه ولم يكن له نظير 
سبب حرمان الأشقياء من الدارين مصداقا لقوله تعالى : خسر الدنيا والآخرة
- عندما أبدى حُكيْم اعتقاده بأن السماء بيضة والأرض كصفارها .
 
2490 - سأله أحدهم : كيف بقيت هذه الأرض وسط محيط السماء هذا ؟
- قال له ذلك الحكيم : إنها تبقى في الهواء من جذب السماء من الجهات الست .
- وكأنها قنديل معلق في الفضاء ، فلا هي تهبط ولا هي ترتفع .
- وكأنها قبة مصوبة من مغناطيس ، بقي وسطها حديد معلق .
- وقال آخر : كيف تجذب السماء الصافية الأرض الكدرة إليها ؟
 
2500 - بل إنها تدفعها من الجهات الست ، ومن ثم تبقي بين العواصف .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 206 : - وهناك قوم في النار المحرقة كأنهم الورود ، وآخرون في الروضة وفي ألم وعناء .

 
« 237 »
 
- ومن هنا فمن دفع خاطر أهل الكمال ، تبقي أرواح أمثال فرعون في ضلال .
- ومن ثم فمن دفع هذه الدنيا وتلك الدنيا ، بقي هؤلاء الضالون محرومين من هذه وتلك .
- وإنك لتعصي عبيد ذي الجلال ، فاعلم أنهم أيضا ملولون من وجودك .
- ولديهم حجر كهرمان عندما يظهرونه ، يجعلون قش وجودك مفتونا .
 
2505 - وعندما يخفونه ، سرعان ما يحولون تسليمك إلى طغيان .
- وكما أن المرتبة الحيوانية تكون أسيرة للمرتبة الإنسانية فريسة لها ؛
- فإن مرتبة الإنسان على أيدي الأولياء ، اعلم أيها العظيم أنها فريسة كالحيوان .
- لقد دعا أحمد بعبده في كتاب الرشاد ، وأقرأ قوله عن العالمين قل يا عباد .
- وعقلك كالجمّال وأنت كالبعير ، يجرك إلى كل صوب بأمره المستبد .
 
2510 - والأولياء هم عقل العقل ، والعقول على مثال الإبل ، حتى المنتهي .
- فانظر إليهم آخر الأمر على سبيل الاعتبار ، فهناك مرشد واحد وإن كانت الأرواح بمئات الآلاف ! 
- أي مرشد ؟ وأي جمّال ؟ فلتعثر على بصيرة ، بحيث تبصر الشمس .
- لقد بقي عالم كامل مسمرا منتظرا ، متوقفا على الشمس والنهار .
- فهناك شمس مخفية في ذرة ، والأسد الهصور في إهاب جمل .
 
2515 - وهناك بحر مخفي تحت قشة ، فلا تضع قدمك على هذه القشة على العمياء .
- وأنت مقيم على الخطأ والظن ، ورحمة الحق في الباطن من أجل الهداية .
- وكل نبي جاء إلى الدنيا فردا ، كما كان فردا أيضا ذلك المرشد إليه في الباطن .
 
 
« 238 »
 
- والعالم الأكبر قام بالسحر بقدرته ، فجعل نفسه مطويا في أصغر صورة .
- ولقد رآه البلهاء فردا وضعيفا ، فمتى يكون ضعيفا ذلك الذي صار رفيقا للملك ؟ !
 
2520 - وقال البلهاء : إنه رجل ليس أكثر ، فويل لذلك الذي لا يفكر في العاقبة . « 1 »
 
رؤية عيون الحي صالحا وناقة صالح حقيرين بلا نصير .
وعندما يريد الحق أن يهلك جيشا ، يبدي الخصوم ضعافا
قلائل مهما يكون ذلك الخصم هو الغالب مصداقا
لقوله تعالى " وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا "
« 2 »
- لقد كانت ناقة صالح في صورتها مجرد ناقة ، فعقرها من الجهل أولئك القوم العصاة .
- وعندما صاروا خصوما لها من أجل الماء ، كانوا أشحاء بالماء أشحاء بالخبز .
- لقد شربت ناقة الله من الجدول والسحاب ، فبخل هؤلاء بماء الحق على الحق .
- وناقة صالح مثل أجساد الصالحين ، صارت كمينا في هلاك الطالحين .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 206 : - إن رؤية العاقبة تكون من الكمال ، والابتعاد في كل لحظة يكون من الجهل .
( 2 ) ج / 2 - 231 : - استمع الآن إلى قصة صالح الجميلة ، ودعك من الصورة ، واطلب منها المعنى . 
- ذلك أن الناظر إلى الصورة لا يرى العاقبة ، وترى العاقبة فتدرك العافية .


« 239 »
 
2525 - وما أكثر ما أنفذه على تلك الأمة من حكم الموت والألم ما نزل في "ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها" .
- ولقد طلبت منهم شرطة القهر الإلهي مدينة بأكملها فدية لناقة . « 1 »
- والروح كصالح والجسد هو الناقة ، والروح في وصل والجسد في فاقة .
- فروح صالح ليست قابلة للآفات ، والطعنة تصيب البعير ، ولا تصيب الذات .
- وروح صالح ليست قابلة للأذى ، ونور الله ليس مددا للكفار .
 
2530 - ومن هنا فقد اتصل الحق خفية بالأجساد ، وذلك حتى تصاب بالأذى وتمتحن .
- غافلين عن أن إيذاءها إيذاء له ، فماء هذا الدن متصل بالجدول .
- ومن هنا اتصل الإله بالجسمية ، حتى يصبح ملجأ لكل العالم . « 2 »
- فكن عبدا لناقة جسد الولي ، حتى تصبح مع روح صالح عبدا لسيد واحد .
- قال صالح : ما دمتم قد ارتكبتم هذا الجرم ، بعد ثلاثة أيام تصل النقمة من الله .
 
2535 - وبعد ثلاثة أيام تأتي من قابض الأرواح ، آفة ذات ثلاث أمارات ؛
- وتتغير ألوان وجوهكم جميعا ، لونا بعد لون ، حين تبدو للنظر .
- ففي اليوم الأول تكون وجوهكم كالزعفران ، وفي اليوم التالي حمراء كزهر الأرجوان .
- وفي اليوم الثالث تسود كل الوجوه ، وبعدها يحل بكم قهر الإله .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 231 : - وروح صالح على مثال البعير ، والنفس الضالة عاقرة إياها .
( 2 ) ج / 2 - 231 : - إن أحدا لا ينتصر عليهم ، والضرر يصيب الصدف لا ما فيه من در .

 
« 240 »
 
- وإن كنتم تريدون دليلا مني على هذا الوعيد ، فإن فصيل الناقة قد أسرع إلى الجبل . « 1 »
 
2540 - فإن استطعتم الإمساك به ، فهناك علاج ، وإلا فإن طائر الأمل قد طار من الشباك . « 2 »
- ولم يستطع أحد أن يلحق بهذا الفصيل ، لقد مضى في الجبال واختفى .
- وكأنه الروح الطاهرة التي تفر من عار الجسد إلى جوار رب المنن .
- قال : لقد رأيتم أن هذا القضاء قد صار معلنا ، ولقد قطع عنق خيال الرجاء .
- فما هو فصيل الناقة ؟ إنه خاطره ، فمتى تقومون برعاية إحسانه وبره ؟
 
2545 - فإن رضي قلبه نجوتم من هذا العذاب ، وإلا فأنتم قانطون تعضون سواعدكم .
- وعندما سمعوا ذلك الوعيد المظلم ، وضعوا عيونهم مترقبين منتظرين .
- وفي اليوم الأول رأوا وجوههم مصفرة ، فأخذوا يطلقون يأسا الآهات الحزينة .
- وفي اليوم الثاني احمرت وجوه الجميع ، فانتهت نوبة الأمل والتوبة .
- وفي اليوم الثالث اسودت وجوههم جميعا ، وصدق حكم صالح دون جدل .
 
2550 - وعندما بدأوا جميعا في اليأس والقنوط ، سجدوا على ركبهم وكأنهم الطيور " المقعية " 
- ولقد نزل جبريل بوصف هذا الركوع في القرآن ، وقال أنهم كانوا " جاثمين "
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 232 : - انطلق فصيل الناقة إلى الجبل مسرعا ، وصار كأنه الرياح أو ان الخريف .
( 2 ) ج / 2 - 232 : - وعندما سمعوا انطلقوا جميعا في العدو في إثر الفصيل وكأنهم الكلاب .

 
« 241 »
 
- فلتركع على ركبتيك في تلك اللحظة التي يعلمك فيها الركوع ، وإلا من مثل هذا الركوع على الركبة يأتينك الخوف .
- لقد انتظروا ضربات القهر ، وحل القهر ، فأباد تلك المدينة .
- ومضى صالح من خلوته نحو المدينة ، فرأى المدينة غارقة في الدخان والنفط .
 
2555 - وأخذ يستمع إلى الأنين " يرتفع " من أعضائهم ، والنواح ظاهر والنائحون مختفون .
- ولقد سمع النواح من عظامهم ، والدموع الدموية تسيل من مآقيهم كأنها الطل .«1» 
- سمع صالح ذلك وأجهش بالبكاء ، وبدأ في النواح على النائحين .
- وقال : أيها القوم الذين عاشوا في الباطل ، ومنكم كم بكيت أمام الحق .
- وقال لي الحق : اصبر على جورهم ، وعظهم ، فلم يبق الكثير على دورهم وزمانهم .
 
2560 - وقلت : يا إلهي ، لقد صار النصح من الجفاء قيدا ، إن لبن الموعظة ليفور من الحنان ومن الصفاء .
- ومن كثرة ما قسوتم عليّ وفرطتم في جنبي ، تخثر لبن الموعظة في عروقي .
- وقال لي الحق : فلألطف بك ، ولأضع مرهما على تلك الجراح .
- فجعل الحق قلبي صافيا وكأنه السماء ، وأزاح عن خاطري جوركم .
- فبدأت في النصح مرة أخرى ، وضربت الأمثال ، وسقت المواعظ ، وكأنها السكر .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 233 : -
وعندما جاوز البكاء حدة والصياح ، بكاء يعربد في الروح ويخطف القلب .

 
« 242 »
 
2565 - فانطلق لبن جديد من السكر ، وامتزج اللبن والشهد بأقوالي .
- فصارت تلك الأقوال بالنسبة لكم كالسم الزعاف ، ذلك لأنكم كنتم موطنا للسم من الأصل والجذر .
- فكيف أصبح حزينا ؟ لقد انقلب الحزن ، فقد كنتم أنتم الحزن ، أيها القوم المعاندون .
- فهل ينوح إنسان على موت الحزن ، وعندما يزول جرح الرأس ، هل يقتلع إنسان شعره حزنا ؟
- واتجه إلى نفسه وقال : أيها النائح ، إن ذلك النفر لا يستحق نواحك .
 
2570 - فلا تقرأ باعوجاج أيها القارئ المجيد المبين "كيف آسى على قوم كافرين"؟
- لكنه وجد البكاء ثانية في قلبه وفي عينيه ، وانبعثت في قلبه رحمة لا علة لها .
- وأخذت دموعه تنهمر ، وكان قد صار حائرا ، فهي قطرات لا علة لها من بحر الجود .
- كان عقله يسائله : ما هذا البكاء؟ ، وهل يجب البكاء على أمثال أولئك الضالين؟
- علام تبكي؟ قل . . أعلى فعلهم؟ أعلى الجمع الحقود سئ الأمارات ؟
 
2575 - أو تراك تبكي على قلوبهم التي ران عليها الصدأ؟ أو على ألسنتهم السامة كألسنة الحيات؟
- أو ربما على أنفاسهم وأسنانهم التي يشبهون بها قوم الكلاب ، أو على أفواههم وعيونهم التي تشبه جحور العقارب .؟


« 243 »
 
- أو على عنادهم وسخريتهم وضلالهم ؟ ألا فلتشكر الله أنه أخذهم بذنبهم .
- فأيديهم معوجة ، وأقدامهم معوجة ، وعيونهم معوجة ، وحبهم معوج ، وصلحهم معوج ، وغضبهم معوج .
- وبناء على التقليد ومعقولات العقل ، وضعوا أقدامهم فوق رأس شيخ العقل هذا .
 
2580 - لم يكونوا طلابا للشيخ شراة لله ، بل كانوا حميرا تقدم بها العمر ، رياء لأبصار بعضهم وأسماع بعضهم .
- ولقد أتى الله من الجنة بعباد له ، حتى يبدي لهم ربائب سقر .
 
في معنى " مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ "
 
- انظر إلى أهل النار وأهل الجنة في صعيد واحد ، وبينهما برزخ لا يبغيان .
- مثلما امتزج التراب والذهب في المنجم ، وبينهما مائة صحراء ومائة رباط .
 
2585 - مثلما يكون الدر والسّبه في العقد ، مختلطين كضيفين لليلة واحدة . « 1 »
- وبحر نصفه عذب كأنه السكر ، طعمه حلو ، ولونه زاه كالقمر .
- والنصف الآخر ملح أجاج كأنه سم الحية ، طعمه مر ، ولونه مظلم كالقار .
- إنها تمزج أي هذه الأضداد من تحت ومن فوق ، على مثال البحر العباب ، موجة موجة ! !
- فتنافر الصورة من الجسم الضيق " المحدود " ، وامتزاج الأرواح موجود في الصلح وفي الحرب .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 246 : -
والصالح والطالح يلتبسان بالصورة ، فافتح عينيك حتى تتبين .

 
« 244 »
 
2590 - فتتداخل أمواج الصلح مع بعضها البعض فتقتلع الأحقاد من الصدور .
- وأمواج الحرب على شكل آخر ، تجعل عالي ألوان الحب سافلها .
- والحب يجذب أرباب المر بشكل حلو ، ذلك أن أصل ألوان الحب الرشد .
- والقهر يقوم بحمل الحلو إلى المرارة ، ومتى يتواءم المر مع الحلو .
- والمر والحلو لا يظهر ان بهذا النظر ، ويمكن رؤيتهما من كوة العاقبة .
 
2595 - إن العين الناظرة إلى العاقبة تستطيع أن تبصر الحقيقة ، والعين الناظرة إلى المزود غرور وخطأ .
- وما أكثر الحلو الذي يبدو كالسكر ، لكن السم يكون مضمرا في السكر .
- ومن هو أكثر مهارة وذكاء يعرفه برائحته ، وغيره يعرفه بشفته وأسنانه .
- فترده شفته قبل أن يصل إلى حلقه ، بالرغم من أن الشيطان يصيح به " كل " .
- وثمة آخر يكتشف حقيقته وهو في حلقه ، ثم إنه يحدث لآخر فضيحة في بدنه .
 
2600 - وآخر يحدث له حرقة عندما يتغوط ، ومذاقه يصيبه بجرح يدمي كبده .«1»
- وآخر يبدو له بعد أيام وشهور ، وآخر بعد الموت عندما يوسد قاع الثرى .
- وإذا أُعطي المهلة من قاع القبر ، فلا بد أنه يكتشفه يوم النشور .
- وكل نبات ومسكر في الدنيا ، له مهلة من دوران الزمان .
- وتنبغي سنين حتى يجد الياقوت من الشمس اللون واللمعان والبهاء « 2 »
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 246 : - الشطرة الثانية : ويعلمه إخراجه ضرر إدخاله .
( 2 ) ج / 2 - 247 : - وتنبغى سنوات خمس أو سبع حتى يصبح للشجرة من الإثمار البهاء والإقبال .
 
 
« 245 »
 
2605 - ثم إن الخُضر تنضج في شهرين ، والورد الأحمر يحتاج إلى عام .
- ومن هنا قال الله عز وجل في سورة الأنعام في الذكر الأجل .
- ولقد سمعت هذا فلتكن كل شعرة في جسدك أذنا ، إنه ماء الحياة قد شربته ، هنيئا لك .
- فسمه ماء الحياة ، ولا تسمه كلاما ، وانظر إلى الروح الجديد في اللفظ القديم .
- واستمع إلى نقطة أخرى أيها الرفيق ، إنها كالروح ، ظاهرة جديدا ، لكنها دقيقة .
 
2610 - في موضع ما يكون سم الحية عذب المساغ من التصاريف الإلهية .
- فهو في مقام سم وفي مقام دواء ، وفي مقام كفر وفي مقام إيمان . « 1 »
- وبالرغم من أنها تكون هناك أذى للروح ، عندما تصل إلى هنا تصبح دواء .
- والماء في الحصرم مالح ، لكنه عندما يصل إلى مرحلة كونه عنبا يصبح عذبا حلوا .
- ثم يصير في الدن مرا حراما ، وعندما يتحول إلى خل ، فنعم الإدام . « 2 »
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 247 : -
في مقام شوك وفي الآخر ورد ، في مقام بخل وفي الآخر سخاء .
- في مقام فقر وفي الآخر غنى ، في مقام قهر وفي الآخر رضا .
- في مقام جور وفي الآخر وفا ، في مقام منع وفي الآخر عطا .
- في مقام ألم وفي الآخر صفاء ، في مقام تراب وفي الآخر عشب .
- في مقام عيب وفي الآخر فضل ، في مقام حجر وفي الآخر جوهر .
- في مقام حنظل وفي الآخر سكر ، في مقام جفاف وفي الآخر مطر .
- في مقام ظلم وفي الآخر محض عدل ، في مقام جهل وفي الآخر عين العقل .
( 2 ) ج / 2 - 247 : -

وهكذا يكون التفاوت في الأمور ، والرجل الكامل يعرفها عند الظهور .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 11:03 am

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

شرح قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه ولم يكن له نظير 
( 2255 ) القصة التي تبدأ بهذا البيت فيما يرى فروزانفر وردت في كتاب " روح الأرواح " لشهاب الدين أبى المظفر السمعاني من كتاب منتصف القرن السادس ( وحكى أن بعض الأعراب خرج قاصدا بعض الملوك يستمنحه فاستطاب الماء في بعض المراحل في الطريق فملأ مطهرته ماء ، فجاء إلى الملك ، فلما رآه ملأ مطهرته دنانير ، فقال له ندماؤه في ذلك فقال : جاء الأعرابي بما لم يكن له غيره ولنا من هذه الدنانير غير ما أعطيناه فاليد له ) ، كما روى فريد الدين العطار الحكاية في مصيبت نامه ورواها عوفي في جوامع الحكايات 
( انظر شرح مثنوى 918 ومآخذ / 24 - 27 ) وبطلها عندهما الخليفة المأمون وافتتاحية القصة وحوار المرأة مع زوجها تذكر بأبيات جرير في قصيدة مشهورة :
تعزت أم حرزة ثم قالت * رأيت الواردين ذوي امتناح
تعلل وهي ساغبة بنيها * بأنفاس من الشبم القراح
 
( 2264 ) : قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه : إن من بقاء الإسلام والمسلمين أن تصير الأموال عند من يعرف فيها الحق ويصنع منها المعروف ، وإن من فناء الإسلام والمسلمين ان تصير الأموال في أيدي من لا يعرف فيها الحق ولا يصنع فيها المعروف (عن جعفري 2 / 151).
 
( 2269 ) : إشارة إلى قصة السامري والعجل الذهبي الذي صنعه لبنى إسرائيل ليعبدوه عندما
 
 
« 504 »
 
ذهب موسى عليه السلام إلى الطور . ومسألة قبضته قبضة من أثر الرسول ( جبريل ) ونفخه الروح في العجل بهذه القبضة من الموضوعات التي أثارت أفكارا عديدة عند مولانا جلال الدين ، وعاقب الله السامري على فعله بألا يتصل بأحد ولا يتصل به أحد ، وقيل في الروايات : أن حكم الله تعالى كان يقتضى أن يصاب هو ولامسه بالحمى إن لمسه أحد « فاذهب فان لك في الحياة ان تقول لا مساس » قال نجم الدين " ان قصدك ونيتك فيما سولت لك نفسك أن تكون مطاعا متبوعا إلفا مألوفا فجزاؤك في الدنيا أن تكون طريدا وحيدا ممقوتا متشردا متنفرا تقول لمن رآك لا تمسني ولا أمسك فتهلك . ( مولوى 1 / 410 ) وقال الشاعر :
وأبدلنى من وحشة الأنس آنسا * وأبدلنى من لا مساس مساسيا
( 2271 ) : تريد أن تقول له : لا أنت في العير ولا أنت في النفير ، أي لا تستطيع ان تغزو ولا تستطيع ان ترعى أو تعطى .
 
( 2275 - 2293 ) : ينصرف مولانا إلى من يطلبون الحكمة من غير أهلها نظرا لاحتياجهم الشديد وافتقارهم إلى الإرشاد . فإذا نزلت فانزل على كريم واطلبوا الخير من حسان الوجوه ، " ولا تأكل إلا طعام تقى ولا يأكل طعامك إلا تقى " ( حديث نبوي ، استعلامى 1 / 338 ) وما أشبه هذا المرشد بطبيب يداوى الناس وهو عليل :
وغير تقى يأمر الناس بالتقى * طبيب يداوى الناس وهو عليل
( شرح فروزانفر 967 ) .
إن أمثال هؤلاء المرشدين الكذابين سود الباطن ، عجزوا عن تربية نفوسهم فكيف يقومون بتربية نفوس الآخرين . . . انه شديد الادعاء . . . ظاهره يقول إنه آدم ( صاحب علم الأسماء ) وشيث ( ابن آدم ومظهر الوجود والخلق عند الصوفية ) ( استعلامى 1 / 339 ) ، يتحدث حديث أبي يزيد
 
 
« 505 »
 
البسطامي ، وباطنه أسوأ من باطن يزيد بن معاوية الملعون ، وهو ينادى المخدوعين فيه ، يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، ويذكرون بما قاله أعشى قيس :لعمري لقد لاحت عيون كثيرة * إلى ضوء نار في يفاع تحرقووعد الغد في المأثور الفارسي أي الوعد الذي لا يتحقق أبدا النسبة للغد الذي لا يأتي ، فافتضاح أمثال هؤلاء المدعين يحتاج إلى وقت حتى يظهر تحت هذا الظاهر المزدان : أيوجد كنز المعاني أم جحر حيات أو نمال ، ويقول سعدى " خبث النفس لا يظهر في سنوات " ( كلستان عن فروزانفر 973 ) .
 
( 2294 - 2298 ) : يحس مولانا أن هذه التعاليم قد تؤيس الطالب فيقول ان نور الحق وصدق النية قد يجعل النور ينبثق من داخله فيصل هو بينما يكون المرشد ضالا مضللا ، وهذا هو جزاء المتحرى عن القبلة إن أخطأها في الظلمة ، والقبلة هي وجه الحق ، والظلمة هي المرشد الكذاب المدعى المضلل ، تقول المرأة : ان الفقر ظاهرٌ علينا لا يمكن إخفاؤه ولا يجوز إخفاؤه . . .
وخبث المدعى في باطنه فله الحق في أن يخفيه - فكيف نخفى ما هو واضح من أجل هذه الأقوال البالية التي تقولها ؟ ! ! ( المرأة النفس والرجل العقل ) .
 
( 2302 - 2314 ) : " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " ( حديث نبوي ، أحاديث مثنوى / 169 ) والبازي ( رجل الطريق ) صرف بصره عن جيفة الدنيا ( الدنيا جيفة وطلابها كلاب ) فصار ساعد المليك موطنا له . . . والخلق كلهم عيال الله ، ان هذه الشكوى في الحقيقة هي من كبريائنا ، ولو تفتح بابا من عمل الشيطان ، وينبغي ان يعتاد المرء الألم والشكوى من الاهتمام بلذائذ الحياة ، والألم هو جزء الموت ورسوله ، فإن لم تتحملى هذا الألم الجزئي ، فكيف يكون تحملك للألم الكلى ( سكرات الموت ) ؟ ! !
وأشد الناس عذابا بسكرات

 
« 506 »
 
الموت هو الحريص على الدنيا ، الباكي على فوت لذاتها ، المغتر بها فيها " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " فإن تحملت آلام الحياة كان موتك حلواً ، وإلا فإن الخراف السمينة هي التي تساق أولا إلى الذبح .


( 2315 ) : البيت في أغلب النسخ يا " تمُر " وهو إضغام اسم تيمور من الأسماء التركية الشائعة ويرى أغلب الشارحين أن مولانا يخاطب سامعا وهميا وكثيرا ما يذكر الأسماء في طيات المثنوى مثل أبى الحسن وأبى العلا وغيره . وذكر المولوي الكلمة " ثمر " وقال إنها اسم زوجة الأعرابي ، بينما ملت في النص إلى رواية جعفري يا قمر على أساس ان الأعرابي يتحبب إلى زوجته حتى تقلع عن مطالبتها إياه بالنفقة .
 
( 2323 ) : إشارة إلى قصة الأعرابي والعالم التي سترد في الكتاب الثاني وفي هذا إشارة إلى قول أرباب الشهود " وضع الله خمسة أشياء في خمسة مواضع العز في الطاعة ، والذل في المعصية ، والهيبة في قيام الليل ، والحكمة في البطن الخالي ، والغنى في القناعة " ( مولوى 1 / 417 ) .


( 2324 ) : سيأتي تعريف القناعة عند الصوفية في بيت لاحق .
 
( 2326 ) : في العنوان إشارة إلى الآية الكريمة "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ ، كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ" ( الصف / 2 - 3 ) .
 
( 2329 ) : إشارة إلى الحديث " خير الناس غنى متواضع ، وشر الناس فقير متكبر " أو كما قال صلى اللّه عليه وسلّم " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم : شيخ زان وملك كذاب وفقير متكبر " ( انقروى 1 / 457 ) .
 
( 2330 ) : "وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ" ( العنكبوت / 41 ) .
 
( 2331 - 2334 ) : عرف ابن خفيف القناعة بأنها ترك التشوف إلى المفقود والاستغناء

 
« 507 »
 
بالموجود " وعرفت " القناعة سكون النفس عند عدم المألوفات " وتريد المرأة ان تقول أن زوجها يتشوف مثلها إلى حياة أفضل وأن هذا لا يتفق مع القناعة التي يدعيها . . . إن الرسول صلى اللّه عليه وسلّم فسر القناعة بأنها " كنز لا يفنى " أي خزينة جارية . . . فهل تجرى هذه الخزينة داخلك وما إمارتها عليك ؟ ! ! 
وأنت دائما يغلب عليك الحزن والقلق 


 
( 2338 - 2352 ) : تقول المرأة : أتراك أعقل منى؟ ومتى رأيتني ناقصة عقل؟ وهل تسمى هذا العقل الذي هو لك عقلا ؟!! 
انه عقيلة تحبسك عن الانطلاق والطموح وتضع العراقيل في طريقي ، وهو ليس بعقل ، إنه ثعبان ، وأنت كالمشعوذ تظن هذا الثعبان صديقا لك وهو في الحقيقة عدو لك ، يخدعك كما تخدعه ، ، ويشعوذ لك كما تشعوذ له ، وهو يتوعدك ويتهددك بأن رقيتك التي لم تتطلسمه ، بل طلسمه اسم الحق ، والحق سوف يأخذ بحقه ، فكأنها شبهت نفسها بالحية ( وليس ذلك غريبا في المأثور الديني ) وشبهت زوجها بالمشعوذ ( آدم وحواء والحية كلهم شركاء في الخطيئة ) ، لكنها تتصل : إنه هو الذي يسحر لها ويطلسمها بكلامه هذا ، والله المنتقم الجبار سيجعل انتقامه منه إما عن طريقها ، وإما سيحمله إلى السجن مثلما حملها هو إلى سجن الفقر .
 
( 2353 ) : الإشارة في العنوان إلى الحديث النبوي " الفقر فخري وبه أفتخر " والفقر فقهيا عدم امتلاك نصاب الزكاة ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه هو السؤال والتكفف . والفقر عند الصوفية " ألا تملك شيئا ولايملكك شيء " وهو أيضا الاحتياج إلى الله تعالى وعدم الاحتياج إلى الخلق ، وانتظار ما عند الله تعالى ، لا ما عند الخلق " 
قال عبد الله الأنصاري : الفقر على ثلاث درجات : فقر الزهاد وهو نفض اليدين عن الدنيا وإسكات اللسان عنها مدحا أو ذما والسلامة منها طلبا أو تركا ، والثانية : الرجوع إلى السبق بمطالعة الفضل ، والثالثة : صحة الاضطرار في التقطع الوجداني والإحتباس في قيد التجريد والمراد من أن " الفقر سواد الوجه في الدارين " التبري من الانتفاع والتمتع في العالمين بعدم المحبة ، فإن من خلت يده من الذهب والفضة وقلبه مملوء


 
 
« 508 »
 
بحبهما فهو متصف في هذه الدنيا بسواد الوجه باعتبار خلو يده منها ، وفي العقبى لحبه لهما ( مولوى / 1 - 422 ) ويرى ابن الداية أيضا ( منارات ص 481 ) أن الفقر على ثلاث درجات : فقر العوام وهو بعدم المال فيكون المرء كما ولدته أمه ، وفقر الخواص ، وهو بعدم الآمال والخروج من أحكام الصفات كما كان في عالم الأرواح ، وفقر الأخص وهو بعدم الوجود كما كان في علم الله من قبل إيجاده بالوجود ليكون عبدا مملوكا لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه . والفقر الحقيقي بالحق ، به يقوم وجود العبد وصفاته وحوله وقوته بوجود الحق تعالى وهو الغنى الحقيقي ( سبزواري ص 67 ) . 
والافتقار إلى الله والاستغناء بالله حالتان لا تتم إحداهما إلا بالأخرى ، سئل محمد بن عبد الله الفرغاني عن الافتقار إلى الله أتم أم الاستغناء بالله ؟ فقال : إذا صح الافتقار إلى الله صح الاستغناء به ، وإذا صح الاستغناء به ، كمل الغنى به " ( منارات ص 485 ) فليس الأمر فقرا أو غنى ، فالغني الصالح الذي يرى أنه مستخلف في ماله ، ويقوم فيه بحق الله ، ولا يشغل بالتكاثر فقير في رأى الصوفية .
 
( 2360 - 2363 ) : يذكر هذا المعنى ببيت مسروق بن الأجدع :بأن ثراء المال ينفع ربه * ويثني عليه الحمد وهو مذممكما يشير إلى الحديث النبوي " العلم والمال يستران كل عيب ، والجهل والفقر يكشفان كل عيب " ( عن شرح فروزانفر ص 1003 ) وللإمام علي رضي الله عنه " إذا أقبلت الدنيا على أحد ، أعارته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه " ( عن جعفري 2 / 178 ) ( 2374 ) إشارة إلى ما ورد في الكتاب الرابع الأبيات 3544 - 3556 .
 
( 2376 - 2381 ) : الخبر الوارد هنا لم يرد بنصه في مصدر قبل مولانا ، وإن كانت له سوابق عديدة بمعناه ، وإلى مثل هذا المعنى أشار مولانا في الكتاب الرابع ( في البيتين 350 - 351 )
 
« 509 »
 
ويصف الإمام الغزالي الرسول عليه السلام بقوله " كانت شمائله وأحواله شاهدة بصدقه حتى أن العربي القح كان يراه فيقول : ما هذا بوجه كذاب " والمعنى كله ورد في بيت لابن الرومي : 
أنا كالمرآة ألقى كل وجه بمثاله .
ووردت حكاية شبيهة لها في التمثيل والمحاضرة عن سقراط " 
وقالت له امرأة معروفة بالمجون والسرف على نفسها : يا شيخ ما أقبح وجهك 
فقال لها : لولا أنك من المرايا الصدئة لبان حسن صورتي عندك " ( شرح فروزانفر 1009 - 1010 )
 
( 2382 - 2388 ) : يخاطب الرجل زوجته : إنك ترينني طامعا ، وما هذا الطمع الذي ترينه في إلا ما هو داخلك انعكس فرأيته فيّ ، وإن سموت عن هذا الفكر لرأيتنى ساميا ، فأي طمع عندي وقد رحمني ربي فصرف عني الطمع الدنيا ، والفقر فيه الغنى المضاعف ، أي غنى الدنيا وغنى الآخرة ، والعز الإلهي كامن في الفقر ، فهو شعار الأولياء وحلية الأصفياء . 
وسئل الجنيد عن أعز الناس فقال : الفقير الراضي . وقال معروف : إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله ، وزوى عنه الخذلان ، وأسكنه بين الفقراء . 
وإذا أراد الله بعبد سوءا زوى عنه العمل ، وابتلاه بالخذلان وأسكنه بين الأغنياء فإذا نظر إليهم ، إستعظم غناهم . ( مولوى 1 / 427 - 428 ) ويواصل الأعرابي مخاطبة زوجته : لكن إذا أردت أن تصلي إلى هذا المعنى أن تتركي بيع الخل " كناية عن العبوس " فإن الرضا هو الذي يجعلك تدركين هذه المعاني ، وكثيرون هم الذين يتحملون أنواع المرارة والبلايا ضاحكين راضين سعداء ، فكل ما يأتي من الحبيب خير ، ولو أدركت فيك إستعدادا أكثر لتقبل الحقائق لقلتها لك .
 
( 2389 - 2396 ) : يعود مولانا إلى إحدى الأفكار التي مرت بنا في الكتاب الذي بين أيدينا ، وهي أن المتكلمين يتكلمون بقدر همم المستمعين ، كما تكررت الفكرة في كل كتب المثنوى ( على سبيل المثال لا الحصر أنظر : الكتاب السادس الأبيات 1663 - 1670 وشروحها ) فاللبن لا يفور من
 
 
« 510 »
 
الثدي ما لم يكن هناك رضيع يرضعه ( في مناقب العارفين يروى أن جمعا من المريدين كانوا يريدون الاستماع إلى مولانا ولم يكن حسام الدين حاضرا فاستأذن معين الدين بروانه في إستدعائه ، فأذن له ، لأنه جاذب للبن المعاني من ثدي الحقائق " ( عن شرح فروزانفر 1013 - 1014 ) ومثله ما نقل عن الحسن البصري أنه كان ينزل عن المنبر إن لم تكن رابعة حاضرة ويقول : الشراب الذي أعددناه للفيلة لا يقوى عليه النمل " ( استعلامي 1 / 345 عن تذكرة الأولياء للعطار )
 
( 2436 - 2443 ) : إشارة إلى الآية الكريمة "زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ" ( آل عمران / 14 ) واختلف المفسرون حول من زين . قال المعتزلة : هو الله زينها لإختبار خلقه ، بينما يرى الحسن البصري وبعض المعتزلة أن الذي زينها هو الشيطان ، وقال بعضهم : كل ما هو واجب ومستحب زينه الله تعالى ، وكل ما هو حرام زينه الشيطان ، ويرى الأشاعرة في سياق أن كل الأفعال من خلق الله تعالى أن الذي زين هو الله تعالى ( فروزانفر - شرح - ص 1024 ) . روي أن عمرا رضي الله عنه قال عندما نزلت الآية : الآن يا رب وقد زينتها لنا كيف نتركها ؟ وفي البيت التالي يشير إلى الآية الكريمة "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها" ( الأعراف / 189 ) ، 
وفي البيت 2439 إشارة إلى ما مر في البيت 1983 من الكتاب الذي بين أيدينا ( عن العلاقة بين الرجل والمرأة أنظر أيضا الكتاب الثالث 4412 - 4423 وشروحها - وعن الشهوة الجنسية وتأثيرها في الرجل أنظر الكتاب الخامس الأبيات 943 - 962 وشروحها ) 
وتصوير الرجل بالماء والمرأة بالنار تصوير معتاد إلا أن مولانا يزيد هنا بأن الماء غالب على النار ، إلا أن النار تغلب الماء إن كان ثم حجاب ، والحجاب هنا هو الشهوة .
 
( 2446 - 2448 ) : الحديث المذكور في العنوان على أنه حديث نبوي ليس حديثا نبويا بل نقل بتصرف لقول منسوب إلى معاوية بن أبي سفيان " يغلبن الكرام ويغلبهن اللئام "
 
 
« 511 »
 
( شرح فروزانفر 1032 - 1033 ) ويفسر المولوي ذلك بأن أصحاب القلوب يُغلبون لهن لأنهم أصحاب مروءة ( 1 / 437 ) أما الجاهل فيغلبهن لأنه لا ينقاد ولأن نفسه مسلطة عليه ، ويقول فروزانفر ( شرح 1033 ) لأن العاقل يعلم أن على المرأة تربية الأطفال ورعاية المنزل وأن اللجاجة في الخصومة معها تنتج أطفالا غير أسوياء ، والعاقل إنما يفعل ذلك طلبا لراحة البال والطمأنينة اللازمة لمواجهة الحياة ، بينما يفسر مولانا جلال الدين نفسه ذلك بأن الرقة في المعاملة مع النساء من طبيعة " الإنسانية " بينما تغلب على الجهال الطبيعة الحيوانية ، والحب من خواص الإنسان كما ذكر في البيت 2443 وهذا لعلو مرتبته وليس من خواص الحيوان .
 
ثم يأتي البيت 2448 وهو الذي أثار كثيرا من النقاش وبخاصة في شطرته الثانية ، فبينما ترجمة المولوي صراحة " كأنك إن شاهدت ذاك الحسن - أي حسن المرأة - تقول خالقة بحسب كونها مظهر الحسن من حيث تأثيره فيها تعالى بالحسن والمرأة موصوفة بالخلاقة التي هي بمعنى المسوية والمقدرة والمربية ، قال تعالى :فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَأي المقدرين أو نقول : حسن المعشوقة ضياء وشعلة الحق وليس هو حسن المعشوقة ، والمحبة له محبة للخالق ليست محبة للمخلوق وهذا أسلم ( 1 / 438 ) واستشهد أنقروي ( 1 / 474 )
 ببيت ابن الفارض :وكل مليح حسنه من جمالها * معار له ، بل حسن كل مليحة .ويقول استعلامي : ونلاحظ أنه لا يتقدم في تفسير البيت تقدم المولوي أن المحبة للمرأة هي محبة لشعلة الخالق فيها ، ولا يتعرض لتعبير " المرأة خالقة " الذي تعرض له المولوي ، ويرى فروزانفر رأيا قريبا من هذا الرأي ويذكر أن الشارحين القدامى إنما تبعوا ابن عربي في تفسيره محبة الرسول عليه السلام للنساء " في الفص المحمدي من فصوص الحكم " أن ظهور المحبة يكون أقوى في المرأة لأن محبة الرجل تبدو فيها إذ يرى الحق في ذاته بظهور الفاعلية ، ويمكن مشاهدة الخلق في المرأة عن طريق الفعلية وقابلية الفعلية ( الخلق ، فهي التي تربي النطفة
 
 
« 512 »
 
وتوصلها إلى مرحلة الجنينية ، وهذا هو جانب الفاعلية ) ( فروزانفر - شرح - ص 1036 ) والواقع أن البيت يحتمل تفسيرات عديدة ، وقد يكون مقصود مولانا أنها خالقة للشخصية والصفات الذميمة والحسنة في الرجل ، تجعل منه شجاعا أو جبانا ، جوادا أو خسيسا ، ممتلئا أو فارغا .
 
( 2451 - 2453 ) أنظر شروح الأبيات : 1240 - 1243 من الكتاب الذي بين أيدينا .
 
( 2458 - 2470 ) : في أبيات سابقة تحدث مولانا عن أن الخير والشر يقيمان هنا بميزاننا ، وهما في الحقيقة تجليان لقدرة واحدة هي قدرة الحق سبحانه وتعالى ، ويذكر مولانا هنا موسى وفرعون كمثال ، فكلاهما في نظره سالك ، لكن أحدهما اهتدى بينما ضل الآخر ، وكلاهما راضخ للمشيئة الإلهية . ( والمعنى وارد في معارف بهاء ولد ص 220 ) وعند ابن عربي يموت فرعون مؤمنا " فقبضه طاهرا مطهرا من الآثام ، ليس فيه شئ من الخبث ، لأنه قبضه عند إيمانه قبل أن يكتسب شيئا من الآثام " ( عن شرح فروزانفر 1040 ) وهذا مخالف في الحقيقة لنص القرآن الكريم ، فالله تعالى كان يعلم حقيقة إيمان فرعون ، وأنه آمن خوف الموت - وفي الأبيات يبدو فرعون بطلا تراجيديا ، الضلال قدره ، ولا فكاك له منه ، وهو يعرف أنه ضال ، ويبكي ويناجي الله : هكذا خلقه وهكذا خلق موسى ، وأنه - أي فرعون - لا شأن له بخلق الله ، لقد خلق موسى قمرا وبدر تمام ، لكنه خلق قمر فرعون في خسوف ، والناس يدقون الطسوت عند خسوف القمر ( لا زالت عادة متبعة في بعض مناطق ريف مصر ) ويلعب مولانا على معنى آخر من معاني دق الطسوت : الإفتضاح ، وفرعون مفتضح بادعاء الألوهية . ويرى فروزانفر في تفسير آخر " أن موسى كان مظهرا لاسم الهادي وفرعون كان مظهرا لاسم المضل " ( شرح ص 1041 ) وإلى مثل هذا التفسير ذهب بهاء ولد في المعارف ( ص 220 ) : أكان فرعون وإبليس لا يعرفان حقيقة آدم وموسى مع كل هذه المعجزات ، لكن قيد القهر كان يحفظ كلا منهما في موقعه قائلا : أيها الكلبين ، مكانكما هو هذا المكان . وتشير الأبيات إلى فكرة أخرى هي جبرية
 
« 513 »
 
فرعون ( أشار مولانا فيما سبق إلى جبرية إبليس ) فالمثل الذي يضربه فرعون عن البستاني الذي يقلم أغصانه ، فيترك بعض الأغصان مقطوعة ، ويأخذ أغصان أخرى فيزرعها أو يطعم بها ، تشير إلى مخاطبة الحق بأن كل ما يجري في الحقيقة إنما يجرى منه جل وعلا عن ظلم عبيدة علوا كبيرا ، والمعنى موجود صراحة في قصيدة مشهورة للشاعر ناصر خسرو ( ديوان ص 364 - 368 ) .
 
( 2471 - 2477 ) : يصور مولانا فرعون بأنه من أصحاب التلوين ، فهو في النهار فرعون الجبار الطاغوت مدعي الربوبية المسلط على أرواح الخلق ورقابهم وأرزاقهم ، وفي الليل العبد الضعيف المسكين الذي يجأر إلى الله تعالى بالشكوى من أنه خلقه هكذا ، ويعترف بأنه عبد ومن تراب ، إلا أنه حين يلتقي بموسى يتبدل لونه ، وتبدو كل شقوته ، والإشارة هنا إلى جدلية نفسية وهي أن المتصف بصفة سيئة لا يطيق في الحقيقة أن يرى من يتصف بعكسها ، فالجاهلون لأهل العلم أعداء ، فالجاهل لا يطيق رؤية العالم والجبان لا يطيق رؤية الشجاع ، لأن في رؤيته تحريكا لسخائم قلبه ، وتجلية لصفته السيئة وباطنه السيء ، هذه هي طبيعة البشر ، فما بالك إذا كان أحد الأطراف نبيا كرم بأكبر قدر من النور الإلهي والطرف الآخر رأسا من رؤوس الكفر يضرب به المثل في الكفر والظلم طوال العصور ! ! ويتذرع فرعون بأنه هكذا خلق ، وهكذا أراد الله له ، هذا هو حكم " الخلق " ، ، قال له " كن " هكذا " فكان " هكذا ، ولا يستطيع أن يهرب من هذا المصير ( أنظر شرح البيت 615 من الكتاب الذي بين أيدينا وتفصيلات للفكرة في الكتاب الخامس الأبيات : 1687 - 1692 وشروحها )
 
( 2478 - 2484 ) : اللالون وعالم اللالون هو الوجود المطلق الذي لا يكون مقيدا بشكل أو بصورة أو مكان أو زمان ، وهو عالم المطلق والإطلاق وعالم الوحدة وعالم المعنى وعالم الغيب ، ويصبح أسيرا للون أي ينطلق من الإطلاق إلى التعين ويحد بصورة ولون وجسم . وموسى هنا
 
 
« 514 »
 
هو كل مظهر من مظاهر الصفات الإلهية ، فهذه المظاهر تتمايز في عالم الصورة وتتضاد وتتقاتل فيما بينها ، ونحن - لأننا أسرى النفع والضر في عالم التراب - نرى أحدهم موسى ونرى آخر فرعون ، وأنت إن فرغت من هذا العالم المادي ووصلت إلى عالم الوحدة وانعدام اللون ، لن تجد مظاهر الكون في حالة قتال ، ستعود إلى الحالة التي كنت عليها في الأصل قبل هبوطك إلى عالم الأجساد والألوان ، والقيل والقال كناية عن النزاع حول مظاهر عالم المادة ، ولقد ولد كل مولود من بني آدم على الفطرة أي بلا لون ، ومن العجب أن يشتبك من له لون " فرعون " مع من لا لون له " الخالق " ويرى مولانا أن الزيت أصله ماء ( هو بالطبع ماء مع مواد أخرى ) 
فكيف يكون له هذا التضاد مع الماء بحيث يطفو فوقه ولا يذوب فيه ، وإن الورد ليخرج من الغصن الشائك فكيف يكون بينهما هذا التضاد ؟ 
وإذا كانت كل المذاهب تنبثق من أصل واحد ، فلما ذا هذه الحروب وهذه الخلافات الدموية ؟ ( استعلامي 1 / 349 - 350 ) 
أليست العودة إلى عالم الوحدة حلا لكل هذه الخلافات ؟ ففي عالم الخلق وفي العلم الإلهي : لا عداوات ( فروزانفر 1049 ) .
 
( 2485 - 2493 ) : يعود مولانا فيقول : لعلها ليست حربا ، أو لعلها حرب مصطنعة مثل جدال بائعي الحمير فيما بينهم " لتصريف البضاعة " أو في مصطلح آخر من مصطلحات مولانا جلال الدين جرى مجرى الأمثال : جدال الصاغة ، أو لعلها ليست هذا وليست ذاك بل لجعل سوق الحكماء رائجا ، وليحتدم الجدل بينهم ، أو ربما هي حيرة : حيرة إثبات لا حيرة إنكار 
( أنظر شرح البيتين : 313 - 314 من الكتاب الذي بين أيدينا ) 
يقول ابن العربي " ما للهدى هو أن يهتدى الإنسان إلى الحيرة ، فيعلم أن الأمر حيرة ، والحيرة قلق ، وحركة الحركة حياة " ، وهذه الحيرة هي التي تحل المشكلات للسالك ، الاستغراق في محبة الصانع الذي يصرف السالك عن الاستغراق في المصنوع ، ونحن نعتبر أو هامنا وأفكارنا حلولا ، في حين أن هذا الوهم هو الذي


 
 
« 515 »
 
يبعدنا عن الحقيقة . ويقارن مولانا بين عالمين : عالم نظن أنه وجود وهو عدم يبدو وجودا ، وعالم نظن أنه عدم وهو أصل كل الموجودات ( عن تفصيلات للفكرة أنظر الكتاب الخامس الأبيات 1027 - 1037 وشروحها ) ، 
ومن اهتم بالعدم الذي يشبه الوجود فقد كل شئ ، ومن إعتبر نفسه عدما أدرك كثيرا من الموجودات ، والمولود الذي يأتي من عالم العدم صارخا لأنه قد رد عنه وطرد منه ، فأنت في الحقيقة لست هاربا من العدم ، لكن العدم رآك غير أهل له فردك ، وهذه هي الأمور المعكوسة التي يتحدث عنها مولانا كثيرا ترى نفسك كارها للعدم والعدم هو الذي يكرهك ، مثلما كان فرعون يكره موسي ، في حين أن المفروض العكس ، والعدم أيضا هو السالك الذي خلص من الوجود ونجا من كل ما هو موجود . ( فروزانفر - شرح ص 1056 ) .
 
( 2494 - 2500 ) : الآية المذكورة في العنوان " خسر الدنيا والآخرة " جزء من الآية 11 من سورة الحج ، والأشقياء هم الذين يترددون بين الكفر والإيمان ، وتؤثر في إيمانهم ظواهر الأمور ، ويعبدون الله على حرف فإن أصابهم خير إطمأنوا به ، وإن أصابهم شر انقلبوا على أعقابهم خسروا الدنيا والآخرة ، ذلك هو الخسران المبين . والحكماء يبنون معتقداتهم على ما يرونه من ظواهر الدنيا . والمثل هنا مأخوذ من ابن سينا من طبيعيات الشفاء وقال جعفري ( 3 - 220 )
 أن الأصل لبطلميوس " وقائل أنها كروية ، وأنها ساكنة ولا تتحرك ، وإنما لا تتحرك لأن الفلك يجذبها إلى الجهات جذبا متشابها فلا يكون جهة أولى بأن تجذب إليها من جهة ، كما يحكى عن صنم كان في بيت مغناطيسي الحيطان والقرار والسقف ، وكان قد قام في وسط البيت منجذبا إلى السطوح الست بالسوية ، كما وردت صفة هذا الصنم المعلق في منظومة كرشاسب نامه لأسدي الطوسي ، كما ذكر بعض المؤرخين هذه الصفة عن صنم سومنات المعلق في ذلك المعبد الموجود في الهند والذي فتحه السلطان محمود الغزنوي ، لكن أغلب المؤرخين قالوا أنه كان من الحجر ( شرح فروزانفر صص 1091 - 1094 ) .


 
 
« 516 »
 
( 2501 - 2507 ) : يشبه مولانا وضع بواطن أهل الضلال بالنسبة لأهل الكمال بوضع الأرض بالنسبة للأفلاك ، فأمثال فرعون يبقون معلقين في ضلالهم ، لأن رجال الحق يطردونهم من كل ناحية ، فالدنيا تردهم والآخرة تردهم ، ومن ثم فإن عصيان الضالين لأهل الكمال ، ويقابل أيضا بكراهية من أهل الكمال يرد منهم ، فإن شاءوا جذبوك بروحانيتهم كما يجذب حجر الكهرمان القش ، لكنهم يحجبونها عنك لأنك لا تستحقها ، فيتحول تسليمك إلى عصيان ، وكما أن الإنسان مسلط بكل قواه على الحيوان ، فإن الأولياء مسلطون أيضا على الإنسان .
 
( 2508 ) مفاد هذا البيت أن الناس عباد للأولياء والمرشدين ، فحين إرشاد الأمم دعا عبده أحمد صلى اللّه عليه وسلّم وقال له : أدعُ كل خلق العالم وقل " يا عبادي " أي قل مبلغا عن الله تعالى " يا عبادي " ، وإذا كان لفظ " عبادي " هو لفظ الله ، إلا أنه مبلغ من الرسول عليه السلام والرسول جرى على لسانه يا عبادي بياء المتكلم ، ومن شأن الولي التصرف في الذي ملكه ولو كان ملكه على سبيل المجاز ، وهذه رتبة قرب الفرائض ، لأن من اخلص لله بالعبودية ، كانت جميع الخلائق عبيده ، فالناس عبيده وهو مولاهم ، وهم أيضا عبيد خلفائه يتصرفون فينا بتصريف الله لهم فينا . ( مولوي 1 / 449 ) .
 
( 2509 - 2512 ) : جسد الإنسان بمثابة البعير ، وعقله هو حادي هذا البعير ، وعقول البشر - بالنسبة للأولياء - بمثابة الإبل والقافلة ، والأولياء هم الحداة والأدلاء لهذه القافلة ، يقودونها برغم عدم ميلهم إلى الانقياد لهم ، فانظر إليهم ببصيرة الاعتبار . . . أي جمال وأي حاد ؟ ! ! ! مالي أضرب أمثالا ناقصة ؟ ! إن الأمر يحتاج إلى بصيرة ترى الشمس .
 
( 2513 - 2516 ) : الخلق كلهم مسرون ومصلوبون في ليل الغفلة في انتظار أن تسطع عليهم شمس الولي ، لكنك سوف تنكر أن يكون الولي شمسا ، فكيف تختفي شمس في ذرة هي ( ظاهر الولي ) ؟ وأسد ( روح الولي ) في إهاب حمل ( جسده ) ؟ كيف يختفي البحر المواج بأمواج المعاني
 
 
« 517 »
 
تحت قشة ؟ ( جسد الولي الذي غالبا ما يكون مهدودا ونحيلا من الرياضة ) لكنك في تردد وخطأ وظن في معرفة الولي الكامل ، لكن رحمة الله كامنة في ظن كهذا ، فإن لم يعرف الظانون أهل الحق ، فإن قيمة أهل الحق تزداد بهذا الجهل لهم من قبل من لا يستحقونهم ، وقد يكون هذا الإنكار أيضا سببا في يقظة الظمآنين وإرشادهم ( إستعلامي 1 / 352 ) .
 
( 2517 - 2520 ) : الولي فرد عبارة لشمس الدين التبريزي ( مقالات ص 171 ) ، وهذا لا يعيب الولي ، فكل نبي بعث فردا ، لكن نفس هذا الفرد كان العالم الأكبر قد إنطوى فيه " أنظر لتفصيلات الفكرة مقدمة الترجمة العربية للكتاب الرابع : الإنسان ذلك العالم الكبير ) هذا النبي رآه البلهاء فردا وضعيفا وحزينا ، ومتى يكون ضعيفا وحزينا ذلك المتصل بالملك الأكبر .
 
( 2521 ) : بمناسبة الجسد والعقل " البعير والحادي " يتوارد إلى ذهن مولانا قصة من قصص القرآن الكريم هي قصة الناقة وثمود وصالح عليه السلام . لقد كانت معجزة صالح لقومه ناقة خرجت من صخر الجبل " وكأنها مولودة من ناقة " بتعبير آخر لمولانا جلال الدين ، ثم وضعت فصيلا قويا ، واتفق صالح مع قومه أن يشربوا من ماء القرية يوما ثم يتركونه يوما للناقة وفصيلها " لكم شرب ولها شرب يوم معلوم " وذلك اليوم يشربون من لبن الناقة . لكنهم نكصوا العهد وعقروا الناقة فحق عليهم العذاب على ما فصلته كتب التفسير وفصله مولانا جلال الدين في النص ( انظر قصص الأنبياء للثعلبي صص 66 - 72 ) .
 
( 2523 - 2533 ) : وصفت ناقة صالح في القرآن الكريم في موضعين بأنها " ناقة الله " ( هود / 24 والشمس / 13 ) ، لقد كانت ترعى في أرض الله وتشرب من ماء الله ، فبخل عليها أولئك الأخساء برزق الله ، فحق عليهم العذاب ، وما أشبه ناقة صالح هذه بذوات الصالحين أو صورهم الظاهرة وأجسادهم ، فهي آية من الله تحتوي على معجزات إلهية ، بينما ينظر إليها الطالحون كمجرد أجساد ، فيكون من هذه النظرة هلاكهم وحرمانهم . والروح بمثابة صالح ، والجسد هو

 
« 518 »
 
المظهر الظاهر لهذه الروح ، ومهما تلقى الجسد من طعنات ، تظل الروح بلا نقصان ، وربما تكون الطعنات التي تصيب الجسد خلاصا للروح وعلوا في مقامها ، لقد كان العدوان على ناقة صالح أو ذات صالح وجسده ، ولم يصب صالح بأذى ، لكن الثمن والفدية كان مدينة بأكملها ، فلقد كان العدوان على المعجزة وعلى المظهر والدلالة ، كان تحديا للروح ووقوفا أمام الكمل والواصلين وتأييد الله لهم " ومن عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب " ، فالله تعالى متصل بالولي ، وماء هذا الدن من ذلك الجدول ، وتحطيم الدن إنكار للنعمة وجود لها ، ومجازاة القربة بالبعد والعطاء بالجحود ، وعض اليد الممدودة بالعطاء ، وخيانة حيث يجب الوفاء ، وكفران حيث يجب الشكر . والاتصال بروح الولي يلزمه في البداية عبودية لهذا الولوي ورضوخ له وإقرار بولايته .
 
( 2534 - 2553 ) : لوعيد صالح عليه السّلام وما حاق بالمدينة أنظر قصص الأنبياء للثعلبي ص 71 وفي البيت 2551 إشارة إلى الآية الكريمة "فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ، فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ *" ( الأعراف / 78 ) .
 
( 2561 ) : "فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ : يا قَوْمِ ، لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ ، وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ" ( الأعراف 1 / 79 ) .
 
( 2571 ) "فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ ؟ !" ( الأعراف / 93 ) وقائلها هو شعيب عليه السلام .
 
( 2576 ) قوم الكلاب قوم أسطوريون ذكرهم هيردوت كما ذكرهم زكريا القزويني وقال أنهم يسكنون في جزيرة في الجنوب ، ويأكلون البشر ، كما ذكرهم أسدي الطوسي في " كرشاسب نامه " ووصفهم وذكر أن كرشاسب حاربهم وانتصر عليهم . ( فروزانفر - شرح صص 1083 - 1084 ) ( 2587 ) إشارة إلى المثل العربي : ذنب الكلب لا يستوي . ( فروزانفر 1048 ) .
 
( 2581 ) : إن الله بين للناس أهل الجنة على الأرض في صورة الأولياء وذلك ليبين لهم أيضا أهل الجحيم وجعلهم ممتزجين مختلطين أجسادا وصورة مفترقين معنى وحقيقة .

 
« 519 »
 
( 2582 - 2589 ) : ما ورد في العنوان الآيتان 19 و 20 من سورة الرحمن ، يفصل مولانا جلال الدين في الفكرة التي أوردها في البيت السابق ( قال نجم الدين : مرج البحرين الروحاني الجسماني يلتقيان بينهما برزخ ، قالب الإنسان حاجز يمنعهما أن يتغيرا ، يعني إن لم يكن حاجز القلب بين القوى العلوية والسفلية لتغير مزاج القوى النورانية العلوية من دخان القوى الظلمانية السفلية ، ويبطل أيضا إحساسات القوى السفلية من غلبات أنوار القوى العلوية ، لأن القوى السفلية ضعيفة عاجزة عن حمل الأنوار العلوية ، إن لم يكن بينهما واسطة اللطف من القوى السفلية . وقال الكاشاني : بحر الهيولي الجسمية هو المالح وبحر الروح المجردة هو العذب يلتقيان في وجود الإنسان بينهما برزخ النفس الحيوانية التي ليست في صفاء الأرواح المجردة ولطافتها ولا في كدورة الأجساد الهيولانية وكثافتها ، لا يتجاوز أحدهما فيغلب على الآخر بخاصيته ( مولوي 1 / 462 ) . ونظرة مولانا هنا نظرة شاملة : أن الدنيا تحتوي على الأضداد ، وهذه الأضداد تتعايش وتتعامل برغم كل هذه التناقض ، فالدر إلى جوار السبه " حجر الجزع اليماني " ، والذهب إلى جوار التراب ، فما العجب أن يكون البحر العذب بجوار البحر المالح ؟ هذا التقارب الظاهري في الحقيقة يخفي البون الشاسع بين كل عنصر وآخر من هذه المتناقضات ، وهذا هو السبب الحقيقي في الاختلافات والحروب والصراعات ، فالأجساد في حرب ، والأرواح في صلح ، وعالم الأرواح في سلام دائم .
 
( 2590 - 2603 ) وكما يكون الكون قائما على مجموعة من الأضداد ، فإن الشخصية الإنسانية أيضا قائمة على التناقضات ، وباطن الإنسان يحتوي على كل التناقضات بحسب تعاقب صفات الخير والشر " أمواج الحرب وألوان الحب " وكلاهما معتمد على لطف الله وقهره ، فإذا إنجذب إلى أمواج اللطف تحولت المرارة إلى حلاوة ، وهذا التحول يتم بشكل غير محسوس ، لا تدركه إلا العين الفاحصة الناظرة إلى العاقبة ، وثمة فرق بين العين الناظرة إلى العاقبة والعين الناظرة
 
« 520 »
 
إلى شهوات الدنيا وملذاتها ، واكتشاف الأمر صعب لأن الأمور المتشابهة ظاهريا المختلفة باطنيا كثيرة ، وكثيرا ما يقع المرء في الخطأ ، فيظن السكر سما والسم سكرا ، وما هذا الأمر إلا لكي يعمل المرء فكره وكل قواه الروحانية . وهناك من نور باطنهم بنور الإيمان يعرفون الأمور بمجرد روائحها ، وطائفة أخرى تذوقها ، وطائفة ثالثة لا تميز بينها إلا إذا وصلت إلى حلوقها ، وأخرى لا تعرف مضارها إلا وهي تغوطها ، وطائفة لا تدركها إلا بعد أيام وشهور ، وطائفة أخرى لا تعرف مغبتها إلا يوم النشور ، وذلك بحسب قابلية كل إمريء للنور .
 
( 2604 - 2608 ) : وديدن المعاني في هذا الأمر كديدن الأعراض ، فلا بد من فترة من الزمن ، والمعاناة والكبد في الطريق ، والذي يستطيع أن يخلص من معاناة هذا الكبد هو المرشد ، ولكل نبات مهلة ، ولكل مادة زمن تتشكل فيه وتتكون ، وهذا المعنى مأخوذ من سنائي الغزنوي :
تنبغي سنون كي يصبح حجر أصلي بتأثير * ياقوتا في بدخشان أو عقيقا في اليمن 
وتنبغي شهور حتى تصير بذرة قطن من الماء والتراب * حلة لحسناء أو كفنا لأحد الشهداء
 وتنبغي أيام حتى تصبح قبضة من الصوف من ظهرشاة * خرقة لزاهد أو رسنا الحمار 
وتنبغى أعمار حتى يصبح طفل موهوب * عالما فحلا أو شاعرا حلو الكلام 
وتنبغي قرون حتى تصبح نطفة من صلب آدم * أبا الوفاء الكردي أو أويس القرني
 فلتتشبث بأهداب صاحب دولة ربما * لتنجو من بذل المجهود وإنفاق الوقت 
( ديوان سنائى : صص 376 - 377 ) 
كما ورد مثال النباتات في معارف بهاء ولد ( ص 243 ) . 
والمقصود بما ورد في سورة الأنعام الآية الكريمة "هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ، ثُمَّ قَضى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ" وقرأ المفسرون كلمة


 
 
« 521 »
 
الأجل الأجل ، وقالوا بأجلين أجل في هذه الدنيا وأجل من الموت إلى القيامة ، لكن العارفين قالوا أن الأجل الثاني ، عند اتصال السالك بالله عز وجل ويصبح في عداد الواصلين ، ويمكن أن يتم هذا في الحياة الدنيا وهذا هو الأجل المسمى عنده ، ومرحلة الاتصال بالحق لا موت بعدها ، فكأنها ماء الحياة .
 
( 2609 - 2614 ) : ليست الأعيان هي المختلفة في العالم فحسب ، بل تتفاوت آثارها أيضا باختلاف المتلقي ومدى إستعداده وقدر نصيبه من النور ، بحيث يكون السم نفسه عذبا عند بعضهم ( عند سنائي : السم لذا هلاك ولذاك مئونة ) ، كل شيء في موضع سم وفي موضع دواء ( تعالج أمراض عديدة في الطب القديم وفي الطب الحديث بأنواع من السموم ) . وعندما يقول الحلاج " أنا الحق " فهو منتهى الإيمان ، وتعبير عن مقام الفناء ، وعندما يقول غيره أنا الحق فهو كافر وزنديق ، والطعام للمتقين نور وزيادة في الحكمة وللغافل زيادة في الغفلة ومجبلة للنوم ، والأعراض تتغير - بقدر النضج - فالماء في الحصر مر ، وفي مرحلة العنبية يتحول إلى عصير حلو ، وفي الدن إلى خمر محرمة ، ثم يتحول إلى خل ، وهو طبقا للحديث النبوي الشريف " نعم الإدام " ( أحاديث مثنوي / 25 ) أو كما قال مولوي ( 1 / 470 ) خير خلكم خير خمركم . أنظر : المادة واحدة ، لكن آثارها تختلف باختلاف البشر بل باختلاف المراحل والأحوال من شخص واحد .

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.docx    قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 11:04 am

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.docx 

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.txt 

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.pdf 


عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة الخليفة الذي فاق حاتم الطائي كرما في زمانه المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قصة الخليفة الذي فاق في زمانه حاتم الطائي في الكرم .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي
» ديباجة مولانا الدفتر الأول المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة عازف الصنج الشيخ الذي كان في عهد عمر المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» عشق الملك لجارية مريضة وتدبيره من أجل شفائها المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: