إنسانية الرسول الكريم
هو الإنسان بما تحويه الكلمة من معاني. قال الله سبحانه وتعالي:
"لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" "التوبة: 128".
هكذا كان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم لا يؤذي أحدا بلسانه أو بيده. فعن ابن علي رضي الله عنهما قال سألت أبي عن مخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف يصنع؟ فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم يطوي عن أحد منهم بسره وخلقه ويتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا لكل حال عنده عتاد وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة وإنسانية الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم في كل شئ حتي مع الأطفال والحيوان والنبات. فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله صلي الله عليه وسلم.
وفي هذا الموضوع الكثير والكثير. بل هو رحمة للعالمين فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه ذكر النبي صلي الله عليه وسلم فقال: "لا والله ما كان يغلق دونه الأبواب ولا يقوم دونه الحجاب ولا يعزي عليه الجفاف ولا يراح عليه بها ولكنه كان بارزا من أراد أن يلقي نبي الله لقيه.
هكذا كانت صفات الرسول الكريم لا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له حاجته. وكان يعامل الخدم معاملة حسنة. فعن أنس رضي الله عنه قال "خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط وما قال لشئ صنعته لم صنعته ولا لشئ تركته لم تركته.
وعن أنس رضي الله عنه قال: خدمت النبي صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما بني سبة قط ولا ضربني ضربة ولا انتهرني ولا عبس في وجهي ولا أمرني بأمر فتوانيت فيه فعاتبني عليه فإن عاتبني أحد من أهله قال: "دعوه فلو قدر شئ كان".
والرسول الكريم عامل الرقيق معاملة حسنة وأمر بعتق الرقاب وتحرير الإنسان وحقوق المرأة» فعن أنس رضي الله عنه قال: كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين يقال له أنجشة فاشتد في السياقة فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم "يا أنجشة رفقا بالقوارير".
هكذا الرحمة بالضعيف فهو رحمة. وينهي عن الإسراع بالسير لئلا يفضي ذلك إلي السقوط. فالرسول الكريم في منهجه فكر نير ومستنير في معاملته للبشر جميعا قضي حياته مجاهدا لحرية الرأي والكلمة والأخلاق الحميدة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي صلي الله عليه وسلم الحسين بن علي رضي الله عنها وعنده الأقرع بن حابس فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال: من لا يرحم لا يرحم.
هكذا رحمة الرسول صلي الله عليه وسلم فحبنا للحبيب محمد صلي الله عليه وسلم نابع من قلوبنا ونفديه بكل شئ. بل هو الرحمة المهداة والنور الساطع شمس سماء الأنوار وقطب فلك الأخلاق فهو علي الخلق العظيم حيث قال الله سبحانه وتعالي: "وإنك لعلي خلق عظيم". "القلم: 4".
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم منتصرا من مظلمة قط ما لم تكن حرمة من محارم الله وما ضرب بيده خادما ولا امرأة قط.
فالرسول الكريم لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صاخبا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة.
وصفات هذا النبي الكريم كما قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: سألت عليا رضي الله عنه كيف كان سكوت رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: كان سكوته علي أربع: علي الحلم والحذر والتقدير والتفكير. فأما تقديره في تسوية النظر والاستماع بين الناس. وأما تفكيره فيما يبقي ويفني. وجمع له الحلم في الصبر. فكان لا يغضبه شئ. وجمع له الحذر في أربع: أخذه بالحسني ليقتدي به. وتركه القبيح لينتهي عنه. واجتهاد الرأي بما يصلح أمته. والقيام لهم بما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة.