فى ذكرى مولد عم البدوى _مشاهدات فى الوسط الصوفى _إهداء لآل المودة والحبيب أحمد الفاروقى

مولد العم
السيد البدوى
2008
لم يهاجم واشتهرالهجوم عليه بين الناس مثل المولد
وفى مولد عم السيد ؟
كأنه المثل الصوفى .. هل لأنه مرئى ..؟
أمام أعينهم فى بلاد متوسطة الحال ..
بما يصنع حالة من تأفف الأغنياء من أفعال الفقراء ..
أم هو تعالى العلماء على مايفعلة الغير متعلمين ..
فالعامة هم أغلب زورار البدوى ..
الشعب ينقل لبعضه مواعيد المولد فى منظومة إعلامية حية ..
من شخص لشخص .. كما أنها من أخبار الحياة اليومية..
التى ينقلها العارف إلى قريته أو أصحابه فى المدن الصغيرة ..
يبدأ الخبر كتذكير فى الشارع ثم تبدأ الحسابات
( يوم إيه يوافق كام )
يعنى يتساءل المتكلم عن موافقة أيام الأسبوع لأيام الشهر الميلادى
مع أن المولد يتحدد هجريا..
ويبدأ الآخرين فى الزاوية أو بيت السجادة ..
لترتيب أمور السفر أو التحضير لما سوف يكون عليه الإحتفال ..
أو حتى عامة الشعب فى الكلام عن نيتهم حول حضور المولد ..
طبقا لما اعتادوا عليه ..
فكثير من العائلات أو الأفراد لهم طقس إجتماعى محدد
يتوارثه الأبناء الذين هم الرجال الجدد مع أبنائهم من الجيل الجديد ..
أيا كانوا متصوفة سيخدمون أو زوار وضيوف
وأكثر جملة تسمعها من إلى مواطن فى الحديث عن المولد
هى
"كنا نروح مع أبويا واحنا عيال "
أو الوالدة كانت سنويا تذهب ..
وكثيرامايصحب الزوار معهم الأطعمة أو المال
لإطعام الفقراء أو الزوار
.. وممكن أثناء الحديث يعترض واحد
ويقول بالمقولة الجديدة أن الموالد حرام وما إلى ذلك ..
وطبيعى أن يكون الرد عليه حنون أو فكاهى ..
فقد أرسى المتصوفة قاعدة فى الوسط الشعبى ..
وهى عدم الهجوم على واحد من أصحاب الفقه الحديث ..
أيا كان مشربه أو الجماعة التى يتنمى إليها ..
حيث لابد دائما من رفع راية الشريعة
والشعب فى الشارع يعرف بعضه بعضا ..
وكثيرا ماتتغلب الأمور الشخصية على الفكر ..
بسبب أن الرابط الإجتماعى مازال أقوى
ومهما كانت الإتهامات فى الفكر
فلا يمكن أن يتحول الإختلاف إلى صراع ..
خصوصا وأن رؤيتهم فى الإولياء أنهم صالحين فقراء ..
أما المتصوفة أنفسهم .
العالمين منهم يعلموا أبنائهم فى الطريق وإخوانهم
فى الإختلاف الكائن ..
أنه ضرورى ومن مقتضيات الكمال ..
وأنه لولا دفع الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض..
وغير ذلك ..
لذلك ننظر لمن يتفاعل مع الخلاف
أنه غض بعد..
اللهم إلا العلماء المكلفون بالرد .. أو الناطقون ..أو ذوى الخبرة ..
الإبن الصوفى الذى يفهم شيىء من الحكمة ..
لايتفاعل مع الخلاف إنما يتصاعد قليلا ليرى لماذا هذا الإختلاف ..
ببساطة ماهى الحكمة ؟
لماذا ينتج فى الوجود ذلك؟
أسئلة معادة ومتكررة فى أفعال كثيرة تحدث أمام الجميع ..
فيدخلها الصوفى إلى معمل التحاليل ..
ويخضعها للبحث الروحى ..
قد يدور ذلك فكرا ..
وكثيرا مايلجأ التلميذ إلى الأساتذة السابقون
ممن أوغلو فى العرفان ..أوغاصوا فى المعارف فوصلو أو سبروا..
أوَ ماعرجت أرواح من الخيال البرىء ..أو من على صخرة الراسخون فى العلم الذين ثبتهم الله
وقد تكون المذاكرة مع الإخوان أوبالأحرى الأحباب حسبما يطيب لى عصريا القول ..
وطبعا الحديث عن الحكمة ليس موضوعنا هنا ..
وإنما رصد المشاهدات الإجتماعية
فى تناول المولد فى الشعب وفى الوسط الصوفى ..
فتبادل قصص الذهاب بين الزوار طقس فى الكلام ..
والحديث المبهر ممن ذهبوا ..لمن أقعدهم العذر..
ينثر الصفاء كعطر جاء به الزائر لأهله..
بل كثيرا مايسأل القاعد الزائر الفاتحة هناك حيث يروح للبدوى ..
نعم وتسمع الشكر لله عن بعد بأنه يبدو أن الفاتحة وصلت ..
يعنى تكون فى بلد بعيدا عن المولد
وتشعر بأن هناك بركة ما وصلت لك ..
أو أن هناك حظا أصابك
أو دعاء مستجاب فتقول هى بركات المولد
من البلد البعيد "شي الله ياعم "
فى أكثر المجالس يكون هناك تبادلا علميا وروحيا
فى أرض المولد وكثيرا مايبدأ الحب الجديد ..
أو تتجدد العواطف..
إن وجود مخطئين فى المولد هى وجهة نظر من أعلى ..
الأكثر فقها مثلا يشير إلى خطأ ما ..
بينما المحلل المادى يرى المولد ظاهرة إقتصادية ..
ولاينسى العامة الحمص والحلاوة ..
مهما كانت الآراء..
أعياد شعبية إختارها الشعب بمعرفته وإدراكه القديم ..
ليحتفل لله لغير غرض
لينول البركة من الله ورسوله وآل بيته والأولياء الصالحين ..
وفعلا ينال البركة..
ولم تنجح محاولات كثيرة من العلماء لتقنين ذلك .. ..
فالفطرة تتحرك ..والقلوب الطيبة تزور ..
والإفتقار إلى الله بالسعى إليه عند البدوى
أو عند غيره من الصالحين
يغسل الصدور .. ويضمد الجراح
ويبدىء الرجاء من جديد
وطبعا فى الزحام يكثر الإدعاء ..
لكن ذلك لايعكر الصفاء ..
ولايرفع سيف القضاء..
فنكثر من الدعاء ..
وإلى لقاء

وماذكرتك إلا همت من طرب
كأن ذكرك ألحان أغنيها
رغم صدمة الواقع حين تراه بعد أن كان خيالا جميلا ..
لست تملك غير البحث عن الجمال الإلهى فى التصرف ..
وتنشد السكينة رغم الخوف
ثم فيما بعد فى أنس زحام المولد ..
تتمايل الأعناق شوقا ..إلى المحبوب ..عله يخطر ..عله يمر ..
تبحث عنه
فى العيون أو فوق الرؤوس ..
على الأفق ..
تكاد تقول أوسعوا لى فقد أراه ..
والزحام كالموج يتمايل مع يديك ..تشق عباب الضوء ..
هاهو ذا ..أو بالمصرى ..أهو "
العينين قرت واستقرت نافذتين ضوء ..
وقوسين الحاجبين كأنما على الصراط..
والشفتين ..
تخجل تقول "شفايف"
خجل عطش الفقراء..
فنتعلل بالنون ..
ظهرنا من الواحد فى الإثنين ..أخذتنا إلى الجبين ..
وآه من نون الجبين .. هلال أضاء السموات السبع وأنار الأراضين
آواه يانون مايسطرون .. ومن ينون كل الحروف ..
لو رضوا عن بعضهم البعض رضاهم عن نفوسهم ..
لايخيبون ..ولايهزمون ..
ثم لاخوف عليهم ولاهم يحزنون ..
قلت لصديقى النونين تساوى تاء .. من نون النسوة ثم تاء التأنيث..
وبلغنى عن أهل المدينة ..
وهم أهم بالنون ..أن التائين تساوى قاف ..
وتساءلت ..تا ..تا .. الموسيقى ..؟ الحرب .. مظاهر الحياة فى كل صوت .. الصوت ؟
..السماع .. السميع ..حسب كل نون ..
قال قل أكثر ..لم أبدأ بعد .. هات لى نون الإذن .. قلت خلينا فى البدوى هل يحكينا أحد عن صاحب المولد ..
أو أسمعونا من إنشاد أو مديح ..
قال القائل
لمن ماراح من عمرى..
فما احتسبت منه ..إلا بعض برهات صبا .. شطحت ..تسذجت.. داخل القصر ..تأدبت فى الدوواوين ..طربت فى العنان طيرا صغيرا .. لهوت كطفل برىء أمام الأب .. وصرت يتيما كثير البكا.. حينما قال المداح ..جرحتنى يابا ومن يداوينى ..
إذا لم تجينى فى غربتى ..
ماأبغى حد يجينى ..
يانونى وتائى وقافى آدينى
على بابهم جايز ينادينى
قلت يابا يابالفتيان جرنى
قال حاضر يانون عينى
.. تفاءلت
تحيينا الصلاة على الحبيب وآله وأصحابه .. وأحبابه
..ودوما فى البدء الإستغفار والدعاء ..
والحمد فيما قبل وبعد

تراهم فى المولد فى لوحة فنان تشكيلى

اللوحة