أقسام الأنفس
يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قيل : النفوس ثلاثة أشياء : أرواح وأشباح وقلوب " .
ويقول عبد اللطيف المقري القرشي :
" النفس ثلاثة أقسام :
نفس العام : وهي الأمارة بالسوء ...
ونفس الخاص : وهي اللوامة ...
ونفس أخص الخواص : وهي المطمئنة " .
ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
" النفوس على ثلاثة أقسام :
قسم منها يموت ولا حشر له للبقاء ، كسائر الحيوانات .
وقسم يموت في الدنيا ويحشر في الآخرة ، كنفوس الإنسان والملائكة والجن
والشياطين .
وقسم منها يموت في الدنيا ويحشر في الدنيا والآخرة جميعاً ، وهي نفوس خواص الإنسان " .
ويقول الشيخ سليمان بن يونس الخلوتي :
" إن علماء الصوفية قسموا النفوس إلى سبع ، وبالحقيقة أنها نفس واحدة لكن تسمى باعتبار صفاتها المختلفة بأسمائها ، وهذه النفس هي النفس الناطقة ، وتسمى باللطيفة
الربانية ، فكلما اتصفت بصفة سميت لأجل اتصافها بها باسم من هذه الأسماء " .
الأنفس وأوصافها
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
" النفس نفسان : نفس معصوم ونفس شهواني " .
ويقول الشيخ أحمد الصاوي :
" النفوس سبع بحسب أوصافها وإلا فهي واحدة :
الأولى : النفس الأمارة بالسوء : وهي التي لا تأمر صاحبها بخير ، فإذا جاهدها صاحبها وخالفها في شهواتها .
حتى أذعنت لإتباع الحق وسكنت تحت الأمر التكليفي ولكنها تغلب صاحبها في أكثر أحوالها ثم ترجع إليه باللوم على ما وقع ، وسميت : لوامة وهي الثانية .
فإذا أخذ في المجاهدة والكد حتى مالت إلى عالم القدس واستنارت بحيث ألهمت فجورها وتقواها سميت : ملهمة وهي الثالثة ، وعلامتها أن يعرف صاحبها دسائسها الخفية الدقيقة من الرياء والعجب وغير ذلك .
إلا أن صاحب الهمة العلية لا يرضى بالوقوف عند هذه المقامات وإن كانت سنية ، بل يسير من الفناء إلى البقاء ، ويطلب وصل الوصل بتمام اللقاء ، فتناديه حقائق الأكوان : إنما نحن فتنة فلا تكفر ، وأن إلى ربك المنتهى . فإذا سار إلى منازل الأبطال ، وخلف الدنيا وراء ظهره ، ناداه ربه بأحسن مقال : يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً .
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي ، فيدخلها ربها عباد الإحسان ، ويخلع عنها خلع الرضوان ، ويدخلها جنات الشهود ، ويجلسها في مقعد صدق عند الملك المعبود . وفي هذا المقام قد تمت المجاهدة والمكابدة , لأن صفات الكمال صارت لها طبعاً وسجية ، وتسمى النفس فيه : بالكاملة ، وهي السابعة ، وهي أعظم النفوس قدراً ، وأكملها فخراً مع ذلك لا ينقطع ترقيها أبداً , لأن الكامل يقبل الكمال ، فلم تزل تترقى حتى تشهد الحق تعالى قبل الأكوان " .
صفة النفس
يقول الإمام علي بن أبي طالب :
" النفس مجبولة على سوء الأدب ، والعبد مأمور بملازمة حسن الأدب ، والنفس تجري بطبعها في ميدان المخالفة ، والعبد يجهد بردها عن سوء المطالبة ، فمتى أطلق عنانها فهو شريك في فسادها ، ومن أعان نفسه في هوى نفسه فقد أشرك نفسه في قتل نفسه " .
ويقول الشيخ أبو بكر الطمستاني :
" النفس كالنار إذا أطفيء من موضع تأجج من موضع ، كذلك النفس ، إذا هدأت من جانب ثارت من جانب " .
ويقول الشيخ علي الخواص :
" ليست النفس بأمارة بالسوء من حيث ذاتها ، وإنما نسب ذلك إليها لما قلناه من أنها قابلة لإلهام الشيطان لها بالفجور ، فإنها هي المحركة للجوارح بما يغلب عليها من القرين " .
قطع صفات النفس
يقول الشيخ أحمد بن سليمان النقشبندي :
" قطع صفات النفس السبع في بعض الطرق : بالتنقل في الأسماء السبعة بتوجه الشيخ للمريد كطريقة الشيخ الأكبر .
وفي بعضها : بنظر الشيخ للمريد نظر نخبة ، كطريقة سيدي أحمد البدوي {رضى الله عنه} .
وفي بعضها : بفيض العلم بالمحاذاة التامة الصحيحة ، كالطريقة الخالدية ، فيمتلئ المريد علما بالمحاذاة ، وإن لم يسمع ما يقوله الشيخ " .
في أضرب النفس
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" النفس تسمى في الاصطلاح على خمسة أضرب : نفس حيوانية ، ونفس أمارة ، ونفس ملهمة ، ونفس لوامة ، ونفس مطمئنة ، وكلها أسماء الروح ، إذ ليس حقيقة النفس إلا الروح ، وليس حقيقة الروح إلا الحق فافهم .
فالنفس الحيوانية : تطلق على الروح باعتبار تدبيرها البدن فقط ، وأما الفلسفيون فالنفس الحيوانية عندهم هي الدم الجاري في العروق وليس هذا بمذهبنا .
ثم النفس الأمارة : تسمى به باعتبار ما يأتيه من المقتضيات الطبيعية الشهوانية بالانهماك في الملاذ الحيوانية وعدم المبالات بالأوامر النواهي .
ثم النفس الملهمة : تسمى به باعتبار ما يلهمها الله تعالى به من الخير ، فكل ما تفعله النفس من الخير هو بالإلهام الإلهي ، وكل ما تفعله من الشر هو بالاقتضاء الطبيعي ، وذلك الاقتضاء منها بمثابة الأمر لها بالفعل ، فكأنها هي الأمارة لنفسها بفعل تلك المقتضيات ، فلهذا سميت أمارة ، وللإلهام الإلهي سميت ملهمة .
ثم النفس اللوامة : سميت به باعتبار أخذها في الرجوع والإقلاع ، فكأنها تلوم نفسها على الخوض في تلك المهالك ، فلهذا سميت لوامة .
ثم النفس المطمئنة : سميت به باعتبار سكونها إلى الحق واطمئنانها به وذلك إذا قطعت الأفعال المذمومة رأسا والخواطر المذمومة مطلقا ، فإنه متى لم تنقطع عنها الخواطر المذمومة لا تسمى مطمئنة ، بل هي لوامة ، ثم إذا انقطعت الخواطر المذمومة مطلقا تسمى : مطمئنة ، ثم إذا ظهر على جسدها الآثار الروحية من طي الأرض وعلم الغيب وأمثال ذلك فليس لها اسم إلا : الروح " .
في عدد الأنفس
يقول الشيخ أحمد الدردير :
" قوله النفوس سبع أي عند السادة الخلوتية ، وأما عند السادة الشاذلية ، فثلاث : أمارة ولوامة ومطمئنة ، فادخلوا الملهمة في اللوامة ، وادخلوا الراضية والمرضية والكاملة في المطمئنة ، ووجه ذلك أن النفس اللوامة إذا كثر منها اللوم صارت عيوبها بين عينها ، فاشتغلت بها عن غيرها ، وهي الملهمة . وإن المطمئنة إذا ترقت في الكمالات رضيت بما قضاه الله وقدره ، فجوزيت بالرضا من خالقها . فإذا زاد ترقيها كملت : فهذه مطمئنة وزيادة فلا خلاف بينهم " .
قوى النفس
يقول الإمام فخر الدين الرازي :
" النفس الإنسانية لها قوتان :
القوة النظرية ، وكمالها في معرفة الأشياء ، ورئيس المعارف ، وسلطانها معرفة الله .
والقوة العملية ، وكمالها في فعل الخيرات والطاعات ، ورئيس الأعمال الصالحة ، وسلطانها خدمة الله " .
ويقول : " أنه تعالى أودع في النفس البشرية قوى أربع وهي : الشهوانية البهيمية ، والغضبية السبعية ، والوهمية الشيطانية ، والعقلية الملكية " .
قوى النفس الناطقة
يقول الشيخ شهاب الدين السهروردي :
" للنفس قوتان :
إحداهما : نظرية بها تدرك الكليات ، وهي وحي عقلي إلى القدس .
والثانية : عملية ، بها تدرك الأمور المتعلقة بالبدن فيما يتعلق بمصالحه ومفاسده وتستعين بالنظرية ، وبها التحريك ، وهي وجه عقلي للنفس إلى البدن ، ولها ثلاثة استعدادات " .
حقيقة النفس
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" حقيقة النفس : هي مظلمة مودعة في هذا القلب وهي محل الأخلاق المذمومة أمارة بالسوء ، جاحدة ظالمة عن الهدى ، ذات أجزاء " .
ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" حقيقة النفس الإنسانية : بالأصالة ، فإن الله خلقها على صورة الله ، أو على صورة الرحمن ، وهي واحدة وحدة حقيقية عددتها الصور الإنسانية لتعدد الصور ، فحددت لها أسماء وصفات ، فقيل فيها : مطمئنة لوامة أمارة ... إلى غير هذا وهي المسماة بالأصالة بالإنسان الكامل " .
مراكز النفس
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" مراكز النفس أربعة :
مركز للشهوة في المخالفات .
ومركز للشهوة في الطاعات .
ومركز في الميل إلى الراحات .
ومركز في العجز عن أداء المفروضات " .
برزخية النفس
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
" النفس في اصطلاح القوم على الوجهين من عالم البرازخ حتى النفس الكلية , لأن البرزخ لا يكون برزخاً إلا حتى يكون ذا وجهين لمن هو برزخ بينهما ، ولا موجود إلا
الله ، وقد جعل ظهور الأشياء عند الأسباب ، فلا يتمكن وجود المسبب إلا بالسبب ، فلكل موجود عند سبب وجه إلى سببه ووجه إلى الله فهو برزخ بين السبب وبين الله . فأول البرازخ في الأعيان : وجود النفس الكلية ، فإنها وجدت عن العقل والموجد الله ، فلها وجه إلى سببها ولها وجه إلى الله ، فهي أول برزخ ظهر . فإذا علمت هذا فالنفس التي هي لطيفة العبد المدبرة هذا الجسم لم يظهر لها عين إلا عند تسوية هذا الجسد وتعديله ، فحينئذٍ نفخ فيه الحق من روحه ، فظهرت النفس بين النفخ الإلهي والجسد المسوى ، ولهذا كان المزاج يؤثر فيها . وتفاضلت النفوس ، فإنه من حيث النفخ الإلهي لا تفاضل ، وإنما التفاضل في القوابل ، فلها وجه إلى الطبيعة ووجه إلى الروح الإلهي ، فجعلناها من عالم البرازخ " .
في ترقيات النفس
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" فإذا ما ارتقت من نفس أمارة بالسوء إلى نفس لوامة ، ومن لوامة إلى ملهمة ، ومن ملهمة إلى مطمئنة ، ومن مطمئنة إلى راضية ، ومن راضية إلى مرضية ، دخلت في حيز النفس الكاملة ، وحينئذ تكون قد تخلصت من ران الطباع وكثافة ذميم الخصال وتحكم سجن الجسد فيها ، فيكون لها الشفافية والإطلاق ، فتتحكم هي في الجسد ولا يتحكم الجسد فيها ، ويكون صاحبها روحانياً ، وهذه المرتبة هي التي تسمى فيها النفس : روحاً " .