يس * وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ

أقسم بالصنفين الدالين على كمال استعداده كما ذكر في (طه).

الذي هو الكمال التامّ اللائق باستعداده على أنه بسبب هذه الأمور من المرسلين على طريق التوحيد الموصوف بالاستقامة

وذلك أن

الذي وقى سلامة فطرتك السالمة عن النقص في الأزل عن آفات حجب النشأة والعادة والسلام الذي هو عينها وأصلها, {والقرآن الحكيم }

الذي هو صورة كمالها الجامع لجميع الكمالات المشتمل على جميع الحكم.

بسبب هذه الثلاثة

أي: القرآن الشامل للحكمة الذي هو صورة كمال استعدادك

بإظهاره مفصلاً من مكمن الجمع على مظهرك ليكون فرقاناً من العزيز الغالب الذي غلب على أنائيتك وصفات نشأتك وقهرها بقوّته لئلا تظهر وتمنع ظهور القرآن المكنون في غيبك على مظهر قلبك وصيرورته فرقاناً.

الذي أظهره عليك بتجليات صفاته الكمالية بأسرها.

بلغوا في كمال استعدادهم ما لم يبلغ آباؤهم فيما أنذروا بما أنذرتهم به

عما أوتي إليهم من الاستعداد البالغ حدّاً لم يبلغه استعداد أحد من الأمم السابقة,

كما قال: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فاطر,

في القضاء السابق بأنهم أشقيا

لأنه إذا قويت الاستعدادات عند ظهورك قوي الأشقياء في الشرّ كما قوي السعداء في الخير.

من قيود الطبيعة البدنية ومحبّة الأجرام السفلية

تمنع رؤوسهم عن التطأطؤ للقبول إذ عمت الأعناق التي هي مفاصل تصرّفات الرؤوس وأطبقت المفاصل حتى جاوزت أعاليها وبلغت حدّ الرؤوس من قدّام فلم يبق لهم تصرّف بالقبول ولا تأثر بالانفعال والميل إلى الركوع والسجود للانقياد والفناء,

فإنّ الكمالات الإنسانية انفعالية لا تحصل إلا بالتذّلل والانقهار

ممنوعون عن قبولها بإمالة الرؤوس .

من الجهة الإلهية

من حجاب ظهور النفس والصفات المستولية على القلب منعهم من النظر إلى فوق ليشتاقوا للقاء الحقّ عند رؤية الأنوار الجمالية { ومن خلفهم }

من الجهة البدنية

من حجاب الطبيعة الجسمانية ولذاتها المانعة لامتثالهم الأوامر والنواهي فمنعهم من العمل الصالح الذي يعدّهم لقبول الخير والصفات الجلالية فانسدّ لهم طريق العلم والعمل فيهم واقفون مع أصنام الأبدان حيارى يعبدونها ولا يتقدّمون ولا يتأخرون {فأغشيناهم }

بالانغماس في الغواشي الهيولانية والانغمار في الملابس الجسمانية

لكثافة الحجب من جميع الجهاد وإحاطتها بهم وإذا لم يبصروا ولم يتأثروا فالإنذار وعدم الإنذار بالنسبة إليهم سواء.

أي: يؤثر الإنذار وينجع في

لنورية استعداده وصفائه فيتأثر به ويقبل الهداية بما في استعداده من التوحيد الفطري والمعرفة الأصلية, فيتذكر ويخشى الرحمن بتصوّر عظمته مع غيبته من التجلي فيتبعه بالسلوك ليحضر ما هو غائب عنه ويرى ما استضاء بنوره

عظيمة من ستر ذنوب حجب أفعاله وصفاته وذاته

من جنات أفعال الحق وصفاته وذاته .

-----