السبحه حبل النجاة

وردت كلمة التسبيح في القرآن الكريم بقوله تعالى : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ). فجميع الحيوانات والنباتات والجمادات تسبح لله .

والسُبْحة الخرزات التي يُعد المسبح بها تسبيحه وهي أيضاً التطوع من الذكر والصلاة . والسُبْحة الدعاء وصلاة التطوع والنافلة .

والمُسَبِحْة بفتح السين وكسر الباء الإصبع التي تلي الإبهام.

والتسبيح ذكر الله  أمر مفروض في القرآن الكريم في أكثر من موضع ولما أكدت الآيات القرآنية على كثرة الذكر احتاج

المؤمنون إلى وسيلة لضبط العدد الذي حددته السنة النبوية الشريفة لكل تسبيحة , وكان التسبيح يتم بعُقد الأنامل ولما كانت هذه

الطريقة تشغل فكر المسبح إلى العَد وتؤثر في خشوعه التجأ الصحابة إلى وسائل أخرى عديدة فمنهم من استعملَ الحصى وآخر

استعمل النوى وغيره استعمل العُقد في الخيط وهكذا ...

وقد استعمل هذه التسابيح رجالٌ من الصحابة البارزين الذين أُخذ عنهم الحديث النبوي الشريف وكان يُعتمد عليهم في وقتهم أعمدةً

من قواعد البنيان الإسلامي كأبي سعيد الخدري وسعد ابن أبي وقاص وأبي هريرة وأبي الدرداء , كما كان يفعل ذلك آل بيت النبي

الأكرم ومواليه وأزواجه ولم ينكرهُ عليهم وان من المناسب هنا أن نتبع الأحاديث والآثار النبوية في هذا المجال :

• روى ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت النبي يعقد التسبيح .

• اخرج الإمام أحمد في الزهد قال حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد عن يونس بن عبيد عن أمه قالت رأيت أبا صفية رجلاً من

أصحاب النبي وكان جارنا قالت فكان يسبح بالحصى .

• قال ابن سعد في الطبقات اخبرنا عبيد الله بن موسى اخبرنا إسرائيل عن جابر عن امرأة حدثتها فاطمة بنت الحسين بن علي بن

أبي طالب  أنها كانت تسبح بخيط معقود فيه .

• واخرج عبد الله بن الإمام احمد في زاوية الزهد من طريق نعيم بن محرز بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة انه كان له خيط فيه

ألف عقدة فلا ينام حتى يُسبّح به .

• اخرج الإمام أحمد في زاوية الزهد حدثنا مسكين بن بكير اخبرنا ثابت بن عجلان عن القاسم بن عبد الرحمن قال كان لأبي

الدرداء نوى في كيس فكان إذا صلى الغداة أخرجهن واحدة واحدة يُسبّح بهن حتى يُنفدهُنّ .

• اخرج ابن سعد عن حكيم بن الديلمي إن سعد بن أبي وقاص كان يُسبّح بالحصى

• واخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري انه كان يُسبّح بالحصى .

• اخرج الترمذي والحاكم والطبراني عن صفية بنت حُيي رضي الله عنها قالت دخل عليَّ رسول الله وبين يديَّ أربعة ألاف نواة

أُسبّح بهن فقال : ما هذا يا بنت حُيي ؟ [ قلت اسبح بهن قال : ] قولي سبحان الله عدد ما خلق الله من شيء .

فلا يخفى على ذي لب أن أربعة ألاف أو أكثر يُصعب عدها بالأنامل فلابد لهم من آلةٍ أو وسيلة كانوا يستعينون بها .

• اخرج ابن أبي شيبة عن زاد انه قال أخذتُ عن أم يعقوب تسابيح لها فلما أوتيت علياً قال : أُردد على أم يعقوب تسابيحها .

• وفي سنن داود من حديث أبي بصرة الغفاري قال حدثني شيخ من طغاوة قال تثويّتُ أبا هريرة بالمدينة فلم أرّ رجلاً أشدَّ تشميراً

ولا أقوم على ضيف منه قال فبينما أنا عنده يوماً وهو على سرير له ومعه كيس فيه حصى وأسفل منه جارية سوداء وهو يسبح بها

حتى إذا نفد ما في الكيس ألقاه أليها فأعادته في الكيس ودفعته إليه ليسبّح .

• ونقل السيوطي عن أبي مسلم الخولاني رحمه الله انه كان له سبحة فنام ليلةً والسبحة في يده قال فاستدارت السبحة والتفت على

ذراعه وجعلت تسبّح فانتبه أبو مسلم والسبحة تدور على ذراعه وهي تقول : ( سبحانك يا دائم الثبات ويا منبت النبات ) فقال هلمي

يا أم مسلم فانظري إلى أعجب الأعاجيب قال فجاءت أم مسلم والسبحة تدور وتُسبّح فلما جلست سكّنت السبحة .

وقد اتخذ السبحة وسيلةً للوصول جميع مشايخ الطرق الصوفية وذلك لما أرادوا ضبط التسبيحات فاحتاجوا إليها , وذكر ابن خلكان

في وفيات الأعيان انه شوهد في يد أبي القاسم الشيخ الجنيد البغدادي سبحة فقيل له أنت مع شرفك تأخذ بيدك سبحة ؟ فقال طريق

وصلت به إلى ربي لا أفارقه , وذكر أبو القاسم هيبة الله بن الحسن الطبري في كتاب كرامات الأولياء قال الشيخ الإمام العارف

عمر البزاز كانت سبحة الشيخ أبي الوفا عبد الرحمن أعطاها له السيد الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني إذا وضعها على

الأرض تدور وحدها حبة حبة .

ونقل السيوطي قال رويت في ذلك حديثاً مسلسلاً وهو ما اخبرني به شيخنا الإمام عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله - وقد

رأيتُ في يده سبحة – قال اخبرني الإمام أبو العباس أحمد ابن أبي المجالس يوسف بن البانياس بقراءتي عليه – ورأيتُ في يده

سبحة – قال اخبرنا أبو المظفر بن محمد بن مسعود الترمذي – ورأيتُ في يده سبحة – قال اخبرني عبد الصمد بن أحمد عبد القادر –

ورأيتُ في يده سبحة – قال اخبرني أبو محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن علي – ورأيتُ في يده سبحة – قال اخبرني

أبي – ورأيتُ في يده سبحة – قال قرأتُ على أبي الفضل بن ناصر – ورأيتُ في يده سبحة – قال قرأتُ على أبي محمد عبد الله بن

أحمد السمرقندي – ورأيتُ في يده سبحة – فقلت له وسَمِعْتَ أبا بكر محمد بن علي السلمي الحداد ورأيتُ في يده سبحة ؟ فقال

نعم , ثم قال رأيتُ أبا نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر المقري – ورأيتُ في يده سبحة – قال رأيتُ علي ابن أبي القاسم

المترفق الصوفي وفي يده سبحة , قال سمعت أبا الحسن المالكي يقول – وقد رأيتُ في يده سبحة – فقلت له يا أستاذي أنت إلى الآن

مع السبحة ؟ فقال كذلك رأيتُ أستاذي الجنيد وفي يده سبحة فقلت يا أستاذي أنت إلى الآن مع السبحة ؟ فقال كذلك رأيتُ أستاذي

السري السقطي وفي يده سبحة فقلت له يا أستاذي إلى الآن مع السبحة ؟ فقال كذلك رأيتُ أستاذي معروف الكرخي وفي يده

سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيتُ بشر الحافي وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيتُ أستاذي عمر

المالكي وفي يده سبحة فسألته عما سألتني عنه فقال كذلك رأيت أستاذي الحسن البصري وفي يده سبحة فقلت يا أستاذي مع عظم

شأنك وحسن عبادتك وأنت إلى الآن مع السبحة ؟ فقال لي هذا شيء كنا استعملناه في البدايات ما كنا نتركه في النهايات , أحب أن

اذكر الله تعالى بقلبي وفي يدي وفي لساني .

» السبحه وإجازة حملها في السلسله الصوفية
» حقيقة المراقبة إعمال الفكر في استخراج أسباب النجاة