النفس
الجزء الرابع
في ترقيات النفس
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" فإذا ما ارتقت من نفس أمارة بالسوء إلى نفس لوامة ، ومن لوامة إلى ملهمة ، ومن ملهمة إلى مطمئنة ، ومن مطمئنة إلى راضية ، ومن راضية إلى مرضية ، دخلت في حيز النفس الكاملة ، وحينئذ تكون قد تخلصت من ران الطباع وكثافة ذميم الخصال وتحكم سجن الجسد فيها ، فيكون لها الشفافية والإطلاق ، فتتحكم هي في الجسد ولا يتحكم الجسد فيها ، ويكون صاحبها روحانياً ، وهذه المرتبة هي التي تسمى فيها النفس : روحاً " .
في مقامات : النفس ، القلب ، السر
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" مقام النفس في الباب ، ومقام القلب في الحضرة ، ومقام السر في المخدع قائم بين يدي الحق سبحانه يلقن القلب ، والقلب يلقن النفس المطمئنة ، والنفس تملي على اللسان ، واللسان يملي على الخلق " .
في طرائق التمييز بين النفوس عند الشيخ أحمد زروق
يقول الباحث علي فهمي خشيم :
الشيخ أحمد زروق ثلاث طرائق للتمييز بين النفوس يأخذها من أمثلة ثلاثة في ثلاثة أقاليم :
1. طريق المغاربة الذي يذهب إلى أن النفوس كالمعادن ، ويقسمها على سبعة أصناف بنظام تدريجي ، وهي : النفس الذهبية ، والفضية ، والحديدية ، والنحاسية ، والرصاصية ، والقصديرية ، والزئبقية .
2. طريق العجم الذين يشبهون النفوس بالأواني ، ويقولون أن ثمة أوان أو نفوساً فارغة تماماً من الخير والشر على السواء ، وهي مهيأة لقبول كل ما يلقى فيها ، خيراً كان أو شراً .
وهناك أخرى مليئة بالخير وحده ، وغيرها مليئة بالشر وحده .
وأفضل النفوس أو الأواني ما كان محتاجاً للعلاج ليخلص من الشر ويستبدله بخير أكثر .
3. طريق أهل اليمن الذين يشبهون النفوس بالأرض ، فكما توجد أرض ذات تربة صالحة مهيأة للبذر والحرث ، ثمة أخرى ذات التربة نفسها غير أنها ملأى بالحشائش والأعشاب .
وكلتاهما - على كل حال - لا يمكن زراعتها دون ماء يرويها ، وهو ما يرمز به إلى التوفيق الإلهي .
ومهمة الشيخ - متعاون فيها مع السالك - أن يعد الأرض بانتزاع ما فيها من حشائش ، وأن يعزقها ثم يبذر فيها بذور الخير في انتظار الغيث الرباني . وبعدها تأتي كل أرض بحصادها طبقاً لاستعدادها ونوع تربتها .
علاقة النفس بالبدن
يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" ثبت إن علاقة النفس بالبدن على ثلاثة وجوه :
الأول : إذا بلغ ضوء النفس على جميع أجزاء ظاهر البدن وباطنه ، وهذه هي اليقظة .
الثاني : إذا انقطع ضوء النفس عن ظاهر البدن دون باطنه ، فهو النوم .
الثالث : إذا انقطع ضوء النفس عن البدن ، فيكون الموت " .
مراتب جهاد النفس
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
" مجاهدة النفس :
أولها : الوحشة من النفس وذكرها .
والثاني : الرغبة في الأعمال والطاعات .
والثالث : غلبات ذكر الحق على قلبه عند إمرته عليه " .
مخالفة النفس
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" العبادة كل العبادة في مخالفة نفسك ، قال الله تعالى : وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّه ... فإن كنت في حالة التقوى فخالف النفس ، بأن تخرج من جرائم الخلق ، وشبهتهم ، ومنتهم والاتكال عليهم ، والثقة بهم ، والخوف منهم ، والرجاء لهم ، والطمع فيما عندهم من أحكام الدنيا " .
ويقول : " كلما جاهدت نفسك وغلبتها وقتلتها بسيف المخالفة ، أحياها الله ونازعتك وطلبت منك الشهوات واللذات الجناح منها والمباح ، لتعود إلى المجاهدة
والمسابقة ، ليكتب لك ثواباً دائماً ، وهو معنى قول النبي : رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، أراد به : مجاهدة النفس لدوامه واستمرارها على الشهوات واللذات وانهماكها في المعاصي ، وهو معنى قوله ـ عز وجل ـ : وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ
الْيَقِينُ . أمر الله ـ عز وجل ـ نبيه بالعبادة ، وهي مخالفة النفس , لأن العبادة كلها تأباها النفس وتريد ضدها إلى أن يأتيه اليقين " .
في مراتب وسوسة النفس
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" النفس توسوس في دائرة الشريعة من المخالفات .
وفي دائرة الطريقة من الموافقات ، تلبيساً ، كدعوى النبوة والولاية .
وفي دائرة المعرفة من الشرك الخفي من النورانيات ، كدعوى الربوبية ، كما قال الله تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه " .
الفرق بين الروح والنفس
يقول الإمام القشيري :
" النفس محل الأفعال المذمومة ، والروح محل الأوصاف الحميدة " .
ويقول الشيخ أحمد البوني :
" النفس والعقل والروح واحدة بالذات مخلفة بالاعتبار .
فباعتبار ميلها للشهوات ، نفس .
وباعتبار تدبيرها للبدن بإذن الله تعالى ، روح .
وباعتبار تحصلها للعلوم ، عقل " .
ويقول الشيخ عمر السهروردي :
" قال بعضهم : الروح نسيم طيب يكون به الحياة ، والنفس ريح حارة تكون منها الحركات المذمومة والشهوات " .
ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" النفس : أي ظهور الروح في عالم الطبيعة بقواها النافذة في الجسد السوي المدبرة له ظاهراً وباطناً ، وهذا هو الفرق بين الروح والنفس " .
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" النفس والعقل والروح والسر شيء واحد ، لكن تختلف الأسامي باختلاف المدارك .
فما كان من مدركات الشهوات فمدركه النفس " .
ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" الروح : واحد يتعدد بتعدد الأعضاء ، فهو واحد كثير ، ولا يدبر الجسم .
والعقل : هو نور الروح ، وهو يدبر الجسم بأمر الروح .
والنفس : هي نور العقل ، وهي بمنزلة الخادم للعقل ، فإن كمل كملت النفس ، وبالعكس " .
الفرق بين حديث القلب والنفس
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
" حديث القلب حديث رباني ، وحديث النفس حديث شيطاني " .
: في الفرق بين العقل والنفس والذهن
يقول السيد أحمد فائز البرزنجي :
" وقيل : العقل والنفس والذهن واحد ، إلا أنها سميت عقلاً لكونها مدركة ، وسميت نفساً لكونها متصرفة ، وسميت ذهناً لكونها مستعدة للإدراك " .
تأويل قوله تعالى : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
يقول الشيخ محمد بافتادة البروسوي :
" المراد بالنفس هنا : الذات ، والحقيقة الجمعية الإنسانية الكمالية المخلوقة على الصورة الإلهية الجمعية الكمالية لتكون مرآة لها " .
تأويلات صوفية
تأويل قوله تعالى : فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى .
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي :
" قال بعض أهل المعرفة ... إنما جعل الله إحياء المقتول في ذبح البقرة : تنبيها لعبيده أن من أراد منهم إحياء قلبه لم يتأت له إلا بإماتة نفسه ، فمن أماتها بأنواع الرياضات أحيى الله قلبه بأنوار المشاهدات ، فمن مات بالطبيعة يحيى بالحقيقة . وكما أن لسان البقرة بعد ذبحها ضرب على القتيل وقام بإذن الله وقال قتلني فلان ، فكذلك من ضرب لسان النفس المذبوحة بسكين الصدق على قتيل القلب بمداومة الذكر يحيى قلبه بنوره فيقول : وما أبرئ نفس إن النفس لأمارة بالسوء ... وقد سئل بعض المشايخ عن الإسلام فقال : ذبح النفوس بسيوف المخالفة ، ومخالفتها ترك شهواتها " .
في تأويل قوله : من عرف نفسه عرف ربه
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" من عرف نفسه عرف ربه هي الحجاب بين العبد وبين ربه ـ عز وجل ـ من عرف نفسه تواضع لله ـ عز وجل ـ " .
ويقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير :
" من عرف نفسه بالفناء عرف ربه بالبقاء .
ومن عرف نفسه بالجفاء والخطأ عرف ربه بالوفاء والعطاء .
ومن عرف نفسه بالافتقار قام لله على قدم الاضطرار .
ومن عرف نفسه لمولاه ، قلت حوائجه إلى من سواه " .
تأويل قوله : المؤمن لا يذل نفسه
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
" سألت أستاذي عن قول النبي : المؤمن لا يذل نفسه قال : لهواه " .
من فوائد الصوفية : في معرفة النفس
يقول الشيخ الحارث بن أسد المحاسبي :
" إذا أردت أن تعرف نفسك فاختبرها بالقرآن " .
من أقوال الصوفية :
يقول الشيخ الحارث بن أسد المحاسبي :
" إذا كان الإنسان يأتي بالشر ، فالعنصر الرئيس الدافع له إليه هو النفس "
ويقول الشيخ أبو حفص الحداد النيسابوري :
" النفس ظلمة كلها ، وسراجها سرها ، ونور سراجها التوفيق " .
ويقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
" النفس كافرة فقاتلها بمخالفة هواها " .
ويقول : " للنفس سبع حجب سماوية وسبع حجب أرضية ، فكلما يدفن العبد نفسه أرضاً سما قلبه سماء سماء ، فإذا دفن النفس تحت الثرى وصل القلب إلى العرش " .
ويقول الشيخ إبراهيم الخواص :
" ليكن لك قلب ساكن ، وكف فارغة ، وتذهب النفس حيث شاءت " .
ويقول الشيخ الجنيد البغدادي :
" النفس لا تألف الحق أبداً " .
ويقول الشيخ أبو بكر الواسطي :
" النفس الصنم ، والنظر إليها حجاب ، والبصر فيها اعتبار " .
يقول الشيخ أبو بكر الطمستاني :
" أعظم حجاب بينك وبين ربك موافقة نفسك " .
ويقول الشيخ نجم الدين الكبرى :
" النفس : سمكة ، حياتها بحر الدنيا وماء الهوى ، لو خرجت لماتت في الحال ، وهذا تحقيق قوله : موتوا قبل أن تموتوا " .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
" النفس كالزجاجة الصافية ، وقد ملكها الله اختياراً وإرادة تتمكن بهما من الميل إلى الشيء وضده ... والثواب والعقاب إنما يقع على ذاتها من جهة صفاتها ... ميالة أبداً إلى الشهوات ، فإذا استمرت غلبت عليها العوائد وألفت الفاني ، وقيدها حب الراحة والتواني ، فصارت هذه الأخلاق لها كالطبع ، فلم تتأثر بوضع ولا شرع ، وعلاجها في سائر الأمر بما تكره لتلبس الصبر " .
ويقول الشيخ أبو بكر البناني الشاذلي :
" نفسك شريعتك ، والوجود الخارجي حقيقتك ، وعلى قدر معرفة الشريعة تكون الحقيقة ، وعلى قدر جهلك بنفسك يكون جهلك بالوجود لا غير " .
ويقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" لا معنى لدعوى النفس للعمال قبل كشف الحجاب فإن العلل تلزمها ، ولا معنى لدعواها بعد كشف الحجاب فإن الشهود تلزمها " .
آية النفس
الشيخ محمد مهدي الرواس
يقول : " آية النفس : هي الانحطاط مع كل ساقطة تعود إلى الدنيا الدنية ، والشهوات الوقتية ، والاندفاع إلى اللذات البهيمية " .
بلا نفس
الشيخ السراج الطوسي
يقول : " بلا نفس : معناه أنه لا تظهر عليه أخلاق النفس , لأن من أخلاق النفس الغضب والحدة والتكبر ... فإذا كان عبد قد سلم من هذه الآفات وما شاكل ذلك يقال له بلا نفس " .
تطويع النفس
الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول : " تطويع النفس : هو بلوغ العبد في رياضته لنفسه الأمارة إلى حيث لا تشتهي إلا ما فيه رضى الرب ولا تغضب إلا له ، فتطويعها في الحقيقة ، هو جعلها مطيعة للرب ، فتصير بذلك مطمئنة برجوعها إليه " .
حجاب النفس
الشيخ قطب الدين البكري الدمشقي
يقول : " حجاب النفس : هو الشهوات واللذات والأهوية " .
الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي
يقول : " حجاب النفس عن كمالاتها العلمية : هو اشتغالها بالأمور البدنية والقوى العنصرية " .
حديث النفس
الشيخ الأكبر ابن عربي
يقول : " حديث النفس : هو ذكر من فعل الإنسان يطابق الخاطر ، وإن في القلب ضروباً من الأذكار ليست بمنزلة حديث النفس ، بل يحتاج الإنسان أن يتكلف لها من الحضور ما يشهد به حاله ، فيصدق عند نفسه , لأنه يرى الكائنات تذكر معه بذكره ، إذ يرى حاله فيها ، فلا يحسبن الناظر في هذا الكتاب أن مجرى الأذكار كلها مجرى حديث النفس ، فيشتبه عليه وجه الصواب فيكون ذاكراً ناسياً " .
الحقيقة النفسية
الشيخ أحمد بن عجيبة
يقول : " الحقيقة النفسية : هي الروح اللطيفة السارية في الأشباح الكثيفة القائمة بها " .
حيض النفس
الشيخ الأكبر ابن عربي
يقول : " حيض النفس : هو الكذب " .
خيانة النفس
الشيخ ابن عطاء الأدمي
يقول : " خيانة النفس : هو الوقوف معها حيث ما وقفت " .
الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
يقول : " قال بعضهم : خيانة النفس : اتباع هواها ، ومرادها : وترك نصيحتها " .
ذكر النفس
الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني
يقول : " ذكر النفس : هو ذكر غير مسموع بالحروف والصوت ، بل مسموع بالحس والحركة في البطن " .
رأس النفس
الشيخ أبو الحسن الشاذلي
يقول : " رأس النفس : هو إرادتها " .
رجلا النفس
الشيخ أبو الحسن الشاذلي
يقول : " رجلا النفس : هما اختيارها " .
رغبة النفس
الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول : " رغبة النفس : تحققها بالسلوك لنيل ما وُعدت به من الثواب على أعمال البر ، وذلك هو الذي يبعثها على الاجتهاد ، ويصونها من وهن الفترة ، ويمنعها من الرجوع إلى غثاثة الرخص " .
صغر النفس
الإمام الغزالي
يقول : " صغر النفس : هو تأهيل النفس لما دون الاستحقاق ، وأما الجسارة فهي قلة التأثر بأسباب الهلاك ، من غير اثر جميل تقتضيه " .
ضبط النفس
الإمام الغزالي
ضبط النفس : هو الصبر النفسي في احتمال الغنى .
عالم النفس
الشيخ عبد الحميد التبريزي
يقول : " عالم النفس : هو عالم الملكوت ، عالم عظيم الفسحة ، رفيع الشأن ، شبيه بالعالم الجسماني : في كونه محسوسا مقداريا ، وبالعالم العقلي في كونه نورانيا . وليس
بجسم ، ولا جسماني ، ولا جوهر مجرد عقلي ، بل هو برزخ جامع بينهما "
عقل النفس
الشيخ أبو الحسن الشاذلي
يقول : " عقل النفس : هو تدبيرها " .
علم بحار الأنفس وخلجانها
الشيخ عبد الوهاب الشعراني
علم بحار الأنفس وخلجانها : هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم ما يسعد به من الصفات وما يشقي .
علم النفوس والأرواح
الشيخ الأكبر ابن عربي
يقول : " علم النفوس والأرواح : هو علوم منزل اشتراك النفوس والأرواح في الصفات وهو من حضرة الغيرة المحمدية من الاسم الودود ، ومنه يعلم هل هما شيء واحد أو يختلفان .
فلك النفوس
الشيخ الأكبر ابن عربي
" فلك النفوس : هو فلك المحفوظ في النبوات ، وهي النفس المتعلقة عند أصحاب الإدراكات والإشارات والمكاشفات ، فجعلها باقية تامة غير كاملة وفائضة غير فائضة فيضان العقل ، فهي في محل القصور والعجز عن بلوغ الغايات . وهو الفلك دون فلك الإشارات .