لو كان لي قلبان .. عشت بواحدٍ وتركتُ قلباً في هواك يعذبُ ..
يقول يحي ابن معاذ : القلب قلبان : قلبٌ قد احتشى باشتغال الدنيا حتى إذا حضر أمرٌ من أمر الطاعات لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا ، وقلب احتشى بأحوال الآخرة حتى إذا حضر أمر من أوامر الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة ؛ فانظر كم بين بركة تلك الأوهام وشؤم هذه الأشغال الفانية التي أقعدتك عن الطاعات .
أما أبو بكر الورّاق فيقول : للقلب ستة أشياء : حياةٌ وموت ، وصحةٌ وسقم ؛ ويقظةٌ ونوم . فحياته الهدى وموته الضلالة ؛ وصحته الطهارة والصفاء وسقمه الكدورة والعلاقة ( من العلقة ) ؛ ويقظتهُ الذكر ونومه الغفلة . ولكل واحدٍ من ذلك علامات : فعلامات الحياة الرغبة والرهبة والعمل بهما ؛ والميت بخلاف ذلك . وعلامات الصحة : القوة واللذة و ؛ والسقم بخلاف ذلك . وعلامات اليقظة السمع والبصر والتدبير ؛ والمنام بخلاف ذلك .
قال بعضهم في قوله تعالى : " لمن كان له قلب " ما كان عليه قلوب الأبرار الأخيار .. أو من كلن له قلبٌ سليم من الأعراض ؛ سليم من الأمراض .
وقال فيها مولانا الحسين : لمن كان له قلب ٌ : لا يخطر فيه إلا شهود الرب وأنشد لنفسه :
أنعي إليك قلوباً طالما هطلت ...... سحائب الوحي فيها أبحر الحكم
قال تاج الدين بن عطاء الله السكندري : قلب لاحظ الحق بتعين التعظيم فدان لهُ وانقطع إليه عمن سواه .
قال الواسطي : لمن كان له قلب : أي في الأزل وهم الذين قال الله تعالى : أو من كان ميتاً فأحييناه .
وقال بعضهم : موت القلب من شهوات النفوس فكلما رفض شهوته نال من الحياة بقسطها .
ويقول القاسم في قوله تعالى : " ألقى السمع وهو شهيد "، قال : هم الأنبياء فإن الله خلقهم للمشاهدة يشهدون له بقلوبهم عند إقبالهم وإدبارهم فإن المنشئ والمبدئ والمعيد .
ويقول الواسطي في : " لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد " قال : ما تنفع المشاهدة ما دامت مقارنة للآمال ولا تنفع العلوم ما دامت مفارقة للأعمال .