فوضي مكرفونات الشارع المصري
في مدينتنا كانت الحناطير تحمل الميكرفونات يوميا و يطوف بها المنادي
و المنادي غالبا شخصيات اجتماعية معروفة و لكل لونه و ذوقه و بصمته
و ينبغ في المهنة كهربائي الأفراح مثلا بحكم مالديه من عدة كبطارية و مكرفون
و تنتشر في القري مهنة المنادي علي الكارو و علي الحمار مدعومة طبعا بالمكرفون
و ليعلن كل يوم عن آخر من توفاهم الله الي رحمته و المتوسط يوميا من واحد لخمسة في بلدنا ثم ظهر التوك توك و تحولت شوارع مدينتي الي بحر من التكاتك لا يهدأ الا بعد منتصف الليل
و انتقلت عادة المنادي الي ركوب التوك توك و استخدام مكرفونين واحد للأمام و واحد للخلف
و ميكرفونات البائعة الجائلين التي تنادي مثلا العشرة كيلو بصل ب 13
او البطيخ الشليان في الصيف او باعة السمك و الكلور و الملايات و دليل التليفونات و الجرائد الإقليمية
و كل ماتتوقع
كذلك ميكرفونات الإفتتاحات للمحلات التي تزيد في المواسم و الصيف كمحلات الملابس و الكوافيرات و البوتيكات
و لا يخلو الحي او الشارع في المدن الصغيرة و الكبيرة علي السواء من زاوية او مسجد صغير بسبب قرارات الرئيس السابق السادات باعفاء كل عقار ينشئ مسجد من الضرائب في ايامه فكثرت المكرفونات لدرجة ان الزاوية المجاورة لي لسباك سابق تستخدم ثلاث ميكرفونات من اعلي مايمكن حتي كأنهم معي في غرفنا السطوحية و الله و احيانا اربع ميكرفونات في زمن تحول السباكين و بائعي الفاكهة و الخضروات الي دعاة و علماء
و طبعا تكتمل الصورة بالفلوس و التي تتحول فيها التبرعات الي مساكن المشرفين و العاملين علي شتي انواع الجمعيات الخيرية القائمة باسم الدين كأنها تجارة و مهنة تحترفها الجماعات الدينية عموما كمداحين الموالد
فحدث و لا حرج عن كل انواع الصداع من الفجر و حتي العشاء مدعومة بشتي أنواع الأصوات و حتي الأطفال و انصاف المتعلمين و الجهلاء و الباعة الذين يتصدرون المنابر لينشروا كل انواع التشريك
و شتي انواع التكفير و التخويف علي الملأ لأي طائفة ليست علي مذهب الأخوة فما بالك بالأخوة المسيحيين مثلا كان الله في عونهم
كما ان علاقة التكفير بالمكرفون واضحة من خلال حروفهما و كذلك الفكر
وتحولت صلاتنا الجماعية من علاقة بين العبد و ربه الي قراءات اعلامية او هجومية تأخذ العبد من نصيبه مع ربه
الي نصيب غيره
و لا تستطيع ان تذهب الي مكان تجد فيه الهدوء فتنظيمات المكرفونات قائمة و الدولة نائمة و لا حافز وطني لدي حكومة و ظيفية نظيفية و الحكومة هاتعمل ايه و لا ايه .
و لا تنسي الموضة الجديدة المسماه بالدي جي
و سماعات الساوندات و الإيقاعات الحديثة
و نسيت اقولك عن المواتير القديمة البالية و التي يشبه صوتها صوت مكن الري و تحيط بي كأنه قدر من ناحية واحد من محامين بلدنا و الآخر من بيت جارنا النجار و ابنه السواق بسيارته و حفيدة سائق التوك توك ووزوجة ابنه صاحبة محل الخياطة و زوج حفيدته بسيارته الفارهة و صاحب مزرعات الطيور المقامة فوقي و شبابيكها التي تفتح علي غرفتي مباشرة لأتابع مايحدث علي السطح مباشرة و زوجة ابنه الثاني عندها شواية سمك من ضمن طقم افران وشوايات يحيط بينا وثلاثة افران كبيرة للخبز و حلة عجين الفرن المجاور لنا تبدأ بعد صلاة الفجر و كذلك امامي الفلاحين الذين صوت الموتور بالنسبة لهم رفاهية و حداثة و صغارهم نهار ليل في الشارع فهم ضد وصلة الدش و ضد الكمبيوتر و غيره للأطفال فيعيش الأطفال في عالم العصا و الصاجة لا زمن السوفت و الويندوز و موتور بلوتو صاحب محلات الكاسيت الذي اشتري توك توك هو الآخر
و مشكلتي انهم جميعا اصدقائي و احبابي و يحاربون البطالة فلا املك الشكوي منهم
و كيف و النبي وصي علي سابع جار
و نهضة المعمار التي تجتاح الشارع المصري فالبناء في كل شارع علي قدم و ساق و اسعار الحديد و الأسمنت تحتل الصفحات الأولي يعني مزيد من الدق و قلابات الخرسانة تدور من حولي بالتوالي فاهرب من الضجيج الي الضجيج
كم اذكر في طفولتنا كنا ننتقل من علي السطوح و نعيش في كل هذه المنازل كأسرة واحدة بيوتها كلها من الخشب و الطين و الغاب و القش لكن ما اقسي الحجر و الحديد و الأسمنت
اذا اضفت لهذا الواقع ما يحدث حولنا علي المستوي الإقليمي و الدولي من مساخر التفرق العربي و مهازل اللوبي الصهيوني من حولنا و النت و مشاكله و ايضا العمل بمجال الكميوتر و قلقه
و المجتمع المنزلي من بيت و زوجه و اطفال و أسرة كالقبيلة في العدد تستدعي شتي الواجبات و المواقف
أصبح قلب المدينة ضجيج و اطرافها شوارع
مقدمات تنتهي كلها الي ما اسماه واحد من الأحباب بأنه الصداع الدولي
و انها مؤامرة كبيرة يتفق فيها الجميع علي الأذن و جنتها
صداع تقويه اجهزة المحمول و الهرتز و الكمبيوتر و مراوح الصيف التي ملئت منازلنا و اعمالنا و الجلوس امام الشاشات لدفن همومنا و البحث عن امل متجدد و دائم يختزل الهموم الي لحظة كونية موجودة و قوية لا تفهمها الأجيال الجديدة و انما تنساق فيها بوعي الشرق
نقطة علي موج البحر الكلي كما يقول الرومي و اثبته هايل
تقطة تستدعي التصوف و الهروب و التوحد و البحث عن خلوة و نقطة
نقطة خروج من كل انواع ادوية الصداع الموجودة بالصيدليات و دكاترة المخ و الأعصاب المتخصصين المشرفين علي علاجي و صف من عباقرة رجال الفارما كولوجي و أساتذة السمع و ممفيس و ترينتي و حتي مشايخ الجن استشرتهم و بحثت في علاجات الصداع بالقرآن و و مختلف الرقي و معاهد الكهرومغناطيس و كتب اليوجا
و أحدث مجموعات المضادات الحيوية من الجيل الثالث
لعلاج صداع المكرفونات و الأذن الوسطي
و فوضي المكرفونات في الشارع المصري
التي تستهلكنا في كلام فاضي و لا تقدم و لا يحزنون
و اعتذر علي الاطالة و الألم لكنه الصدق و الواقع و نقد الذات