صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: التكفير بين الضبط الشرعي عند أهل السنة والإطلاق البدعى عند الخوارج الخميس نوفمبر 28, 2013 7:32 am | |
| التكفير بين الضبط الشرعي عند أهل السنة والإطلاق البدعى عند الخوارج د.صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم sabri.khalil@hotmail.com عموم النهى عن تكفير المسلمين: وردت الكثير من النصوص في النهى عن تكفير المسلمين: قال تعالى( ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمناً تبغون عرض الحياة الدنيا، (….وسبب نزول الآية قتل صحابي لمشرك قال لا إله إلا الله عندما هم بقتله، فبلغ ذلك الرسول (صلى الله عليه وسلم( فغضب . و قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) ( ومن رمى مؤمناً بكفر فهو كقتله ) (ترجم له البخاري). وفي حديث أبي هريرة (إذا قال المسلم لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما)(رواه البخاري بلفظه). وفي مجمع الزوائد من حديث عبد الله بن مسعود يرفعه( ما من مسلمين إلا وبينهما ستر من الله، فإن قال أحدهما لصاحبه هجراً، هتك الله ستره، وإذا قال يا كافر فقد كفر أحدهما) (رواه الطبري والبراز من حديث يزيد ابن أبي زيادة وحديثه حسن ورجاله ثقات). الضبط الشرعي للتكفير عند أهل السنة :اتساقا مع النصوص الواردة في النهى عن تكفير المسلمين قام علماء أهل السنة بالضبط الشرعي للتكفير من خلال إقرارهم للعديد من الضوابط الشرعية للتكفير ، ومن هذه الضوابط: أولا: لا تكفير إلا بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة: فمن ضوابط التكفير التي قررها علماء أهل السنة انه لا يجوز تكفير احد إلا في حاله إنكاره ما هو معلوم من الدين بالضرورة ، والمقصود بالمعلوم من الدين بالضرورة النص يقيني الورود ( من الله تعالى أو الرسول"صلى الله عليه وسلم"( ، القطعي الدلالة (لا يحتمل التأويل) ، لذا يقول الشوكاني ( اعلم أن الحكم على المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار). ثانيا: التكفير على العموم أما المعين فيتوقف تكفيره على استيفاء الشروط وانتفاء الموانع: ومن ضوابط التكفير التي قررها علماء أهل السنة القول بجواز التكفير على العموم، بمعنى جواز القول بان المذهب المعين أو القول المعين هو كفر، أما الشخص المعين فلا يجوز القول بكفره إلا بعد استيفائه شروط التكفير وانتفاء موانعه عنه، والدليل على ذلك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لعن شارب الخمر على العموم، ولما جلد رجلاً شرب الخمر قام رجل فلعنه فقال (صلى الله عليه وسلم) (لا تلعنوه فو الله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله) (رواه البخاري)، فوجد الرسول(صلى الله عليه وسلم) مانع من اللعن العام وهو محبته لله والرسول .يقول ابن تيمية ( إن التكفير العام يجب القول بإطلاقه وعمومه، وأما الحكم على المعين بأنه كافراً أو مشهود له بالنار، فهذا يقف على الدليل المعين، فإن الحكم يقف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه) (ابن تيمية، الفتاوى، الفتاوى ،مجلد 12، ص22.) ثالثا: التمييز بين الكفر الأكبر( الاعتقادى) والكفر الأصغر( العملي) : من ضوابط التكفير التي قررها علماء أهل السنة التمييز بين الكفر الأكبر(الاعتقادى)( إنكار أصل من أصول الدين) ، والكفر الأصغر( العملي)( المعصية)، كقوله( صلى الله عليه وسلم) (لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن) ، فالأول يوجب الخروج من الملة ، والثاني لا يوجب ذلك. يقول بن عباس (رضي الله عنه ) في تفسير قوله تعالى( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)( كفر دون كفر ) و يقول ابن القيم (فأما الكفر فنوعان :كفر اكبر وكفر اصغر..فالكفر الأكبر :هو الموجب للخلود في النار.والأصغر:موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود) (مدارج السالكين :1/364( رابعا:العذر بالجهل : ومن ضوابط التكفير التي قررها علماء أهل السنة عدم تكفير من جهل ان قوله هو كفر، ودليل ذلك في السنة قوله (صلى الله عليه وسلم) (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون). نقل الذهبي في الموقظة عن ابن تيمية (كنت أقول للجهنمية من الحلولية والنفاه الذين نفوا أن الله فوق العرش لما وقعت محنتهم ، أنا لو وافقتكم كنت كافراً لأني أعلم أن قولكم كفر، وأنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال) وكان هذا خطاباً لعلمائهم وقضاتهم وشيوخهم وأمرائهم. ويقول ابن القيم ( أما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام، ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية ونحوهم فهؤلاء أقسام: أحدهما الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً فأولئك عسى الله أن يغفر عنهم)( ابن القيم، الطرق الحكمية، ص174). خامسا: لازم المذهب ليس بلازم: ومن ضوابط التكفير التي قررها علماء أهل السنة ان الكفر الذي يلزم منطقيا من مذهب معين لا يوجب التكفير إلا في حاله التزام أصحاب هذا المذهب بهذا اللازم ، يقول ابن تيمية : (فلازم المذهب ليس بمذهب ، إلا أن يلتزمه صاحب المذهب ،فخلق كثير من الناس ينفون ألفاظاً أو يثبتونها ، بل ينفون معاني أو يثبتونها ، ويكون ذلك مستلزماً لأمور هي كفر ،وهم لا يعلمون بالملازمة) ( مجموع الفتاوى : 5/306) وقال في موضع آخر : (... ولو كان لازم المذهب مذهباً للزم تكفير كل من قال عن الاستواء وغيره من الصفات أنه مجاز ليس بحقيقة؛ فإن لازم هذا القول يقتضي أن لا يكون شيء من أسمائه وصفاته حقيقة) (مجموع الفتاوى: 20/217). الإطلاق البدعى للتكفير عند الخوارج : خلافا لمذهب أهل السنة في الضبط الشرعي للتكفير، يقوم مذهب الخوارج على الإطلاق البدعى للتكفير، من خلال عدم الالتزام بضوابط التكفير الشرعية التي سبق الاشاره إليها. لذا ترتب على مذهب الخوارج الكثير من البدع - التي رد عليها علماء أهل السنة -كتكفير الكثير من الصحابة كعلي وعثمان (رضي الله عنهم) وكل من رضي بالتحكيم ، و تكفير مرتكب الذنوب، مع عدم التمييز في الذنوب بين الكبائر والصغائر، واعتبار مخالفيهم في الاجتهاد والمذهب كفاراً، واباحه دماء وأموال المسلمين... التقاء أهل الغلو والخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير: بناءا على ما سبق فان اى مذهب لا يلتزم بضوابط التكفير الشرعية، فانه يفارق مذهب أهل السنة، و يلتقي مع مذهب الخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير، فهو مذهب يتجاوز وسطيه أهل السنة في تناول قضيه العلاقة بين الإيمان والعمل( باعتبارها علاقة وحدة " وليست علاقة خلط كما عند الخوارج"، وعلاقة تمييز"وليست علاقة فصل كما عند المرجئة") ، وينتقل إلى تطرف الخوارج في تناول هذه القضية ( والقائم على اعتبار العلاقة بين الإيمان والعمل علاقة خلط)، لذا أشار ابن تيميه إلى التقاء أهل الغلو مع الخوارج في الإطلاق البدعى للتكفير، حيث يقول في وصف الخوارج (ولهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بها جماعه المسلمين وأئمتهم ، احدهما خروجهم من عن السنة ، وجعلهم ما ليس بسيئة سيئة، و ما ليس بحسنه حسنه.. الفرق الثاني: في الخوارج وأهل البدع أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات ، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وان دار الإسلام دار حرب ودارهم هي دار إيمان ،وكذلك يقول جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهميه، وطائفة من غلاه المنتسبين إلى أهل الحديث والفقه ومتكلميهم... فينبغي على للمسلم أن يحذر من هذين الأصلين الخبيثين ،وما يتولد عنهما من بغض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم وأموالهم)( مجموع الفتاوى 19/72). -للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان (http://drsabrikhalil.wordpress.com
| |
|