قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| |
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 67 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: لويس ماسينيون، مسلم على مذهب عيسى الجمعة أبريل 04, 2008 11:37 pm | |
| أما بالنسبة للإسلام فكان ماسينيون يعتقد أنه تعبير حقيقي عنالإيمان التوحيدي المتحدر من إبراهيم عن طريق إسماعيل، وأن له رسالة روحية إيجابيةبتأنيب عبدة الأوثان وإعطاء المسيحيين نموذجاً للإيمان والاستسلام. وكان ماسينيونيهتم بالأماكن التي يستطيع أن يشترك فيها المسيحيون والمسلمون في الصلاة كالقدسومقام إبراهيم في الجليل ومزار "أهل الكهف السبعة في أفسس". * * * مع موقفهاللاعنفي "الغانديّ"، أصبح ماسينيون يوسع تضامنه مع البشر حتى أقاصي الأرض، وتوسعتآفاق "البدلية" عنده (وهي كما يعرّفها الجماعة المسيحية المكرسة للشفاعة من أجلالإسلام)، وإن بقيت مؤصلة في نذره مع ماري كحيل في دمياط، وكان الثالث في الجماعةالبدلية راهباً اسمه الأب دو بونفيل. واستطاع ماسينيون أن يربط بين موقف صديقهومرشده الأخ شارل دو فوكو وبين خبرة غاندي الروحية والسياسية عبر شهادة الحلاج حيثيرى فيه متصوفاً حاول أن يعطي للبعد الروحي دوراً واضحاً في حياة الأمة الإسلامية. وإن ماسينيون يعد فوكو والحلاج وغاندي بين سلسلة الأبدال في فكرة البدلية. * * * من علاقات لويس ماسينيون العميقة والمهمة كانت علاقته بالشاعر (بول كلوديل) وقد تبادل معه الرسائل ومنها رسالة في آب 1908 تدور حول قرار ماسينيون إما اتباعصديقه شارل دو فوكو في الصحراء في حياة مكرسة للصلاة والتوحد في الصحراء مع القبائلالعربية، أو متابعة حياة العالِم المنفتح على الآخرين. * * * عمل ماسينيونعميقاً في نفسه، وبصبر، لتحقيق أمنيته في الانتماء إلى سلسلة البدائل متشوقاً إلىالاستشهاد في الصحراء كصديقه شارل دو فوكو، معيداً للمسلمين ما سبق أن قدموه له (حين سبق وأخلي سبيله ورعته عائلة مسلمة في بغداد) ليصبح من الرجال الذين تستمرشفاعتهم عبر الأجيال ويشكلون تلك السلسلة من النفوس البطولية، أو كما يدعوهم أصدقاءالله، وكما يسمون في المسيحية في مواضع أخرى بشركة القديسين، وإن هذه السلسلة هيالعمود الفقري للتاريخ البشري. إن الحلاج بوصفه أحد البدائل قد قبل ظلم مجتمعه وطلبالاستشهاد، وصلب مرفوضاً ومنبوذاً ومهمشاً.. لكنه عبر العصور، رويداً رويداً،تقبّله الوعي الأخلاقي للعالم الإسلامي وها هو يقوم بعمله البَدَلي في حياة الناسبعد قرون طويلة كما في حياة ماسينيون نفسه. إن هذا الإيمان الكوني قد دفعبماسينيون ليقوم بنشاطات اجتماعية كثيرة كزيارة المساجين وتعليم المهاجرينالجزائريين وممارسة الاحتجاج اللاعنفي على تجاوزات الحكم الاستعماري الفرنسي (انطلاقاً من إيمانه بفضيلة الضيافة الإبراهيمية التي يلغيها الوجود الفرنسي، هذهالفضيلة التي تعكس وجود الله في الغريب والمنفي والمضطهد). لعل تماهي ماسينيونبشخصية الحلاج المتصوف قد وصل قمته ساعة الموت وراح مثله يردد هاتين الآيتينالكريمتين اللتين طالما رددهما في حياته: "لن يجيرني من الله أحد" الجن 22 " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين ءامنوا مشفقون منها ويعلمون أنهاالحق" الشورى 18. * * * * قصة أهل الكهف: هي قصة وردت في القرآن فيسورة الكهف وفي الأدب المسيحي (وليس في الكتاب المقدس). وهي تحكي عن فتية آمنوابالله وجاهدوا في سبيله وفضلوا العزلة على ارتكاب الخطيئة. ومختصر القصة أنفتية في زمن سابق قد وحّدوا الله تعالى وآمنوا به مخالفين قومهم ولما شعروا بالخطرلجأوا إلى كهف وباتوا فيه مع كلب لهم. وأراد الله أن يجعلهم آية من آياته، فناموافي كهفهم مدة ثلاثمئة وتسع سنين، ثم بعثهم فأفاقوا من سباتهم واتصلوا بالناس، لكنالزمن قد تغير وإن العملة التي استعملوها كانت قد تغيرت أيضاً فاكتشف الناس الآيةوتيقنوا قدرة الله تعالى. وهناك اختلاف على موضع الكهف لكن الأبعاد الدينيةوالروحية والإنسانية أعمق وأهم من الموضع. لقد اهتم ماسينيون بهذه القصة كنقطةلقاء بين المسيحية والإسلام وقرأ فيها الكثير من المعاني الروحية من حيث غلبةالإيمان، وفكرة الموت والبعث، وبساطة التسليم لقدرة الله، وفضيلة الحياة المشتركةوالتعاون والتآخي.
الأستاذ :لطفى حداد التنوير | |
|