وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون 14944_11179932707

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

الحمد لله المنزه عن كل شيء وعـَزّت معرفته فلا يُدرك بالمعقول، والصلاة والسلام على سيدنا أحمد محمد المحمود النبي العبد الرسول، إسراء القبول، ومعراج الوصول، وغاية المأمول، صلوات ربـّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ووراثه ونوابه مفاتيح الوصول...
وبعد...
السلام عليكم ورحمة الله تعالى العظيم الكريم الحكيم العدل وبركاته...
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

{ وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }
لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى
الشيخ باسل صالح جرار
رضي الله تعالى عنه
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: { وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات/ ٥٦. هذا تصريح واضح مِن الله عز وجل يخبرنا عن هدف خلـْقِنا الذي من أجله وُجِدنا على هذه الأرض بالرغم أنه علينا أن نعرف أنّ هناك خلق كثير غيرنا، ولهم تكاليف ولكن نحن المكرّمون من قـِبَل الله تعالى، هكذا أعلمَنا الله سبحانه وتعالى، ولكن لـِمَ نحن المكرّمون؟ وما مفهوم كلمة "يعبدون"؟
يا عباد الله يجب علينا أن نفهم كلمة "يعبدون" هل هي كما تفعل الناس اليوم مما نراه عليها مِن مظاهر العبادة؟ هل هذا الذي أراده الله عز وجل من كلمة "يعبدون" ؟ أي كثرة العبادة التي نراها على الناس لا أظن ذلك. القاعدة تقول اعرف الله عز وجل ثم اعبده ولا تعبده دون معرفة، لأن هذا جهل، ومَن عَبَدَ الله عز و جلّ جهلا ًفكأنـّما عصاه. فالعبادة يجب أن تكون خارجة عن معرفة الله سبحانه وتعالى لكي تكون عبادة حقـّة كما أراد الله عز وجل. فهناك قول: "عالـِم واحد أشد على الشيطان من ألف عابـِد" لماذا؟ لأن العابـِد يعبد بنفسه، والعالـِم يعبد بما أمدّه الله عز وجل مِن عِلم ومعرفة، فأنت إذا اعتمدت على نفسك حتى بالعبادة كنت لقمة سائغة بيد الشيطان يقلبها كيف يشاء. أيها العابـِد أما لك في إبليس عِبرة فإنه كان أكثر منك عبادة وزلَّ لأنه اعتمد على نفسه وعبادته هنا تكمن المشكلة. إنّ العابـِد يعبد حتى لو عبد مئة عام يعبد بنفسه، والاعتماد على النفس أكبر آفة وحجاب عن الله عز وجل، وأما العالـِم العابـِد فهذا عابـِد عن علم ومعرفة، لا يستطيع الشيطان أن يزلـَّه ويفتنه، لأنه بما أمده الله عز وجل مِن علم ومعرفة يعلم بمكائد وطرُق الشيطان في فتنة ابن آدم. فإنّ مِن طـُرق الشيطان لضلال ابن آدم بأن يجعله يُكثـِر من العبادة أكثر مما يطيق حتى يخرج بلا شيء، لأنه عَبَدَ عن غير معرفة، ولو أنه كان عنده معرفة لـَعَلـِمَ أنّ هذه طريقة إبليس في الإغواء. إنّ السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذا ما يريده الله عز وجل مِن خلـْق آدم والبشرية والخلق على هذه الأشكال مِن العبادة؟ هل تعتقد بعقلك وقلبك أنّ هذا ما خلق الله عز وجل البشر مِن أجله؟ هل هذا هدف خلقته أن يكونوا بهذه العبادة الظاهرية على الأجسام؟! لو فكرت بمعنى { وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } قلت أن تفكر في عمق معانيها، هل تبقى واقفاً عند هذا المعنى؟ إنّ ملائكة الله عز وجل تقوم خير قيام بعبادة الله عز وجل أفضل منك بكثير، وأنت لا تـُقارَن بهم بالنسبة للعبادة، إذاً ما الحاجة إليك والملائكة تقوم بما تقوم به أنت؟ إنّ الله سبحانه وتعالى أراد مِن خلقك أن تعرفه وتتعرّف عليه لكي تكون أنت العارف العابـِد عبادة عن معرفة، فإنّ الملائكة لا تفتر عن الذكر والتسبيح وعبادة الله عز وجل. أنت أيها الإنسان لمَ علـَّم الله عز وجل أباك آدم عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام الأسماء؟ أليس أول معنى يجب أن تأخذه لكي تعرف أنه ما خلقك إلا ليكرمك ويجعلك تتعرّف عليه! فتعليم الله عز وجل الأسماء لآدم بداية معرفة الله عز وجل، ومِن خلالها تستدّل على الله عز و جلّ وعلى بديع صنع مخلوقاته كلها. أما رقـّى الله عز وجل آدم على الملائكة بهذه المعرفة العظيمة؟ وبان عجزهم فقالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، فأمر الله عز وجل آدم بما علـّمه الله سبحانه وتعالى وبما أعطاه مِن معرفة أن يعلـّمهم من هذه المعرفة العظيمة وعندئذ بان عجزهم. إذا انهض وبادِر إلى معرفة الله عز وجل لكي تعبده حقّ العبادة، فإنّ العبد لا يبلغ درجة العبد حتى يتحقق بمعرفة الله عز وجل، فإنّ العابـِد عن غير معرفة إنما يعبد بجسمه ونفسه، ولكن هل عقله عبد لله عز وجل ويفكر بما خلق الله عز وجل؟ وهل قلبه ساجد وهل روحه مطلقة في ملكوت السماوات والأرض؟ هل العابد بنفسه زهد في الدنيا وما فيها أم أنها إن عُرضت عليه أو عُرض عليه فتنة لكان أول الهالكين؟! فإنّ مِن حِكـَم ابن عطاء: "من علامة الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل" أنت معتمد على عملك أيها العابـِد وليس على الله سبحانه وتعالى، وكم أزلّ الشيطان مِن عابـِد وكم عجز عن عالـِم. ما رأيك بقصة الثلاثة الذين جاءوا ليسألوا عن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - فكأنهم استقلوها ( فقال أحدهم: أمّا أنا فإني أقوم الليل ولا أرقد، وقال الثاني: أمّا أنا فإني أصوم النهار ولا أفطر، وقال الثالث: أمّا أنا فإني اعتزلت النساء فلا أتزوج أبداً. فسمعهم النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - فخرج عليهم فقال: أين هم الذين كانوا يقولون ما يقولون؟ فقال لهم: أمّا أنا فإني أصلي وأرقد، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، وهذه سنتي، فمن رغـِب عن سنتي فليس مني ) صدق رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. جاء هؤلاء معتمدين على نفوسهم وأعمالهم حتى أنهم استقلوا عبادة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - وهو خير وأعظم وأكثر وأفضل عابد لله عز وجل، فأراد أن يعلـّمهم كيف تكون العبادة عن معرفة فقال لهم ما قال ليقول لهم أن للروح عبادة وللقلب عبادة وللعقل عبادة وللنفس عبادة، فإذا كان قلبك في حضرة الله عز وجل ساجداً عن معرفة الحق، تقدّسه وتنزهه وتسبّحه بما يليق به، فتصبح كل أفعالك عبادة لأن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – يقول: ( ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ألا وهي القلب ) إذا صلح قلبك صلح قالبك. نعم أحبة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - إنّ العابـِد لا يغيب عن رؤية كثرة عمله ولا يخرج من هذا الحجاب الى الله عز وجل، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - يأتي يوم القيامة بعابـِد مِن بني إسرائيل عَبَدَ الله عز و جلّ خمسمائة عام، فقال الله عز و جلّ له: ( أدخل الجنة برحمتي. فقال ذلك العابـِِد: بل أدخل الجنة بعملي. فقال الله عز وجل: زنوا عمل عبدي في كفـّة وضعوا في الكفـّة نعمة البصر فرجحت نعمة البصر، فقال العبد: بل برحمتك يا ربّ ). كاد أن يهلك لولا تغمّده الله عز وجل برحمته، إنّ هذا كان معتمدا ًكل الاعتماد على عمله لذلك كان على وشك الهلاك. وعندما دخل النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – على أم المؤمنين زوجة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - سيدتنا حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها وهي مرهقة من كثرة العبادة، ( فقال لها: ألا أعلمك كلمات لو قلتها صباح كل يوم تعدل أكثر مما تعبدين؟ فقالت: نعم يا رسول الله. فقال: قولي سبحان الله عدد خلقه ورضاء نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته ). دعاها للتــّـفكر والتذوق بالعبادة، فقليلٌ دائِم خيرٌ مِن كثير منقطع، أراد النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - أن يخرجها مِن عبادة النفس والجسد على عبادة القلب والروح.

يتبع بإذن الله تعالى>>>

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمدلله رب العالمين

الحمد لله المنزه عن كل شيء وعـَزّت معرفته فلا يُدرك بالمعقول، والصلاة والسلام على سيدنا أحمد محمد المحمود النبي العبد الرسول، إسراء القبول، ومعراج الوصول، وغاية المأمول، صلوات ربـّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ووراثه ونوابه مفاتيح الوصول...
وبعد...
السلام عليكم ورحمة الله تعالى العظيم الكريم الحكيم العدل وبركاته...
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

تابع: { وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }
لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى
الشيخ باسل صالح جرار
رضي الله تعالى عنه
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

...أحبة النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - ماذا نفهم من قوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ( تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة )؟ إن التفكر الذي يأخذ القلب إلى حضرة الله عز وجل ويبقيه فيها، التفكر الذي يجعل العقل يجول في بديع صنع الله سبحانه وتعالى، فإنّ معنى العبادة هي تعظيم الله عز و جلّ وتقديسه، مع إقامة الشرائع والشعائر التي فرضها الله عز وجل لنا وليس كثرة الحركات بدون معنى، فكم من منافق تظهر عليه صفة العبادة ولكن ليس في قلبه أي شيء من الإيمان والتقوى، ولكن هل يستطيع المنافق أن يجعل في قلبه الإيمان؟ طبعا ًلا يستطيع لأن القلب سر الله عز و جلّ في الإنسان ولا يكون إلا في الإخلاص، ومن هنا فإن دعوتنا لكل المسلمين أن يسيروا في معرفة الله عز و جلّ لكي تأخذهم المعرفة إلى عبادة الله العظيم كما يريد الله عز و جلّ. فإن قدوتنا وأسوتنا نبينا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - كان أكثر الخلق معرفة بالله عز وجل، هذا ما قاله للثلاثة العبّاد الذين جاءوه: ( إني لأتقاكم لله وأخشاكم له ). فإن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - قادته معرفته بالله عز و جلّ إلى عبادته وتعظيمه، أمّا أن أعبد سنين ورغم ذلك ليس في قلبي شيء من معرفة الله عز و جلّ وتعظيمه، ما زادت في إيماني عبادتي، إذا والله عز وجل يقول: { قُل هَل يَسْتَوِي الذينَ يَعْلمُونَ وَالذينَ لا يَعْلمُونَ } الزمر/ ۹. إذا ًلا يستوون.
إن كنت عابدا ًبنفسك فأنت عابد لها، فالله عز وجل أغنى الأغنياء عن الشرك فكيف تشرك نفسك مع الله عز وجل بعبادتك إليه والله عز وجل يقول: {فـَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فـَليَعْمَلْ عَمَلا ًصالحا ًولا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أحَدَا ً} الكهف/ ١١۰. فإن الإشراك بالعبادة إشراك بالله عز وجل.
أحبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أما لنا في قصة العابد الذي أزلـّه الشيطان عن دينه وعن عبادته وجعله يكفر بالله سبحانه وتعالى ويتخذ الشيطان ربا ً له وبالآخر قال له الشيطان إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين. لو كان عارفا بالله عز وجل هذا العابد لـَعَلِم طـُرق فتنة الشيطان ولما وقع بفتنته وكفر بالله العظيم. والعبد الذي دعته أمه أول مرة وثاني مرة وثالث مرة ولم يجبها فدعت عليه أن لا يميته الله عز وجل حتى يريه وجوه المومسات وتم ذلك، والعبد هذا هو الذي نطق الطفل على يديه وبرّأه مما نسبوه له، لو كانت عنده معرفة بالله عز وجل لما ترك أمه الكبيرة في السن الرحيمة عليه تناديه ولم يجبها حتى دعت عليه.
نعم أحبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم القرية التي أراد الله عز وجل أن يخسفها فقال سيدنا جبريل عليه وعلى رسولنا أفضل الصلاة والسلام أو الملك الموكل بخسفها يارب "إن فيها عبدك الصالح" فقال الله عز وجل: "به فابدأ" فقال: "لماذا يا رب" قال: "لأنه لم يتمعر وجهه للمنكر، ولم يأمر بمعروف" لأنه اشتغل بعبادته أمام أهل قريته، هذا لو كان عنده معرفة بالله عز وجل لـَما بدأ الله عز وجل به الخسف والعذاب، لو عبد هذا الرجل الله عز وجل عن معرفة وعِلـْـم لأنقذ أهل قريته أيضاً من العذاب. إذاً بعد كل هذا علمنا هدف خلق الإنسان معرفة الله عز وجل والقيام بعبادته خير قيام.

يتبع بإذن الله تعالى>>>

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمدلله رب العالمين

الحمد لله المنزه عن كل شيء وعـَزّت معرفته فلا يُدرك بالمعقول، والصلاة والسلام على سيدنا أحمد محمد المحمود النبي العبد الرسول، إسراء القبول، ومعراج الوصول، وغاية المأمول، صلوات ربـّي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ووراثه ونوابه مفاتيح الوصول...
وبعد...
السلام عليكم ورحمة الله تعالى العظيم الكريم الحكيم العدل وبركاته...
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

تابع: { وَمَا خَلقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ }
لسيدي الشيخ الفقير الى الله تعالى
الشيخ باسل صالح جرار
رضي الله تعالى عنه
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Www.mowjeldoha.com-borders-45

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: { وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ للمِلائِكةِ إنّي جاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَة ًقالوا أتـَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بٍِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لكَ قالَ إنـّي أعْلـَمُ مَالا تـَعْلمُونَ $ وَعَلـّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كلها ثـُمّ عَرَضَهُمْ عَلى المَلائِكـَةِ فقالَ أنـْبـِئُونِي بِأسْمَاءِ هؤلاءِ إنْ كـُنـْتُمْ صادِقِينَ $ قالوا سُبْحَانكَ لا عِلمَ لنا إلا مَا عَلـّمْتنا إنـّكَ أنـْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ $ قالَ يا آدَمُ أنـْبِئْهُمْ بِأسْمَائِهِمْ فَلمّا أنـْبَأهُمْ بِأسْمَائِهِمْ قالَ ألمْ أقلْ لكـُمْ إنـّي أعْلمُ غَيْبَ السّمَاواتِ وَالأرْضِ وَأعلمُ ما تـُبْدونَ وَمَا كـُنتمْ تـَكـْتـُمونَ $ وَإذْ قـُلـْنَا للمَلائِكِةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إبْليسَ أبَى وَأسْتـَكـْبَرَ وَكانَ مِنَ الكافِرِينَ }البقرة/٣۰-٣٤.

أحبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نريد أن نبحث في هذه الآيات عن هدف جعـْل الله عز وجل وإرادة الله عز وجل أن يجعل في الأرض خليفة. ما الهدف من خلق الله عز وجل لسيدنا آدم عليه السلام وجعـْـلِه خليفة على هذه الأرض؟ أولا: إنّ مَن يجعله الله عز وجل خليفة على هذه الأرض لا بدّ وأن تكون عنده معرفة عظيمة جدا بالله عز وجل وبالخلـْـق لكي يقوم بدور خلافته وإلا لو كان غير ذلك لما تمت له الخلافة، أيقيم الخلافة على جهل بالله عز وجل وبالخلق!! لا يمكن ذلك إطلاقا، ولا يمكن أن يقوم بالخلافة بمجرد عبادة الله عز وجل بدون معرفة، مجرد حركات يؤديها الإنسان دون تفكير بمعاني ما يعبد ومعرفة بما يعبد. فقد ورد أن سيدنا علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي الله تعالى عنه كان عندما يتوضّأ يصفرّ وجهه فسُئِل لماذا؟ فقال: "أتدرون بين يدي من سأقف؟" أنظر إلى تعظيم الله عز وجل في قلبه ومعرفته بالله عز وجل، إذا ً كيف ستكون عبادته لله عز وجل مع هذه المعرفة. لكن لماذا اعترضت الملائكة على خلـْـق سيدنا آدم عليه السلام وجعـْـله خليفة، وقالت { أتـَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بٍِحَمْدِكَ } لقد ظنـّت الملائكة أنه لا يمكن أن يكون هناك خلق يعبد الله عز وجل أكثر منها لأنهم مجبولون على الطاعة، لأنه هكذا أرادهم الله عز وجل، فهم لا يفترون عن ذكر الله عز وجل، نظرت إلى كثرة عبادتها وأنه لا يمكن أن يكون هناك مخلوقاً أكثر منها في العبادة. إذن إذا كان سيدنا آدم عليه السلام سيكون مثلهم فما الهدف من خلقه؟ فالملائكة تقوم بالعبادة أكثر منه عليه السلام. فكان من الله عز وجل أن جلـّـلّ سيدنا آدم عليه السلام بالمعرفة، فقال جلّ وعلا: { وَعَلـّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّها }وعندما علـّم آدم الأسماء وعرضهم على الملائكة بـَانَ عجزهم بفقدهم لتلك المعرفة فأمرهم بالتعظيم لتلك الخلقة التي خلقها الله عز وجل بيديه، ولتلك المعرفة بالله عز وجل. فعندما رأى إبليس ما عند سيدنا آدم عليه السلام من معرفة وتكريم الله عز وجل له وأمْر الملائكة بالسجود له أبى واستكبر لأنه كان يعبد الله عز وجل بنفسه ويشابه الملائكة بالعبادة وكان من الكافرين الذين كفروا بالله عز وجل، كل هذه العبادة التي عبدها لله عز وجل ما أثرت به لكي ينفذ أمر الله فقال {أنا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} الأعراف/١٢، فقد تجسد نظر إبليس بهذا، ومن أين له العلم أن النار أفضل من الطين لو كان الأمر كما يقول لكان النور إذا أفضل من النار، إذاً يجب عليه أن يبقى ساجداً للملائكة المخلوقة من نور. ما نظر إلى تكريم الله عز وجل لآدم بأنْ خلقه بيديه وأعطاه من معرفته ما لم يكن عند مخلوق غيره وجعله الخليفة وجعله حاملا ً لنور النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وفوق كل هذا لم ينفذ أمر الله عز وجل، أين ذهبت عبادته؟ لم تنفعه بشيء لأنه كان يعبد بنفسه ولنفسه.

وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تحثّ على عبادة الله عز وجل عن طريق المعرفة العظيمة التي أرادها الله سبحانه وتعالى، وهناك أحاديث قدسية تحث على معرفة الله عز وجل، وأحاديث نبوية كثيرة حثنا النبي عليه الصلاة والسلام فيها على السعي إلى معرفة الله عز وجل. ومن هنا نقول لا بدّ لك من شيخ عارف بالله عز وجل يعرّفك على الله عز وجل حقّ المعرفة وبرسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كي تجعلك تقوم بعبادة الله عز وجل خير قيام، ويجتبيك ويجعلك من أوليائه المخلصين المتقين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فإن الله عز وجل يقول: { ِليَبـْلـُوَكـُمْ أيـُّكـُمْ أحْسَـنُ عَمَلا}الملك/ ٢. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: ( إن الله يحب من عمل منكم عملاً أن يتقنه). فكيف إن كانت عبادة الله عز وجل كيف يجب أن تكون صفة الإتقان فيها؟ يجب أن تكون بغاية الإتقان، والسؤال الذي يطرح نفسه... كيف تكون بغاية الإتقان؟؟ إن جـُلـِّـلـَت بالمعرفة لله عز وجل والعظمة والعلم بالله عز وجل والرسول الأكرم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بهذا تكون بغاية الإتقان. أسأل الله العظيم وبفضله الكريم أن يمُنّ علينا بمعرفته وتعظيمه والقيام بعبادته خير قيام كما يحب ربنا ويرضى.

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Sauds2xv0fi4

وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون Sauds2xv0fi4

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسم
سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمدلله رب العالمين

» إنى والإنس والجن فى نبأ عظيم
» الجن اللغز الذي لم يعد لغزا
» الشيخ محمد رفعت تلاوة ملكوتية من سورتي الجن و المزمل ..
» الباب الثامن في معرفة الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام. كتاب الفتوحات المكية في معرفة أسرار المالكية والملكية المجلد الأول