الشيخ الترميذه علاء النشمي
1. من هو مؤسس الديانة المندائية؟
أن الديانة المندائية تختلف عن باقي الديانات، بكونها ليس لديها مؤسس بشري .. أن المندائية ببساطة هي شرعة الحياة الفطرية (شرشا اد هيي) التي عرفها والتزم بها آدم أبو البشر (أول إنسان عاقل) .. فقد ورد في ك/ي ، عندما أمر الخالق العظيم، رسول الحياة والنور (هيبل زيوا) (أ.س) بما يلي:
(( اذهب، ناد بصوتك آدم وامرأته حواء وجميع ذريتهم . بصوت عال ناديهم واجمعهم وخذ على نفسك أن تعلمهم كل شيء. أعطهم دروسا عن ملك النور السامي ذو القوة الواسعة العظيمة دونما حد أو عدد وعرفهم بعوالم النور الأبدية ))
وأيضا ورد في ك/ي
(( لقن آدم وزوجته العلم والمعرفة ))
فهذا الأمر من الخالق العظيم لملاكه الطاهر، بان يعلم آدم وزوجته حواء (العلم والمعرفة) .. فهذه المعرفة هي المندائية، ويقصد بها معرفة وجود الرب الحي العظيم.
فالمندائية امتداد لشريعة عوالم النور (عوالم الله) .. فهي تعني المعرفة .. ويقصد بها معرفة الرب وتوحيده ،الحي العظيم (هيي ربي) مسبح اسمه، وتنظيم الصلة ما بين رب الأكوان والإنسان، وهذا هو أهم شيء وجوهر الدين المندائي .. وأول من عرف، وكان مندائي بسبب معرفته، هو آدم (مبارك اسمه).. المندائية هي معرفة الحياة وهي ليست وليدة عصر، وانما وليدة كل العصور.
2. من هو أول نبي مندائي؟
أن أول الأنبياء أو المعلمين وناشري المعرفة والعبادة المندائية هو آدم .. أول إنسان عاقل على وجه البسيطة .. الذي عرف شرعة الحياة الفطرية في عبادة ومعرفة الرب، خالق الحياة. لقد جاء في ك/ي ما يلي:
((هذا هو الدين الأول، الذي وهب آدم، الأب الأول من السلالة الحية. لقد كان هذا حديثا وشهادة في الوقت نفسه)).
وبعد عصر آدم، واثناء مسيرة المعرفة الأولية للخالق الأزلي ومرورها بالأنبياء والمعلمين والآباء المندائيين الأوائل، تكونت من خلال الزمن، الشريعة المندائية، ومثلما نتداولها اليوم.
3. ولكن النبي آدم هو أبو البشر .. وأبو جميع الأديان؟
هذا صحيح ... ومعروف أيضا عند جميع الأديان، ولقد ورد ذلك في الأدب الديني لجميعها قديما وحديثا، وخاصة ما تعرف بالأديان السماوية.
أن الإنسان الأول على هذه الأرض والذي خلقه الله، هو آدم وزوجته حواء. وآدم هو نبي من أنبياء الله او هو أب من الآباء المقدسين الأوائل .. اذن آدم عرف الله ووحده وعبده وأقام الصلاة وعرف الفرق ما بين الأعمال الخيرة والشريرة .. إذن كل هذه الأمور مجتمعة هي لب الشريعة والديانة .. أذن السؤال الذي يطرح نفسه ما هي ديانة آدم ؟!! سواء أكانت شريعة معقدة مثل الأديان الحاضرة او شريعة فطرية جوهرها معرفة ان للحياة ربا وخالقا. .. فلذلك تؤمن الديانة المندائية بان آدم وشريعته الفطرية ما هي الا المندائية .. ولكن ما هي المندائية؟ المندائية ببساطة معرفة الرب ووجوده .. فالمندائي جوهر عبادته مقولة (اكا هيي اكا ماري اكا مندا اد هيي)
أما الطقوس والمراسيم والقضايا المعقدة الأخرى التي تختص بها جميع الديانات فهي وليدة العصور اللاحقة التي صاحبت تطور الإنسان ونضوجه العلمي والفكري والحضاري.. فلذلك لقب آدم بأنه مندائي أي عارف أو أول من عرف الله ووحده .. وهذا الموضوع يتفق مع فلسفة جميع الأديان بان آدم كانت ديانته معرفة الرب وتوحيده .. وهذا أيضا ما تقول به المندائية لأنها وحسب تعريفها ديانة الفطرة الحقيقية في معرفة خالق هذا الكون والإحساس القوي بوجوده في الحياة.
فقد ورد في الكنزا ربا مايلي:
(( طوبى للكاملين الذين عرفوك بقلب طاهر )).
4. من هم أنبياء المندائية؟
أن الصابئة المندائيون يؤمنون أشد الأيمان بأنبيائهم ومعلميهم وآباءهم الأوائل الذين انبنت على أيديهم وعلى مختلف عصورهم الديانة المندائية .. فكان لهم الأثر الكبير على تعاليم الديانة الصابئية المندائية ومبادئها وفلسفتها وحتى طقوسها ومراسيمها الدينية .. وان الآباء والأنبياء الأوائل وكما هو معروف هم:
· النبي والأب والرجل الأول آدم (أبو البشر) والذي يحتفظ المندائيون بصحفه السماوية.
· النبي شيتل بن آدم الرجل الأول (الغرس الطيب) والذي أفدى والده ، فكانت روحه الأقدس من بين البشر.
· النبي سام بن نوح (المتعبد الخاشع) والذي تزخر الكتب الدينية المندائية المقدسة بصحفه وقصصه وتراتيله.
· النبي يهيا يوهنا _ يحيى بن زكريا _ يوحنا المعمدان (الحبيب المرتفع) ويحتفظ المندائيون بكتابه الذي خطت قسم منه أنامله المقدسة وزاد عليه تلاميذه من بعده .. وهو النبي الأخير الذي يؤمن به الصابئة المندائيون.
5. هل النبي يهيا يوهنا (مبارك اسمه) متزوج ومنجب؟
حسب المصادر المندائية، نعم .. أن النبي ومعلم الحق يهيا يوهنا مبارك اسمه، تزوج من امرأة مندائية من قريته اسمها انهر ويعني اسمها (الأحسن أو الاشرق)، بعدما أمره الحي العظيم (مسبح اسمه) بذلك .. واصبح لديه 5 أولاد و3 بنات .. واسمائهم هي:
الذكور : هندام ، بهرام (على اسم الملاك بهرام ربا)، أنصاب (الثابت) ، سام (على اسم النبي سام بن نوح)، شار
الإناث : شارت ، رهيمات هيي (رحمة الرب) ، انهر زيوا (انهر المضاءة – على اسم أمها انهر).
6. هل المندائية تؤمن باله واحد؟
إن المندائية، من الديانات الموحدة (Monotheism) ، والتي تؤمن باله واحد معبود مستقل ومبعوث بذاته (الاها اد من نافشي افرش – الإله الذي انبعث من ذاته)، غير محدود الأسماء والصفات والقوة والإرادة، فلذلك تطلق عليه اسم (هيي – الحي = الحياة) والحياة هنا يقصد مفهومها العام والشامل المتمثلة بالحركة اللانهائية للوجود. والحي الرب موجود ومنتشر في جميع الفضائل ويسكن الشمال القاصي .. ويسمى في اللغة المندائية ب(هيي) أي الحي أو الحياة .. لان الحي هو جميع الحياة، والحياة بأكملها هي الحي. ولقد جاء في دراشا ما يلي:
((ملعون ومخزي من لا يعرف ولا يعلم بان ربنا هو ملك النور السامي، الواحد الأحد)).
(راجع بعض صفات الرب في المندائية في الصفحة الأخيرة).
7. هل المندائية تؤمن بالحياة الأخرى؟
أن جل اهتمام المفاهيم الدينية المندائية تنصب على حيازة النعيم في الحياة السعيدة في العوالم النورانية العليا .. فالحياة الأرضية وكل ما تحوي من نعم وراحة وملذات هي ليست مطلب المندائي المؤمن، وانما طلبه الارتقاء إلى الملا الأعلى والاتحاد بالذات العظمى والحياة في عوالم النور.
8. لقد عرفت مؤخرا بان كتاب الصابئة المندائيين هو (كنزا ربا)، فما هو هذا الكتاب؟ وعلى ماذا يحتوي؟ وما هي اللغة التي كتب بها أصلا؟ والى كم لغة ترجم لحد الآن؟ وهل من الأهمية لحياتنا الروحية كمندائيين مؤمنين، قراءة الكنزا ربا؟
أن الإجابة على هذا السؤال يحتاج إلى تقسيمه إلى عدة فروع، لتسهيل فهمه بالشكل الصحيح، وكالآتي:
· ما هو هذا الكتاب؟: يسمى (كنزا ربا ) ومعناه (الكنز العظيم)، وهو الكتاب الروحي والمقدس للمندائية. وهو فعلا كنز لما يحتوي من مفاهيم وكلام الرب العظيم وتعاليمه إلى الإنسان، وهذا الكتاب لم يكتب في عصر معين واحد، وانما كتب وجمع في عصور مختلفة، واحتوى على تعاليم وحكم وقصص الأنبياء والمعلمين الأوائل للمندائية وعلى مختلف عصورهم. ومعروف أن كلمة (كنز) في اللغة، تدل على النفاسة والكتمان.
· على ماذا يحتوي؟: يحتوي الكنزا ربا على جميع صحف الأنبياء والآباء الأوائل للمندائية وهم (آدم وشيتل وسام ويهيا يوهنا)، وكذلك يحتوي على الأسفار المتعلقة بخلق الله للعوالم النورانية والأكوان والأرض، وتاريخ شرعة الحياة الفطرية في معرفة البشر للرب العظيم، ومجموع النبوات عما سيحدث في العالم منذ خلقه حتى المنتهى، كما يحتوي على الشرائع الإلهية، والتعاليم الروحية، والنصائح الدينية والأدبية التي تناسب جميع البشر في كل الأزمنة، والمدونة بطرق وبأساليب مختلفة، من نثر وشعر، وتاريخ وقصص، وحكم وأدب، وتعليم وإنذار، وفلسفة وأمثال، ويعتبر الكنزا ربا مصدر الإيمان المندائي والغذاء الروحي للمتهيمنين (المؤمنين). فيه كل ما يختص بالإيمان والحياة والتعاليم الروحية التي تنير المعرفة والمحبة في قلب الإنسان، وبالتالي محبته لأخيه الإنسان وللخلق كله.
· إلى كم قسم يُقسم الكنزا ربا؟: يتالف الكنزا ربا من قسمين اثنين:
1. كنزا يمينا (الكنز اليمين): ويحتوي على التعاليم والوصايا والتحذيرات وعلى قصص الخلق والتكوين والنشوء وعلى صحف آدم وشيتل بن آدم ودنانوخت وعلى قصص بعض الملائكة.
2. كنزا سمالا (الكنز الشمال): ويحتوي على مجموعة من التراتيل وعلى مجموعة من القصص الخاصة برجوع وعروج النفس إلى موطنها الأصلي الذي نزلت منه (الما دنهورا-عالم النور).
· ما هي اللغة التي كتب بها؟: كتب هذا الكتاب المبارك بلهجة آرامية شرقية أصيلة، وهي ما تعرف باللغة المندائية. (راجع جواب السؤال رقم لمعرفة المزيد عن لغة هذا الكتاب المبارك).
· هل من الأهمية لحياتنا الروحية كمندائيين مؤمنين، قراءة الكنزا ربا؟: كما أن الإنسان بحاجة للغذاء المادي لكي ينمو جسدياً، فكذلك هو بحاجة للغذاء الروحي لكي ينمو روحيا، ومصدر الغذاء الروحي للمندائيين هو الكنزا ربا، فيجب على المرء المندائي، أن لا يدع الحاجات المادية أو الأفكار الشيطانية تمنعه من قراءته .. فيجب عليه أن يعود نفسه، على أن يقرأ فصلاً من (كنزا ربا) يومياً، إلى أن يصبح بذلك عادة مألوفة لديه، وبالطبع ليست القراءة لوحدها كافية، بدون الفهم الصحيح المقرون بالفعل والعمل الايجابي. وهذا ما سوف يساعده بالتأكيد ليصبح تلميذاً أميناً ومخلصا للحياةً. فثباتنا في حياة الحي العظيم (مسبح اسمه) يأتي عن طريق قراءتنا لكلمته وتعاليمه لنا، وحفظنا وصاياه والعمل بموجبها في حياتنا.
· إلى كم لغة ترجم الكتاب؟: ترجم هذا الكتاب في أول الأمر إلى اللغة الألمانية على يد العالم البروفيسور ليدزبارسكي، وأيضا الى اللغة العربية مؤخرا، كما ترجم قسم منه الى اللغة الانكليزية.
9. هل توجد كتب مندائية أخرى؟ ما هي؟
يمتلك المندائيون عدد من الكتب غير الكتاب الرئيسي المقدس (كنزا ربا)، ولكن ليست جميع الكتب هي مقدسة ودينية أو الاهية .. فمنها التاريخية والعلمية أو تراتيل وأناشيد دينية وغيرها، كتبها علماء دين كبار واجلاء (ريشمي وناصورايي – رؤساء أمة وعلماء ومتبحرين بالدين). ومن هذه الكتب ما يلي:
· دراشا اد يهيا: ويحتوي هذا الكتاب على حكم ومواعظ وتعاليم النبي والأب يهيا يوهنا (مبارك اسمه) وعلى قصص حوله أيضا.
· سيدرا اد نيشماثا: ويضم قصص هبوط النفس في جسد آدم (مبارك اسمه) .. ويحتوي أيضا على مجموعة كبيرة من التراتيل والأناشيد التي تتلى في طقسي المصبتا (التعميد) والمسخثا (الارتقاء).
· حران كويثا: ديوان يتحدث عن نقاط مهمة في التاريخ المندائي.
· القلستا: كتاب يضم تراتيل وأناشيد ترنم في مراسيم الزواج المندائي.
· ترسر الف شيالة: وهو عبارة عن ديوان (درج) يتالف من سبعة أجزاء .. يتناول أخطاء الكهانة الطقسية وكيفية معالجتها إضافة إلى بعض القوانين المندائية وبعض الأسئلة والأجوبة حول الفلسفة واللاهوت المندائي.
· نياني اد رهمي: كتاب خاص بالأدعية والصلوات الرسمية وغير الرسمية.
· نياني اد مصبتا: يضم تراتيل وشرح لطقس المصبتا (التعميد).
· مع مجموعة من الدواوين التي تهتم بمختلف المواضيع المندائية، واهمها الفلسفة والميثلوجيا المندائية.
10. هل تؤمن المندائية بالسيد المسيح كاله متجسد؟
أن المندائية لا تؤمن بان الرب ممكن هيكلته أو تجسيده، وان الرب الذي تؤمن به المندائية ليس له حدود .. فلذلك ان المندائية لا تؤمن بالمسيح إلا على أساس انه بشر وليس كاله متجسد. وببساطة لا يؤمن بذلك إلا المسيحيون، وهذا ما يميز دينهم. فقد جاء في ك/ي ما يلي:
(( انه يقول لكم: أنا هو الله ، أنا ابن الله ، الذي بعثه أبوه إليكم. ويشرح لكم: أنا هو الرسول الأول، أنا هو هيبل زيوا الذي نزل من ملكوت السماء. لكن لا تصدقوه ولا تعتنقوا دينه )).