يا مولانا يا مولانا
اليوم أحب أن اسجل بكل الفخار .. هذا الطرح البسيط حول علاقة المصريين بمولانا سيدنا الحسين
فمولانا سيدنا الحسين له مع المجتمع المصري علاقة غرام واحترام وتقديس وثقة
" .. إذا ما كنت من عشاق السير في شوارع القاهرة القديمة "خد ياد .. والله لأشتكيك لمولانا الحسين" .. هي لغة قاهرية تسمعها أذنك بكل بساطة وسهولة
روحي زوري سيدنا الحسين وإن شاء الله ربنا ها يكرمك ويفك كربك
وشاهدت كثيرا هذا الرجل الفلاح أو الصعيدي الذي ما أن نزل ميدان مولانا إلا وأغرورقت عيناه بالدموع وخلع نعله ووضعه تحت إبطه
وارتعشت شفتاه واهتز كامل جسده
سمعت أحدهم يقول أول ما دخل المسجد يا حبيبي يا حبيبي يا حبيبي .. وما قال غيرها
هي علاقة حب لا يستطيع أي روائي أو قاص في العالم أن يحكيها
فكيف للمادة الخام من المشاعر أن تحكى ؟؟؟
كنا وصاحبي يوما نبحث في عبقرية المكان ( رحم الله الدكتور جمال حمدان ) الذي حول الولي
وأنه يفيض على بلدته بأكملها ويطبعها بطابع معين
فنرى أن سيدي أحمد البدوي تكثر حوله محلات الحلوى والحمص
ونرى سيدي ابراهيم الدسوقي تكثر حوله محلات الفسيخ والسردين والأسماك عموما
وهكذا
أما ما يخص الأزهر والموسكي والمشهد الحسيني فالأمر يختلف
هي دولة متكاملة الأركان من البخور والعطور والتحف والقماش والدهّان والعهد الجديد والمالكي والفيشاوي والكتاب الصوفي والحضرة والقهوة والفندق والعرقسوس والبليلة والكباب والمسبحة والعمامة والكحل والتمر والصورة ولوازم العروسة والذهب والفضة والحلي والشيخ والمريد والورد والعهد والمنشد والشاعر والمجذوب والولهان وخان الخليلي والسائح والطالع والنازل والفرشة واللون والبالتة والحالم والعالم ...... إنها دولة دراوييش مولانا ومحاسيبه ومجاذيبه
لا تستصغر فيها أحدا
وقعت بهذا المطب يوما
كنت بمجلسهم يوما وكانوا جمعا ...فتحدث أحدهم فقلت هذا عالمهم والباقي يستمعون لابد أنهم أقل شئنا ممن يقول هذه الدرر .. فلما سكت وتحدث غيره وجدته أعرف وأعلم وأبهى وأجمل .. حينها أجلت أي انطباع وقلت لابد أن هؤلاء الذين لزموا الصمت هم أهل العلم والفضل .. وكان هذا بسري .. فوجدت أحدهم يوجه الكلام لي قائلا : وما خفي كان أعظم ...
ويبقى مولانا الحسين عند المصريين .. ملجأ وملاذا عندما يشتد بهم الحادث العمم وتكربهم كربه أو تضيق بهم ضائقة
وتبقى هي الساعات التي تحول بيننا وبين الوقوف على أعتابه وفي حضرته كأنها دهرا ....
بالعام الماضي .. وحيث أني من الذين لا يستطيعون الإقتراب من المقصورة الشريفة خرجت إلى الميدان
ليكون ظهري مباشرة للجامع الأزهر ..
وأخذت أنظر إلى المسجد الحسيني وطال نظري وكان العسكر يبعدون الناس من هذا المكان لشدة الزحام
ولكني لم أنتبه إليهم
حتى فاجأني أحدهم وهو بالزي الرسمي قائلا : حرماً يا مولانا
فابتسمت له وانصرفت
إيه يا سيدنا الحسين يا حبيبي
فما اشد إشتياقنا إليك يا نور العيون