المنصوري
عدد الرسائل : 73 تاريخ التسجيل : 29/02/2008
| موضوع: كنت نبيا وآدم بين الماء والطين - ذو العين الثلاثاء مارس 04, 2008 7:05 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم : " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين" هذا الحديث الشريف حير اهل الافكار والانظار ؟ لانه ان كان آدم بين الماء والطين فلم يك ثم ظهور للخلق, والنبوة برزخ بين الحق والخلق , فأي نبوة كانت للنبي الأعظم صلى الله عليه وآله, ولمن كان إنباؤه؟ وإذا كان آدم عند اهل الله هو المعلم بالاسماء كلها المخلوق على صورة الحق والذي هو تمام النقش الظاهر من الكنز المخفي , فاذا كانت طينته لم تزل تختمر, فلمن كان الانباء وكل ما يظهر في الإنباء مستجن فيه؟ اترككم لتغوصوا في انفسكم وتستجلبوا بفراغكم عن الحدود والسدود والنعت والاسم حقيقة هذا الحديث ؟ اتمنى من أخوتي ان يجيبوا عن هذه التساؤلات؟ --- واقول في بيان بعض معاني هذا الحديث الشريف ان آدم عند اهل الله هو الصورة الكاملة التي شهد الله فيها نفسه في علمه نفسه بنفسه في ظاهريته الاولى وأول الارتسام من قبل ان يظهر للغير عين, فهو الجامع لكل الحقائق ولوازمها, غير انها معماة فيه قال تعالى (الرحمن على العرش استوى) والاستواء ان يستوي من كل شئ فلا شئ اقرب اليه من شئ , ولايكون عماء الا لتفصيل, فكل الاسماء معلمة في نفسه, فهو حق خلق, ولا يمتاز في ذلك الارتسام الكامل عن الذات الا بالامتياز النسبي. وكان السؤال ان الحديث الشريف يحدثنا عن إنباء سابق على ذلك الارتسام مع ان ذلك الارتسام عنه يكون النفث والظهور التفصيلي الوجودي فما معنى الانباء السابق على الظهور. وكلام النبي الخاتم لانه ينبع من السر المحجب المقنع الذي هو سر الماء المعين الصافي في الغور الذي لا شوب فيه, فاذا انسحب على المراتب تلبس باعتبارات مختلفة كل رتبة بحسبها فقد يفهم الحديث بوجوه مختلفة بحسب الأذواق المتفاوتة. فمن نظر الى روح العماء ومعناه يمكن ان يفهم ان النبي صلى الله عليه واله هو روح آدم ومعناه وسره لذا كان نهاية آدم وهي الميم أول محمد ففيه صلى الله عليه واله الماهية المفردة عن لوازمها, فهو مجموع الانباء وآدم صورته على التحقيق, وكانت نهاية آدم التي هي الميم هي بداية محمد صلى الله عليه وآله, والى هذا المعنى نظر من قال من الاكابر بابوته لابيه. وتسائل بعضهم معظما لذلك الجناب هل ان الإنباء الذي له صلى الله عليه واله في تلك الوحدة يعلم به صلى الله عليه واله كل تفصيل من نفسه حتى الانفاس والفكرة والخطرة قبل ظهور غير, فمن قال باستحالة ذلك فهو ما أعطاه ذوقه, ومن لم يقل بها فانه يرى ان الاستحالة يجب ان تضاف الى شئ فهي نسبية ابدا فهو قائل بالاستحالة غير قائل بها في الحقيقة, فيثبت تلك الرتبة, ومن أشار من الاكابر الى كونه صلى الله عليه وآله عقلا ونفسا فانه يشير الى قوله تعالى (بالمؤمنين رؤوف رحيم) فوصفه بالرحيم وهوتمام التحقق ونهاية البسملة فلا كمال للمعرفة والوجود من دون تلك المشاورة التي بها يكون عقلا ونفسا ليبسط ما علم ويحقق الارداة الذاتية مع الانفاس. ويمكن ان يفهم الحديث بانه يشير الى الاسماء الأصلية الذاتية حيث لا مجال لاي اعتبار غير ما يتعقل من نفسه فلا شئ معه في تلك الوحدة البسيطة الحقيقية لا ارتسام ولا عكس ولا مرايا, فهو مثل التعقل النفساني قبل التشكل في الصور وكل ما ذكرناه من الارتسام المعمى وروحه انما هو تنزل له, ولا اشتراك له في الوجود فلا مساحة له ولا قدم ولا مقام فليس هو ظاهر لباطن ولا هو باطن لظاهر, وكنت في قوله (كنت نبيا ) هنا, مثل قوله (كنت كنزا مخفيا), ومثل قوله (كان الله ولا شئ معه), وهو صلى الله عليه واله في تلك الرتبة له وجهان فمن وجه يرتسم فيه العماء المشار اليه وروحه, ومن وجه لا يقابل الا الذات ومن هذا الوجه لا يمكن ان يتعقل او يضاف الى وصف كان ما كان وهو المشار اليه بقوله صلى الله عليه واله (لي وقت لا يسعني غير ربي) . ولامجال للنبوة هنا بحسب ذلك الذوق, ولكن معية ذاتية قائمة في نفسه وهي معية لا تنقال ولا يمكن فصلها باي صورة ولا تمتاز بأي وجه من الوجوه, ولا شيئية فيها, فهي الفراغ التام من كل وصف ومن كل ارتسام الا انها سر الانباء الذي يرتسم علما محضا لان الاسماء السبعة الذاتية ما هي الا ظلال لتلك الرتبة التي لا امتياز فيها. والخلاصة مما تقدم لحل ذلك الطلسم ان البرزخية لابد لها من طرفين فان يكن نبيا ولا ظهور فتلك معضلة ولكن ذلك لو لم يكن الظهور منه وفيه, واما بحسب ما تقدم من ارتسام آدم وما فيه في نفسه صلى الله عليه واله فلا إشكال, والحقيقة ان من يتعين في الوجود بمجلى من مجاليه بحيثية معينة يرى ان الاشكال قائم لتوهم التباين والامتياز عن الذات, ولذا يحتاج الى الاستخلاص وتقارع الاسماء في معراجه, واما من له التعين في كل تعين من نفسه من دون استناد فهو صاحب العهد الخالص الذي له النبوة وآدم بين الماء والطين . والله حسبي وهو نعم الوكيل -------- المشاركة منقولة من موقع الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.
| |
|