الثلاثي المنير في سماء بلاد الشام

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم :

نتابع مع الشيخ الهاشمي رحمه الله تعالى

شعره : كان للشيخ محمد الهاشمي - رحمه الله - مساهمة في الشعر وهو من الشعر التعليمي وكله مما يخدم علم التوحيد الا قصيدة واحدة قالها في رثاء شيخه الشيخ محمد الحبيب البوزيدي يقول في مطلعها :

لقد غاب بدرنا ونوره ساطع ------ فأبكى النجوم دمعاً والامر واقع

اما شعره التعليمي فقد وصلنا بعضه من ذلك : شروط التكليف العشرة

وللتكليف شروط محصلة ---- عقل بلوغ وبلوغ الرسالة

سلامة الحواس تمكن النظر --- وعدم الالجاء غفلة تعتبر

وعد م الاكراه والنوم الثقيل ---- وعدم النسيان خذها يا خليل

وللشيخ نظمين مشهورين في علم التوحيد هما

نظم سبيل السعادة في معنى كلمتي الشهادة

ونظم عقيدة اهل السنة

جهاده في سبيل الله : ولد الشيخ الهاشمي ونشأ في بلد تستعمره فرنسا اذ احتلت الجزائر عام 1831 م فكان رحمه الله يكره الاستعمار ويسعى بكل السبل للنضال ضده وعندما كان شاباً كانت له جولات مع المحتل الفرنسي تعرض بسببها لدخول السجن عدة مرات

وعندما اصدرت فر نسا قرار تجنيد الجزائريين كان من اوائل من ناضلوا ضد هذا القرار وكان قد اصدر فتوى يحرم فيها التجنيد في الجيش الفرنسي ويعتبر من يفعل ذلك خارجاً عن الدين ولم يكتف بذلك بل علق هذه الفتوى على باب مكتبه حتى يراها كل الناس مما عرضه للملاحقة والسجن ثم لم يجد مناصاً من الهجرة بسبب ذلك الى الشام

وفي دمشق كان من جملة من قاتل في ميسلون ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا وقد دهش القائد لوجوده فكان جوابه : لئن لم اجد استعمال السلاح أليس للمقاتلين نعال ؟ اذهب معكم لاصلاح نعالهم مجاهداً بعملي هذا

وفي دمشق كان يقدم العون للمجاهدين في الجزائر فقد ساهم في الاعداد لمؤتمر علماء سوريا لبحث قضية الجزائر وله مواقف جليلة في دعم القضية الفلسطينية بدعم المجاهدين ومساعدة اللاجئين في دمشق

نشاطه في دمشق : حرص الشيخ رحمه الله ان يكون مثلاً اعلى في السلوك والعمل والتطبيق وكان محبوبا ً وقريبا من القلوب حتى من الشخصيات السياسية ومما يدل على ذلك قصة بسيطة رويت انه بينما كان في مجلس من مجالسه اذ حضر رجل من محافظة درعا يريد ان يسجل ابنه في معهد الشيخ حسن حبنكة غير ان المقاعد الدراسية قد نفذت و اعتذر الشيخ الحبنكة عن قبول الطالب فأخذ والده يلتمس الوساطات غير انه لم يفلح في ذلك واخيراً وسط الشيخ الهاشمي واخذ منه رسالة الى المعهد وعندما شاهده الشيخ مدير المعهد قال : لو كان هذا الظرف من شكري القوتلي( وكان رئيساً للجمهورية) ليس عندي مكان فقال والد الطالب بل الرسالة من الشيخ الهاشمي فما كان من مدير المعهد الا ان اخذ الرسالة ووضعها على رأسه وقال لمن بجانبه : اوجد له مكاناً اكراماً للشيخ الهاشمي

شارك الشيخ في تأسيس رابطة علماء دمشق وكان نائبا لرئيس المجلس وبذل ما بوسعه في جمع كلمة العاملين في الامور الدينية كما ساهم في بناء مسجد الرضوان قرب داره في اعالي الجادات

ويقول سيدي وشيخي الدكتور رضى القهوجي اطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية : ولا تزال زاوية جوبر التي شرفت بحضور الشيخ محمد الهاشمي مراراً اليها وكذلك الشيخ سعيد البرهاني وكنت خادماً لهم 00 لا تزال اليوم حسنة من حسنات هذه الطريقة وسنة حسنة للجميع وفيها الاجر والثواب من الله

وفاته : مرض الشيخ رحمه الله في آخر ايامه مرضاً اقعده عن مواصلة نشاطه فأوصى الاهل والعواد والمريدين بالتمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يلتزموا مجالس الذكر والعلم واظطرهم الامر لادخاله مشفى المواساة

وفي صباح الثلاثاء 12 من رجب 1381 هجرية الموافق 19 كانون اول 1961 فاضت روحه الطاهرة وصلى عليه في الجامع الاموي ودفن في مقبرة الدحداح بجانب الشيخ ابي الخير الميداني تغمدهم الله برحمته وجزيل احسانه وجمعنا معهم في الفردوس الاعلى مع النبيين والصديقين والشهداء تحت ظل سيد المرسلين صلوات الله عليه وعليهم اجمعين