قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: ابن عربي في التفكير الإسلامي الخميس يونيو 26, 2008 4:58 am | |
| ابن عربي في التفكير الإسلامي لحضرة الدكتور محمد البهي أستاذ الفلسفة بكلية أصول الدين (ا) إلى أي مدى تمثل شخصية ابن عربي ثقافة وقته؟ (ب) والي أي حد كان أثر ابن عربي في التفكير الإسلامي. وفي الأدب الفني العربي، وفي الآداب العربية؟. في القرن السادس من الهجرة تم للعقلية الإسلامية في الشرق وفي الغرب ألوان عدة من الثقافة، دينية وغير دينية، وضروب مختلفة من التفكير الإنساني، عربي وغير عربي: أصبح لديها عدد من المذاهب الفقهية، وجملة من الآراء الكلامية في العقيدة، وكثير من النظريات الفلسفية في الكون، فضلا عما تهيأ لها من طرق متنوعة للسلوك العملي وفق)الشريعة (مرة، وطبقا)للحقيقة(مرة أخرى. بين هذه الاتجاهات التي قد تكون متضاربة ـ وكثيراً ما كانت متضاربة، وما زال أكثرها متضارباً ـ نشأ في 17 من رمضان سنة 560هـ (1165م) أبو بكر محمد بن على محيي الدين الحاتمي الطائي الأندلسي المشهور بابن عربي وبالشيخ الأكبر بمدينة مرسية. وبعد ثمانية أعوام أقامها فيها وتعلم خلالها شيئاً من القراءة والقواعد رحل إلى إشبيلية. وهناك أخذ قسطاً من نواحي المعرفة في عصره؛ فدرس الفقه، وتفهم القرآن، كما درس الكلام والفلسفة، وأقام الصلاة في صفوف السنيين، كما انضم إلى حلقات المتصوفة ولبس خرقتهم.
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: ابن عربي في التفكير الإسلامي الخميس يونيو 26, 2008 5:01 am | |
| ولكنه بالرغم مما جمعه من معارف من شيوخ هذه المدينة أراد المزيد من شيوخ المدن
الأخرى في الأندلس، ثم أراد المزيد أيضاً من شيوخ المغرب، ثم أراد للزيد مرة ثالثة من شيوخ المشرق، فتنقل في بلاد الأندلس منذ سنة 590هـ، ثم رحل عنها إلى تونس حتى كانت سنة 598هـ، فرحل نهائياً عن المغرب إلى الشرق، فمر بمصر ثم أقام بمكة وبغداد، ثم كانت نهاية حياته في دمشق الشام في ربيع الثاني سنة 638هـ.
فلم تكن ثقافة ابن عربي إذاً ثقافة محلية، ولم يكن افق معرفته محدوداً بلون خاص، أو ببيئة معينة. ابن عربي ألف وأكثر من التأليف: ألف في الفقه، وفسر القرآن، وألف في الفلسفة، وكتب عن التصوف، وألف في السيرة والأدب، فهو صاحب المقنع في إيضاح السهل الممتع، والفتوحات المكية، وصاحب التفسير المنعوت باسمه، وصاحب فصوص الحكم، وصاحب تاج التراجم، وصاحب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار. وله كذلك ما يزيد على خمسين ومائة كتاب ذكرها (بروكل مان) في كتابه (تاريخ الأدب العربي) ج 1 ص 441. وابن عربي عرف بالخيال في الأدب عرف أيضا بالتعمق والدقة في الفلسفة وعرف أكثر بمزج الخيال الشعري بالفلسفة، وهما إن مزجا كان الغموض واللبس وقد كانت صنعة ابن عربي هذه من أسباب عدم وضوحه إن تحدث أو كتب.
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: ابن عربي في التفكير الإسلامي الخميس يونيو 26, 2008 5:02 am | |
| * * * (1) فلسفة ابن عربي، والي أي مدى تدل شخصية على ثقافة وقته؟ ليست دراسته الفقه وحدها أو تفسيره لكلام الله، ولا صنعته في الأدب هي التي ترينا علاقة ابن عربي بثقافة وقته، ولا من أجلها نلمح من خلال شخصيته صورة عامة لهذه الثقافة، بل دراسته الفلسفية هي التي تحكم بسببها على مقدار تمثيله لمعرفة عصره، وإن كانت هذه المعرفة مزيجا من ألوان متعددة. لأن الفلسفة منذ القرن الخامس الهجري، ومنذ احتكاك الغزالي بالفلاسفة لم تعالَج من العقلية الإسلامية في عزلة عن بقية المعارف الأخرى، بل تناولها الأديب في أدبه،
والفقيه في فقهه، والمتكلم في كلامه، والمفسر في تفسيره، وأصبحت بذلك عنصراً هاما أو قليل الأهمية في تلك المعارف المختلفة، وها هو ذا ابن عربي في تفسيره لكتاب الله يقول في شرح قوله تعالىيمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب((يمحو الله ما يشاء) عن الألواح الجزئية التي هي النفوس السماوية من النقوش الثابتة فيها فيعدم عن المواد ويفني (ويثبت) ما يشاء فيها فيوجد (وعنده أم الكتاب) أي لوح القضاء السابق الذي هو عقل الكل المنتقش بكل ما كان ويكون أزلا وأبدا على الوجه الكلي المنزه عن المحو والإثبات، فان الالواح اربعة لوح القضاء السابق العالي عن المحو والاثبات وهو لوح العقل الأول ولوح القدر: أي لوح النفس الناطقة التي يفصل فيها كليات اللوح الاول ويتعلق بأسبابها وهو المسمى باللوح المحفوظ، ولوح النفوس الجزئية السماوية التي ينتقش فيها كل ما في هذا العالم بشكله وهيئته ومقداره وهو المسمى: بالسماء الدنيا، وهو بمثابة خيال العالم، كما أن الأول بمثابة روحه، والثاني بمثابة قلبه، ثم لوح الهيولي القابل للصور في عالم الشهادة (1)، فهو يحكي نظرية الأفلاطونية الحديث في نشأة العالم عن موجده: الله فالعقل الفعال فالنفس الكلية فعقل القمر ثم المادة.. الخ. ابن عربي كان فيلسوفا كبقية الفلاسفة الإسلاميين، تكلم في الكون وفي مبدئه وفي صدروه، وتكلم في الإنسان وفي غايته من هذه الحياة، وفي علاقته بموجده، وفي السبيل إلى تحديد هذه العلاقة، ولم يخرج في جوهر ما قال عن الإفلاطونية الحديثة، والإفلاطونية الحديثة مصدر الفلسفة الإشراقية في الثقافة الإسلامية، ومصدر كبير للتصوف الإسلامي القائم على الإلهام في المعرفة، والفناء في ذات الله ونبذ متع هذه الحياة. ولكن ميزة ابن عربي عن الفلاسفة الإسلاميين الآخرين، أمثال: الكندي، والفارابي وابن سينا، أو أمثال الغزالي وابن مسكويه، في تصوير هذه الفكرة الفلسفية، فلم يشأ أن يحكيها أو أن يشرحها بعباراتها الاصطلاحية، بل عرضها بأسلوب يكثر فيه التمثيل الشعري: (1) تفسير ابن عربي ج 1 ص 171 طبع المطبعة الميمنية.
(أ) (فشوق) النفوس الحزنية إلى عالم العقول المجردة الذي تجعله الإفلاطونية الحديثة (ب) غاية من غايات الانسان يصوره ابن عربي بصورة شعرية غزلية، (ت) ويبالغ في شعرية هذا التصوير حتى يلتبس (ث) على القارئ فهم ما يرمي إليه ابن عربي، (ج) فضلا عن أن يدرك أن هذا التصوير حكاية لفكرة فلسفية معروفة. (ح) وذا اتهم ابن عربي من خصومه كثيراً بالحب الدنيوي، (خ) وبالإفراط في الميل إلى المرأة. فمثلا يقول: أقبل الأرض إجلالا لو طأتها حبًّا له وأنا منه على حذر من أجل تقييده في صورة امرأة عند التجلي فقلت النقص من بصري ويصف الذات العلية في إحدى رسائله في كتابه)تاج الرسائل (بقوله: رائعة الجمال فائقة الجلال، واضحة الجبين، معتدلة العرنين، حسنه لقد اسيلة الخد، مريضة الاجفان، عنبرية النشر، عذبة الكلام (ب) ـ والافلاطونية الحديثة ترى وحدة الوجود | |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: ابن عربي في التفكير الإسلامي الخميس يونيو 26, 2008 5:03 am | |
| فالله ليس غير العالم والعالم ليس غير الله، وترى مع ذلك وساطة مع ذلك وساطة في الخلق بين الله وبين هذا العالم المشاهد، وأن هناك عقلا يسبق هذا العالم في الوجود وله التدبير فيه، وأن هناك نفساً كلية تستمد قوتها من هذا العقل في تصوير)المادة (وتشكليها بأشكال جزئية. وابن عربي يحكى هذه الفكرة في صورة خالية على وجه التمثيل فيقول في كتاب شجرة الكون (ص 5)إني نظرت إلى الكون وتكوينه فرأيت الكون كله شجرة، وأصل نورها من حبة)(1)(قد لقحت)كان(الكونية بلقاح حبة)نحن خلقناكم (2)(فانعقد من ذلك ثمرة)إنا كل شيء خلقناه بقدر(3) (. فأول ما أنبتت هذه الشجرة الثلاثة أغصان: أخذ غصن ذات اليمين، وأخذ غصن منها ذات الشمال، ونبت غصن منها معتدل القامة، فكان منه السابقون المقربون.... إلى أن يقول، وجاء من فرعها الأدنى عالم الصورة والمعنى، فما كان من قشورها (1) كملة الله = العقل الفعال. (2) النفس الكلية. (3) العالم الجزئي.
الظاهرة، وستورها البارزة، فهو عالم الملك، وما كان من قلوبها الباطنة، ولباب معانيها الخافية، فهو عالم الملكوت، وما كان من الماء الجاري في شريانات عروقها الذي جعل به نموها وحياتها وسموها، فهو عالم الجبروت الذي هو سر كلمة (كن) ثم أحاط بالشجرة حائط حد لها حدوداً ورسم لها رسوماً فحدودها الجهات.... وأما رسومها وما فيها من الأفلاك والأجرام والأثار فهي بمنزلة ما يستظل به من الأوراق). (جـ) وإذا كانت الإفلاطونية الحديثة تحدد غاية الانسان من هذه الحياة بمكافحة شرور المادة والعمل على أن يكون الانسان عقلا محضا فيقترب بذلك من الخير المطلق، وتحاول تعليل شرية المادة مع أنها صادرة عن خير محض وهو الله ـ بأمر يتصل بالغرض أو العقيدة، فابن عربي يصور ذلك بقصة خيالية لها أثرها الشعري على النفوس وامتلاك أزمتها وإن لم يفز فيها بعنصر منطقي أكثر مما فازت به الإفلاطونية الحديثة نفسها. فهو يتخذ من (العقل الفعال) خليفة لله في ملكه، ويتخذ من (النفس) زوجة له، ثم يفرض من (الهوى) أميراً جميلا، قوي الشكيمة، ينازع الخليفة سلطته، ويجعل لهذا الأمير معيناً هو (الشهوة)، ثم يعقد صلة غرام بين النفس زوجة الخليفة وبين الهوى منازعه. ونتيجة هذا الغرام حيرة النفس بين أن تبقى على عهدها للعقل أو أن تستمر في حب هذا الأمير الجميل. وهكذا الحياة للإنسان، في نظر ابن عربي، صراع بين الخير والشر، وهكذا كانت النفس الإنسانية أمارة بالسوء مرة ومطمئنة مرة أخرى.
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: ابن عربي في التفكير الإسلامي الخميس يونيو 26, 2008 5:04 am | |
| شخصية ابن عربي واضحة وغامضة؟واضحة في تمثيلها ثقافة عصره،وغامضة في أنها لم تبرز صريح رأيه ومعتقده،وأغلب الظن أن هذا الغموض مرجعهشغف ابن عربي باستخدام (القصة) في الفلسفة،والخيال في التعبير عن الفكر،وإن كان هو يعلله يقوله: (ليس في مستطاع أهل المعرفةإيصال شعورهم إلى غيرهم،وغاية ما في هذا المستطاع الرمز عن تلك الظواهرلألئك الذين أخذوا في ممارستها).(2) إلى أي حد كان أثر ابن عربي في التفكير الإسلامي،وفي الأدب الفني العربي، وفي الآداب العربية؟ابن عربي في فلسفته لم يأت بجديد، فلم يضم فكرة إلى فكرة سابقة،كما أنه لم ييسر هذه الفِكَِر للعقلية الإسلامية،بل بالعكس كان لأسلوبه الخاص في معالجتها أثر في تعقيدها،وبالتالي في تعقيد مرماه، وأخيراً في صعوبة الحكم على ميله الديني ونزعته الاعتقادية.ولكنه من ناحية أخرى أضاف إلى الأدب الفني موضوعالم يطرق من قبل وهو موضوع القصة في الفلسفة.فهو يستخدم الخيال الشعري في معالجة موضوعات فلسفيةكانت نتاج الفكر البشري في عدة قرون.ثم مع إضافته هذا النوع الجديد إلى الأدب الفنيلم يكن مقصراً فيه، بل كان متقناً مجيداً في كثير من الأحيان. فيقول مثلا في التعبير عن فكرة الإفلاطونية الحديثةفي شوق النفس إلى اللهورغبتها في الاتحاد به عن طريق التفكير فيه:لما بدا السر في فؤادي فنى وجودي وغاب نجميوحال قلبي لسر ربي وغبت عن رسم حس جسميوجئت منه به إليه في مركب من سني عزمينشرت فيه قلاع فكري في لجة من خفي علميهبت عليه رياح شوقي فمر في البحر مر سهمفجزت بحر الدنو حتى أبصرت جهراً من لا أسمىهو مع الابتكار في الانتاج الفلسفي قد غذى الآداب العربيةبمجموعة من المؤلفات تشهد له بكثرة الاطلاع، والقدرة على الاستيعاب.* * *ابن عربي عنوان واضح لثقافة عصره، وأديب في فلسفته، ومكثر في تأليفه. | |
|