ومن كراماته رضي الله تعالي عنه مما حكاه تلميذه الشيخ الفقية الولي الصالح سيد أبو مهدي الفجيجي الشريف أنه قال بينما نحن جلوس مع شيخنا رضي الله عنه بعد صلاة الصبح وقد جاءه رجل من اخوان مكناسه وقال له ياسيدي أنا رجل فقير ذو عيال قاطن بجواركم بمقربة من المدينة ولي بقرة واحدة رغوث لا أملك غيرها ياتدم بلبنها العيال فجاء اليها البارحة أسد وافترسها بالوادي الذي بازائنا فلما سمع الشيخ منه هذا الكلام احمر وجهه وقال له إن الله سبحانه وتعالي لا يسلط الآسد علي من هو بجوارنا فاذهب الي الوادي فانك تجد بقرتك هناك إن شاء الله تعالي والآسد يرعاها لك فذهب الرجل مسرعا من حينه ثم رجع بعد صلاة العصر ودخل علي الشيخ ونحن جلوس بين يديه وقد اخبر أنه لما ذهب إلي الوادي وجد بقرته ترعي هناك والآسد واقفا بازائها فلما رآني الآسد ذهب عنها فتعجبنا من قدره الله تعالي ومن بركته ومن كراماته رضي الله تعالي عنه ماحكاه تلميذه سيدي محمد ابن عمر بن داود المختاري رضي الله تعالي عنه قال كنت جالسا بين يدي شيخنا وقد جاءة شاب فقيه من أهل مكناسه ومن أعيانها وعليه أثر الغيار فجلس أمام الشيخ وصار يبكي بكاء شديدا فقال له الشيخ ما يبكيك يافقيه فأخبره أن والده سار الي رحمة الله سبحانه وتعالي وله مدة يسيره وقد رأيته البارحه في النوم وذكر لي أنه يعذب في قبرة وقد أمرني بالتوجه إليك لعلك أن تدعو الله له أن يخفف عنه العذاب فقال له الشيخ نعم وبسط كفيه وقال اللهم بجاه سيدنا ومولانا محمد صاحب الجاه العظيم عندك أن تخفف عن والده العذاب وأمنا نحن علي دعائه ثم إن الشاب قبل يد الشيخ وقام وهو مسرور وأيقن بالفرج لما يتحقق من إجابة دعائة رضي الله تعالي عنه ثم بعد ثلآثة أيام أقبل ا لشاب الفقية المذكور الي الشيخ عند الصبح وصلي معنا خلف الشيخ وعليه آثار الفرح والسرور فلما انقضت الصلاة قام الشاب وجلس أمام الشيخ وقبل يده المباركة وقال له ياسيدي البارحة أيضا رأيت الوالد وهو في غاية السرور وعليه عباءة خضراء وقال لي ياولدي قد رفع عني العذاب والحمد لله وذلك من بركة دعاء الشيخ رضي الله عنه فعليك يابني باتباعه وصحبته وبالدخول في طريقته ثم إن الشاب المذكور دخل في طريقة الشيخ بالعهد والصحبة وصار من المفتوح عليهم بالولاية وهذا الشاب الفقية هو الشيخ سيدي احمد بن عمر بن المبارك الحصيني رضي الله تعالي عنهما ومن كراماته الشائعة رضي الله تعالي عنه ما حكاه تلميذه الشيخ الولي الصالح سيدي موسي بن عمران المختاري قال ولقد حضرت يوما عند شيخنا سيدي محمد بن عيسي وقد جاءته أمرأة وكانت من معارفنا وطلبت الاذن في الدخول اليه فاذن لها فدخلت وسلمت ثم تأخرت وكانت هذه المرأة من الصالحات فقالت له ياسيدي أنا أمراة غربية من مدينة طنجة ولي ولد واحد ليس لي غيره وقد أسره الافرنج وصارت تبكي بكاء ما عليه من مزيد شوقا لولدها فصبرناها فلم تصبر فرق لها خاطر الشيخ من الرأفة والحنانة التي أودعهما الله في قلبه فبسط يديه الي ربه وقال اللهم بجاه سيدنا ومولانا محمد عبدك ورسولك أن تخلص ابن هاته المرأة من الآسر بفضلك واحسانك ثم قال لها ياأمه الله اعلمي أن الله قادر علي خلاص ابنك فارجعي الي بلادك وادخلي دارك فتجديه هناك ان شاء الله تعالي فخرجت المرأة المذكورة وذهبت الي دارنا وباتت عندنا تلك الليلة ومن الغد ركبت دابتها وسارت الي بلدها فلما وصلت ودخلت الدار وجدت ابنها هناك كما قال الشيخ رضي الله تعالي عنه وقد حصل لها من الفرح والسرور شيء كثير وقد سألت ابنها عن سبب خلاصه من أسر الافرنج ومن أتي به الدار فقال لها اعلمي ياأماه أنه ليس عندي من العلم شيء غير اني كنت مقطنا بقطينه ومقيد بالقيود معي حارسان يحرساني وقد كنت نائما فاستيقظت من نومي ونظرت الي الحراس فوجدتهما نائمين واذا برجل قد دخل علي ومعه عبدا اسود وقال لي لابأس عليك ودنا مني وفك القطينة من عنقي وأزال القيود عني ثم التفت الي ذلك الرجل الآسود وقال له ياعبد الله احمل هذا الشاب الي دارهم بطنجة فقال له نعم ياسيدي فحملني ذلك الرجل وأنا لم أشعر بشيء الي أن وضعني في الدار هنا وهذا آخر خبري وهذان الرجلان ما كنت اعرفهما ولا رأيتهما سابقا منذ عقلت فقالت له أمه صف لي صفة هذا الرجل الذي حل قيودك فوصفة لها فكانت الصفة التي وصفها الشاب لآمه منطبقة علي الشيخ ابن عيسي رضي الله تعالي عنه ثم إن المرأة المذكورة بعد أيام قلائل جاءت الي دارنا وجاء ولدها معها بقصد التشكر الي الشيخ فباتت عننا تلك الليلة وقد طلبت من أن نستأذن لها الشيخ في الدخول هي وولدها فذهبنا جميعا الي الشيخ واستأذنته فاذن لهما دخلا وسلما فنظر الولد الي الشيخ وصاح بر فيع صوته قائلا ياأماه هذا السيد هو الذي فك عني القيود حين كنت في بلاد الافرنج فنهره الشيخ وقال له اسكت فان الذي خلصك هي قدره الله سبحانه وتعالي فتعجب الحاضرون من ذلك غاية العجب ثم إن الشيخ التفت الينا ونحن متعجبون فقال لنا أتعجبون من قدرة الله سبحانه وتعالي ثم أن ذلك الغلام تاب علي يد الشيخ توبة نصوحا وصار من أتباعه ثم سافر مع أمه الي بلده وكان كثير الزيارة الي الشيخ وهو عهلي أحسن حال وخيره في ازدياد ومن كراماته المتواترة عن أهل مكناسه الزيتون أن قافله أتت من مدينة فأس ببضائع يتجرون فيها فنزل أهلها هناك بمدينة مكناسه واستراحوا بها ثم ذهبوا قاصدين زيارة الشيخ والتماسالبركة منه رضي الله تعالي عنه وكان قد أتي مع اهل القافله يهودي خلفوه يحرس البضاعة لهم وتوجهوا نحو الشيخ فلما وصلوا اليه استأذنوه في الدخول فاذن لهم فدخلوا وسلموا عليه وطلبوا منه الدعاء فدعا لهم بالخير والبركه ثم قال لهم أين الرجل الذي أتي معكم فقالوا له ياسيدي ليس معنا أحد سوي ذمي يهودي تركناه عند رحالنا فقال أئتوني به الساعة فقام واحد من الجماعة واتي بالذمي وخلفه خارج الزاوية فدخل واخبره فأمر بادخاله فلما نظر له الشيخ ونظر هو للشيخ سقط مغشيا عليه طريحا بين يديه فوضع الشيخ رضي اله عنه يده علي صدر الذمي ففاق من غشيته ونطق بكلمتي الشهادة فاسلم وحسن اسلامة وما قام من بين يديه الا وهو ملحوظ وقلبه من موارد الشك محفوظ وقد صار من عباد الله الصالحين المقربين ومن كراماته رضي الله تعالي عنه أنه اذا وضع راحته علي ذي مرض أو عاهة يجد الفرج من ساعته ويبرأ من علته بفضل الله سبحانه وتعالي منها ما اخبرني به شيخي سيدي الحاج عبد السلام براد رضي الله عنه أن الشيخ رضي عنه قد أؤتي برجل به فتق عظيم تنزل امعاوه في مذا كبيره وترجع تاره بتارة وهو مستمر علي هذا الحال الي أن نزلت له نزولا عظيما ولم ترجع وطال أمر ه واشتد كربه وبقي ملقي علي يفراشه وليس له حركه ولا تنفس كالميت وان الموت اقرب اليه من الحياه ثم أن أقاربه أتوا به محمولا ووضعوه امام الشيخ واعلموه بحاله فرق له ووضع يده المباركه علي بطنه ودعا له بالشفاء وصار ينظر اليه نظرا قويا تثم ادخل يده تحت رأسه وقال له قم بحول الله وقوته فاذا بالرجل قد استوي جالسا وكأنه لم يكن به شيء البته وبريء من علته براءا تاما ولم يعد اليه ذلك أبدا الي أن توفي وذلك من بركة الشيخ رضي الله تعالي عنه وهذه الكرامة شبيهة بالكرامة التي حكاها شيخ الطريقة بالقطر الافريقي سيدي علي الشريف رحمة الله قال وحدثني من أثق به وهو أبو عبد ا لله محمد قادربرني الحنفي ترجمان الديوان بتونس قال اني أخذت الطريقة العيساوية عن عمك السيد الشريف ابي العباس احمد بزاوية الشيخ البركه سيدي علي دبوز الكائنة بدرب العسال من ربض باب السويقة وكنت مولوعا بقراءة قصيدة البردة بالميعاد في الزاوية هناك فذهبت للزاوية يم الجمعة علي عادتي لآجل الميعاد ولم نعلم ما جني لي من الغيب وكان بي مرض الفتاق من حاله الصفر مدة تزيد علي تسع وعشرون سنة وكنت اشد عليه بالحزام الحديد لعظمة وكثرة ألمه قال فدخلت الزاوية المذكورة وجلست في موضعي الذي عادتي نجلس فيه واستفتحنا قراءة القصيدة المذكورة ومددت بها صوتي فخرج علي الفتاق من تحت الحزام خروجا لم نعهده سابقا وانجر الي الكيس فلمسته فاذا هو أصلب من الرصاص فاردت أن نرجعه فلم يرجع وعظم بي الحال الي أن أشرفت علي الهلاك فاسندت ظهري الي حائط الزاوية وأنا أعالج سكرات الموت حتي انقضي الميعاد وانفصل ولم يعلم احد من الفقراء ما حل بي وخرج الاخوان كلهم من الزاوية ولم يبق بها إلا نزر قليل والشيخ باق في مكانه جالسا فالتفت الي وقال لي يا أبا عبد الله قد أعجبك الجلوس هنا فقلت له ياسيدي انني في كرب عظيم مما أصابني من هذا الداء العضال ولا يمكنني الذهاب الي منزلي فنادي بأعلي صوته علي بقية الفقراء الخارجين من الزاوية وقال لهم احملوا أخاكم الي منزله قال فاتوا وحملوني بين ايديهم حتي وصلنا الي منزلي وكان بقرب الزاوية فقرعوا الباب فخرج صهري للفقراء أبو عبد الله محمد عيوازا الحنفي فقال لهم ما تريدون ياأسيادي فقالوا له قد أتينا بصهرك سيدي محمد وانه مريض ففزع من ذلك فزعا عظيما وأدخولني الدار وقالوا لي ربنا يخفف ما نزل بك بحرمة شيخنا سيدي محمد بن عيسي وقراءوا لي فاتحه الكتاب وذهبوا الي منازلهم فلما ذهبوا دخل علي أهل الدار من النسوة فلما نظرن حالي أشفقن علي وصار جميع منن في الدار يبكي ويقول هذا الرجل لا يصبح عليه الصباح ثم اني ناديت علي صهري محمد المذكور وقلت له أخرج علي الناس من البيت فقد شوشوني وأنا مشتغل بنفسي فخرج جميع من في البيت ولم يبق فيه احد سوي صهري المذكور فنظرت له وقلت له أوصيك بااولادي خيرا لانك جدهم وليس لهم أحد غيرك فبكي بكاء شديدا وقال لي الله تعالي لا يعدمنا فيك وخرج من البيت يبكي ثم إنه اخذتني سنة من النوم ونمت فرأيت الباب مفتوحا فلما رأيته سألت عنه وقلت من هذا الرجل الواقف عند باب الزاوية فأخبرت أنه الشيخ سيد محمد بن عيسي نفعنا الله به آمين فلما وقع بصره علي قال لي يامحمد ادخل الي الزاوية واجتمع مع اخوانك فقلت له لا عدت ادخلها مادمت حيا فقال لي لماذا قلت له البارحه كدت أموت فيها فقال لي ادخل ولا بأس عليك فذهبت مسرعا ولم نلتفت لكلامه فقال لي يامحمد ارجع وادخل الي الزاوية وإلا أرم عليك هذا وكان في يده حزمة عصي مربوطة الطرفين فقلت ارم ما تريد وأما دخول الزاوية فلا سبيل اليه فلما رآني مصمما علي عدم الدخول عمد الي الحزمة المربوطة واخرج منها عصاة واحدة ورمي بها الي فلما وصلتني نظرتها فاذا هي ثعبان عظيم فقلت له ياسيدي هذا الثعبان لا يخوفني فقال لي لماذا فقلت انا من اصحاب الشيخ سيدي محمد بن عيسي فقال لي اذا كنت صادقا فيما ادعيت اقبض عليه بيدك فقبضت عليه ووضعته علي عنقي وهو ينظر فقال لي الحق معك وانك مريدي ادخل الزاوية ولا بأس عليك قال فدخلت الزاوية فقال لي ياولدي ما أصابك قلت له ياسيدي اصابني مرض الفتاق ولي به تسع وعشرون سنة فقال لي ارني أياه ثم انه اضجعني خلف الباب وقلت له يخرج من هنا فتفل علي وسطاه ثلاثا وحط يده موضع الفتاق وقال ياجاه سبحان الدائم وضربنى بيده الاخرى على صدرى وقال لى قم لاباس عليك فاستيقظت من منامى من شدة تلك الضربة التى ضربنى بها على صدرى وصرت واقفا فنظرت الى الفتاق فلم نجد له اثرا قط فناديت صهرى وقلت له شفانى الله ببركة شيخنا الكام سيدى محمد بن عيسى وقصصت الرؤيا عليه فقال لى الحمد لله رب العالمين الذى شفاك وعافاك ببركة هذا الشيخ نفعنا الله به فى الدنيا والاخرة.
ولاهمية يتبع