الزيارة
في اللغة
زِيَارة :
إتيان بقصد الالتقاء .
إتيان بقصد الحج أو التبرُّك .
في القرآن الكريم
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ . حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ .
في الاصطلاح الصوفي
الشيخ الأكبر ابن عربي
يقول :
الزيارة : مأخوذة من الزور وهو الميل ، فمن زار قوماً فقد مال إليهم
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير
قيل : أن نبني على باب الكهف مسجداً ، وهذا القول يدل على أن أولئك الأقوام كانوا عارفين بالله معترفين بالعبادة والصلاة …
وقيل : إن الكفار قالوا : إنهم كانوا على ديننا فنتخذ عليهم بنياناً …
ثم قال تعالى : قالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلى أَمْرِهِمْ
قيل : المراد به الملك المسلم وقيل
: أولياء أصحاب الكهف ، وقيل
: رؤساء البلد لنتخذن عليهم مسجداً نعبد الله فيه ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد .
روي عن عمر بن الخطاب {رضى الله عنه}
في ( الإقناع ) للحنابلة أنه شاهد قبة سيدنا إبراهيم الخليل {عليه السلام} ولم يأمر بتنحيتها عنه ولا عن غيره من الأنبياء لما فتح الشام وهي عليهم
قال ابن قيم الحنبلي :
في جواز القبة على الولي والعلم فينتفع الزائر بذلك من الحر والبرد والمطر والريح ، لأن للوسائل حكم المقاصد
ففي الأزمنة : فضَّل شهر رمضان على سائر الشهور وجعل فيه ليلة القدر وجعلها خير من ألف شهر . وجعل من أشهر السنة أربعة حرم حرمّ فيها القتال . وفضَّل يوم الجمعة على سائر الأيام . وفضَّل ساعة فيها على سائر الساعات .
وفي الأمكنة : فضَّل الكعبة على سائر بقاع الأرض . ومكة على سائر المدن . والمقام وحجر إسماعيل والمساجد الأربعة والمسجد الحرام منها على غيرها . وفي الأحجار فضَّل الحجر الأسود على غيره . وفضَّل بئر زمزم على غيره
وفي الحيوانات : فضَّل الخيل على غيرها وأمر بربطها وإكرامها وجعل الخير معقوداً بنواصيها ، وجعل بعض دم الغزال مسكاً .
وفي بني آدم : فضَّل الأنبياء على غيرهم ،
وسيدنا محمداً على سائر الأنبياء والأولياء ،
والشهداء على غيرهم وعلى بعض الأنبياء .
والشيء الواحد له فضَّل حال دون حال فالكنيف [ المكان الوسخ ] لا فضَّل له في منتهى ، فإذا جعل مسجداً صار معظماً عند الله وحرم تنجيسه ووجب تعظيمه . وجلد الشاة يجعل منه نعلاً وحذاءً فيكون في منتهى الإهانة ويعمل جلداً للقرآن الكريم فيكون في منتهى الإكرام .
والرجل يكون كسائر الناس فيبعثه الله بالنبوة فيوجب إطاعة أمره ونهيه ، أو ينصبه النبي بعده خليفة ، أو المسلمون إماماً على أن تكون الإمامة باختيار الأمة
في قوله تعالى
أَطيعوا اللَّهَ وَأَطيعوا الرَّسولَ وَأولي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
ومن هذا القبيل البقعة من الأرض تكون كسائر البقاع ،
فيدفن فيها النبي والولي فتكسب شرفاً وفضَّلاً وبركةً بدفنه لم تكن لها من قبل ، ويجب احترامها وتحرم إهانتها لحرمة من فيها ومن أحترمها . قصدها بالزيارة لزيارة من فيها ، وبناء القباب عليها والغرف حولها لتقي الزائرين من الحر والبرد ، وعمل الأضرحة فيها كي تصونها من كل إهانة ، وإيقاد المصابيح عندها لانتفاع زائريها واللاجئين إليها وجعل الخدمة والسدنة بها ، وتقبيلها والتبرك بها ووضع الخلع والثريات فوقها وغير ذلك .
ومن إهانتها هدمها وهدم ما فوقها من البناء ، وتسويتها بالأرض ، وجعلها معرضة لوقوع القذارات ووطأ الدواب والآدمين وترويث الكلاب والدواب وبولهم وغير ذلك .
وهل يشك في ذلك عاقل ،
وهو يرى أن الله تعالى جعل احتراماً لصخرة صماء وبسبب وقوف إبراهيم الخليل {عليه السلام} حين بنى البيت فقال وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً
، أفيجعل الله تعالى احتراماً لمقام إبراهيم {عليه السلام}
ولم يجعل احتراماً لمقام سيد الأنبياء ؟!
وإذا كان له هذا الاحترام ، فلماذا حُرِمَ تقبيله والطواف والتبرك به والصلاة عنده ، ودعاء الله كما يصلي عند مقام إبراهيم {عليه السلام} ويدعو .
فإذا كان التوهم أنه عبادة كعبادة الأصنام فهو توهم فاسد ، لأن إحترام من جعل الله تعالى له حرمة احترام الله تعالى ، وعمل بأمر الله وعبادته وطاعة الله ، فهو كتقبيل الحجر الأسود وتعظيم الكعبة والحرم والمقام والمساجد والتبرك بماء زمزم وسجود الملائكة
لآدم {عليه السلام} .
رد الشبهات :
احتج المنكرون لزيارة مقامات الأنبياء والأولياء وشاهدهم بآيات قرآنية و أَحاديث نبوية بنوا فهمهم الخاطىء على معناها ، وأخذوا بظاهر اللفظ من غير أن ينظروا إلى مقاصد الشارع الحكيم فيها ، وما يعارض فهمهم السقيم للآيات المحكمات وللسنة النبوية المطهرة . ومنها احتجاجهم بقوله تعالى :