المولد و الميلاد لا ينتهي و لا يتوقف

و المولد بصورته الشعبية و ما نرصده من واقع قشري صورة عامة للمجتمع نفسه ككل بكل فئاته و تنوعاته
فمجتعية المولد لا يمكن حسابها علي التصوف وحده بل علي المجتمع أولا بسلبياته و ايجاباياته
و المولد في الشارع يحمل سلبيات الشارع و ايضا فرحه
فالمولد تقليد شعبي لشعب أغلبيته أمية و فلاحين و تاريخ شعبي
يذهبون للبندر في رحلة فرح و سمر و ايمان بسيط تبهره المدينة و لا يستطيع ان يسايرها مهما كانت خبرته و يقع فريسة كثيرا لمكر اولاد البندر و شقاوتهم فالفلاح البسيط الذي يحتمل شمس الغيطان علي رأسه طوال العمر و ينام مع زرايب مواشيه طوال العمر و لا يغيب ربه عن عينه في تقديس لمعجزة الزرع و الحصد و التوالد و التكاثر و النمو و الحيوية المعجزة يعيش في مولد ايمان طوال العام مرتبطا بالشمس و القمر في زراعته و بالتالي فارتباطه بالسماء لا يمكن ادراكه الا من خلال التجربة الفلاحي نفسها التي تتعامل مع ربها كل لحظة من خلال تجربة الغيط او او الحقل يجد قدرة ربه في كل بذرة نثرها و شاهدها و حصدها و اطعمها له ربه الذي يناجيه ليل نهار طول العام بكلمة يارب و لا يشرك به كيف و هو معه دائما في مشاهدة فعليه للرب الذي خلق و يذهب للمولد لإنسان مثله لكن اكثر نقاءا و رتبة و درجة اعطاها له الله من خلال النص و الأية و الحديث و القلب الفلاحي البسيط يحب آبناء النبي كما يحب ابناؤه و بناته من داخل قلب الأب او العم و الخال فترتيب العائلة عند الفلاح و البيت و المنزل تركيب اجتماعي اولا في محيط قريته هو ابن من و أب لمن و اسرة كذا و عائلة فلان
قيمة اجتماعية بحته يراها الفلاح البسيط في آل بيت النبي و فضيلة نتوارثها في مشارقنا و مغاربنا علي السواء بالإنتماء لأسرة أو قبيلة أو هكذا لذا يزداد حب آل البيت في القري بحكم تقدير دور الأسرة المتزايد كموضوع اجتماعي تبدو اشاراته جلية في المجتمعات البسيطة و حتي الصحراوية منها و تخفي قليلا في المدن لتباعد الروابط و الأصول و لكنها تحظي باهتمام القلة و لا تندثر فتوجد عائلات سياسية و مالية و فنية و هكذا
هذا غير ان الأسرة الهاشمية نفسها متداخلة كثيرة مع الملايين من انسابنا و عروقنا بحكم ألف و ربعمائة سنة و هجرات الأسرة المترامية لأسباب معظمها سياسي قديم رآها بعض المفكرين أنه صراع عرقي ورآه العارف بأنه مقتضي كوني و سر وجودي ليتجاوز بذلك حدود الواقع نفسه الي شهود ربه و الحياة معه لا مع مانراه و نظنه و هو انفصال القلب للحبيب عن كل العلائق و المظاهر و الرؤية بالبشارة و الفرح و الفرار الي الله
ففي كل وجه للحبيب مطالع

الإختلاط الفلاحي في القرية يعرف الناس بعضهم البعض فهم اشبه بأسرة يعرف كل الآخر فهذا ابن فلان و هذه زوجة علان و بنت علان تزوجت ابن فلان و هكذا لا يخفي عن أهل القرية بعضهم البعض فالناظر في خيمة الفلاحين يتخيل انهم غرباء و هم علي غير ذلك متعارفين متوادين و ساخرين غير متحفظين بحكم تعارفهم
اما الإختلاط في المدينة فهو بين من لا يعرفون بعضهم البعض و بالتالي فله نسقه و قواعده المختلفة المتكلفة و الجامدة و البائسة كثيرا
فاهل المدن لا تتجاوز معارفهم بعض الحارة و القليل من الجيران فتخلف اشياء كثيرة حتي علي مستوي عدالة المجتمع نفسه مع نفسه و بصبح دور الدولة و القانون اكبر و اخطر
علي غير القرية التي يديرها عمدة واحد و يخضع له الكل في اجلال و توقير و قيم مصرية قديمة و تسامح فلاحي يحول الفلاحي الي نقطة جذب و اصلاح بالفطرة لكل الطوائف المتعبة و كم كانت الموالد بدايات لكثير من الأشقياء و المجرمين لرحلة نورانية جديدة و لمست ذلك بنفسي كثيرا فكم من الضائعين تعرفوا علي رجل صالح او ام كريمة في ليلة تبدأ بعدها الهداية وروح الإيمان في التسرب الي قلوب غافلة او ضائعة
و كثيرا ما سمعت من اميين ان المولد عالم صغير وان العالم مولد كبير
و يمكن قراءة كلاهما بنفس واحد