من كلام الامام أبو العزائم فى تفسير الصلاة
العدد الخامس من مجلة السعادة الابدية – 15 ربيع أول سنة 1338 – السنة السابعة
من كلام الامام أبو العزائم فى تفسير الصلاة
التفسير
آداب من يقيم الصلاة
قال أبو الدرداء رضي الله عنه
من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته قبل دخوله فى الصلاة
ليدخل فى الصلاة وقلبه فارغ
ففي الخبر إنما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها.
وقال الحسن
كل صلاة لا يحضرها قلبك فهي إلى العقوبة أسرع منها إلى الثواب
وروي أن سيدنا عمر رضي الله عنه قال على المنبر
أن الرجل ليشيب عارضاه فى الإسلام وما أكمل لله تعالى صلاة
قيل وكيف ذاك
قال لا يتم خشوعها وتواضعها وإقباله على الله تعالى فيها .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من تشعبت به الهموم لم يبال الله تعالى فى أي أوديتها هلك
وسئل أبو العالية عن قوله تعالى (الذين هم عن صلاتهم ساهون)
قال هو الذى يسهو فى صلاته فلا يدري على كم ينصرف على شفع أم على وتر
وسئل الحسن عن ذلك فقال
هو الذى يسهو عن وقت الصلاة حتى يخرج وقتها
وكان يقول أما والله لو تركوها لكفروا ولكن سهو عن الوقت
وقيل هو الذى لا يرى تعجلها برا ولا تأخيرها أثما
ويقال أن الصلوات الخمس يلفق بعضها إلى بعض حتى يتم بها العبد صلاة واحدة
وأن الله تعالى ليستوفى من العبد ما أمره به كما فرضه عليه
وإلا تممه من سائر أعماله النوافل
لأنه سبحانه ما فرض على العبد إلا ما يطيقه بعونه
إذ لم يكلفه رحمة منه سبحانه إلا بما يطيقه
وفي الخبر يقول الله تعالى لا ينجو مني عبدي إلا بأداء ما افترضت عليه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم من صلى كما أمر غفر الله له ما تقدم من ذنبه.
وقد روي فى خبر يقول الله تعالى ليس كل مصل أتقبل صلاته
إنما أتقبل صلاة من تواضع لعظمتي وخشع قلبه لجلالي
وكشف شهواته عن محارمي وقطع ليله ونهاره بذكري
ولم يصر على معصيتي ولم يتكبر على خلقي
ورحم الضعيف وواسى الفقير من أجلي
على أن أجعل الجهالة له حلما والظلم له نورا
يدعوني فألبيه ويسألني فأعطيه ويقسم على فأبره
أكلؤه بقوتي وأباهي به ملائكتي
لو قسم نوره على أهل الأرض لوسعهم
مثل كمثل الفردوس لا يتسنى ثمرها ولم يتغير حالها.
ومن صلى صلاة وراء إمام فلم يدر ماذا قرأ فهو نهاية السهو
فإنه تارك الأمر للاستماع فيخاف عليه مجانبة الرحمة
لأن الله تعالى ضمن له الرحمة بشرطين الاستماع والإنصات
قال الله تعالى
(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)
وروينا فى خبر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فترك قراءته
فلما انفتل قال ماذا قرأت فسكت القوم فسأل أبي بن كعب
فقال قرأت سورة كذا وتركت آية كذا فما أدرى أنسخت أم رفعت
فقال أنت لها يا أبي ثم أقبل على الآخرين
فقال ما بال قوم يحضرون صلاتهم ويتممون صفوفهم ونبيهم بين أيديهم
لا يدرون ما يتلى عليهم من كتاب ربهم
إلا أن نبي إسرائيل كذلكم فعلوا فأوحى الله إلى نبيهم
أن قل لقومك تحضروني أبدانكم وتعطوني ألسنتكم
وتغيبون عني بقلوبكم باطلا ما تذهبون.
والاستقامة فى الصلاة أن لا تطول عليك لوجود الحلاوة ولذة المناجاة وحسن الفهم واجتماع الهم
ولا تعسر عليك لتيقظك فيها ورعايتك حدودها وحسن قيامك بها
وهذه مراقبة المصلية ومشاهدة الخاشعين
.
حكمة تسميتها بالصلاة
سميت الصلاة صلاة لأنها صلة بين العبد وبين الله عز وجل ومواصلة من الله تعالى لعبده ولا تكون المواصلة والمنال إلا لتقي
قال الله تعالى (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)
ولا يكون التقي إلا خاشعا والخاشعون من المؤمنين
هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر الحافظون لحدود الله
جزاؤهم البشرى كما قال الله تعالى (وبشر المؤمنين)
والخاشعون أيضا الخائفون الذاكرون الصابرون والمقيمون الصلاة
فإذا استكملت هذه الأوصاف فيهم كانوا مخبتين
وقد قال الله سبحانه وتعالى (وبشر المخبتين)
وكان الربيع يقول ما دخلت فى صلاة قط فأهمني فيها ما أقول وما يقال لي
وكان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلين
وقيل له ذات يوم هل تحدث نفسك فى الصلاة بشيء
قال نعم بوقوفي بين يدي الله عز وجل ومنصرفي إلى إحدى الدارين
قيل فهم تجد شيئا مما نجده فى أمور الدنيا
فقال لأن تختلف الأسنة فى أحب إلى من أجد شيئا فى الصلاة مما يجدون
وكان يقول لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا
وقال بعض المصلين الصلاة من الآخرة
فإذا دخلت فى الصلاة خرجت من الدنيا
وسئل بعضهم هل تذكر فى صلاتك شيئا
قال وهل شيء أحب إلى من الصلاة فاذكره