الله
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الحمد لله الحنّان المنّان الرحيم الرحمن عظيم الشان قديم السلطان
والصلاة والسلام على النبي العدنان. صاحب الجود والإحسان
وعلى آله وصحبه ما توارد الجديدان
أخوتي في الله
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته...
وبعد...
فهذه مراتب الصوم اختصرها الفقير من إحياء علوم الدين للإمام الغزالي آملاً من الله أن يمن علينا بحسن الاستعداد لدخول الشهر الكريم واستصحاب الآداب المحمدية طوال الشهر وأن يجعله شهراً مباركاً علينا وعليكم وعلى أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
مراتب الصوم
اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم وصوم الخصوص وصوم خصوص الخصوص
وأما صوم العموم فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة
وسننه الظاهرة ست:
1-تأخير السحور
2- وتعجيل الفطر بالتمر أو الماء قبل الصلاة
3- وترك السواك بعد الزوال
4- والجود في شهر رمضان
5- ومدارسة القرآن
6- والاعتكاف
وأما صوم الخصوص فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام
وهو صوم الصالحين وتمامه بستة أمور:
1- صوم البصر: بغض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل
2-صوم اللسان: حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن.
3-صوم السمع: بكف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى: (سماعون للكذب أكالون للسحت) فالسكوت على الغيبة حرام
4-صوم بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره
5-صوم البطن عن الشبهات وقت الإفطار فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه فالصوم لتقليله وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها والحرام سم مهلك للدين والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره وقصد الصوم تقليله وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته ولما تلا قوله عز وجل: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وضع يده على سمعه وبصره فقال السمع أمانة والبصر أمانة.
6-السادس أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها.
وأما صوم خصوص الخصوص فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية (إلا دنيا تراد للدين فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا) وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولا ولكن في تحقيقها عملا فإنه إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) .
_________________
(وما توفيقي إلا بالله)
فقير الاسكندرية