هذه القصيدة للسيد محمد مهدي بهاء الدين الصيادي الرفاعي الحسينـي الشهيـر بالـرواس رضـي الله عنـه وارضـاه من ديوانه مشكاة اليقين يقول :
وقلت عن دهشة شرود في مقام مشهود :
هنيئأ لعبـد طيـب الحـب قلبـه* وقام لـه مـن سـر ذلـك حـالُ |
لعمرك ما كل النساءِ وإن مشـت* نسـاءٌ ولا كـل الرجـال رجـالُ |
هم القـومُ أدناهـم إليـه حبيبُهـم* لمعنـاه فيهـم رونـق وظــلالُ |
إذا جئت للوادي رأيـت خيامهـم* ولاح لأسلـوب الجمـال مـثـالُ |
يئنون ليـلا مـن صميـم قلوبهـم *وللشوق في طي القلـوب نِصـالُ |
تراهم على الأعتاب باللهفِ خُضّعا *تحط لهم فـوق الرِحـالِ رِحـالُ |
خِفافٌ إذا يدعوهـم الحـبُّ للهوى* ولكـن لأقـوال السـوى فثِـقـالُ |
فهم ضمن أبراج النجومِ نجومُهـا *وهـم للجبـالِ الراسيـاتِ جبـالُ |
فكم فُرِّجت فيهم عن الناسِ كُربـةٌ* وحُـلَّ بهـم للعاشقيـن عـقـالُ |
يذوبون إن طلـت خيـام حبيبهـم* وإن لاح من تلـك الخيـام خيـالُ |
ومن عجب إن نهنه الشوق سلَّموا *خشوعاً وإن سام المعارضُ صالوا |
لهـم شِيَـمٌ قُدسيـةٌ جـلَّ شأنُهـا *وحالٌ ومن طور الرسولِ خِصـالُ |
دعاهم ملح العشق من ملك ذاتهـم *فمالـوا لداعيـهِ الكريـم وقالـوا |
ولمّا سرينـا والدياجـي طموسـةٌ *وللطيرِ ما بين الغصـونِ زجـالُ |
ورفَّ من الليلِ المُغَلغِـلِ سّجفُـهُ *وشوهد ما بيـن الطلـولِ هـلالُ |
جثَونا انكسـارا خاشعيـنَ لعِـزِّهِ *بـذُلٍّ وللـحـبِّ العـزيـزِ دلالُ |
وخاطبني من أيمـن الحـي قائـلٌ *يُقال بكـم مُضنـى فقلـتُ يُقـالُ؟ |
فقال على المُضنى يُصالُ تهجُّمـاً *بشرع الهوى معنى فقلت يُصـالُ؟ |
فقال يُهـالُ القلـبُ منـهُ إذا رأى* علامـةَ هجـرانٍ فقُلـتُ يُهـالُ؟ |
فقال يُخالُ المـوتَ فـي وجَناتـهِ *غراماً لمن يهـوى فقلـتُ يُخـالُ؟ |
فقال يُسالُ الدمعُ من بحـرِ جَفنـهِ *إذا ما رأى الوادي فقلـتُ يُسـالُ؟ |
فقال يُغـالُ الجسـمُ منـه تلهّفـا *لآرام واديـنـا فقـلـتُ يُـغـالُ؟ |
فقال يُحال الدمع منه كمـا الدمـا * ويحفـرُ أخـدوداً فقلـتُ يُحـالُ؟ |
فقال ينالُ الوصلَ إن كـان هكـذا *فبشـرهُ يـا هـذا فقلـت ينـالُ؟ |
مسيكين قلبي ذابَ من لوعة النوى *ووالاه جـمـرٌ لاهـــبٌ وزلالُ |
وبيني وبين البين حـرب سجالهـا *ملـح وفـيـه ضـجّـةٌ وقِـتـالُ |
وعيني عداها النومُ لم تألف الكرى *وعزمـي محـاهُ يـا هذيـم زوالُ |
تعلّمَ مِنّي رِقةَ الشِعرِ في الهـوى *محبٌّ ليدري الشعرَ كيـف يُقـالُ |
جمالُ غرامـي للأحبـةِ أزمعـت* فأدهشهـا بيـن الطلـول جمـالُ |
تجارةُ شوقي كلها الدينُ والهُـدى *وفي طي زعم العاذليـن ضـلالُ |
لهم مثلما عندي من الوَجدِ والضنا *كـلالٌ وعـزمٌ فـاتـرٌ ومــلالُ |
وإني شهيدُ الحُبِّ في معرك النوى * قتيلٌ على ضعفي الأحبة صالـوا |
إذا قلتُ يـا قـوم حـرامٌ تـأودوا *بقتلـي يقولـون اتئـد فـحـلالُ |
وما كنتُ أدري قتلَ من دينُهُ الهوى *حـلالٌ ولكـن قيـل ذاك يُـقـالُ |
صبرنا ، رضينا ما حيينا بحكمهـم *لهم كيف شـاؤوا عِـزةٌ وجـلالُ |
فإن قتلـوا مِتنـا وطبنـا بأمرهـم *وإن هـم يقيلونـا هنـاك نُـقـالُ |
ومـا ديننـا إلا رضاهـم وحبهـم* وللحب ما بين الصفـوفِ رجـالُ |