مخاطبة 3
يا عبد قف بيني وبين أوليائي لتسمع عتبي وعتابي ولترى لطفي وقربي ولتشهد حبي لهم لا يدعهم أن يرجعوا عني
ولا يخلى بين غفلاتهم وبينهم عن ذكرى لأني أنا اصطنعتهم لمناجاتي وأنا صغتهم لتعرفي ولأنني أنا صغتهم واصطفيتهم لودي.
يا عبد انتقل بقلبك عن القلوب التي لا تراني، إن لي قلوباً أبوابهم إلي مفتوحة وأبصارهم إلي ناظرة تدخل إلي بلا حجاب
هي بيوتي التي فيها أتكلم بحكمتي وفيها أتعرف إلى خليقتي
فانظر قلبك فإن كان من بيوتي فهو حرمي فلا تسكن فيه سواي لا علمي فليس علمي من بيوتي ولا ذكرى
فليس ذكرى من بيوتي، إنك إن أسكنت فيه ساكناً حجبتني فانظر ماذا تحجب.
يا عبد انظر ما آتيتك من علم ومعرفة وما آتيتك من ذكر وموعظة وما آتيتك من حكمة وتبصرة
فاجعل ذلك حرساً على أبواب قلبك وحجاباً لسواي عنه.
يا عبد إذا عراك أمر فكله إلي أكفك عقباه وعاجلته.
يا عبد أنا لما عراك خير من فكرك وأنا على ما طرقك أقوى من دفعك.
يا عبد انتقل ببطنك عن بطون المترفين ذوي الشهوات المحجوبات عن الكرامات وذوي الارادات الموصولات بالمهانات.
يا عبد إذا انتقلت بقلبك وبطنك ألبستك لباس الصبر العاصم فآتيتك في كل شيء حكمته فتثبت على مرادي منك فيه
فإن تكلمت فبنصري وحجتي وإن سكت فعلى بينة مني.
يا عبد إن انتقلت بقلبك قبل بطنك رجع قلبك، وإن انتقلت ببطنك لم ترجع قلبك.
يا عبد اجعل بطنك كبطون الصالحين أجعل قلبك كقلوبهم.
يا عبد إن انتقلت ببطنك انتقلت عن أعدائي، وإن انتقلت عن أعدائي فأنت من أوليائي.
يا عبد من عندي إلى الأشياء وإلا أخذتك، ومن عندي إلى لا من الأشياء إلي وإلا صحبتك.
يا عبد إن صحبتك الأشياء قطعت بك.
يا عبد سبقت إليك بتعرفي إليك اجتباء ولا أشياء بيني وبينك، ثم أظهرت لك الأشياء ابتلاء
فأقم في مقام اجتبائي لك أقم بك في مقام ابتلائي لك.
يا عبد كن عندي لا عند شيء فإن ذكرك بي شيء أو جمعك على فإنما ذكراك بي لتتساه لا لتنساني
ولتكون عندي لا عنده، وإنما جمعك علي لتتفرق عنه لا عني.
يا عبد إذا أوجدتك حكومة الصبر في شيء فقد جعلت لك العافية فيه.
يا عبد انظر إلى صفتك التي فيها أظهرتك وبها ابتليتك تنظر إلى ما بيني وبينها خطاب ولا بينها وبيني أسباب
فتعلم أنك مخاطبي لا هي.
يا عبد أظهرتك لتدأب فيما سترك عني فلا بنيتك وصنعتك لتقبل وتدبر فيما فرقك عن محادثتي.
يا عبد لا تعتذر فمخالفتي أعظم من العذر، وإن تعتذر فكرمي أعظم من الذنب.
*