[ مبحث صوفي ] : الحجاب ومعانيه عند الصوفية
يقول الدكتور حسن شرقاوي :
" وردت في القرآن الكريم كلمة ( حجاب ) بمعنى الستر والمنع ، سواء كان هذا الستر حسيا أو معنويا ، كما وردت بمعنى محجوب ، أي ممنوع ، ومحجوبون حيث أنهم أصحاب نفاق ورياء ، أي : أنهم ممنوعون - إهانة لهم - على الدخول على العظماء ، كما يقال انهم ( مستورون ) فلا يرونه تعالى " .
" وقد وردت آيات كثيرة بهذا المعنى وذلك في قوله تعالى (وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفونَ كُلّاً بِسيماهُمْ ) ، كما ورد لفظ الحجاب في قوله تعالى ( فَقالَ إِنّي أحببْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبّي حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ ) ، كما وردت كلمة حجابا في قوله تعالى(وَإِذا قَرأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذينَ لا يُؤْمِنونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتوراً ) ، كما وردت كلمة محجوبون في قوله تعالى ( كَلّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجوبونَ ) .
والصوفية يستخدمون كلمة الحجاب بمعان متعددة حسب الحال الذي يتكلمون فيه ، فيقال مثلا : إن هذا السالك أو هذا المريد الصادق قد كشف عنه الحجاب ، أي رفع عنه حجاب الدنيا ، وبدت التجليات ، والمنن والعطايا ، تتوارد على قلبه ، وأصبح من أصحاب المكاشفات والفتوحات ، أي وصل إلى مقام الولاية ، أي من أصحاب
الأسرار . كما يستخدم الحجاب بمعنى الحجب فعندما يسقط الولي ، ويقع في الالتباس ، فينتكس ويتلف ، ويقال عنه عند ذلك أنه قد حجب ، أي رجع إلى نظره وبصره وحسه ونفسه ، ومدركاته الحسية ، وفقد المنن الربانية ، والفيوضات الرحمانية ، والعلوم الإشرافية التي تقذف في قلب الأولياء ، وأهل الحق ، والعارفين بالله .
ويمكن أن يستخدم الحجاب بمعنى الستر ، أي لا يعرف حال العبد الصالح فهو مستور عن الخلق ، معروف لله ، فلا يعرف مقامه عند الناس ، وما أفاض الله به عليه من النعم ، والرحمات والمنن ، ولهذا العبد في هذه الحالة حجاب من نفسه على نفسه ، فلا تعلم يده ، ما ذاقه قلبه من ثمرات المجاهدة
( موسوعة الكسنزان للسيد الشيخ محمد الكسنزان قدس الله سره العزيز)