عمرالحسني
عدد الرسائل : 4 العمر : 53 تاريخ التسجيل : 12/04/2012
| موضوع: 1.في ظلال فهوم ابن عربي رضي الله عنه النورانية : ( مقدمات عامة، دائرة التعريف) الخميس أبريل 12, 2012 3:02 pm | |
| في ظلال فهوم ابن عربي رضي الله عنه النورانية : ( مقدمات عامة، دائرة التعريف) بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على سيدنا محمد و على آله و صحبه ن وبعد تتباين الفهوم بين خاصة أهل الله تعالى ، و تتشابه عباراتهم و إشاراتهم ، لكنها تتدفق اسلوبا و صياغة ، بحسب دوائر المنزلة و الرتبة و النسبة .فتكون سهلة متسقة المعنى و المضمون ، و أحيانا تكون أسرارا صعبة الفهم ، لاستحالة التلقي من طرف الباحث القارئ ، وتارة لعدم قدرة الولي في صياغتها عند النازلة أو المعاينة لسلطان القهر الإلهي و قوة الوارد . و يجتمع أهل الله تعالى في دوائر التعريف ، فتكون عبارتهم تشير إلى معنى تحققوا منه إدراكا و علما و معرفة ، وذلك لاستمدادهم من المعين النبوي فهو صلى الله عليه و سلم المدد التام و القاسم و المربي و المعلم ، فتتوالى العلوم و المعارف و اللطائف و ذلك بحسب و لاية الولي و حضراته الشهودية. يقول الإمام ابن سودكين في شرح تجلي التحول في الصور : (....تنوعت الصور الحسية التي هي منتهى التحولات الأسمائية فتنوعت اللطائف ، و هي في حقائقها الباطنة من القوى البشرية الروحانية و الطبيعية و الأرواح و النفوس العالية و الدانية و العقول المفارقة الجزئية و الكلية ، التي هي من أطوار التجليات الأسمائية . فتنوعت المآخذ إذ كل شيء بحسب خصوصياته الذاتية المرتبية مآخذ. فتنوعت المعارف أي الأحكام الإلهية و الإمكانية و التفصيلية ، المستفادة من كل مأخذ ، حسب عطيته في التجليات المظهر لها. فتنوعت التجليات حسب تنوع الصور الحسية . فحكم هذا التحول دوري . و قد ذكر قدس الله سره هذه القاعدة في الفتوحات المكية على أبلغ الوجوه هكذا : " أنما اختلفت التجليات للأختلاف الشرائع ، و اختلفت الشرائع لا ختلاف النسب الإلهية ، و اختلفت النسب الإلهية لاختلاف الأحوال ، و اختلاف الأحوال لاختلاف الزمان ، و اختلاف الزمان لاختلاف الحركات ، و اختلاف الحركات لا ختلاف التوجهات ، و اختلاف التوجهات لاختلاف المقاصد ، و اختلاف المقاصد لا ختلاف التجليات";) ، كتاب التجليات الإلهية ، بشرح الإمام ابن سودكين. فمن كان في مقام التصوف بداية ليس كمن كان مامل المشرب ، متبوعا مقدما ، كاملا ختم الله على و لايته بختم السعادة و العلم و الرسوخ ، فكان ختما في السيادة و العلم و المرتبة ، و حاملا للواء الأولياء و سلطانهم ، ينافح عن علومهم و أذواقهم ، و على قدر كماله في التربية و التسليك يكون وليا مرشدا ، دالا على الله ، دلالة بالإذن و مد اليد. و قد كانت هذه الفهوم بين الصحة و البطلان عند من يخالف هذا المشرب. و لهذا كان ابن عربي رضي الله عنه يضع هذه العلوم في كتابه الشاهد على رسوخ العلم و التأويل و الإجتهاد ، فيدقق في تنزيله كل فهم في دائرة من الدوائر ، و أصل من الأصول ، ومرتبة من المراتب .ويرى في النبوة الممد الأصلي للولاية ، فالرسول متبوعا و الولي تابع ، فأني يدرك التابع المتبوع .فلا يسمو ولي من الأولياء على نبي من الأنبياء عليه السلام مهما كانت دائرة علمه و فهمه و سلوكه ، و يحدد الولاية في مراتبها و أصولها و استمداداتها و حضراتها ، في الختم المحمدي و العيسوي و الموسوي ، و في النشأة من الإصطفاء الآدمي بداية. فيرى ان الختم الموسوي و العيسوي تتجدد عبر التاريخ ، و لايتجدد الختم المحمدي إلا مرتان. فيكون الختم المحمدي الأول الممهد للختم الأخير و بينهما زيال من حيث الأجتهاد و الفهم و التجديد و الإقتداء على قدم الحبيب صلى الله عليه وسلم. و يرى في صورة من الصور تلك الوحدة المحددة للكثرة ، فيعلن أن كل عبارة من العبارات ، وكل علم من العلوم ، ليس للشيطان فيه نصيب ، بل عن إلقاء رباني و نفث سبوحي و فيض روحي بالتأييد الإعتصامي كما قال في فصوص الحكم. و قد أثار مثل هذا الكلام من فم ابن عربي رضي الله عنه عدة تأويلات ، إذ لا يفرقون بين العصمة النبوبة و الحفظ الإلهي ، فكان أهل الرسوخ في العلم يضعون مثل هذه الإشارات موضع النسبية ، فيرون فيها شحطات القول و الفهم ، لكنهم لا يجرحون شخص الولي و لايكفرونه ، فكل امرئ يؤخذ من كلامه و يرد إلا مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم. و لهذا نجد الإمام ابن سودكين ترشح فهومه و هو الصاحب الوفي للشيخ الأكبر ، يقول رضي الله عنه في تجلي الولاية تعريفا : ( الولاية هي الفلك الأقصى لما في فلكه من السعة ، لكونها تعم جميع المقامات من الملائكة و الأنبياء و الأولياء و جميع المختصين بها ، فمن اطلع علم ، ومن علم تحول في صورة علمه ، لكون النفس تكتسي صورة هيئة علمها و تتجلى بها. و انظر إلى كون الإنسان إذا علم أمرا يخشاه كيف يلبس صورة الوجل ، لكون نفسه لبست هيئة من الخوف. فالولي الذي و قف مع ولايته لا يعرف. فإذا نزل إلى نسب من نسب ولايته عرف النسبة التي ظهر بها ، و عرف من الوجه الذي ظهر به و صار معرفة من ذلك الوجه. .و إذا كان في مطلق و لايته كان نكرة لكونه لم يتقيد بصورة و لا ظهرت له نسبة من النسب. و متى أردت أن تقيد الولي بعلامة تحكم عليها به تجلى لك في النفس الآخر بخلاف ما قيدته به ، فلا ينضبط لك و لا يمكنك الحكم عليه بأمر تبوثي. و اعلم أن جميع الموجودات يترقون في كل نفس إلى أمر غير الأمر الآخر .فالعارف شهد ذلك التنوع الإلهي فكان بصيرا عليها ، و غير العارف عمي عن ذلك ، فوصف بالعمى و الجهل .فأتم الموجودات حضورا مع الحق أقربهم إلى الحق .فكل حالة شهد العين فيها ربه حاضرا معه كان نعيما في حقه.و إذا غفل عنه في حالة كان ذلك بؤسه و حجابه ووبالا عليه ، فاعلم ذلك.) كتاب التجليات ص 112 ، 113. لذلك نجد أن العلماء السلاف و قفوا من مثل هذه العلوم موقف التبصر ، إذ يرون في هذه الفهوم ومصطلحاتها نوعا من الأجتهاد : - ابن تيمية رحمه الله طائفة ذمت الصوفية والتصوف، وقالوا إنهم مبتدعون خارجون عن السنة(...). وطائفة غَلت فيهم وادعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء. وكِلا طرفي هذه الأمور ذميم. والصواب أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله. ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده. وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين. وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيُخطئ، وفيهم من يذنبُ فيتوب أو لا يتوب. ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه.(...) فهذا أصل التصوف. ثم إنه بعد ذلك تشعب وتنوع، وصارت الصوفية ثلاثة أصناف: صوفية الحقائق، وصوفية الأرزاق، وصوفية الرسم" ،5] الفتاوي ج 10 ص 18- 19. - (قال ابن القيم رحمه الله: "فَنبأ القوم عجيب، وأمرهم خفي إلا على من له مشاركة مع القوم، فإنه يطلع من حالهم على ما يريه إياه القَدْر المشترك". لا شك أن الشيخ يعني نفسه هنا، يشارك القوم (الصوفية) في مشاربهم القلبية ويَنْفَرِدُ عنهم بالمشاركة الواسعة في علوم الظاهر. والقدْرُ المشترك بينه وبينهم عَلّمَه أن: "جملة أمرهم أنهم قوم قد امتلأت قلوبهم من معرفة الله، وغُمِرت بمحبته وخشيته وإجلاله ومراقبته. فسرت المحبة في أجزائهم، فلم يبق فيها عرق ولا مفصل إلا وقد دخله الحب. قد أنساهم حبه ذكر غيره. وأوحشهم أنسهم به ممن سواه. قد فَنُوا بحبه عن حب من سواه، وبذكره عن ذكر من سواه، وبخوفه ورجائه والرغبة إليه والرهبة منه والتوكل عليه والإنابة إليه والسكون إليه والتّذلل والانكسار بين يديه عن تعلق ذلك منهم بغيره" . طريق الهجرتين ص 262 - قال الإمام السيوطي: "واعلم أن دقائق علم التصوف لو عُرضت معانيها على الفقهاء بالعبارة التي ألفوها في علومهم لاستحسنوها كل الاستحسان، وكانوا أول قائل بها. وإنما ينفرهم منها إيرادها بعبارة مستغربة لم يألفوها"، تأييد الحقيقة العلية ص 21. - يقول ابن تيمية رحمه الله :وأما بنعمة ربك فحدث. والذي أعرِّفُ به الجماعة أحسن الله إليهم في الدنيا والآخرة وأتم عليهم نعمته الظاهرة والباطنة: فإني، والله العظيم الذي لا إله إلا هو، في نعم من الله ما رأيت مثلها في عُمْري كله. وقد فتح الله سبحانه وتعالى من أبواب فضله ونعمته وخزائن جوده ورحمته ما لم يكن بالبال، ولا يدور في الخيال، وما يصل الطَّرْف إليها. ييسرها الله تعالى حتى صارت مقاعدَ (قلت الصوفية يقولون: مقامات). وهذا يعرف بعضها بالذوق من له نصيب من معرفة الله وتوحيده وحقائق الإيمان وما هو مطلوب الأولين والآخرين مع العلم والإيمان. "فإن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبيرُ عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيدِه والإيمان به، وانفتاح المعارف الإيمانية والحقائق القرآنية. كما قال بعض الشيوخ (الصوفية): لقد كنت في حال أقول فيها: إن كان أهل الجنة في هذه الحال إنهم لفي عيش طيب! وقال آخر: تمر على القلب أوقات يرقُص فيها طرباً، وليس في الدنيا نعيم يُشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان والمعرفة. ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أرِحنا بالصلاة يا بلال". ولا يقول أرحنا منها ) ،[2] الفتاوي ج 28 ص 30 نسال الله تعالى أن يرحمنا آمين معرفة الله عز وجل والوصول إليه عطاءٌ منه سبحانه مَحْضٌ لمن تقرب إليه جلت نِعَمُه حتى أحبَّه فكان سمعه وبصره ويده ورجله. عطاء يتنزل على القلب. عطاء لا يُكيَّف ومعرفة لا تُكيف. فالعقل السجين في عالم الكم والكيف والعلة والمعلول والفوق والتحت والزمان والمكان آلة فاشلة كل الفشل في هذا المضمار. وإن أطلَّ العقل من خلف سُجُفِ الغيب على ما ينعم به القلب من قرب مولاه عز وجل، ومشاهدته، والأنس به، والمعية معه، فاللسان الذي ينطق به ليعبر عن إطلالته ينطق خطأً. تعبير اللسان عن لمحات العقل المختلَسَة خطأ وعرضة للخطإ، حاشا قولَ المعصوم صلى الله عليه وسلم ونطقَه حين بلغ عن ربه "كنت سمعه وبصره ويده ورجله". وقد تُسْعِف لغة المجاز والكناية والاستعارة اللسان ليعبر عن وجدان القلب ومعرفته لربه عز وجل. علوم الأولياء المتعلقة بالأكوان وعالم الملكوت وكلِّ ما هو مخلوق يجوز للعقل أن يتكلم فيها باللسان العام ليقرب لأذهان السامعين والقارئين علم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. القنواتُ بين العقل والقلب في عالم الخلق مفتوحة. أما معرفة الحق جل وعلا فالفتح القلبي فرحةٌ للقلب ودهشة للعقل لا تنتهي. | |
|