صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: ابن طفيل :تحليل فلسفي لقصة حيي بن يقظان الخميس أغسطس 16, 2012 12:12 am | |
| ابن طفيل تحليل فلسفي لقصة حيي بن يقظان د.صبرى محمد خليل استاذ الفلسفه جامعه الخرطوم sabri.khalil@hotmail.com عرض فلسفته من خلال قصته (حيي بن يقظان(. اكتفاء العامة بظاهر الدين:تجري أحداث القصة على جزيرتين الأولى يسكنها مجتمع إنساني تقليدي تسود فيه الشهوات والنزاعات الدنيا وأهله يحاكون الحقائق بأمثلة الخيال وهم يقبلون ظاهر النصوص بمدلولاتها الحسية وقد جاء القرآن على هذه الصورة لكي يخاطب العامة الذي يرفضون جميع صور التأويل العقلي للصور للوصول إلى باطنها علماء الظاهر وعلماء الباطن:وقد ظهر في هذه الجزيرة فتيان سلامان تميزوا بسمو النظر العقلي وبتغلبهما على الشهوات وكان الأول يساير العامة ويقبل دينهم في الظاهر لا يلبث أن يسيطر عليهم أما الثاني فيعتزل الجزيرة ويتجه نحو جزيرة مجاورة يظن أنها فقر من السكان مراحل المعرفة:في هذه الجزيرة يسكن حيي بن يقظان الذي تولد طبيعياً من العناصر الطبيعية أو ألقي به في اليم طفلاً وتكفلت به ظبية فأرضعته ثم أخذ يدرج في مدارج المعرفة فتعلم بنفسه كيف يكفي حاجاته الطبيعية وكافح حتى خرج من الطور الحيواني، ثم ابعث لديه شعور ديني مصدره التعجب من اكتشاف للنار ويمر خلال حياته في سبعة مراحل كل منها سبع سنين يصل في نهايتها إلى الفناء فيصير عقلاً فتكون روحه مرتبطة بالعالم العلوي وتكون غايته أن يلتمس الواحد في كل شيء فيرى الطبيعة كلها تنزع إليه ويرى التجلي الإلهي شاملاً ويكون عمره قد أشرف على الخمسين. عدم تعارض الدين مع الفلسفة:وحينذاك يحدث اللقاء بين حيي وأبسال وفهم أبسال لغة حيي واكتشف أن العقيدة الدينية السائدة في مجتمع الجزيرة الأولى انتهى إليها حيي وعرفها لدقة بهداية العقل الفعال وعرف أبسال أن العقيدة ما هي إلا رمز للحقيقة الروحية المحجوبة عن البشر بسبب تعلقهم بالعالم المادي المحسوس وأنه لكي تنكشف هذه الحقيقة يجب استخدام منهج التأويل الرمزي فللعقيدة ظاهر وباطن ولكنها في الحقيقة أمرها واحد يفهمه العامة على مستوى حياتهم المادية ويفهمه الخاصة على مستوى الكمال العقلي. عجز العامة عن إدراك الباطن:ثم نجد حيي يصحب أبسال في رحلة إلى الجزيرة المجاورة لكي يخرج أهلها من الجهل ويعلمهم أسرار الحقيقة ولكنه لاحظ أنه كلما أمعن في شرحه الفلسفي كلما ازداد الناس منه حتى واجهوه بالعداوة واضطر إلى الرحيل هو أبسال عائدين إلى جزيرتهم الخالية لكي يعكفا لعبادة الله عبادة روحية خالصة حتى يدركهما الموت، فاتضح لهم أن العامة لا قدرة لها على إدراك الحقيقة، بل يقوي على إدراكها قلة المتحدين من لهم قوة الإدراك على التخلي عن مطالب البدن وحاجات الدنيا وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان على حق حينما عرض لهم الحقائق الدينية في صورة أمثلة حسية ولم يجهر لهم بالمكاشفات النورانية الكاملة التي لا يدركها سوى قلة من المتوحدين أي الفلاسفة المتصوفين. تقويم: يرى البعض أن ابن طفيل يقصد من قصته استعراض أحوال الإنسان لو لم ينزل عليه الوحي وكيف أنه يستطيع وحده بدون معلم أن يصل إلى حقائق الوحي وأصل العقيدة. كما يرى آخرون أنه قصد بها بيان التطابق بين النقل والعقل والفلسفة من حيث أنهما يعبران عن حقيقة واحدة فالدين يصورهما بصورة حسية والعقل يكتشفها ويصوغها في قالب عقلي. • غير أننا نلاحظ أن هذه القصة إنما تصل بنا إلى نتيجة مؤداها أنه في الوقت الذي يمكن فيه يبرر إرسال الرسل إلى عامة الناس الذين يعجزن عن الوصول إلى أصول العقائد بدون معلم أو مرشد خارج أنفسهم. نجد أن المتوحدين ليسوا بحاجة إلى الرسل لأنهم يستطيعون الوصول إلى حقائق الوحي بعقولهم وهداية العقل الفعال.
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) | |
|