| وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الدرويش
عدد الرسائل : 1213 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 05/09/2007
| |
| |
الدرويش
عدد الرسائل : 1213 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 05/09/2007
| موضوع: رد: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى الأحد مارس 30, 2008 1:28 am | |
|
ثم نأتي للطيور الأربعة .. و الجبال الأربعة .. فأما الطيور فقالوا أنها كانت الطاوسُ والغرابُ والديك والبطُّ وبدلوا الأخيرة بالنسر تارة وبالحمامة تارة أخرى .. وهي بالأصل رموزاً .. لمعاني أصلية .. والمعنى فيه أن الطاوس أشبه الطيور بزينة الدنيا، والغراب أحرص الطيور والبطُّ أطلبهم للرزقه، والديكُ أشدهم شهوةً وهنا تظهر الإشارة التي وراء العبرة والعبارة ..
وكأنه يقول: اقطع عنك زينة الدنيا والمفاخرة بها والحرص عليها وطلب الرزق فيها وإزالة الشهوة منها؛ حتى تنال كمال حقيقة الإيمان، فإذا أسقطت عن نفسك هذه الخصال، حليتك بصفتى فى إحياء الموتى فتدعوهن فيجيبنك سعياً إليك، لأنك فى ذلك الوقت خالٍ من صفاتك، وإنما دعوتهن بصفتنا التى حليناك بها .
وقالوا هى الصفات الاربع التى تولدت من العناصر الاربعة التى خمرت طينة الانسان منها وهى التراب والماء والنار والهواء فتولدت من ازدواج كل عنصر مع قرينه صفتان فمن التراب وقرينه الماء تولد الحرص والبخل وهما قرينان حيث وجد احدهما وجد قرينه ومن النار وقرينها الهواء تولد الغضب والشهوة وهما قرينان يوجدان معا ولكل واحدة من هذه الصفات زوج خلق منها ليسكن اليها كحواء وآدم ويتولد منها صفات اخرى فالحرص زوجه الحسد والبخل زوجه الحقد والغضب زوجه الكبر وليس للشهوة اختصاص بزوج معين بل هى كالمعشوقة بين الصفات فيتعلق بها كل صفة
ومن هذه الابواب السبعة للدركات السبع من جهنم يدخل الخلق جهنم التى لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم يعنى من الخلق فمن كان الغالب عليه صفة منها فيدخل النار من ذلك الباب فامر الله خليله بذبح هذه الصفات وهى الطيور الاربعة طاووس البخل وغراب الحرص وديك الشهوة ونسر الغضب أو بطة طلب الرزقة فلما ذبح الخليل عليه السلام بسكين الصدق هذه الطيور وانقطعت منه متولداتها ما بقى له باب يدخل منه النار فلما القى فيها بالمنجنيق قهرا صارت النار عليه بردا وسلاما.
إنه الفتى الذي يقال له إبراهيم عليه السلام من أسقط عنه ربه الإستدلال .. سواء بالشمس أو بالقمر .. ونور قلبه صاحب الإستدلال . أما ترى أن موسى - عليه السلام - لما سأل الرؤية جهراً وقال:{ رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ }فَرُدَّ عليه ربه بالجهر صريحاً وقيل له { لَن تَرَانِى }. فإن أثبت نفسك بقولك أرني ... فكيف تراني .. ؟؟
فأنا أنا ... واسمع لخطاب صاحب " أنا " سبحانه وتعالى تراه يقول : إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا .. أما من ألصق بنفسه الياء ... أرن + ي .. فقد أثبت لنفسه بقاء .. فالجواب إما بأولم ( تؤمن ) ... وإما بلن ( تراني ).. وتمتنع الرؤية .. فانظر أو فخذ ..
فإن كنت أنت أنت .. فانظر أو خذ إلى غيري .. وما ثمّ غيري .. فأين تذهبون .
فإما لجبلٍ أو لأربعة جبال .. أما أنا فمحال ... حتى الفناء والزوال وانظر لبديع هذه الحضرة وطيب صنع الله فيها فإنه لما سأل إبراهيم عليه السلام { أرِنِى كَيْفَ تُحْيِ المَوْتَى }؟ قيل له: وأرني كيف تذبح الحي؟ يعني إسماعيل( إني أرى في المنام أني أذبحك ) ، مطالبة بمطالبة. فلمَّا وَفَّى بما طولب به وفَّى الحق سبحانه بحكم ما طلب ( وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ ). وقال له فخذ أربعة من الطير .
وكان بها تمام خلته بأن أحيا الله الموتى على يده . والله خير الماكرين .. فلو شاء لآتى كل نفسٍ هداها .سبحانه . ولنتأمل علاقة الطيور بجبالها ...
ولندقق في تقسيمٍ آخر قسمه أهل الله لهذه الطيور الأربعة حتى نقترب أكثر من هذه الحضرة البديعة ..
فإن قلنا أن الطائر الاول هو العقل وأن الثانى هو القلب والثالث النفس والرابع الروح .. نر أن الخليل عليه السلام كان عليه بأن يذبح طير العقل بسكين المحبة على باب الملكوت وأن يذبح طير القلب بسكين الشوق على جناب الجبروت وان يذبح طير النفس بسكين العشق فى ميادين الواحد وان يذبح طير الروح بسكين العجز فى تيه عزة اسرار الأحد ..
فإن أتمم ذبحها فعليه أن يجعل العقل على جبل العظمة وان يجعل القلب على جبل الكبرياء وان يجعل النفس على جبل العزة وان يجعل الروح على جبل جمال الازل ثم عليه أن يدعوهن بصوت سر العشق وزمزمة الشوق وجرس المحبة من بساتين القربة هنا فلا أقل من أن يأتوه سعيا بسرعة جناح سلطان الربوبية الى معدن العبودية بجمال الاحدية ... فأتمها الله عليه وألبسه من أنواره حلل الخلة وتوجه بتاج أنه أمة .. ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً) ...
فمن أراد ان تحيا رُوحُه الحياة الأبدية، وينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين، فلا بد أن تموت نفسه أربع موتات:
الأولى: تموت عن حب الشهوات والزخارف الدينوية، التي هي صفة الطاووس. الثانية: عن الصولة والقوى النفسانية، التي هي صفة الديك. الثالثة: عن خسة النفس والدناءة وبعد الأمل، التي هي صفة الغراب. الرابعة: عن الترفع والمسارعة إلى الهوى المتصف بها الحمام أو طلب الرزقة التي هي صفة البط أو التعالي والغضب والتي هي صفة النسر ... فإذا ذبح نفسه عن هذه الخصال حييتْ روحه، وتهذبت نفسه، فصارت طوع يده، كلما دعاها إلى طاعة أتت إليها مسرعة ساعية.
وإلى هذا المعنى أشار الشيخ أبو الحسن الشاذلي بقوله في حزبه الكبير: (واجعل لنا ظهيراً من عقولنا ومهيمناً من أرواحنا، ومسخراً من أنفسنا، كي نسبحك كثيراً، ونذكرك كثيراً، إنك كنت بنا بصيراً). فالأوراد هي أكواد شفرات الأولياء .. من أراد أن يفتش في كنوزهم فلينظر إلى أورادهم .. ففيها حقيقة من وصل فاتصل .
وهذا يا إخواني منظر إلهي بديع وحوار من ينادي يا أيها الناس .. وخلقنا فأحسن خلقنا مع من يقول يا رب .. فالرب رب والعبد عبد ..
وإنما هذه الحضرة الإبراهيمية وسؤاله بكيف إنما أراها جهاداً للنفس والذي هو الجهاد الأكبر الذي نبه له سيد الوجود صلى الله عليه وآله وسلم . الذي حاز وحده الجهات الست .. من أمامي نورا ومن خلفي نورا وعن يميني نورا وعن شمالي نورا ومن فوقي نورا ومن تحتي نورا .. هي الجهات الست .. فلما سئل صحابته عنه قالوا .. كان نوراً يمشي على الأرض .. فلما سئل هو صلى الله عليه وسلم عن ربه .. أجاب : نورٌ أنى أراه .. "
اللهم وعرفّنا قدر نبينا في قلوبنا .. وألبسنا ثياب محبته بإتباعه فندخل حضرة " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي " فهو الباب والجناب العالي والنور والكتاب المبين .. منّ الله به علينا ليخرجنا من ظلمات قلوبنا إلى نور ربنا ..
ألسنا يا إخواني المخاطبون بقوله سبحانه جل وعلا : قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ... ؟؟ قولوا بلى .. قولوا بلى فهي مفتاح كنز السفر من علم اليقين إلى عين اليقين ..
والحمد لله رب العالمين .
| |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: البقرة 260 الأحد مارس 30, 2008 6:04 pm | |
| الله اكبر
حفظك الله ورعاك سيدي الدرويش.. لم اكن اشك لحظة عند اقتراحي عليك هذه الآية/الموضوع ان الله سيفتح لنا جميعا على يدك ابوابا من الاذواق والمعارف لا عدد لها ولا حصر, بارك الله لنا فيك. | |
|
| |
زينب الكسنزاني مشرفة واحة الكسنزان
عدد الرسائل : 1071 العمر : 37 الموقع : العراق تاريخ التسجيل : 28/01/2008
| موضوع: رد: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى الأحد مارس 30, 2008 6:22 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمه وعلى اله وصحبه وسلم تسليما جميع الكلمات لا تستطيع ان تكمل تعبيرك فهو واضح ومنير ويدخل القلب وتفهمه المعنى
المراد من قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى) و كذلك قول الرسول
بلى ربي . وعسى الله ان يستجيب دعاؤك وهو اللهم وعرفّنا قدر نبينا في قلوبنا .. وألبسنا ثياب محبته
بإتباعه فندخل حضرة " قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي " فهو الباب والجناب العالي والنور
والكتاب المبين .. منّ الله به علينا ليخرجنا من ظلمات قلوبنا إلى نور ربنا .
اللهم امين بحق سيد المرسلين ان تشفع لنا وتغفر ذنوبنا في الدنيا والاخره . | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: سيدنا إبراهيم -عليه السلام- والطيور المجبول عليها خِلـْقـَتـُنا الأحد مارس 30, 2008 7:47 pm | |
| باسم الله الرحمن الرحيم تاه الفؤاد بذكر الله وابتهج وأسرج الله من أنوار iiحكمته فظل يفتح من أبواب iiرحمته |
| ولاح صبح الهدى للعبد وابتهج ومن معارفه في قلبه سُرُجَ على خليقته ما كان قد رَتجَ |
عانى أنبياء الله ورسله الأمَرَّيْن مع الأمم التي كلفهم جل جلاله بهدايتها وكان من الأكثر كفرا وتعنُّتا بين أفرادها المتسلـِّطين من حكامها. وقد كان نصيب سيدنا إبراهيم –عليه السلام- من القاسية قلوبهم واللذين في آذانهم وقرا، وكأول رسله -سبحانه وتعالى- النصيب الأوفر كمًّا وكيفـًا. فخليل الرحمـن واجه الطاغية النمرود وأقحمه بالحجج والبراهين إذ زعم الفاجر أنه يقدر أن يحيي ويُميت وأن سيدنا إبراهيم لم يُعاين بثَّ الله –جل علاه- الحياة في العظام وهي رميم.
كما أفحم قبله قومه إذ سفح أحلامهم وهوى باليمين على أصنامهم حتى استفزهم وحز في قلوبهم الكافرة فارتأوا إحراقه عليه أزكى السلام ولكن هيهات هيهات أن يُفلح المجرمون.
وإن كانت “أسباب النزول” تبتغي ضرب الأمثال للكفار وطمأنة قلب الرسول الأعظم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فبواعث الحدث المذكور في اللآية الكريمة متنوعة وإن كانت متكاملة غير متناقضة. قد ترتبط أولاها بحاجة الخليل, الذي عفاه الله تعالى من الإستدلال عندما كان يقلِّبُ وجهه بين الشمس والقمر, ليسمع سؤال ربه وخليله الذي يفيد الإيجاب: ''أو لم تومن'' إذ السائل أدرى من المُجيب وهو ما تتضمنه ''بلى''. يقول السُّلمي:
'' سمعت أبا القاسم النصرآباذىَّ سُئل عن هذه الآية فقال: حنَّ الخليلُ إلى صُنع خليله ولم يتهمه. وقال بعضهم: مُرادى فى هذا السؤال مخاطبتك واستجلاب معاتبتك لكى لا تقول لى: أو لم تؤمن وأنت أعلم بى منى فأحيا بعتابك كما يسعدنى خلتك، وكان جواب هذا السؤال إنى كنت اشتقت إلى عياننا، فإنا جعلنا مشيئتنا فى إحياء الموتى إليك فخذ أربعة من الطير فصُرهُنَّ إليكَ.''
أوكما ذكر ذلك القشيري:
''وقيل استجلب خطابه بهذه المقالة إلى قوله سبحانه: { أو لم تؤمن قال بلى } كنت أومن ولكني اشتقتُ إلى قولك لي: أَوَلم تؤمن، فإن بقولك لي: { أو لم تؤمن } تطميناً لقلبي. والمحبُّ أبداً يجتهد في أن يجد خطاب حبيبه على أي وجه أمكنه.''
لنرى هذا بقول سهل التستري:
''وسئل عن قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى } [260] أفكان شاكاً في إيمانه حتى سأل ربه أن يريه آية ومعجزة ليصح معها إيمانه؟ فقال سهل: لم يكن سؤاله ذلك عن شك، وإنما كان طالباً زيادة يقين إلى إيمان كان معه، فسأل كشف غطاء العيان بعيني رأسه ليزداد بنور اليقين يقيناً في قدرة الله، وتمكيناً في خلقه، ألا تراه كيف قال: { أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى } [260] فلو كان شاكاً لم يجب بـ " بلى " ، ولو علم الله منه الشك وهو أخبر بـ " بلى " وستر شكه لكشف الله تعالى ذلك، إذ كان مثله مما لا يخفى عليه، فصح أن طلب طمأنينته كان على معنى طلب الزيادة في يقينه.''
وثانيها وبارتباط بالأولى وهي بحث الخليل حصول مرتبة ''حق اليقين'' وهي قصوى المرتبات بعد عين اليقين. يتبع.
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 10:10 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الإثنين أبريل 14, 2008 1:45 pm | |
| التأويلات الظاهرية السُّنِّية للآية الكريمة
اختلف الناس في بواعث هذا السؤال، فهل صدر من إبراهيم عن شك أم لا؟ فقال الجمهور: لم يكن إبراهيم عليه السلام شاكاً في إحياء الله الموتى قط وإنما طلب المعاينة ، وذلك أن النفوس مستشرقة إلى رؤية ما أخبرت به ، ولهذا قال عليه السلام: ليس الخبر كالمعاينة (رواه ابن عباس لم يروه غيره)، أما أبو عمر فقال عن الأخفش: لم يُرد رؤية القلب وإنما اراد رؤية العين. وقال الحسن و قتادة و سعيد بن جبير و الربيع: ''سأل ليزداد يقيناً إلى يقينه''. قال ابن عطية: وترجم الطبري في تفسيره فقال: ''وقال آخرون سأل ذلك ربه ، لأنه شك في قدرة الله تعالى. وأدخل تحت الترجمة عن ابن عباس قال: ما في القرآن آية أرجى عندي منها. وذكر عن عطاء بن ابي رباح أنه قال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال: رب أرني كيف تحيي الموتى. وذكر حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم (الحديث)، ثم رجح الطبري هذا القول. قلت : حديث أبي هريرة خرجه البخاري و مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ويرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي. قال ابن عطية : وما ترجم به الطبري عندي مردود، وما أدخل تحت الترجمة متأول، فأما قول ابن عباس: هي أرجى آية فمن حيث فيها الإدلال على الله تعالى وسؤال الإحياء في الدنيا وليست مظنة ذلك. ويجوز أن يقول: هي أرجى آية لقوله أولم تؤمن أي إن الإيمان كاف لا يحتاج معه إلى تنقير وبحث. وأما قول عطاء : دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فمعناه من حيث المعاينة على ما تقدم. وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم فمعناه أنه لو كان شاكاً لكنا نحن أحق به ونحن لا نشك فإبراهيم عليه السلام أحرى ألا يشك، فالحديث مبني على نفي الشك عن إبراهيم، والذي روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ذلك محض الإيمان إنما هو في الخواطر التي لا تثبت، وأما الشك فهو توقف بين أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، وذلك هو المنفي عن الخليل عليه السلام. وإحياء الموتى إنما يثبت بالسمع وقد كان إبراهيم عليه السلام أعلم به، يدلك على ذلك قوله ربي الذي يحيي ويميت فالشك يبعد على من تثبت قدمه في الإيمان فقط فكيف بمرتبة النبوة والخلة، والأنبياء معصومون من الكبائر ومن الصغائر التي فيها رذيلة إجماعاً. وإذا تأملت سؤاله عليه السلام وسائر ألفاظ الآية لم تعط شكاً وذلك أن الاستفهام بكيف إنما هو سؤاله عن حالة شيء موجود متقرر الوجود عند السائل والمسؤول، ونحو قولك : كيف علم زيد ؟ وكيف نسج الثوب ؟ ونحو هذا. ومتى قلت : كيف ثوبك ؟ وكيف زيد ؟ فإنما السؤال عن حال من أحواله. وقد تكون كيف خبراً عن شيء شأنه أن يستفهم عنه بكيف، نحو قولك، كيف شئت فكن، ونحو قول البخاري: كيف كان بدء الوحي. وكيف في هذه الآية إنما هي استفهام عن هيئة الإحياء، والإحياء متقرر، ولكن لما وجدنا بعض المنكرين لوجود شيء قد يعبرون عن إنكاره بالاستفهام عن حالة لذلك الشيء يعلم أنها لا تصح، فيلزم من ذلك أن الشيء في نفسه لا يصح، مثال ذلك أن يقول مدع: أنا أرفع هذا الجبل، فيقول المكذب له: أرني كيف ترفعه ! فهذه طريقة مجاز في العبارة، ومعناها تسليم جدلي، كأنه يقول: افرض أنك ترفعه، فأرني كيف ترفعه! فلما كانت عبارة الخليل عليه السلام بهذا الاشتراك المجازي، خلص الله له ذلك وحمله على أن بين له الحقيقة فقال له: أولم تؤمن قال بلى فكمل الأمر وتخلص من كل شك، ثم علل عليه السلام سؤاله بالطمأنينة. قلت : هذا ما ذكره ابن عطية وهو بالغ، ولا يجوز على الأنبياء صلوات الله عليهم مثل هذا الشك فإنه كفر، والأنبياء متفقون على الإيمان بالبعث. وقد أخبر الله تعالى أن أنبياءه وأولياءه ليس للشيطان عليهم سبيل فقال: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وقال اللعين: إلا عبادك منهم المخلصين، وإذا لم يكن له عليهم سلطنة فكيف يشككهم، وإنما سأل أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها وإيصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها، فأراد أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين، فقوله: ''أرني كيف'' طلب مشاهدة الكيفية. وقال بعض أهل المعاني: إنما أراد إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي القلوب، وهذا فاسد مردود بما تعقبه من البيان، ذكره الماوردي وليست الألف في قوله: ''أولم تؤمن'' ألف استفهام وإنما هي ألف إيجاب وتقرير كما قال جرير: ''ألستم خير من ركب المطايا'' والواو واو الحال. و ''تؤمن'' معناه إيماناً مطلقاً، دخل فيه فضل إحياء الموتى. ''قال بلى ولكن ليطمئن قلبي'' أي سألتك ليطمئن قلبي بحصول الفرق بين المعلوم برهاناً والمعلوم عياناً. والطمأنينة: اعتدال وسكون، فطمأنينة الأعضاء معروفة، كما قال عليه السلام : ''ثم اركع حتى تطمئن راكعاً (الحديث). وطمأنينة القلب هي أن يسكن فكره في الشيء المعتقد. والفكر في صورة الإحياء غير محظور، كما لنا نحن اليوم أن نفكر فيها إذ هي فكر فيها عبر فأراد الخليل أن يعاين فيذهب فكره في صورة الإحياء. وقال الطبري : ''معنى ليطمئن قلبي ليوقن''، وحكي نحو ذلك عن سعيد بن جبير، وحكي عنه ''ليزداد يقيناً''، وقاله إبراهيم و قتادة. وقال بعضهم: ''لأزداد إيماناً مع إيماني''. قال ابن عطية: ''ولا زيادة في هذا المعنى تمكن إلا السكون عن الفكر وإلا فاليقين لا يتبعض''. وقال السدي و ابن جبير ايضاً: ''أولم تؤمن بأنك خليلي ؟ قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي بالخلة. وقيل: دعا أن يريه كيف يحيي الموتى ليعلم هل تستجاب دعوته، قال الله له: أولم تؤمن أجيب دعاءك، قال: بلى ولكن ليطئمن قلبي أنك تجيب دعائي. واختلف في المحرك له على ذلك، فقيل: إن الله وعده أن يتخذه خليلاً فأراد آية على ذلك، قاله السائب بن يزيد. وقيل: قول النمروذ: أنا أحيي وأميت. وقال الحسن: رأى جيفة نصفها في البر توزعها السباع ونصفها في البحر توزعها دواب البحر، فلما رأى تفرقها أحب أن يرى انضمامها فسأله ليطمئن قلبه برؤية كيفية الجمع كما رأى كيفية التفريق، فقيل له: ''خذ أربعة من الطير'' قيل: هي الديك والطاووس والحمام والغراب ، ذكر ذلك ابن إسحاق عن بعض أهل العلم، وقاله مجاهد و ابن جريج و عطاء بن يسار وابن زيد. وقال ابن عباس مكان الغراب الكركي، وعنه أيضاً مكان الحمام النسر. فأخذ هذه الطير حسب ما أمر وذكاها ثم قطعها قطعاً صغاراً، وخلط لحوم البعض إلى لحوم البعض مع الدم والريش حتى يكون أعجب، ثم جعل من ذلك المجموع المختلط جزءاً على كل جبل، ووقف هو من حيث يرى تلك الأجزاء وأمسك رؤوس الطير في يده، ثم قال: تعالين بإذن الله ، فتطايرت تلك الأجزاء وطار الدم إلى الدم والريش إلى الريش حتى التأمت مثل ما كانت أولاً وبقيت بلا رؤوس، ثم كرر النداء فجاءته سعياً، أي عدواً على أرجلهن. ولا يقال للطائر: سعى إذا طار إلا على التمثيل، قاله النحاس. وكان إبراهيم إذا أشار إلى واحد منها بغير رأسه تباعد الطائر، وإذا أشار إليه برأسه قرب حتى لقي كل طائر رأسه، وطارت بإذن الله. وقال الزجاج: المعنى ثم اجعل على كل جبل من كل واحد جزءاً. وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو جعفر جزؤاً على فعل. وعن أبي جعفر أيضاً جزاً مشددة الزاي. الباقون مهموز مخفف، وهي لغات، ومعناه النصيب. سعيا واعلم نصب على الحال. و''صرهن'' معناه قطعهن، قاله ابن عباس ومجاهد وأبو عبيدة وابن الأنباري، يقال :صار الشيء يصوره أي قطعة، وقاله ابن إسحاق. وعن ابي الأسود الدؤلي : هو بالسريانية التقطيع ، قال توبة بن الحمير يصفه :
فلما جذبت الحبل أطت نسوعه بأطراف عيدان شديد سيورها فأدنت لي الأسباب حتى بلغتها بنهضي وقد كاد ارتقائي يصورها
أي يقطعها. والصور: القطع. وقال الضحاك وعكرمة وابن عباس في بعض ما روي عنه: إنها لفظة بالنبطية معناه قطعهن. وقيل: المعنى أملهن إليك، أي اضممهن واجمعهن إليك، يقال: رجل أصور إذا كان مائل العنق. وتقول: إني إليكم لأصور، يعني مشتاقاً مائلاً. وامرأة صوراء، والجمع صور مثل اسود وسود، قال الشاعر:
الله يعلم أنا في تلفتنا يوم الفراق إلى جيراننا صور
فقوله إليك على تأويل التقطيع متعلق بـ ''خذ'' ولا حاجة إلى مضمر، وعلى تأويل الإمالة والضم متعلق بـ ''صرهن'' وفي الكلام متروك: فأملهن إليك ثم قطعهن. وفيها خمس قراءات: اثنتان في السبع وهما ضم الصاد وكسرها وتخفيف الراء. وقرأ قوم فصرهن بضم الصاد وشد الراء المفتوحة، كأنه يقول فشدهن، ومنه صرة الدنانير. وقرأ قوم فصرهن بكسر الصاد وشد الراء المفتوحة، ومعناه صيحهن، ومن قولك: صر الباب والقلم إذا صوت، حكاه النقاش. قال ابن جني: هي قراءة غريبة، وذلك أن يفعل بكسر العين في المضاعف المتعدي قليل، وإنما بابه يفعل بضم العين، كشد يشد ونحوه، لكن قد جاء منه نم الحديث ينمه وينمه، وهر الحرب يهرها ويهرها، ومنه بيت الأعشى.
ليعتورنك القول حتى تهره إلى غير ذلك في حروف قليلة. قال ابن جني: وأما قراءة عكرمة بضم الصاد فيحتمل في الراء الضم والفتح والكسر كمد وشد والوجه ضم الراء من أجل ضمة الهاء من بعد.
القراءة الخامسة صرهن بفتح الصاد وشد الراء مكسورة، حكاها المهدوي وغيره عن عكرمة بمعنى فاحبسهن، من قولهم: صرى يصري إذا حبس، ومنه الشاة المصراة. وهنا اعتراض ذكره الماوردي وهو يقال: فكيف أجيب ابراهيم إلى آيات الآخرة دون موسى في قوله : رب أرني أنظر إليك ؟ فعنه جوابان: أحدهما أن ما سأله موسى لا يصح مع بقاء التكليف، وما سأله إبرايهم خاص يصح معه بقاء التكليف. الثاني أن الأحوال تختلف فيكون الأصلح في بعض الأوقات الإجابة، وفي وقت آخر المنع فيما لم يتقدم فيه إذن. وقال ابن عباس: أمر الله تعالى إبراهيم بهذا قبل أن يولد له وقبل أن ينزل عليه الصحف، والله أعلم.4
1 حقائق التفسير/ السلمي 2 لطائف الإشارات / القشيري 3 تفسير القرآن/ التستري 4 تفسير القرآن/ القرطبي
.../... (يتبع) | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 10:00 am | |
| الشروحات الصوفية السُّـــنِّــية: تفسير القرآن للتستري وسئل عن قوله: { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى } [260] أفكان شاكاً في إيمانه حتى سأل ربه أن يريه آية ومعجزة ليصح معها إيمانه؟ فقال سهل: لم يكن سؤاله ذلك عن شك، وإنما كان طالباً زيادة يقين إلى إيمان كان معه، فسأل كشف غطاء العيان بعيني رأسه ليزداد بنور اليقين يقيناً في قدرة الله، وتمكيناً في خلقه، ألا تراه كيف قال: { أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى } [260] فلو كان شاكاً لم يجب بـ " بلى " ، ولو علم الله منه الشك وهو أخبر بـ " بلى " وستر شكه لكشف الله تعالى ذلك، إذ كان مثله مما لا يخفى عليه، فصح أن طلب طمأنينته كان على معنى طلب الزيادة في يقينه. فقيل: إن أصحاب المائدة طلبوا الطمأنينة بإنزال المائدة، وكان ذلك شكاً، فكيف الوجه فيه؟ فقال: إن إبراهيم عليه السلام أخبر أنه مؤمن، وإنما سأل الطمأنينة بعد الإيمان زيادة، وأصحاب المائدة أخبروا أنهم يؤمنون بعد أن تطمئن قلوبهم، كما قال: {وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة:113] فأخبروه أن علمهم بصدقه بعد طمأنينتهم إلى معاينتهم المائدة يكون ابتداء إيمان لهم. وقال أبو بكر: وسمعته مرة أخرى يقول: { وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [260] أي لست آمنُ أن يعارضني عدو لك
قلنا فقوله: { لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [260] أي خلتي، هذا لما أعلمه أنك تحيي وتميت.
وسئل سهل: إذا بلغ العبد إلى كفاح العيان ما علامته في البيان؟ فقال: يغلب بطرد الشيطان، وهو أن النفس في معاينة الهوان، ولا سبيل إليه للنفس والشيطان بعزلهما عن الشيطان إلاَّ بحفظ الرحمن. وقال: [من الوافر] كـفـاياتُ الكفاح بحُسْنِ ظني | | كـنسجِ العنكبوتِ بباب iiغارِ | وحسنُ الظَّنِّ جاوزَ كُلَّ iiحجبٍ | | وحُـسْنُ الظَّنِّ جاوز نُورَ نار | عـلاماتُ المقَرَّبِ واضحاتٌ | | بـعـيـدٌأمْ قـريبٌ ليلُ iiسارِ | فـمـنْ كـانَ الإِله لهُ عِياناً | | فـلا نـومَ القرارِ إلى iiالنهار | تـقـاضـاه الإلـه لهم iiثلاثاً | | فـهل من سائلٍ من لطف بارِ | مـتى نجس الولوغ ببحر iiود | | فـدع شقي النباح بباب داري | ألا يا نفـس والشيطان أخسوا | | كـبطلان الوساوس iiوالغمار |
قوله: " كفايات الكفاح بحسن ظني " كأنه أشار إلى قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} [فصلت:53]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلى يا رب " وكذلك لما أنزلت {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:8]، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بلى يا رب " ومن طريق فهمهم القرآن: أوَ لم يَكْفِ بِرَبِّكَ يا محمد بنصرتك في الدنيا على أعدائك بالقتل والهزيمة، وفي العقبى بالمقام المحمود والشفاعة، وفي الجنة باللقاء والزيارة، وقوله: " كنسج العنكبوت بباب غار " وذلك أنَّ غار العارفين هو السر، واطلاع رب العالمين إذا بلغوا إلى مقام الكفاح، وهو عيان العيان بعد البيان، فليس بينهم وبين الله تعالى إلاَّ حجاب العبودية بنظره إلى صفات الربوبية والهوية والإلهية والصمدية إلى السرمدية بلا منع ولا حجاب، مثل من طريق الأمثال كنسيج العنكبوت حول قلبه، وسره فؤاده بلطف الربوبية وكمال الشفقة بلا حجاب بينه وبين الله تعالى كنسج العنكبوت بباب غار رسول الله صلى الله عليه وسلم صرف الله به جميع أعدائه من صناديد قريش بدلالة إبليس إياهم عليه، كذلك أهل المعرفة إذا بلغوا إلى مقام العيان بعد البيان انقطع وصرف وساوس الشيطان وسلطان النفس، وصار كيدهم ضعيفاً، بيانه قوله: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} [النساء:76]، يعني صار عليهم ضعيفاً كما قال: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر:42] لأن العبد إذا جاوز بحسن ظنه جميع الحجب، حتى لا يكون بينه وبين الله حجاب، فليس للنفس والشيطان والدنيا دخول على قلبه وفؤاده بالوساوس، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " رأيت البارحة عجباً عبد بينه وبين الله حجاب فجاء حسن ظنه بالله فأدخله الحجاب ". وقوله: " وحسن الظن جاوز نور نار " كأنه أشار إلى متابعة الرسول شرفاً بتفضيله على الخليل والكليم، لأن الأنبياء والأولياء في مقام رؤية النار والنور على مقامات شتى، فالخليل رأى النار وصارت عليه برداً وسلاماً، والكليم رأى النار نوراً بيانه قوله: {إِنِّي ءَانَسْتُ نَاراً} [طه:10] وكان في الأصل نوراً مع قوله: {أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ} [النمل:8] يعني موسى في وسط النور فاشتغل بالنور فعاتبه فقال: لا تشتغل بالنور فإني منور النور، بيانه:{إِنِّي أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} [طه:12] وأما الحبيب صلى الله عليه وسلم فأراه النار والنور، وجاوز حجاب النار والنور، ثم أدناه بلا نار ولا نور، حتى رأى في دنوه الأدنى منوّر الأنوار، بيانه قوله: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم:11] فرفع الحبيب عن مقام الخليل والكليم ومقامات جميع الأنبياء المقربين، حتى صار مكلماً بالله بلا وحي ولا ترجمان أحد، بيانه قوله:{فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَآ أَوْحَى} [النجم:10] يعني قال الحبيب للحبيب سراً وعلمه وأكرمه بفاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة.
وقوله: " علامات المقرب واضحات " أراد أن جميع الأنبياء والملائكة لهم قربة، ومحمد صلى الله عليه وسلم أقربهم قربة، على وزن أفعل، يقول قريب وأقرب، فالقريب يدخل في الفهم والوهم والتفسير، وأما الأقرب خارج عن الفهم والوهم والتفسير، وما بعده لا يدخل في العبارة ولا في الإشارة، وذلك أن موسى عليه السلام لما سمع ليلة النار نداء الوحدانية من الحق فقال: إلهي أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك؟ فنادى الكليم من مكان القريب والبعيد أنه قريب. ولم يكن هذا في وصف الرسول حينئذ صيره مقرباً، حتى سلم الله عليه فقال: السلام عليكم، وإن الله تعالى مدح أمته فقال: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَـئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة:10-11] ولم يقل القريبون، وعلامات المقرب واضحات من هذه الأمة، فالقريب وجد من الله المنة والكرامة، والبعيد وجد من الله العذاب والعقوبة، والمبعد وجد من الله الحجاب والقطيعة، والمقرب وجد من الله اللقاء والزيارة.
قوله: " فمن كان الإله له عياناً " علامات المشتاقين، فليس لهم نوم ولا قرار لا بالليل ولا بالنهار، والمخصوص بهذه الصفة صهيب وبلال، لأن بلالاً كان من المشتاقين، وكذلك صهيب، لم يكن لهما نوم ولا قرار، وقد حكي أن امرأة كانت اشترت صهيباً فرأته كذلك فقالت: لا أرضى حتى تنام بالليل لأنك تضعف فلا يتهيأ لك الاشتغال بأعمالي، فبكى صهيب وقال: إن صهيباً إذا ذكر النار طار نومه، وإذا ذكر الجنة جاء شوقه، وإذا ذكر الله تعالى طال شوقه.
وقوله: " تقاضاه الإله لهم ثلاثاً " لأن " هل " من حروف الاستفهام، وأن الله عزَّ وجلَّ يرفع الحجاب كل ليلة فيقول: " هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داعٍ فأجيب دعوته؟ " فإذا كانت ليلة القدر رفع الله الشرط فقال: " غفرت لكم وإن لم تستغفروني، وأعطيتكم وإن لم تسألوني، وأجبت لكم قبل أن تدعوني " ، وهذا غاية الكرم.
قوله: " متى نجس الولوغ ببحر ود " أشار إلى ولوغ الكلب، إذا ولغ في الإناء يغسل سبع مرات أو ثلاثاً، باختلاف الألفاظ الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف ولو أن ألف ألف كلب ولغوا في بحر؟ فلا اختلاف بين الأمة أن البحر لا ينجس بوساوس الشيطان، وولوغه في قلوب العارفين والمحبين في بحر الوداد متى يوجب التنجس، لأنه كلما ولغ فيه جاءه موج فطهره.
وقوله: " فدع شقي النباح بباب داري " يعني دع يشقى إبليس يصيح على باب الدنيا بألوان الوساوس، فإنه لا يضرني، كقوله: {إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ} [الأعراف:201] بالوحدانية مع قوله: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً} [الإسراء:46].
قوله: " اخسؤوا " تباعدوا عني، يقال للكلب اخسأ على كمال البعد والطرد، وبهذا عاقبهم في آخر عقوباته إياهم، كقوله: {اخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:108] .../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:57 pm عدل 2 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 10:26 am | |
| الشُّروحات السُّـــنـِّية الصوفية: حقائق التفسير للسلمي قوله تعالى: { أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [الآية: 260].
سمعت أبا القاسم النصرآباذىَّ سُئل عن هذه الآية فقال: حنَّ الخليلُ إلى صُنع خليله ولم يتهمه.
وقال بعضهم: مُرادى فى هذا السؤال مخاطبتك واستجلاب معاتبتك لكى لا تقول لى: أو لم تؤمن وأنت أعلم بى منى فأحيا بعتابك كما يسعدنى خلتك، وكان جواب هذا السؤال إنى كنت اشتقت إلى عياننا، فإنا جعلنا مشيئتنا فى إحياء الموتى إليك فخذ أربعة من الطير فصُرهُنَّ إليكَ.
وقيل: إنه كان الطاوسُ والبطُّ والغرابُ والديك والمعنى فيه أن الطاوس أشبه الطيور بزينة الدنيا، والغراب أحرص الطيور والبطُّ أطلبهم لرزقه، والديكُ أشدهم شهوةً وكأنه يقول: اقطع عنك زينة الدنيا والمفاخرة بها والحرص عليها وطلب الرزق فيها وإزالة الشهوة منها؛ حتى تنال كمال حقيقة الإيمان، فإذا أسقطت عن نفسك هذه الخصال، حليتك بصفتى فى إحياء الموتى فتدعوهن فيجيبنك سعياً إليك، لأنك فى ذلك الوقت خالٍ من صفاتك، وإنما دعوتهن بصفتنا التى حليناك.
وقيل أرى الخليل من نفسه الشكَّ، وما شك ليقابل بالجواب الشك ليزيده به قربةً وكذلك الخليل يحتال فى محاورة خليله أبداً فلما قيل له: أو لم تؤمن قال: بلى ولكن اشتقت إلى خطابك فأنزلت نفسى منزلةَ الشك لأنال لذيذ خطابك، ولكن ليطمئن قلبى فإن أكن محلاً لعتابك فإنه قيل: " ويبقى الوُدُّ ما بقى العتابُ ".
وقيل فى قوله: { أَنَّى } كيف تحيى الموتى قال: أنا أُحيى الموتى بالربوبية، ولا يكونُ فى الربوبية كيف، وكيف تدرك بصفات العبودية صفات الربوبية!
وقال بعضهم: هذا سؤالٌ على شرط الأدب كأنه يقول: أقدرنى على إحياء الموتى، يدل عليه قوله { أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } والطمأنينة لا تكون ضدَّ الشك، فقوله ولكن ليطمئن قلبى عن هذه الشهوة والمنية.
وقال بعضهم: أراد أن يُصير له علم اليقين وعين اليقين فقيل له: أولم تؤمن، والإيمان غيبىٌّ فى علم اليقين فقال: بلى ولكن أسألك مشاهدة الغيب.
وقيل أرنى كيف تحيى الموتى، يعنى: القلوب الميتة عنك بإحيائها بك، فقيل: أو لم تؤمن أى ألست الذى كنت تستدلُ علينا بالشمس والقمر وأفعالنا فأسقطنا عنك علة الاستدلال، وكفا دليلك علينا: وقال سهل بن عبد الله: سأل كشف غطاء العيان.
ليزداد بنور اليقين يقينًا وتمكنًا فى حالهِ ألا تراهُ كيف أجاب عن لفظ الشكر ببلى.
وقيل: إنه أجاب المشركين عن التوحيد بقوله { رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } [الآية: 258] أحبَّ أن يشاهد ذلك من صُنع خليله؛ ليصح احتجاجه عيانًا.
وقيل: ولكن ليطمئن قلبى أى أنك تجيبنى إلى سؤالى.
قال بعضهم: إذا سكن العبدُ إلى ربه واطمأن إليه؛ أظهر الله عليه من الكرامات ما أقلها إحياء الموتى، قال الله تعالى لإبراهيم: { فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ }. .../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:33 pm عدل 2 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 10:57 am | |
| الشروحات السنية الصوفية: لطائف الإشارات للقشيري قيل كان في طلب في زيادة اليقين، فأراد أن يقرن حق اليقين بما كان له حاصلاً من عين اليقين.
وقيل استجلب خطابه بهذه المقالة إلى قوله سبحانه: { أو لم تؤمن قال بلى } كنت أومن ولكني اشتقتُ إلى قولك لي: أَوَلم تؤمن، فإن بقولك لي: { أو لم تؤمن } تطميناً لقلبي. والمحبُّ أبداً يجتهد في أن يجد خطاب حبيبه على أي وجه أمكنه.
وقيل: إنه طلب رؤية الحق سبحانه ولكن بالرمز والإشارة فَمُنِعَ منها بالإشارة بقوله { وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }. وإن موسى - عليه السلام - لما سأل الرؤية جهراً وقال: { رَبِّ أَرِنِى أَنظُرْ إِلَيْكَ } [الأعراف: 143] فَرُدَّ بالجهر صريحاً وقيل له { لَن تَرَانِى }.
وقيل إنما طلب حياة قلبه فأُشير إليه بأن ذلك بذبح هذه الطيور، وفي الطيور الأربعة طاووس، والإشارة إلى ذبحه تعني زينة الدنيا، وزهرتها، والغراب لحِرصِه، والديك لمشيته، والبط لطلبه لرزقه.
ولما قال إبراهيم عليه السلام { أرِنِى كَيْفَ تُحْيِ المَوْتَى }؟ قيل له: وأرني كيف تذبح الحي؟ يعني إسماعيل، مطالبة بمطالبة. فلمَّا وَفَّى بما طولب به وفَّى الحق سبحانه بحكم ما طلب.
وقيل كان تحت ميعاد من الحق - سبحانه - أن يتخذه خليلاً، وأمارة ذلك إحياء الموتى على يده، فجرى ما جرى.
ووصل بين قصة الخليل صلى الله عليه وسلم فيما أراه وأظهره على يده من إحياء الموتى وبين عُزَير إذ أراه في نفسه؛ لأن الخليل يَرْجُح على عزير في السؤال وفي الحال، فإن إبراهيم - عليه السلام - لم يَرُدَّ عليه في شيء ولكنه تَلَطَّف في السؤال، وعُزَير كلمه كلام من يُشْبِه قولُه قولَ المسْتَبْعِد، فأراد الحق أن يظهر له أقوى معجزة وأتمَّ دلالة حيث أظهر إحياءَ الموتى على يده حين التبس على نمرود ما قال إبراهيم - عليه السلام - ربي الذي يحيي ويميت، فقال: { أَنَا أُحْىِ وَأُمِيتُ } أراد إبراهيم أن يُرِيَه الله سبحانه إحياء الموتى ليعلم أنه ليس هو الذي ادَّعى.
وفي هاتين الآيتين رخصة لمن طلب زيادةَ اليقين من الله سبحانه وتعالى في حال النظر.
ويقال إن إبراهيم أراد إحياء القلب بنور الوصلة بحكم التمام، فقيل له: { أَوَلَمْ تُؤْمِن } يعني أما تذكر حال طلبك إيانا حين كنت تقول لكل شيء رأيته { هَذَا رَبِّى } [الأنعام: 77] فلم تَدْرِ كيف بَلَّغْنَاكَ إلى هذه الغاية، فكذلك يوصلك إلى ما سَمَتْ إليه هِمَّتُك.
والإشارة من هذا أن حياة القلب لا تكون إلا بذبح هذه الأشياء يعني النفس؛ فَمَنْ لم يذبح نفسه بالمجاهدات لم يَحْيَى قلبُه بالله.
وفيه إشارة أيضاً وهو أنه قال قَطِّعْ بيدك هذه الطيور، وفَرِّقْ أجزاءها، ثم ادْعُهُنَّ يأتينك سعياً، فما كان مذبوحاً بيد صاحب الخلة، مقطعاً مُفَرَّقاً بيده - فإذا ناداه استجاب له كل جزء مُفَرَّق.. كذلك الذي فَرَّقه الحق وشتَّته فإذا ناداه استجاب: ولو أنَّ فوقي تُرْبةً وَدَعَوْتَنِي | | لأجَبْتُ صَوْتَكَ والعِظَامُ رُفَاتُ |
.../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:25 pm عدل 2 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 11:46 am | |
| الشروحات السـنـِّـيَّـة الصوفية: عرائس البيان في حقائق القرآن للبقلي { أَنَّى يُحْيِـي هَـذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا } وقع عُزَيْر عليه السلام فى طلب مشاهدة القدرة صرفا ليرى بنورها مشاهدة القادر فى المقدور وايضا تعجبه فى القدرة ليس بشك ولكنه تلون الخاطر ونقله من مقام الايمان الى مقام مشاهدة الحال فى ظهور البرهان وايضاً خاض فى بحر التفكر لطلب در المعرفة والفرق بين سؤال ابراهيم وعزير عليهما الصلاة والسلام ان ابراهيم كان فى محل التمكين فاراه الله تعالى مشاهدة القدرة فى غيره وكان عزير فى محل التلوين فاراه الله مشاهدة القدرة فى نفسه حتى تباشر قلبه نور الصفات فيشاهد حقيقة فعل القديم ويصير محكما فى محل التمكين وايضا مقام الخليل مقام الانبساط ومقام عزير مقام التحير فانبسط الخليل وسأل مشاهدة الصفات فى لباس الآيات فاراه ما سأله فى غيره لانه مملؤ من انوار القدرة فيطلب مزيدا على حاله وتعجب عزير نبى الله من غاية تحيره فى اسرار الربوبية فاراه الله الآيات فى نفسه تاديبا له لان اهل الانبساط ليس بمواخذين كخليل الله وايضاً سؤال الخليل فى طلب المشاهدة وتعجب عزيز تحير فى كمال القدرة بطلب الآيات تثبيتاً للوحدانية وايضا مقام الخليل مقام اتحاد تجلى الصفات ومقام عزير مقام اتحاد تجلى الافعال فبحلى الصفات باشر قلب الخليل لقوله ولكن ليطمئن قلبى وبحلى الافعال باشر صورة عزير ليكون له تحصيل العلم بقدرة القادر لقوله واعلم ان الله على شئ قدير وايضا خص الخليل بحلى الصرف بلا ايات فى نفسه فلا يحتاج الى ان يميته ثم يحييه لان الحق يتجلى له فى نفسه بلا واسطة الآيات ولكن يحتاج ان يرى الحق فى غيره فيختص بالمنزلتين الصرف والالتباس ولم يكن لعزيز مشاهدة الخاص فيحتاج ان يراه فى نفسه بواسطة موته وحياته وفى غيره يعنى فى الحمار واللبن والثمار ليكون له مقامان وان لم يكن صرفا كمشاهدة ابراهيم وهو بعد ما راى من نفسه ما راى فقيل له فانظر الى طعامك وشرابك وهو مشاهدة الله فى غيره وايضاً بلغ الخليل مقام كشف المعاينات فى الحياة وكشف له ملكوت الاشياء لاجل اقتباسه نور مشاهدة الحق فى الايات ولم يضطر الى ان يغيب روحه من الحواس حتى يرى صرف العين لانه فى حال الصحو ولم يبلغ عزير فى ذلك الزمان مقام العيان فانجاه الله الى غيبته عن الصورة بنعت الغشيان ليرى فى حال غيبته مشاهدة الحق لانه فى حال السكر فلما انتبه راى فى صحوهما راى فى سكره لكم ما راى فى السكر وحال الغيبة مشاهدة الروح وما راى فى الصحو مشاهدة العيان وقيل ارى ابراهيم احياء الموتى فى غيره وارى عزير فى نفسه لان الخليل تلطف فى السؤال فقال ارنى فارى فى الغير وتعجب عزير فى القدرة الا ترى انه ختم قصته بالايمان اعلم ان الله على كل شئ قدير وختم قصة الخليل بالعزة والحكمة فقال واعلم ان الله عزيز حكيم لأن الخليل سال اظهار الحكمة ومشاهدة العزة وعزير تعجب من القدرة فاجيب كل من حيث سال قوله تعالى { أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } يجوز ان الله تعالى امتحن الخليل بانواع البلايا فى ظاهره وباطنه أما ما في ظاهره فهو الذى اخبر الله تعالى فى كتابه انه القى فى النار وعذبه بايدى الكفار وايضاً ابتلاه بذبح الولد وما اشبهه واما الذى فى باطنه فهو ما اخبر الله من اضطراب قلبه فى تحصيل ادراك محض الربوبية وكان يقول هذا ربى مرة ويقول ارنى مرة لانه كان يطلب من خاطره اثبات محض اليقين فاخبر الله تعالى عن جميع امتحانه مع خليله عليه السلام فى آية من كتابه قال واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن ومقصود الحق سبحانه وتعالى فى ذلك ان بديع بواطن انبيائه واوليائه بخطرات نفوسهم حتى يحترقوا بفقدان الحبيب وتتقدس عن شوائب البشرية والقاء الشيطانية واكثر ابتلاء الخواص هكذا كابراهيم وموسى وعزير ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وذكر الله تعالى احوالهم جميعا فى كتابه اما لموسى ما روى عنه انه كان يقول فى مناجاته اى رب من متى انت وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فان كنت فى شك مما انزلنا اليك وقال عليه السلام " انه ليغان على قلبى وانى لاستغفر الله فى كل يوم سبعين مرة " هكذا ابتلاء خواص الانبياء والاولياء لاباس لان الرب رب والعبد عبد وايضاً سال الخليل مشاهدة الحق فى لباس الخلق وايضاً أراد فى سؤاله زيادة المعرفة فى وسائط الآية لا من الاضطراب فى الشك والتهمة وايضا قال ارنى حقيقته بطنان الالوهية والربوبية وهذا من الخليل غاية استغراقه فى الاشتياق وغوصه فى سر حبيبه واوصاف قدرته لان المحب اراد ان يحيط بحقيقة ذات المحبوب من جميع الوجوه وذلك من شرط الاتحاد وتحصيل ذلك زوائد اليقين وحقائق مقام التمكين وان الله تعالى منزه عن ان يدركه احد من خلقه لان ذاته تقدس وتعالى امتنع بعزة هويته عن مطالعة المخلوقات فاجاب الله تبارك وتعالى خليله وقال اولم يؤمن من انك لم تدركنى بشرائط سر القدم وانت مخلوق اسير بنعوت الحدث قال بلى ولكن ليطمئن قلبى بعد روية جنابى فى عز عظمتك وبقاء ربوبيتك لان قلبى لا يسكن عن طلب مشاهدة جمال ربوبيتك واراد عليه السلام فى سواله حيلة كى تخرج من عجز العبودية ويلتبس بصفاء الربوبية وهذا السوال اعظم من سؤال موسى بان موسى سأل كشف المشاهدة والخليل سأل حقيقة علم صاحب المشاهدة وصرف ربوبيته فاذا علم الحق سبحانه من الخليل انه اراد علوم الربوبية وحقائق صفات القدمية وكنه ذات السرمدية { قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ } اشار الى طيور الباطن التى فى نقص الجسم وهى اربعة من اطيار الغيب الاول هو العقل والثانى القلب والثالث النفس والرابع الروح اى اذبح طير العقل بسكين المحبة على باب الملكوت واذبح طير القلب بسكين الشوق على جناب الجبروت واذبح طير النفس بسكين العشق فى ميادين الفردانية واذبح طير الروح بسكين العجز فى تيه عزة اسرار الوحدانية { ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا } اى اجعل العقل على جبل العظمة حتى يتراكم عليه انوار سلطنة الربوبية فيصير موصوفاً بها ليدركنى بى بعد فنائه فى واجعل القلب على جبل الكبرياء حتى البسه سناء قدسى فيتيه فى بيداء التفكر منعوتا بصرف نور المحبة واجعل النفس على جبل العزة حتى البسها نور العظمة لتصير مطمئنة عند جريان ربوبيتي عليها الا تنازعنى فى العبودية ولا تطلب اوصاف الربوبية واجعل الروح على جبل جمال الازل حتى البسها نور النور وعز العز وقدس القدس لتكون منبسطة فى السكر مطمئنة فى الصحو عاشقة فى الانبساط راسخة فى الايجاد فاذا كانوا ملتبسين بصفاتى يطيرون باجنحة الربوبية فى هواء الهوية ويروننى بلباس الديمومية والازلية { ثُمَّ ادْعُهُنَّ } بصوت سر العشق وزمزمة الشوق وجرس المحبة من بساتين القربة الى عالم المعرفة { يَأْتِينَكَ سَعْياً } بسرعة جناح سلطان الربوبية الى معدن العبودية بجمال الاحدية وترانى بعد جمعهن فى مربع صدرك بعيون اللاهوتية ونور الملكوتية { وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } بعزك معرفان هذه المعانى واطلاعك على صفاته القديمة حكيم فى ظهوره بغرائب التجلى الاسرار باطنك وقال بعضهم اراد ان يصير له علم اليقين وعين اليقين فعل له اولم يؤمن والايمان غيبى فى علم اليقين وعين اليقين فقال بلى ولكن اسال مشاهدة الغيب وقال بعضهم هذا سوال على شرط الادب كانه يقول اقدرنى على احياء الموتى يدل عليه قوله اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى والطمأنينة لا تكون ضد الشك قوله ليطمئن قلبى عن هذه الشهوة والمنية وقيل ارنى كيف تحيى القلوب الميتة عنك باحيائها بك قيل اولم تؤمن اى لست كنت لتستدل علينا بالشمس والقمر وافعالنا فاسقطنا عنك علة الاستدلال وكنا دليلك علينا وقال بعضهم علم ان الخليل مع خليله مختال فى اموره حتى يجد قربا الى خليله او سماعا لكلامه حتى ان بعضهم قال: وانى لأستنعس وما بى نعسة | | لـعل خيالا منك يلقى خياليا |
وقال جعفر الصادق شك فى الكيفية وما شك فى غيره قال النبى عليه السلام " انا أولى بالشك من ابراهيم " وعن جعفر فى قوله ولكن ليطمئن قلبى قال قلب اصحابى وقال ابن عطا اى انى اذا سألتك اجبتنى واذ ذكرتك ذكرتنى فان بذكرك تطمئن القلوب وقال سهل بن عبد الله سال كشف غطاء العيان ليزداد بنور اليقين يقينا وتمكنا فى حاله الا تراه كيف اجاب عن لفظ الشك ببل وقال بعضهم اذا سكن العبد الى ربه واطمأن اليه اظهر الله عليه من الكرامات ما اقلها احياء الموتى قال الله تعالى لابراهيم خذ اربعة من الطير الآية وقيل انه طلب روية الحق سبحانه لكن بالرمز والاشارة فمنع منها بالاشارة بقوله تعالى { وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وان موسى انما سأل الروية جهراً يقال ارنى فرد بالجهر صريحاً فقال لن ترانى وقيل انما طلب حياة قلبه فاشير عليه بان ذلك بذبح هذه الطيور الاربع ومنها الاشارة فى الطيور الاربع الطاووس فالاشارة الى ذبحه هى زينة الدنيا وزهرتها والغراب بحرصه والديك بشقة والبط لطلب رزقه وقيل لما قال ابراهيم ارنى كيف تحيى الموتى قيل له ارنا كيف تذبح لاحياء يعنى اسماعيل عليه السلام بطالبه بما طالبه فلما ارانى بما طولب منه وافى الحق سبحانه بحكم ما طالب. .../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:19 pm عدل 2 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 11:50 am | |
| الشروحات الصوفية: تفسير القرآن لابن عربي {وإذ قَال إبرَاهيم رب أرِني كيفَ تُحْيي المَوْتى } أي: بلغني إلى مقام العيان من مقام العلم الإيقاني. ولهذا قرر إيمانه بهمزة الاستفهام التقريرية.
فـ { قال أوَ لَمْ تُؤْمِن } أي: أو لم تعلم ذلك يقيناً؟، وأجاب إبراهيم عليه السلام بقوله: { بَلى ولكن ليطمئن قلبي } أي: ليسكن وتحصل طمأنينته بالمعاينة، فإنّ عين اليقين إنما يوجب الطمأنينة لا علمه { قال فَخُذ أربعَة منَ الطيْر } أي: القوى الأربعة التي تمنعه عن مقام العيان وشهود الحياة الحقيقية. وقيل: كانت طاووساً وديكاً وغراباً وحمامة. وفي رواية بطّة، فالطاووس هو العجب، والديك الشهوة، والغراب الحرص، والحمامة حبّ الدنيا لتألفها وكرها وبرجها. والظاهر أنها بطة فتكون إشارة إلى الغالب عليها { فصرهنّ إليكَ } أي: أملهنّ واضممهنّ إليك بضبطها ومنعها عن الخروج إلى طلب لذاتها والنزوع إلى مألوفاتها. وقيل: أمر بأن يذبحها وينتف ريشها ويخلط لحومها ودماءها بالدق ويحفظ رؤوسها عنده، أي: يمنعها عن أفعالها ويزيل هيئاتها عن النفس، ويقمع دواعيها وطبائعها وعاداتها بالرياضة، ويبقي أصولها فيه.
{ ثم اجْعَل على كلّ جَبَل منهنّ جزءاً } أي: من الجبال التي بحضرتك، وهي العناصر الأربعة التي هي أركان بدنه، أي: اقمعها وأمتها حتى لا يبقى إلا أصولها المركوزة في وجودك وموادّها المعدّة في طبائع العناصر التي فيك. كانت الجبال سبعة، فعلى هذا يشير بها إلى الأعضاء السبعة التي هي أجزاء البدن { ثم ادْعهنّ } أي: أنها إذا أنت حييت بحياتها كانت غير طيعة مستولية عليك، وحشية ممتنعة عن قبول أمرك، فإذا قتلتها كنت حياً بالحياة الحقيقية الموهوبة بعد الفناء والمحو. فتصير هي حيّة بحياتك لا بحياتها، حياة النفس مطيعة لك منقادة لأمرك فإذا دعوتها { يأتينك سَعْياً } { واعْلَم أن الله عزِيزٌ } غالب على قهر النفوس { حكيمٌ } لا يقهرها إلا بحكمة. ويمكن حمله على حشر الوحوش والطيور، وعلى هذا فيكون جعل أجزائها على الجبال تغذية الجسم بها ودعاؤه وإتيانه إليه ساعية توجهها إلى الإنسان بعد النشور. .../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:08 pm عدل 2 مرات (السبب : إضافة) | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 12:17 pm | |
| الشروحات الصوفية: روح البيان في تفسير القرآن لإسماعيل حقي { وإذ قال إبراهيم } اى اذكر وقت قوله وذكر الوقت يوجب ذكر ما وقع فى ذلك الوقت من الحوادث بالطريق البرهانى { رب } كلمة استعطاف قدمت بين الدعاء مبالغة فى استدعاء الاجابة { أرنى كيف تحيى الموتى } اى بصرنى كيفية احيائك للموتى بان تحييها وانا انظر اليها انما سأل ذلك ليصير علمه عيانا وقد شرفه الله بعين اليقين بل بحق اليقين الذى هو اعلى المقامات. والفرق ان علم اليقين هو المستفاد من الاخبار. وعين اليقين هو المعاينة لامرية فيه قال تعالى فى حق الكفار {ثم لترونها عين اليقين} التكاثر: 7].
فلما دخلوا النار وباشروا عذابها قال تعالى: {فنزل من حميم وتصلية حجيم إن هذا لهو حق اليقين} [الواقعة: 93-95].
{ قال } ربه { أولم تؤمن } اى ألم تعلم يقينا ولم تؤمن بانى قادر على الاحياء باعادة التركيب والحياة قاله عز وعلا مع علمه بانه اعرف الناس بالايمان يظهر ايمانه لكل سامع بقوله بلى فيعلم السامعون غرضه من هذا القول وهو الوصول الى العيان { قال } ابراهيم { بلى } علمت وآمنت بذلك { ولكن } سألت ما سألت { ليطمئن قلبى } اى ليسكن ويحصل طمأنينته بالمعاينة فان عين اليقين يوجب الطمأنينة لا علمه.
فان قلت ما معنى قول على رضى الله عنه لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا.
قلت ما ازددت يقينا بالايمان بها وكان اذ رأى الآخرة ابصر بها من الفضائل والهيآت ما لم يحط به قبل ذلك وكذلك ابراهيم لما رأى كيفية الاحياء وقف على ما لم يقف عليه قبل { قال } ربه ان اردت ذلك { فخذ اربعة من الطير } طاووسا وديكا وغرابا وحمامة ومنهم من ذكر النسر بدل الحمام وانما خص الطير لانه اقرب الى الانسان واجمع لخواص الحيوان { فصرهن } من صاره يصوره وبكسر الصاد من صاره يصيره والمعنى واحد اى املهن واضممهن واجمعهن { اليك } لتتأملها وتعرف اشكالها مفصلة حتى تعلم بعد الاحياء ان جزأ من اجزائها لم ينتقل من موضعه الاول اصلا ـ روى ـ انه امر بان يذبحها وينتف ريشها ويقطعها ويفرق اجزاءها ولحومها ويمسك رؤسها ثم امر بان يجعل اجزاءها على الجبال وذلك قوله تعالى { ثم اجعل على كل جبل } من الجبال التى بحضرتك وكانت سبعة او اربعة فجزأها اربعة اجزاء فقال تعالى ضع على كل جبل { منهن } اى من كل الطيور { جزأ ثم ادعهن } قل لهن تعالين باذن الله تعالى { يأتينك سعيا } اى ساعيات مسرعات طيرانا او مشيا ففعل كما امره فجعل كل جزء يطير الى آخر حتى صارت جثثا ثم اقبلن فانضمت كل جثة الى رأسها فعادت كل واحدة الى ما كانت عليه من الهيئة وجعل ابراهيم ينظر ويتعجب { واعلم أن الله عزيز } غالب على امره لا يعجزه شىء عما يريده { حكيم } ذو حكمة بالغة فى افاعيله فليس بناء افعاله على الاسباب العادية لعجزه عن ايجادها بطريق آخر خارق للعادات بل لكونه متضمنا للحكم والمصالح.قال القشيرى طلب ابراهيم عليه السلام بهذه حياة قلبه فاشير اليه بذبح الطيور.
وفى الطيور الاربعة اربعة معان هى فى النفس فى الطاووس زينة. وفى الغراب امل. وفى الديك شهوة. والبط حرص فاشار الى انه ما لم يذبح نفسه بالمجاهدة لم يحى قلبه بالمشاهدة: وفى المثنوى: حرص بط يكتاست اين بنجاه تاست حرص بط از شهوت حلقست وفرج صد خرونده كنجد اندر كرد خوان كاغ كاغ ونعره زاغ سياه همجو ابليس از خداى باك فرد عمرو مرك اين هردو باحق خوش iiبود عمر خـوش در قرب جان بروردنست | ** ** ** ** ** ** ** | حرص شهوت مار ومنصب ازدهاست در رياست بيست جند انست درج دو رياست در نكنجد iiدرجهان دائما باشد بدنيا عمر خواه تا قيامت عمرتن در خواست كرد بى خدا آب حيات آتش بود همر زاغ از بهر سركين خوردنسـت |
قال فى التأويلات النجمية الطيور الاربعة هى الصفات الاربع التى تولدت من العناصر الاربعة التى خمرت طينة الانسان منها وهى التراب والماء والنار والهواء فتولدت من ازدواج كل عنصر مع قرينه صفتان فمن التراب وقرينه الماء تولد الحرص والبخل وهما قرينان حيث وجد احدهما وجد قرينه ومن النار وقرينها الهواء تولد الغضب والشهوة وهما قرينان يوجدان معا ولكل واحدة من هذه الصفات زوج خلق منها ليسكن اليها كحواء وآدم ويتولد منها صفات اخرى فالحرص زوجه الحسد والبخل زوجه الحقد والغضب زوجه الكبر وليس للشهوة اختصاص بزوج معين بل هى كالمعشوقة بين الصفات فيتعلق بها كل صفة ولها منها متولدات يطول شرحها فهى الابواب السبعة للدركات السبع من جهنم منها يدخل الخلق جهنم التى لها سبعة ابواب لكل باب منهم جزء مقسوم يعنى من الخلق فمن كان الغالب عليه صفة منها فيدخل النار من ذلك الباب فامر الله خليله بذبح هذه الصفات وهى الطيور الاربعة طاووس البخل فلو لم يزين المال فى نظر البخيل كما زين الطاووس بألوانه ما بخل به وغراب الحرص وهو من حرصه اكثر فى الطلب وديك الشهوة وهو بها معروف ونسر الغضب ونسبته اليه لتصريفه فى الطيران فوق الطيور وهذه صفة المغضب فلما ذبح الخليل بسكين الصدق هذه الطيور وانقطعت منه متولداتها ما بقى له باب يدخل منه النار فلما القى فيها بالمنجنيق قهرا صارت النار عليه بردا وسلاما.
والاشارة بتقطيعها بالمبالغة ونتف ريشها وتفريق اجزائها وتخليط ريشها ودمائها ولحومها بعضها ببعض اشارة الى محو آثار الصفات الاربع المذكورة وهدم قواعدها على يدى ابراهيم الروح بامر الشرع ونائب الحق وهو الشيخ.والامر بتقسيم اجزائها وجعلها على كل جبل جزأ فالجبال الاربعة هى النفوس التى جبل الانسان عليها. اولها النفس النامية وتسمى النفس النباتية. وثانيها النفس الامارة وتسمى الروح الحيوانى. وثالثها قوة الشيطنة وتسمى الروح الطبيعى. ورابعها قوة الملكية وهو الروح الانسانى فطيور الصفات لما ذبحت وقطعت وخلطت اجزاء بعضها بعض ووضع على كل جبل روح ونفس وقوة منها جزء بامر الشرع تكون بمثابة اشجار وزروع تجعل عليها الترب المخلوطة بالزبل والقاذورات باستصواب دهقان ذى بصارة فى الدهقنة بمقدار معلوم ووقت معلوم ثم يسقيها بالماء ليتقوى الزرع بقوة الترب والزبل وتتصرف النفس النامية النباتية فى الترب المخلوطة الميتة فتحييها باذن الله تعالى كقوله تعالى: {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيى الأرض بعد موتها} [الروم: 50].
فكذلك الصفات الاربع وهى الحرص والبخل والشهوة والغضب مهما كانت كل واحدة منها على حالها غالبة على الجوهر الروحانى تكدر صفاءه وتمنعه من الرجوع الى مقامه الاصلى ووطنه الحقيقى فاذا كسرت سطوتها ووهنت قوتها واميتت شعلتها ومحيت آثار طباعها بامر الشرع وخلطت اجزاؤها المتفرقة بعضها ببعض ثم قسمت باربعة اجزاء وجعل كل جزء منها على جبل قوة او نفس او روح فيتقوى كل واحد من هؤلاء بتقويتها ويتربى بتربيتها فيتصرف فيها الروح الانسانى فيحييها ويبدل تلك الظلمات التى هى من خصائص تلك الصفات المذمومة بنور هو من خصائص الروح الانسانى والملكى فتكون تلك الصفات ميتة عن اوصافها حية باخلاق الروحانيات انتهى كلام التأويلات. .../... (يتبع)
عدل سابقا من قبل أبو حكيم المُرسي في الإثنين أبريل 28, 2008 9:05 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: شرح الآية الكريمة الثلاثاء أبريل 15, 2008 1:11 pm | |
| الشروحات الصوفية: البحر المديد في تفسير القرآن المجيد لابن عجيبة قلت: رأى: البصرية، إنما تتعدى إلى مفعول واحد، فإذا أُدخلت عليها الهمزة تعدت إلى مفعولين. وعلقها هنا عن الثاني الاستفهام، { وصرهن } أي: أَمْلهُنَّ واضمُمْهن إليك. وفيه لغتان: صار يصير ويصور، ولذلك قرئ بكسر الصاد وضمها، { سعياً }: أي حال، أي: ساعيات. يقول الحقّ جلّ جلاله: واذكر يا محمد، أو أيها السامع، حين { قال إبراهيم } عيله السلام: يا { رب أني كيف تحيي الموتى } أي: أبصرني كيفية إحياء الموتى، حتى أرى ذلك عياناً، أراد عليه السلام أن ينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين، وقيل: لما قال للنمرود: { ربي الذي يحيي ويميت } قال له: هل عاينت ذلك؟ فلم يقدر أن يقول: نعم. وانتقل إلى حجة أخرى، ثم سأل ربه أن يريه ذلك؛ ليطمئن قلبه على الجواب، إن سئل مرة أخرى، فقال له الحقّ جلّ جلاله: { أولم تؤمن } بأني قادر على الإحياء بإعادة التركيب والحياة؟ وإنما قال له ذلك، مع علمه بتحقيق إيمانه؛ لجيبه بما أجاب فيعلم السامعون غرضه، { قال } إبراهيم عليه السلام: { بلى } آمنت أنك على كل شيء قدير، { ولكن } سألتك { ليطمئن قلبي }؛ إذ ليس الخبر كالعيان، وليس علم اليقين كعين اليقين، أراد أن يضم الشهود والعيان إلى الوحي والبرهان. يقول الحقّ جلّ جلاله: { فخذ أربعة من الطير }؛ طاووساً وديكاً وغراباً وحمامة، ومنهم من ذكر النسر بدل الحمام، { فصرهن إليك } أي: اضممهن إليك لتتأملها وتعرف أشكالها، لئلا يلتبس عليك بعد الإحياء أشكالها، { ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً } أي: ثم جَزَّئهن، وفرق أجزاءهن على الجبال التي تحضرك. قيل: كانت أربعة وقيل: سبعة، { ثم ادعهن } وقل لهن: تعالين بإذن الله، { يأتينك سعياً } أي: ساعيات مسرعات، رُوِيَ أنه أمر أن يذبحها وينتف ريشها، ويقطعها ويخلط بعضها ببعض، ويوزعها على الجبال، ويمسك رؤوسها عنده، ثم يناديها، ففعل ذلك، فجَعَل كل جزء يطير إلى الآخر ويلتئم بصاحبه حتى صارت جثثاً، ثم أقبل إليه فأعطى كل طير رأسه فطار في الهواء. فسبحان من لا يعجزه شيء، ولا يغيب عن علمه شيء، ثم نبّه إلى التفكر في عجائب قدرته وحكمته فقال: { واعلم أن الله عزيز } لا يعجزه شيء، { حكيم } ذو حكمة بالغة فيما يفعل ويذر. الإشارة: من أراد ان تحيا رُوحُه الحياة الأبدية، وينتقل من علم اليقين إلى عين اليقين، فلا بد أن تموت نفسه أربع موتات: الأولى: تموت عن حب الشهوات والزخارف الدينوية، التي هي صفة الطاووس. الثانية: عن الصولة والقوى النفسانية، التي هي صفة الديك. الثالثة: عن خسة النفس والدناءة وبعد الأمل، التي هي صفة الغراب. الرابعة: عن الترفع والمسارعة إلى الهوى المتصف بها الحمام. فإذا ذبح نفسه عن هذه الخصال حييتْ روحه، وتهذبت نفسه، فصارت طوع يده، كلما دعاها إلى طاعة أتت إليها مسرعة ساعية. وإلى هذا المعنى أشار الشيخ أبو الحسن الشاذلي بقوله في حزبه الكبير: (واجعل لنا ظهيراً من عقولنا ومهيمناً من أرواحنا، ومسخراً من أنفسنا، كي نسبحك كثيراً، ونذكرك كثيراً، إنك كنت بنا بصيراً). ولما كانت حياة الروح متوقفة على أمرين: بذل النفوس، ودفع الفلوس وقدم الإشارة إلى الأول بقوله: { وقاتلوا في سبيل الله }. .../... (يتبع) | |
|
| |
أبو حكيم المُرسي
عدد الرسائل : 132 العمر : 63 تاريخ التسجيل : 31/01/2008
| موضوع: طيور ابراهيم في المثنوي الإثنين أبريل 28, 2008 11:17 pm | |
|
التضحية
أنت يا إبراهيم هذا الزمان.. أنت كذ'لك عليك أن تذبح طيورَّا أربعة.. هي كاللصوص القابعة كالحاجز في طريقك.. تفقؤ أعين الرجال العقلاء.. ففي الإنسان أربع خواص تقابل الطيور الأربع.. فإذا ضحيت بهم تحررت وانتهجت الروح طريقها.. يا إبراهيم إذبحها كي تتحرر قدماك.. كي تبعث الأمة أبد الآبدين.. عليك أن تذبحها ذبحا.. تلك الطيور هي الطاووس والبط والغراب والديك.. وترمز لأربعة من الغرائز البشرية.. فالديك رمز الشهوة والطاووس مثال الكبرياء والغراب يرمز لحب البقاء والبط يمثل الطمع والجشع. مترجم بتصرف عن: Le Mesnevi: 150 contes soufis; Djalal al-Din Rumi, pp.108-109 | |
|
| |
| وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى | |
|