قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى ...
عصا موسى ( رضي الله عنهــا ) :
ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ، ووزيران من أهل الأرض وكان وزيرا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أهل السماء : جبريل وميكائيل عليهما السلام ، ووزيرا أهل الأرض : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما .
وما من نبي إلا وأذنب أو هم بذنب إلا يحي بن زكريا فلم يذنب ولم يهم بذنب. ( حديث شريف )
وما من نبي إلا وحذر أمته من الدجال .
وما من نبي يموت حتى يخير ، ولما خير محمداً صلى الله عليه وسلم قال : اللهم الرفيق الأعلى .
وما من نبي إلا وله بطانتان ، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر ، وبطانة سوء .
وما من نبي ألا وكان له من أمته حواريون وأصحاب .
وما من نبي يوم القيامة إلا وتحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا فخر
وما من نبي إلا ورعى الغنم .... !!!
ولما كان رعي الغنم يستلزم عصا ...
فما من نبي إلا وكانت معه عصاه ....
وأشهر هذه العصي عصا موسى وعصا سليمان .. غير أن عصى موسى هي الأشهر .. والأكثر استخداما .. والأذيع صيتا بين عصيّ الأنبياء ..
وأحسب على حد علمي أنها الكائن الوحيد الذي تجلت عليه الحضرات الثلاث .. نبات.. ثم جماد .. ثم حيوان .. ثم جماد ...
فيا لوعة عصا موسى الخالدة ..... توكأ عليها .. وهش بها على غنمه .. وله فيها مآرب أخرى ..
ويا لروعة المآرب الأخرى .. أو بالأحرى المعجزات الأخرى .. أو بديع صنع الله الأخر ..
حضرة النبات :
ولنبدأ بحضرة النبات ... كانت هذه العصا جزء من كل .. فرع من شجرة في القصر الملكي ... تنعم بالهدوء وراحة البال .. تعيش في التسبيح والتهليل والتعظيم .. للخالق عظيم .. لا ينغص عليها غير مرور الفرعون عليها ..صغيراً كان .. أو لما كبر .. غير أنها كانت لا تأبه له بالا .. ولا تلقي عليه نظرا .. فما لها وللمغرورين سبيل .. فما بالكم بمن قال أنا ربكم الأعلى .. وما كان يعيد لها هدوءها غير هذا الشاب القوي : أمير القصر موسى .. وهذه المرأة المؤمنة المباركة زوجة الفرعون .. وثالثهما الرجل المؤمن الذي من آل فرعون .. والذي كان يكتم إيمانه .. فجميعهم استظلوا تحت ظل هذه الشجرة المباركة .. وكان فرعنا الذي منه عصا موسى يسر طربا بهذا المجلس النوراني الذي يتدثر بحلل البهاء والضياء .. وغريب أن عدو فرعون الذي أضحك عليه البشر إلى يوم الدين من جنس حروف اسمه .. هو فرعون .. وهي فرع .. من فروع الشجرة . .. فهي فرع عون لموسى ( وأعذروني لهذا التذوق فليس له أصل ) ..
حضرة الشجر :
وأحب أن أطوف بحضرة الشجرة قليلا لعلي آتيكم منها بقبس .. فحضرة الشجرة حضرة خضرية وهي أبلغ رد على من ينكرون الحياة بعد الموت .. .. أو دورة البعث كما يحلوا للبعض تسميتها .. فهي تموت في الخريف .. وتحيى في الربيع .. وهذا من صنع البديع موت ثم حياة ثم موت ثم حياة .. وهكذا .. وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم .. حضرة البعث ...
حضرة الجماد :
وجاء الميعاد مع الخلود والذكر في الآيات ومرافقة النبي موسى .. لتدخل العصا في حضرة الجماد .. ولتطوف معه البلاد .. وتشرف بالمعية في حضرات التجلي والبشارة والذهاب إلى فرعون ..
آآآآآآآآآآآه أيتها العصا الخالدة ما أكرمك وما أكثر حسادك ..
كنت هناك حيث : وأنا أخترتك فاستمع لما يوحى ...
وكنت هناك حيث : وكلمه ربه ...
وكنت هناك حيث : فلما تجلى ربه للجبل ....
وكنت هناك حيث : يوم الزينة وإيمان السحرة ..
وكنت هناك حيث : تفجر العيون وتشقق الحجر بالماء ... والأسباط الإثنى عشر .
وكنت هناك حيث شق البحر .. وماء مدين ... وصحبة هارون ..
وكنت هناك حيث تبليغ فرعون ..
وكنت هناك حيث طغيان قارون .. ونكران هامان ... وخروج القوم معه .. واذهب أنت وربك ..
رضي الله عنك أيتها العصا الخالدة .... المذكورة في القرآن ..
وأي شرف هذا ..؟؟؟ !
فلعل أبدع أيامك وأهدأها حيث كنت في أرض مدين .. عشر سنين من التأمل .. والمذاكرة .. والتهيؤ للنبوة .. والزواج ..
وأنت في المعية الموسوية ..
تطرقين الأرض طرقاً .. وتتراقصين طربا في حضرة نبي .......تارة في الأرض وتارة في السماء ... بقبضة موسى القوية .. من القدم إلى الرأس ...
سعيا على الرأس أو مشيا على قدم ... ( الحلاج )
حضرة الجماد تلك هي الأشهر في حياة أختنا العصا .. حضرة نخلية من الماء إلى السماء .. حضرة الوقوف .. حتى حين تموت لا تموت إلا واقفة .. ( فالأشجار لا تموت إلا واقفةً ) .
ولا أحسب أن كائنا ما كان لازم موسى كصاحبتنا .. لا ملابس ولا حلي ولا صاحب .. ولا صاحبة ..
هي عصاه صاحبة المآرب .. والغرائب ... والحاجات ..... والعجائب.
لم يكن من شيء يعكر صفو أنسها بموسى النبي عليه السلام غير إشتداد حاله ومكر الناس به .. وكثرة أعداءه .. ( حتى أنه قد ذهب مغاضباً ، وألقى الألواح )
وشيء آخر كان يخصها وهي اعتقاد الناس فيها بأنها سحرية.. فهذا في رأيها قدح في العقيدة .. ولا يجوز في حق الله الذي إذا أراد شيئا سبحانه كان .. فكلما قالوا عصا موسى السحرية .. تألمت لهذا الجهل والجحود .. وقالت بلسان حالها .. ردوا الشيء إلى أصله يا قوم .. ولا تبلوّنني ببلوى العُجب والفخار والكبر ..
حضرة الحيوان :
وكان موعدها يوم الزينة .... اجتمع القوم في يوم الزينة .. والفرعون ينظر إلى موسى نظرة الواثق المتعالي .. والسحرة يبتسمون للفرعون بلسان حال الطمئنة .. بشرف الواثقين بالنصر ..
هذا يوم من أيامك الخالدة أيتها العصا الخالدة ....
ولما ألقى السحرة عصيهم .. وتحولت إلى حيات تسعى .. تحيرت في أمر هذه العصي .. واحتارت هل سينزل بها موسى على أم رؤوسهم فيعالجهم صرعى .. أم ماذا .. ؟؟ وفي أثناء ذلك .. وجدت يبوستها تقل شيئا فشيئا .. ثم هي تتمايل طربا وتكبر وتكبر وتكبر وتتلوى ثم تهبط إلى صيدها الثمين على الأرض .. وتقترب من الحيات أقصد العصي فتبتلعهم كبلعة الحوت ليونس عليه السلام ... ثم تعود إلى يد صاحبها .. فقد أتمت طلعتها الأرضية وآن لها أن تعود إلى الجو .. وسمعت الأمر الإلهي : خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى .. فاطمأنت .. وهدأت .. لأنها سترجع إلى حضرة الجماد تارة أخرى .. وهي قد حنت إلى أصلها
ولكم كانت سعادتها وهي ترى السحرة أصبحوا مؤمنين بل ودعاة لدين موسى .. فقالوا نحن على دين موسى نقول ما يقول ..
قالها حمزة عليه السلام لقريش ..: " أنا على دين محمدٍ أقول ما يقول .. " ... فاسودت وجوههم .. ووجلت قلوبهم ...وحاروا في أمر سيد قريش .. وصياد الأسود ...
نعود لعصا موسى عليه السلام ، فيا لروعة المهمة التي أنجزتها ..
بوركت أيتها العصا المقدسة ..أداة المعجزات .. ومظهرة الكرامات ..
وبورك هذا النبي المقدس .. صاحب الرسالة المقدسة وصاحب الأعداء الكُثر (( فرعون ـ هامان ــ قارون ــ اليهود ــ .... )) .. هذا النبي الأكثر ذكرا في القرآن ...
والأقرب إلى نبينا صلى الله عليه وسلم في حضرة المعراج ....
عصا ألفها واقفة فإن لانت عصيت على غيرها ، (عصا ـ عصى ) ...
وصلاة وسلاما على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .