صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: مذهب الإطلاق الاجتماعي من منظور نقدي اسلامى الثلاثاء أكتوبر 08, 2013 9:48 pm | |
| مذهب الإطلاق الاجتماعي من منظور نقدي اسلامى د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم sabri.m.khalil@hotmail.com تمهيد:هذه الدراسة هي قراءه نقدية إسلاميه لمذهب الإطلاق ، الذي مضمونه افتراض أن الوجود الانسانى بأبعاده المتعددة هو وجود مطلق، اى كل قائم بذاته ومستقل عن غيره ، ولا يخضع لاى ضوابط ( تكوينيه أو تكليفيه)، وتخلص الدراسة إلى أن لهذا المذهب صيغتين ، الصيغة الأولى قائمه على الإطلاق الكلى، وهى تتناقض مع الإسلام هو تناقض جلي،ومن مظاهر جلاء هذا التناقض،تناقضها مع مفاهيم التوحيد والاستخلاف والوسطية ، وانه يلزم منها العديد من اللوازم المرفوضة إسلاميا ، والتي أشار إليها القران الكريم ، من خلال إشارته إلى ظواهرالاستكبار والطاغوت و الفرعونية والقارونيه واماره المترفين.. أما الصيغة الثانية لمذهب الإطلاق فقائمه على الإطلاق الجزئي ، وهى تتناقض مع الإسلام تناقض خفي، ومرجع خفاء هذا التناقض أسباب عديدة أشارت إليها الدراسة،وأخيرا تبين الدراسة تناقض التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغه الإطلاق الجزئي مع الإسلام، على مستوى الفعل السياسي ، ممثله في مذهبي التفسير السياسي للدين ،والطاعة المطلقة، وعلى مستوى الفعل الاقتصادي ، ممثله في مذهبي التفسير الراسمالى للاقتصاد الاسلامى ،والخلط بين الملكية الفردية والملكية الخاصة ، وعلى مستوى الفعل القانوني، ممثله في مذهب قصر الشريعة على العقوبات، وعلى مستوى الفعل القتالي، ممثله في مذهب الخلط بين الجهاد والحمية. تعريف بمذهب الإطلاق: مذهب الإطلاق هو مذهب معين في تفسير طبيعة الوجود الانسانى بأبعاده المتعددة ، ومضمونه افتراض أن هذا الوجود هو وجود مطلق ، اى كل قائم بذاته ومستقل عن غيره ، ولا يخضع لاى ضوابط تكوينيه (السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود)،أو تكليفيه ( قيم وقواعد الوحي). الإطلاق الكلى والجزئي: ولهذا المذهب صيغتين،الصيغة الأولى قائمه على الإطلاق الكلى ، الذي يرفض أن يخضع الوجود الانسانى بأبعاده المتعددة لاى ضوابط تكوينيه او تكليفيه ، أما الصيغة الثانية فقائمه على الإطلاق الجزئى الذي يقبل أن يخضع الوجود الانسانى لبعض الضوابط ،ويرفض أن يخضع لبعضها الاخر. تناقض مذهب الإطلاق مع الإسلام: أولا: الإطلاق الكلى: وكلا صيغتي مذهب الإطلاق تتناقضان مع الإسلام، ومع مذهب أهل السنة بتفريعاته المتعددة (الحنبلية والاشعريه والماتريديه والطحاويه والظاهرية ..)،غير أن تناقض صيغته الأولى القائمة على الإطلاق الكلى هو تناقض جلي ، بينما تناقض صيغته الثانية القائمة على الإطلاق الجزئي هو تناقض خفي، ومن مظاهر جلاء تناقض مذهب الإطلاق بصيغته الأولى القائمة على الإطلاق الكلى مع الإسلام : التناقض مع مفهوم التوحيد: حيث يتناقض مذهب الاطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى مع مفهوم التوحيد بقسميه توحيد الربوبية وتوحيد الالوهيه ، حيث ان مذهب الإطلاق بافتراضه أن الوجود الانسانى مطلق ، يحاول تحويل فعله المحدود الى فعل مطلق على المستوى الموضوعي، وتحويل غاياته المحدودة الى غايه مطلقه على المستوى الذاتي، وبالتالي فهو يتناقض مع توحيد الربوبية لان مضمونه إفراد الفعل المطلق " الدائم كونه فاعلا بتعبير ابن تيميه" لله تعالى، يقول ابن تيميه في معرض رفضه لاستدلال المتكلمين على وجود الله بطريقه الأعراض الدالة على حدوث الأجسام( أن هذا المسلك مبنى على امتناع دوام كون الرب فاعلا، وامتناع قيام الأفعال الاختيارية بذاته)( ابن تيميه، درء التعارض،1/98). كما يتناقض مذهب الإطلاق مع توحيد الالوهيه لان مضمونه أن الله تعالى ينفرد بكونه الغاية المطلقة " الغاية المطلوب بتعبير ابن تيميه" لكل وجود سواه ، يقول ابن تيمية ( …. ولكن المراد المستعان على قسمين: منه ما يراد لغيره ….. ومنه ما يراد لنفسه فمن المرادات ما يكون هو الغاية المطلوب فهو الذي يبذل له الطالب ويحبه وهو الإله المعبود ومنه ما يراد لغيره). الاستكبار والطاغوت: ومما سبق يتضح لنا تناقض إطلاق الوجود الانسانى على المستوى الموضوعي مع توحيد الربوبية، لان هذا الإطلاق يلزم منه الاستكبار الذي مضمونه إسناد الفعل المطلق لسواه تعالى ، وهو ما يؤدي إلي إلغاء فعل الآخرين، وبالتالي إلغاء المساواة بين الناس ، ونشؤ علاقة ذات طرفين المستكبر والمستضعف ، وكذلك تناقض إطلاق الوجود الانسانى على المستوى الذاتي مع توحيد الالوهيه لأنه يلزم منه الطاغوتيه، لان الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله ، قال تعالى (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) (النساء 51)، وورد في تفسير ابن كثير (… وقال الإمام مالك: الطاغوت: هو كل ما يعبد من دون الله عز وجل). التناقض مع مفهوم الاستخلاف: كما يتناقض مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى مع مفهوم الاستخلاف الذي مضمونه إظهار الإنسان لالوهيه الله تعالى وربوبيته في الأرض ، يقول الماتريدى (وجائز أن يكونوا خلفاء في إظهار أحكام الله ودينه) ( تأويلات أهل السنة، ج 1)، وهو ما يتحقق عندما تأخذ حركه الإنسان شكل فعل غائي محدود بغاية مطلقه"الالوهيه"، وفعل مطلق" الربوبيه"، اى كدح إلي الله بالتعبير القرانى، قال تعالى ( يا أيها الإنسان انك كادح إلي بربك كدحا فملاقيه). التناقض مع مفهوم الوسطية: كما يتناقض مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى مع مفهوم الوسطية الذي أشارت إليه العديد من النصوص كقوله تعالى( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً )(البقرة:143)، حيث أن التصور الاسلامى للوجود الانسانى بأبعاده المتعددة – اتساقا مع مفهوم الوسطية - يتجاوز كل من مذهبي إطلاق الوجود الانسانى وإلغائه إلى مذهب تحديد الوجود الانسانى ، والقائم على اعتبار أن علاقة الوجود الالهى بالوجود الانسانى هي علاقة تحديد وليست علاقة إلغاء، وبالتالي فان الوجود الانسانى بأبعاده المتعددة يجب أن يخضع لضوابط تكوينيه (السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود)،وتكليفيه (مفاهيم و قيم وقواعد الوحي)، وتمثل هذه الضوابط الظهور التكليفى والتكوينى للفعل الالهى المطلق "الربوبية"، الذي يحدد الفعل الإنسان كما يحدد الكل الجزء فيكمله يغنيه لكن لا بلغيه . الظاهرة الفرعونية : كما يلزم من مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى، إسناد السلطة المطلقة (السيادة) لفرد معين أو فئة معينه، وهو ما يؤدى الى إلغاء الفعل السياسي"السلطة" للجماعة (العبودية السياسية)، وقد أشار القران الكريم الى هذا اللازم - المرفوض إسلاميا –من خلال إشارته الى الظاهرة الفرعونية، التي مضمونها إسناد السلطة المطلقة (السيادة) إلى شخص فرعون، وما يلزم من ذلك من شرك في الربوبية، وما يترتب على ذلك من استضعاف للآخرين و إلغاء لاى فعل لهم ، قال تعالى (فَحَشَرَ فنادي * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى* فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى)، وقال تعالى(إن فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ)، وهذا اللازم من لوازم مذهب الإطلاق طبقا لصيغته ألقائمه على الإطلاق الكلى يتعارض مع تقرير القران الكريم ان ألحاكميه (السيادة ) صفة ربوبية ( أن الحكم إلا لله )( الأنعام:57)،بالتالي فان إسنادها لسواه تعالى هو شرك ( اعتقادي أو عملي) في الربوبية ( لم يكن شريك في الملك )( الفرقان:2)، كما يتعارض مع المنظور السياسي الاسلامى، والقائم - بالاضافه إلى إسناد الحاكمية (السيادة) لله وحدة - على استخلاف الجماعة في إظهار ألحاكميه الالهيه في الأرض، من خلال إسناد الأمر(السلطة) إليها، بعد تقييده بالحاكميه الالهيه، قال تعالى (وأمرهم شورى بينهم)، أما الحاكم فهو نائب ووكيل عن الجماعة، لها حق تعيينه ومراقبته وعزله ، يقول أبو يعلي أن الخليفة ( وكيل للمسلمين). الظاهرة القارونيه وأماره المترفين: كما يلزم من مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى، إسناد الملكية ( حق التصرف المطلق فى المال) لفرد معين أو فئة معينه ، وهو ما يؤدى الى إلغاء الفعل الاقتصادي " الانتفاع بالمال" للجماعة (العبودية ألاقتصاديه)، وقد أشار القران الكريم الى هذا اللازم - المرفوض إسلاميا –من خلال إشارته إلى الظاهرة الفرعونية، الى كل من الظاهرة القارونيه وأماره المترفين، فالأولى مضمونها إسناد قارون الملكية(حق التصرف المطلق فى المال) لذاته ، وما لزم من ذلك من شرك في الربوبية، وما ترتب على من استحقاق العقاب الدنيوي والاخروى ، قال تعالى(إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُو بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمْ الْمُجْرِمُونَ... فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ)، أما أماره المترفين فهى شكل من أشكال الاستكبار الاقتصادي السياسي الذي أشار اليه القران الكريم قال تعالى(وَإِذَآ أردنا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا۟ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَـٰهَا تَدْمِيرًۭا ) ( الإسراء / 16)، فالمترفين في هذه الايه ليسوا الذين يمتلكون المال فقط ، بل الذين يمتلكون المال ، ويعملون على الإبقاء على الواقع القائم على ثنائيه الاستكبار / الاستضعاف ، ومعارضه تغييره إلى الاستخلاف ، ورد في تفسير ابن كثير (“إِلا قال مترفوها” وهم أولو النعمة والحشمة والثروة والرياسة, قال قتادة: هم جبابرتهم وقادتهم ورؤوسهم في الشر). وهذا اللازم من لوازم مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الكلى يتعارض مع تقرير القران الكريم أن الملكية صفة من صفات الربوبية ، قال تعالى(ولله ملك السموات والأرض وما بينهما)(المائدة: 17)، وبالتالي فان إسنادها إلى سواه تعالى هو شرك- اعتقادي أو عملي- في الربوبية قال تعالى(ولم يكن له شريك في الملك) (إلا سراء: 111)،كما يتعارض مع المنظور الاقتصادي الاسلامى، والقائم بالاضافه إلى إسناد الملكية (لله وحدة ،على استخلاف الجماعة في إظهار الملكية الالهيه في الأرض، من خلال إسناد الانتفاع بالمال إليها ، بعد تقييده بالملكية الالهيه، أما الفرد فهو نائب ووكيل عنها فى الانتفاع بالمال على الوجه الذى لا يتناقض مع مصلحتها، قال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) (الحديد: 7.( ثانيا: الإطلاق الجزئي: كما سبق ذكره فان كلا صيغتي مذهب الإطلاق تتناقضان مع الإسلام، ومع مذهب أهل السنة ، غير أن تناقض صيغته الأولى القائمة على الإطلاق الكلى هو تناقض جلى كما سبق تفصيله، بينما تناقض صيغته الثانية القائمة على اى الإطلاق الجزئي هو تناقض خفي، وفيما يلي نوضح أسباب خفاء هذا التناقض ، ومظاهر هذا التناقض الخفي في التطبيقات الاجتماعية لهذه الصيغة من صيغ مذهب الإطلاق: أسباب شيوع مذهب الإطلاق طبقا لصيغه الإطلاق الجزئى فى المجتمعات المسلمة : ويرجع هذا الخفاء الى عده أسباب منها : أولا:اتفاق هذه الصيغة من صيغ مذهب الاطلاق مع التصور الاسلامى للوجود الانسانى في إثبات الوجود الانسانى، رغم اختلافه عنه في التطرف في هذا الاثبات لدرجه تحويله من وجود محدود إلى وجود مطلق. ثانيا: انه رد فعل على مذهب إلغاء الوجود الانسانى، والذي يتناقض ايضا مع التصور الاسلامى للوجود الانسانى تناقض جلي ، لكنه كرد فعل - انفعالي- لم يتقيد بالضوابط التكليفيه والتكوينية، فضلا عن أخذه من هذا الفعل- الذي جاء هو كرد فعل عليه- الكثير من الخصائص،لان رد الفعل رغم انه معاكس للفعل في الاتجاه إلا انه مساوي له فى القوه. ثالثا:أن أنصار هذا المذهب قد حاولوا إثبات صحة هذا المذهب ، من خلال الاستدلال بالعديد من النصوص، رغم ان هذا الاستدلال ناقص. رابعا: أن مذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي هو احد أشكال التغريب الخفي، والذي لازم الاستعمار القديم والجديد للمجتمعات المسلمة. خامسا: شيوع نمط التفكير البدعى في المجتمعات المسلمة، حيث أن البدعة هي إطلاق للدين بالاضافه إلى أصوله، وترتب على ذلك شيوع نمطي التفكير الخرافي، القائم على إطلاق الحواس، ونمط التفكير الاسطورى القائم على إطلاق العقل، استنادا إلى العاطفة والخيال . سادسا: حدوث تخلف في النمو الحضاري للمجتمعات المسلمة نتيجة لعوامل داخليه (كالجمود) وخارجية (كالاستعمار) متفاعلة، وما صاحب ذلك من شيوع أنماط الفهم الخاطئ للإسلام؛ والتي تكتسب قدسية نسبتها إلى الدين، رغم أن مصدرها هو واقع تخلف النمو الحضاري للمجتمعات المسلمة وليس الاستلام كدين. سابعا: مفارقه بعض الجماعات لمذهب أهل السنة ،المتسق مع التصور الاسلامى للوجود الانسانى ، والقائم على تحديد الأبعاد المتعددة للوجود الانسانى ، وتبنيها لمذاهب الفرق المفارقة له ، والتي تشيع فيها مظاهر الإطلاق الجزئى، لبعض أبعاد الوجود الانسانى ، كالشيعة الذين اطلقوا الامامه(السلطة) من ضوابطها، والخوارج الذين أطلقوا التكفير والجهاد من ضوابطهما ، والمرجئة الذين انطلقوا الإيمان من ضوابطه... التطبيقات ألاجتماعيه لمذهب الإطلاق طبقا لصيغه الإطلاق الجزئي: وفيما يلي نعرض للتطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، كما نوضح تناقض هذه الصيغة من صيغ مذهب الإطلاق مع الإسلام ومذهب أهل السنة. أولا: على مستوى الفعل السياسي : ا/ مذهب التفسير السياسي للدين: فمن التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، على مستوى الفعل السياسي، التفسير السياسي للدين ، وهو مذهب معين في تفسير طبيعة العلاقة بين الدين والسياسة، يقوم على إثبات العلاقة بينهما، ولكنه يتطرف في هذا الإثبات ، إلى درجه تجعل العلاقة بينهما علاقة خلط، وليست علاقة ارتباط ، وبالتالي يساوى بين الدين والسياسة في الدرجة، وقد يتطرف فيجعل السياسة اعلي درجه من الدين حين يجعل الغاية هي الدولة – السلطة، والوسيلة هي الدين، ومرجع هذا التطرف في الإثبات أن هذا المذهب إنما ظهر في المجتمعات المسلمة في العصور الحديثة والمعاصرة، كرد فعل على الليبرالية ،والتي باستنادها إلى العلمانية نفت وألغت اى علاقة للدين بالسياسة. الامامه من الفروع إلى الأصول، ويستند هذا المذهب إلى مقوله أن الامامه - بمعنى السلطة- هي أصل من أصول الدين، وهذا المذهب قال به الشيعة، ولكنه يخالف ما ذهب إليه أهل السنة من أن الامامه – بمعنى السلطة- هي فرع من فروع الدين وليس أصل من أصوله ، يقول الإيجي ( وهي عندنا من الفروع ، وإنّما ذكرناها في علم الكلام تأسيّاً بمن قبلنا )(المواقف : ص 395) ، ويقول الإمام الغزالي ( اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات ، وليس أيضاً من فنّ المعقولات ، بل من الفقهيات ) (الاقتصاد في الاعتقاد : ص 234) . أما الامامه بمعنى الدولة فقد قرر علماء أهل السنة وجوب نصب الإمام ، لكن المقصود بهذا القول أن الدولة هي ضرورة اجتماعيه- وهو مبدأ اتفقت عليه اغلب المذاهب السياسية في كل زمان ومكان – لكنهم قرروا في ذات الوقت أن الوجوب هنا هو وجوب كفائي وليس عيني، يقول الماوردي ( فإذا ثبت وجوبها ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم...) ( الأحكام السلطانية: ص 5) ، ويقول الإمام النووي: (تولي الإمامة فرض كفاية ، ...) (روضة الطالبين :10/43). ب/ مذهب الطاعة المطلقة: ومن التطبيقات الاجتماعيه لمذهب الإطلاق ، طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، على مستوى الفعل السياسي أيضا مذهب الطاعة المطلقة الذي مضمونه افتراض أن الإسلام اوجب طاعة الحاكم طاعة مطلقه استنادا إلى العديد من الادله كقوله تعالى (وأطيعوا الله ورسوله وأولى الأمر منكم)،غير أن طاعة أولى الأمر في الايه وغيرها من النصوص ليست مطلقه كما يتصور أنصار هذا الموقف ، بل هي مشروطة بعدم معصية الله تعالى، كما في الحديث( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ،يقول الطوفي الحنبلي في كتابه (الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية2/28) فـ( الأمر في هذه الآية عام مخصوص بما إذا دعوا الناس إلى معصية أو بدعة لا تجوز طاعتهم للحديث: ” إنما الطاعة في المعروف ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”. وقد امتنع كثير من أئمة السلف من إجابة الخلفاء إلى المناكر والمفاسد والبدع. وهم في ذلك قدوة، والآية المذكورة حجة لهم ) .والقول بالطاعة المطلقة للحاكم يتنافى مع مفهوم التوحيد، والذي يلزم منه إسناد ألحاكميه -السيادة (السلطة المطلقة ) لله تعالى ، يقول الإمام الغزالي ( الحاكم هو الشارع ، و لا حكم إلا لله تعالى لا حكم غيرة،وأما استحقاق نفوذ الحكم فليس إلا لمن له الخلق والأمر، فإنما النافذ حكم المالك علي مملوكه ولا مالك إلا الخالق، فلا حكم ولا أمر إلا له، أما النبي ( صلى الله عليه وسلم) والسلطان والسيد و الأب والزوج فان أمروا أو أوجبوا لم يجب شئ بإيجابهم، بل بإيجاب الله تعالى طاعتهم)، كما ان هذا القول يقارب مذهب الثيوقراطيه (واهم ممثليه نظريتي العناية الالهيه والحكم بالحق الالهى) وهو مذهب مخالف للإسلام. ثانيا: على مستوى الفعل الاقتصادي : ا/مذهب التفسير الراسمالى للاقتصاد الاسلامى: ومن التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق ، طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، على مستوى الفعل الاقتصادى مذهب التفسير الراسمالى للاقتصاد الاسلامى، والذي مضمونه محاوله تفسير مفهوم الاقتصاد الاسلامى،استنادا إلى مفاهيم وقواعد وقيم النظام الاقتصادي الراسمالى، والذي يمثل التطبيق الاقتصادي للفلسفة الليبرالية، وهو ما يتناقض مع حقيقة أن النظام الاقتصادي الراسمالى يتناقض مع الفكر الاقتصادى الاسلامى ، سواء على مستوى أصوله النصية الثابتة ، او فروعه الاجتهادية المتغيرة، تناقضا لا يقبل التوفيق أو التلفيق او التزويق، وان الموقف السليم من هذا النظام الاقتصادي ليس القبول المطلق ، بل هو الموقف النقدي القائم على رفض السلبيات وقبول الايجابيات. ب/ مذهب الخلط بين الملكية الفردية والملكية الخاصة: ومن التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، على مستوى الفعل الاقتصادى أيضا مذهب الخلط بين الملكية الفردية والملكية الخاصة الذي يرى ان الإسلام يقر الملكية الخاصة، كما فى الفلسفة الاقتصادية الليبرالية والنظام الاقتصادي الراسمالى، ووجه الخطأ في هذا المذهب انه يخلط بين الملكية الخاصة المتعلقة بوظيفة الملكية، التي مضمونها حق المالك فى التصرف المطلق بالمال، والملكية الفردية المتعلقة بالشكل القانوني للملكية، والتي مضمونها حق الفرد في التصرف المقيد بالمال، ويستدل هذا المذهب بعده أدله سنعرض لها ونتناولها بالنقد: الدليل الأول: وضع الإسلام حد السرقة وجعل عقوبتها قطع اليد، والاستدلال هنا غير صحيح ، إذ أن الحدود هي (محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى)، وما كان حق الله يعني ان وضعه كان لحماية مصلحة الجماعة ، لا مصلحة الفرد يقول الكاساني (والمقصود بحق لله كل فعل أو امتناع ترجع علة إيجابه أو النهي عنه إلى الجماعة)(بدائع الصنائع، ج7، ص 33،56)،وهذا دليل على أن حد السرقة إنما وضعه الشارع تعالى لحماية مصلحة الجماعة ،التي لها حق الانتفاع أصلا وأن كان الانتفاع بيد الفرد،إذ لو كان المراد إقرار الملكية الخاصة كما فى الراسماليه لكانت عقوبة السرقة قصاص لا حد، إذ المقصود بالقصاص(ما وجب إتيانه أو الامتناع عنه لحق الفرد)( المرجع السابق، ص320(إي أن القصاص وضع لحماية حق الفرد ولذا يجوز العفو في القصاص ولا يجوز في الحد. الدليل الثاني: أنه لا يجوز للدولة أن تأخذ من مال الفرد سوى الزكاة،وهو رأي خاطئ،ومن أدلة ذلك قوله تعالى (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ والملائكة وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِيا لْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ والسائلين وَفِي الرقاب وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ اِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(البقرة: 177)، وفي تفسير القرطبي (استدل بها من ذهب إلى إن في المال حق سوى الزكاة ،وقيل الزكاة المفروضة،والأول أصح ...وقال عمر (رضى الله عنه)( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء فقسمتها على الفقراء المهاجرين)، وقال علي رضي الله عنه (إن الله فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفي فقراءهم(. الدليل الثالث: انه لا يجوز للدولة أن تأخذ مال الفرد جبراً، بل على الفرد أن يعطي باختياره، وهو رأي خاطئ والأدلة: عندما احي عمر رضي الله عنه أرضا بالربدة وكانت لقوم فجاءؤا وقالوا: يا أمير المؤمنين إنها بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية وأسلمنا عليها في إلاسلام علام تحميها،فاطرق عمر ثم قال: المال مال الله والعباد عباد الله والله لو لا ما احمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبر في شبر”. ، ويقول الإمام ابن حزم “وفرض على الأغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، يجبرهم السلطان على ذلك أن لم تقم الزكوات، ولا في سائر أموال المسلمين فيقم لهم بما يأكلون من القوت الذي لابد منه ، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك ،وبمسكن يقيهم من المطر والصيف والشمس وعيون المارة. ثالثا: على مستوى الفعل القانوني: مذهب قصر الشريعة على العقوبات: ومن التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي، على مستوى الفعل القانوني، مذهب قصر الشريعة على العقوبات ، الذي يجعل العلاقة بين مصطلحي الشريعة والعقوبة علاقة تطابق، في حين أن العلاقة بينهما هي علاقة شمول، اى أن مصطلح الشريعة اشمل من مصطلح العقوبة، حيث أن لمصطلح الشريعة دلاله أصليه ودلاله تبعية ، أما دلالته الاصليه فهي تشمل العبادات والمعاملات بنوعيها: المعاملات الفردية من أحوال شخصية ومعاملات الفرد من بيع وأجاره ورهن وكفالة... والمعاملات التي تنظم العلاقة بين الأفراد في الجماعة، وتشمل القواعد الكلية التي تستند إليها النظم الاقتصادية السياسية القانونية... ويقول ابن تيميه(و إلا فالشريعة جامعة لكل ولاية وعمل فيه صلاح الدين والدنيا، والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات...) .وطبقا لهذه الدلالة فان مصطلح شريعة اشمل من مصطلح العقوبة، إذ ان العقوبات المقدرة هي جزء من الشريعة .أما دلالته التبعية فهي تعنى النظام القانوني الاسلامى وما يتضمنه من نوعين من أنواع القواعد القانونية : القواعد – الأصول، ممثله في القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود ". و القواعد -الفروع، التي محلها الفقه في الإسلام يقول ابن تيميه ( ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء: شرع مُنَزَّل، وهو: ما شرعه الله ورسوله. وشرع مُتَأَوَّل، وهو: ما ساغ فيه الاجتهاد. وشرع مُبَدَّل، وهو: ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر من الشرع، أو البدع، أو الضلال الذي يضيفه / الضالون إلى الشرع. والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم). وهنا أيضا فان مصطلح الشريعة اشمل من مصطلح العقوبة الذي يتضمن نمطين من أنماط الجزاء على خرق النظام القانوني الاسلامى (اى الدلالة التبعية لمصطلح الشريعة )،اى العقوبات الحدية و عقوبات التعزير كما سبق ذكره. كما أن هذا المذهب يجعل العلاقة بين مصطلحي الحدود والعقوبات علاقة تطابق ، في حين أن العلاقة بينهما هي أيضا علاقة شمول وليست علاقة تطابق ، اى أن مصطلح حد اشمل من مصطلح عقوبة، فالحَدُّ لغة الفصل بين الشيئين (لسان العرب) أما اصطلاحا فان للمصطلح دلاله أصليه ودلالات تبعية، أما دلالته الاصليه فهي القواعد الآمرة أو الناهية التي لا يباح مخالفتها، كقولة تعالي( تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ) ( البقرة: 229) ، و قولة تعالي ( تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ).(البقرة187) وسميت حدودا لأنها فوارق بين الحلال والحرام وبالتالي لا يباح مخالفتها، ورد في لسان العرب(وحُدُود الله تعالى: الأَشياء التي بيَّن تحريمها وتحليلها، وأَمر أَن لا يُتعدى شيء منها فيتجاوز إِلى غير ما أَمر فيها أَو نهى عنه منها، ومنع من مخالفتها...) . أما دلالته التبعية الأولى فهي العقوبات المقدرة ، اى الجزاء على خرق القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود "،و الذي ورد في النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، يقول ابن تيمية( أما تسميه العقوبة المقدرة حدا فهو عرف حادث) ( الفتاوى، ص41).أما الدلالة التبعية الثانية لمصطلح الحدود فهي الجرائم المقدرة ، اى ذات الفعل الذي يخرق القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود "، و الذي ورد جزاء محدد عليه في النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، وقد وردت الاشاره إلى هذه الدلالة في الحديث( إِني أَصبت حدّاً فأَقمه عليّ ). رابعا: على مستوى الفعل القتالي: مذهب الخلط بين الجهاد والحمية: ومن التطبيقات الاجتماعية لمذهب الإطلاق طبقا لصيغته القائمة على الإطلاق الجزئي،على مستوى الفعل القتالي، مذهب الخلط بين الجهاد والحمية الذي يطلق صفه الجهاد على الفعل القتالي ، دون ان يلتزم بضوابط الجهاد الشرعية، التي أشار إليها علماء الإسلام ومنها: اولا: شمول مفهوم الجهاد لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم ) قَالَ("جَاهِدُوا اَلْمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ, وَأَنْفُسِكُمْ, وَأَلْسِنَتِكُمْ( ( رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ( ، ثانيا: النية فعنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، ثالثا: الإعداد للقوه لقوله تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ)(لأنفال60: ) ، رابعا: ان الجهاد يكون مع جماعة المسلمين، وليس مع آحاد الناس أو جماعه من المسلمين، لقوله تعالى(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا )( التوبة (38وقول الرسول(صلى الله عليه وسلم)(إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ) ، يقول الإمام أحمد بن حنبل )والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة – البر والفاجر – لا يترك)، رابعا: لا قتال لمن يقيم الصلاة ويؤذن لها: فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ إِذَا غَزَا بِنَا قَوْمًا لَمْ يَكُنْ يَغْزُو بِنَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيَنْظُرَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا كَفَّ عَنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ أَذَانًا أَغَارَ عَلَيْهِم ، خامسا: حرمه قتل المعاهدين والمستأمنين: لقول الرسول(صلى الله عليه وسلم)(مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)(رواه البخاري في صحيحة( ، سادسا:عدم جواز نقض العهود والمواثيق لقوله تعالى (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاق)،سابعا:عدم جواز قتل المدنيين: فقد روى عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ): أن الرسول صلى الله عليه و سلم كان إذا بعث جيشاً قال : ( انطلقوا باسم الله لا تقتلوا شيخاً فانياً و لا طفلاً صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)( رواه أبو داود في السنن ) قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)( النساء : 93 ). غير أن عدم التزام الفعل القتالي ، بضوابط الجهاد الشرعية المشار إليها أعلاه ، يخرجه من دائرة الجهاد ، ويدخله في دائرة الحمية والهرج اللذان أشارت إليهم العديد من النصوص كقوله تعالى ِ(إذ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )) الفتح :26 )، وعنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، وعن أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض" (صحيح البخاري - كتاب الجمعة- أبواب الاستسقاء - باب ما قيل في الزلازل والآيات- حديث:1002). - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.) | |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: مذهب الإطلاق الاجتماعي من منظور نقدي اسلامى السبت أكتوبر 12, 2013 8:48 am | |
| | |
|