أيها الغائص في الدهشة، أما لك من صرعتك نعشة ؟… يا هذا… … دع عنك ما خباله عاجل عيانا، وباله آجل زمانا، أما تمتعض من وقوعك في فخ الهوى، وحبالة الشهوة، وشرك الشيطان بسبب ظاهري لا ثبات له، وزبرج لا صنعة فيه، وعارض لا غيث معه، وظل لا معوج عليه؟ … لكنك في سكرتك عامه، وفي صحوتك من خمارك واله… والندامة والحسرة يجتمعان في العواقب… يا صريع الشهوات في الشهوات، يا خائضا في الشبهات على الشبهات، ويا ثاويا في الضلالات بعد الضلالات , معتقلا في الجهالات بعد الجهالات، متى يكون انتباهك؟ وإلى أي حد يبلغ سهوك؟ لعمري فطام الأرواح عن الأجساد شديد، لكن هلاك الأرواح والأجساد أشد، وفوت الدنيا والآخرة خسرانه أبين… ألا قفوا على ديار الهالكين… واستخبروها… كيف تفرقت تلك الأجسام الكثيفة؟ واضمحلت تلك الجواهر الشريفة؟ … خدعتكم الشهوات فملكتكم… وسباكم الشيطان من أوطانكم فباعكم في أرض أعدائكم بثمن بخس… فبقيتم في بلاد الغربة… بلا أنس ولا سلوة… غرقتم في بحار الغرور، وركضتم في ميادين أجرامكم… إسلل نفسك من هذا العاجل المحشو بالتمويه… ولا تجنح في كل ما تراه عينك إلى ظاهره، بل غص على خفيته و دفينته، فهناك اللب والحقيقة".