الإمام جعفر الصادق {عليه السلام}
سلطان الملة المصطفوية ، برهان الحجة النبوية ، العامل الصديق ، عالم التحقيق ، فاكهة قلوب الأنبياء ، قلب سيد الرسل ، الناقد العلي ، وارث النبي ، العارف العاشق
اسمه جعفر بن محمد بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن الإمام علي بن أبي طالب . سلام الله عليه وآله وأصحابه وأحبابه ..
لقبه الصادق .
كنيته أبو عبد الله.
ولادته .. ولد في بيت النبوة والرسالة والوحي في الثامن من رمضان سنة 80 هـ في المدينة المنورة وقيل في 83 هـ .
أولاده كان للإمام الصادق {عليه السلام} عشرة أولاد ، سبعة منهم ذكوراً وثلاث بنات . إسماعيل وعبد الله وأم فروة وأمهم فاطمة بنت الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب و موسى الإمام ومحمد الديباج وإسحاق وفاطمة الكبرى وأمهم حميدة البربرية . و العباس وعلي العريضي وفاطمة الصغرى لعدة أمهات .
طريقته أخذ عن أبيه الباقر الذي أخذ عن الإمام علي زين العابدين {عليه السلام} والذي أخذ عن الإمام الحسين السبط عن علي بن أبي طالب {عليه السلام} وهو باب مدينة العلم الذي أخذ عن الرسول الكريم .
مدارسه أقام الإمام الصادق في المدينة المنورة مدة حيث أسس مدرسة سميت بمدرسة الحديث متخذاً من الجامع النبوي محلاً للتدريس ، ثم قدم العراق وأقام بها مدة وأسس بها مدرسة الرأي مع الإمامين مالك وأبي حنيفة اللذين أخذا عنه وهما صاحبي المذهبين الفقهيين المالكي والحنفي.
بالاضافة إلى تأسيس مدرسته الروحية التي تعلم الزهد والورع والتقوى وأصول العبادة لتكون دستوراً شاملاً لإصلاح الحياة وتطويرها وتقدمها في جميع الميادين
معاصريه الحبيب العجمي وداود الطائي وأبو حنيفة وإبراهيم بن أدهم وسفيان الثوري وجابر بن حيان وغيرهم .
حياته كان {عليه السلام} يُطعم حتى لا يبقي لعياله شيء . وكان سمحاً عفواً حليماً مخلصاً بل كان النور هذا له من معدنه فهو من شجرة النبوة وقد توارثه خلفاً عن سلف وفرعاً عن أصل .
كان {عليه السلام} صبوراً قوياً بإيمانه المتزايد المعتصم بحبل الله والمستقيم بسنة رسوله منصرف عن الأهواء والنزوات . إذ كان بهذه الصفات وغيرها طالباً للحق والحقيقة لتوجيه النفوس إلى الغاية السامية والهدي إلى طريق الحق .
فعن سفيان الثوري قال : دخلت على جعفر الصادق وعليه جبة خز وكساء خز، فجعلت أنظر إليه معجباً ، قلت : يا ابن رسول الله ليس هذا ملبسك ولا ملبس آبائك . فقال {عليه السلام} : يا ثوري كان ذلك زماناً مقفراً .. وكانوا يعملون على قدر إقفاره ، وهذا زمان قد أقبل كل شيء فيه ، ثم حسر عن ذيل جبته وإذا تحتها جبة من صوف بيضاء يقصر الذيل عن الذيل والردن عن الردن ، فقال {عليه السلام} : يا ثوري لبسنا هذا لله ، وهذا لكم ، فما كان لله أخفيناه ، وما كان لكم أبديناه .
كراماته عرف عنه وهو صاحب الخارقات الظاهرة والآيات الباهرة كرامات عديدة من إخباره بالمغيبات إلى استجابة الدعوة حتى قيل أنه إذا احتاج إلى شيء قال : يا رباه أنا محتاج إلى كذا فما يتم دعاؤه حتى يجيب الله سؤاله ..
قال الشعراني : من كراماته :
" سعي به عند المنصور عندما حج أحضر الساعي وأحضره وقال للساعي : أتحلف . فقال : نعم . فقال المنصور : حلّفه بما أراه . فقال {عليه السلام} : قل : برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل جعفر كذا وكذا .. فامتنع الرجل ثم حلف ، فما إن تم حلفه حتى مات.
" قتل بعض البغاة أحد مواليه {عليه السلام} فلم يزل ليلته يصلي ثم دعا عليه عند السحر ، فسمعت الضجّة بموته .
" عندما بلغه قول الحكم بن العباس الكلبي في عمه زيد :
صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة ولم نر مهدياً على الجذع يصلب
قال {عليه السلام} : اللهم سلط عليه كلباً من كلابك . فافترسه الأسد .
" قال الإمام الشبلي : إن بني هاشم أرادوا أن يبايعوا محمد وإبراهيم بن عبد الله المحض ذلك في أواخر دولة بني مروان فأرسلوا إلى جعفر الصادق {عليه السلام} ، فلما حضر أخبروه بسبب اجتماعهم ، فأبى ، فقالوا : مد يدك لنبايع فامتنع وقال : والله إنها ليست لي ولا لهما ، إنها لصاحب القباء الأصفر، والله ليلعبن بها صبيانه وغلمانه . ثم نهض وخرج . وكان المنصور العباسي يومئذٍ حاضراً وعليه رداء أصفر .
" قال الليث بن سعد : حججت سنة 113 هـ ، فلما صليت العصر رقبت أبا قبيس ، وإذا برجل جالس يدعو فقال : يا رب حتى انقطع نفسه ثم قال : اللهم يا رحيم يارحيم حتى انقطع نفسه ، ثم قال : اللهم إني أشتهي العنب فأطعمنيه ، اللهم وإن بردي قد خلقا فاكسني . فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوءة عنباً وليس على الأرض يومئذٍ عنبا ، وإذا ببردين موضوعين ولم أر مثلهما في الدنيا. فأراد أن يأكل فقلت أنا شريكك لأنك دعوت وأنا أؤمن ، فقال : تقدم وكل . فأكلت عنباً لم آكل مثله قط ما كان له عجم فأكلنا ولم تتغير السلة . فقال : لا تدخر ولا تخبئ شيئاً ثم أخذ أحد البردين ودفع إلي الآخر ، فقلت : أنا في غنى عنه فائتزر بأحدهما وارتدى الآخر ثم أخذ البردين الذين كانا عليه فلقيه رجل بالمسعى فقال : اكسني يا ابن بنت رسول الله بما كساك الله . فدفعهما إليه ، فقلت للذي أعطاه البردين .. من هذا ؟ فقال : جعفر بن محمد .
كتبه :
التفسير الصوفي للقرآن الكريم . كتاب الإهليلجة في التوحيد . الحكم الجعفرية . مجموعة رسائله إلى أصحابه وإلى أصحاب الرأي . نشر الدرر وهي من الحكم القصيرة . الهفت والأظلة . مجموعة وصاياه . احتجاجات على الزنادقة والملحدين. مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة . رسائله التي كتبها تلميذه الكيميائي جابر بن حيان الصوفي الكوفي المتكونة من 500 رسالة في 1000 ورقة.
انتقاله .. انتقل الإمام الصادق {عليه السلام} إلى حضرة الشهود والحق سنة 148 هـ في المدينة المنورة ودفن في البقيع مع أبيه وجده وله 65 سنة