[b[color:a22d=blue]]بسم الله الرحمن الرحيم[/b]
إن من الواجب علينا التعرف على سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
الذي يتحلي بصفات الكمال المنقطعة النظير .. فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه
حتى وسع الناس بأخلاقه .. وأخذ بالقلوب بكلامه .. وأسر الأرواح بسجاياه
ان حياته التي كانت كتابا مفتوحا للجميع تستحق ان تكون نبراسا نهتدي به
في جميع جوانب حياتنا قال تعالى :
(( لقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر
و ذكر الله كثيرا ))
~*¤®§ ][^*^] سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين [^*^][ §®¤*~
~*¤®§ ][^*^] مزايا السيرة النبوية [^*^][ §®¤*~
تجمع السيرة النبوية عدة مزايا تجعل دراستها متعة روحية وعقلية وتاريخية ،
كما تجعل هذه الدراسة ضرورية لعلماء الشريعة والدعاة إلى الله والمهتمين بالإصلاح
الاجتماعي، ليضمنوا إبلاغ الشريعة إلى الناس بأسلوب يجعلهم يرون فيها المعتصم
الذي يلوذون به عند اضطراب السبل واشتداد العواصف ولتتفتح أمام الدعاة قلوب الناس
وأفئدتهم، ويكون الإصلاح الذي يدعو إليه المصلحون أقرب نجاحا وأكثر سدادا
وفيما يلي أبرز مزايا السيرة النبوية :
~*¤®§ ][^*^] أولا [^*^][ §®¤*~
أنها أصح سيرة لتاريخ نبي مرسل أو عظيم أو مصلح ، فقد وصلت إلينا سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم عن أصح الطرق العلمية وأقواها ثبوتا مما لا يترك مجالاً للشك
في وقائعها البارزة وأحداثها الكبرى .
إن هذه الميزة من صحة السيرة صحة لا يتطرق إليها الشك لا توجد في سيرة رسول من
رسل الله السابقين ، فموسى عليه السلام قد اختلطت عندنا وقائع سيرته الصحيحة بما
أدخل عليها اليهود من زيف وتحريف، ومثل ذلك يقال في سيرة عيسى عليه السلام،
وإذا كان هذا شأن سير الرسل أصحاب الديانات المنتشرة في العالم، كان الشك أقوى
في سيرة أصحاب الديانات والفلاسفة الآخرين الذين يعد أتباعهم بمئات الملايين في
العالم~*¤®§ ][^*^] ثانيا [^*^][ §®¤*~
أن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم واضحة كل الوضوح في جميع مراحلها منذ
زواج أبيه عبد الله بآمنة إلى وفاته صلى الله عليه وسلم، فنحن نعرف الشيء الكثير
عن ولادته وطفولته وشبابه ومكسبه قبل النبوة ورحلاته خارج مكة إلى أن بعثه الله
رسولاً كريماً، ثم نعرف بشكل أدق وأوضح وأكمل كل أحواله بعد ذلك سنة فسنة
مما يجعل سيرته عليه الصلاة والسلام واضحة وضوح الشمس كما قال بعض النقاد ال
غربيين :
" إن محمداً عليه الصلاة والسلام هو الوحيد الذي ولد على ضوء الشمس".
~*¤®§ ][^*^] ثالثا [^*^][ §®¤*~
أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحكي سيرة إنسان أكرمه الله بالرسالة فلم
تخرجه عن إنسانيته، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تضفِ عليه الألوهية قليلا ولا كثيرا،
وإذا قارنا هذا بما يرويه المسيحيون عن سيرة عيسى عليه السلام وما يرويه البوذيون
عن بوذا والوثنيون عن آلهتهم المعبودة اتضح لنا الفرق جليا بين سيرته عليه السلام
وسيرة هؤلاء، ولذلك ظل وسيظل محمد صلى الله عليه وسلم المثل النموذجي الإنساني
الكامل لكل من أراد أن يعيش سعيداً كريماً في نفسه وأسرته وبيئته.
ومن هنا يقول الله في كتابه الكريم :
"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر".
~*¤®§ ][^*^] رابعا [^*^][ §®¤*~
أن سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم شاملة لكل النواحي الإنسانية في الإنسان،
فهي تحكي لنا سيرة محمد الشاب الأمين المستقيم قبل أن يكرمه الله بالرسالة،
كما تحكي لنا سيرة رسول الله الداعية إلى الله المتلمس أجدى الوسائل لقبول دعوته،
الباذل منتهى طاقته وجهده في إبلاغ رسالته، كما تحكي لنا سيرته كرئيس دولة يضع
لدولته أقوم النظم وأصحها، ويحميها بيقظته وإخلاصه وصدقه بما يكفل لها النجاح.
كما تحكي لنا سيرة الرسول الزوج والأب في حنو العاطفة وحسن المعاملة والتمييز ا
لواضح بين الحقوق والواجبات لكل من الزوج والزوجة والأولاد، كما تحكي لنا سيرة
الرسول المربي المرشد الذي يشرف على تربية أصحابه تربية مثالية ينقل فيها من روحه
إلى أرواحهم ومن نفسه إلى نفوسهم ما يجعلهم يحاولون الاقتداء به في دقيق الأمور
وكبيرها.
~*¤®§ ][^*^] خامسا [^*^][ §®¤*~
أن سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وحدها تعطينا الدليل الذي لا ريب فيه على صدق
رسالته ونبوته إنها سيرة إنسان كامل سار بدعوته من نصر إلى نصر، لا على طريق
الخوارق والمعجزات، بل عن طريق طبيعي، فلقد دعى فأوذي، وبلغ فأصبح له الأنصار،
واضطر إلى الحرب فحارب، وكان حكيماً موفقاً في قيادته فما أزفت ساعة وفاته إلا
كانت دعوته تلف الجزيرة العربية كلها عن طريق الإيمان لا عن طريق القهر والغلبة.
ومن تتبع القرآن الكريم وجد أنه اعتمد في الاقناع على المحاكمة العقلية والمشاهدة
المحسوسة لعظيم صنع الله والمعرفة التامة بما كان عليه الرسول من أمية تجعل إتيانه
بالقرآن الكريم دليلاً على صدق رسالته صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى في سورة
العنكبوت:
(( وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين *
أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم
يؤمنون ))
ولما اشتط كفار قريش في طلب المعجزات من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانت
تفعل الأمم الماضية أمره الله أن يجيبهم بقوله :
(( سبحان ربي هل كنتُ إلا بشراً رسولاً ))
وهكذا يقرر القرآن بصراحة ووضوح أن محمداً صلى الله عليه وسلم إنسان رسول، وأنه
لا يعتمد في دعوى الرسالة على الخوارق والمعجزات وإنما يخاطب العقول والقلوب
(( فمن يردِ اللهُ أن يهديَه يشرح صدره للإسلام ))
البطاقة التعريفية لخير البرية [^*^][ §®¤*~
~*¤®§ ][^*^] نسبه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~
تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده
هاشم بن عبد مناف
هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب
بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة
بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
~*¤®§ ][^*^] موطنه صلى الله عليه وسلم [^*^][ §®¤*~
اختار الله له من بقاع العالم ومن بين أصقاعها أحب البلاد إليه سبحانه، البلد الحرام
والتربة الطاهرة والأرض المقدسة والوطن المحاط بالعناية المحروس بالرعاية فولد
صلى الله عليه وسلم في مكة في عام الفيل حيث صلى الأنبياء، وهبط الوحي،
وطلع النور، وأشرقت الرسالة، وسطعت النبوة، وانبلج فجر البعثة .
~*¤®§ ][^*^] البيت النبوي الشريف [^*^][ §®¤*~
كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتاز عن أمته بحل التزوج بأكثر من أربع زوجات
لأغراض كثيرة، فكان عدد من عقد عليهن ثلاثة عشرة امرأه، منهن تسع مات عنهن،
واثنتان توفيتا في حياته، إحداهما خديجة، والأخرى أم المساكين زينب بنت خريمة،
واثنتان لم يدخل بهما.
أمهات المؤمنين
- السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها : وهي أول من تزوجه من النساء، ولم
يتزوج عليها غيرها، وكان له منها أبناء وبنات، أما الأبناء ، فلم يعش منهم أحد ،
وأما البنات فهن :
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة
فأما زينب فتزوجها قبل الهجرة ابن خالتها, أبوالعاص بن الربيع
وأما رقية وأم كلثوم فقد تزوجهما عثمان بن عفان رضي الله عنه
وأما فاطمة فتزوجها على بن أبي طالب بين بدر وأحد، ومنها كان
الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
- سودة بنت زمعة رضي الله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال
سنة عشر من النبوة، بعد وفاة خديجة بنحو شهر ، توفيت بالمدينة في شوال سنة54هـ .
ـ عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها : تزوجها وهي بنت تسع اوعشر سنين ،
وكانت بكرا ولم يتزوج بكرا غيرها، وكانت أحب الخلق إليه، وأفقه نساء الأمة، وأعلمهن
على الإطلاق ، فضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ، توفيت في 17رمضان
سنة 57هـ أو 58 هـ ودفنت بالبقيع.
- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي اله عنها : تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في
شعبان سنة 3هـ توفيت في شعبان سنة 45هـ بالمدينة ، ولها ستون سنة، ودفنت
بالبقيع.
- زينب بنت خزيمة رضي الله عنها : وكانت تسمى أم المساكين، لرحمتها أياهم ورقتها
عليهم، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 4 هـ ، ماتت بعد الزواج بنحو ثلاثة
أشهرفي ربيع الآخر سنة 4هـ ، فصلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم، ودفنت بالبقيع.
- أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها : كانت من افقه النساء وأعقلهن ، توفيت
سنة 59هـ، وقيل: 62هـ ودفنت بالبقيع، ولها 84 سنة.
- زينب بنت جحش رضي الله عنها وهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت
تحت زيد بن حارثة الذي كان يعتبر ابنا للنبي صلى الله عليه وسلم فطلقها زيد، فلما
انقضت العدة أنزل الله تعالى يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم :
(( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا )) ، وفيها نزلت من سورة الأحزاب آيات فصلت قضية
التبني ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة ،
وقيل سنة 4هـ، وكانت أعبد النساء وأعظمهن صدقة ، توفيت سنة 20هـ ولها 53 سنة ،
وكانت أول أمهات المؤمنين وفاة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى عليها عمر
بن الخطاب رضي الله عنه، ودفنت بالبقيع.
- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها : كانت في سبي بنى المصطلق فقضى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كتابتها، وتزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بني المصطلق،
فكانت أعظم النساء بركة على قومها ، توفيت في ربيع الأول سنة 56هـ، وقيل: 55 هـ
ولها 65 سنة.
- أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها : ارتد زوجهاعبيد الله وتنصر في الحبشة،
وتوفي هناك ، وثبتت أم حبيبة على دينها وهجرتها، فكاتب النجاشي في المحرم سنة
7 هـ ، فخطبها وزوجها إياه وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ، توفيت سنة 42 هـ،
أو 44هـ، أو 50هـ.
- صفية بنت حيي بن أخطب سيد بن النضير رضي الله عنها : كانت من سبي خيبر، فاصطفاها
رسول الله صلى الله وعليه وسلم لنفسه، وعرض عليها الإسلام فأسلمت، فأعتقها وتزوجها
بعد فتح خيبر سنة 7هـ ، توفيت سنة 50 هـ وقيل: 52هـ، وقيل 36 هـ ودفنت بالبقيع.
- ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها : تزوجها في ذي القعدة سنة 7 هـ، في عمرة القضاء،
وقد توفيت بسرف سنة 61 هـ، وقيل 63، وقيل 38 هـ ودفنت هناك ، ولا يزال موضع
قبرها معروفا.
~*¤®§ ][^*^] موطن وفاته [^*^][ §®¤*~
توفي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة في يوم الاثنين 12 ربيع الأول
سنة 11هـ، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة .
مولد خير البرية مع صفحات من حياته [^*^][ §®¤*~
~*¤®§ ][^*^] مولـــده [^*^][ §®¤*~
ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع
الأول عام الفيل ، وكانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم
ابتعادا لهم عن أمراض الحواضر ولتقوى أجسامهم ، وتشتد أعصابهم ، ويتقنوا اللسان
العربى في مهدهم ، وكانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه
وسلم التي أرضعته وكانت تحدث عن ذلك قائلة ..
خرجت من بلدي مع زوجي نلتمس الرضعاء في سنة شهباء ،فخرجت على أتان لي
قمراء معنا شارف لنا ، والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ،
من بكائه من الجوع ، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك ، حتى
قدمنا مكة نلتمس الرضعاء ، فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه
وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي ، فما
بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري ، فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي :
والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم
فلآخذنه ، فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره ..
فلما أخذته رجعت به إلى رحلي ، وارضعته وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام
معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه
حتى انتهينا ريا وشبعا ، فبتنا بخير ليلة .
قال صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة
فقلت : والله إني لأرجو ذلك
ثم قدمنا منازلنا وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا
به معنا شباعا لبنا ، فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن حتى كان الحاضرون من قومنا
يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب .
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه
الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا ، فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على
مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه وقلت لها :
لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وبأ مكة ، فلم نزل بها حتى ردته معنا .
: