عمرالحسني
عدد الرسائل : 4 العمر : 53 تاريخ التسجيل : 12/04/2012
| موضوع: رشحات نورانية الخميس أبريل 12, 2012 7:53 am | |
| رشحات نورانية:
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه ، وبعد يمنع أصحاب النظر من الارتشاف من علوم القلب لأسباب عقلية ، و ذلك لتعلق ذواتهم بكل مدرك عقلي.فإذا كان الناظر في سائر العلوم ، سقيم الحكم ، لا ينسب كل علة لمعلولاتها ، و كل مفهوم لمفاهيمه ، فسرعان ما يساور القارئ الناظر الشك في كلمات النص الذي بين يديه. كيف تستقر المفاهيم عند صاحب النظر ، و بخلاف أهل البرهان فإنهم يضعون كل علم في مرتبته : علم عقل ، وعلم حال ، و علم أسرار.فالأول مدركاته حسية ، و الثاني شعورية وجدانية ، و الثالث عرفانية . ؟ فالمذهب المادي الوجودي مثلا ، يرى في الوجود الإنساني مجرد صدفة ، و صيرورة متغيرة بحسب حاجيات الإنسان ، جنون في الغلبة ، و سيطرة واستعباد لأخيه الإنسان ، ثم التحكم في الكون ، و استثمار كل ما شأنه أن يرفه الإنسان و يثريه ، و يتربع على عرش كينونته فاعلا منفعلا و حاكما و متحكما. أما علوم الأحوال فهو مرتبط بذات الإنسان في شقه الحسي و المعنوي ، المادي و الروحي.فيكون ذوق الحب و الكراهية نابعا من أعماق النفس البشرية ، و منبعثا تحت غلبة الوارد : وارد الحب ، وارد الكراهية. حينئذ يكون كل حال سني مرتبط بالشعور الوجداني متعلقا بقياس ماذكرناه. وقد تفوق الصوفية في هذا العلم ، علم الحب و البغض والمعاداة والموالاة و الجمع و الفرق و الدعوة بالحال قبل لسان المقال، فكانت علومهم و أسراهم و أحوالهم دالة على اتصاف بموصوف و اتصال بالمعبود. وهذا العلم أسنى من علم العقل و إن كان لا ينفك منه ، لأن السائر على حضور قوي و عقل راجح و حكمة متئدة. و يرقى الفرد من الأفراد في علم الأسرار ، فتكون ينبوع حكمته ترشح بوادهها من السر ، وهو منبع كل ما خفي عن الآخرين ، وكان على وجه خاص من التوجه على قدم صحيح بمعرفة الحقائق التي ترجع للذات المقدسة ، و الصفات المنزهة ، و حقائق الأفعال ، ثم حقائق المفعولات. تتدفق هذه العلوم من القلب ، وتستقر في العقل ، بعد أن تتصفى وتتزكى بأصل العلوم ، و سر الفيوض ، ومعنى الرشوح الفيضي من الحضرة الإلهية. تهتم غالبية الرياضات الروحية بمسالة الطمأنينة ، والرضى الذاتي ، و صفاء السريرة ، والتحكم في الذات ، واستثمار خصوصياتها ، و فيها طرائق و أساليب ومناهج بحسب رافدها التعليمي العلمي و الروحي و المذهبي ( طريقة المربي و المعلم والمرشد و المتبوع) ، فإن كانت قدم الوالد المعلم على قدم وساق المدد النبوي ، كان علمه ملكوتيا و فتحه نورانيا ، و إن كان المربي محترفا للرياضات الكونية الأرضية و فق طرائق منظمة استدراجية ، و ضع العبد في نسبيته المادية الوجودية ، في شراك الشراك :العتبة البيضاء الحاجبة عن ضياء النبوة. إن دعوة الرب لا تقترن بحتمية إجابة العبد ، وعين العبد في استعدادها مؤمنة و جاحدة ، و عارفة ومنكرة ، مدعوة لإجابة نداء الرب بمقتضى السابقة و العطاء. فلقطعية ثبوث الرسالة ، و الحق المطلق فيما جاءنا من الوحي ، و التنزل الإلهي الذي يشترط فيه استجابة العبد لربه لسلطان ربه القيوم ، يكون العبد بسببها و نسبتها إلى التوفيق الإلهي قريبا من منبع سعادته و فلاحه.
* داعيا إلى الله بإذنه :
النبوة سراج ، و مفتاح صحبتها : إذن بدخول للترقي ، وولوج للتدلي ، واتقاد عند الذكر ، و انطفاء عند اضمحلال ، و محق بعد وجود ، و كينونة بعد نسبة ، و نسبة عند نصرة. فإن كنت وليا على المنهاج و الشرعة أطال الله عمرك في تاج المعرفة ، و سرت على صوى الطريق .... لتعلم الإذن في المدد و الاستمداد و الامتداد لحظة من لحظات وجودك النسبي ، تصيرك في عبوديتك ربا لمعرفتك ، و تكون نسبتك للرب نسبة إفاضة و إضافة ، ومدد و عناية و حفظ إلهي. و أول السراج : إذنك بطهارتك عن أوصافك ، و إيماء الروح لرموز سعادتك ، وموعد النزوح من الاستحالة العقلية إلى البرهان القلبي ، ثم المشاهدة العينية لكل العلوم ، فإذا كنت الممد فإنك حينها عين المدد.
* ختم الله على قلوبهم :
أي حقيقة تكون حقيقتك ، أيها العبد الساكن إلى عبديته ، لا تتجاوز شمسه شموس الأكوان ؟ أي مجرة تكون حضرتك ، ومتى تجلس على عرش مملكتك ، و أنت لاأنت ، وهو هو ؟ تكون الهوية عين هويتك إذا أتصفت بذكر الذاكر ، و اتصلت بسر الفاعل ، وكنت على قدم المستغرق ، فلا تستيقظ إلا بعد لحظات الفزع و الصعق و النفخ و النفث...
تكون العلوم متفرعة من عين إيقانك ، و همومك من سر أنوارك ، و أنت نور النور ، لأنك الممد للعوالم بروحانيتك ، فلا يستقر كون من الأكوان ، إلا بإشارتك ، و لا يسكن إلا بحكمك ، كأنك المشار إليه بالحديث القدسي : " ولئن استعاذني لأعيذنه ، و لئن سألني لأعطينه".
يكون تصرفك من عين تصريفه ، و استعماله لك من جوده ، فتقر خزائن الجود بتوليته و نصرته ، و تهبك من أقمارها تيجان معرفته ، فأنت حينها أنت....
فيختم الله على قلبك ختم توليته ، و ينصرك على كيد نفسك و عدوك و شيطانك ، فتحاصره في جهاتك الست ... فلا تهتك لمن نصرك سترا ، و لا تكشف له سرا ، فتكون ختما لختميك ، وجوزاءا لعرشك ، وموعودا لصدق وعدك ، وموصولا بوصلك...." وما ترددت عن فعل شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره و أنا أكره مساءاته و لكن لابد منه" .... جعلنا الله منهم... | |
|