ويقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
من آداب الفقير أن لا يكون له هم الوقت المستقبل ، بل يكون بحكم وقته ،
لا يتطلع للوقت الثاني ، بل يحفظ الحال وحدودهاً وشرائطهاً وآدابهاً مطرقاً غاضاً عما سواها
لا أعلى منها ولا دونها ولا يشره إلى حال غيره وربما كان هلاكه فيها وهي لأهلها سلامة ونعمة...
ينبغي للفقير أن لا يختار حالة لنفسه حتى يدخل فيها من غير أن يكون هو فيها بل يفعل للمولى ـ عز وجل ـ قدراً محضاً وإرادة مجرة ...
ومن آداب الفقير أن يكون مستعداً لورود الموت متهيئا له منتظراً مترقباً في الساعات كلها
ليكون ذلك عونا له على الرضا بفقره وحمل ما حمل به من الأذى ,
لأن به يقصر الأمل وتنكسر النفس ويزول منها وهج شهوات الدنيا ...
ومن أدبه أن يخرج من قلبه ذكر المخلوقين .
ومن أدبه أن يتخلق مع الغني إذا دخل عليه بما تصل يده إليه من القوت أو فاكهة وإن كان شيئاً يسيراً ,
لأنه بقلبه محترز عن الأسباب فهو بالإيثار أولى من الغني الذي هو في أسر غناه
إلا أن يكون ذا عيال في ضيقة فلا يضيق على عياله بإيثاره ذلك للغني
إلا أن يكون يعلم من عياله الإيثار وطيب النفس بذلك والموافقة والصبر والرضا
والمعرفة واليقين والأنوار تظهر من قلوبهم على ألسنتهم وجوارحهم وأنفسهم
فحينئذ لا يبالي في البذل والمنع والإيثار والإمساك .
ومن أدب الفقير أن لا يترك الاحتياط في الورع في حال ضيق اليد
فلا يخرج إلى ما لا يحل في الشرع لفقره فيخرج من العزيمة إلى الرخص
فإن الورع ملاك الدين والطمع هلاكه وتناول الشبهات فساده
كما قال بعض الصالحين : من لم يصحبه الورع في فقره أكل الحرام وهو لا يدري .
فعليه أن لا يخلد إلى التأويلات في دينه في حالة فقره بل يرتكب الأشق والأحوط الذي هو العزيمة .