[ والَّذينَ تَبَوَّأوا الدّارَ والْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدونَ في
صُدورِهِمْ حاجَةً مِمّا أوتوا وَيُؤْثِرونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ
وَمَنْ يوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحونَ ] ( 1) ..
المراد بالآية الكريمة وسبب نـزولها
والمراد بالذين تبوأوا الدار هنا هم الأنصار . والمراد بالدار ( المدينة ) ،
أي أن الأنصار استوطنوا ( المدينة) قبل المهاجرين ، واستقروا فيها وتمكنوا منها ،
وأخلصوا الإيمان ولازموه ولم يفارقوه ، وهم يحبون إخوتهم المهاجرين إليهم ،
ولا يحسون في صدورهم أي غضاضة أو ألم مما هيأ الله تعالى ، للمهاجرين من فيء أو خير ،
بل إن الأنصار يفضلون المهاجرين على أنفسهم في الاستمتاع بالخير ،
ولو كان الأنصار محتاجـين اليه وكل من حفظه الله من البخل ، وصانه من الشح ، فقد أفلح وفاز .
ولقد نـزل المهاجرون بعد الهجرة في دور الأنصار على الرحب والسعة ،
وفي ظلال الحب والكرم والمواساة ، فلما غنم رسول الله من بني النضير دعا الأنصار
وشكرهم على ما صنعوا مع إخوتهم المهاجرين من إنـزالهم إياهم في منازلهم وإشراكهم في أموالهم ثم قال لهم :
[ إن شئتم قسمت للمهاجرين من دياركم وأموالكم ، وشاركتموهم في هذه الغنيمة
وان شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم ، ولم نقسم لكم من الغنيمة شيئاً ]
قال الأنصار : بل نقسم لإخواننا من ديارنا وأموالنا ، ونؤثرهم بالغنيمة فنـزلت الآية .
وروي أن رسول الله قال : ب إن أحببتم قسمت ما أفاء الله علي من بني النظير بينكم وبينهم ،
وكان المهاجرون على ما هم عليه من السكنى في مساكنكم وأموالكم ، وان أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دياركم .
فقال سعد بن عبادة وسعد بن معاذ : ( بل تقسمه بين المهاجرين ، ويكونون في دورنا كما كانوا ) . ونادت الأنصار قائلة : رضينا وسلمنا يا رسول الله .
فقال رسول الله [/color[color=violet]]:[ اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ] وأعطى المهاجرين ولم يعط الأنصار شيئاً ،
إلا اثنين أو ثلاثة كان بهم فقر وحاجة . ونـزلت الآية .
.......................................................................
(1) الحشر 9
المصدر //موسوعة الكسنزان للسيد الشيخ محمد الكسنزان (قدس الله سره العزيز9