إضافة :
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
إن الوقت عند ابن عربي هو ( الحال ) الحاضر للعبد ،
وهذا التعريف مؤلف من ثلاث حدود
: الحال - الزمن الحاضر - العبد .
وكل حد منها يخضع لجملة مكونات ،
ويتحرك مجال حيوي يعطي ( الوقت ) مضامين متنوعة
تنتقل من مفهوم الزمن الحاضر
إلى علاقة العبد بالتجليات الإلهية الحاكمة عليه في الزمن الحاضر .
فالوقت من هذا المنطلق أصبح هو :
1. الآن الحاضر بلا نظر إلى ماض أو مستقبل .
فهو هنا أمر وجودي بين عدمين .
2. حال العبد الحاكم عليه في الآن الحاضر ،
فالوقت : هو كل ما حكم عليه الإنسان .
3. ولأنه لا يحكم على الإنسان إلا بالنظر إلى استعداده ،
فالوقت : هو الحال القائم بالإنسان بحسب استعداده ،
أو هو التجلي الالهي بحسب استعداد الشخص .
الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول : الوقت : هو ما حضرك في الحال ،
فإن كان من تصريف الحق فعليك الرضا والاستسلام حتى تكون بحكم الوقت ،
ولا يخطر ببالك غيره ، وإن كان مما يتعلق بكسبك فالزم ما أهمك فيه
لا تعلق لك بالماضي ولا المستقبل .
فإن تدارك الماضي تضييع للوقت الحاضر ،
وكذلك الفكر فيما يستقبل فإنه عسى أن لا تبلغه وقد فاتك الوقت .
ولهذا قال المحقق : الصوفي ابن الوقت .
الشيخ محمد بن وفا الشاذلي
يقول : الوقت : هو ظرف لحكم غالب لا يستطيع دفعة بوجه .
الشيخ محمود بن حسن الفركاوي القادري
يقول : الوقت : هو الآن إذ ما يشير إليه لفظه .
الشريف الجرجاني
يقول : الوقت : عبارة عن حالك ،
وهو ما يقتضيه استعدادك غير المجعول .
الشيخ أحمد بن عجيبة
يقول : الوقت : قد يطلقونه على ما يكون العبد عليه في الحال من قبض أو بسط أو حزن أو سرور
... وقد يعنون به الزمان : الذي بين الماضي والمستقبل .
الشيخ ابن أنبوجة التيشيتي
يقول : نعني بـ الوقت هنا : ما يقتضي المراقب من أنوار جمال الحضرة القدسية أوقاتاً فتملكه
، ثم يعيده إلى نفسه أوقاتاً ،
فيرقى عن الاستمرار على رأي الرسوم والوقوف على أوهام مقتضيات الجسوم بقطع نياط العزم وعثار جواد القريحة .
الدكتور محمود قمبر
يقول :
الوقت عند الصوفي :
هو جوهر الحال الحاضر ، لا يرى له بداية ولا نهاية ولا حركة ..
كل لحظة قائمة وحاضرة ولا شيء غيرها ،
ليس قبلها ماض ، وليس بعدها مستقبل ،
والقلب فيها مجتمع بكل مشاعره .
وتصبح اللحظة هي كل الحياة ، أنضر ما تكون وأسعد ما تكون ،
لأن الصوفي يعيشها بكل إحساسه مع الله .
إضافات وإيضاحات
مسألة - 1 : في غاية الوقت
يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي :
غاية الوقت : تحقق النفس الإنسانية بالزمن الفرد الذي لا يمنع عن الابتهال في الحضرات المطلقة في التجريد عن كل وصف يوجب الحصر .
مسألة - 2 : في حقيقة الوقت
يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي :
حقيقة الوقت : حال تمنع موصوفها عن التلفت لماضٍ والاستشراف لمستقبل .
مسألة - 3 : في آداب الأوقات
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
كل وقت له آداب تطلب فيه ، فمن أخل بأدبه مقته ، ولذلك قيل : الوقت كالسيف ، فمن لاينه سلم ، ومن خاشنه قصم ، وملاينته القيام بأدبه .
فوقت القهرية : آدابه الرضا والتسليم تحت مجاري الأقدار .
ووقت النعمة : آدابه الشكر .
ووقت الطاعة : آدابه شهود المنة من الله .
ووقت المعصية : آدابه التوبة والإنابة .
مسألة - 4 : في أوقات العبد
يقول الشيخ أحمد زروق :
أوقات العبد أربعة لا خامس لها :
النعمة ، والبلية ، والطاعة ، والمعصية ،
ولله عليك في كل وقت منها سهم من العبودية يقتضيه الحق منك بحكم الربوبية .
مسألة - 5 : في خير الأوقات
يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
خير أوقاتك : وقت تشهد فيه وجود فاقتك ، وترد إلى وجود ذلتك .
مسألة - 6 : في حفظ الأوقات
يقول الشيخ أبو بكر الواسطي :
حفظ الأوقات : وهو أن لا يطالع غير حده ، ولا يراقب غير ربه ،
ولا يقارن غير وقته ، فإنه إن قارن ماضيه أو مستقبله بقلبه فقد ضيع حاله ، فلا حزن على ما فات ، ولا فرح بما هو آت .
مسألة - 7 : في حقوق الأوقات
يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
حقوق في الأوقات يمكن قضاؤها ، وحقوق الأوقات لا يمكن قضاؤها .
إذ ما من وقت يرد إلا ولله عليك فيه حق جديد وأمر أكيد .
فكيف تقضي فيه حق غيره وأنت لم تقض حق الله فيه ؟ .
مسألة - 8 : في مفهوم الوقت في الفكر الصوفي
تقول الدكتورة نظلة الجبوري :
الوقت ... في الفكر الصوفي : هو تعبير زماني وبعد حسي ، وبموجب ذلك يظهر مفهومان اصطلاحيان للوقت في الفكر الصوفي .
الأول : المفهوم الاصطلاحي الزماني الفلسفي ، حيث يعبر عن مقصوده بالاستخدام اللغوي المترادف بين اللفظتين الوقت والزمان .
والثاني : المفهوم الاصطلاحي الزماني الصوفي ، حيث يعبر عن مقصوده بالاستخدام الدلالي ( المنطقي ) المترادف بين اللفظين الوقت والزمان للحال الصوفي ( التجربة الصوفية ) ...
أستنتج من ذلك كله :
ورود الوقت الصوفي بدلالة الآن ( الحاضر ) في الفكر الصوفي ،
وهو بين وقتين بين الماضي من الوقت وهو رمس ،
وبين المستقبل من الوقت وهو طمس .
وتقول : إضافة إلى ما سبق فللوقت الصوفي دلالات ومعان عديدة :
تارة تتصل بالمقامات الصوفية كاليقين والتوكل ...
وتارة تعد صفة من الصفات الإلهية في منظور النفري عندما يقول :
أوقفني وقال لي قد جاء وقتي وآن لي أن أكشف عن وجهي وأظهر سبحاتي .
مسألة - 9 : في معنى قولهم : الصوفي ابن وقته .. ما يريدون بذلك ؟
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
يريدون أنه مشتغل بما هو أولى به في الوقت ،
لا يدبر في مستقبل ولا ماض ، بل يهمه ما هو فيه .
مس
ألة - 10 : في الوقت الذي لا يعول عليه
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
كل وقت يكون عليك أو لا لك ولا عليك لا يعول عليه .
مسألة - 11 : في معنى قول قائلهم وقتي مسرمد
الشيخ السراج الطوسي
وقتي مسرمد ، يعني بذلك : أن الحال الذي بينه وبين الله لا يتغير في جميع أوقاته ، وهو كلام واجد خبَّر عن نعت سره لا عن نعت صفاته ،
لأن الصفات كائنة التغيير ، وهي متغيرة إذا لم تتغير ،
لأنها إذا لم تتغير فقد تُغُيَّر عن الحال الذي جبلت عليه .