بسم الله الرحمن الرحيم
ويقول رضي الله عنه : نور يكشف لك به عن آثاره ونور يكشف لك به عن أوصافه.
قلت (والكلام لابن عجيبة) : أصل النور من حيث هو الكشف ، فالنور الحسي يكشف عن المحسوسات والنور المعنوي يكشف عن المفهومات ، أو تقول نور الحس يكشف عن الأواني والنور المعنوي يكشف عن المعاني ، ولا عبرة برؤية الأواني خاوية من المعاني ثم أن النور المعنوي ينقسم على ثلاثة أقسام باعتباره القوة والضعف فنور الإسلام الذي هو كالنجوم يكشف لك الحق تعالى به عن وجود آثاره فتستدل بها على صانعها ونورالإيمان الذي هو كالقمر يكشف لك به عن حقيقة ذاته فلا ترى شيئا إلا رأيت صانعه فيه بواسطة تجلياته ، الله نور السموات والأرض ، فنهاية كشف النور الأول الفناء في الأفعال ونهاية كشف النور الثاني الفناء في الصفات ونهاية كشف النور الثالث التمكين في الفناء في الذات واستغنى الشيخ عن النور الثالث بذكر النور الثاني لان الفناء في الصفات قريب من الفناء في الذات لان الصفات لا تفارق الموصوف ، فمن كان يرى سمعه بالله وبصره بالله وحركته بالله يرى وجوده بالله ولذلك استغنى بعضهم بالفناء في الذات عن الفناء الصفات لتقاربهما ، فمهما تحقق أحدهما تحقق الآخر والله اعلم . ويحتمل أن يريد بقوله نور يكشف لك به عن آثاره النور الحسي المدرك بالبصر الحسي ونور يكشف لك به عن أوصافه نور البصيرة المعنوي وعليه اقتصر الشيخ ابن عباد رضي الله عنه ، لكن نور البصر الحسي لا يستقل بادراك المؤثر في الأثر مالم تمده الأنوار الباطنية العقلية فالمدار إنما هو على الأنوار الباطنية وأما الحسية فمدركة لكل احد حتى البهائم فلا خصوصية لها .
وبالله التوفيق.